9 – فتح الكريم المنان شرح أصول الإيمان:
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا).
———-‘———–‘———‘
المطلب الثالث:
لبس الحلقة والخيط ونحوها:
أ. تعريف الحلقة:
ب. حكم لبس الحلقة والخيط ونحو ذلك:
———-‘——-‘——-‘
الحلقة: قطعة مستديرة من حديد أو ذهب أو فضة أو نحاس أو نحو ذلك، والخيط معروف، وقد يجعل من الصوف أو الكتان أو نحوه، وكانت العرب في الجاهلية تعلق هذا ومثله … لدفع الضر أو جلب النفع أو اتقاء العين يقول تعالى: (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا)
[سورة ا?سراء 56]
عن عِمران بن حُصَين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في يده حلقة من صُفر، [نحاس] فقال: {ما هذه؟} قال: من الواهنة!! قال: {انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا؛ فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً} رواه أحمد.
ب. حكم لبس الحلقة والخيط ونحو ذلك: محرم فإن اعتقد لابسها أنها مؤثرة بنفسها دون الله فهو مشرك شركا أكبر في توحيد الربوبية؛ لأنه اعتقد وجود خالق مدبر مع الله، تعالى الله عما يشركون.
وإن اعتقد أن الأمر لله وحده وأنها مجرد سبب، ولكنه ليس مؤثرا فهو مشرك شركا أصغر لأنه جعل ما ليس سببا سببا والتفت إلى غير الله بقلبه، وفعله هذا ذريعة للانتقال للشرك الأكبر إذا تعلق قلبه بها ورجا منها جلب النعماء أو دفع البلاء.
وفي كتاب التوحيد بوب:
باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: قوله: “من الشرك”: من هنا للتبعيض; أي: أن هذا بعض الشرك، وليس كل الشرك، والشرك: اسم جنس يشمل الأصغر والأكبر، ولبس هذه الأشياء قد يكون أصغر وقد يكون أكبر بحسب اعتقاد لابسها، وكان لبس هذه الأشياء من الشرك; لأن كل من أثبت سببا لم يجعله الله سببا شرعيا ولا قدريا; فقد جعل نفسه شريكا مع الله. فمثلا: قراءة الفاتحة سبب شرعي للشفاء. وأكل المسهل سبب حسي لانطلاق البطن، وهو قدري; لأنه يعلم بالتجارب. [القول المفيد: 1/ 164].
قوله: (باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما): المقصود بقوله: (ونحوهما) ما يكون نحو الحلقة والخيط مثل: الخرز، والتمائم، والحديد، ونحو ذلك مما قد يُلبس، ومثله أيضا ما يعلّق في البيوت، أو في السيارات، أو يعلّق على الصغار، ونحو ذلك، مما فيه لبس، أو تعليق، فكل ذلك يدخل في هذا الباب، وأنه من الشرك.
والحلقة: إما أن تكون من صُفر يعني: من نحاس، وإما أن تكون من حديد، أو تكون من أي معدن. والخيط: معروف، والمراد عَقْدُهُ في اليد على وجه الاعتقاد، وليس المراد خيطا بعينه. ” التمهيد” للشيخ صالح ال الشيخ
[السلف يستدلون بما نزل في الأكبر على الأصغر]
الدليل: قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) [سورة الزمر 38]
ولابن أبي حاتم عن حذيفة رضي الله عنه؛ أنه رأى رجلا في يده خيط من الحمى؛ فقطعه، وتلا قوله تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} (يوسف: 106). (4)
علق الشارح في تيسير العزيز الحميد (124 – 125):
ش قال ابن كثير في تفسيرها أي لا تستطيع شيئا من الأمر (قل حسبي الله) أي الله كافي من توكل عليه (وعليه يتوكل المتوكلون) كما قال هود عليه السلام حين قال له قومه (إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها).
قلت حاصله أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه و سلم أن يقول للمشركين (أرأيتم) أي أخبروني عما تدعون من دون الله أي تعبدونهم وتسألونهم من الأنداد والأصنام والآلهة المسميات بأسماء الإناث الدالة أسماؤهن على بطلانهن وعجزهن لأن الأنوثة من باب اللين والرخاوة كاللات والعزى (إن أرادني الله بضر) أي بمرض أو فقر أو بلاء أو شدة هل هن كاشفات ضره أي لا يقدرون على ذلك أصلا (أو أرادني برحمة) أي صحة وعافية وخير وكشف بلاء هل هن ممسكات رحمته قال مقاتل فسألهم النبي صلى الله عليه و سلم وسلم فسكتوا أي لأنهم لا يعتقدون ذلك فيها وإنما كانوا يدعونها على معنى أنها وسائط وشفعاء عند الله لا لأنهم يكشفون الضر ويجيبون دعاء المضطر فهم يعلمون أن ذلك لله وحده كما قال تعالى (ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون) وقد دخل في ذلك كل من دعي من دون الله من الملائكة والأنبياء والصالحين فضلا عن غيرهم فلا يقدر أحد على كشف ضر ولا إمساك رحمة كما قال تعالى (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم) وإذا كان كذلك بطلت عبادتهم من دون الله وإذا بطلت عبادتهم فبطلان دعوة الآلهة والأصنام أبطل وأبطل ولبس الحلقة والخيط لرفع البلاء أو دفعه كذلك فهذا وجه استدال المصنف بالآية وان كانت الترجمة في الشرك الأصغر فإن السلف يستدلون بما نزل في الأكبر على الأصغر كما استدل حذيفة وابن عباس وغيرهما وكذلك من جعل رؤوس الحمر ونحوها في البيت والزرع لدفع العين كما يفعله أشباه المشركين فإنه يدخل في ذلك.
