91 فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وعبدالله المشجري وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
٩١ – قال الإمام أحمد بن عمرو بن أبي عاصم في «السنة» (ج ١ ص ٣٠٤): حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، حدثنا ديلم بن غزوان، [ص ٨٥] حدثنا ثابت، عن أنس، قال: أرسل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجلًا من أصحابه إلى رأس المشركين يدعوه إلى الله تعالى، فقال المشرك: هذا الذي تدعوني إليه من ذهب أو فضة أو نحاس؟ فتعاظم مقالته في صدر رسول رسول الله، فرجع إلى رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ فأخبره. فقال: «ارجع إليه». فرجع إليه بمثل ذلك، وأرسل الله تبارك وتعالى صاعقة من السماء فأهلكته، ورسول رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ في الطريق لا يدري، فقال له النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ: «إن الله قد أهلك صاحبك بعدك» ونزلت على رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ: ﴿ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء﴾ (١).
هذا حديث صحيحٌ. وديلم بن غزوان وثَّقه ابن معين، وفي رواية عنه أنه قال: صالح. كما في «تهذيب التهذيب».
الحديث أخرجه البزار كما في «كشف الأستار» (ج ٣ ص ٥٤)، وأبو يعلى (ج ٦ ص ٨٧)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص ٢٧٨)، كلهم من طريق ديلم بن غزوان، عن ثابت، عن أنس به.
—-
تخريج الحديث:
الحديث ذكره الشيخ مقبل في الصحيح المسند من أسباب النزول . وصححه الهيثمي والألباني كما في ظلال الجنة ٦٩٢
وذكره ابن كثير كما في تفسير سورة الرعد وورد من حديث أبي هريرة وانس وابي طلحة .
وكلها في مسند أحمد
بينما قال العقيلي:
١٢٣٣ – عَلِيُّ بْنُ أبِي سارَةَ عَنْ ثابِتٍ، ولا يُتابَعُ عَلَيْهِ مِن جِهَةٍ تَثْبُتُ. حَدَّثَنِي آدَمُ بْنُ مُوسى قالَ: سَمِعْتُ البُخارِيَّ قالَ: عَلِيُّ بْنُ أبِي سارَةَ الشَّيْبانِيُّ فِي حَدِيثِهِ نَظَر
وهَذا الحَدِيثُ حَدَّثَناهُ مُحَمَّدُ بْنُ أيُّوبَ قالَ: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهّابِ الحَجَبِيُّ قالَ: حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ أبِي سارَةَ الشَّيْبانِيُّ قالَ: حَدَّثَنا ثابِتٌ البُنانِيُّ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: «بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا إلى رَجُلٍ مِن فَراعِنَةِ العَرَبِ ….وذكر الحديث وقال :
ولا يُتابِعَهُ إلّا مَن هُوَ مِثْلُهُ أوْ قَرِيبًا مِنهُ
وممن كان يستفهم عن الله تعنتا قول المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم انسب لنا ربك فنزلت قل هو الله أحد. رواه الترمذي وأحمد وراجع تفسير ابن كثير سورة الإخلاص
—‘
شرح الحديث وفوائده:
– الحديث ذكر في كتب مثل ذم الكلام وأهله وكذلك في دلائل النبوة والفرج بعد الشدة
– قال ابن تيمية
ونهى عن ضرب الأمثال له فقال ولِلَّهِ الأسْماءُ الحُسْنى فادْعُوهُ بِها وذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠) [الأعراف ١٨٠] وقال ويُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَن يَشاءُ وهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وهُوَ شَدِيدُ المِحالِ (١٣) [الرعد ١٣] وقد روي أنها نزلت فيمن جادل في الله من أي جنس هو من أجناس المخلوقات وقال الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ
بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية
– وفيه اثبات السمع لله عزوجل
– وفيه أن بعض الناس لا يفيد معه الا الزجر .
والقرآن جاء بالترغيب والترهيب
والبرق هو ترهيب لأناس وعقوبة ويكون معه نزول الغيث فيكونرحمة.
– قال ابن تيمية:
أهل الطبع المتفلسفة لايشهدون الحكمة الغائية من المخلوقات ….
إلّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا. لَقَدْ أحْصاهُمْ وعَدَّهُمْ عَدًّا. وكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ القِيامَةِ فَرْدًا}
وقال تعالى: ﴿وقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ ولَدًا سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ. لا يَسْبِقُونَهُ بِالقَوْلِ وهُمْ بِأمْرِهِ يَعْمَلُونَ. يَعْلَمُ ما بَيْنَ أيْدِيهِمْ وما خَلْفَهُمْ ولا يَشْفَعُونَ إلّا لِمَنِ ارْتَضى وهُمْ مِن خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ. ومَن يَقُلْ مِنهُمْ إنِّي إلَهٌ مِن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ﴾
وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفًا وطَمَعًا ويُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ. ويُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ والمَلائِكَةُ مِن خِيفَتِهِ ويُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَن يَشاءُ وهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وهُوَ شَدِيدُ المِحالِ﴾
وقالت الملائكة ﴿أتَجْعَلُ فِيها مَن يُفْسِدُ فِيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ ونَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ونُقَدِّسُ لَكَ قالَ إنِّي أعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ﴾
وقال تعالى: ﴿إنّا سَخَّرْنا الجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالعَشِيِّ والأِشْراقِ. والطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أوّابٌ﴾
فأما كثير من الناس وأهل الطبع المتفلسفة وغيرهم فيعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا ويأخذون بظاهر من القول يرون ظاهر الحركات والأعمال التي للموجودات ويرون بعض أسبابها القريبة وبعض حكمها وغاياتها القريبة أن ذلك هو العلة لها فاعلا وغاية كما يذكرونه في تشريح الإنسان وأعضائه وحركاته
قاعدة في المحبة ١/٢٨
في درء تعارض العقل والنقل:
تعليق ابن تيمية
قلت: فهذا كله كلام الشهرستاني، وهو من أئمة المتأخرين من النظار، وأخبرهم بالمقالات، وقد صرح بأن معرفة الله ليست معدودة من النظريات التي يقام عليها البرهان، وأن الفطرة تشهد بضرورتها وبديهة فكرتها بالصانع الحكيم، إلى آخر ما ذكره وأن ما تنتهي إليه مقدمات الاستدلال بإمكان الممكنات أو حدوثها من القضايا الضرورية، دون ما شهدت به الفطرة الإنسانية، من احتياج الإنسان في ذاته إلى مدبر.
وأما ما ذكره من أن إنكار الصانع ليس مقالة معروفة لصاحب مقالة.
فإنه، وإن لم يكن مذهبًا مشهورًا، عليه أمة من
الأمم المعروفة، لكنه مما يعرض لكثير من الناس، ويقوله بعض الناس: إما ظاهرًا دون الباطن – كحال فرعون ونحوه – وإما باطنًا وظاهرًا، كما ذكر الله مناظرة إبراهيم صلوات الله عليه وسلامه للذي حاجه في ربه، ومحاجة موسى صلوات الله عليه وسلامه لفرعون.
لكن هذا لا يمنع أن تكون المعرفة به مستقرة في الفطرة، ثابتةبالضرورة، فإن هذا نوع من السفسطة حال يعرف لكثير من الناس: إما عمدًا، وإما خطأ.
وكثير من الناس قد ينازع في كثير من القضايا البديهية، والمعارف الفطرية، في الحسيات والحسابيات، وكذلك في الإلهيات.
ومن تأمل ما يحكيه الناس من المقالات عن الناس، في العلوم الطبيعية والحسابية، رأى عجائب وغرائب.
وبنو آدم لا ينضبط ما يخطر لهم من الآراء والإرادات، فإنهم جنس عظيم التفاوت، ليس في المخلوقات أعظم تفاضلًا منه، خيارهم خير المخلوقات عند طائفة، أو من خيرها عند طائفة، وشرهم شر المخلوقات، أو من شرها.
قال تعالى: ﴿ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون﴾.
وقال تعالى: ﴿أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا﴾.
وقال تعالى: ﴿ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال﴾.
وقال تعالى: ﴿أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير * ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص﴾.
