(89) (964) تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ المقام في مسجد / الشيخ طحنون آل نهيان/ ومسجد محمد بن رحمة الشامسي
(بإشراف: سيف بن دورة الكعبي)
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3،والمدارسة، والاستفادة
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
مجموعة خميس العميمي
”””””””””””
964_ قال الإمام الترمذي رحمه الله ج7ص377: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ أَبِي السَّفَرِ وَاسْمُهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَصَابَ حَدًّا فَعُجِّلَ عُقُوبَتَهُ فِي الدُّنْيَا فَاللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ يُثَنِّيَ عَلَى عَبْدِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الْآخِرَةِ وَمَنْ أَصَابَ حَدًّا فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَفَا عَنْهُ فَاللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَعُودَ إِلَى شَيْءٍ قَدْ عَفَا عَنْهُ.
جمع الشرح مجموعة خميس العميمي:
قال أبو عيسى وهذا حديث حسن غريب وهذا قول أهل العلم لا نعلم أحدا كفر أحدا بالزنا أو السرقة وشرب الخمر.
تحقيق الألباني:
ضعيف، ابن ماجة (2604) ضعيف سنن ابن ماجة برقم (567) مع اختلاف في اللفظ، ضعيف الجامع الصغير (5423)، المشكاة (3629) //
قلت: وكأن سبب تضعيفه الشيخ الألباني هو عنعنة أبي إسحاق، أما الشيخ مقبل فيمشيها.
وورد من حديث عبادة بن الصامت بلفظ:
” تعالوا بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا،
ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا
تعصوني في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب
به في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فأمره إلى الله
، إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه “.
و حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وله عنه ثلاث طرق: الأولى:
وهي الأشهر: عن أبي إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني أن عبادة ابن
الصامت من الذين شهدوا بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أصحابه
ليلة العقبة أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وحوله عصابة من
أصحابه : (فذكر الحديث) قال: فبايعته على ذلك. أخرجه البخاري (1/ 54
58 و 7/ 176 و 8/ 518 و 12/ 69 70 و 13/ 173) والسياق له في رواية،
ومسلم (5/ 127) والترمذي (1439) والنسائي (2/ 182 و 183) والدارمي (
2/ 220) وأحمد (5/ 314 و 340) وزاد في رواية بعد قوله: ولا تقتلوا
أولادكم: ” قرأ الآية التي أخذت على النساء: (إذا جاءك المؤمنات).
وهي رواية لمسلم. الطريق الثانية: عن الصنابحي عن عبادة به مختصرا، وزاد فيه
: ” ولا تنتهب “.
الصحيحة (2317 و 2999)
وهذه تتمات للبحث:
وهذا باحث كتب بحث بعنوان (أين نحن من خلق الستر)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي محمد المبعوث رحمة للعالمين، وبعد:
من المعلوم أن الستر خلق رفيع، ما أحوج أمتنا تمثله في حياتها، الكل يحتاج إليه، رجالا ونساء، صغارا وكبارا.
1 حقيقة الستر:
الستر صفة من صفات العلي القدير، وهو سبحانهسِتِّير يحب الستر، ففي الحديث:” إن الله حيي ستير يحب الحياء والستر “.
ويحققها لعباده في يوم هم أحوج ما يكونون إليها، حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” يدنو أحدكم من ربه، فيقول: أعملتَ كذا وكذا؟ فيقول: نعم. ويقول: عملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم. فيقرره، ثم يقول: إني سترتُ عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم “.
وجاء في حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إني لأعلم آخرَ أهلِ الجنّة دخولاً الجنّة وآخر أهل النار خروجاً منها: رجل يؤتى به يوم القيامة. فيقول: اعرضُوا عليه صِغارَ ذنوبِه. فيقال: عملتَ يومَ كذا وكذا كذا وكذا، وعملتَ يومَ كذا وكذا كذا وكذا. فيقول: نعم، لا يستطيعُ أن يُنكِرَ وهو مُشْفِقٌ من كبارِ ذُنوبِه أن تُعرَض عليه. فيقال له: فإنَّ لك مكانَ كلِّ سيئةٍ حسنةً. فيقول: رب قد عملتُ أشياءَ لا أراها هاهنا. فلقد رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ضحك؛ حتى بَدَتْ نَواجِذُه “.
