981 التعليق على الصحيح المسند؛؛؛
مجموعة طارق أبي تيسير
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد الكعبي وصاحبه
—–
981_ قال الامام أحمد رحمه الله ج4ص23:حد ثنا عبد الصمد وسريج قالا ثنا ملازم بن عمرو ثنا عبد الله بن بدر ان عبد الرحمن بن علي حدثه ان أباه علي بن شيبان حدثه انه خرج وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال فصلينا خلف النبي صلى الله عليه و سلم فلمح بمؤخر عينيه إلى رجل لا يقيم صلبه في الركوع والسجود فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم قال يا معشر المسلمين انه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود قال ورأى رجلا يصلي خلف الصف فوقف حتى انصرف الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم استقبل صلاتك فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف
قال: عبد الصمد فردا خلف الصف.
———
وعن أبي مسعود البدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تجزيء صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود” , رواه الإمام أحمد في المسند وأهل السنن, وقال الترمذي: حديث حسن صحيح, وقال الدارقطني اسناده ثابت صحيح. وقال البيهقي: صحيح. وذكر ابوحاتم 393 أنه هو المحفوظ وكذلك ذكر الدارقطني الخلاف وذكر اسانيد اخرى اغرب اصحابها بها.
وهذا نص صريح في أن الرفع من الركوع وبين السجود الاعتدال فيه والطمأنينة فيه ركن لا تصح الصلاة إلا به.
معاني:
وقوله: “لا صلاة” – يعني تجزيه بدليل قوله: “لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود” , ولفظ أحمد في هذا الحديث: “لا ينظر الله إلى رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده”.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا ينظر الله إلى صلاة رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده” , رواه الإمام أحمد المسند.
قال سيف وصاحبه:
قال ابن رجب: وخرَّج الإمام أحمد من حديث أبي هريرة، عن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ((لا ينظر الله إلى صلاة رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده)).
ومن حديث طلق بن علي الحنفي، عن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – معناه.
وحديث طلق أصح من حديث أبي هريرة.
وفيه: دليل على استحباب اطالة ركن الرفع من الركوع، ولا سيما مع
فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن رجب: (7/ 206)
وحكم محققو المسند أنه منقطع 26/ 211
لكن ذكر باحث ترجيح رواية ايوب بن عتبة وملازم بن عمرو عن عبدالله بن بدر عن عبدالرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه. ونقل أن البخاري رجحها. وهو السند الذي اختاره الشيخ مقبل هنا يعني أن الصحابي هو علي بن شيبان وليس طلق بن علي
وفي سنن البيهقي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تجزيء صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبة في الركوع والسجود” , وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن نقر المصلي صلاته وأخبر أنها صلاة المنافقين.
قال البيهقي: تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ
قال الدارقطني: يرويه الأعمش واختلف عنه فرواه يحيى بن أبي بكير عن إسرائيل عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر والمحفوظ عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي معمر عن أبي مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم.
العلل الواردة في الأحاديث النبوية: (13/ 392)
وفي المسند والسنن من حديث عبد الرحمن بن شبل قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقرة الغراب وافتراش السبع وعن توطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير, فتضمن الحديث النهي في الصلاة عن التشبه بالحيوانات: بالغراب في النقرة وبالسبع بافتراشه ذراعية في السجود وبالبعير في لزومه مكانا معينا من المسجد يتوطنه كما يتوطن البعير.
إسناده ضعيف فيه تميم بن محمود الأنصاري وهو ضعيف أو مجهول
قال البخاري: تميم بن محمود في حديثه نظر
فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن رجب: (2/ 644)
وذكر له شاهد من حديث عبدالحميد بن سلمة عن أبيه لكن عبدالحميد مجهول
المهم أن النهي عن افتراش كافتراش السبع لها شواهد من حديث عائشة وأنس راجع صحيح أبي داود
وفي حديث آخر نهى عن عن التفات كالتفات الثعلب وإقعاء كإقعاء الكلب, ورفع الأيدي كأذناب الخيل.
فيه يزيد بن أبي زياد الهاشمي وهو ضعيف الحديث.
لكن النهي عن رفع الأيدي وقال كأذناب خيل شموس فهو في مسلم 432
والاقعاء كإقعاء الكلب فأخرج البخاري (822)، ومسلم (439)، وأبو داود (897)، والترمذي (276) من حديث أنس مرفوعا، قال: “اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب”.
