979 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابي تسير طارق
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة –
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
—–
979 عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة.
—–
أخرجه نعيم بن حماد في “الفتن” (1053) و (1118)، وابن أبي شيبة في “المصنف” (15/ 197) – وعنه أبو يعلى في “مسنده” (465)، وعنه ابن عدي في “الكامل” (8/ 538) –، وأحمد في “مسنده” (1/ 84) – ومن طريقه ابن الجوزي في “العلل المتناهية” (1432) –، والبخاري في “التاريخ الكبير” (1/ 317) – ومن طريقه العقيلي في “الضعفاء الكبير” (4/ 465) –، وابن ماجه في “السنن” (4085)، وابن أبي خيثمة في “السفر الثاني من تاريخه” (3859) – ومن طريقه أبو عمرو الداني في “السنن الواردة في الفتن” (579) –، والبزار في “مسنده” (644)، وابن عدي في “الكامل” (8/ 537 – 538)، وأبو الشيخ في “طبقات الأصبهانيين” (1/ 379 – 380)، وأبو الحسن العبدويي في “حديثه” (رقم 15 – انتقاء الضياء المقدسي)، وأبو نعيم في “الحلية” (3/ 177)، وفي “أخبار أصبهان” (1/ 209).
قال الألباني في ” السلسلة الصحيحة ” 5/ 486:
رواه ابن ماجة (4075) و أحمد (1/ 84) و العقيلي في ” الضعفاء ” (470) و
ابن عدي (360/ 2) و أبو نعيم في ” الحلية ” (3/ 177) عن ياسين العجلي عن
إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي مرفوعا. و قال: ” لا يتابع
ياسين على هذا اللفظ و في المهدي أحاديث صالحة الأسانيد من غير هذا الطريق “.
قلت: بلى، قد تابعه سالم بن أبي حفصة، أخرجه أبو نعيم في ” أخبار أصبهان ” (
1/ 170) عنه مقرونا مع ياسين هذا، و هو ابن شيبان، قال البخاري: ” في
حديثه نظر “. قال ابن معين: ” ليس به بأس، و في رواية: صالح “. و قال أبو
زرعة ” لا بأس به “. قال الحافظ في ” تهذيب التهذيب “. ” و وقع في ” سنن ابن
ماجة ” عن ياسين غير منسوب، فظنه بعض الحفاظ المتأخرين ياسين بن معاذ الزيات،
فضعف الحديث به، فلم يصنع شيئا “. و قال في ” التقريب “: ” لا بأس به، و
وهم من زعم أنه ابن معاذ الزيات “. قلت: و سائر الرواة ثقات، فالإسناد حسن.
لكن متابعة سالم بن أبي حفصة المتقدمة – و هو صدوق في الحديث – ترفع الحديث إلى
مرتبة الصحيح. و الله أعلم
—————-
علامات المهدي و ماذا يجب علينا أن نفعل (العلامة الألباني-رحمه الله)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
علامات المهدي و ماذا يجب علينا أن نفعل (العلامة الألباني-رحمه الله) من شريط الوحدة والاتفاق
قال رحمه الله:
ويجب أن نعلم أن المهدي الأحاديث الواردة فيه فيها قسم كبير صحيح، وفيها قسم حسن، وفيها قسم كثير ضعيف، بعضه مما يأخذ بعضد بعض، وبعضه منكر لا يحتج به، فعقيدة خروج المهدي عقيدة صحيحة باختصار، ولكن هذه العقيدة فيها شيء من البيانات التي تجعل المسلم لا يميل يميناً ولا يساراً، ولا يكون ذيلاً لكل من يدعي المهدوية، كما وقع ذلك كثيراً في التاريخ الإسلامي.
