90 فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة وإبراهيم البلوشي و أبي عيسى البلوشي وعبدالله المشجري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
90_ قال الترمذي رحمه الله {ج6ص551}: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ يَعْنِي ابْنَ زيَادٍ حَدَّثَنَا الْمُخْتَارُ بْنُ فُلْفُلٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ الرِّسَالَةَ وَالنُّبُوَّةَ قَدْ انْقَطَعَتْ فَلَا رَسُولَ بَعْدِي وَلَا نَبِيَّ » قَالَ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ لَكِنْ الْمُبَشِّرَاتُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ قَالَ «رُؤْيَا الْمُسْلِمِ وَهِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ» وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأُمِّ كُرْزٍ وَأَبِي أَسِيدٍ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ.
—————–
أولًا: دراسة الحديث رواية:
1- الحكم على حديث الباب:
* قال الحاكم في مستدركه 8178: ” حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ ” وقال الذهبي: ” على شرط مسلم “.
* الحديث في المختارة للمقدسي 2645.
* قال الشيخ الألباني في سنن الترمذي: “صحيح الإسناد”.
وقال في الإرواء (8/128): ” أخرجه أحمد (3/267) والترمذى (2/44) وقال: ” حديث حسن صحيح ” والحاكم (4/391) وقال: صحيح على شرط مسلم , ووافقه الذهبى وهو كما قالا.”
* قال محققو المسند (21/327): ” إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير المختار بن فلفل، فمن رجال مسلم”.
* صححه صاحب أنيس الساري (2/1495) ونقل كلام الترمذي والحاكم ثم قال: ” وهو كما قالا، والمختار بن فلفل وثقه ابن معين والعجلي ويعقوب بن سفيان وغيرهم.”
2- ذكر الألباني في الصحيحة 1/472 : ورد في البخاري 6475 : من حديث أبي هريرة لم يبق من النبوة إلا المبشرات قال الرؤيا الصالحة.
ففيه أنه لا نبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وقد قاله صلى الله عليه وسلم في مرض موته .
أخرجه مسلم: 207 – (479) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ، أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ»
===
2 – أحاديث في الباب:
* ذكر ابن الأثير عددًا من الأحاديث فيما جاء في تعبير الرؤيا وجعلها على فصلين:
الفصل الأول : في ذكر الرؤيا وآدابها:
989 – ( خ م ت د ) أبو هريرة – رضي الله عنه – :أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : «إِذا اقْتَربَ الزَّمانُ ، لم تَكَدْ رُؤْيَا المُؤمن تكذب – ومنهم من قال: لَمْ تَكذبْ رُؤْيَا المؤمن – ورُؤيا المؤمِنِ جُزءٌ من سِتَّةٍ وأَرْبَعينَ جُزْءا مِنَ النُّبوّةِ».[ص:516]
وزادَ بعضُهُم : وما كان من النُّبُوَّةِ فإِنَّهُ لا يَكْذِبُ.
قال محمد بن سيرين : وأنا أَقُول هذه ، قال : وكان يُقَالُ : الرؤيا ثَلاثَةٌ : حديث النفس ، وتخويفُ الشَّيطانِ ، وبُشْرَى من الله ، فمن رأَى منكم شيئا يكرهه ، فلا يَقُصَّهُ على أَحَدٍ ، ولْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ ، قال :وكان يكره الغُلَّ في النوم ، وكان يعجبهم القَيدُ ، ويُقالُ : القيدُ ثباتٌ في الدِّين.
قال البخاري : رواه قتادة ،ويونس ، وهُشيم ، وأبو هلال ،عن ابن سرين ،عن أبي هريرة.
وقال يونس : لا أَحْسِبُهُ إِلا عن النبي صلى الله عليه وسلم في القَيْد.
