92 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————
سنن البيهقي
5534 وأخبرنا أبوالحسن بن عبدان أنبأنا أحمد بن عبيد ثنا إسماعيل بن إسحاق ثنا حجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن ابن عباس قال: إذا كنتم سائرين فنابكم المنزل فسيروا حتى تصيبوا منزلا تجمعون بينهما وإن كنتم نزولا فعجل بكم أمر فاجمعوا بينهما ثم ارتحلوا.
قلت سيف: على شرط المتمم على الذيل.
موقوف لكن له حكم الرفع خاصة أن له شواهد وكذلك يشهد له جمع التقديم بعرفة:
قال ابن حجر في باب يؤخر الظهر والعصر إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس وذكر حديث أنس 1111:
فيه إشارة أن جمع التأخير عند البخاري يختص بمن ارتحل قبل أن يدخل وقت الظهر.
قلت: قول ابن حجر إشاره تدل على عدم الجزم.
وإذا علمنا مذهب البخاري في الجمع في عرفة هل هو للنسك فتقوى الإشارة أم للسفر فتضعف الإشارة. وسيأتي نقل تبويبه وتبويبات الأئمة التي فيها إشارة أن الجمع في منى جمع سفر والاستدلال حديث حارثة بن وهب
ذكر ابن حجر أنه وقع في رواية شبابة (كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم ارتحل) أخرجه الإسماعيلي وأعل بالتفرد. وأن المحفوظ عن عقيل كما في رواية البخاري. ودفعه أن المتفرد به إمامان. وتوبع شبابة تابعه محمد بن عبد الله الواسطي أخرجه الحاكم في الأربعين ثم بين ابن حجر أنها معلة. ثم ذكر أن جمع التقديم مشهور في حديث معاذ أخرجه أبو داود لكن أعله بعض الأئمة بتفرد قتيبة عن الليث وأن بعض الضعفاء أدخله على قتيبة وراجع أحاديث معلة.
ثم نقل عن ابي قلابة عن ابن عباس لا أعلمه إلا مرفوعا (أنه كان إذا نزل منزلا في السفر فأعجبه أقام فيه حتى يجمع بين الظهر والعصر ثم يرتحل فإذا لم يتهيأ له المنزل مد في السير فسار حتى ينزل فيجمع بين الظهر والعصر) أخرجه البيهقي وأورد ابن حجر أن البيهقي أخرجه موقوفا وهو أرجح لأنه مجزوم به بخلاف الرفع.
5534 وأخبرنا أبوالحسن بن عبدان أنبأتك أحمد بن عبيد ثنا إسماعيل بن إسحاق ثنا حجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن ابن عباس قال: إذا كنتم سائرين فنابكم المنزل فسيروا حتى تصيبوا منزلا تجمعون بينهما وإن كنتم نزولا فعجل بكم أمر فاجمعوا بينهما ثم ارتحلوا.
تنبيه: البيهقي في سننه أورد المرفوع هكذا: من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن ابن عباس ولا أعلمه إلا مرفوعا وإلا فهو عن ابن عباس. … فذكره
يعني جزم أنه من قول ابن عباس وتردد في المرفوع.
ونقل الشيخ مقبل في كتاب الجمع بين الصلاتين أن حديث أنس الذي فيه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم ارتحل قال ابن حجر: في ذهني أن اباداود أنكره على إسحاق لكن له متابع عند الحاكم في الأربعين من طريق حسان بن عبدالله عن المفضل بن فضالة عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس مرفوعا كان إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر والعصر ثم ركب وتردد في ثبوتها في الفتح
وامثل الأحاديث حديث أخرجه إسماعيل القاضي عن إسماعيل بن أبي اويس عن أخيه عن سليمان بن بلال عن هشام بن عروة عن كريب عن ابن عباس نحوه
ثم ذكر كذلك عن علي مرفوعا وفيه ضعف لكن أقل أحواله أنه حسن لغيره. وقال: وبهذا يتضح ثبوت الأحاديث في جمع التقديم.