ذلك لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد وصف المهدي بعلامات، فمنها قوله عليه السلام: (المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة)
فأول شرط في المهدي: أن يكون من أهل البيت، لا يكون أعجمياً قولا واحدا، ولا يكون عربياً ليس من أهل البيت، ولا يكون من قبيلة كذا وقبيلة كذا وليس له صلة ببيت النبوة والرسالة، إذاً هو من أهل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. هذه هي العلامة الاولى
العلامة الثانية: أن اسمه محمد بن عبد الله؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (لا تنقضي الدنيا -وفي رواية: لا تذهب الدنيا- حتى يبعث الله رجلاً يوافق اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئت جوراً وظلماً) فإذاً هو محمد بن عبد الله، ويجب أن يكون هذا اسمه منذ ولد، و ليس يكون مخترعا من جديد، فمن تدجيلا لدجالين أنهم يعلمون مثل هذه الأحاديث، ويعلمون أن المسلمين يؤمنون به وقد تأثروا وصارت عقيدة في نفوسهم؛ لذلك فهم يتسمون من جديد بهذا الاسم.
الذي ادعى النبوة القادياني اسمه: ميرزا غلام أحمد القادياني، هذا الرجل من كبار الدجاجلة في هذا القرن الأخير، سمي على طريقة الهنود: ميرزا غلام أحمد، ميرزا: لقب بمعنى السيد أو الباشا أو البيك.
إلخ، لكن اسمه غلام أحمد، ومعنى غلام أحمد: خادم أحمد، فهو ليس اسمه أحمد، إنما اسمه مضاف ومضاف إليه، مثل عبد الله، فهو عبد الله وليس الله، فالعبد مضاف إلى الله، كذلك هنا غلام أحمد، يعني هو: خادم محمد، يتشرفون الهنود على أسلوبهم أن ينسب أحدهم بأنه خادم الرسول عليه السلام، وبعضهم يسمى بنور أحمد، فحذف النور يخرج أنه أحمد وهو ليس اسمه أحمد.
هذا الدجال ماذا فعل؟ لما بدأ ينشر كتبه باللغة العربية حذف كلمة غلام ووضع اسمه أحمد، لماذا؟ لكي يحمل آية: {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَاتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف:6] يعني: هو، هو ليس اسمه أحمد بل هو غلام أحمد، لكن من باب التضليل على الناس حذف هذا الاسم الأول الذي أضيف إلى أحمد؛ لكي يسلك استدلاله على جماهير الناس.
الآن عندنا صفتان واضحتان للمهدي:
الأولى: أنه من أهل بيت النبوة والرسالة،
الثانية: أن اسمه محمد بن عبد الله، وأنه يجب أن يعرف منذ ولادته بهذا الاسم حتى يبلغ سن التكليف والرشد، وسن تولي هداية الأمة إلى سعادتها في الدنيا قبل الآخرة.
ثم صفة ثالثة في الحديث الأول نأخذها من الحديث الأول: (يصلحه الله في ليلة) هذا يمكن أن يفسر في الواقع على وجه من وجهين:
الوجه الأول: أنه لا يكون صالحاً لقيادة الأمة، يكون منطلقاً في دينه وفي استقامته، لكن ليس يخطر في بال أحد أنه يصلح أن يكون قائداً للأمة، فيصلحه الله في ليلة، يلهمه أن يقوم لقيادة المسلمين الذين يلتقون حوله إلى تحقيق الحلم الذي ينشده المسلمون اليوم، وهو الحكم بما أنزل الله. هذا هو التفسير الأول
الوجه الآخر: يكون الرجل غير صالح في نفسه، يعيش ما شاء الله من سنين وهو مفرط على نفسه، مضيع في شيء من دينه، فالله عز وجل يلهمه في ليلة واحدة أن يعود إلى الله تائباً مهتدياً فيصلحه الله في ليلة. هذه صفة ثالثة
صفة رابعة -وهي هامة جداً-: أنه يخرج في دمشق، وهي عاصمة بلاد الشام قديماً و سوريا حديثاً، وهذا مصرح به في الحديث الصحيح.
