952 التعليق على الصحيح المسند:
مجموعة رامي:
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——-
الصحيح المسند 952
قال الإمام أحمد رحمه الله 807:حد ثنا إبراهيم بن أبي العباس ثنا الحسن بن يزيد الأصم قال سمعت السدي إسماعيل يذكره عن أبي عبد الرحمن السلمي عن على رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم لما توفى أبو طالب أتيت النبي صلى الله عليه و سلم فقلت ان عمك الشيخ قد مات قال أذهب فواره ثم لا تحدث شيئا حتى تأتيني قال فواريته ثم أتيته قال أذهب فاغتسل ثم لا تحدث شيئا حتى تأتيني قال فاغتسلت ثم أتيته قال فدعا لي بدعوات ما يسرني ان لي بها حمر النعم وسودها قال وكان على رضي الله عنه إذا غسل الميت اغتسل.
*وقال الإمام أحمدرحمه الله كما في زوائدالمسند1074:حد ثنا زكريا بن يحيى زحمويه وثنا محمد بن بكار وثنا إسماعيل أبو معمر وسريج بن يونس قالوا ثنا الحسن بن زيد الأصم قال أبو معمر مولى قريش قال أخبرني السدي وقال زحمويه في حديثه قال سمعت السدي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن على رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم لما توفى أبو طالب أتيت النبي صلى الله عليه و سلم فقلت ان عمك الشيخ قد مات قال اذهب فواره ولا تحدث من أمره شيئا حتى تأتيني فواريته ثم أتيته فقال اذهب فاغتسل ولا تحدث شيئا حتى تأتيني فاغتسلت ثم أتيته فدعا لي بدعوات ما يسرني بهن حمر النعم وسودها.
وقال ابن بكار في حديثه: قال السدي: وكان عليٌ إذا غسل ميِّتا اغتسل.
———
قال محققو المسند: هذا السند ذكره ابن عدي فيما أنكر على الحسن بن يزيد، قال: عن السدي ليس بالقوي، وحديثه عنه ليس بمحفوظ، ثم ذكر ثلاثة أحاديث هذا منها. ونقل البيهقي 1/ 304 عن الإمام أحمد أنه ضعفه من هذا الوجه.
وورد من طريق أبي إسحاق عن ناجية عن علي:
الحديث ذكره الدارقطني في العلل 4/ 146، وذكر الخلاف على أبي إسحاق، فذكر من رواه عن أبي إسحاق عن أبيه عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من غسل ميتا فليغتسل. وقال: ولا يثبت هذا عن أبي إسحاق
وقال والمحفوظ قول الثوري وشعبة ومن تابعهما عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب عن عليٍّ، وكذلك رواه فرات القزاز عن ناجية بن كعب أيضا ثم ساقه من طريق سفيان بنحو حديث الباب وفي آخره (ثم دعا لي بدعوات ما يسرني ما عرض بهن من شئ) انتهى من العلل
وناجية بن كعب نقل أن العجلي وثقه لكن ابن المديني أشار لتجهيله حيث لا يعرف أحدا روى عنه إلا ابواسحاق، وتعقبه الذهبي بأن يونس روى عنه أيضا
وراجع تحقيق المسند 2/ 153 حيث رجحو الجهالة وضعفوا الحديث، أما محقق سنن أبي داود فحسن الحديث ونقل عن ابن معين انه قال صالح.
وابن كثير كأنه يقبل الحديث حيث قال:
في قوله تعالى (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين …. ):
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبير قَالَ: مَاتَ رَجُلٌ يَهُودِيٌّ وَلَهُ ابْنٌ (6) مُسْلِمٌ، فَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَهُ وَيَدْفِنَهُ، وَيَدْعُوَ لَهُ بِالصَّلَاحِ مَا دَامَ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ وكَّله إِلَى شَانِهِ ثُمَّ قَالَ: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} لَمْ يَدْعُ.
