978 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة فيصل الشامسي وفيصل البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة –
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———–
المسند 978_ قال الحاكم رحمه الله في المستدرك ج3ص95: حدثنا أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن المنصور، أمير المؤمنين، ثنا محمد بن أحمد بن يزيد الرياحي، ثنا هارون بن إسماعيل الخزاز، ثنا قرة بن خالد، عن الحسن، عن قيس بن عباد، قال: سمعت عليا يوم الجمل يقول: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان، ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان، وأنكرت نفسي وجاءوني للبيعة، فقلت: والله إني لأستحيي من الله أن أبايع قوما قتلوا رجلا قال له رسول الله صلى الله عليه و سلم: «ألا أستحيي ممن تستحيي منه الملائكة»، وإني لأستحيي من الله أن أبايع وعثمان قتيل على الأرض لم يدفن بعد، فانصرفوا، فلما دفن رجع الناس فسألوني البيعة، فقلت: اللهم إني مشفق مما أقدم عليه، ثم جاءت عزيمة فبايعت فلقد قالوا: يا أمير المؤمنين، فكأنما صدع قلبي، وقلت: اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى.
«هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه»
——–
قلت سيف: راجع لمزيد شرح تعليقنا على الصحيح المسند فقد تكلمنا على معركة الجمل تحت حديث 955 وأن الصحابة لم يكونوا يريدون القتال. وفتنة مقتل عثمان وبراءة الصحابة منها تحت حديث 915. ولخصنا رسالة جامعية.
وقد نقل عبدالرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري الفتن التي حصلت وفيه طول ولولا الاختصار لنقلناه بأكمله.
ورد في البداية والنهاية:
فصل قتل عثمان أول الفتن وآخر الفتن الدجال
قال الأعمش: عن زيد بن وهب، عن حذيفة أنه قال: أول الفتن قتل عثمان، وآخر الفتن الدجال.
وروى الحافظ ابن عساكر من طريق شبابه، عن حفص بن مورق الباهلي، عن حجاج بن أبي عمار الصواف، عن زيد بن وهب، عن حذيفة قال: أول الفتن قتل عثمان، وآخر الفتن خروج الدجال، والذي نفسي بيده لا يموت رجل وفي قلبه مثقال حبة من حُبِّ قتل عثمان إلا تبع الدجال إن أدركه، وإن لم يدركه، آمن به في قبره.
قلت سيف: ورد عند يعقوب الفسوي في تاريخه والذي نفسي بيده لا يموت رجل وفي قلبه مثقال حبة من حُبِّ عثمان إلا تبع الدجال إن أدركه، وإن لم يدركه، آمن به في قبره. بمعناه
واستنكرها. والعجب من الذهبي اعتراضه على يعقوب الفسوي الاستنكار. لكن لعل الذهبي ظن ان الرواية كما وردت في مصادر أخرى وهي من كان في قلبة مثقال حبة من حب (مقتل عثمان) تبع الدجال ….
يعني بزيادة لفظ مقتل.
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا وغيره: أنا محمد بن سعد، أنا عمرو بن عاصم الكلابي، ثنا أبو الأشهب، حدثني عوف، عن محمد بن سيرين، أن حذيفة بن اليمان قال: اللهم إن كان قتل عثمان بن عفان خيرا، فليس لي فيه نصيب، وإن كان قتله شرا فأنا منه بريء، والله لئن كان قتله خيرا ليحلبنه لبنا، وإن كان قتله شرا ليمتص به دما.
وقد ذكره البخاري في صحيحه.
طريق أخرى عنه
قال محمد بن عائذ: ذكر محمد بن حمزة، حدثني أبو عبد الله الحراني: أن حذيفة بن اليمان في مرضه الذي هلك فيه كان عنده رجل من إخوانه وهو يناجي امرأته ففتح عينيه فسألهما فقالا خيرا.
فقال: شيئا تسرانه دوني ما هو بخير.