صفة خامسة: أنه يلتقي مع عيسى عليه الصلاة والسلام. يلتقيان في دمشق، حيث ينزل عيسى عليه السلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، ينزل في وقت صلاة الفجر، وقد أقيمت الصلاة للمهدي، فلما يرى عيسى قد جاء يقدمه ليصلي بالناس، فيأبى ويقول له: لا.
تقدم أنت؛ تكرمة الله لهذه الأمة يعني هذه الأمة المحمدية فعيسى حينما ينزل لا ينزل بصفة كونه نبياً؛ لأنه كان نبياً إلى بني إسرائيل ورسولاً، وإنما يأتي تابعاً لمحمد عليه الصلاة والسلام. كما أشار إلى ذلك في الحديث المشهور (لوكان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي)
(ثم تكلم الشيخ على رواية وقف عليها فيها عيسى و هي لا تصح … ) والحديث بلفظ موسى قوي بمجموع طرقه
الشاهد فعيسى حينما ينزل وقد أقيمت الصلاة للمهدي ويقدمه المهدي يقول لا تقدم أنت فصل بهم تكرمة الله لهذا الأمة
هذه علامات يجب أن تبقى في أذهاننا؛ حتى لا نغتر بدعوى بعض الناس أنه المهدي هذا من جهة.
ومن جهة أخرى يجب ألا نتظنن وألا نرجم بالغيب فنقول: هذا زمن خروج المهدي؛ لأن هذا غيب ولا يعلم الغيب إلا الله، في كل عصر يوجد أناس يقولون: اشتد الفساد في الأرض، ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، إذاً هذا زمان خروج المهدي، وتمضي السنون والسنون والسنون ولا يخرج المهدي؛ لأن المهدي خروجه وزمانه ما أعطي علمه لأحد إطلاقاً، وكذلك نزول عيسى عليه الصلاة والسلام.
فعلينا أمران اثنان:
أولاً من ناحية العقيدة: يجب أن نؤمن بكل ما صح في المهدي، وقد ذكرت لكم بعض النتف من هذه العقيدة هذا من ناحية.
والشيء الواجب الثاني ً: ألا نربط أنفسنا بوقت نزعمه وندعي أنه وقت خروج المهدي؛ لأن ذلك لا يعلمه إلا الله، خروج المهدي و نزول عيسى لا يعلم زمانه إلا الله تبارك وتعالى وعلينا أن نعمل بما أمرنا الله عز وجل، وما أمرنا به رسوله عليه الصلاة والسلام.
وكما أقول دائماً وأبداً بمثل هذه المناسبة: يجب أن نعمل سواء خرج المهدي في زماننا أو لا؛ لأنه إن خرج فسيجد الناس الذين هم بحاجة إلى قائد يقودهم، وإن لم يخرج فنكون قد قمنا بالواجب الذي فرضه الله علينا، وبهذا نرد على طائفتين متباينتين ونحن وسط بينهما: طائفة تنكر أحاديث المهدي وأحاديث نزول عيسى، وطائفة تثبت هذه الأحاديث ولا تعمل؛ بدعوى أنه لا توجد فائدة من العمل حتى يخرج المهدي وينزل عيسى عليه السلام.
نحن نقول كما قال الله عز وجل: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة:105]
ولا ننتظر خروج المهدي؛ لأن هذا ليس من شأننا، إن خرج وجدنا على الخط، وإن لم يخرج فما يضرنا، وإنما علينا أن نعمل بما أمرنا الله تبارك وتعالى.
الإمام العلامة عبدالعزيز بن باز يرحمه الله:
المهدي المنتظر
تقول السائلة: هل صحيح أن المهدي المنتظر سوف يظهر أم أنها بدعة؟ مع العلم أنه لا يوجد بعد وفاة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم معجزات، أرشدونا جزاكم الله عنا خيراً.
