90 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————-
الطبراني في الأوسط 663 – حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ قَالَ: نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدَةً بِغَيْرِ حَقِّهَا، لَمْ يَرُحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ مِائَةِ عَامٍ»
لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَوْفٍ إِلَّا عِيسَى
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند
قال الألباني في الصحيحة
2356 – ” من قتل نفسا معاهدة بغير حقها لم يرح رائحة الجنة و إن ريح الجنة توجد من
مسيرة مائة عام “.
قال الألباني في ” السلسلة الصحيحة ” 5/ 471:
رواه الضياء في ” صفة الجنة ” (3/ 86 / 2) من طريقين عن عيسى بن يونس عن عوف
الأعرابي عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا، و قال: ” و إسناده عندي
على شرط الصحيح “. قلت: و هو كما قال. و قد جاء الحديث من حديث أبي بكرة و
قد خرجته في ” التعليق الرغيب ” (3/ 204 – 205) و في رواية عنه بلفظ: ”
سبعين عاما “. و إسناده صحيح. انتهى
قلت سيف: قال الضياء في صفة الجنة: 152 – عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول صلى الله عليه وسلم من قتل نفسا معاهدة بغير حقها لم يرح رائحة الجنة وإن ريح الجنة يوجد من مسيرة مئة عام.
[ص:147]
لفظ معلل وقال أحمد بن حياب لم يجد ريح الجنة وإن ريحها ليوجد. والباقي مثله قال الطبراني لم يروه عن عوف إلا عيسى بن يونس ورواه الترمذي بنحوه من رواية ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة وفيه مسيرة سبعين خريفا. وقال حسن صحيح.
وإسناده عندي على شرط الصحيح والله أعلم.
وله شواهد منها حديث عبدالله بن عمرو أخرجه البخاري، 6914.
———–
[التغليظ في قتل المعاهد]
وَقَالَ فِي “الفتح” 14/ 257 – المراد بالمعاهد منْ له عهد مع المسلمين، سواء كَانَ بعقد جزية، أو هُدْنة، منْ سلطان، أو أمان منْ مسلم. انتهى.
قال الصنعاني في سبل السلام (2/ 501): وفي الحديث دليل على تحريم قتل المعاهد وتقدم الخلاف في الاقتصاص من قاتله، وقال المهلب: هذا فيه دليل على أن المسلم إذا قتل المعاهد أو الذمي لا يقتص منه، قال: لأنه اقتصر فيه على ذكر الوعيد الأخروي دون الدنيوي هذا كلامه.
قال ابن كثير في التفسير (2/ 231): وقد جاء النهي والزجر والوعيد في قتل المعاهد وهو المستأمن من أهل الحرب، فروى البخاري: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً: “من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً” وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قتل معاهداً له ذمة الله وذمة رسوله فقد أخفر بذمة الله، فلا يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفاً” رواه ابن ماجه والترمذي، وقال: حسن صحيح.
قال العلامة الألباني في سلسة الهدى و النور: الكفار في نظام الإسلام ثلاثة أقسام، أهل ذمة، معاهدون، محاربون.
الكفار في نظام الإسلام ثلاثة أقسام, ذميون وهم أهل ذمة ومعاهدون ومحاربون أما أهل الذمة فهم الذين يختارون الحياة والعيش في الدولة الإسلامية تحت حكمها ونظامها بشرط كما قال تعالى أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ((قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)) ولذلك كان عليه الصلاة والسلام إذا جهز جيشا وأمر عليهم أميرا أوصاه بوصايا منها (إذا لقيت المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإن أبوا فادعهم أن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون فإن أبوا فالجهاد أو القتال)
فهؤلاء الكفار الذين يختارون أن يعيشوا تحت حكم الإسلام ونظام الإسلام مقابل جزية يدفعونها هم أهل ذمة وهؤلاء دماؤهم وأعراضهم مصونة محترمة لا يجوز الاعتداء عليها كما لا يجوز الاعتداء على حرمة مسلم ولذلك قال عليه الصلاة والسلام (من قتل معاهدا في كنهه لم يرح رائحة الجنة) المعاهد سياتي بيان الفرق بينه وبين الذمي قريبا إن شاء الله.