ونظير هذا كثير.
وكما تنازع النظار في المعرفة: هل تحصل ضرورة، أو نظرًا، أو تحصل بهذا وهذا، على ثلاثة أقوال، فكذلك تنازعوا في مسألة وجوب النظر المفضي إلى معرفة الله تعالى على ثلاثة أقوال.
فقالت طائفة من الناس: إنه يجب على كل أحد.
وقالت طائفة: لا يجب على أحد.
وقال الجمهور: إنه يجب على بعض الناس دون بعض.
فمن حصلت له المعرفة او الإيمان عند من يقول: إنه يحصل بدون المعرفة بغير النظر لم يجب عليه، ومن لم تحصل له المعرفة ولا الإيمان إلا به وجب عليه.
درء تعارض العقل والنقل ٧/٤٠٤
قال ابن القيم :
فَتحدث فِيها الزلازال العِظام فَيحدث من ذَلِك لِعِبادِهِ الخَوْف والخشية والانابة والاقلاع عَن مَعاصيه والتضرعاليه والندم كَما قالَ بعض السّلف وقد زلزلت الارض ان ربكُم يستعتبكم وقالَ عمر بن الخطاب وقد زلزلت المَدِينَة فخطبهم ووعظهم وقالَ لَئِن عادَتْ لا اساكنكم فِيها مفتاح دار السعادة
—-
واليك هذا المبحث النفيس :
الدلائل العقدية للآيات الكونية – الرعد والبرق والصواعق-:
الرعد والبرق والصواعق من آيات الله الكونية، وجند من جنود الله التي لا يعلمها إلا هو.
وأفرد القرآن الكريم سورة باسم الرعد ذكر الله تعالى فيها من آيات القدرة وعجائب الكون الدالة على وحدانيته وقدرته: الرعد والبرق والصواعق، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفًا وطَمَعًا ويُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ (١٢) ويُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ والمَلائِكَةُ مِن خِيفَتِهِ ويُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَن يَشاءُ وهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وهُوَ شَدِيدُ المِحالِ﴾ .
أولًا: وجود الله:
أمر الله -عزوجل – بالتفكر في آياته المشاهدة المحسوسة ومنها البرق، قال تعالى: ﴿ومِن آياتِهِ يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفًا وطَمَعًا ويُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ فجعل» إراءتهم البرق، وأنزل الماء من السماء، وإحياء الأرض به آيات لقوم يعقلون؛ فإن هذه أمور مرتبة بالأبصار، مشاهدة بالحس، فإذا نظر فيها ببصر قلبه – وهو عقله – استدل بها على وجود الرب تعالى وقدرته وعلمه ورحمته وحكمته، وإمكان ما أخبر به من حياة الخلائق بعد موتهم كما أحيا هذه الأرض بعد موتها، وهذه أمور لا تدرك إلا ببصر القلب – وهو العقل – فإن الحس دل على الآية، والعقل دل على ما جعلت له آية، فذكر سبحانه الآية المشهودة بالبصر، والمدلول عليه المشهود بالعقل»مفتاح دار السعادة: ١/ ٢٨٩.
ثانيًا: توحيد الربوبية:
قد جعل الله -عزوجل- البرق دليلًا على عظمته
فقال تعالى: ﴿ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكامًا فَتَرى الوَدْقَ يَخْرُجُ مِن خِلالِهِ ويُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِن جِبالٍ فِيها مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشاءُ ويَصْرِفُهُ عَنْ مَن يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأبْصارِ (٤٣) يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ والنَّهارَ إنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الأبْصارِ﴾ .
ومن آيات الله التي يستدل بها على توحيد الربوبية إنزال المطر الذي تحيا به البلاد والعباد، وقبل نزوله مقدماته من الرعد والبرق الذي يُخاف ويُطمع فيه، فهذه الآيات دالة على عموم إحسانه وسعة علمه وكمال إتقانه، وعظيم حكمته وأنه يحيي الموتى كما أحيا الأرض بعد موتها .
وقال تعالى: ﴿ومِن آياتِهِ يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفًا وطَمَعًا ويُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ .
انظر: تفسير ابن كثير: ٦/ ٧٣.
انظر: تفسير ابن كثير: ٦/ ٣١٠، وتفسير السعدي: ٦٣٩.
ثالثًا: توحيد الأسماء والصفات:
١ – التسبيح:
أخبر الله -عزوجل – أن الرعد يسبحه وينزهه عن كل عيب ونقص ، قال تعالى: ﴿ويُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ والمَلائِكَةُ مِن خِيفَتِهِ ويُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَن يَشاءُ وهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وهُوَ شَدِيدُ المِحالِ﴾ .
وعن عبد الله بن الزبير – رضي الله عنه-: أنه كان إذا سمع صوت الرعد ترك الحديث، وقال: «سبحان من يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته» .
انظر: تفسير البغوي: ٢/ ٥١٨.
وحديث ابن الزبير موطأ الإمام مالك، كتاب الكلام، باب: القول إذا سمعت الرعد: ٧٥٧ برقم (١٩٣٠)، والسنن الكبرى للبيهقي: كتاب صلاة الاستسقاء، باب: ما يقول إذا سمع الرعد: ٣/ ٣٦٢، وصححه النووي في الأذكار، كتاب الأذكار في صلوات مخصوصة، باب ما يقول إذا سمع الرعد: ٣٠٢ برقم (٥٢١). وانظر: الاستذكار، كتاب الكلام، باب: القول إذا سمعت الرعد: ٢٧/ ٣٨٠.
رابعًا: توحيد الألوهية:
قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفًا وطَمَعًا ويُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ (١٢) ويُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ والمَلائِكَةُ مِن خِيفَتِهِ ويُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَن يَشاءُ وهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وهُوَ شَدِيدُ المِحالِ﴾ .
أخبر الله -عزوجل في هذه الآيات – فيما يتعلق بالبرق والرعد والصواعق- أنه يُري عباده البرق الذي يخاف منه الصواعق والهدم، وأنواع الضرر على بعض الثمار ونحوها ويطمع في خيره ونفعه، وأن الرعد يسبح بحمده، وأنه يرسل الصواعق على من يشاء من عباده بحسب ما شاءه وأراده .
فإذا كان الله -عزوجل- هو الذي يفعل ذلك وحده، فهو الذي يستحق أن يعبد وحده لا
شريك له، وأن تصرف جميع العبادات له وحده، وأن غيره مما عبد من دون الله فألوهيته باطلة ، لذا قال بعدها: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الحَقِّ والَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إلّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إلى الماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وما هُوَ بِبالِغِهِ وما دُعاءُ الكافِرِينَ إلّا فِي ضَلالٍ﴾ .
انظر: تفسير السعدي: ٤١٤.
خامسًا: الإيمان بالملائكة:
من الإيمان بالملائكة الإيمان بما أخبر به النبي -ﷺ- من أعمالهم، وقد سئل النبي -ﷺ- عن الرعد، فأخبر أنه ملك من الملائكة موكل بالسحاب، وأن الصوت الذي يسمع هو زجره السحاب .
وعن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: أقبلت يهود إلى النبي -ﷺ-، فقالوا: يا أبا القاسم، أخبرنا عن الرعد ما هو؟ قال: «ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله»، فقالوا: فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال: «زجرة بالسحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمر، قالوا: صدقت» .
وهذا لا يخالف التفسير العلمي له، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رضي الله عنه -: “وقد روي عن بعض السلف أقوال لا تخالف ذلك، كقول
من يقول: إنه اصطكاك أجرام السحاب، بسبب انضغاط الهواء فيه، فإن هذا لا يناقض ذلك، فإن الرعد مصدر رعد يرعد رعدًا، وكذلك الراعد
يسمى رعدًا، كما يسمى العادل عدلا.
والحركة توجب الصوت، والملائكة هي التي تحرك السحاب، وتنقله من مكان إلى مكان.
وكل حركة في العالم العلوي والسفلي فهي عن الملائكة. وصوت الإنسان هو عن اصطكاك
أجرامه الذي هو شفتاه، ولسانه، وأسنانه ولهاته، وحلقه، وهو مع ذلك يكون مسبحا للرب، وآمرا بمعروف وناهيا عن منكر، فالرعد إذًا صوت يزجر السحاب» (١).