المهدي المنتظر صحيح وسوف يقع في آخر الزمان قرب خروج الدجال وقرب نزول عيسى عند اختلاف يقع بين الناس عند موت خليفة، فيخرج المهدي ويبايع ويقيم العدل بين الناس سبع سنوات أو تسع سنوات، وينزل في وقته عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، هذا جاءت به الأحاديث الكثيرة.
أما المهدي الذي يدعيه الرافضة مهدي الشيعة صاحب السرداب فهو لا أصل له عند أهل العلم بل هو خرافة لا أساس لها ولا صحة لها.
أما المهدي المنتظر الذي جاءت به الأحاديث الصحيحة فإنه من بيت النبي صلى الله عليه وسلم من أولاد فاطمة رضي الله عنها واسمه كاسم النبي صلى الله عليه وسلم: محمد وأبوه عبد الله، هذا حق وجاءت به الأحاديث الصحيحة وسيقع في آخر الزمان، ويحصل بسبب خروجه وبيعته مصالح للمسلمين من إقامة العدل ونشر الشريعة وإزالة الظلم عن الناس.
وجاء في الأحاديث أن الأرض ستملأ عدلاً بعد أن ملئت جوراً في زمانه، وأنه يخرج عند وجود فتنة بين الناس واختلاف على إثر موت الخليفة القائم، فيبايعه أهل الإيمان والعدل بما يظهر لهم فيه من الخير والاستقامة وأنه من بيت النبوة.
المرجع: الموقع الرسمي لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز
ثانيا: الإمام العلامة محمد بن عثيمين يرحمه الله:
العلامة العثيمين: كثرة الفتن والحروب توطئة لخروج المهدي.
ذكر خطر تمثيل المرأة أمام الرجال وقال: الآن بعض المسلمين تكاد تقول: إن الفتن بدأت تشرئب أعناقها، وبدأت تظهر، ولعل هذا -والله أعلم- توطئة لخروج المهدي فإنه يخرج إذا ملئت الأرض ظلماً وجوراً، وكون الفتن تتكاثر بهذه الكثرة العظيمة من حروب وسخافات وغيرها، لعله ينذر بذلك والله أعلم) اهـ.
المرجع: من الفتاوى الثلاثية.
الإمام العلامة: محمد ناصر الدين الألباني يرحمه الله:
بعض الناس يخلط بين المهدي الحق
و الذي اسمه
(محمد بن عبد الله)
مطابق لإسم النبي
صلى الله عليه و سلم
كما صرحت الأحاديث
و الذي شهد علماء الحديث
بتواتر الأحاديث الواردة فيه
(و التواتر أعلى درجات الصحة)
و بين مهدي الرافضة الخرافة
صاحب السرداب
و الذي اسمه (محمد بن الحسن العسكري)
و لا يطابق اسمه
اسم النبي صلى الله عليه و سلم مخالفاً الأحاديث
من مثل الحديث “لو لم يبق من الدنيا إلا يوم، لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا من أهل بيتي، يواطيء اسمه اسمي،
و اسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا ”
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني – المصدر: صحيح الجامع – الصفحة أو الرقم: 5304
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فأصبحوا ينكرون وجود المهدي من أصله
لهذا السبب و لغيره
ننقل هذا المقال لتفنيد بعض الشبه حول
ثبوت عقيدة المهدي عند علماء أهل السنة لتواترها
حول المهدي
للشيخ ناصر الدين الألباني
المصدر:
مجلة التمدن الإسلامي (22/ 642 – 646)
كتب بعض القراء الأفاضل إلى هذه المجلة يقول:
” قرأت في الأجزاء (8، 9، 10) بحثاً قيماً عن المهدي كتبه الأستاذ ناصر الدين الألباني في باب ” الأحاديث الضعيفة والموضوعة ” وقد كنا قررنا واعتقدنا قبلاً ما كتبه الأستاذ الشيخ محمد رشيد رضا في تفسيره ” المنار ” (9 – 499 – 504) وكذلك ما كتبه الأستاذ محمد عبد الله السمان في كتابه ” الإسلام المصفى ” وإنني متيقن بأن الأستاذ ناصر الدين له علم بما كتباه، فلذلك أرجو الأستاذ أن يطالع ما كتباه مرة ثانية، ويكتب في المهدي مقالأ ضافياً فإن فيما كتباه ما يخالف ما كتبه الأستاذ ناصر الدين تمام المخالفة “.
