: 988 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة إبراهيم البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———-
الصحيح المسند
988 عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أن نتصدق فوافق ذلك مالا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما. فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله. قال: وأتى أبوبكر بكل ما عنده، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلت: لا اسابقك إلى شئ أبدا
————-
تعريف الإنفاق:
الإنفاق لغة:
مصدر (أنفق)، وتدور أصول هذا الفعل حول معنيين، أحدهما: يدلّ على انقطاع شيء وذهابه، والآخر: على إخفاء شيء وإغماضه، وصفة الإنفاق إنّما هي من المعنى الأوّل، يقال نفق الشّيء: فني، وأنفق الرّجل افتقر أي ذهب ما عنده،
الإنفاق اصطلاحا:
الإنفاق: إخراج المال الطّيّب في الطّاعات والمباحات.
والنّفقة على العيال والأهل: مقدّرة بالكفاية وتختلف باختلاف من تجب له النّفقة في مقدارها،
فضائل الإنفاق:
@@ التغلب على شهوة النفس:
فالإنفاق في سبيل الله من أعظم التحديات التي تواجه النفس الإنسانية، خاصة أن طبيعة البشر أنهم حريصون كل الحرص على المال؛ محبون له أشد الحب، {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا}، {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}، فمن الناس من افتتن بالمال فتنةً عظيمةً،
ومن الناس من علم أن المال الذي بين يديه إنما هو أمانة وأنه مستخلف فيه، تصديقا لقوله سبحانه وتعالى: {آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ}، فعلم أنه ابتلاء من الله امتحنه فيه، فاتقى الله فيما بين يديه وحافظ على توازنه ما بين ماله ودينه، فأدى الحقوق المطلوبة وقام بالواجبات المفروضة،
@@ الإنفاق من معايير الإيمان:
إن الإنفاق في سبيل الله سبحانه وتعالى هو أحد أهم الأمور التي يقاس بها العبد من ناحية صدقه مع الله تعالى وعبوديته له، كما قال صلى الله عليه وسلم: «والصدقة برهان»،
@@ الإنفاق في سبيل الله إنماء وإبقاء له:
يقول صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: يا ابن آدم أَنفِقْ أُنفق عليك»، وقال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم يصبح فيه العباد إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهم: اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا».
قال فضيلة الشيخ محمد العثيمين رحمه الله: «والتلف نوعان: تلف حسي، وتلف معنوي.
1 – التلف الحسي: أن يتلف المال نفسه بأن يأتيه آفة تحرقه أو يسرق أو ما أشبه ذلك.
2 – التلف المعنوي: أن تنزع بركته بحيث لا يستفيد الإنسان منه في حياته».
ما أنفقه العبد هو ماله الباقي:
فمن يقصر بشيء من الإنفاق فإنما يذهب الخير عن نفسه، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟» قالوا: يا رسول الله ما منا أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه، قال صلى الله عليه وسلم: «فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر».
وفي ذات يوم ذبح النبي صلى الله عليه وسلم شاة، فقامت عائشة رضي الله عنها فتصدقت بها كلها ولم تُبقِ إلا الكتف؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب الكتف والذارع، قال: «ما صنعت الشاة؟» قالت: ذهبت كلها إلا الكتف، قال: «لا. قولي: بقيت كلها إلا كتفها».
الإنفاق زيادة لا نقصان:
يكفي أن تعلم أن هذا الإنفاق الذي ينفقه الإنسان لا ينقص من ماله بل يزيده، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله»، فأثبت عليه الصلاة والسلام أن الصدقة لا تنقص المال بل تزيده، وهذه الصدقة كما أنها تزيد مالك هي أيضًا تزيد في أعمالك وقربك من الله عز و جل.
•••••••••••••••••••
والإنفاق يدفع البلاء:
فيدفع الله عز و جل بالإنفاق عن العبد البلاء، كما قال صلى الله عليه وسلم: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة»، حتى كان بعضُ العلماء يوصي إخوانه إذا أصابتهم الشدائد والملمات، أن يكثروا من الصدقات حتى يرحمهم الله عز و جل، وكم من يد أعطت لوجه الله عز و جل عافاها الله ودفع عنها البلاء.