وكذلك قواها البيهقي وذكر أحاديث ثم ذكر عن ابن عباس من طريق حسين بن عبيدالله بن عباس عن عكرمة فذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا زاغت الشمس في منزله جمع بين الظهر والعصر قبل أن يركب .. وقال: وهو بما تقدم من شواهده يقوى وبالله التوفيق انتهى
قال صاحبنا أبوصالح: وعلى الأخذ بقول أبي داود بأنه لا يصح شئ في جمع التقديم شئ
فالزهري سأل سالم عن جمع عن الزهري قال سألت سالم بن عبد الله هل يجمع بين الظهر والعصر في السفر؟ فقال نعم لا بأس بذلك، ألم تر إلى صلاة الناس بعرفة. أخرجه الإمام في الموطأ.
ومما يؤيد أن البخاري يرى أن القصر والجمع في المناسك لأجل السفر ما أورده في كتاب الحج باب الصلاة بمنى 1656 عن حارثة بن وهب الخزاعي رضي الله عنه قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم. ونحن أكثر ما كنا وآمنه – بمنى ركعتين. ومسلم وبوب عليه النووي باب قصر الصلاة بمنى وأبوعوانه في مستخرجه باب ذكر الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في السفر وفي الأمن والسعة ركعتين
وكذلك النسائي في الكبرى باب عدد الصلاة بمنى والصغرى باب الصلاة بمنى. وأبو داود باب القصر لأهل مكة والترمذي تقصير الصلاة بمنى والبيهقي باب رخصة القصر في كل سفر وأبو نعيم في مستخرجه وابن خزيمة باب الصلاة جماعة في الأسفار وابن حبان باب المسافر. وابن أبي شيبة باب من كان يقصر الصلاة. وكذلك أخرجه عدد من الأئمة في مسانيدهم
فكلهم يرون أن الصلاة بمنى أنها قصر للسفر لأن في الحديث الاستدلال أن النبي صلى الله عليه وسلم حتى في حال الأمن قصر في أسفاره.
وإن كان رخصة الجمع أوسع من رخصة القصر فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في الحضر لكي لا يحرج أمته. لكن هذا لا يمنع الاستدلال بما ذكرنا.
قال ابن القيم: قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ويدل على جمع التقديم جمعه بعرفة بين الظهر والعصر لمصلحة الوقوف، ليتصل وقت الدعاء، ولا يقطعه بالنزول لصلاة العصر مع إمكان ذلك بلا مشقة، فالجمع كذلك لأجل المشقة والحاجة أولى.
قال الشافعي: وكان أرفق به يوم عرفة تقديم العصر لأن يتصل له الدعاء فلا يقطعه بصلاة العصر. … ثم نقل ابن القيم أن الجمهور اعتبروا الجمع في عرفة لكونه على سفر إلا أن أبا حنيفة جعله من تمام النسك ولا تأثير للسفر عنده (زاد المعاد 1/ 462)
——
الجمع نازلا في السفر:
هل يشترط للجمع الجدّ في السير (أن يكون المسافر سائرًا في الوقتين المشتركين)؟
• اتفق القائلون بالجمع في السفر بأن الجمع جائز في حال انتقال المسافر وقطعه للطريق في وقت الصلاة.
• واختلفوا في حكم جمع الصلاة للمقيم في بلد إقامة يقصر فيها الصلاة على قولين:
1 – … فذهب الإمام مالك والقاضي من الحنابلة وابن القيم -وظاهر كلام ابن تيمية-: إلى أن الجمع لا يجوز إلا لمن جد به السير (المدونة 1/ 205, المبدع 2/ 125, الوابل الصيب ص 14, مجموع الفتاوى 20/ 360, 22/ 290) لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين المغرب والعشاء إذا جد به السير” (البخاري 1055, مسلم 703).
2 – وذهب الشافعية والحنابلة -وهو إحدى الروايات عن الإمام مالك- إلى أنه يباح الجمع في كل سفر يقصر فيه، سواء كان جاداً في سفره أم نازلاً بحيث لا تنقطع عنه أحكام السفر. (مغني المحتاج 1/ 529, كشاف القناع 2/ 5, البيان والتحصيل 18/ 110).