قال: قتل الرجل – يعني: عثمان – قال: فاسترجع، ثم قال: اللهم إني كنت من هذا الأمر بمعزل، فإن كان خيرا فهو لمن حضره وأنا منه بريء، وإن كان شرا فهو لمن حضره وأنا منه بريء، اليوم تغيرت القلوب يا عثمان، الحمد لله الذي سبق بي الفتن، قادتها وعلوجها الخطى، من تردى بغيره، فشبع شحما وقبل عمله.
وقال الحسن بن عرفة: ثنا إسماعيل بن إبراهيم بن علية، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي موسى الأشعري قال: لو كان قتل عثمان هدى لاحتلبت به الأمة لبنا، ولكنه كان ضلالا فاحتلبت به الأمة دما.
وهذا منقطع.
وقال محمد بن سعد: أنا عارم بن الفضل، أنا الصعق بن حزن، ثنا قتادة، عن زهدم الجرمي. قال: خطب ابن عباس فقال: لو لم يطلب الناس بدم عثمان لرموا بالحجارة من السماء.
وقد روي من غير هذا الوجه عنه.
وقال الأعمش وغيره: عن ثابت بن عبيد، عن أبي جعفر الأنصاري قال: لما قتل عثمان جئت عليا وهو جالس في المسجد، وعليه عمامة سوداء، فقلت له: قتل عثمان.
فقال: تبا لهم آخر الدهر. وفي رواية: خيبة لهم.
وقال أبو القاسم البغوي: أنبأنا علي بن الجعد، أنا شريك، عن عبد الله بن عيسى، عن ابن أبي ليلى قال: سمعت عليا وهو بباب المسجد أو عند أحجار الزيت رافعا صوته يقول: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان.
وقال أبو هلال: عن قتادة، عن الحسن قال: قتل عثمان وعلي غائب في أرض له، فلما بلغه قال: اللهم إني لم أرض ولم أمالئ.
وروى الربيع بن بدر، عن سيار بن سلامة، عن أبي العالية: أن عليا دخل على عثمان فوقع عليه وجعل يبكي حتى ظنوا أنه سيلحق به.
وقال الثوري وغيره: عن ليث، عن طاووس، عن ابن عباس قال: قال علي يوم قتل عثمان: والله ما قتلت ولا أمرت ولكني غلبت.
ورواه غير ليث، عن طاووس، عن ابن عباس، عن علي نحوه.
وقال حبيب بن أبي العالية: عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال علي: إن شاء الناس حلفت لهم عند مقام إبراهيم بالله ما قتلت عثمان، ولا أمرت بقتله، ولقد نهيتهم فعصوني.
وقد روي من غير وجه عن علي بنحوه.
وقد اعتنى الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر بجمع الطرق الواردة عن علي: أنه تبرأ من دم عثمان، وكان يقسم على ذلك في خطبه وغيرها أنه لم يقتله ولا أمر بقتله ولا مالأ ولا رضي به، ولقد نهى عنه فلم يسمعوا منه.
ثبت ذلك عنه من طرق تفيد القطع عند كثير من أئمة الحديث ولله الحمد والمنة.
وثبت عنه أيضا من غير وجه أنه قال: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال الله تعالى فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: 47].
وثبت عنه أيضا من غير وجه أنه قال: كان من الذين {وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا} [المائدة: 93].
وفي رواية أنه قال: كان عثمان رضي الله عنه خيرنا، وأوصلنا للرحم، وأشدنا حياء، وأحسننا طهورا، وأتقانا للرب عز وجل.
وقال محمد بن سعد: أنا عبد الله بن إدريس، أنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال: لقد رأيتني وأن عمر موثقي وأخته على الإسلام، ولو أرفض أحد فيما صنعتم بابن عفان لكان حقيقا.
وهكذا رواه البخاري في صحيحه،
وقال مسلم بن إبراهيم: ثنا سلام بن مسكين، عن وهب بن شبيب، عن زيد بن صوحان أنه قال: يوم قتل عثمان نفرت القلوب منافرها، والذي نفسي بيده لا تتألف إلى يوم القيامة.
