(86) (961) تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ المقام في مسجد / الشيخ طحنون آل نهيان/ ومسجد محمد بن رحمة الشامسي
(بإشراف: سيف بن دورة الكعبي)
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3،والمدارسة، والاستفادة، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
مجموعة طارق ابوشديد
الصحيح المسند 961 عن علي رضي الله عنه قال: (نُهِي عن مياثر الأُرجُوان).
__________
اولا: من حيث صحة الحديث،
فالحديث صحيح وقد ورد بعدة طرق وأسانيد كما ذكر الألباني في السلسلة الصحيحة
رقم الحديث: 2396
الحديث: “ نهى عن ميثرة الأرجوان “.
قال الألباني في “ السلسلة الصحيحة “ 5/ 519: أخرجه الترمذي (2789) عن الحسن عن عمران بن حصين مرفوعا , و قال: “ حديث حسن غريب “. قلت: و رجاله ثقات , لكن الحسن مدلس , و قد عنعنه. و له شاهد من حديث علي قال: “ نهى عن ميثار الأرجوان “. أخرجه أبو داود (2/ 175) و النسائي (2/ 288) عن هشام عن محمد عن عبيدة عنه. قلت: و هذا إسناد صحيح. و أخرجه أبو داود أيضا و النسائي (2/ 287) و ابن ماجة (3654) عن أبي إسحاق عن هبيرة عن علي قال: “ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب و عن لبس القسي و الميثرة الحمراء “. قلت: و إسناده جيد. و له عند النسائي (2/ 287 و 302) طريقان آخران عن علي. و طريق آخر عند أحمد (1/ 147). و له شاهد من حديث البراء بن عازب عند البخاري و غيره و هو مخرج في “ المشكاة “ (4358 التحقيق الثاني) و “ آداب الزفاف “ (125). و في “ صحيح مسلم “ (6/ 139 140) عن ابن عمر: “ أن ميثرته كانت أرجوانا “. قال ذلك ردا على من نسب إليه أنه يحرم ميثرة الأرجوان
ثانيا: الشرح والفوائد
قال الصنعاني في التنوير شرح الجامع الصغير (نهى عن الميثرة الأرجوان) بضم الهمزة وسكون الراء وضم الجيم صبغ أحمر أو صوف أحمر يتخذ كالفرش الصغير ويحشى بنحو قطن أو صوف ويجعله الراكب تحته فوق الرحل أو السرج فإن كان حريرا فالنهي للتحريم أو من غيره فالنهي للتنزيه لما فيه من الترفه والتشبه بعظماء الفرس فإنه كان شعارهم ذلك الوقت فلما لم يبق شعارهم زال ذلك المعني فزالت الكراهة ذكره الحافظ العراقي.
قلت سيف: وكذلك ابن حجر قرر كحكم العراقي
وسيأتي أن ابن تيمية حمله على التحريم
قال العباد في شرح سنن ابي داود المياثر، جمع ميثرة، وهي الوطاء الذي يتخذ على سرج الفرس ورحل البعير، ليكون الجلوس عليه فيه سهولة وفيه لين. قوله: (نهي عن مياثر). إذا قال الصحابي: (نهي) فالذي نهى عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم
انتهى
قال محمد شمس الحق في عون المعبود (نهى عن مياثر الأرجوان) جمع ميثرة بالكسر وهي مفعلة من الوثارة بالمثلثة وكان أصلها مؤثرة قلبت الواو ياء كميزان
قال إمام المحدثين البخاري في صحيحه الميثرة كانت النساء يصنعنه لبعولتهن أمثال القطائف يصفونها
قال الحافظ معنى يصفونها أي يجعلونها كالصفة
وقال الزبيدي والميثرة مرفقة كصفة السرج
وقال الطبري هو وطأ يوضع على سرج الفرس أو رحل البعير كانت النساء تصنعه لأزواجهن من الأرجوان الأحمر ومن الديباج وكانت مراكب العجم انتهى
والأرجوان بضم الهمزة والجيم هو الصوف الأحمر كذا قال ابن رسلان وقيل الأرجوان الحمرة وقيل الشديد الحمرة وقيل الصباغ الأحمر
ذكره في النيل
وقال السيوطي الأرجوان صبغ أحمر ويتخذ كالفراش الصغير ويحشى بقطن يجعلها الراكب تحته على الرحال فوق الجمال ويدخل فيه مياثر السرج لأن النهي يشمل كل ميثرة حمراء كانت على رحل أو سرج انتهى
وفي:فتح الباري لابن رجب الحنبلي:
هذا الحديث قد خرجه في مواضع متعددة، مختصرا وتاما، وقد سبق في “أبواب الوضوء” بعضه، ويأتي في مواضع متفرقة أيضا.