قال ابن قدامة: “وإن أحب أن يجمع بين الصلاتين في وقت الأولى منهما، جاز، نازلاً كان، أو سائرًا، أو مقيمًا في بلد إقامةً لا تمنع القصر. وهذا قول عطاء، وجمهور علماء المدينة، والشافعي، وإسحاق، وابن المنذر” (المغني 2/ 201).
وهذا هو الراجح من أقوال أهل العلم ويدل عليه:
- حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: “خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك، فكان يجمع الصلاة، فصلى الظهر والعصر جميعًا، والمغرب والعشاء جميعًا، حتى إذا كان يومًا أخّر الصلاة، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعًا، ثم دخل، ثم خرج بعد ذلك، فصلى المغرب والعشاء جميعًا” (مسلم 706).
قال ابن قدامة: “في هذا الحديث أوضح الدلائل، وأقوى الحجج، في الرد على من قال: لا يجمع بين الصلاتين إلا إذا جدّ به السير؛ لأنه كان يجمع وهو نازل غير سائر، ماكث في خبائه، يخرج فيصلي الصلاتين جميعًا، ثم ينصرف إلى خبائه …. والأخذ بهذا الحديث متعين؛ لثبوته وكونه صريحًا في الحكم، ولا معارض له، ولأن الجمع رخصة من رخص السفر، فلم يختص بحالة السير، كالقصر والمسح، ولكن الأفضل التأخير، لأنه أخذ بالاحتياط، وخروج من خلاف القائلين بالجمع، وعمل بالأحاديث كلها” (المغني 2/ 202).
قال ابن مفلح- وهو يتكلم عن الجمع بين الصلاتين-: (لا فرق بين أن يكون نازلا، أو سائرا في جمع التقديم، أو التأخير. وقال القاضي: لا يجوز إلا لسائر). المبدع (2) / (117)، وانظر: كشاف القناع (2) / (3).
قال ابن بطال: فجاء فى هذا الحديث ما يقطع الالتباس فى أن للمسافر أن يجمع بين الظهر والعصر إذا زاغت الشمس، نازلا كان أو سائرا، جد به السير أو لم يجد، على خلاف ما تأوله أبو حنيفة، وهى حجة على من أجاز الجمع، وإن لم يجد به السير، وقد تقدم ذلك. شرح صحيح البخاري (ج (3) / (100))
قال ابن عبد البر في التمهيد (ج (12) / (204)): وقد أجمع العلماء على أن السنة إنما وردت في الجمع بين صلاتي النهار الظهر والعصر وبين صلاتي الليل المغرب والعشاء للرخصة في اشتراك وقتيهما في السفر لأنه عذر وكذلك عذر المطر.
قال ابن المنذر في الأوسط (ج (2) / (420)): فالجمع بين الصلاتين في السفر جائز نازلا وسائرا، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الجمع بين الصلاتين في السفر في حال دون حال فيوقف عن الجمع بينهما لنهي النبي صلى الله عليه وسلم.
قال العلامة الالباني: وأنه يجوز الجمع في حال نزوله كما يجوز إذا جد به السير، قال الإمام
الشافعي في ” الأم ” بعد أن روى الحديث من طريق مالك:
” وهذا وهو نازل غير سائر، لأن قوله ” دخل ” ثم خرج ” لا يكون إلا وهو نازل
فللمسافر أن يجمع نازلا وسائرا “.
قلت: فلا يلتفت بعد هذا النص إلى قول ابن القيم رحمه الله في ” الزاد ” ((1) / (189)):
” ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم الجمع راكبا في سفره كما يفعله كثير من
الناس، ولا الجمع حال نزوله أيضا ” [سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج (1) / (313)]
ومع ذلك فينبغي أن لا يكون الجمع عادة المسافر النازل ببلد، بل يفعله إذا احتاج إليه وشق عليه أداء الصلاة في وقتها.