الإنفاق يطفئ الخطيئة:
فيطفئها الله كما يطفئ الماء النار، قال صلى الله عليه وسلم: «الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار».
آداب الإنفاق:
أولاً: ألا يتبعها منٌّ ولا أذى:
قال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ)
وعن أَبي ذَر رضى الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَلاَ يُزَكِّيِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَليمٌ»، قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثلاثَ مِرارٍ: قَالَ أَبُو ذرٍ: خَابُوا وخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رسول الله؟ قَالَ: «المُسْبِلُ، والمَنَّانُ، وَالمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بالحَلِفِ الكَاذِبِ».
ثانيًا: الإسرار بها:
وعلى المتصدق أن يسر صدقته ما استطاع، إلا إذا كان في إعلانها مصلحة راجحة، فلا تكون رياء ولا سمعة إن أظهرت الصدقة، وإنما تظهرها للقدوة الحسنة والسنة الحسنة، وإن أخفيتها، فالأصل هو الإخفاء، قال الله سبحانه وتعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.
وقد أعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن من السبعة الذين يظلّهم الله يوم القيامة في ظله يوم لا ظل إلا ظله: «رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه».
ثالثًا: إصلاح النية:
قال الله تعالى في كتابه الكريم: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}.
رابعًا: أن تكون بالطيب:
كما قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا»، ففي هذا الحديث الحثّ على الإنفاق من الحلال، والنّهي عن الإنفاق من غيره، وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ}.
خامسًا: أن يكون تطوعا:
فلا تعد من الزكاة، أو مغرمًا، بل هو مغنمٌ لك، قال الله تعالى: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا}.
سادسًا: أن يخرج المال طيبةً به نفسه:
فلا يكون كارهًا له، ولهذا وصف الله تعالى المنافقين، فقال سبحانه وتعالى: {وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ}، وأثنى على المؤمنين أنهم إن وجدوا مالاً تصدقوا، وإن لم يجدوا تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا ألا يجدوا ما ينفقون، فقال سبحانه وتعالى: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ}.
سابعًا: أن تكون في وقت سعة:
كأن تكون في وقت صحتك وعافيتك وشبابك وحاجتك وخوفك من الفقر، كما قال صلى الله عليه وسلم: «أعظم الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وَتَامُلُ الغنى».
وهذا المعنى موجود في القرآن الكريم، قال الله سبحانه وتعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَاتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ}.
ثامنا: أن يُقدّم أقرباءه من الفقراء:
فإن هذا أدعى لإيجاد المودة والصلة والمحبة ونزع العداوة من القلوب؛ لأن القلوب جبلت على حبّ من أحسن إليها وبغض من أساء إليها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الصدقة على المسكين صدقة، وإنها على ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة».
فوائد من حديث
1 – فضل الصدقة.
2 – أفضليَّة ظاهرة لأبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه.
3 – فضل المسارعة إلى الخيرات؛ كما قال سبحانه: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}
4 – الأَولى بالمسلم ألا يتصدق بماله كله ويترَك أهله وأبناءه بلا مال، أما أبوبكر فصاحب مهنة ثم من منا مثل أبي بكر الصديق.
وقال الإمام البغوي في “شرح السنة” (6/ 181):
قال البغوي: والاختيار للرجل أن يتصدقَ بالفضلِ من ماله، ويستبقي لنفسه قوتاً لما يخاف عليه من فتنة الفقر، وربما يلحقه الندم على ما فعل، فيبطل به أجره، ويبقى كلاً على الناسِ، ولم يُنْكِر النبيُّ صلى الله عليه وسلم على أبي بكرٍ خُرُوجه من مَالِه أجمع، لما عَلِمَ من قوةِ يقينه، وصحةِ توكله فلم يخف عليه الفتنة، كما خافها على غيره.