[قُلْتُ] وَهَذَا يَشْهَدُ لَهُ بِالصِّحَّةِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَات
وهذه بعض الفتاوى حول هذه المسألة:
: حضور جنازة القريب الكافر في الكنيسة
أنا مسلمة جديدة وقد ماتت إحدى قريباتي التي كنت مقربة جداً منها. وأريد أن أعرف عن حكم حضور الجنازة في الكنيسة؟ لن أتلفظ بأي كلمة مما يقولونه في صلاتهم، فقط سأذهب واقعد للمشاهدة؟
الجواب:
الحمد لله
أولا: لا يجوز للمسلم تشييع جنازة الكافر ولو كان قريبا له؛ لأن التشييع حق للمسلم على المسلم، وهو نوع من الاحترام والإكرام والموالاة التي لا يجوز أن تكون للكافر.
وقد مات أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم فأمر عليا أن يواريه التراب، ولم يشيعه النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يشهد دفنه، مع ما لأبي طالب من المواقف المعروفة في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومع كمال شفقة النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته وبرّه وإحسانه، فما منعه من ذلك إلا موت أبي طالب على الكفر، بل قال صلى الله عليه وسلم: (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ). فَنَزَلَتْ: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) وَنَزَلَتْ: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ). رواه البخاري (3884) ومسلم (24).
وروى أبو داود (3214) والنسائي (2006) عن عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ قَالَ: (اذْهَبْ فَوَارِ أَبَاكَ).
والإسلام مع دعوته إلى صلة الأقارب والإحسان إليهم إلا أنه قطع الولاء بين المؤمن والكافر، فما كان من صور الولاء: مُنع، وما كان من البر والإحسان دون ولاء: جاز.
قال الإمام مالك رحمه الله: ” لا يغسل المسلم والده إذا مات الوالد كافرا , ولا يتبعه، ولا يدخله قبره، إلا أن يخشى أن يضيع: فيواريه ” انتهى من “المدونة” (1/ 261).
وقال في “شرح منتهى الإرادات” (1/ 347): ” (ولا يغسّل مسلم كافرا) للنهي عن موالاة الكفار، ولأن فيه تعظيما وتطهيرا له، فلم يجز؛ كالصلاة عليه , وما ذكر من الغسل في قصة أبي طالب لم يثبت. قال ابن المنذر: ليس في غسل المشرك سنة تتبع، وذكر حديث علي: المواراة فقط. (ولا يكفنه ولا يصلي عليه ولا يتبع جنازته) لقوله تعالى: (لا تتولوا قوما غضب الله عليهم) (بل يوارى)، لعدم من يواريه من الكفار , كما فعل بكفار بدر , واروهم بالقليب … ” انتهى.
وقال في “كشاف القناع” (2/ 123): ” فصل (ويحرم أن يغسل مسلم كافرا، ولو قريبا، أو يكفنه، أو يصلي عليه، أو يتبع جنازته، أو يدفنه)؛ لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم) وغَسلُهم ونحوه: تولٍّ لهم، ولأنه تعظيم لهم، وتطهير؛ فأشبه الصلاة عليه … (إلا أن لا يجد من يواريه غيره، فيوارَى عند العدم)؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما أُخبر بموت أبي طالب قال لعلي: (اذهب فواره) رواه أبو داود والنسائي، وكذلك قتلى بدر ألقوا في القليب … ” انتهى.
وجاء في “فتاوى اللجنة الدائمة” (9/ 10): ” ما حكم الله في حضور جنائز الكفار، الذي أصبح تقليدا سياسيا وعرفا متفقا عليه؟
الجواب: إذا وجد من الكفار من يقوم بدفن موتاهم فليس للمسلمين أن يتولوا دفنهم، ولا أن يشاركوا الكفار ويعاونوهم في دفنهم، أو يجاملوهم في تشييع جنائزهم؛ عملا بالتقاليد السياسية، فإن ذلك لم يعرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن الخلفاء الراشدين، بل نهى الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقوم على قبر عبد الله بن أبي بن سلول، وعلل ذلك بكفره، قال تعالى: (وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ). وأما إذا لم يوجد منهم من يدفنه: دفنه المسلمون كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم بقتلى بدر، وبعمه أبي طالب لما توفي قال لعلي: (اذهب فواره).
