93 فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
93_قال الدارمي رحمه الله ج1ص32: أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي خلف ثنا عمر بن يونس ثنا عكرمة بن عمار ثنا إسحاق بن أبي طلحة حدثنا أنس بن مالك:ان النبي صلى الله عليه و سلم كان يقوم يوم الجمعة فيسند ظهره إلى جذع منصوب في المسجد فيخطب الناس فجاءه رومي فقال ألا اصنع لك شيئا تقعد عليه وكأنك قائم فصنع له منبرا له درجتان ويقعد على الثالثة فلما قعد نبي الله صلى الله عليه و سلم على ذلك المنبر خار الجذع كخوار الثور حتى ارتج المسجد حزنا على رسول الله صلى الله عليه و سلم فنزل إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم من المنبر فالتزمه وهو يخور فلما التزمه رسول الله صلى الله عليه و سلم سكن ثم قال أما والذي نفس محمد بيده لو لم التزمه لما زال هكذا إلى يوم القيامة حزنا على رسول الله صلى الله عليه و سلم فأمر به رسول الله صلى الله عليه و سلم فدفن.
*قال الترمذي رحمه الله {ج10ص100}: حدثنا محمود بن غيلان حدثنا عمر بن يونس عن عكرمة بن عمار عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب إلى لزق جذع واتخذوا له منبرا فخطب عليه فحن الجذع حنين الناقة فنزل النبي صلى الله عليه وسلم فمسه فسكن
وفي الباب عن أبي وجابر وابن عمر وسهل بن سعد وابن عباس وأم سلمة قال أبو عيسى وحديث أنس هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
*قال الإمام ابوعبدالله بن ماجه رحمه الله ج1ص454: حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي حدثنا بهز بن أسد حدثنا حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس وعن ثابت عن أنس
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب إلى جذع فلما اتخذ المنبر ذهب إلى المنبر فحن الجذع فأتاه فاحتضنه فسكن فقال لو لم أحتضنه لحن إلى يوم القيامة.
………………………………..
اللزق بكسر اللام وسكون الزاي وبالقاف قال في المجمع يقال داره لزق دار فلان أي لازقه ولاصقه انتهى وفي مختار الصحاح يقال فلان لزقي وبلزقي ولزيقي أي بجنبي انتهى
والجذع بكسر الجيم ساق النخلة (فحن الجذع حنين الناقة) أي صات كصوت الناقة وأصل الحنين ترجيع الناقة صوتها إثر ولدها
وفي حديث جابر عند البخاري فصاحت النخلة صياح الصبي ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم فضمها إليه تأن أنين الصبي الذي يسكن
وفي رواية له فسمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت العشار (فمسه فسكت) وفي حديث جابر فضمها إليه كما تقدم وفي حديث بن عمر عند الترمذي في باب الخطبة على المنبر فالتزمه فسكن .
روى البخاري (3583) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ” كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ، فَلَمَّا اتَّخَذَ المِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ ، فَحَنَّ الجِذْعُ ، فَأَتَاهُ ، فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ ” .
وروى البخاري أيضا (3585) عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قال: ” كَانَ المَسْجِدُ مَسْقُوفًا عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَخْلٍ، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ مِنْهَا، فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ المِنْبَرُ، وَكَانَ عَلَيْهِ، فَسَمِعْنَا لِذَلِكَ الجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ العِشَارِ، حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا ، فَسَكَنَتْ “.
وفي رواية : إِنَّ هَذَا بَكَى لِمَا فَقَدَ مِنَ الذِّكْرِ رواه أحمد (14206) ، وصححه محققو المسند.
قال بدر الدين العيني رحمه الله :
” قَوْله: (كصوت العِشَار) ، جمع: عُشَراء، وَهِي النَّاقة الَّتِي أَتَت عَلَيْهَا ، من يَوْم أُرسل عَلَيْهَا الْفَحْل ، عشرَة أشهر .
وَفِي حَدِيث جَابر عِنْد النَّسَائِيّ من الْكُبْرَى: (اضْطَرَبَتْ تِلْكَ السارية كحنين النَّاقة الحلوج). والحلوج: النَّاقة الَّتِي انتزع مِنْهَا وَلَدهَا.
وَفِي حَدِيث أنس عِنْد ابْن خُزَيْمَة: ( فحنت الْخَشَبَة حنين الوالدة)، وَفِي رِوَايَته الْأُخْرَى عِنْد الدَّارمِيّ: (خار ذَلِك الْجذع كخوار الثور)، وَفِي حَدِيث أبي بن كَعْب عِنْد أَحْمد: (فَلَمَّا جاوزه خار الْجذع حَتَّى تصدع وَانْشَقَّ) ” انتهى .
وروى ابن ماجة (1415) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وأَنَسٍ : ” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ ، فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ ، ذَهَبَ إِلَى الْمِنْبَرِ ، فَحَنَّ الْجِذْعُ، فَأَتَاهُ ، فَاحْتَضَنَهُ ، فَسَكَنَ .
فَقَالَ: لَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ” وصححه الألباني في “صحيح ابن ماجة”.