أما من تصدق وأهله محتاجون إليه أو عليه
دين، فليس له ذلك، وأداء الدين والإنفاق على الأهل أولى، إلا أن يكون معروفاً بالصبر، فيؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة، كفعلِ أبي بكر، وكذلك آثر الأنصارُ المهاجرينَ، فأثنى الله عليهم بقوله: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بِهم خصاصة)، وهي الحاجة والفقر].انتهى.
5 – ينبغي للمسلم أن يجعل همَّه الأكبر هو: الإسلام
6 – النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة رضي الله عنهم بالصدقة، ولم يحدد قدرًا معيَّنًا
7 – حرص النبي صلى الله عليه وسلم على بقاء مالٍ لأهل الصَّحابي، في قوله: ((ما أبقيتَ لأهلك؟)).
8 – ليست هذه هي المرَّة الوحيدة التي يَسبق فيها أبو بكر، فقد جاء في صحيح مسلم، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن أصبح منكم اليوم صائمًا؟))، قال أبو بكر: أنا، قال: ((من تَبِعَ منكم اليوم جنازة؟))، قال أبو بكر: أنا، قال: ((من أطعم اليوم منكم مسكينًا؟))، قال أبو بكر: أنا، قال: ((مَن زار منكم اليوم مريضًا؟))، قال أبو بكر: أنا، قال: ((ما اجتمعْنَ في امرئ إلا دخَل الجنة))
10 – جواز الإخبار بالعمل، وأنَّ هذا لا يلزم أن يكون رياءً بإطلاق، وإن كان الإخفاء دليل الإخلاص
•••••••••••••••••••••
بعض فضائل الصدقة وآثارها، من علو شأنها ورفعة منزلة صاحبها، ووقايتها للمتصدق من البلايا والكروب، وعظم أجرها ومضاعفة ثوابها، وإطفائها الخطايا وتكفيرها الذنوب، ومباركتها المال وزيادتها الرزق، وأنها وقاية من العذاب وسبيل لدخول الجنة ….
ومن الفضائل:
ــ أن الجزاء عليها من جنس العمل:
من أنفق شيئاً لله عوضه الله من جنس نفقته ما هو خير له، فيُحِسن إليه من نوع ما أحسن، ويُعطيه من مثل ما أعطى، جزاءاً وفاقاً، وقد دلت على ذلك أحاديث وآثار عديدة، منها: أن رجلاً جاء بناقة مخطومة فقال: هذه في سبيل الله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة”مسلم
وقوله صلى الله عليه وسلم: “من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله له بكل عضو منها عضواً من النار حتى فَرْجه بفَرْجه”البخاري
، وقوله صلى الله عليه وسلم: “لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة”
ولا يقتصر الأمر على المجازاة على الصدقة بمثلها؛ بل الأمر يتجاوز ذلك إلى حال المتصدق عليه؛ إذ بمقدار إدخالها للسرور عليه، وإزالتها لشدائده، وتفريجها لمضايقه، وإصلاحها لحاله، ومعونتها له وسترها عليه؛ ينال المتصدق أجره من الله من جنس ذلك، يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “من نفَّس عن مؤمن كُربة من كُرب الدنيا نفَّس الله عنه كُربة من كُرب يوم القيامة، ومن يَسَّر على مُعسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بوقوع ذلك فقال صلى الله عليه وسلم: “كان تاجر يداين الناس، فإذا رأى معسراً قال لفتيانه: تجاوزوا عنه، لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه”.
ــ إظلالها لصاحبها في المحشر:
والشمس دانية من رؤوسهم ليس بينهم وبينها إلا مقدار ميل، قال صلى الله عليه وسلم: “انما يستظل المؤمن في ظل صدقته يوم القيامة” الصحيحة 3484
إن العبد متى فرَّج عن غريمه أو عفا عنه استظل في ذلك الموقف العظيم تحت العرش، لقوله صلى الله عليه وسلم: “من نفَّس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة”صحيح الجامع 6576
ــ توفيتها نقص الزكاة الواجبة:
والعبد عرضة للتقصير في أدائها أو السهو في إخراجها أو الخطأ في حسابها فقد شرع الله ـ رحمةً بخلقه وإحساناً إليهم ـ صدقة التطوع لتكون توفية لنقصها، وجبراناً لخللها، فإن لم يكن له منها ما يتم به نقص الفرض كان معرضاً للعقاب الشديد الذي أوضحته النصوص، وذلك إن لم يتغمده الله بعفو منه وتجاوز.