وفي رواية لمسلم قال : إذا اقتربَ الزمانُ لم تكد رؤيا المسلم تكذب ، وأصدَقُكم رؤيَا: أَصدقُكم حديثا ، ورُؤْيَا المسلم جزء من خمسٍ وأربعينَ جُزْءا من النُّبوَّةِ ، والرؤيا ثلاثٌ فالرؤيَا الصالحةُ : بُشْرى من الله ، ورؤيا تَحْزينٌ من الشيطان ، ورؤيا : مما يُحدِّثُ المرءُ نَفْسَهُ ، فإن رأى أحدُكم ما يكره ، فليقم فليصلِّ ، ولا يُحدِّثْ بها الناسَ ، قال : «وأُحِبُّ القَيْد ، وأكره الغُلَّ ، والقيد ثبات في الدين» فلا أَدْرِي : هُوَ في الحديث، أو قاله ابن سيرين ؟
وفي رواية نحوه ، وفيه قال أبو هريرة ، فَيُعْجِبُنى القَيدُ ، وأكرهُ الغُلَّ ، والقيدُ: ثباتٌ في الدِّين.
وفي أخرى: إذا اقتربَ الزمانُ – وساق الحديث – ولم يذكر فيه النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
وفي أخرى نحوه : وأدرج في الحديث قوله : «وأكرهُ الغُلَّ» إلى تمام الكلام ، ولم يذكر : «رؤيا المؤمن جُزْءٌ من ستةٍ وأَربعين جزْءا من النُّبوة».
وفي أخرى :مختَصَرا ، قال : «رؤيا المؤمِنِ جزْءٌ مِن ستَّةٍ وأربعين جزءا من النُّبوَّة». وفي أخرى «رؤيا الرجل الصالح».
وفي رواية الترمذي مثلَ رواية مسلم المفردة بطولها ، إلى قوله :«ثباتٌ في الدِّين» وقال بَدَلَ «فَلْيُصَلِّ»:«فَلْيَتْفُلْ» ولم يذكر قوله:«فلا أدري أَهو في الحديث ،أو قاله ابن سيرين؟».
وفي أخرى له ، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «الرؤيا ثلاثٌ : فرؤيا حق، ورؤيا يُحدِّثُ بها الرَّجُل نَفْسَهُ ، ورؤيا تَحْزينٌ من الشَّيْطانِ ، فَمنْ رأَى ما يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ ، فَلْيصَلِّ»، وكان يقُولُ : «يُعْجبْني القَيْدُ ، وأَكرهُ الغُلَّ ، القَيْدُ : ثباتٌ في الدين» ، وكان يقول :«من رآني فإنِّي أَنَا هو، فإنَّهُ لَيْسَ للشيطانِ أنْ يَتَمَثَّلَ بِي» ، وكان يقُول : «لا تُقَصُّ الرُّؤيا إلا على عالمٍ أو ناصح».
وفي رواية أبي داود مثل رواية مسلم أيضا ، إلا أَنَّه أَسقط منها قوله :«جزءا من سِتَّةٍ وأَربعين جزءا من النبوة» ، وقال فيها «وأُحِبُّ القَيْدَ وأَكرهُ الغُلَّ ، القيدُ : ثباتٌ في الدِّين».
وذكر عشرين حديثا في هذا الفصل
الفصل الثاني : فيما جاء من الرؤيا المفسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم
1011 – ( خ م ت ) سمرة بن جندب – رضي الله عنه – :قال : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِمَّا يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ لأصحابه : هل رأَى أحدٌ منكم من رؤيا ؟ فَيَقُصُّ عليه ما شاء الله أن يقصَّ ، وإنه قال لنا ذَاتَ غَدَاةٍ : إنه أتاني اللَّيْلَةَ آتيان ،وإنَّهُما ابْتَعَثَانِي ، وإنَّهُمَا قالا لي : انطَلِقْ ، وإنَّي انطلقتُ[ص:531] معهما ، وإنَّا أتَيْنا على رَجُلٍ مُضْطَّجِعٍ ، وإذا آخرُ قائمٌ عليه بصَخْرةٍ ،وإذا هو يَهْوِي بالصخرةِ لرأْسِهِ ، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَدَهْدَهُ الحَجرُ ها هنا، فَيَتْبَعُ الحجرَ فيأخُذُهُ ، فلا يرجِعُ إليه حتَّى يصِحَّ رأْسُهُ كما كان ، ثم يعود عليه ، فيفعلُ به مثلَ ما فعلَ المرةَ الأولى ،… الحديث بطوله.