ثانيا :
لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم مع الجذع ، وإنما احتضنه لما حنّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وبكى شوقا إلى مقامه منه ، ولأجل ما فقد من الذكر الذي كان يقال عنده ، فلما احتضنه النبي صلى الله عليه وسلم سكن – كما تقدم آنفا -.
وقد روى الدارمي (32) من طريق تَمِيم بْن عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنِي ابْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ : ” أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ حِينَ سَمِعَ حَنِينَ الْجِذْعِ ، رَجَعَ إِلَيْهِ ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: اخْتَرْ أَنْ أَغْرِسَكَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ، فَتَكُونَ كَمَا كُنْتَ، وَإنْ شِئْتَ أَنْ أَغْرِسَكَ فِي الْجَنَّةِ ، فَتَشْرَبَ مِنْ أَنْهَارِهَا وَعُيونِهَا فَيَحْسُنَ نَبْتُكَ، وَتُثْمِرَ ، فَيَأْكُلَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ مِنْ ثَمَرَتِكَ وَنَخْلِكَ فَعَلْتُ .
فَزَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ ، وَهُوَ يَقُولُ لَهُ: نَعَمْ قَدْ فَعَلْتُ مَرَّتَيْنِ .
فسئل النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ ، فَقَالَ: اخْتَارَ أَنْ أَغْرِسَهُ فِي الْجَنَّةِ “.
وهذا إسناد لا يصح ، قال الحافظ ابن حجر في ” تخريج أحاديث المختصر” (1/ 238):
” هذا حديث غريب ، وإسناده ضعيف، وصالح بن حيان كوفي ضعيف، والراوي عنه لم أر من ترجمه، ولا أعرف له راويا، إلا محمد بن حميد، وهو رازي من الحفاظ ، وقد تكلموا فيه، وخولف تميم شيخه في صحابي هذا الحديث ” انتهى .
وقد ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله أن خبر حنين الجذع متواتر ، قال :
” وَأَمَّا تَخْيِيرُ الْجِذْعِ : فلَا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ ” انتهى من “البداية والنهاية” (9/ 351)
ثالثا :
أما مصير الجذع :
فروى ابن ماجة (1414) ، وأحمد (21248) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِلَى جِذْعٍ إِذْ كَانَ الْمَسْجِدُ عَرِيشًا، وَكَانَ يَخْطُبُ إِلَى ذَلِكَ الْجِذْعِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: هَلْ لَكَ أَنْ نَجْعَلَ لَكَ شَيْئًا تَقُومُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَرَاكَ النَّاسُ وَتُسْمِعَهُمْ خُطْبَتَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ .
فَصَنَعَ لَهُ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ، فَهِيَ الَّتِي أَعْلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمَّا وُضِعَ الْمِنْبَرُ، وَضَعُوهُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ .
فَلَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُومَ إِلَى الْمِنْبَرِ، مَرَّ إِلَى الْجِذْعِ الَّذِي كَانَ يَخْطُبُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا جَاوَزَ الْجِذْعَ، خَارَ ، حَتَّى تَصَدَّعَ وَانْشَقَّ !!
فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سَمِعَ صَوْتَ الْجِذْعِ، فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ حَتَّى سَكَنَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِنْبَرِ .
فَكَانَ إِذَا صَلَّى، صَلَّى إِلَيْهِ .
فَلَمَّا هُدِمَ الْمَسْجِدُ وَغُيِّرَ ، أَخَذَ ذَلِكَ الْجِذْعَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَكَانَ عِنْدَهُ فِي بَيْتِهِ حَتَّى بَلِيَ، فَأَكَلَتْهُ الْأَرَضَةُ ، وَعَادَ رُفَاتًا “.
وحسنه الألباني في “صحيح ابن ماجة” ، وقال محققو المسند:
” حديث صحيح لغيره ، دون قصة أخذ أُبي بن كعب للجذع المذكورة في آخره، فلم ترد إلا في حديث أُبيِّ، ومَداره على عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو حسن الحديث في المتابعات والشواهد، ولم يتابع على هذه القصة، ولم يرد ما يشهد لها، فهي ضعيفة.
وقد جاء في بعض شواهد الحديث أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر أن يُدفن الجذع .
رُوي ذلك في حديث أبي سعيد الخدري عند الدارمي (37) ، وابن أبي شيبة (11/486) وحديث أنس بن مالك عند الدارمي (41) ، والطحاوي في “شرح المشكل” (4179) ، وابن خزيمة (1777) ، وإسناده حسن، وحديث سهل بن سعد عند الطحاوي (4196) ، وحديث ابن عباس عند البيهقي في “الدلائل” (2/558) .
وهذه القصة أصح من قصة أخذ أُبي بن كعب للجذع، وجمع بينهما الطحاوي في “شرح المشكل” (10/390) والحافظ ابن حجر في “الفتح” (6/603) بأن أُبيّاً أخذه بعدما دفن، والأَولى تضعيف حديث عبد الله بن محمد بن عقيل لمخالفته ” انتهى باختصار .