أقول في الجواب عن ذلك:
نعم لقد كنت على علم بما كتبه الشيخ رشيد -رحمه الله- وكذا بما كتبه الأستاذ السمان في كتابه الذي أسماه ” الإسلام المصفى “!
وأنا أجزم بخطأ ما كتباه في هذه المسألة لا سيما الأخير فإنه لا علم عنده، ولذلك أنكر مسائل أخرى هي أقوى ثبوتاً من هذه المسألة، مثل: خروج الدجال، ونزول عيسى عليه السلام، وشفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة، فإن هذه المسائل الثلاث أدلة ثبوتها مقطوع بها لورود الأحاديث المتواترة بتأييدها، ومع ذلك لم يتورع حضرة الأستاذ السمان من إنكارها!
وقد سبقه إلى شيء من ذلك السيد رشيد -رحمه الله- فإنه طعن في أحاديث الدجال، ونزول عيسى عليه السلام، مع أنها أحاديث صحيحة متواترة، كما صرح بذلك علماء هذا الشأن كالحافظ ابن حجر وغيره، ولا مجال الآن لبيان ذلك فإلى مناسبة أخرى -إن شاء الله تعالى-.
أما مسألة المهدي
فليعلم أن في خروجه أحاديث كثيرة صحيحة، قسم كبير منها له أسانيد صحيحة، وأنا مورد هنا أمثلة منها ثم معقب ذلك بدفع شبهة الذين طعنوا فيها فأقول:
الحديث الأول:
حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً:
” لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم، حتى يبعث فيه رجلاً مني أو من أهل بيتي، يواطيء اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً “.
رواه أبو داود (2/ 207)، والترمذي، وأحمد، والطبراني في الكبير والصغير، وأبو نعيم في ” الحلية “، والخطيب في ” تاريخ بغداد ” من طرق عن زر بن حبيش عن ابن مسعود.
وقال الترمذي: ” حسن صحيح ”
والذهبي: ” صحيح ” وهو كما قالا.
وله طريق آخر عند ابن ماجة (2/ 517) عن علقمة عن ابن مسعود به نحوه، وسنده حسن.
الحديث الثاني:
عن علي بن أبي طالب -رضى الله عنه- مرفوعاً نحوه وله عنه طريقان:
أخرج الأول أبو داود وأحمد، وإسناده صحيح، وأخرج الآخر ابن ماجة وأحمد، وإسناده حسن.
الثالث:
عن أبي سعيد الخدري، وله طريقان أيضاً. الأول: أخرجه الترمذي،، و ابن ماجه، و الحاكم، وأحمد، و حسنه الترمذي،
وقال الحاكم: ” صحيح على شرط مسلم ” ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
وأخرج الطريق الثاني أبو داود، والحاكم وصححه، وسنده حسن.
الرابع:
عن أم سلمة، وقد ذكرت لفظه وتخريجه عند الكلام على الحديث الثمانين من المقال العاشر من ” الأحاديث الضعيفة “.