والمقصود منه ها هنا: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في حلة حمراء مشمرا وصلى بالناس، يدل على جواز الصلاة في الثوب الأحمر.
قال أبو عبيد: الحلة برود اليمن من مواضع مختلفة منها. قال: والحلة: إزار ورداء، لا يسمى حلة حتى يكون ثوبين. انتهى.
وكذلك فسر سفيان الثوري الحلة الحمراء في هذا الحديث ببرد الحبرة. حكاه عنه عبد الرزاق، وهو في مسند الإمام أحمد وكتاب الترمذي.
وحينئذ فالحلة الحمراء التي لبسها النبي صلى الله عليه وسلم إنما كانت بردا مخططا فيه خطط حمر، ولم يكن كله أحمر.
وقد بوب البخاري في كتاب “اللباس” باب “الثوب الأحمر”، ثم خرج فيه من حديث البراء بن عازب، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في حلة حمراء. والقول في هذا الحديث كالقول في حديث أبي جحيفة. ثم قال: “باب الميثرة الحمراء” وخرج فيه من حديث البراء، قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير والديباج والقسي والاستبرق ومياثر الحمر.
المياثر: مراكب، سميت مياثر لوثارتهاوهو: لينها ووطأتهاوكانت من زي العجم. وقد قيل: أنها كانت من ديباج أو حرير. قاله أبو عبيد وغيره. وفسر يزيد بن أبي زياد المثيرة بجلود السباع.
وقد خرج النسائي من حديث المقدام بن معدي كرب عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه نهى عن مياثر النمور.
وقد اختلف العلماء في لبس الأحمر فرخص فيه: ابن المسيب، والشعبي، والنخعي، والحسن، وعلي بن حسين، وابنه: أبو جعفر.
وروي عن علي بن أبي طالب، أنه كان يلبس بردًا أحمر.
وفي صحيح مسلم، أن أسماء بنت أبي بكر أرسلت إلى ابن عمر تقول له: بلغني أنك تحرم مياثر الأرجوان، فقال: هذه ميثرتي أرجوان.
والأرجوان: الشديد الحمرة.
وكرهت طائفة الثياب الحمر، منهم: طاوس، ومجاهد، وعطاء. وروي عن الحسن وابن سيرين، قالا: هو زينة آل قارون. وهو المنصوص عن أحمد في رواية المروذي، وسوي بين الرجال والنساء في كراهته.
وروي عن عطاء وطاوس ومجاهد الرخصة فيه للنساء خاصة. وروي عن عائشة، أنها كانت تلبس درعا أحمر.
وفي كراهة الأحمر من اللباس أحاديث متعددة: وخرجه أبو داود وغيره، يطول ذكرها ها هنا، وربما تذكر في موضع آخر إن شاء الله تعالى.
ومنهم من رخص فيما حمرته خفيفة، وكره الشديد الحمرة. وروي ذلك عن مالك وأحمد، ورجحه كثير من أصحابنا.
وفي “صحيح مسلم”، عن علي، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس المعصفر. وخرجه النسائي، وزاد فيه: “المفدم”. والمفدم: المشبع بالعصفر. وفي “صحيح مسلم” أيضاعن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين، فقال: “إن هذه من ثياب الكفار، فلا تلبسها”.
وقد اختلف في لبس المعصفر. فكرهه طائفة، روي عن عمر وعثمان وابن عمر وأنس، وهو قول الزهري وسعيد بن جبير ومالك وأحمد. ورخصوا فيه للنساء. وحكى ابن عبد البر الإجماع على جوازه لهن.
وفي الرخصة لهن فيه حديث مرفوع خرجه أبو داود وهذا قد يخالف رواية المروذي عن أحمد بكراهة الأحمر للنساء، كما تقدم، لكن تلك مقيدة بإرادة الزينة به، فقد تكون الرخصة محمولة على من لم يرد به الزينة وهذا القول يروى عن ابن عباس، أنه يكره المعصفر للتزين به، ويرخص فيما امتهن منه.
ورخصت طائفة في المعصفر مطلقاللرجال والنساء. روي عن أنس، وعن أبي وائل، وعروة، وموسى بن طلحة، والشعبي، وأبي قلابة، وابن سيرين، والنخعي وغيرهم، وهو قول الشافعي.