انظر: كتاب المطر والرعد والبرق والريح: ١١٣، ١٢٣، وتفسير البغوي: ٢/ ٥١٨، والاستذكار، كتاب الكلام، باب القول إذا سمعت الرعد: ٢٧/ ٣٨٠.
مخاريق: جمع مخراق، وهو في الأصل ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضا، أراد أنه آلة تزجر بها الملائكة السحاب وتسوقه. انظر: النهاية في غريب الحديث: ٢/ ٢٦.
وانظر مجموع الفتاوى: ٢٤/ ٢٦٣. وانظر: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني لمحمود الألوسي أبو الفضل، دار إحياء التراث العربي، بيروت: ١/ ١٧١.
الحديث المنقول أخرجه الترمذي في الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة الرعد: ٤٩٦ برقم (٣١١٧)، وقال: هذا حديث حسن غريب، والنسائي في السنن الكبرى، كتاب عشرة النساء، باب كيف تؤنث المرأة وكيف يذكر الرجل: ٨/ ٢١٧ برقم (٩٠٢٤)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي: ٣/ ٦٤.
أعلَّ البخاري حديث بكير في تاريخه الكبير (١٨٧٨)، بمخالفته حبيب بن أبي ثابت الذي روى الحديث عن سعيد موقوفًا على ابن عباس. قال البخاري: ((بكير بن شهاب: يُعَدّ في الكوفيين. عن: صالح بن سلمان. روى عنه: مبارك بن سعيد. قال لي أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن الوليد، عن بكير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: «أقبلت يهود فقالوا: يا أبا القاسم، أخبرنا عما حرم إسرائيل على نفسه. قال: كان يسكن البدو، فاشتكى عرق النسا. فلم يجد شيئًا يلاومه إلا لحوم الإبل وألبانها، فلذلك حرمها. قالوا: صدقت».
وقال الثوري: عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قوله. قال أبو عبد الله: حدثناه محمد بن يوسف، وغير واحد، عن سفيان». اهـ
قال شعيب الأرنؤوط على مسند أحمد: «حسن دون قصة الرعد تفرد بها بكير بن شهاب، وهو لم يرو عنه سوى اثنين. وقال أبو حاتم: «شيخ». وقال الذهبي في الميزان: «عراقي صدوق». وقد توبع على حديثه هذا .. سوى قصة الرعد فهي منكرة». اهـ
وكذلك الشوكاني ضعف الحديث قال في فتح القدير للشوكاني – (١/ ٤٤) والرعد: اسم لصوت الملك الذي يزجر السحاب. وقد أخرج الترمذي من حديث ابن عباس قال: «سألت اليهود النبي ﷺ عن الرعد ما هو؟ قال:»ملك من الملائكة بيده مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله «قالوا: فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال:»زجره بالسحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمر «قالت: صدقت» الحديث بطوله، وفي إسناده مقال. قال القرطبي: وعلى هذا التفسير أكثر العلماء.
وذكر الدارقطني في العلل
٣٦٠- وسُئِلَ عَنْ حَدِيثِ رُبَيْعَةَ بْنِ الأبْيَضِ، عَنْ عَلِيٍّ قالَ البَرْقُ مَخارِيقُ المَلائِكَةِ.
فَقالَ: يَرْوِيهِ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ ابْنِ أشْوَعَ عَنْ رِبَيْعَةَ بْنِ الأبْيَضِ عَنْ عَلِيٍّ.
ورَواهُ المَسْعُودِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَلِيٍّ والقَوْلُ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ.
علل الدارقطني = العلل الواردة في الأحاديث النبوية
سادسًا: الإيمان بالرسل:
الصواعق جند من جند الله يؤيد بها رسله، وقد بعث النبي -ﷺ- رجلًا مرة إلى رجل من فراعنة العرب يدعوه إليه، فذهب إليه، وقال: يدعوك رسول الله -ﷺ-. قال: وما الله؟ أمن ذهب هو أو من فضة أو من نحاس؟ فأخبر النبي -ﷺ- بذلك، فأرسل إليه النبي -ﷺ- مرارًا، وهو يقول مثل هذا، فأرسل الله عليه صاعقة فذهبت بقحف رأسه فأنزل الله تعالى: ﴿ويُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَن يَشاءُ وهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وهُوَ شَدِيدُ المِحالِ﴾ «أي يرسلها نقمَةً ينتقم بها ممن يشاء»
سابعًا: الإيمان باليوم الآخر:
في بيان حال الناس يوم القيامة عند مرورهم على الصراط بحسب أعمالهم بين النبي -ﷺ- أن أولهم يمر كالبرق، ففي حديث أبى هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -ﷺ- قال: «فيأتون محمدا -ﷺ-،
فيقوم فيؤذن له، وترسل الأمانة والرحم، فتقومان جنبتى الصراط يمينا وشمالا فيمر أولكم كالبرق». قال: قلت بأبي أنت وأمي: أي شيء كمر البرق؟ قال: «ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين؟ ثم كمر الريح، ثم كمر الطير وشد الرجال، تجرى بهم أعمالهم، ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب سلم سلم، حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجىء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا – قال -: وفى حافتى الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به فمخدوش ناج، ومكدوس فى النار»
صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب أدني أهل الجنة منزلة فيها: ١/ ١٨٦ برقم (١٩٥).
ثامنًا: الإيمان بالقدر:
من مراتب الإيمان بالقدر الإيمان بمشية الله، وأن ما شاء الله كان، وما لم يشاء لم يكن.
وقد أخبر الله -عزوجل – أنه يصيب بالصواعق من يشاء، ويصرفه عمن يشاء، وأن ذلك بحسب ما اقتضاه حكمه القدري
: تفسير السعدي: ٥٧٠
تاسعًا: مسائل الأسماء والأحكام:
بين الله -عزوجل- في أول سورة البقرة أن الناس ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: مؤمنين خلص، وكفار خلص، ومنافقين.
وهؤلاء المنافقون قسمان: خلص، وهم المضروب لهم المثل الناري، ومنافقون يترددون، تارة يظهر لهم لمع من الإيمان وتارة يخبو وهم أصحاب المثل المائي -الذي ذكر الله فيه الرعد والبرق والصواعق- قال تعالى: ﴿أوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ ورَعْدٌ وبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ المَوْتِ واللَّهُ مُحِيطٌ بِالكافِرِينَ (١٩) يَكادُ البَرْقُ يَخْطَفُ أبْصارَهُمْ كُلَّما أضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وإذا أظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا ولَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وأبْصارِهِمْ إنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾
وقد استدل أهل السنة والجماعة بهذه الآية على أن الإنسان قد تكون فيه شعبة من إيمان، وشعبة من نفاق، إما اعتقادي مخرج عن الإسلام، أو عملي لا يخرج عن الإسلام
وانظر: مجموع الفتاوى: ٧/ ٢٨٠، وتفسير ابن كثير: ١/ ١٨٩.
عاشرًا: منهج أهل السنة والجماعة في الاستدلال:
ضرب الأمثال:
من منهج أهل السنة والجماعة في الاستدلال ضرب الأمثلة لتوضيح الحقائق وتقريبها، وقد ضرب الله مثلًا في أول سورة البقرة للإسلام وحال المنافقين، – ذكر فيه الرعد والبرق والصواعق-، قال تعالى: ﴿أوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ ورَعْدٌ وبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ المَوْتِ واللَّهُ مُحِيطٌ بِالكافِرِينَ﴾
فالمطر الإسلام، وقلوب المنافقين في حال شكهم وكفرهم وترددهم كالمطر من السماء الذي فيه ظلمات ورعد وبرق، والظلمات ما فيه من البلاء والمحن، والرعد: ما فيه من الوعيد والمخاوف في الآخرة؛ فإن من شأن المنافقين الخوف الشديد والفزع،، والبرق ما فيه من الوعد والوعيد، وما يلمع في قلوب هؤلاء الضرب من المنافقين في بعض الأحيان، من نور الإيمان.