ــ جريان أجر الباقي منها بعد الموت:
لقوله صلى الله عليه وسلم: “سبعة يجري للعبد أجرهن بعد موته وهو في قبره ـ وذكر منها ـ: أو كرى نهراً أو حفر بئراً أو غرس نخلاً أو بنى مسجداً أو ورَّث مصحفاً”
حسنه الألباني في الإرواء 6/ 27 وأحسن إسناد له عن أبي هريرة وفيه مرزوق بن أبي الهذيل مختلف فيه دحيم يقول صحيح الحديث عن الزهري بينما ابن حبان قال يتفرد عن الزهري بالمناكير التي لا أصول لها. وثقة ابن خزيمة وقال البخاري تعرف وتنكر قال ابن حجر: لين الحديث
ــ مشروعية إهداء ثوابها للميت:
عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ: “أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن أمي افتُلِتَتْ نفسُها وأظنها لو تكلَّمتْ تصدَّقَتْ. فهل لها أجر إن تصدقتُ عنها؟ قال: نعم” البخاري
ــ سترها عيوب العبد واستجلابها محبة الناس وحمدهم ودعاءهم له:
ــ أنها طريق للظفر بمحبة الله ورحمته ورضاه:
في الصدقة إحسان ورحمة، وتفضل وشفقة، ولذا كانت من وسائل نيل محبة رب العالمين، والحصول على رحمته، والظفر برضوانه؛ لأنه ـ سبحانه ـ يحب المحسنين ويرحم الراحمين قال تعالى ((وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين)) قال السعدي: “وهذا يشمل جميع أنواع الإحسان بالمال”
ــ أن فيها انتصاراً للعبد على شيطانه: قال صلى الله عليه وسلم: “ما يخرج رجل شيئاً من الصدقة حتى يفك بها لَحْيَيْ سبعين شيطاناً” الصحيحة 1268
قلت سيف: تراجع الشيخ الألباني عن تصحيحه وضعفه في الضعيفة 6823
ــ سعة صدر صاحبها وانشراحه:
الصدقة ونفع الخلق والإحسان إليهم من أسباب انشراح الصدر وسعة البال وتحصيل السعادة؛ ومردُّ ذلك إلى شعور المتصدق بطاعة الله ـ تعالى ـ وامتثال أمره، والتحرر من عبودية المال
ــ نفع الصدقة المتعدي:
تساهم في علاج مشكلة الفقر؛ قال صلى الله عليه وسلم: “أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله ـ عز وجل ـ سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهراً”
قلت سيف: أخرجه الطبراني عزاه إليه صاحب حسن المقال وفيه مسكين صاحب منكرات بل اتهمه ابن حبان بأنه يروي الموضوعات
وحسنه الشيخ الألباني بإسناد ابن أبي الدنيا لكن بكر بن خنيس الراجح ضعفه وقال صاحب النافلة في الأحاديث الضعيفة عن الحديث الذي خرجه الطبراني: ضعيف وفي متنه نكارة ثم ذكر إسناد ابن أبي الدنيا وضعفه
وكذلك ضعفه صاحب تنبيه القارئ.
ما فيها من إشاعة التكافل الاجتماعي، وتقل الجريمة
و إمساك المال والشح به بوابة المهالك كما جاء في الحديث: “واتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم”، وفي رواية: “أمرهم بالظلم فظلموا، وأمرهم بالفجور ففجروا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا” قال المناوي معللاً ذلك: “وإنما كان الشح سبب ما ذكر؛ لأن في بذل المال والمواساة تحابباً وتواصلاً، وفي الإمساك تهاجر وتقاطع، وذلك يجر إلى تشاجر وتغادر من سفك الدماء واستباحة المحارم”.
تحمي الفرد من الوقوع فيما لا يحمد؛ ((إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف)) البخاري
••••••••••••••••••••••••