وذكر أحاديث في هذا الفصل آخرها :
1021 – ( خ ) أم العلاء الأنصارية – رضي الله عنها – : قالت: لمَّا قَدِمَ المُهاجِرُونَ، طَارَ لَنا عُثمانُ بنُ مَظْعْون في السُّكْني ، فاشْتكى ، فَمَرَّضناهُ حتِى تُوُفِّيَ ، ثم جَعلناهُ في أَثوابهِ- وذَكَرَتِ الحديثَ- قالت : فَنِمْتٌ فرأيتُ لعثمانَ عَيْنَا تَجْري ، فأخبرتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ،فقال :«ذَلِكَ عَمَلُهُ يَجْرِي لَهُ». أخرجه البخاري.
———–
ثانيًا: دراسة الحديث دراية:
1- تبويبات الأئمة على حديث الباب وما في معناه:
* بوب الترمذي في سننه 2272 باب ذهبت النبوة وبقيت المبشرات.
* بوب ابن الأثير في جامع الأصول في الكتاب الخامس من حرف التاء، كتاب في تعبير الرؤيا، وذكر حديث الباب تحت الفصل الأول : في ذكر الرؤيا وآدابها
2- شرح الحديث:
* قال الصنعاني في التنوير شرح الجامع الصغير (3/466): ” (أن الرسالة) بكسر الراء وفتحها هي الاسم من أرسله الله إذا بعثه إلى العباد بتبليغ شريعة مستجدة. والنبوة: الاسم من أنبأه إياه وبه أخبره، والنبي المخبر عن الله تعالى إذا عرف هذا، فالرسالة أخص من النبوة ودل على التغاير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا …} [الحج: 52] الآية، وسئل – صلى الله عليه وسلم – عن الأنبياء فقال: “مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً” قيل: فكم الرسل منهم؟ قال: “ثلاثمائة وثلاثة عشر جمًا غفيرًا” ومن ادعى ترادف الرسول والنبي فهو متكلف (قد انقطعت) انتهى زمانها. (فلا رسول بعدي ولا نبي) لأنه – صلى الله عليه وسلم – خاتم الرسل والأنبياء وشريعته باقية إلى آخر الدنيا وهذا أمر مجمع عليه وأما نزول عيسى – صلى الله عليه وسلم – آخر الزمان فهو ينزل متبعًا لشرعته – صلى الله عليه وسلم – غير مبعوث بتقريرها يلي بحكمه حكم أئمة الهدى الذين يحيون شريعته – صلى الله عليه وسلم – وفي إعراب رسول ونبي الخمسة الأوجه المعروفة في العربية في جميع مثل لا حول ولا قوة إلا بالله. (ولكن المبشرات) جمع مبشرة صفة موصوف محذوف أي الرؤيا المبشرة من البشارة وهي أول خبر سار ولما كانت جزء من أجزاء النبوة كما يأتي صح استدراكها من النبوة. (رؤيا الرجل المسلم) بدل من المبشرات ويصح إبدال المفرد من الجمع؛ لأنه جنس يشمل القليل والكثير فرب رؤيا تشتمل على عدة مبشرات والمراد بها الصالحة كما يأتي في حديث ابن مسعود تقييدها بذلك ويأتي تقسيمها إلى ثلاثة أنواع، ثم المراد رؤياه لنفسه أو لأخيه، وقيده بالمسلم ويأتي تقييده بالصالح لأن النبوة وأجزاءها لا تكون إلا لذلك بل كان الظاهر أن لا تكون إلا للمعصوم لأنها من النبوة إلا أنه قد علم أنه لا معصوم في الأمة فاكتفى بالإِسلام والصلاح، (وهي جزء من أجزاء النبوة) قد صرح في حديث آخر بيان مقدار الجزء من أنها من ستة وأربعين جزءًا من أجزاء النبوة ويأتي، ويأتي أيضًا أنها جزء من خمسة وعشرين جزءًا من النبوة”.