فهذه ست حيوانات نهى عن التشبه بها.
وأما ما وصفه من صلاة النقار بأنها صلاة المنافقين, ففي صحيح مسلم عن علاء بن عبد الرحمن أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر قال: فلما دخلنا عليه قال: أصليتما العصر؟ فقلنا إنما انصرفنا الساعة من الظهر
قال: تقدموا فصلوا العصر فقمنا فصلينا فلما انصرفنا, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “تلك صلاة المنافقين يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا” , وقد تقدم قول ابن مسعود: ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها -يريد الجماعة- إلا منافق معلوم النفاق. وقد قال تعالى: ِ {إنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً}. فهذه ست صفات في الصلاة من علامات النفاق: الكسل عند القيام إليها, ومراءاة الناس في فعلها, وتأخيرها, ونقرها, وقلة ذكر الله فيها, والتخلف عن جماعتها.
وعن أبي عبد الله الأشعري قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه ثم جلس في طائفة منهم فدخل رجل منهم فقام يصلي وينقر في سجوده ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه فقال: “ترون هذا لو مات ما مات على ملة محمد ينقر صلاقته كما ينقر الغراب الدم إنما مثل الذي يصلي وينقر في سجوده كالجائع لا يأكل إلا تمرة أو تمرتين فما يغنيان عنه فأسبغوا الوضوء وويل للأعقاب من النار فأتموا الركوع والسجود”.
وقال أبو صالح: فقلت: لأبي عبد الله الأشعري من حدثك بهذا الحديث؟ قال: أمراء الأجناد: خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة ويزيد ابن أبي سفيان كل هؤلاء سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أبو بكر ابن خزيمة في صحيحه فأخبر أن نقار الصلاة لو مات مات على غير الإسلام.
أبوصالح الأشعري قال ابوحاتم لا بأس به. ووثقه الذهبي وابوعبدالله الأشعري لم يوثقه معتبر
وفي صحيح البخاري عن زيد بن وهب قال: رأى حذيفة رجلا لا يتم الركوع ولا السجود قال: ما صليت لو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدا صلى الله عليه وسلم, ولو أخبر أن صلاة النقار صحت لما أخرجه عن فطرة الإسلام بالنقر. وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لص الصلاة وسارقها شرا من لص الأموال وسارقها.
ففي المسند من حديث أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته” , قالوا: يا رسول الله كيف يسرق صلاته؟ قال: “لا يتم ركوعها ولا سجودها” , أو قال: “لا يقيم صلبه في الركوع والسجود”. فصرح بأنه أسوأ حالا من سارق الأموال, ولا ريب أن لص الدين شر من لص الدنيا.
قال ابوحاتم في العلل 2/ 422 (487) عن أبي هريرة وأبي قتادة جميعا منكرين ليس لواحد منهما معنى قلت: لم؟ قال: لأن ابن أبي العشرين لم يرو أحد سواه، وكان الوليد صنف كتاب الصلاة وليس فيه هذا الحديث.
والدارقطني6/ 141″ ويشبه إن يكون حديث أبي هريرة
وفي المسند من حديث سالم بن أبي الجعد عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الصلاة مكيال فمن وفى وفي له ومن طفف فقد علمتم ما قاله الله في المطففين”.
قال سيف وصاحبه: لم نجده مسندا إنما يروى موقوف وسالم بن أبي الجعد ثقة كثير الإرسال.
قال مالك: وكان يقال في كل شيء وفاء وتطفيف فإذا توعد الله سبحانه بالويل للمطففين في الأموال فما الظن بالمطففين في الصلاة؟؟. وقد ذكر أبو جعفر العقيلي عن الأحوص بن حكيم عن خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا توضأ العبد فأحسن الوضوء ثم قام إلى الصلاة فأتم ركوعها وسجودها والقراءة فيها قالت له الصلاة حفظك الله كما حفظتني ثم يصعد بها إلى السماء ولها ضوء ونور وفتحت لها أبواب السماء حتى تنتهي إلى الله تبارك وتعالى فتشفع لصاحبها, وإذا ضيع وضوءها وركوعها وسجودها والقراءة فيها قالت له الصلاة ضيعك الله كما ضيعتني ثم يصعد بها إلى السماء فتغلقت دونها أبواب السماء ثم تلف كما يلف الثوب الخلق ثم يضرب بها وجه صاحبها”.
