88 – عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————
مصنف عبدالرزاق
-[17932] عَنْ مَعْمَرٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ زِنْبَاعًا أَبَا رَوْحِ بْنَ زِنْبَاعٍ وَجَدَ غُلامًا لَهُ مَعَ جَارِيَةٍ، فَقَطَعَ ذَكَرَهُ وَجَدَّعَ أَنْفَهُ، فَأَتَى الْعَبْدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ: ” مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ “، قَالَ: فَعَلَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: ” اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ “، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: وَسَمِعْتُ أَنَا مُحَمَّدَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيَّ يُحَدِّثُ بِهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
قال سيف وصاحبه: على شرط الذيل على الصحيح المسند من طريق معمر.
وراجع تحقيقنا لسنن أبي داود 4519
——-
المثلة من اسباب العتق
قوله (أَنَّ زِنْبَاعًا) ضبط بكسر زاي (أَبَا رَوْحٍ) ضبط بفتح راء (فَجَدَعَ) بالتخفيف من الجدع: وهو قطع الأنف والأذن واليد (وَجَبَّهُ) أي: قطع مذاكيره، كما جاء في رواية (فَأَنْتَ حُرٌّ) لعله أعتق عليه، لئلا يجترئ الناس على مثله (فَمَوْلَى مَنْ) بإضافة المولى إلى من الاستفهامية، وهو مبتدأ خبره: (أَنَا) (قَالَ: مَوْلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) أي: أنت مولى الله ورسوله، أي: حيث أعتقك رسوله بأمره تعالى (وَعَلَى عِيَالِكَ) لعل له أولادًا أو غيره قبل أن يجبه سيده، أو اشترى بعض المماليك بعد ذلك، وفي (المجمع): رواه أبو داود باختصار، رواه أحمد، ورجاله ثقات. حاشية السندي على مسند الامام أحمد
قال الشوكاني في نيل الأوطار (6/ 101): والأحاديث تدل على أن المثلة من أسباب العتق وقد اختلف: هل يقع العتق بمجردها أم لا؟ فحكي في البحر عن علي والهادي والمؤيد بالله والفريقين أنه لا يعتق بمجردها، بل يؤمر السيد بالعتق فإن تمرد فالحاكم
وقال مالك والليث وداود والأوزاعي: بل يعتق بمجردها.
وحكي في البحر أيضا عن الأكثر أن من مثل بعبد غيره لم يعتق وعن الأوزاعي أنه يعتق ويضمن القيمة للمالك قال النووي في شرح مسلم عند الكلام على حديث سويد بن مقرن المتقدم أنه أجمع العلماء أن ذلك العتق ليس واجبا، وإنما هو مندوب رجاء الكفارة وإزالة إثم اللطم وذكر من أدلتهم على عدم الوجوب إذنه – صلى الله عليه وسلم – لهم بأن يستخدموها ورد بأن إذنه – صلى الله عليه وسلم – لهم باستخدامها لا يدل على عدم الوجوب، بل الأمر قد أفاد الوجوب والإذن بالاستخدام دل على كونه وجوبا متراخيا إلى وقت الاستغناء عنها، ولذا أمرهم عند الاستغناء بالتخلية لها
ونقل النووي أيضا عن القاضي عياض أنه أجمع العلماء على أنه لا يجب إعتاق بشيء مما يفعله المولى من مثل هذا الأمر الخفيف، يعني اللطم المذكور في حديث سويد بن مقرن قال: واختلفوا فيما كثر من ذلك وشنع من ضرب مبرح لغير موجب أو تحريق بنار أو قطع عضو أو إفساده أو نحو ذلك؛ فذهب مالك والأوزاعي والليث إلى عتق العبد بذلك ويكون ولاؤه له ويعاقبه السلطان على فعله، وقال سائر العلماء: لا يعتق عليه اهـ.
وبهذا يتبين أن الإجماع الذي أطلقه النووي مقيد بمثل ما ذكره القاضي عياض واعلم أن ظاهر حديث ابن عمر الذي ذكرناه يقتضي أن اللطم والضرب يقتضيان العتق من غير فرق بين القليل والكثير والمشروع وغيره، ولم يقل بذلك أحد من العلماء وقد دلت الأدلة على أنه يجوز للسيد أن يضرب عبده للتأديب، ولكن لا يجاوز به عشرة أسواط ومن ذلك حديث: «إذا ضرب أحدكم خادمه فليجتنب الوجه» فأفاد أنه يباح ضربه في غيره ومن ذلك الإذن لسيد الأمة بحدها، فلا بد من تقييد مطلق الضرب الوارد في حديث ابن عمر هذا بما ورد من الضرب المأذون به، فيكون الموجب للعتق هو ما عداه.
(مالك أنه بلغه) مما أسنده عبد الرزاق وغيره من وجوه (أن عمر بن الخطاب أتته وليدة) أمة (قد ضربها سيدها بنار وأصابها) أي بالنار شك الراوي ولعبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال أقعد سفيان بن الأسود بن عبد الله أمة له على مقلاة له فاحترق عجزها فأتت عمر (فأعتقها) أي حكم عمر بعتقها لوقوع الحكم بالعتق بالمثلة منه صلى الله عليه وسلم في قصة سندر مع سيده زنباع بن سلامة الجذامي أخرج أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن زنباع أبا روح وجد غلاما مع جارية له فجدع أنفه وجبه فأتى العبد النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال لزنباع ما حملك على هذا فذكره فقال للعبد انطلق فأنت حر ورواه ابن منده وسمى العبد سندرا [شرح الزرقاني]