* قال المباركفوري في تحفة الأحوذي (6/455): ” (حدثنا المختار بن فلفل) بفاءين مضمومتين ولامين الأولى ساكنة مولى عمرو بن حريث صدوق له أوهام من الخامسة
قوله (إن الرسالة والنبوة قد انقطعت) أي ذهبت ولم تبق (فلا رسول بعدي ولا نبي) النبي في لسان الشرع من بعث إليه بشرع فإن أمر بتبليغه فرسول وقيل هو المبعوث إلى الخلق بالوحي لتبليغ ما أوحاه
والرسول قد يكون مرادفا له وقد يختص بمن هو صاحب كتاب وقيل هو المبعوث لتجديد شرع أو تقريره والرسول هو المبعوث للتجديد فقط
وعلى الأقوال النبي أعم من الرسول (قال فشق ذلك) أي انقطاع للرسالة والنبوة (فقال لكن المبشرات إلخ) قال المهلب ما حاصله التعبير بالمبشرات خرج للأغلب فإن من الرؤيا ما تكون منذرة وهي صادقة يريها الله للمؤمن رفقا به ليستعد لما يقع قبل وقوعه
وقال بن التين معنى الحديث أن الوحي ينقطع بموتي ولا يبقى ما يعلم منه ما سيكون إلا الرؤيا ويرد عليه الإلهام فإن فيه إخبارا بما سيكون وهو للأنبياء بالنسبة للوحي كالرؤيا ويقع لغير الأنبياء كما في الحديث في مناقب عمر قد كان فيمن مضى من الأمم محدثون
وفسر المحدث بفتح الدال بالملهم بالفتح أيضا وقد أخبر كثير من الأولياء على أمور مغيبة فكانت كما أخبروا والجواب أن الحصر في المنام لكونه يشمل آحاد المؤمنين بخلاف فإنه مختص بالبعض ومع كونه مختصا فإنه نادر فإنما ذكر المنام لشموله وكثرة وقوعه كذا في الفتح”.
* قال الإتيوبي في البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (11/ 142): ” ومنها بيان أن الوحي انقطع بموت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فليس بعده شيءٌ يَستدلّ به الناس على الأمور الغيبيّة إلا الرؤيا التي يراها المسلم، أو تُرى له” ثم استدل بحديث الباب.
*قال الإتيوبي رحمه الله في الذخيرة:
(لم يبق من مبشرات النبوة) بصيغة اسم الفاعل: ما اشتمل على الخبر السارّ، من وحي، أو إلهام، أو رؤيا، أو نحوها. أي مما يظهر للنبي من المبشرات حالة النبوة. وفيه إشارة إلى قرب أجله – صلى الله عليه وسلم -، وانقطاع الوحي.
وقال في “الفتح” عند شرح قول البخاري -رحمه الله- في [كتاب التعبير]: [باب المبشرات]: ما نصّه: بكسر الشين المعجمة، جمع مبشرة، وهي البشرى، وقد ورد في قوله تعالى {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64] “هي الرؤيا الصالحة”. أخرجه الترمذي، وابن ماجه، وصححه الحاكم من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبادة ابن الصامت، ورواته ثقات، إلا أن أبا سلمة لم يسمعه من عبادة. وأخرجه الترمذي أيضًا من وجه آخر عن أبي سلمة، قال: “نُبِّئْتُ عن عبادة”. وأخرجه أيضًا هو، وأحمد، وإسحاق، وأبو يعلى من طريق عطاء بن يسار، عن رجل من أهل مصر، عن عبادة ، وذكر ابن أبي حاتم، عن أبيه أن هذا الرجل ليس بمعروف. وأخرجه ابن مرودويه من حديث ابن مسعود، قال: “سألت رسول الله – صلى الله عليه وسلم -“، فذكر مثله. وفي الباب عن جابر عند البزار، وعن أبي هريرة عند الطبري، وعن عبد الله بن عمرو عند أبي يعلى. انتهى.
وقال في شرح حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -: “لم يبق من النبوة إلا المبشرات”: ما نصّه: كذا ذكره باللفظ الدالّ على المضي تحقيقا لوقوعه، والمراد الاستقبال، أي لا يبقى، وقيل: هو على ظاهره؛ لأنه قال ذلك في زمانه، واللام في “النبوة” للعهد، والمراد نبوته، والمعنى لم يبق بعد النبوة المختصة بي إلا المبشرات، ثم فسرها بالرؤيا. وقد صرح به في حديث عائشة عند أحمد بلفظ: “لم يبق بعدي”، وقد جاء في حديث ابن عباس أنه – صلى الله عليه وسلم – قال ذلك في مرض موته. أخرجه مسلم، وأبو داود، والنسائي من طريق إبراهيم بن عبد الله بن معبد، عن أبيه، عن ابن عباس “أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كشف الستارة، ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه، والناس صفوف خلف أبي بكر”. . .