وقال الإمام أحمد في رواية مهنا بن يحيى الشامي جاء الحديث: “إذا توضأ فأحسن الصلاة ثم ذكره تعليقا”.
قال سيف وصاحبه:
فيه الأحوص بن حكيم العنسي وهو ضعيف الحديث
قال العقيلي: ولا يتابع أحوص عليه ولا يعرف إلا به
وقال الشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن العباد في فصل الطمأنينة في الصلاة
إنَّ من الأخطاء العظيمة التي يقع فيها بعض المصلِّين: ترك الطمأنينة في الصلاة، وقد عدَّ النبي صلى الله عليه وسلم فاعل ذلك من أسوء الناس سرقة. فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ)) قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ؟ قَالَ: ((لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا – أَوْ قَالَ – لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)) [1] فعدَّ صلوات الله وسلامه عليه السرقة من الصلاة أسوء وأشد من السرقة من المال.
إن الطمأنينة في الصلاة ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة بدونها، وقد قال صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: ((إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَا مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا)) وقد أخذ أهل العلم من هذا الحديث أن من لم يُقِم صلبه في الركوع والسجود فإن صلاته غير مجزئة وعليه إعادتها، كما قال صلى الله عليه وسلم لهذا المسيء في صلاته: ((ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ)).
لقد وردت في السنة أحاديث كثيرة جداً في الأمر بإقامة الصلاة وإتمامها، والتحذير من ترك الطمأنينة فيها أو الإخلال بأركانها وواجباتها، ومن ذلك غير ما تقدم: ما ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أَتِمُّوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ)) أخرجه مسلم، والإتمام إنما يكون بالطمأنينة.
وعن طلق بن علي الحنفي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى صَلَاةِ عَبْدٍ لَا يُقِيمُ فِيهَا صُلْبَهُ بَيْنَ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا)) [10].
قال سيف وصاحبه: سبق اول البحث أن الراجح عن علي بن شيبان كما في الصحيح المسند هنا.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (( … وَكَانَ – أي رسول الله صلى الله عليه وسلم – إِذَا رَفَعَ رَاسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا، وَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَاسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا)).
إن الأحاديث المشتملة على الأمر بالمحافظة على إقامة الركوع والسجود والرفع منهما، والدالة على أن ذلك من أركان الصلاة التي لا تصح الصلاة إلا بها كثيرة جدا، وهي محفوظة في دواوين السنة كالبخاري ومسلم والسنن الأربعة وغيرها، وقد تقدم معنا جملة منها. والواجب على كل مسلم أن يحافظ على ذلك في صلاته تمام المحافظة؛ فيتم ركوعه والرفع منه وسجوده والرفع منه، ويأتي بذلك على التمام والكمال في صلاته كلها على الوجه الذي يرضي الرب تبارك وتعالى، عملاً بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وتمسكاً بسنته القائل صلى الله عليه وسلم: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)). اللهم اجعلنا من المقيمين الصلاة.
وقد ذهب علماء المسلمين استناداً إلى ما تقدم من النصوص الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وغيرها إلى أن تعديل الأركان في الركوع والسجود والقومة بينهما والقعدة بين السجدتين فرض في الصلاة وركن من أركانها، تبطل الصلاة بتركه، ويلزم من وقع في ذلك إعادة الصلاة.
والنقول عنهم في ذلك كثيرة جداً لا يمكن سردها ولا قليل منها في هذا المقام، لكن أكتفي بنقلٍ واحد في ذلك عن إمام جليل وهو الإمام القاضي أبو يوسف تلميذ الإمام أبي حنيفة رحمهما الله، فقد قال أبو يوسف رحمه الله: ” تعديل أركان الصلاة – وهو الطمأنينة في الركوع والسجود، وكذا إتمام القيام بينهما، وإتمام القعود بين السجدتين – فرضٌ تبطل الصلاة بتركه ” وقد نقله عنه غيرُ واحد من أهل العلم.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية في معنى قوله سبحانه {عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}: ” إما عن وقتها الأول فيؤخرونها إلى آخره دائما أو غالبا، وإما عن أدائها بأركانها وشروطها على الوجه المأمور به، وإما عن الخشوع فيها والتدبر لمعانيها؛ فاللفظ يشمل هذا كله، ولكلِّ من اتصف بشيء من ذلك قسط من هذه الآية، ومن اتصف بجميع ذلك فقد تم نصيبه منها وكمل له النفاق العملي “.