وهو صفة في الإنسان يحبها الله عز وجل، لهذا تحلى بها الأنبياء والمرسلون ومن تابعهم بإحسان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن موسى كان رجلا حييا ستيرا لا يُرى من جلده شئ استحياء منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل فقالوا: ما يستر هذا التستر إلا من عيب بجلده …. “. صحيح البخاري. وعن أبي السمح رضي الله عنه قال: كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فكان إذا أراد أن يغتسل قال:”ولني قفاك”. وأنشر الثوب فأستره به.
2 فضل الستر: ولمزيد من بيان قيمته وقدره، تحدثت الشريعة عن فضله، فستر الانسان نفسه، أو ستره لغيره، لا يعني الستر المطلق، إنما هو الستر الدنيوي ليس غير، وإلا فرب العالمين مطلع على كل شيء، على كل صغيرة وكبيرة، قال تعالى:” وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم، ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون”.
لكن مع ذلك فالستر مطلوب، وأعطى عليه رب العالمين من الفضل والثواب ما يحث على التزامه، ومن ذلك:
أالجزاء من جنس العمل، الستر في الدنيا ويوم القيامة:
حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على ستر العورات؛ فقال:” لا يستر عبدٌ عبدًا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ”
وقال صلى الله عليه وسلم:” من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة “.
وقال صلى الله عليه وسلم:” ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة “.أخرجه مسلم 2699
بثوابه الجنة: أخرج الطبراني عن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ” لا يرى مؤمن من أخيه عورة فيسترها عليه، إلا أدخله الله بها الجنة “.
قلت سيف: في تخريج الإحياء للعراقي قال: رواه الطبراني في الأوسط والصغير والخرائطي في مكارم الأخلاق واللفظ له بسند ضعيف. وهو في ضعيف الترغيب للالباني
جالدفاع عنهم والانتقام لهم؛ لأن من تجرأ على فضح أخيه تكفل الله بفضحه وكشف ستره عنه، حتى إن كان في جوف رحله، جاء في الحديث عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ فَقَالَ:” يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِه ِ”.
قلت سيف: هو في صحيح الترغيب، والصحيح المسند 725
من رحمةِ الله عزَّ وجلَّ بِخَلقِه، أنه نَهَى العبدَ أنْ يَهتكَ سِترَه بِنَفسِه، كما روى البخاري في باب (ستر المؤمنِ على نفسِه) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:” كلُّ أمتِي مُعافًى إلا المجاهِرين، وإنَّ من المجاهرةِ أن يعملَ الرجلُ بالليلِ عملا، ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان عملتُ البارحةَ كذا وكذا؛ وقد بات يسترُه ربُّه ويُصبِحُ يكشفُ سِترَ الله عنه”.
3 أنواع الستر:
أستر العورات: المسلم يستر عورته، ولا يكشفها لأحد، لا يحل له أن يراها.
ومنه حديث (يحشر الناس حفاة عراة غرلا قالت عائشة: كيف بالعراة … )
بالستر عند الإغتسال.
جالستر عند قضاء الحاجة.
ستر أسرار الزوجية.
ومن الستر عدم وضع الزوجة ثيابها في غير بيت زوجها.
وستر الصدقة: المسلم لا يبتغي بصدقته إلا وجه الله سبحانه، لذا فهو يسترها ويخفيها حتى لا يراها أحد سوى الله عز وجل.
زستر الرؤيا السيئة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان؛ فإذا رأى أحدكم شيئًا يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات إذا استيقظ، وليتعوذ بالله من شرها فإنها لن تضره إن شاء الله”.