وقال محمد بن سيرين: قالت عائشة: مصصتموه مص الإناء ثم قتلتموه؟
وقال خليفة بن خياط: ثنا أبو قتيبة، ثنا يونس بن أبي إسحاق، عن عون بن عبد الله ابن عتبة قال: قالت عائشة: غضبت لكم من السوط، ولا أغضب لعثمان من السيف، استعتبتموه حتى إذا تركتموه كالعقب المصفى قتلتموه.
وقال أبو معاوية: عن الأعمش، عن خيثمة، عن مسروق. قال: قالت عائشة: حين قتل عثمان تركتموه كالثوب النقي من الدنس، ثم قتلتموه.
وفي رواية: ثم قربتموه، ثم ذبحتموه كما يذبح الكبش؟.
فقال لها مسروق: هذا عملك، أنت كتبت إلى الناس تأمريهم أن يخرجوا إليه.
فقالت: لا، والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون؛ ما كتبت لهم سوداء في بيضاء حتى جلست مجلسي هذا.
قال الأعمش: فكانوا يرون أنه كتب على لسانها.
وهذا إسناد صحيح إليها.
وفي هذا وأمثاله دلالة ظاهرة على أن هؤلاء الخوارج قبحهم الله زوروا كتبا على لسان الصحابة إلى الآفاق يحرضونهم على قتال عثمان، كما قدمنا بيانه ولله الحمد والمنة.
وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا حزم القطعي، ثنا أبو الأسود بن سوادة، أخبرني طلق بن حسان قال: قال: قتل عثمان، فتفرقنا في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نسألهم عن قتله، فسمعت عائشة تقول: قتل مظلوما لعن الله قتلته.
وروى محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أبيه، عن ثمامة، عن أنس قال: قالت أم سليم: لما سمعت بقتل عثمان رحمه الله، أما إنه لم يحلبوا بعده إلا دما.
وأما كلام أئمة التابعين في هذا الفصل فكثير جدا يطول ذكرنا له، فمن ذلك:
قول أبي مسلم الخولاني حين رأى الوفد الذين قدموا من قتله: إنكم مثلهم أو أعظم جرما، أما مررتم ببلاد ثمود؟
قالوا: نعم!
قال: فأشهد إنكم مثلهم، لخليفة الله أكرم عليه من ناقته.
وقال ابن علية: عن يونس بن عبدي، عن الحسن قال: لو كان قتل عثمان هدىً لاحتلبت به الأمة لبنا، ولكنه كان ضلالا فاحتلبت به الأمة دما.
وقال أبو جعفر الباقر: كان قتل عثمان على غير وجه الحق
انتهى من البداية والنهاية (الجزاء 7) بحذف بعض الآثار
قال باحث:
*ثناء أهل البيت على عثمان وبراءتهم من دمه وسبق بعضها:
1 – موقف السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها:
– ولما سمعت بموت عثمان في طريق عودتها من مكة إلى المدينة رجعت إلى مكة ودخلت المسجد الحرام، وقصدت الْحِجْر فتسترت فيه، واجتمع الناس إليها فقالت: أيها الناس، إن الغوغاء من أهل الأمصار، وأهل المياه وعبيد أهل المدينة اجتمعوا أن عاب الغوغاء على هذا المقتول بالأمس الإرب، واستعمال من حدثت سنه، وقد استعمل أسنانهم قبله، ومواضع من الحمى حماها لهم، وهي أمور قد سبق بها لا يصلح غيرها، فتابعهم ونزع لهم عنها استصلاحا لهم، فلما لم يجدوا حجة ولا غدرا خلجوا , وبادروا بالعدوان، ونبا فعلهم عن قولهم، فسفكوا الدم الحرام، واستحلوا البلد الحرام، وأخذوا المال الحرام، واستحلوا الشهر الحرام، والله لإصبع عثمان خير من طباق الأرض أمثالهم، فنجاة من اجتماعكم عليه حتى يَنْكل بهم غيرهم، ويشرد من بعدهم، ووالله لو أن الذي اعتدوا به عليه كان ذنبا لخلص منه كما يخلص الذهب من خبثه، أو الثوب من دَرَنه إذ ماصوه كما يماص الثوب بالماء.