وقال بعض اهل العلم في مصنف:
– (الكبيرة التاسعة والسبعون: ترك واجب من واجبات الصلاة المجمع عليها أو المختلف فيها عند من يرى الوجوب كترك الطمأنينة في الركوع أو غيره) وذكر كثير من الأحاديث السابقة ومنها حديث الذي يسرق من صلاته وحديث لو مات على هذا لمات على غير الملة:
والطبراني بإسناد حسن «أنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: لو أن لأحدكم هذه السارية لكره أن يجدع – أي يقطع – بعضها، كيف يعمد أحدكم فيجدع صلاته التي هي لله فأتموا صلاتكم فإن الله – عز وجل – لا يقبل إلا تاما».
قال سيف وصاحبه: حكم الألباني بأنه موضوع تفرد به خالد وكذبه بعضهم.
وصح كما قاله ابن عبد البر في حديث المسيء صلاته.
والبزار بإسناد حسن: «الصلاة ثلاثة أثلاث، الطهور ثلث، والركوع ثلث، والسجود ثلث، فمن أداها بحقها قبلت منه وقبل منه سائر عمله، ومن ردت عليه صلاته رد عليه سائر عمله».
قال سيف وصاحبه: نقل أصحابنا مجموعة صحار أن البزار رجح انه عن كعب الأحبار.
قَالَ الْبَزَّارُ: لا نَعْلَمُهُ مَرْفُوعًا إِلا عَنِ الْمُغِيرَةِ، وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا نَحْفَظُهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ كَعْبٍ قَوْلهُ.
تنبيه: عد ذلك من الكبائر واضح وإن لم أر من ذكره لما علمته من هذا الوعيد الشديد في هذه الأحاديث على أن ترك واجب لها مجمع عليه يستلزم ترك الصلاة وأنه كبيرة، وكذا المختلف فيه عند من يرى وجوبه، فتركه مستلزم لتركها أيضا، ففيه أيضا الوعيد السابق في ترك الصلاة. انتهى
—–
ونقل في مجموعة السلام 2 هذا البحث:
11199: الصلاة خلف الصف منفرداً
إذا دخل المصلي إلى المسجد، فوجد الجماعة يصلون، وليس له مكان في الصف، فهل يصلي وحده خلفهم، أو يجذب معه أحد المصلين من الصف الذي أمامه؟.
الحمد لله
سبق أن بينا في السؤال رقم (41025) أنه لا تصح صلاة المنفرد خلف الصف، كما هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، واختيار غير واحد من المحققين.
وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن هذه المسألة، فأجاب عنها جوابا مفصلا، قال فيه:
(: الكلام على هذه المسألة في مقامين:
المقام الأول: هل تصح صلاة المنفرد خلف الصف أو لا؟
والمقام الثاني: إذا قلنا لا تصح، فوجد الصف تاما، فماذا يصنع؟
فأما المقام الأول: فقد اختلف العلماء – رحمهم الله – فيه:
فقال بعضهم: تصح صلاة المنفرد خلف الصف، لعذر ولغير عذر , لكن صرح بعضهم بكراهة ذلك لغير عذر , وهذا هو مذهب الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأبي حنيفة.
واستدلوا بصحة صلاة المرأة خلف الصف؛ حيث قالوا: إن الرجال والنساء سواء في الأحكام الشرعية.
وبأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أبا بكرة حين ركع قبل أن يدخل الصف أن يعيد الصلاة [حديث أبي بكرة: رواه البخاري 783].
وبأن النبي صلى الله عليه وسلم أدار ابن عباس من ورائه في أثناء الصلاة [رواه البخاري 117 ومسلم 763]؛ فإذا جاز أن يكون الانفراد في جزء من الصلاة، جاز أن يكون في جميعها؛ إذ لو كان مبطلاً للصلاة لم يكن بين قليله وكثيره فرق، كالوقوف قدام الإمام.