وكرهت طائفة المتشبع منه وهو: المفدم دون الخفيفروي عن عطاء وطاوس ومجاهد وحكي عن مالك وأحمد أيضافإنه قال في المصبوغ بالدم: إن كانت حمرته تشبه المعصفر أكرهه، وقال: لا بأس بالمورد، وما كان خفيفا. وحكى الترمذي في كتابه هذا القول عن أهل الحديث: أنهم كرهوا لبس المعصفر، ورأوا أن ما صبغ بالمدر أو غير ذلك فلا بأس به، إذا لم يكن معصفرا.
وقد روي عن علي وابن عمر الرخصة في المصبوغ بالمشق وهو المغرةوقالا: إنما هو مدر أو تراب.
وفي كراهة المصبوغ بالمغرة: حديث خرجه أبو داود، في إسناده مقال.
ومن الناس من قال: يكره المعصفر خاصة دون سائر ألوان الحمرة، وقال: لم يصح في غيره نهي.
ومنهم من حمل أحاديث الرخصة على الجواز، وأحاديث النهي على كراهة التنزيه، وهذه طريق ابن جرير الطبري.
وزعم الخطابي أن المكروه من الأحمر: ما صبغ من الثياب بعد نسجه، فأما ما صبغ غزله ثم نسج كعصب اليمن فغير داخل في النهي.
وكذلك الشافعي فرق في المصبوغات بين ما صبغ قبل نسجه وبعده، واستحسن لبس ما صبغ غزله، دون ما صبغ بعد نسجه للزينة.
ثم تكلم عن مسألة إذا كان في الثوب بعض الحمرة أو خيط احمر، ونقل الخلاف وأحاديث ضعفها …. ثم قال:
ويستدل لهذا بحديث لبس النبي صلى الله عليه وسلم حلة حمراء وبردًا أحمر؛ فإن المراد بالحلة البرد المخطط بحمرة، كما قال سفيان الثوري وغيره.
فتح الباري لابن رجب الحنبلي|فتح الباري لابن حجر
قلت سيف تتمات:
ذكرنا في تخريجنا لسنن أبي داود:
4051 عَنْ أَبِى الْحُصَيْنِ يَعْنِى الْهَيْثَمَ بْنَ شَفِىٍّ قَالَ خَرَجْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِى يُكْنَى أَبَا عَامِرٍ رَجُلٌ مِنَ الْمَعَافِرِ لِنُصَلِّىَ بِإِيلْيَاءَ وَكَانَ قَاصَّهُمْ رَجُلٌ مِنَ الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ أَبُو رَيْحَانَةَ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ أَبُو الْحُصَيْنِ فَسَبَقَنِى صَاحِبِى إِلَى الْمَسْجِدِ ثُمَّ رَدِفْتُهُ فَجَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَسَأَلَنِى هَلْ أَدْرَكْتَ قَصَصَ أَبِى رَيْحَانَةَ قُلْتُ لاَ. قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلمعَنْ عَشْرٍ عَنِ الْوَشْرِ وَالْوَشْمِ وَالنَّتْفِ وَعَنْ مُكَامَعَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ بِغَيْرِ شِعَارٍ وَعَنْ مُكَامَعَةِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ بِغَيْرِ شِعَارٍ وَأَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ فِى أَسْفَلِ ثِيَابِهِ حَرِيرًا مِثْلَ الأَعَاجِمِ أَوْ يَجْعَلَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ حَرِيرًا مِثْلَ الأَعَاجِمِ وَعَنِ النُّهْبَى وَرُكُوبِ النُّمُورِ وَلُبُوسِ الْخَاتَمِ إِلاَّ لِذِى سُلْطَانٍ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ الَّذِى تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْخَاتَمِ.
قال الالباني: فيه أبو عامر لم يوثق وأنكر ما فيه جملة الخاتم ولبقيته شواهد في الصحيحين وغيرهما. (قاله الألباني؛ الضعيفة 6539) وراجع تحقيق المسند 28/ 440 حيث قال محققوا المسند: صحيح لغيره؛ ولم يذكروا شاهد لجملة الخاتم
4052 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ عَلِىٍّ رضى الله عنه أَنَّهُ قَالَ نَهَى عَنْ مَيَاثِرِ الأُرْجُوَانِ.
وهو في الصحيح المسند 961
4053 حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالاَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ عَنْ عَلِىٍّ رضى الله عنه قَالَ نَهَانِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلمعَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَعَنْ لُبْسِ الْقَسِّىِّ وَالْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ.