وعلى العكس من الصورة الطيبة التي نفهمها من الروايات السابقة الموثوقة للعلاقة بين أم المؤمنين عائشة وعثمان، فإنه تبقى عند الطبري وغيره روايات أخرى صورت العلاقة بين عائشة وعثمان على صورة متناقضة تماما لما انتهينا إليه، وشوهت الدور الرائع الناصع الواعي الذي قامت به رضي الله عنها، دفاعا عن حرمات الله عز وجل، ودفعا عن عثمان وفهما لألاعيب السبئية.
إن الروايات التي جاءت في العقد الفريد, وفي الأغاني, وتاريخ اليعقوبي, وتاريخ المسعودي، وأنساب الأشراف، وما انتهت إليه من استدلالات في شأن دور السيدة عائشة -رضي الله عنها- في حياة عثمان بن عفان، إن جميع ما تؤدي إليه استدلالات تدين موقف السيدة عائشة -رضي الله عنها- لا يعتد بها لمخالفتها للروايات الصحيحة، وقيامها على روايات واهية؛ فأغلبها روايات غير مسندة، والمسند مجروح الإسناد لا يحتج بروايته، هذا إلى فساد متونها إذا ما قورنت بالروايات الأخرى الأكثر صحة وقربا بالحقيقة. وقد قامت باحثه بدراسة الأسانيد والمتون للروايات التي تحدثت عن دور عائشة في أحداث الفتنة، ونقدت الروايات القائلة بالخلاف السياسي بين عائشة وعثمان عند الطبري وغيره وبينت زيفها وكذبها، ثم قالت: وكان الأحرى بنا أن نعرض عن ذكرها جميعا -كما ذكرت آنفا- لعدم وصولها إلينا عن طريق معتمد، بل الطرق التي وصلت منها رُمى أصحابها بالتشيع والكذب والرفض لكننا عرضنا لها لشيوعها في أغلب الدراسات الحديثة، وللتدليل على سقوطها، فهي روايات -كما اتضح لنا- حاولت خلق تاريخ لا وجود له أصلا من الخلاف، والتنكر بين عثمان وعائشة وبين عثمان والصحابة جميعا.
ولو صح أن عائشة اتفقت مع المتمردين على التحريض على عثمان لكان من المتوقع أن يكون عندها نوع من التماس العذر لهؤلاء المتمردين، لكن لم يصح عنها -رضي الله عنها- شيء من هذا، وإنه لو صح شيء من هذه الروايات في وصف موقف السيدة عائشة -رضي الله عنها- من مقتل عثمان فهي روايات كفيلة بإسقاط العدالة عن عائشة رضي الله عنها، وعن الصحابة الذين اشتركوا معها، وهو ما لا نقبل به للخبر الصادق عن الله ورسوله في تقرير عدالتهم التي كانت كافية لدحض هذه الروايات، لكننا توقفنا أمام الروايات تأكيدا منا على سقوط هذه الرواية ومن بعدها الاستدلالات القائمة عليها، حتى تجتمع الأدلة الدينية والعلمية والتاريخية في صعيد واحد يؤكد بعضها بعضا.
2 – علي بن أبي طالب:
كان علي وآل البيت يجلونه ويعترفون بحقه فكان:
– شهد له بالجنة، فعن النزال بن سبرة قال: سألت عليا عن عثمان فقال: ذاك امرؤ يدعى في الملأ الأعلى ذا النورين، كان ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنتيه, ضُمن له بيت في الجنة.
– وكان طائعا معترفا بإمامته وخلافته، لا يعصي له أمرا؛ فقد روى ابن أبي شيبة بإسناده عن ابن الحنفية عن علي: قال لو سيرني عثمان إلى صرار لسمعت وأطعت.