حستر وساوس الشيطان: إذا تحدث المؤمن في نفسه بشَرٍّ، أو نوى أن يقوم بمعصية، لكنه عاد إلى رشده؛ فإن عليه ألا يذكر ما جال بخاطره وما حدثتْه به نفسه من الشر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” إن الله عز وجتجاوز لأمتي عما حدثتْ به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم به”.
ستر الميت: عن أبي أمامة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” من غسل ميتا فستره ستره الله من الذنوب، ومن كفنه كساه الله من السندس “.
قلت سيف: ذكره الألباني في الصحيحة 2353، وأحسن إسناد له هو ما رواه الطبراني في الكبير 8078 من طريق معتمر بن سليمان عن أبي عبدالله الشامي عن أبي غالب به، وظن الشيخ الألباني أن الشامي هذا هو المذكور في كنى البخاري 49/ 427: أبوعبدالله الشامي، روى عنه جعفر بن سليمان. وتراجع في الضعيفه 6852 عن تصحيح هذا الشاهد لأنه الشامي غلب على ظنه انه محمد بن سعيد بن حسان المطلوب
بينما ذهب باحث إلى أن اسم الشامي مرزوق ومذكور في شيوخ المعتمر بن سليمان قال فيه ابن معين كما في تهذيب الكمال: لا بأس به، ووثقه ابن حبان.
قلت سيف: شيخ الطبراني فيه هو عبدالله بن أحمد بن حنبل. فيبعد أن يروي عن المصلوب.
لكن وجدت له عله فأخرجه أبوالقاسم الحرفي في جزئه 52 وفيه: حديث غريب من حديث معتمر مسندا ورواه أحمد بن حنبل عن معتمر موقوفا على أبي أمامه وهو الصحيح.
4 أشياء تجلب ستر الله: الطريق إلى ستر الله سهل ميسور على من يسَّره الله عليه، ومن الأسباب التي تجلب الستر على العبد المؤمن:
أالصدقة: لَبِسَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَالَ: “الْحَمْدُ للهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي”، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الثَّوْبِ الَّذِي أَخْلَقَ فَتَصَدَّقَ بِهِ ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:” مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الثَّوْبِ الَّذِي أَخْلَقَ فَتَصَدَّقَ بِهِ كَانَ فِي كَنَفِ اللهِ وَفِي حِفْظِ اللهِ وَفِي سَتْرِ اللهِ حَيًّا وَمَيِّتًا”.
قلت سيف: هو في الضعيفه 2700، وراجع الضعيفه 4649، 4542، والعلل المتناهية 1130
بالرفق وبر الوالدين والإحسان: من الأشياء التي تجعل العبد يدخل فيمن شملهم الله بستره وحفظه، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ سَتَرَ اللهُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَأَدْخَلَهُ جَنَّتَهُ: رِفْقٌ بِالضَّعِيف ِ، وَشَفَقَةٌ عَلَى الْوَالِدَيْنِ وَإِحْسَانٌ إِلَى الْمَمْلُوك “.
قلت سيف: ذكره الألباني في الضعيفه 92 وعزاه الترمذي وقال فيه: موضوع
جستر عورات المسلمين وزلاتهم: يُحكى أن عقبة بن عامر رضي الله عنهكان له كاتب، وكان جيران هذا الكاتب يشربون الخمر؛ فقال يومًا لعقبة: إنَّ لنا جيرانًا يشربون الخمر، وسأبلغ الشرطة ليأخذوهم، فقال له عقبة: لا تفعل وعِظْهُمْ. فقال الكاتب: إني نهيتهم فلم ينتهوا، وأنا داعٍ لهم الشرطة ليأخذوهم، فهذا أفضل عقاب لهم. فقال له عقبة: ويحك. لا تفعل؛ فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة “.
قلت سيف: ضعفه الألباني في الضعيفه 1265.