فإذا كان الرسول صلى الله عليه وأله وسلم يقول فيمن قتل المعاهد الكافر أي بغير حق لم يرح رائحة الجنة وفي بعض الأحاديث الصحيحة (وإن ريحها لتوجد من مسيرة مائة عام) هذا الذي يقتل كافرا معاهدا بغير حق لا يدخل الجنة ولا يجد ريحها (وإن ريحها لتوجد من مسيرة مائة عام) هؤلاء هم أهل الذمة هم الذين يعيشون تحت راية الدولة المسلمة.
القسم الثاني هم المعاهدون أي هم الكفار الذين يعيشون في بلادهم ليس في بلاد الإسلام لكن يدخلون بلاد الإسلام باتفاق مع الدولة المسلمة وبشروط ومعاهدات فهؤلاء لا يجوز الإعتداء عليهم للحديث السابق لأنهم هم الذين يسمون بالمعاهدين.
القسم الثالث: وهم المحاربون أي الذين يحاربهم المسلمون فهم أعداء الدين فهم لا يؤمنون بالإسلام وأعداء المسلمين فإنهم لا يستجيبون لدعوتهم ولا يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون بل هم مهيؤون أنفسهم لمقاتلة المسلمين هؤلاء هم المحاربون هؤلاء يجوز قتلهم أين ما ثقفوا أين ما وجدوا وأوضح مثال في هذا هم اليهود الذين احتلوا فلسطين ولكن إذا دخل كافر من هؤلاء السائحين أو الزائرين. هؤلاء ما دخلوا بلدنا الإسلامي إلا بإذن من الحاكم المسلم ولذلك فلا يجوز الاعتداء عليه لأنه معاهد.
ثم لو وقع وقد وقع هذا أكثر من مرة أن اعتدى مسلم على واحد من هؤلاء سيكون عاقبة ذلك أن يقتله الكفار هو وربما أكثر منه أو أن يسجن أو أو فلا يحصل من وراء الإعتداء على دم مثل هذا السائح وفي البلد المسلم لا يحصل من وراء ذلك فائدة إسلامية بل هو مخالف للحديث السابق ذكره (من قتل معاهدا في كنهه) أي في معاهدته وأمانه (لم يرح رائحة الجنة) إلى آخر الحديث. نعم. انتهى
وَقَالَ فِي “العون” 7/ 313 – : أي لا يدخلها مع أول منْ يدخلها منْ المسلمين الذين لم يقترفوا الكبائر.
وَقَالَ الحافظ فِي “الفتح” 14/ 257 – : والمراد بهذا النفي، وإن كَانَ عاما التخصيص بزمانٍ مّا؛ لِمَا تعاضدت الأدلة العقلية والنقلية، أن منْ مات مسلما, ولو كَانَ منْ أهل الكبائر، فهو محكوم بإسلامه، غير مخلد فِي النار، ومآله إلى الجنة، ولو عُذِّبَ قبل ذلك. انتهى.
وَقَالَ الشوكانيّ: وأما قاتل المعاهد، فالحديثان مصرّحان بأنه لا يجد رائحة الجنة، وذلك مستلزم لعدم دخولها أبدًا، وهذان الحديثان، وأمثالهما ينبغي أن يُخصّص بهما عموم الأحاديث القاضية بخروج الموحّدين منْ النار، ودخولهم الجنة بعد ذلك. انتهى “نيل الأوطار” 7/ 15.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: دعوى الشوكانيّ تخصيص العمومات بهذا الْحَدِيث، فيه نظرٌ لا يخفى، فالأولى ما عليه الجمهور، كما تقدّم آنفًا عن الحافظ، فتبصّر. والله تعالى أعلم. شرح المجتبى (36/ 47).
قال الحافظ الحكمي في معارج القبول (3/ 1035): ثم قال رحمه الله تعالى معنى هذه الأخبار إنما هو على أحد معنيين:
أحدهما لا يدخل الجنة أي بعض الجنان إذ النبي صلى الله عليه و سلم قد أعلم أنها جنان من جنة واسم الجنة واقع على كل جنة منها فمعنى هذه الأخبار التي ذكرها من فعل كذا لبعض المعاصي حرم الله عليه الجنة أو لم يدخل الجنة معناه لا يدخل بعض الجنان التي هي أعلى وأشرف وأنبل وأكثر نعيما وسرورا وبهجة وأوسع لأنه أراد لا يدخل شيئا من تلك الجنان التي هي في الجنة وعبد الله بن عمرو قد بين خبره الذي روى عن النبي صلى الله عليه و سلم.