وللنسائي من رواية زُفَر بن صعصعة، عن أبي هريرة، رفعه أنه “ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة” ( وهذا يؤيد التأويل الأول.
وظاهر الاستثناء مع ما ثبت من أن الرؤيا جزء من أجزاء النبوة أن الرؤيا نبوة، وليس كذلك؛ لأن المراد تشبيه أمر الرؤيا بالنبوة، أو لأن جزء الشيء لا يستلزم ثبوت وصفه له، كمن قال: أشهد أن لا إله إلا الله، رافعا صوته لا يسمى مؤذنا، ولا يقال: إنه أَذَّنَ، وإن كانت جزءا من الأذان، وكذا لو قرأ شيئا من القرآن، وهو قائم لا يسمى مصليا، وإن كانت القراءة جزءا من الصلاة.
ويؤيده حديث أم كرز -بضم الكاف، وسكون الراء، بعدها زاي- الكعبية، قالت: سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: “ذهبت النبوة، وبقيت المبشرات” أخرجه أحمد، وابن ماجه، وصححه ابن خزيمة، وابن حبّان، ولأحمد عن عائشة مرفوعًا: “لم يبق بعدي من المبشرات إلا الرؤيا”، وله، وللطبراني من حديث حذ يفة بن أَسِيد مرفوعا: “ذهبت النبوة، وبقيت المبشرات”. ولأبي يعلى من حديث أنس، رفعه: “إن الرسالة والنبوة قد انقطعت، ولا نبي، ولا رسول بعدي، ولكن بقيت المبشرات”، قالوا: وما المبشرات؟ قال: “رؤيا المسلمين جزء من أجزاء النبوة”.
قال المهلب: ما حاصله: التعبير بالمبشرات خرج للأغلب، فإن من الرؤيا ما تكون منذرة، وهي صادقة، يريها الله للمؤمن، رفقا به، ليستعدّ لما يقع قبل وقوعه.
وقال ابن التين: معنى الحديث أن الوحي ينقطع بموتي، ولا يبقى ما يُعلَم منه ما سيكون إلا الرؤيا. ويرد عليه الإلهام، فإن فيه إخبارا بما سيكون، وهو للأنبياء بالنسبة للوحي كالرؤيا، ويقع لغير الأنبياء، كما في حديث مناقب عمر: “قد كان فيمن مضى من الأمم محدِّثون”، وفُسر المحدّثُ -بفتح الدال- بالملهم -بالفتح- أيضا، وقد أخبر كثير من الأولياء عن أمور مغيبة، فكانت كما أخبروا، والجواب أن الحصر في المنام لكونه يشمل آحاد المؤمنين، بخلاف الإلهام، فإنه مختص بالبعض، ومع كونه مختصا فإنه نادر، فإنما ذكر المنام لشموله، وكثرة وقوعه، ويشير إلى ذلك قوله – صلى الله عليه وسلم -: “فإن يكن”، وكأن السرّ في ندور الإلهام في زمنه، وكثرته من بعده غلبة الوحي إليه – صلى الله عليه وسلم – في اليقظة، وإرادة إظهار المعجزات منه، فكان المناسب أن لا يقع لغيره منه في زمانه شيء، فلما انقطع الوحي بموته وقع الإلهام لمن اختصه الله به، للأمن من اللبس في ذلك، وفي إنكار وقوع ذلك مع كثرته، واشتهاره مكابرة ممن أنكره. انتهى ما في “الفتح” .
(إلا الرؤيا الصالحة) الاستثناء مفرّع؛ لأن ما قبل “إلّا” تفرغ للعمل فيما بعدها، فـ”الرؤيا” فاعل “يبق”.
(يراها المسلم) جملة من الفعل والفاعل في محل نصب على الحال، أي يراها المسلم المبشَّر بها (أو ترى له) بالبناء للمفعول، أي يراها غيره لأجله…..