عن مريم بنت طارق: أن امرأة قالت لعائشة: يا أم المؤمنين إن كَريَّا (هو من يؤجرك دابته) أخذ بساقي وأنا محرمة، فقالت: حِجرا حِجرا حَجرا (أي: سترا وبراءة من ذلك) وأعرضت بوجهها وقالت: يا نساء المؤمنين، إذا أذنبت إحداكن ذنبا فلا تخبرن به الناس ولتَستَغفِرَنَّ الله ولتَتُب إليه؛ فإن العباد يُعَيِّرون ولا يُغَيِّرون، والله تعالى يُغَيِّرُ ولا يُعَيِّر “. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ” من أطفأ على مؤمن سيئة فكأنما أحيا موءودة”، وعن أبي الشعثاء قال: كان شرحبيل بن السمط على جيش فقال: إنكم نزلتم بأرض فيها نساء وشراب، فمن أصاب منكم حدا فليأتنا حتى نطهره، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فكتب إليه: لا أم لك، تأمر قوما ستر الله عليهم أن يهتكوا ستر الله عليهم.
قلت سيف: فيه سعيد بن حيان لم يوثقه معتبر.
ومريم بنت طارق لم أجد فيها جرحاً ولا تعديلا.
5 شروط الستر: إذا أراد المسلم أن يستر أخاه، فإن هناك شروطًا لابد أن يراعيها عند ستره؛ حتى يحقق الستر الغرض المقصود منه، وأهم هذه الشروط:
أأن يكون الستر في موعده المحدد له؛ فيستر المسلم أخاه عند فعله للمعصية وبعدها، بألا يتحدث للناس بأن فلانًا يرتكب المعاصي.
بأن تكون المعصية التي فعلها المسلم لا تتعلق بغيره ولا تضر أحدًا سواه، أما إذا وصل الضرر إلى الناس فهنا يجب التنبيه على تلك المعصية لإزالة ما يحدث من ضرر.
جأن يكون الستر وسيلة لإصلاح حال المستور بأن يرجع عن معصيته ويتوب إلى الله تعالى، أما إذا كان المستور ممن يُصِرُّ على الوقوع في المعصية، وممن يفسد في الأرض، فهنا يجب عدم ستره حتى لا يترتب على الستر ضرر يجعل العاصي يتمادى في المعصية.
دألا يكون الستر وسيلة لإذلال المستور واستغلاله وتعييره بذنوبه.
هـألا يمنع الستر من أداء الشهادة إذا طلبت:” ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه “. البقرة/ 283.
والستر مرهون برد المظالم، فإذا لم ترد فالساتر شريك للمستور عليه في ضياع حق الغير.
6 عقوبة فضح الناس: الذين لا يسترون الناس ويشيعون بينهم الفاحشة، فإن لهم العذاب الأليم من الله تعالى حيث يقول: ” إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون “. سورة النور /19. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته “.
7 السلف والستر: يحكى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنهجلس بين مجموعة من أصحابه، وفيهم جرير بن عبد الله رضي الله عنهوبينما هم جالسون أخرج أحد الحاضرين ريحًا، وأراد عمر أن يأمر صاحب ذلك الريح أن يقوم فيتوضأ، فقال جرير لعمر: يا أمير المؤمنين، أو يتوضأ القوم جميعًا. فسُرَّ عمر بن الخطاب من رأيه وقال له: رحمك الله. نِعْمَ السيد كنت في الجاهلية، ونعم السيد أنت في الإسلام.
قال أبو بكر رضي الله عنه: ” لو أخذت سارقا لأحببت أن يستره الله، ولو أخذت شاربا لأحببت أن يستره الله “.
وعن عثمان بن أبي سودة قال: لا ينبغي لأحد أن يهتك ستر الله. قيل: وكيف يهتك ستر الله؟ قال: يعمل الرجل الذنب فيستره الله عليه فيذيعه في الناس.
وعن علام بن مسقين قال: سأل رجل الحسن فقال: يا أبا سعيد، رجل عَلِمَ من رجل شيئا، أيفشي عليه؟ قال: يا سبحان الله! لا.
وعن يحيى بن معين قال: أخطأ عفان في نيف وعشرين حديثا ما أعلمت بها أحدا وأعلمته في ما بيني وبينه، ولقد طلب إلي خلف بن سالم فقال: قل لي أي شئ هي؟. فما قلت له وكان يحب أن يجد عليه. قال يحيى: ما رأيت على رجل قط خطأ إلا سترته، وأحببت أن أزين أمره، وما استقبلت رجلا في وجهه بأمر يكرهه، ولكن أبين له خطأه في ما بيني وبينه فإن قبل ذلك وإلا تركته “.