[الجمع بين الروايات بين مسيرة سبعين عاما و بين اربعين عاما]
قال العلامة الأثيوبي في شرح المجتبى (36/ 50 – 51):
وقوله سبعين عاما” وفي حديث عبد الله بن عمرو الآتي بعده: “وإن ريحها ليوجد منْ مسيرة أربعين عامًا”. وكذا هو فِي “صحيح البخاريّ”، قَالَ فِي “الفتح”: كذا وقع للجميع، وخالفهم عمرو بن عبد الغفار، عن الحسن بن عمرو، عند الإسماعيلي، فَقَالَ: “سبعين عاما”، ومثله فِي حديث أبي هريرة، عند الترمذيّ، منْ طريق محمد بن عجلان، عن أبيه، عنه، ولفظه: “وإن ريحها ليوجد منْ مسيرة سبعين خريفا”، ومثله فِي رواية صفوان بن سليم، المشار إليها، ونحوه لأحمد، منْ طريق هلال بن يساف، عن رجل، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: “سيكون قوم لهم عهد، فمن قَتَل منهم رجلا، لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد منْ مسيرة سبعين عاما”، وعند الطبراني فِي “الأوسط”، منْ طريق محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، بلفظ: “منْ مسيرة مائة عام”، وفي الطبراني عن أبي بكرة: “خمسمائة عام”، ووقع فِي “الموطإ” فِي حديث آخر: “إن ريحها يوجد منْ مسيرة خمسمائة عام”، وأخرجه الطبراني فِي “المعجم الصغير” منْ حديث أبي هريرة، وفي حديث لجابر ذكره صاحب “الفردوس”: “إن ريح الجنة يُدرك منْ مسيرة ألف عام”.
قَالَ الحافظ رحمه الله تعالى: وهذا اختلاف شديد، وَقَدْ تكلم ابن بطال عَلَى ذلك، فَقَالَ: الأربعون هي الأشَدُّ، فمن بلغها زاد عمله ويقينه وندمه، فكأنه وجد ريح الجنة التي تبعثه عَلَى الطاعة، قَالَ: والسبعون آخر المعترك، ويَعرِض عندها الندم، وخشية هجوم الأجل، فتزداد الطاعة، بتوفيق الله، فيجد ريحها منْ المدة المذكورة، وذكر فِي الخمسمائة كلاما متكلفا، حاصله أنها مدة الفترة التي بين كل نبي ونبي، فمن جاء فِي آخرها، وآمن بالنبيين، يكون أفضل منْ غيره، فيجد ريح الجنة.
وَقَالَ الكرماني: يحتمل أن لا يكون العدد بخصوصه مقصودا، بل المقصود المبالغة، فِي التكثير، ولهذا خص الأربعين، والسبعين؛ لأن الأربعين يشتمل عَلَى جميع أنواع العدد؛ لأن فيه الأحاد، وأحاده عشرة، والمائة عشرات، والألف مئات، والسبع عدد فوق العدد الكامل، وهو ستة، إذ أجزاؤه بقدره، وهي النصف، والثلث، والسدس، بغير زيادة ولا نقصان، وأما الخمسمائة فهي ما بين السماء والأرض.
قَالَ الحافظ: والذي يظهر لي فِي الجمع، أن يقال: إن الأربعين أقل زمن يُدرِك به ريحَ الجنة مَنْ فِي الموقف، والسبعين فوق ذلك، أو ذكرت للمبالغة، والخمسمائة، ثم الألف أكثر منْ ذلك، ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص، والأعمال، فمن أدركه منْ المسافة البعدى، أفضل ممن أدركه منْ المسافة القربى، وبين ذلك، وَقَدْ أشار إلى ذلك شيخنا -يعني الحافظ العراقيّ- فِي “شرح الترمذيّ”، فَقَالَ: الجمع بين هذه الروايات، أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، بتفاوت منازلهم، ودرجاتهم. ثم رأيت نحوه فِي كلام ابن العربي، فَقَالَ: ريح الجنة لا يُدرك بطبيعة، ولا عادة، إنما يدرك بما يخلق الله منْ إدراكه، فتارة يدركه منْ شاء الله منْ مسيرة سبعين، وتارة منْ مسيرة خمسمائة.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله الحافظ العراقيّ رحمه الله تعالى عندي أظهر. والله تعالى أعلم.