9 . التعليق على الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ونوح وعبدالخالق، وموسى الصوماليين.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——-‘——-
——-‘——-‘——-
——-‘——-‘——–
الصحيح المسند 9 أخرج عبدالله بن أحمد في زوائده على المسند
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: إن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كا يُوتِرُ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
وفي رواية أيضا …. فإذا سلم قال: سبحان الملك القدوس ثلاث مرات
——–‘——-
أولا: تخريج الحديث:
ورد عند النسائي زيادة: ( … يطيل في آخرهن) أي يرفع صوته.
وفي رواية: ( …. ولا يسلم إلا في آخرهن)
وصححه الألباني في “صحيح ابن ماجه”. وصححه الأثيوبي في شرحه لسنن النسائي.
والحديث سيأتي من مسند عبد الرحمن بن أبزى من الصحيح المسند 890 وهو الراجح لأن رواة هذا الوجه أكثر. وبينا شذوذ لفظة (رب الملائكة والروح) حيث نقل ابن حجر في الاتحاف تفرد فطر بها.
وكذلك نقلنا عن العقيلي حكمه بالشذوذ على زيادة المعوذتين
قال العقيلي: حديث أبي بن كعب وابن عباس بإسقاط المعوذتين أصح يعني من حديث عائشة راجع تخريج المسند 4/ 453
روى أحمد (2715) والترمذي (462) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ: بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وصححه الألباني في “صحيح الترمذي”.
– لفظة (يقنت … قبل الركوع) أعلها أبوداود ونقل كلامه البيهقي ودافع ابن التركماني عنها
قال الأثيوبي في شرح السنن:
المسألة الرابعة: في قوله: “ويقنُتُ قبل الركوع” قد تكلّم بعض الحفّاظ في صحة هذه الزيادة ثم نقل كلام أبي داود في الإعلال …..
قال ابن التركمانيّ: وقد رُوي القنوت في الوتر قبل الركوع عن الأسود، وسعيد بن جبير, والنخعيّ، وغيرهم، رواه عنهم ابن أبي شيبة في “مصنّفه” بأسانيده، وقال أيضًا: ثنا أبو خالد الأحمر، عن أشعث، عن الحَكَم، عن إبراهيم، قال: كان عبد اللَّه لا يقنت في السنة كلها في الفجر، ويقنت في الوتر كلّ ليلة قبل الركوع، قال أبو بكر -هو ابن أبي شيبة-: هذا القول عندنا، وقال أيضًا: ثنا يزيد بن هارون، ثنا هشام الدستوائيّ، عن حماد -هو ابن أبي سليمان- عن إبراهيم، عن علقمة، أن ابن مسعود، وأصحاب النبي – صلى اللَّه عليه وسلم – كانوا يقنتون في الوتر قبل الركوع. وهذا سند صحيح، على شرط مسلم.
وفي “الإشراف” لابن المنذر: روينا عن عمر، وعليّ، وابن مسعود، وأبي موسى الأشعريّ، وأنس، والبراء بن عازب، وابن عبّاس، وعمر بن عبد العزيز، وعَبيدة، وحُميد الطويل، وابن أبي ليلى، أنهم رأوا القنوت قبل الركوع، وبه قال إسحاق. انتهى.
وروى محمد بن نصر، عن الأسود، قال: صحبت عمر – رضي اللَّه عنه – ستة أشهر، فكان يقنت في الوتر، وكان عبد اللَّه يقنت في الوتر السنة كلها. وعن عليّ – رضي اللَّه عنه – أنه كان يقنت في رمضان كله، وفي غير رمضان في الوتر. وروى عن الأسود، أن عمر بن الخطاب قنت في الوتر قبل الركوع. وعن ابن مسعود أنه قنت في الوتر بعد القراءة قبل الركوع. قال محمد بن نصر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وعن عبد اللَّه بن شدّاد، صليت خلف عمر، وعلي، وأبي موسى، – رضي اللَّه عنهم -، فقنتوا في صلاة الصبح قبل الركوع. وعن حميد، سألت أنسًا – رضي اللَّه عنه – عن القنوت قبل الركوع، وبعد الركوع؟ فقال: كنّا نفعل قبل، وبعد. وقنت الأسود في الوتر قبل الركعة. وسئل أحمد عن القنوت في الوتر قبل الركوع، أم بعده، وهل تُرفع الأيدي في الدعاء في الوتر؟ فقال: القنوت بعد الركوع، ويرفع يديه، وذلك على قياس فعل النبي – صلى اللَّه عليه وسلم – في القنوت في الغداة، وبذلك قال أبو أيوب، وأبو خيثمة، وابن أبي شيبة. وقال أبو داود: رأيت أحمد يقنت به إمامه بعد الركوع، وإذا فرغ من القنوت، وأراد أن يسجد رفع يديه، كما يرفعهما عند الركوع. وكان إسحاق يختار القنوت بعد الركوع في الوتر. قال محمد بن نصر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذا الرأي أختاره. انتهى.
قال الجامع – عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي يترجح عندي أن الأمر في هذا واسع، فيجوز القنوت قبل الركوع، لصحة حديث الباب، ويجوز بعد الركوع لكثرة الأحاديث الصحيحة أنه – صلى اللَّه عليه وسلم – كان يقنت بعد الركوع في الصبح.
واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل. انتهى كلام الأثيوبي
المهم إعلال أبي داود معتبر. لكن الآثار تدل على شرعية القنوت خاصة أن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه القنوت في النوازل فهو دعاء وهو من شؤون الصلاة وكونه يفعل في الوتر للآثار الواردة. وابن مسعود كان يكثر من القنوت في الوتر. وعمر كان يفعله كثير. وغير ذلك من الآثار.
أما ما ورد عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه في الوتر أن يقول: اللهم فيمن هديت لا يصح وبينا ذلك.
——-‘——‘——
ثانيا: شرح مفردات الحديث:
*قال الأثيوبي حفظه الله في الذخيرة:*
(عَن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) – رضي اللَّه تعالى عنه – (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى اللَّه عليه وسلم -، كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ) أي بتسليمةَ واحدة، لما في الرواية الآتية: “ولا يُسلّم إلا في آخرهنّ”. وفيه مشروعية الإيتار بثلاث ركعات وصلاً، وقد تقدّم في الباب الماضى ما قاله أهل العلم في ذلك، وأن الراجح كونها بتشهّد واحد في آخرها (كانَ يَقْرَأُ فِي الْأولَى بِـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} أي بعد الفاتحة (وَفِي الثَّانِيَةِ بِـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وَفِي الثالِثَةِ بِـ {قُل هُوَ اَللهُ أَحَدٌ}، وَيَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ) قال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ظاهره القنوت في الوتر، نعم لا يدلّ هذا الحديث على كونه واجبًا في الوتر، واللَّه تعالى أعلم (فَإِذَا فَرَغَ، قَالَ: عِنْدَ فَرَاغِهِ) أي بعد التسليم، كما يأتي قريبًا (سُبْحَانَ المَلِكِ الْقُدُّوسِ) أي البالغ أقصى النزاهة عن كلّ وصف ليس فيه غاية الكمال المطلق. وقال الطيبيّ: هو الطاهر المنزّه عن العيوب والنقائص، وفعول من أبنية المبالغة. وزاد الدارقطنيّ، والبيهقيّ في روايتهما: “ربّ الملائكة والروح” (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) أي يقوله ثلاث مرات، وفيه مشروعية التسبيح بهذه الصيغة بعد الفراغ من الوتر ثلاث مرات (يُطِيلُ فِي آخِرِهِنَّ) أي يرفع صوته بهذا التسبيح في المرة الثالثة.
—–
ثالثا: مسائل الحديث:
1 – ثبت أن النبي صلى الله عليه كان يوتر بثلاث متصلة، ومنفصلة.
روى أحمد (24539) عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الحجرة وأنا في البيت، فيفصل بين الشفع والوتر بتسليم يسمعناه وصححه محققو المسند.
ورواه ابن حبان من حديث ابن عمر (2434) وصححه شعيب الأرنؤوط.
وروى البخاري (991) أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ: ” كَانَ يُسَلِّمُ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَالرَّكْعَتَيْنِ فِي الوِتْرِ حَتَّى يَامُرَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ “.
فهذه ثلاثة مفصولة، وقد سماها وترا.
وجماهير العلماء على أن الوتر بثلاث له صفتان: أن يسردها سردا، أو يسلم بعد ركعتين.
قال ابن قدامة: “الذي يختاره أبو عبد الله [يعني: الإمام أحمد] أن يفصل ركعة الوتر بما قبلها. وقال: إن أوتر بثلاث لم يسلم فيهن، لم يضيق عليه عندي. وقال: يعجبني أن يسلم في الركعتين، وممن كان يسلم بين الركعتين والركعة: ابن عمر حتى يأمر ببعض حاجته، وهو مذهب معاذ القارئ، ومالك، والشافعي، وإسحاق” انتهى من “المغني” (2/ 115).
2 – :ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوتر بثلاث قرأ: سبح والكافرون والإخلاص، وهذا يشمل ما لو أوتر بثلاث متصلة أو منفصلة. كما في حديث عبدالرحمن بن أبزى أو حديث أبي بن كعب على الخلاف من هو صحابي الحديث
قال ابن المنذر رحمه الله: “وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، قَرَأَ فِي الْأُولَى مِنْهَا بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَفِي الثَّانِيَةِ بِـ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ، وَيَاتِي بِالرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، وَيَقْرَأُ فِيهَا قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ” انتهى من “الأوسط” (5/ 187).
3 – زيادة المعوذتين جاءت في حديث عائشة عند الترمذي (463) وهو مختلف في صحته، وقد صححه الحاكم ووافقه الذهبي، وحسنه الحافظ ابن حجر في “نتائج الأفكار” وصححه الألباني في “صحيح الترمذي”.
وضعفه الإمام أحمد ويحيى بن معين والعقيلي والشوكاني وغيرهم.
——
4 – قال الأثيوبي: الحديث فيه سنية الجهر بهذا الذكر في المرّة الثالثة، وهكذا كلّ ما ثبت عن النبي – صلى اللَّه عليه وسلم – الجهر فيه، نعم الإسرار أفضل حيث لم يُنقل عنه الجهر فيه.
قال المظهر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا يدلّ على جواز الذكر برفع الصوت، بل على استحبابه إذا اجتنَبَ الرياء، إظهارًا للدين، وتعليمًا للسامعين، وإيقاظًا لهم من رقدة الغفلة، وايصالاً لبركة الذكر إلى مقدار ما يبلغ الصوت إليه من الحيوان، والشجر، والحجر، والمدر، وطلبًا لاقتداء الغير بالخير، وليشهد له كلّ رطب ويابس سمع صوته انتهى.
واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.