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد الله بن قعود … عبد الله بن غديان … عبد الرزاق عفيفي … عبد العزيز بن عبد الله بن باز” انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” هل يجوز للمسلم أن يشيع جنازة غير المسلم أرجو بهذا إفادة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز للمسلم أن يشيع جنازة غير المسلم لأن اتباع الجنائز من حقوق المسلم على المسلم، وليس من حقوق الكافر على المسلم، وكما أن الكافر لا يبدأ بالسلام، ولا يفسح له الطريق، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتموهم في طريقٍ فاضطروهم إلى أضيقه) فإنه لا يجوز إكرامه باتباع جنازته، أياً كان هذا الكافر، حتى ولو كان أقرب الناس إليك “.
انتهى مختصرا من “فتاوى نور على الدرب”.
ثانيا:
حضور جنازة الكافر في الكنيسة أعظم بكثير من مجرد اتباعها أو تشييعها؛ لأن هذا الحضور يقتضي سماع الكفر والباطل، وهذا أمر غفل عنه من أجاز الحضور، واشترط عدم المشاركة في الطقوس التي تقام هناك، فإن نفس الجلوس ومشاهدة وسماع الكفر والزور منكر لا يجوز الإقدام عليه.
وقد قال تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) النساء/140
قال القرطبي رحمه الله: ” قوله تعالى: (فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره) أي غير الكفر. (إنكم إذا مثلهم): فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم، والرضا بالكفر كفر. قال الله عز وجل (إنكم إذا مثلهم) فكل من جلس في مجلس معصية، ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء.
وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية.
وقد روي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه أخذ قوماً يشربون الخمر، فقيل له عن أحد الحاضرين: إنه صائم، فحمل عليه الأدب، وقرأ هذه الآية (إنكم إذا مثلهم) أي إن الرضا بالمعصية معصية، ولهذا يؤاخذ الفاعل والراضي بعقوبة المعاصي حتى يهلكوا بأجمعهم. وهذه المماثلة ليست في جميع الصفات، ولكنه إلزام شَبه بحكم الظاهر من المقارنة، كما قال: فكل قرين بالمقارن يقتدي ” انتهى.
وقال الجصاص في “أحكام القرآن” (2/ 407): “. وفي هذه الآية دلالة على وجوب إنكار المنكر على فاعله، وأن من إنكاره إظهار الكراهة، إذا لم يمكنه إزالته، وترك مجالسة فاعله، والقيام عنه، حتى ينتهي ويصير إلى حال غيرها ” انتهى.
فتبين بهذا أن حضور طقوس الجنازة في الكنيسة منكر عظيم لما فيه من سماع الكفر، وحضور البدعة، والسكوت على ذلك، مع ما في أصل التشييع من التكريم والموالاة كما سبق.
ونسأل الله تعالى لنا ولك الثبات والهداية والتوفيق.
والله أعلم.
تنبيه: نقل الشيخ الألباني في أحكام الجنائز:
88 – ويجب دفن الميت ولو كان كافرا وفي ذلك حديثان:
الأول: عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو طلحة الأنصاري والسياق له:
(صحيح) (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش [فجروا بأرجلهم] فقذفوا في طوى من أطواء بدر خبيث مخبث [بعضهم على بعض] [إلا ما كان من أمية بن خلف فإنه انتفخ في درعه فملأها فذهبوا يحركووه فتزايل فأقروه وألقوا عليه ما غيبه من التراب والحجارة]. . .)