وأجابوا عن الأحاديث النافية لصلاة المنفرد خلف الصف بأن المراد بها نفي الكمال؛ فهي كقوله صلي الله عليه وسلم: (لا صلاة بحضرة طعام) [مسلم 560] ونحوه.
وقال بعض العلماء: إن صلاة المنفرد خلف الصف لا تصح، وهذا مذهب الإمام أحمد المشهور عند أصحابه، وهو من مفرداته. وعنه رواية ثانية تصح وفاقاً للأئمة الثلاثة.
واستدل أصحاب هذا القول بالأثر والنظر:
أما الأثر: فما رواه الإمام أحمد (15862) عن علي بن شيبان – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف، فلما انصرف قال له النبي صلي الله عليه وسلم: (استقبل صلاتك, فإنه لا صلاة لمنفرد خلف الصف)، وهو حديث حسن، له شواهد تقتضي صحته.
وأما النظر: فإن الجماعة هي الاجتماع , ويكون بالمكان والأفعال؛ فالأفعال اجتماع المأمومين على متابعة إمامهم , والمكان اجتماعهم في صفوفهم؛ وإذا قلنا بجواز انفراد بعضهم عن بعض، فمتى تكون الهيئة الاجتماعية …
وأجاب هؤلاء عن أدلة المجيزين بأن جواز انفراد المرأة خلف الصفوف من الرجال، قد دلت السنة على أنه من خصائصها؛ كما في حديث
أنس قال: (فقمت أنا اليتيم وراءه – يعني وراء النبي صلى الله عليه وسلم – والعجوز من ورائنا) [رواه البخاري 234 ومسلم 658] , ولأنها ليست أهلاً لأن تكون إلى جانب الرجال.
وأما حديث أبي بكرة فإنه لم ينفرد إلا جزءاً يسيراً وقد قال له النبي صلي الله عليه وسلم: (لا تعد).
وأما حديث ابن عباس فإنه لم يقف خلف الصف، بل كان ماراً غير مستقر.
وأما قولهم: إن المراد بنفي الصلاة نفي الكمال , فدعوى مردودة؛ لأن الأصل في النفي نفي الوجود , فإن لم يمكن فنفي الصحة , فإن لم يمكن فنفي الكمال؛ وحديث: (لا صلاة لمنفرد) يمكن أن يعود النفي فيه إلى نفي الصحة , فيجب أن يحمل عليه.
وأما تنظيرهم بحديث: (لا صلاة بحضرة طعام) فلا يصح لوجهين:
أحدهما: أن العلة في هذا هو انشغال القلب بحضور الطعام , وانشغال القلب لا يوجب بطلان الصلاة، كما في حديث الوسوسة أن الشيطان يأتي إلى المصلي: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر؛ فيظل لا يدري كم صلى [رواه البخاري 608 ومسلم 389].
الوجه الثاني: أن حديث: (لا صلاة لمنفرد خلف الصف) قد صرح أن المراد به نفي الصحة؛ حيث أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يستقبل صلاته، وعلل ذلك بأنه لا صلاة لمنفرد خلف الصف.
وفي حديث وابصة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد صلاته [رواه أبو داود 682 والترمذي 230].
وبهذا تبين أن القول الراجح وجوب المصافة , وأن من صلى وحده خلف الصف فصلاته باطلة , وعليه أن يعيدها لتركه واجب المصافة.
ولكن هذا الواجب كغيره من الواجبات؛ يسقط بفوات محله , أو بالعجز عنه عجزاً شرعياً , أو عجزا حسياً لقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم) التغابن/16.
وقول النبي صلي الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) [رواه البخاري 7288 ومسلم 1337]، فيجب أن يكون في الصف حيث وجد مكاناً فيه , فإن لم يجد مكاناً سقط عنه هذا الواجب , وكذلك إن لم يكن له مكان شرعاً فإنه يسقط عنه الواجب.
مثال الأول: إذا وجد الصف تاماً، فله أن يصلي وحده؛ لأنه لا واجب مع العجز.
ومثال الثاني: إذا كانت امرأة مع رجال فإنها تصلي وحدها خلف الصف، كما ثبتت به السنة. وهذا الذي جاءت به السنة يمكن أن يكون أصلاً يقاس عليه صلاة الرجل وحده خلف الصف إذا لم يجد مكاناً فيه؛ لأن التعذر الحسي كالتعذر الشرعي.