________________
* – قال العباد حفظه الله في شرح السنن:
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن أن تكذب)] وفسر أبو داود اقتراب الزمان أنه إذا استوى الليل والنهار، فعند استواء الليل والنهار تكون الرؤيا صادقة ولا تكون كاذبة.
وقيل: إن المقصود بقرب الزمان هو آخر الأمر وآخر الدنيا، يعني: ليس المقصود هو استواء الليل والنهار؛ لأن اقتراب الزمان وما يتعلق بالزمان يأتي مراداً به ما يستقبل، ومن العلماء من فسره بهذا التفسير الذي ذكره أبو داود.
قوله: [(وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثاً)] الإنسان الذي تعود الصدق في حديثه في اليقظة يصدق في رؤياه وتكون رؤياه صادقة، ومن يكون بخلاف ذلك بأن يكون كاذباً أو من أكذب الناس فقد تكون رؤياه في المنام مثل حالته في اليقظة.
قوله: [(والرؤيا ثلاث: فالرؤيا الصالحة بشرى من الله، والرؤيا تحزين من الشيطان)].
يعني: تنقسم الرؤيا إلى ثلاثة أقسام: صالحة وهي بشرى من الله، وهي التي جاء في الحديث: (فإنه لا يبقى إلا المبشرات) وهي الرؤيا الصالحة التي يراها المؤمن أو ترى له، والرؤيا التي فيها تحزين من الشيطان وفيها شيء يسوء الإنسان، ورؤيا هي حديث نفس.
قوله: [(ورؤيا ما يحدث بها المرء نفسه)] يعني: يكون في اليقظة مشغولاً بأمر يفكر فيه، وهذا الذي يراه في منامه إما أن يكون ساراً , وإما أن يكون محزناً، وإما أن يكون شيئاً مطابقاً لحديث النفس الذي كان يحدث نفسه به في اليقظة.
قوله: [(فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل ولا يحدث بها الناس)].
يعني: الرؤيا التي فيها تحزين من الشيطان يقوم الإنسان بعدها ويشتغل بالصلاة ويشتغل بذكر الله عز وجل، حتى يلهي نفسه عن هذا الذي أفزعه وعن هذا الذي أحزنه.
قوله: [(قال: وأحب القيد وأكره الغل)].
يعني: وأحب رؤية القيد؛ لأنه ثبات في الدين، وأكره الغل؛ لأنه شيء مذموم، وهو الغل الذي يكون في العنق.
[قال أبو داود: (إذا اقترب الزمان) يعني: إذا اقترب الليل والنهار، يعني: يستويان].
يقول الخطابي: في اقتراب الزمان قولان: أحدهما: أنه قرب زمان الساعة ودنو وقتها.
والقول الآخر: إن معنى اقتراب الزمان اعتداله واستواء الليل والنهار.
والمعبرون يزعمون أن أصدق الرؤيا ما كان في أيام الربيع، ووقت اعتدال الليل والنهار.
يعني: هذا مطابق لما جاء عن أبي داود، أو لعلهم أخذوه من قول أبي داود.
قال المنذري: وقد قيل هو قرب الساعة، وقد قيل: لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب، ويحتمل أن يراد اقتراب الموت عند علو السن، فإن الإنسان في ذلك الوقت غالباً يميل إلى الخير والعمل به، ويقل تحديثه نفسه بغير ذلك.
وهذا ليس على إطلاقه، فيمكن أن يتقدم في السن وتحدثه نفسه بأمور كثيرة.
_______________________
* – وقال العباد حفظه الله في موضع آخر من شرح السنن:
أورد أبو داود حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة)] وفسر هذا بتفسيرات منها: أن النبوة مدتها ثلاث وعشرون سنة، من حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمره أربعون سنة وحتى أكمل ثلاثاً وستين سنة ثم توفاه الله عز وجل، وكان ثلاث عشرة سنة منها في مكة وعشر سنوات في المدينة.