الحديث
الثاني: عن علي رضي الله عنه قال:
(صحيح) (لما توفي أبو طالب أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن عمك الشيخ [الضال] قد مات …. )
89 – ولا يدفن مسلم مع كافر ولا كافر مع مسلم بل يدفن المسلم في مقابر المسلمين والكافر مقابر المشركين. كذلك كان الأمر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم واستمر إلى عصرنا هذا ومن الأدلة على ذلك حديث بشير بن الخصاصية قال: (حسن) (بينما أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم [آخذا بيده] فقال: يا ابن الخصاصية ما [أصبحت] تنقم على الله؟ أصبحت تماشي رسول الله [قال: أحسبه قال: آخذا بيده] فقلت: [يا رسول الله بأبي أنت وأمي] ما [أصبحت] أنقم على الله شيئا كل خير فعل بي الله فأتى على قبور المشركين فقال: لقد سبق هؤلاء بخير كثير [وفي رواية: خيرا كثيرا] ثلاث مرات ثم أتى على قبور المسلمين فقال: لقد أدرك هؤلاء خيرا كثيرا ثلاث مرات فبينما هو يمشي إذ حانت منه نظرة فإذا هو برجل يمشي بين القبور عليه نعلان فقال: يا صاحب السبتيتين ويحك ألقي سبتيتيك فنظر فلما عرف الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم خلع نعليه فرما بهما)
وإن مما يؤكد ذلك تفريق الشارع الحكيم بين ما يقوله المؤمن إذا زار قبور المسلمين وما يقوله إذا مر بمقابر الكافرين كما يأتي بيانه قريبا في (زيارة القبور)
لكن قال بعض العلماء المعاصرين:
أن المسلم إذا دفن قريبه أو واراه إذا كان مشركا يحصل له بعض الضعف؛ فشرع الغسل ليكون جبرا لما حصل له من الضعف؛ لأن الغسل يفيده النشاط وإزالة الضعف الذي حصل من مواراته لقريب مشرك، كما أنه يستحب الاغتسال من غسل الميت إذا غسله، وليس بواجب؛ لأنه إذا غسل ميتا أو قلبه حصل له بعض الضعف، فشرع الغسل؛ ليفيده النشاط وليكون جبرا لهذا الضعف. وغسل الميت لا يوجب الوضوء، وليس من النواقض، وقد ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أنه من نواقض الوضوء. والصواب أن غسل الميت لا يوجب.
وفي شرح السنة للبغوي باب الغسل من غسل الميت قال:
واختلف أهل العلم في الغسل من غسل الميت، فذهب بعضهم إلى وجوبه، وذهب أكثرهم إلى أنه غير واجب، قال ابن عمر، وابن عباس: «ليس على غاسل الميت غسل».وروي عن عبد الله بن أبي بكر، عن أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر، ” أنها غسلت أبا بكر حين توفي، فسألت من حضرها من المهاجرين، فقالت: إني صائمة، وهذا يوم شديد البرد فهل علي من غسل؟ فقالوا: لا “.وقال مالك، والشافعي: «يستحب الغسل ولا يجب».
وقال النخعي، وأحمد، وإسحاق: «يتوضأ غاسل الميت»، قال أحمد: «لا يثبت في الاغتسال من غسل الميت حديث».قال ابن المبارك: «لا يغتسل ولا يتوضأ».قال الخطابي: ويشبه أن يكون من رأى الاغتسال منه إنما رأى لما لا يؤمن أن يصيب الغاسل من رشاش المغسول نضح، وربما كان على بدن الميت نجاسة، فإذا أصابه نضحه وهو لا يعلم مكانه، يجب غسل جميع بدنه، فإذا علم سلامته منها، فلا يجب الاغتسال منه. وقيل في قوله: «ومن حمله فليتوضأ»: إن المراد منه المس. وقيل: أراد بقوله: «فليتوضأ» أي: ليكن على وضوء حالة ما يحمله ليتهيأ له الصلاة عليه إذا وضعها.
——
تنبيه: قال الألباني في حاشية أحكام الجنائز:
هذا صريح في أن أبا طالب مات كافرا مشركا، وفي الباب أحاديث كثيرة، منها حديث ابن حزن المتقدم في المسألة، وقد قال الحافظ بن شرحه له: ” ووقفت على جزء جمعه بعض أهل الرفض أكثر فيه من الاحاديث الواهية الدالة على إسلام أبي طالب، ولا يثبت من ذلك شئ، وبالله التوفيق، وقد لخصت ذلك في ترجمة أبي طالب من كتاب الاصابة “.
يقصد الشيخ بالحديث الذي أشار إليه:
ما ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم حضر أبا طالب لما حضرته الوفاة، فقال: (يا عم! قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله، وعنده عبد الله بن المغيرة وأبو جهل، فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فأعادا، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله).
وذكر كذلك الشيخ الألباني أنه لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عليا ان يغسله
تنبيه: التعزية لأهل الذمة وهي تخرج على عيادتهم وفيها روايتان.
الرواية الأولى: لا يعودهم فكذلك لا يعزيهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تبدءوهم بالسلام» وهذا في معناه.