والصرار: هو الخيط الذي تشد به التوادي على أطراف الناقة لئلا يرضعها ولدها، وفيه دليل على مدى اتباعه وطاعته لعثمان رضي الله عنهما.
– ولما جمع عثمان الناس على قراءة واحدة بعد استشارة الصحابة رضوان الله عليهم وإجماعهم على ذلك، قال علي رضي الله عنه: لو وليت الذي ولى، لصنعت مثل الذي صنع.
ـ- ولقد أنكر علي قتل عثمان وتبرأ من دمه، وكان يقسم على ذلك في خطبه وغيرها أنه لم يقتله، ولا أمر بقتله، ولا مالأ ولا رضي، وقد ثبت ذلك عنه بطرق تفيد القطع , خلافا لما تزعمه الرافضة من أنه كان راضيا بقتل عثمان رضي الله عنهما. وقال الحاكم بعد ذكر بعض الأخبار الواردة في مقتله: فأما الذي ادعته المبتدعة من معونة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فإنه كذب وزور، فقد تواترت الأخبار بخلافه. وقال ابن تيمية: وهذا كله كذب على عليٍّ وافتراء عليه، فعلي لم يشارك في دم عثمان، ولا أمر ولا رضي، وقد روى عنه ذلك وهو الصادق البار. وقد قال علي رضي الله عنه: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان. وروى الحاكم بإسناده عن قيس بن عباد قال: سمعت عليا يوم الجمل يقول: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان، ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان، وأنكرت نفسي وجاءوني للبيعة، فقلت: والله إني لأستحي من الله أن أبايع قوما قتلوا رجلا قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة»، وإني لأستحي من الله أن أبايع وعثمان قتيل على الأرض لم يدفن بعد، فانصرفوا, فلما دفن رجع الناس، فسألوني البيعة، فقلت: اللهم إني مشفق مما أقدم عليه، ثم جاءت عزيمة فبايعت فلقد قالوا: يا أمير المؤمنين، فكأنما صدع قلبي، وقلت: اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى. وروى الإمام أحمد بسنده عن محمد بن الحنفية قال: بلغ عليا أن عائشة تلعن قتلة عثمان في المربد قال: فرفع يده حتى بلغ بهما وجهه، فقال: وأنا ألعن قتلة عثمان، لعنهم الله في السهل والجبل، قال مرتين أو ثلاثا. وروى ابن سعد بسنده عن ابن عباس أن عليا قال: والله ما قتلت عثمان ولا أمرت بقتله، ولكني نهيت، والله ما قتلت عثمان ولا أمرت ولكني غلبت، قالها ثلاثا. وجاء عنه أيضا أنه قال رضي الله عنه: من تبرأ من دين عثمان فقد تبرأ من الإيمان، والله ما أعنت على قتله ولا أمرت ولا رضيت.
– وقال علي عن عثمان: « … كان أوصلنا للرحم، وأتقانا للرب تعالى».
– وعن أبي عون قال: سمعت محمد بن حاطب قال: سألت عليا عن عثمان فقال: هو من الذين آمنوا ثم اتقوا ثم آمنوا ثم اتقوا. ولم يختم الآية.
– وروى الإمام أحمد في مسنده، عن محمد بن حاطب قال: سمعت عليا يقول: “إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ” [الأنبياء: 101] منهم عثمان ([47])، وقال علي رضي الله عنه: إنما وهنت يوم قتل عثمان.
وقد اعتنى الحافظ ابن عساكر بجمع الطرق الواردة عن علي أنه تبرأ من دم عثمان، وكان يقسم على ذلك في خطبه وغيرها، أنه لم يقتله ولا رضي بذلك، ثبت ذلك عنه من طرق تفيد القطع عند كثير من أئمة الحديث.
3 – عبد الله بن عباس:
روى الإمام أحمد بإسناده عن ابن عباس أنه قال: لو اجتمع الناس على قتل عثمان لرموا بالحجارة كما رمى قوم لوط. وقال في مدح عثمان وذم من ينتقصه: رحم الله أبا عمرو، كان والله أكرم الحفدة وأفضل البررة، هجَّادا بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر النار، نهَّاضا عند كل مكرمة، سبَّاقا إلى كل محنة، حبيبًا أبيًّا وفيًّا، صاحب جيش العسرة، ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعقب الله على من يلعنه لعنة اللاعنين إلى يوم الدين.
4 – زيد بن علي رحمه الله:
روى ابن عساكر بإسناده إلى السدي قال: أتيته -أي زيد- وهو في بارق حي من أحياء الكوفة، فقلت له: أنتم سادتنا وأنتم ولاة أمورنا، فما تقول في أبي بكر وعمر؟ فقال: تولهما، وكان يقول البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان البراءة من علي، والبراءة من علي البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان.
5 – علي بن الحسين رحمه الله:
وقد ثبت عن علي بن الحسين البراءة من قول الرافضة في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فقد روى أبو نعيم بسنده عن محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين أنه قال: جلس قوم من أهل العراق فذكروا أبا بكر وعمر، فنالوا منهما، ثم ابتدأوا في عثمان فقال لهم: أخبروني أأنتم من المهاجرين الأولين “الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ”؟ [الحشر: 8] قالوا: لا، قال: فأنتم من الذين “تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ”؟ [الحشر: 9] قالوا: لا، فقال لهم: أما أنتم فقد أقررتم وشهدتهم على أنفسكم أنكم لستم من هؤلاء ولا من هؤلاء، وأنا أشهد أنكم لستم من الفرقة الثالثة الذين قال الله -عز وجل- فيهم: “وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا” [الحشر: 10] , فقوموا عني، لا بارك الله فيكم، ولا قرب دوركم، أنتم مستهزئون بالإسلام، ولستم من أهله.
وراجع لهذه الآثار كتاب تحقيق مواقف الصحابة من مقتل عثمان (2/ 18). والبداية والنهاية (7/ 219).
(وفي صحيح البخاري)
*باب مناقب عثمان بن عفان أبي عمرو القرشي رضي الله عنه*
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يحفر بئر رومة فله الجنة». فحفرها عثمان، وقال: «من جهز جيش العسرة فله الجنة» فجهزه عثمان
ثم ذكر في الباب خمسة أحاديث:
3695: وعن أبي موسى رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطا وأمرني بحفظ باب الحائط، فجاء رجل يستأذن [ص: (14)]، فقال: «ائذن له وبشره بالجنة»، فإذا أبو بكر ثم جاء آخر يستأذن، فقال: «ائذن له وبشره بالجنة»، فإذا عمر، ثم جاء آخر يستأذن فسكت هنيهة ثم قال: «ائذن له وبشره بالجنة على بلوى ستصيبه»، فإذا عثمان بن عفان قال حماد، وحدثنا عاصم الأحول، وعلي بن الحكم، سمعا أبا عثمان، يحدث عن أبي موسى، بنحوه وزاد فيه عاصم «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قاعدا في مكان فيه ماء، قد انكشف عن ركبتيه أو ركبته، فلما دخل عثمان غطاها»
ثم ذكر أحاديث أخرى وبوب بعده باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان وفيه مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
أقوال الصحابة في الفتنة:
1 – أنس بن مالك:
قيل لأنس بن مالك: إن حبَّ علي وعثمان لا يجتمعان في قلب، فقال أنس: كذبوا، لقد اجتمع حبهما في قلوبنا.
2 – حذيفة بن اليمان:
عن خالد بن الربيع قال: سمعنا بوجع حذيفة، فركب إليه أبو مسعود الأنصاري في نفر فيهم إلى المدائن، قال: ثم ذكر قتل عثمان، فقال: اللهم إني لم أشهد، ولم أقتل, ولم أَرْضَ.