وبقية الطرق قد ذكرها العلماء في كتب خاصة فليراجعها من أراد زيادة الاطلاع
وقد قال صديق حسن خان في ” الإذاعة “:
” الأحاديث الواردة في المهدي على اختلاف رواياته كثيرة جداً تبلغ حد التواتر وهي في السنن وغيرها من دواوين الإسلام من المعاجم والمسانيد، وقد اضجع القول فيها ابن خلدون في كتابه
” العبر وديوان المبتدأ والخبر ”
حيث قال:
يحتجون في الباب بأحاديث خرجها الأئمة، وتكلم فيها المنكرون لذلك، وعارضوها ببعض الأخبار، وللمنكرين فيها من المطاعن، فإذا وجدنا طعناً في بعض رجال الإسناد بغفلة أو سوء حفظ أو ضعف أو سوء رأي تطرق ذلك إلى صحة الحديث وأوهن منها.
إلى آخر ما قال، وليس كما ينبغي فإن الحق الأحق بالاتباع، والقول المحقق عند المحدثين المميزين بين الدار والقاع، أن المعتبر في الرواة ورجال الأحاديث أمران لا ثالث لهما الضبط والصدق، دون ما اعتبره أهل الأصول من العدالة وغيرها فلا يتطرق الوهن إلى صحة الحديث بغير ذلك “.
ثم قال صديق خان:
” وأحاديث المهدي بعضها صحيح، وبعضها ضعيف، وأمره مشهور بين الكافة من أهل الإسلام على مر الأعصار، وأنه لا به في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت النبوي يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلامية، ويسمى بالمهدي، ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره. وأن عيسى ينزل من بعده فيقتل الدجال، ويأتم بالمهدي في صلاته إلى غير ذلك، وأحاديث الدجال وعيسى أيضاً بلغت مبلغ التواتر ولا مساغ لإنكارها كما بين ذلك القاضي العلامة الشوكاني -رحمه الله- في ” التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح “، قال (يعني الشوكاني):
” والأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها: خمسون حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة
بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها
على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول
وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي فهي كثيرة أيضاً لها حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك.
انتهى.
وقد جمع السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير اليماني الأحاديث القاضية بخروج المهدي وأنه من آل محمد -صلى الله عليه وسلم- وأنه يظهر في آخر الزمان ثم قال:
ولم يأت تعيين زمنه إلا أنه يخرج قبل خروج الدجال.
انتهى “.
شبهات حول أحاديث المهدي:
هذا ثم إن السيد رشيد أو غيره لم يتتبعوا ما ورد في المهدي من الأحاديث حديثاً حديثاً، ولا توسعوا في طلب ما لكل حديث منها من الأسانيد، ولو فعلوا لوجدوا فيها ما تقوم به الحجة حتى في الأمور الغيبية التي يزعم البعض أنها لا تثبت إلا بحديث متواتر!
ومما يدلك على ذلك أن السيد رشيد -رحمه الله- ادعى أن أسانيدها لا تخلو عن شيعي! مع أن الأمر ليس كذلك على إطلاقه، فالأحاديث الأربعة التي أوردتها ليس فيها رجل معروف بالتشيع، على أنه لو صحت هذه الدعوى لم يقدح ذلك في صحة الأحاديث لأن العبرة في الصحة إنما هو الصدق والضبط، وأما الخلاف المذهبى فلا يشترط في ذلك كما هو مقرر في مصطلح علم الحديث ولهذا روى الشيخان في صحيحيهما لكثير من الشيعة وغيرهم من الفرق المخالفة واحتجا بأحاديث هذا النوع.
وقد أعلها السيد بعلة أخرى وهي التعارض!
وهذه علة مدفوعة لأن التعارض شرطه التساوي في قوة الثبوت، وأما نصب التعارض بين قوي وضعيف فمما لا يسوغه عاقل منصف، والتعارض المزعوم من هذا القبيل،
وقد أوردت بعض الأمثلة على ذلك في المقال الذي سبقت الإشارة إليه فليراجعه من شاء.
وقد يعل بعض الناس هذه الأحاديث
وكذا أحاديث نزول عيسى عليه السلام بعلة أخرى، وهي أنها كانت – بزعمهم – سبباً
لحمل المسلمين على الاتكال عليها، وانتظار خروج المهدي، ونزول عيسى عليهما السلام، وعلى ترك الأخذ بأسباب الحياة والقوة والمنعة، ويظنون أن معالجة هذه المشكلة إنما هي بإنكار أحاديثهما!