ويوضح ذلك: أن الرجل إذا جاء ووجد الصف تاماً فإما أن يتقدم ويقف بجنب الإمام , أو يجذب واحداً من الصف ليقف معه , أو يصلي وحده منفرداً عن الجماعة، أو يصلي مع الجماعة خلف الصف.
فأما تقدمه إلى جنب الإمام ففيه:
1 – مخالفة السنة بإفراد الإمام وحده ليتميز عن المأمومين بتقدمه عليهم مكاناً وأفعالاً. ولا يرد على هذا وقوف النبي صلي الله عليه وسلم إلى جانب أبي بكر [رواه مسلم 413]؛ لأن الذي جاء ووقف هو الإمام، وقف إلى جانب نائبه. وأيضاً فإن أبا بكر لا يمكنه الرجوع إلى الصف. وأيضاً فإن من مصلحة الجماعة أن يكون إلى جنب النبي ليبلغهم تكبيره ..
2 – وفي تقدم المأموم الذي وجد الصف تاماً إلى جنب الإمام، إيذاء للجماعة الذين سيتخطاهم ليصل إلى الإمام.
3 – وفيه تفويت للمصافة لمن جاء بعده؛ فإنه لو قام وحده وجاء آخر صار صفاً.
وأما جذبه واحداً من المأمومين ليقف معه ففيه ثلاثة محاذير:
أحدها: فتح فرجة في الصف , والنبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بالمراصة ونهى أن ندع فرجات للشيطان [أحمد 5691 وأبو داود 666، وصححه الألباني في الصحيحة].
الثاني: أنه ظلم للمجذوب بنقله من المكان الفاضل إلى المكان المفضول.
الثالث: أنه يشوش عليه صلاته , وربما ينازعه ويشاتمه إذا فرغ منها.
ولا يرد على هذا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمن رآه يصلي وحده خلف الصف:
(ألا دخلت معهم أو اجتررت أحداً) فإنه حديث ضعيف لا تقوم به حجة [رواه الطبراني في الأوسط 8/ 374 وقال الهيثمي: ضعيف جدا).
وأما تركه الجماعة وصلاته منفرداً، فهو ترك لواجب الجماعة مع القدرة عليه، فيكون وقوعاً في المعصية.
وأما صلاته مع الجماعة خلف الصف فهو قيام بالواجب عليه بقدر المستطاع؛ فإن المصلي مع الجماعة يلزمه أمران:
أحدهما: الصلاة في الجماعة.
والثاني: القيام في الصف معهم , فإذا تعذر أحدهما وجب الآخر.
فإن قيل: إن قوله صلي الله عليه وسلم (لا صلاة لمنفرد خلف الصف) عام ليس فيه تفصيل بين تمام , وعدم تمامه.
فالجواب: أن هذا دال على بطلان الصلاة للمنفرد لتركه واجب المصافة ,فإذا لم يقدر عليه سقط عنه , والنبي صلي الله عليه وسلم لا يمكن أن يبطل صلاته لتركه ما لا قدرة له عليه.
ونظير هذا الحديث قوله صلي الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن) [رواه البخاري 756 ومسلم 394] , وقوله صلي الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لا وضوء له) [رواه الإمام أحمد 9137 وأبو داود 101 وابن ماجة 399] إن صح هذا , فإن من لم يقدر على الفاتحة أو على الوضوء صلى بدونهما وأجزأته صلاته، لكنه يقرأ من القرآن بقدر الفاتحة , أو يذكر الله إن لم يقدر على شيء من القرآن، ويتيمم إن عجز عن الوضوء.
وخلاصة الجواب: أن المصافة واجبة , وأن من جاء وقد كمل الصف فإنه يصلي مع الجماعة خلف الصف , ولا يتقدم إلى الإمام ليصلي إلى جنبه , ولا بجذب أحداً من الصف ليقف معه , ولا يترك صلاة الجماعة.
وجواز صلاته الجماعة منفرداً عن الصف للعذر هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه , وشيخنا عبد الرحمن سعدي، وبعض قول من يرى الجواز مطلقا ً.
والحمد لله رب العالمين.
قلت سيف: وراجع
946 الصحيح المسند؛؛؛؛
-عن أبي مسعود البدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود)