971 التعليق على الصحيح المسند
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والمدارسة والاستفادة
ألقاه سيف بن دورة الكعبي
بمسجد الشيخ طحنون ومسجد ابن رحمة
جمعه مجموعة خالد بايوسف وعبدالله المشجري.
بإشراف سيف بن دورة الكعبي
——————-
الصحيح المسند
971_ قال الإمام أحمد رحمه الله 1161: حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت حارثة بن مضرب يحدث عن على رضي الله عنه لقد رأيتنا ليلة بدر وما منا إنسان الا نائم الا رسول الله صلى الله عليه و سلم فإنه كان يصلي إلى شجرة ويدعو حتى أصبح وما كان منا فارس يوم بدر غير المقداد بن الأسود
.ط
*وقال محمدبن نصررحمه الله في كتاب الصلاةج1ص231: حدثنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ ، ثنا أبي ، ثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، سمع حارثة بن مضرب ، سمع عليا ، يقول : « لقد رأيتنا ليلة بدر وما فينا إلا نائم غير رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ويدعو حتى أصبح ».
—_-_-_–_-_-_-
أولاً : ما يتعلق بسند الحديث :
* قال أحمد شاكر في مسند أحمد 1161 : إسناده صحيح .
* وقال محققو المسند (2/363) : إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حارثة بن مضرب، فمن رجال أصحاب السنن، وهو ثقة. وأخرجه النسائي في “الكبرى” (823) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.
* قال ابن رجب : [ فتح الباري : 2/ 662-663 ] وقد رواه بعضهم عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي .
ورواه غيره عن أبي إسحاق عن البراء .
والصحيح عن حارثة عن علي قاله الدارقطني .
وخرج أبو داود بإسناد فيه نظر أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل بتبوك إلى نخلة فقال : ( هذه قبلتنا ) ثم صلى إليها .
* وقال محققو المطالب العالية (4/459) : وأبو إسحاق السَّبيعي وإن كان مدلسًا من الثالثة إلا أنه صرح بالسماع في الطريق الثاني كما ترى، ورواية شعبة عنه صحيحة.
فإسناده صحيح.
وذكره المزي في تحفة الأشراف (7/ 357: 10061): في مسند علي رضي الله عنه بلفظ: “لقد رأيتنا ليلة بدر، وما فينا إنسان إلا نائم، إلا رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فإِنه كان يصلي إلى سحره ويدعو حتى أصبح”.
وعزاه للنسائي في الكبرى (ك الصلاة).
وسنده عند النسائي: محمد بن المثنى، عن محمد، عن شعبة، عن أبي إسحاق به.
وسنده كما نرى مثل السند الثاني عند أحمد ولفظه نحوه.
وانظر البداية والنهاية (3/ 267)، وذكره في ص (277) مطولًا، في أحداث غزوة بدر الكبرى.
* قال الشيخ الألباني في أصل صفة الصلاة (1/120) : وهذا إسناد صحيح. رجاله رجال الشيخين. إلا حارثة بن مضرِّب – بتشديد الراء المكسورة قبلها معجمة -، وهو ثقة – كما في ” التقريب ” -، وقال في ” الفتح ” (2/460) : ” رواه النسائي بإسناد حسن “. قلت: ولعله في ” الكبرى ” للنسائي.
ثانياً : ما يتعلق بمتن الحديث :
* هذا الحديث من الأحاديث الدالة على السترة في الصلاة ، لذا ذكر هذا الحديث الشيخ الألباني في صفة الصلاة في باب السترة ووجوبها حيث قال : و ” صلى – مرة – إلى شجرة ” .
* وردت رواية أخرجه أحمد (1/125) قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة به بلفظ:
( تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح ) .
قال الشيخ الألباني في أصل صفة الصلاة (1/120) : ولا مخالفة بين الروايتين؛ فإن من صلى إلى شجرة؛ فقد صلى تحتها.
قلت سيف : الحديث ذكره النسائي في أبواب السترة – باب الصلاة إلى الشجرة
ورد في رواية-(… وما فينا إلا نائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح ) أخرجه ابن خزيمة 899 وأحمد 1/125
* هذا الحديث يدل على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم في علاج الهموم والكرب ، لذا ذكره الشيخ سيف في مجموعة السلام (3/118) : (فصل) في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الكرب والهم والغم والحزن.