والصواعق: جمع صاعقة، وهي نار تنزل من السماء وقت الرعد الشديد.
ثم قال: ﴿يَكادُ البَرْقُ يَخْطَفُ أبْصارَهُمْ﴾ «لشدته وقوته في نفسه، وضعف بصائرهم، وعدم ثباتها للإيمان …
فكلما ظهر لهم من الإيمان شيء استأنسوا به واتبعوه، وتارة تعْرِض لهم الشكوك أظلمت قلوبهم فوقفوا حائرين» تفسير ابن كثير: ١/ ١٨٩.
المخالفات العقدية المتعلقة بهذه الآيات الكونية -الرعد والبرق والصواعق-:
أولًا: اعتقاد أن البرق أحد أسلحة الآلهة:
من المخالفات العقدية المتعلقة بهذه الآيات الكونية اعتقاد أن البرق أحد أسلحة الآلهة الباطلة، فقد ظن قدماء الإغريق والرومان أن البرق هو أحد أسلحة الآلهة. وفي بعض المجتمعات الإفريقية كانوا يعتقدون أن الناس والأماكن التي يصيبها البرق ملعونة. وحتى القرن الثامن عشر، كان بعض الناس في أوروبا وأمريكا يعتقدون بإمكان تفادي حدوث البرق إذا دقوا أجراس الكنائس .
ثانيًا: اعتقاد أن قوس قزح هو إله الرعد والبرق عند العرب:
من المخالفات العقدية المتعلقة بهذه الآيات اعتقاد أن قوس قزح هو إله الرعد والبرق والمطر عند العرب .
ثالثًا: بعض الأدعية والأقوال المخالفة:
ومن المخالفات العقدية المتعلقة بهذه الآيات الكونية -الرعد والبرق والصواعق- ذكر بعض الأدعية والأقوال المخالفة، منها:
١ – قول«غضبت السماء» عند نزول الصواعق:
ويشبه هذه العبارة قول بعضهم (عدالة السماء)، يريد بها الأحكام الشرعية، المشتملة على غاية العدل والحكمة
الأحاديث الموضوعة والضعيفة الواردة في هذه الآية الكونية:
ورد في هذه الآية الكونية عدد من الأحاديث الموضوعة والضعيفة والمتعلقة بالعقيدة، ومنها:
١ – الرعد والبرق والصواعق فوق السماء السابعة:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -ﷺ-: «رأيت ليلة أسري بي، لما انتهينا إلى السماء السابعة، فنظرت فوقي، فإذا أنا برعد وبرق وصواعق». الحديث .
مسند الإمام أحمد: ١٤/ ٢٨٦ برقم (٨٦٤١)، قال المحقق: إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد، وجهالة أبي الصلت، وضعفه ابن كثير، انظر: تفسير ابن كثير: ٣/ ٥١٧.
٢ – البرق والرعد والصواعق غضب من الله:
عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -ﷺ- إذا سمع الرعد والصواعق قال: «اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك» .
سنن الترمذي، كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا سمع الرعد: ٥٤٥، برقم (٣٤٥٠)، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ومسند الإمام أحمد: ١٠/ ٤٧ برقم (٥٧٦٣) وقال محققه: إسناده ضعيف، وضعفه النووي في الأذكار، كتاب الأذكار في صلوات مخصوصة، باب ما يقول إذا سمع الرعد: ٣٠٢ برقم (٥٢٠).
وعن أبي هريرة -رض الله عنه – أن رسول الله -ﷺ- قال: «قال ربكم -عزوجل: لو أن عبيدي أطاعوني لأسقيتهم المطر بالليل، وأطلعت عليهم الشمس بالنهار، ولما أسمعتهم صوت الرعد
مسند أبي داود الطيالسي: ٤/ ٣١٢ برقم (٢٧٠٩)، ومسند الإمام أحمد: ١٤/ ٣٢٧ برقم (٨٧٠٨)، وذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية في الأحاديث الواهية: ٢/ ٣٠٦، والألباني في السلسة الضعيفة: ٢/ ٢٨٧ برقم (٨٨٣).
انتهى من بحث مع بيان الحكم على بعض الأحاديث