وهذا خطأ يشبه معالجة المعتزلة للآيات المتشابهات، والأحاديث التي في معناها، فإنهم اشتهروا بتأويلهم للآيات وردهم للاحاديث الصحيحة التي من هذا القبيل حرصاً منهم -كما زعموا- على التنزيه ودفعاً للتشبيه!
وأما أهل السنة فكانوا يؤمنون بهذه الآيات والأحاديث على ظاهرها، ولا يفهمون من ذلك تشبيهاً أو ما لا يليق بالله تعالى.
وكذلك القول في أحاديث المهدي، فإنه ليس فيها ما يدل بل ما يشير أدنى إشارة إلى أن المسلمين لا نهضة لهم ولا عز قبل خروج المهدي، فإذا وجد في بعض جهلة المسلمين من يفهم ذلك منها، فطريق معالجة جهله أن يعلم ويفهم أن فهمه خطأ، لا أن نرد الأحاديث الصحيحة بسبب سوء فهمه إياها!
ومن شبهات بعض الناس أن عقيدة المهدي قد استغلها بعض الدجالين، فادعوا المهدوية لأنفسهم وشقوا بسبب ذلك صفوف المسلمين وفرقوا بينهم، ويضربون على ذلك الأمثلة الكثيرة آخرها غلام أحمد القادياني دجال الهند، ونحن نقول إن هذه الشبهة من أضعف الشبهات، وفي رأيي أن حكايتها تغني عن ردها، إذ أن من المسلم به أن كثيراً من الأمور الحقة يستغلها من ليس أهلاً لها، فالعلم مثلاً يدعيه بعض الأدعياء وهو في الواقع مم الجهلاء، فهل يليق بعاقل أن ينكر العلم بسبب هذا الاستغلال؟!
بل إن بعض الناس فيما مضى ادعى الألوهية فهل طريقة الرد عليه وبيان كذبه يكون بإنكار الألوهية الحقة؟!
ومثال آخر:
يفهم بعض المسلمين اليوم من عقيدة ” القضاء والقدر ” الجبر وأن الإنسان الذي قدر عليه الشر مجبر على ارتكابه، وأنه لا اختيار له فيه، وقع في هذا الفهم الخاطيء غير قليل من أهل العلم، ونحن مع جماهير العلماء الذين لا يشكون في صحة عقيدة القضاء والقدر وأنها لا تستلزم الجبر مطلقاً، فإذا أردنا أن نصحح ذلك الفهم الخاطيء الملصق بهذه العقيدة الحقة، أفيكون طريق ذلك بإنكارها مطلقاً كما فعل المعتزلة قديماً وبعض أذنابهم حديثاً؟!
أم السبيل الحق الاعتراف بها لأنها ثابتة في الشرع ودفع فهم الجبر منها؟
لا شك أن هذا السبيل هو الصواب الذي لا يخالف فيه مسلم البتة، فكذلك فلتعالج عقيدة المهدي، فنؤمن بها كما جاءت في الأحاديث الصحيحة، ونبعد عنها ما ألصق بها بسبب أحاديث ضعيفة واهية خبيثة، وبذلك نكون قد جمعنا بين إثبات ما ورد به الشرع والإذعان لما يعترف به العقل السليم.
وخلاصة القول:
إن عقيدة خروج المهدي عقيدة ثابتة متواترة عنه -صلى الله عليه وسلم- يجب الإيمان بها لأنها من أمور الغيب، والإيمان بها من صفات المتقين
كما قال تعالى:
(الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب).
وإن إنكارها لا يصدر إلا من جاهل أو مكابر.
أسأل الله تعالى أن يتوفانا على الإيمان بها وبكل ما صح في الكتاب والسنة.