وقد قيل في تفسير ذلك: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل أن يبعث يرى الرؤيا الصالحة، فتأتي مثل فلق الصبح واضحة جلية، ورؤيا الأنبياء وحي، فقيل: إن ستة أشهر كان يرى فيها الرؤيا الصالحة، ومعلوم أن ستة أشهر هي نصف سنة، وهي جزء من ستة وأربعين جزءاً من ثلاث وعشرين سنة؛ لأن ثلاثاً وعشرين سنة تعتبر ستة وأربعين نصف سنة، ومن المعلوم أن رؤيا المؤمن إنما تدل على ما تدل عليه مما يأتي عن طريق النبوة، فمن يرى رؤيا فهي من المبشرات وكانت رؤيا مؤمن، فإن فيها معرفة شيء من علم الغيب، ومن الأمور المستقبلة، ولكن عن طريق الرؤيا التي تشبه ما كان يحصل للنبي صلى الله عليه وسلم في منامه، إلا أن رؤيا الأنبياء وحي، ورؤيا غير الأنبياء ليست بوحي.
وقد يرى المؤمن في منامه رؤيا ثم يقع هذا الذي رآه طبقاً لما رآه في المستقبل، فيكون معناه أنه حصل على معرفة شيء مما هو مغيب في المستقبل، وعرف عن طريق الرؤيا.
____________
* – وقال العباد حفظه الله في موضع آخر من شرح السنن:
أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في الرؤيا].
والرؤيا: هي بعض ما يحصل في المنام، لأن الذي يحصل في المنام رؤيا وحلم، والحلم هو من تلاعب الشيطان بالإنسان، وهو الذي يقال له: أضغاث أحلام، والرؤيا هي التي تدل وتشير إلى شيء وتعبر، بخلاف الحلم فإنه لا يعبر.
والرؤيا التي يراها النائم في منامه منها ما يكون تأويلها مطابقاً للمرئي في المنام، ومنها ما يكون على ضرب المثال، وقد جاء في القرآن رؤيا الفتيين اللذين كانا مع يوسف عليه الصلاة والسلام في السجن، واللذين طلبا منه أن يعبر لهما الرؤيا، وكانت النتيجة أن أحدهما كانت رؤياه مطابقة لما حصل له في اليقظة، والثانية على صورة المثال، فالذي رأى في المنام أنه يعصر خمراً فقد كان في اليقظة يعصر خمراً، وتأويل رؤياه كانت مطابقة للمرئي، وأما الذي رأى أنه يحمل فوق رأسه خبزاً تأكل الطير منه، فإنما يقتل ويصلب وتأتي الطير وتأكل من رأسه بعد صلبه وقتله، وتأويل رؤيا هذا ليست مطابقة للمرئي، وإنما هي على صورة التمثيل.
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاة الغداة قال: [(هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا؟)] يعني: ليعبرها له، وإنما كان يقول ذلك صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الغداة؛ لأن الإنسان حديث عهد بالرؤيا، فيستطيع أن يأتي بها دون أن ينساها، أو يحصل عنده عدم إدراك لها، بخلاف ما إذا مضى عليها وقت فقد يحصل شيء من النسيان لشيء منها؛ ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يفعل ذلك، لكن هذا لا يعني أنه كان دائماً وأبداً يسأل وأن هذا ديدنه، وأنه كلما سلم من صلاة فإنه كان يفعل ذلك، ولكن معنى هذا بيان أن هذا من شأنه وأن هذا من عادته، وإن لم يكن ذلك دائماً وأبداً.
ومن المعلوم أنه إذا قال للناس في بعض الأحيان: من رأى منكم رؤيا، فإن الإنسان عندما يرى رؤيا فإنه يرجع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ويطلب منه تأويلها وتفسيرها، ولكن لا يدل لفظ (كان) هنا على الدوام والاستمرار، وأنه لا يتركه أبداً.
قوله: [(إنه ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة)] ليس معنى ذلك أن النبوة باقية، فالنبوة وصف له صلى الله عليه وسلم، والوحي انقطع بوفاته عليه الصلاة والسلام، ولا ينزل وحي على أحد من الناس بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأن الوحي الذي هو شرع الله والذي جاء به رسول الله والذي هو دين الإسلام قد اكتمل واستقر قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال الله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:3] فليس هناك تشريع يأتي بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإنما كل ما يعول عليه الرجوع إلى ما جاء في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فقوله: [(إنه ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة)].