وأخرج أحمد بن حنبل عن ابن سيرين عن حذيفة قال: لما بلغه قتل عثمان قال: اللهم إنك تعلم براءتي من دم عثمان، فإن كان الذين قتلوه أصابوا، فإني برئ منهم، وإن كانوا أخطأوا فقد تعلم براءتي من دمه، وستعلم العرب لئن كانت أصابت بقتله لحلبنا بذلك لبَنًا، وإن كانت أخطأت بقتله لتحتلبن بذلك دمًا، فاحتلبوا بذلك دمًا، ما رفعت عنهم السيوف ولا القتل. وروى ابن عساكر عن جندب بن عبد الله -له صحبة- أنه لقى حذيفة فذكر له أمير المؤمنين عثمان فقال: أما إنهم سيقتلونه، قال: قلت: فأين هو؟ قال: في الجنة، قلت: فأين قاتلوه؟ قال: في النار.
3 – أم سليم الأنصارية رضي الله عنها:
قالت أم سليم الأنصارية – رضي الله عنها- لما سمعت بقتل عثمان: رحمه الله، أما إنه لم يحلبوا بعده إلا دما.
4 – أبو هريرة:
وعن أبي مريم قال: رأيت أبا هريرة يوم قتل عثمان وله ضفيرتان، وهو ممسك بهما وهو يقول: قتل والله عثمان على غير وجه الحق.
5 – أبو بكرة:
روى ابن كثير في البداية والنهاية عن أبي بكرة قال: لأن أخِرَّ من السماء إلى الأرض أحبّ إليَّ من أن أُشرك في قتل عثمان.
6 – أبو موسى الأشعري:
عن أبي عثمان النهدي قال أبو موسى الأشعري: إن قتل عثمان لو كان هدي احتلبت به الأمانة لبنًا، ولكنه كان ضلالا فاحتلبت به دما.
7 – سمرة بن جندب:
روى ابن عساكر بإسناده إلى سمرة بن جندب قال: إن الإسلام كان في حصن حصين، وإنهم ثلموا في الإسلام ثلمة بقتلهم عثمان، وإنهم شرطوا أشرطة, وإنهم لم يسدوا ثلمتهم أو لا يسدونها إلى يوم القيامة، وإن أهل المدينة كانت فيهم الخلافة فأخرجوها ولم تعد فيهم.
8 – عبد الله بن عمرو بن العاص:
وأخرج أبو نعيم في (معرفة الصحابة) بسنده إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: عثمان بن عفان ذو النورين قتل مظلوما، أوتي كفلين من الأجر.
9 – عبد الله بن سلام:
قال رضي الله عنه: لا تقتلوا عثمان، فإنكم إن فعلتم لم تصلُّوا جميعا أبدا. وفي رواية: والله لا تهرقون محجما من دم -أي: من دم عثمان- إلا ازددتم به من الله بُعدا.
10 – الحسن بن علي:
عن طلق بن خشاف قال: انطلقنا إلى المدينة ومعنا قُرط بن خيثمة، فلقينا الحسن بن علي فقال له قرط: فيم قُتل أمير المؤمنين عثمان؟ فقال: قتل مظلوما.
11 – سلمة بن الأكوع:
وعن يزيد بن أبي عبيدة قال: لما قتل عثمان خرج سلمة بن الأكوع -وهو بدري- من المدينة قبل الربذة، فلم يزل بها حتى كان قبيل أن يموت.
12 – عبد الله بن عمر:
فعن أبي حازم قال: كنت عند عبد الله بن عمر بن الخطاب فذكر عثمان، فذكر فضله ومناقبه وقرابته حتى تركه أنقى من الزجاجة، ثم ذكر علي بن أبي طالب فذكر فضله وسابقته وقرابته حتى تركه أنقى من الزجاجة، ثم قال: من أراد أن يذكر هذين فليذكرهما هكذا أو فليدع. وقال ابن عمر -رضي الله عنهما- أيضا: لا تسبوا عثمان؛ فإنا كنا نعده من خيارنا.
وراجع لأكثرها كتاب تحقيق مواقف الصحابة من مقتل عثمان