المصدر: مجلة التمدن الإسلامي (22/ 642 – 646).
قلت سيف: وقد قمت بتخريج أحاديث المهدي التي في كتاب المهدي في سنن أبي داود فسوف أذكر ما صح منها والرد على بعض الباحثين الذين ضعفوها:
فمما أورد أبوداود حديث جابر بن سمرة مرفوعا (لا يزال هذا الدين قائما حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه الأمة فسمعت كلاما من النبي صلى الله عليه وسلم لم أفهمه فقلت لأبي ما يقول: قال: كلهم من قريش) متفق عليه
فأبوداود يحمل الحديث على أن هؤلاء الخلفاء أزمانهم متفرقة وآخرهم المهدي، خلافا لبعض العلماء الذين رجحوا أن أزمانهم متوالية فيدخل بنو أمية فيهم.
ثم مما أورد أبوداود حديث عبدالله بن مسعود مرفوعا: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم ابيه اسم ابي. وهو في الصحيح المسند 871 وطعن باحث فيه بتفرد عاصم بن ابي النجود
لكن نقل ابن تيمية في منهاج السنة 4/ 211 أن الأحاديث التي يحتج بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة، رواها أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم من حديث ابن مسعود وغيره. وذكر هذا الكلام الذهبي في المنتقى من منهاج الاعتدال 543
قال الألباني وممن صحح أحاديث المهدي أبوداود بسكوته. والعقيلي وابن العربي في عارضة الاحوذي والقرطبي كما في أخبار المهدي للسيوطي والطيبي كما في المرقاة وابن القيم كما في المنار المنيف وابن حجر في الفتح وابوالحسن الآبري وعلي القاري والسيوطي والمباركفوري وغيرهم.
ومما ورد عند أبي داود من الأحاديث حديث علي مرفوعا لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا. وأعله باحث بفطر بن خليفة قال زائغ خشبي مفرط
أما حديث أم سلمة مرفوعا (المهدي من عترتي من ولد فاطمة). فقال العقيلي: لا يتابع على حديثه في المهدي ولا تعرف الا به
قلت يقصد بهذا المعنى كونه من ولد فاطمة
لأنه قال في ترجمة علي بن نفيل وأنكر حديثه في المهدي وقال: وفي المهدي أحاديث خيار من غير هذا الوجه بلفظ رجل من أهل بيته مجملا. انتهى يقصد لم يصح تعيينه أنه من ولد فاطمة
وانتبه لقوله أحاديث خيار يعني ثبت عنده عدة أحاديث فلعله يقصد ما سبق ذكرها وضعفها الباحث بعلل يمكن أن لا تعتبر علة
ومما ورد عند أبي داود حديث لأبي سعيد الخدري مرفوعا: المهدي مني أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ويملك سبع سنين. وأعله الباحث بعنعنة قتاة لكن صححه الألباني في الصحيحة 2/ 336 ويمكن كلام العقيلي في التصحيح يشمله.
و (أجلى) معناه انحسر شعره عن مقدم رأسه شيئا. (وأقنى) هو من كان أنفه فيه حده مع شئ من الاحتداب وهذه صفة للعربي الأصيل غالبا.
وراجع عون المعبود وزدت بعض التوضيح
وأورد أبوداود في كتاب المهدي من سننه أيضا حديث أم سلمة بقصة الجيش الذي يخسف بهم حيث يؤمون رجلا يلوذ بالحرم أخرجه مسلم
فأبوداود يرى أن هذا الرجل هو المهدي وكان بعض الناس ظنه عبدالله بن الزبير وأن الجيش الذي سيخسف به جيش الحجاج فلما قتل عبدالله بن الزبير علموا أنه ليس هو.
لذا لا يجوز تنزيل الأحاديث على وقائع مستقبلية. وراجع كتاب الشيخ محمد بن غيث في أشراط الساعة حيث ذكر بعض الضوابط والتوجيهات