الرواية الثانية: يعودهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أتى غلاما من اليهود مريضا كان يعوده فقعد عند رأسه فعلى هذا نعزيهم.
وأما اتباع الجنائز فقد نقل ابن القيم رحمه الله تعالى عن الإمام أحمد جواز تشييع المسلم جنازة المشرك. قال أبو طالب: سألت أبا عبد الله عن الرجل يموت وهو يهودي وله ولد مسلم كيف يصنع؟ قال: يركب دابته ويسير أمام الجنازة ولا يكون خلفه، فإذا أرادوا أن يدفنوه رجع مثل قول عمر. قال قلت أراد ما رواه سعيد بن منصور قال: حدثني عيسى بن يونس عن محمد بن إسماعيل عن عامر بن شقيق عن أبي وائل قال: ماتت أمي نصرانية فأتيت عمر فسألته فقال: اركب في جنازتها وسر أمامها. وقد روى مثله في أم قيس بن شماس، وعلي بن أبي طالب «وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يواري أبا طالب»، وعبد الله بن عمر، في «أم عبد الله بن ربيعة، حيث قال له: أحسن ولايتها، وكفنها ولا تقم على قبرها». وابن عباس قال: يشهده ويدفنه، قال الخلال: كأن أبا عبد الله لم
يعجبه ذلك، ثم روي عن هؤلاء الجماعة أنه لا بأس به واحتج بالأحاديث يعني أنه رجع إلى هذا القول. والله أعلم.
وقال ابن باز رحمه الله: لا بأس أن يعزيهم المسلم إذا رأى المصلحة في ذلك، بأن يقول جبر الله مصيبتك، أو أحسن الله لك الخلف بخير، وما أشبهه من الكلام الطيب، ولا يقول غفر الله له ولا رحمه الله إذا كان الميت كافرا أي: لا يدعو للميت وإنما يدعو للحي بالهداية وبالعوض الصالح ونحو ذلك.
——–
من فوائد الحديث::
1 – أنه يشرع للمسلم أن يتولى دفن قريبه المشرك و أن ذلك لا ينافي بغضه إياهلشركه، ألا ترى أن عليا رضي الله عنه امتنع أول الأمر من مواراة أبيه معللاذلك بقوله: ” إنه مات مشركا ” ظنا منه أن دفنه مع هذه الحالة قد يدخله فيالتولي الممنوع في مثل قوله تعالى: ” لا تتولوا قوما غضب الله عليهم ” فلماأعاد صلى الله عليه وسلم الأمر بمواراته بادر لامتثاله، و ترك ما بدا له أولالأمر. و كذلك تكون الطاعة: أن يترك المرء رأيه لأمر نبيه صلى الله عليه وسلمو يبدو لي أن دفن الولد لأبيه المشرك أو أمه هو آخر ما يملكه الولد من حسن صحبةالوالد المشرك في الدنيا، و أما بعد الدفن فليس له أن يدعو له أو يستغفر لهلصريح قوله تعالى (ما كان للنبي و الذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين و لوكانوا أولي قربى)، و إذا كان الأمر كذلك، فما حال من يدعو بالرحمة و المغفرةعلى صفحات الجرائد و المجلات لبعض الكفار في إعلانات الوفيات من أجل دريهماتمعدودات! فليتق الله من كان يهمه أمر آخرته.
2 – أنه لا يشرع له غسل الكافر و لا تكفينه و لا الصلاة عليه و لو كان قريبهلأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بذلك عليا، و لو كان ذلك جائزا لبينهصلى الله عليه وسلم، لما تقرر أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. و هذامذهب الحنابلة و غيرهم.
3 – أنه لا يشرع لأقارب المشرك أن يتبعوا جنازته لأن النبي صلى الله عليه وسلملم يفعل ذلك مع عمه و قد كان أبر الناس به و أشفقهم عليه حتى إنه دعى الله لهحتى جعل عذابه أخف عذاب في النار، كما سبق بيانه في الحديث (رقم 53)
و في ذلك كله عبرة لمن يغترون بأنسابهم، و لا يعملون لآخرتهم عند ربهم، و صدق اللهالعظيم إذ يقول: (فلا أنساب بينهم يومئذ و لا يتساءلون).