يعني: أن أمور الغيب لا تعرف إلا عن طريق النبوة، ولكن الرؤيا الصالحة هي من الأمور التي يمكن أن يعرف بها شيء مغيب مستقبل يراه المرء فتعبر رؤياه ثم تقع طبقاً لما رآه الرائي.
فإذاً: هذه الرؤيا ليست هي من النبوة ولا جزءاً من النبوة؛ لأن النبوة هي ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وتلقي عنه قبل وفاته صلى الله عليه وسلم، وإلا فإنه ليس هناك أحكام شرعية تؤخذ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما المقصود من ذلك أنه كما أن الرسول عليه الصلاة والسلام يخبر عن أمور مستقبلة بالوحي، فإنه بقي من الأمور التي هي من هذا النوع ما يمكن أن يحصل عن طريق الرؤيا، يعني: أنه سيحصل شيء في المستقبل بسبب هذه الرؤيا، فهذا وجه قوله: [(إنه ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة)] يعني: المبشرات أو هذه الأمور التي ترى في المنام، وليس معنى ذلك أن النبوة باقية وأن الوحي مستمر.
_______________
* – قال ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين:
قال المؤلف النووي رحمه الله في (باب الرؤيا وما يتعلق بها) الرؤيا يعني رؤيا المنام فالإنسان إذا نام فإن الله تعالى يتوفى روحه لكنها وفاة صغرى كما قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى وقال الله تعالى: {اللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} وهذه الوفاة الصغرى تذهب فيها الروح إلى حيث يشاء الله ولهذا كان من أذكار المنام أن نقوم: اللهم بك وضعت حنبي وبك أرفعه فإن أمسكت روحي فاغفر لها وارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ثم إن الروح في هذه الحال ترى منامات ومرائي تنقسم إلى ثلاثة أقسام: رؤيا محبوبة ورؤيا مكروهة ورؤيا عبارة عن أشياء ليس لها معنى وليس لها هدف قد تكون من تلاعب الشيطان وقد تكون من حديث النفس وقد تكون من أسباب أخرى …… ثم ذكر تفصيل الأقسام الثلاثة مع التوضيح و البيان
* – قال ابن تيمية: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (ص: 30)
والرؤيا الصالحة بشرى خير للمسلم، فعن ابن عباس قال كشف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الستارة والناس صفوف خلف أبى بكر فقال « أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له .. ».
وأما الإلهام والتحديث فهو واقع في الأمم السابقة ويقع أيضا في هذه الأمة، وقد اختلف في معناه على أقوال فقيل: هو الإصابة بغير نبوة، وقيل المحدث هو الملهم بالصواب الذي يلقى على فيه. وقيل غير ذلك، والأصل في إثبات الإلهام والتحديث ما ورد عن أبى هريرة – رضى الله عنه – عن النبى – صلى الله عليه وسلم – قال :« إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون ، وإنه إن كان فى أمتى هذه منهم ، فإنه عمر بن الخطاب ».
وربما أطلق العلماء على هذا النوع من العلم بالمغيبات الكشف، ومدار الأمر على استقامة الحال وسلامة المعتقد، فإن جنس هذا العلم يحصل للبر والفاجر، والمسلم والكافر، والمحدث والكاهن.
وكما قال السلف: إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء أو يطير في الهواء، فلا تغتروا بعمله، حتى يعرض على الكتاب والسنة.
ووجود الكرامة والولاية في أمة محمد صلى الله عليه وسلم أمر مقطوع به، لكن من الخطأ البين أن يعطى أحد من الناس شيئا من التقديس والتعظيم لأجل صلاحه واستقامته .
وعليه فقد يلقي الشيطان بعض الأمور الغيبية على لسان شخص ما، ليفتتن به الناس، لا سيما إذا كانوا جهالا مولعين بالخرافات ، يثبتون الولاية والكرامة بأوهى سبب. فالحذر الحذر من مكر الشيطان وحيله.
________________
* ينظر كتب الرؤيا للشيخ حمود التويجري عبارة عن 184 صفحة.
* وسبق التوسع في احكام الرؤى في عدة أحاديث من الصحيح المسند وكذلك في شرح مسلم فتح ذي النعم بالبدر الأتم شرح صحيح مسلم