قال العلامة السعدي رحمه الله: وهذا الباب يتوقف فهمه على معرفة أحكام الأسباب.
وتفصيل القول فيها: أنه يجب على العبد أن يعرف في الأسباب ثلاثة أمور:
أحدها: أن لا يجعل منها سببا إلا ما ثبت أنه سبب شرعا أو قدرا.
ثانيها: أن لا يعتمد العبد عليها، بل يعتمد على مسببها ومقدرها، مع قيامه بالمشروع منها، وحرصه على النافع منها.
ثالثها: أن يعلم أن الأسباب مهما عظمت وقويت فإنها مرتبطة بقضاء الله وقدره لا خروج لها عنه، والله تعالى يتصرف فيها كيف يشاء: إن شاء أبقى سببيتها جارية على مقتضى حكمته ليقوم بها العباد ويعرفوا بذلك تمام حكمته حيث ربط المسببات بأسبابها والمعلولات بعللها، وإن شاء غيرها كيف يشاء لئلا يعتمد عليها العباد وليعلموا كمال قدرته، وأن التصرف المطلق والإرادة المطلقة لله وحده، فهذا هو الواجب على العبد في نظره وعمله بجميع الأسباب.
إذا علم ذلك فمن لبس الحلقة أو الخيط أو نحوهما قاصدا بذلك رفع البلاء بعد نزوله، أو دفعه قبل نزوله فقد أشرك، لأنه إن اعتقد أنها هي الدافعة الرافعة فهذا الشرك الأكبر. وهو شرك في الربوبية حيث اعتقد شريكا مع الله في الخلق والتدبير.
وشرك في العبودية حيث تأله لذلك وعلق به قلبه طمعا ورجاء لنفعه، وإن اعتقد أن الله هو النافع الرافع وحده ولكن اعتقدها سببا يستدفع بها البلاء فقد جعل ما ليس سببا شرعيا ولا قدريا سببا، وهذا محرم وكذب على الشرع وعلى القدر. (القول السديد) (ص 43 – 44).
[الأماكن التي يفعل فيها الشرك تهدم و هي من صلاحيات الإمام أو نائبه]
قال ابن القيم في ” زاد المعاد ” (3/ 22) في صدد بيان ما تضمنته غزوة تبوك من الفقه والفوائد وبعد أن ذكر قصة مسجد الضرار الذي نهى الله تبارك وتعالى نبيه أن يصلي فيه وكيف أنه صلى الله عليه وسلم هدمه وحرقه قال:
وكل مكان هذا شأنه فواجب على الإمام تعطيله إما بهدم أو تحريق وإما بتغيير صورته وإخراجه عما وضع له وإذا كان هذا شأن مسجد الضرار فمشاهد الشرك التي تدعو سدنتها إلى اتخاذ من فيها أندادا من دون الله أحق بذلك وأوجب وكذلك محال المعاصي والفسوق كالحانات وبيوت الخمارين وأرباب المنكرات وقد حرق عمر بن الخطاب قرية بكاملها يباع فيها الخمر وحرق حانوت رويشد الثقفي وسماه فويسقا وحرق قصر سعد لما احتجب عن الرعية وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت تاركي حضور الجماعة والجمعة وإنما منعه من فيها من النساء والذرية الذين لا تجب عليهم كما أخبر هو عن ذلك.
قال الألباني: -: مفهوم هذا أن ذلك لا يجب على غير الإمام ومثله من ينوب عنه وهذا هو الذي يقتضيه النظر الصحيح لأنه لو قام به غيره لترتب على ذلك مفاسد وفتن بين المسلمين قد تكون أكبر من المصلحة التي يراد جلبها. (تحذير الساجد) (ص 49).
و قال العلامة الفوزان حفظه الله: لا يجوز هدم الأضرحة الا بالسلطة .. [المصدر: شرح فتح المجيد شرح كتاب التوحيد بتاريخ 6/ 6/ 1434]. و المقطع منشور في الشبكة.