* وقد جاء في مجموعة السلام (7/374) : الكلام عن صلاة الحاجة وتم نقل كلام اللجنة الدائمة (8/ 162): وما يسمى بصلاة الحاجة: قد ورد في أحاديث ضعيفة ومنكرة – فيما نعلم – لا تقوم بها حُجّةٌ ولا تَصْلُحُ لبناء العمل عليها. انتهى
قال الشيخ سيف : قلت: ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه فزع إلى الصلاة وقد قال تعالى (واستعينوا بالصبر والصلاة) وضعف محققو المسند إسناده لكن صححوا حديث بمعناه من حديث صهيب وراجع الصحيحة 2459، ويشهد لمعناه حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لقد رأيتنا يوم بدر وما فينا إلا نائم غير رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ويدعو حتى أصبح وراجع سنن أبي داود 1315، لكن لا نسميها صلاة الحاجة.
————-
قلت سيف : وهذه تتمات للبحث :
وهذا بحث عن الدعاء لبعض الباحثين نقلته هنا، وفي ثناياه ذكرت حكمي على الأحاديث :
قال الباحث :فليس النصر الدعاء، وليس هو القوة المادية فحسب، وليس كذلك بالكثرة العددية، إنَّ النصر مجتمع في ذلك كلِّه لا ينفصل جزء من شمول، ولا ينبتر بعض من كل.
ولعلِّي أبدأ هذه الأكتوبة، وأطرِّز المسيرة وأُتَوِّجَ السيرة، برسول الأمة المختارة، محمد بن عبدالله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقد نام صحابته الأكارم ـ رضي الله عنهم وأرضاهم ـ ليلة بدر، إلا هو ـ عليه الصلاة والسلام ـ فقد بات تلك الليلة يصلي إلى جذع شجرة، ويكثر في سجوده أن يقول:”يا حيُّ يا قيوم” يكرر ذلك ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويسأل الله النصر (البداية والنهاية5/ 82)، وحين رأى رسول الله جند قريش قال:” اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها، تحادك وتكذب رسولك، اللهم أحنهم الغداة” (السيرة النبوية لابن هشام3/ 168).
قلت سيف : ذكره ابن إسحاق بدون إسناد، وذكره الطبري لكن من مراسيل هشام بن عروة، ومرة ذكره أنه من كتاب عروة لعبدالملك يخبره عن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحمد شاكر وهو أول ما كتب في السيرة وهو مفرق في تفسير الطبري في مواضع وفي تاريخه في موضعين وتمنى أحمد شاكر جمعه.
وقد روى عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال: لمَّا كان يوم بدر نظر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف، ونظر إلى المشركين، فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ القبلة، وعليه رداؤه وإزاره، ثمَّ قال: “اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبداً” قال عمر بن الخطاب: فما زال يستغيث ربَّه ويدعوه، حتَّى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فردَّاه، ثمَّ التزمه من ورائه ثمَّ قال: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنَّه منجز لك ما وعدك” أخرجه أحمد (1/ 30ـ31) برقم (208)، وقال الشيخ/أحمد شاكر: سنده صحيح، ورواه مسلم (1763)، وأصله في البخاري، وانظر جامع الأصول (8/ 183).
ولهذا فإن الله _سبحانه_ وصف حال رسوله العظيم وصحابته الكرام في غزوة بدر بأنهم كثيري الاستغاثة به، ومكثري رجائه ودعاءه فقال:”إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين” (الأنفال: 9) فأين نحن من الاقتداء برسول الله وصحابته بالدعاء للمجاهدين بالنصر، وخذلان عدوهم!
وعليه فإنَّ مما نستفيده من ذلك أنَّه في حالة نشوب الحرب، وقيام المعركة، واضطرام القتال، أن نرفع أكف الضراعة والاستغاثة بالله، فلعله ـ سبحانه ـ أن يستجيب لنا فيقهر عدونا، ويخذل محاربنا، ويمدنا بمددٍ من عنده كما أمد رسول الله وصحابته بجند من عنده من الملائكة المرسلين حين دعوه في غزوة بدر، فانخلعت قلوب الكافرين، وفروا خاسرين، وتم بفضله ـ تعالى ـ النصر المبين.
لهذا كان الدعاء في الغزو مرتبط ارتباطاً وثيقاً مع المجاهدين في أرض المعركة، وقد بوَّب الإمام الترمذي في جامعه (باب في الدعاء إذا غزا) وأورد تحته ما رواه أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ إذا غزا قال: اللهم أنت عضدي وأنت نصيري وبك أقاتل” أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات برقم (3584) وقال: حسن غريب، وحسَّنه الألباني في صحيح الترمذي برقم (2836).
قلت سيف : وهو في الصحيح المسند 58.
وهنا وقفة لابد منها قبل أن نأتي على سير المجاهدين وتعلقهم بربهم بالدعاء قبيل المعركة وفي أثنائها، وهي أن من مآسي واقعنا المعاصر، وحين تدك بلاد الإسلام بالراجمات، وتقذف بالقنابل، يهرع الكثير من المسلمين إلى شاشات التلفاز، ليروا أثر المعركة، ويستمعوا الأخبار، حتى يعلموا ماذا حلَّ في تلك البلاد.
تلك والله سمة المؤمن، وشيمة الموحد، وهو أكبر دليل على صدق ما في قلبه من الحب لإخوانه المؤمنين وحمل همِّهم، وخاصَّة أنَّ الدعاء يستجاب وقت اشتداد المعركة، وشدَّة التحارب بين المؤمنين والكافرين، فقد قال النبي ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ:” ثنتان لا تردان أو قلَّما تردَّان: الدعاء عند النداء، وعند البأس حين يُلْحِمُ بعضهم بعضاً” أي: حين تشتبك الحرب بينهم، أخرجه أبو داود، وقال الحافظ في النتائج (1/ 378):حديث حسن صحيح، وصححه النووي في (الأذكار/ صـ57ـ267)، وقال الألباني في (الكلم الطيب): حسن صحيح (صـ76).
قلت سيف :
هو السلسلة رقم الحديث: 1469: (اطلبوا إجابة الدعاء عند التقاء الجيوش وإقامة الصلاة ونزول المطر] (حسن).
وهناك بحث توصل فيه الباحث لضعف أحاديث الباب:
فحديث سهل بن سعد رفعه معلول، وذكر المطر فيه منكر. وحديث ابن عمر منكر، وحديث عائشة منكر جدا، وموقوف أبي هريرة منكر، ومرسل مكحول الأرجح الرواية المتصلة عن مكحول عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء كان يستحب عند نزول القطر …. وهذا فيه احتمال إرسال مكحول ثم هو موقوف.
لكن لعله يستأنس للحكم بالعمومات، مثل أن المطر رحمة. (وراجع مجموع الفتاوى 27/ 129) وممن قال باستحبابه الشافعي والبيهقي والقرطبي والنووي وابن قدامة وابن تيمية. انتهى بتصرف
ولقد عاب الله أقواماً نزلت بهم المصائب والبأساء، فأعرضوا عن ربهم، ولم يدعوه لكشف ضرهم، فلم يرفع عنهم تلك النازلة، قال _تعالى_: “وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” (الأنعام:42، 43) وقال في آية أخرى: “وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ” (المؤمنون:76) فصار المصير إلى أن نعلم علم اليقين، أنَّ من أوجب الواجبات في زمن الكوارث والملمات، رفع اليدين بالدعاء لله رب العالمين، فلعل ذلك الدعاء من أكف بيضاء نقية، وقلوب صادقة وفيَّة، وأعين باكية تقيَّة تخفف من تلك المآسي التي أقلقت المسلمين وأقضَّت مضاجعهم، وقد علَّمنا رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ أنَّه”لا يردَّ القضاء إلاّ الدعاء” أخرجه الترمذي (139)، وقال: حسن غريب، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع برقم (7687)، وأخبرنا بأنَّه”لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما قد نزل ومما لم ينزل، وإنَّ البلاء ينزل فيتلقاه الدعاء، فيتعالجان إلى يوم القيامة” أخرجه الترمذي وحسَّنه الألباني في صحيح الترمذي (2813) زاد الحاكم بسندٍ لا بأس به، فعليكم عباد الله بالدعاء،
تنبيه (سيف): هذا الحديث ضعفه بعض الباحثين بجهالة عبدالله بن أبي الجعد واحتمال عدم سماعه من ثوبان رضي الله عنه حيث أن أخاه سالم لم يسمع من ثوبان، ولولا ذلك لقواه بحديث سلمان رضي الله عنه. ولم يلتفت آخرون لاحتمال الإنقطاع.
وأنا حسنته بحديث أنس في الدعاء للطبراني 29 وقلت: هو حسن لذاته، وربما حديث أبي سيد أشار إليه الترمذي وورد بلفظ (يعتلجان) ولم أجد ما يشهد لها. (تحقيقي لكشف الأستار 3136)
ولهذا كان الدعاء من أسباب النصر على الأعداء، وخاصَّة إذا كان ذلك من عباد الله الضعفاء، وقد دلَّ على ذلك حديث رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ “إنما ينصر الله هذه الأمَّة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم) أخرجه النسائي وصححه الألباني في صحيح النسائي (2978).
قلت سيف : ورد كذلك في البخاري 2896 وأن سعدا رأى له فضل على من دونه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وهل تنصرون إلا بضعفائكم، وكذلك ورد في سنن أبي داود 2591 من حديث أبي الدرداء وهو في الصحيح المسند 1048
لأنَّ الغازي في سبيل الله يستجيب الله له الدعاء، كما قال ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ: “الغازي في سبيل الله، والحاج والمعتمر؛ وفد الله دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم”أخرجه ابن ماجة برقم (2893) في كتاب المناسك، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (4171).
قلت سيف : صححه الألباني بشواهده كما في الصحيحة 1820،
لكن الحديث في أحاديث معلة 429 مخرمة بن بكير لم يسمع من أبيه. انتهى وأبوحاتم ذكره ثم ذكر اسنادين فيهما انه من قول كعب. وكذلك رجح ذلك الدارقطني انه من قول كعب ( العلل لابن أبي حاتم 1007، علل الدارقطني 1913 ).
وذكر ابن أبي حاتم إسناد آخر ونقل عن أبيه أنه عن عمر وهو منقطع( العلل 847، 887)
وذكر الدارقطني الخلاف على عطاء، ورده مرفوعاً وذكره من قول مجاهد( العلل 3112 )
أولاً: فهاهو طالوت وجنده قبل بداية المعركة يقول _تعالى_ عنهم: “ولمَّا برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبراً وثبِّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين” (البقرة: 250) وبعد هذا الدعاء، كان الجواب من الله”فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت” وكان النصر حليفهم حين دعوا الله وتوكلوا عليه.
ثانياً: وهاهو الغلام المؤمن صاحب الملك الكافر حين اكتشف أمره، وعلم أنه موحد، أراد أن يفتنه عن دينه، ويخيفه بجنده ولكن هيهات فإنَّ مع الغلام سلاحاً لا ينفد، وكنزاً لن يفقد؛ إنَّه الدعاء فحين أراد جنود هذا الطاغية، أن يلقوه من فوق الجبل إلى هاويته، نطق الغلام بكل مسكنة وافتقار للملك القهار”اللهم اكفنيهم بما شئت”، فسقط الجنود من فوق الجبل وكانوا في الهاوية، بل في القاع، ويمضي ذلك الغلام شامخاً ًبإيمانه إلى الملك الكافر، ليعلمه دروساً في التوحيد من التوكل على الله، والاستعانة به، وعدم الخوف إلا منه إلى غير ذلك، لكن الطغاة متكبرون، ولا يسمعون داعي الإيمان’ فما كان من ذلك الملك إلاّ أن أمر جنده بأن يذهبوا بذلك الغلام في إحدى السفن فإذا توسطت السفينة في البحر، ألقى الجنود ذلك الغلام ليتخلصوا منه، وحين أرادوا أن يفعلوا ذلك بعد أن توسطت بهم السفينة في البحر، إلاّ ويطلق الغلام سلاحه على أعدائه”اللهم اكفنيهم بما شئت”، واستجاب الله الدعاء، وقلب السفينة بمن فيها من جند الطاغوت ونجا ذلك الغلام المؤمن من مكر الكافرين، والقصَّة معروفة، ومن أراد المزيد فليقرأ تفاسير العلماء لسورة البروج.
ثالثاً: وهذا المثنَّى بن حارثة الشيباني في وقعة البويب في السنة الثالثة عشرة من الهجرة يدعون له المسلمون، والجند المقاتلون، بأن ينصره الله على أعدائه، ويكفيه شرهم، وكان النصر له في آخر المطاف. (انظر: معارك المسلمين في رمضان للدكتور: عبدالعزيز العبيدي/صـ34ـ38).
رابعاً: وتأمل قصة النعمان بن مقرن في سنة إحدى وعشرين، فبعد أن تحصن الفرس بخنادقهم، وطال حصار المسلمين لهم، استشار النعمان قادته، فأشاروا عليه باستدراج الفرس والتظاهر بالهروب حتَّى إذا ابتعد الجند عن حصونهم وخنادقهم نشبت المعركة، ووافق النعمان على الخطة، وقال لهم: إني مكبر ثلاثاً فإذا كان الثالثة فابدؤوا بالقتال، وهنا لم ينس النعمان الاتصال الروحي مع الله، فقد ذهب النعمان إلى أحد الأمكنة ودعا الله قائلاً: “اللهم اعزز دينك، وانصرعبادك، اللهم إني أسألك أن تقر عيني بفتح يكون فيه عز الإسلام، واقبضني شهيداً”، وبكى الناس مع النعمان وابتهلوا إلى الله وتضرعوا، واستجاب الله دعاءهم فنصرهم على عدوهم نصراً عظيماً، واستجاب الله دعاء النعمان بن مقرن، فكان أول قتيل من المسلمين على أرض المعركة ـ رضي الله عنه ـ (البداية والنهاية7/ 89) (إتمام الوفاء بسيرة الخلفاء للخضري/صـ95ـ96)،
إن من أهم ما يجب عليكم معرفته أنَّ الله لا يستجيب الدعاء من قلب غافل، فقد روى أبو هريرة أنَّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:” ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاه” أخرجه الترمذي (3479) وحسَّنه الألباني في صحيح الترمذي (2766).
قلت سيف : احد أسانيده فيه صالح المري متروك، والإسناد الثاني فيه ابن لهيعة.
ثمَّ ألا تعلموا أن رسولكم قد نهاكم عن استعجال إجابة الدعاء، فقد روى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنَّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:” يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي” متفق عليه، وفي جزء من رواية مسلم قيل: يا رسول الله! ما الاستعجال؟ قال: “يقول قد دعوت، وقد دعوت فلم يستجب لي، فيستحسر عند ذلك، ويدع الدعاء”.
والمؤمن يدعو بخيري الدنيا والآخرة 🙁 ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار )
وفي التفسير المجموع لابن رجب :
وفيه عنه أيضًا، قال: أصابنا طَشٌّ من مطرٍ، يعني ليلَةَ بدْرٍ، فانطلقنا
تحتَ الشَّجرِ والحَجَفِ نستظلُّ بها من المطرِ، وبات رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – يدعو ربَّهُ، ويقول:
“إن تُهْلكْ هذه الفئةَ لا تُعْبَدْ”.
فلمَّا أن طلعَ الفجر نادى: الصلاةَ عبادَ اللَّهِ، فجاءَ الناسُ من تحت الشَّجر والحجفِ، فصلَّى بنا رسولُ اللَّه – صلى الله عليه وسلم -.
وحثَّ على القتال.
قلت سيف : هو في الصحيح المسند 975.
وإبراهيم عليه الصلاة والسلام لما طلب الجبار زوجته سارة لجأ للصلاة.
وغيرها من الأمثلة والنصوص التي تدل على أن عباد الله الصالحين يلجؤون لعبادة ربهم والصلاة والدعاء وتلاوة القرآن خاصة زمن الفتن
وراجع تفسير ابن كثير في قوله تعالى :
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46) ففيه بيان أهمية الدعاء
قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ: “والدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء يدافعه، ويعالجه، ويمنع نزوله، ويرقعه، أو يخففه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن، وله مع الدعاء ثلاث مقامات:
1ـ أحدها: أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه.
2ـ أن يكون أخفَّ من البلاء فيقوى عليه البلاء، فيصاب به العبد ولكن يخففه، وإن كان ضعيفاً.
مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ لا بأس طهور فقال : كلا بل هي حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فنعم إذا.
3ـ أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم صـ13).
وأما الجواب على ما ذكره البعض بأنَّنا لو دعونا الله فأجاب الدعاء، فإنَّ ذلك من باب تحصيل الحاصل، ولو دعوناه ولم يقدِّر لنا ما نريد، فإنَّ دعاءنا لم ينفع، ولم نجنِ منه فائدة!
فيجاب عن ذلك بأنَّ هذه الشبهة خطيرة جداً بل إنَّ أول من قالها الجهم بن صفوان، والذي رماه العلماء المحققين بالكفر والمروق عن الدين لعدة أقوال كفرية صدرت عنه، فليخشَ العبد على نفسه من أن ينطق بعبارات أهل البدع والضلال لئلا ينزلق في مهاوي الردى، ومجانح الضَّلال.
وممن أجاب على تلك الشبهة الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ حيث قال: (الدعاء والتوكل والعمل الصالح، سبب في حصول المدعو به من خير الدنيا والآخرة والمعاصي سبب، والحكم المعلق بالسبب قد يحتاج إلى وجود الشرط وانتفاء الموانع، فإذا حصل ذلك حصل المسبب بلا ريب” ـ ثمَّ قال بعد مناقشة عقدية لتلك الشبهةـ (وقد أجيب بجواب آخر وهو أنَّ الله _تعالى_ إذا قدَّر أمراً فإنَّه، يقدر أسبابه، والدعاء من جملة أسبابه، كما أنَّه لمَّا قدَّر النصر يوم بدر وأخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل وقوعه أصحابه بالنصر وبمصارع القوم كان من أسباب ذلك استغاثة النبي ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ ودعاؤه، وكذلك ما وعده به ربُّه من الوسيلة، وقد قضى بها له، وقد أمر أمَّته بطلبها له، وهو _سبحانه_ قدَّرها بأسباب منها ما سيكون من الدعاء) (مجموع الفتاوى14/ 143ـ148).
أسباب النصر يوم بدر :
1 – الاستغاثة بالله ونزول الملائكة: ?إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ* وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ? (الأنفال: 9، 10) روى أحمد ومسلم
2 – الملائكة للبشرى والطمأنينة: ?وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ? (آل عمران: 126)
والملائكة بحاجة إلى معية الله سبحانه:( إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ) وهذه الآية توضِّح أن الملائكة بدون عون الله تعالى عاجزون عن تحقيق أي نصر
3 – النعاس من جنود الله:( إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ)
4 – الماء من جنود الله وله وظائف أربع:( إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ)
5 – الحصى من جند الله:( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ* ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ) (الأنفال: 17، 18)
فضائل المقداد :
ورد أن المقداد بن عمرو قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إذاً لا نقول لك يا رسول الله كما قال قوم موسى لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنها ههنا قاعدون…. أخرجه البخاري 3952
و قال زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود: كان أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، و أبو بكر، و عمار، و أمه سمية، و صهيب، و بلال، و المقداد أخرجه أحمد وهو في الصحيح المسند 847
وحديث : لما شرب نصيب النبي صلى الله عليه وسلم من اللبن، وجاء النبي صلى الله
عليه وسلم ورأى القدح فارغ ….( فرفع رأسه إلى السماء فقال: ” اللهم اسق من سقاني، وأطعم من أطعمني “.فاغتنمت دعوته وقمت فأخذت الشفرة فدنوت إلى الاعنز فجعلت أجسهن أيتهن أسمن لاذبحها، فوقعت يدى على ضرع إحداهن فإذا هي حافل، ونظرت إلى الاخرى فإذا هي حافل، فنظرت فإذا هن كلهن حفل، فحلبت في إناء فأتيته به فقلت: اشرب. فقال: ” ما الخبر يا مقداد؟ ” فقلت: اشرب ثم الخبر. حتى أسقى صاحبيك؟ ” فقلت: إذا شربت البركة أنا وأنت فلا أبالى من أخطأت ). أخرجه مسلم 2055
حديث ضعيف :
أما حديث :
” إن الله عز وجل امرني بحب أربعةوأخبرني انه يحبهم: على والمقداد وأبو ذر وسلمان” فضعفه الإمام الألباني كما في ضعيف الجامع
مسألة البكاء :
ففي رواية لحديث الباب (ما فينا إلا نائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم… يدعو ويبكي ).
وورد في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
والبكاء كثير في سيرة السلف، ولعلنا نتوسع فيه في مبحث آخر.