تنبيه: قال صاحبنا أحمد بن علي:
ومن ذلك: فراسة العباس رضي الله عنه ما ذكره مجاهد قال «بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه إذ وجد ريحا. فقال: ليقم صاحب هذه الريح فليتوضأ. فاستحيا الرجل، ثم قال: ليقم صاحب هذه الريح فليتوضأ. فإن الله لا يستحيي من الحق.
فقال العباس: ألا نقوم كلنا نتوضأ؟». هكذا رواه الفريابي عن الأوزاعي مرسلا، ووصله عن محمد بن مصعب، فقال: عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما
وقد جرت مثل هذه القضية في مجلس عمر رضي الله عنه قال الشعبي: ” كان عمر في بيت، ومعه جرير بن عبد الله البجلي. فوجد عمر ريحا. فقال: عزمت على صاحب هذه الريح لما قام فتوضأ. فقال جرير: يا أمير المؤمنين، أو يتوضأ القوم جميعا. فقال عمر: يرحمك الله. نعم السيد كنت في الجاهلية، ونعم السيد وأنت في الإسلام “.
هكذا ذكره ابن القيم في الطرق الحكمية من غير سند
وفي فوائد منتقاة من حديث أبي شعيب الحراني
ثنا أَبُو شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى، ثنا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي وَاصِلُ بْنُ أَبِي جَمِيلٍ أَبُو بَكْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: وَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِيحًا، فَقَالَ: ” لِيَقُمْ صَاحِبُ الرِّيحِ فَلْيَتَوَضَّا “. فَاسْتَحْيَا الرَّجُلُ أَنْ يَقُومَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لِيَقُمْ صَاحِبُ هَذِهِ الرِّيحِ فَلْيَتَوَضَّا “. فَاسْتَحْيَا الرَّجُلُ أَنْ يَقُومَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لِيَقُمْ صَاحِبُ هَذِهِ الرِّيحِ فَلْيَتَوَضَّا؛ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحِي مِنَ الْحَقِّ “. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلا نَقُومُ كُلُّنَا فَلْنَتَوَضَّا، قَالَ: ” قُومُوا كُلُّكُمْ فَتَوَضَّئُوا “.
حديث ” قوموا كلكم فتوضأوا “.
قال الألباني في ” السلسلة الضعيفة و الموضوعة ” (3/ 267):1132
باطل.
8 تربية الأبناء على حفظ السر: مما يجدر بنا أن نفعله أن نُربيَ أبناءنا على حفظ الأسرار وأمانة المجالس، وعدم إفشاء أحاديثها كما فعلت أم أنس رضي الله عنهما، جاء في الحديث أن أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَبَعَثَنِي فِي حَاجَةٍ فَأَبْطَات عَلَى أُمِّي، فَلَمَّا جِئْت قَالَتْ مَا حَبَسَك؟ قُلْت بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ، قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْت: إنَّهَا سِرّ ٌ، قَالَتْ: لا تُخْبِرْنَ بِسِرِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا. قَالَ أَنَسٌ:” وَاَللهِ لَوْ حَدَّثْت بِهِ أَحَدًا لَحَدَّثْتُك بِهِ يَا ثَابِتُ”.
وَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ: “يَا بُنَيَّ .. إنِّي أَرَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِيكَيَعْنِي عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْفَاحْفَظْ عَنِّي ثَلاثًا: لا تُفْشِيَنَّ لَهُ سِرًّا، وَلا تَغْتَابَنَّ أَحَدًا، وَلا يَطَّلِعَنَّ مِنْك عَلَى كِذْبَةٍ”.
نسأل الله أن يسترنا فوق الارض، ويسترنا تحت الارض، ويسترنا يوم العرض عليه، آمين ..