أخرجه مسلم؛ وراجع علل الدارقطني 4/ 67
وقال ابن عبد البر: النهي عن لبس الحرير وتختم الذهب إنما قصد الرجال دون النساء … ولا نعلم خلافا بين علماء الأمصار في جواز تختم الذهب للنساء وذكر حديث ثوبان وأخت حذيفة؛ وذكر ضعفهما أو نسخهما. انتهى من تخريج سنن أبي داود
وحديث البراء هو في مسلم في
باب في صفة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان أحسن الناس وجها
عن البراء يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مربوعا، بعيد ما بين المنكبين، عظيم الجمة إلى شحمة أذنيه، عليه حلة حمراء ما رأيت شيئا قط أحسن منه
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ {أَنَّ أَسْمَاءَ أَرْسَلَتْ إلَى ابْنِ عُمَرَ بَلَغَنِي أَنَّك تُحَرِّمُ أَشْيَاءَ ثَلَاثَةً الْعَلَمَ فِي الثَّوْبِ، وَمِيثَرَةَ الْأُرْجُوَانِ، وَصَوْمَ رَجَبَ كُلِّهِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أَمَّا مَا ذَكَرْت مِنْ الْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ فَإِنِّي سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ مَنْ لَا خَلَاق لَهُ فَخِفْت أَنْ يَكُونَ الْعَلَمُ مِنْهُ الْحَدِيثُ، وَفِيهِ فَقَالَتْ هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْرَجَتْ إلَيَّ جُبَّةَ طَيَالِسَةٍ كِسْرَوَانِيَّةٍ لَهَا لِبْنَةُ دِيبَاجٍ، وَفَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ بِالدِّيبَاجِ فَقَالَتْ هَذِهِ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ فَلَمَّا قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا}.
قال النووي: بالنسبة لقول ابن عمر هذه ميثرتي أرجوان، ان النهي وارد إذا كانت من حرير.
أما ابن تيمية قال ذكر اللون مما يدل على أن له اعتبار في الحرمة واباح المورد وهو ما خفت حمرته وطول في التدليل على قوله وهو الراجح. راجع كلامه في شرح العمدة.
ويمكن أن يحمل كون ميثرة إنكار ام سلمة وقول ابن عمر هذه ميثرتي أرجوان على ما خفّّ لونه أو ما خالطه غيره.
وفي طرح التثريب: ذكر هذا الحديث وقال:
العاشرة: (الْعَاشِرَةُ) تَقَدَّمَ أَنَّ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ النَّهْيُ عَنْ لُبْسِ الثَّوْبِ الْمُعَصْفَرِ، وَهُوَ الْمَصْبُوغُ بِالْعُصْفُرِ ….. وذكر بعض ما ذكره ابن رجب من الأقوال ثم قال: وَحَمَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذَا النَّهْيَ عَلَى الْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ لِيَكُونَ مُوَافِقًا لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي {نَهْيِ الْمُحْرِمِ أَنْ يَلْبَسَ ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ}، وَحَكَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إبَاحَةَ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ قَالَ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ لَكِنَّهُ قَالَ غَيْرُهَا أَفْضَلُ مِنْهَا، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّهُ أَجَازَ لُبْسَهَا فِي الْبُيُوتِ، وَأَفْنِيَةِ الدُّورِ، وَأَكْرَهُهُ فِي الْمَحَافِلِ وَالْأَسْوَاقِ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ نَهَى الشَّافِعِيُّ الرَّجُلَ عَنْ الْمُزَعْفَرِ، وَأَبَاحَ لَهُ الْمُعَصْفَرَ، وَقَالَ إنَّمَا رَخَّصْت فِي الْمُعَصْفَرِ لِأَنِّي لَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَحْكِي عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيَ عَنْهُ إلَّا مَا قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَهَانِي، وَلَا أَقُولُ نَهَاكُمْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ عَلَى الْعُمُومِ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ {رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ إنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا}، وَفِي رِوَايَةٍ فَقَالَ {أُمُّك أَمَرَتْك بِهَذَا؟ قُلْت أَغْسِلُهُمَا قَالَ بَلْ أَحْرِقْهُمَا}، وَاللَّفْظَانِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَحَادِيثَ أُخَرُ ثُمَّ قَالَ، وَلَوْ بَلَغَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَقَالَ بِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ إذَا صَحَّ حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافَ قَوْلِي فَاعْمَلُوا بِالْحَدِيثِ، وَدَعُوا قَوْلِي، وَفِي رِوَايَةٍ فَهُوَ مَذْهَبِي قَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَنْهَى الرَّجُلَ الْحَلَالَ بِكُلِّ حَالٍ أَنْ يَتَزَعْفَرَ، وَآمُرُهُ إذَا تَزَعْفَرَ أَنْ يَغْسِلَهُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فَتَبِعَ السُّنَّةَ فِي الْمُزَعْفَرِ فَمُتَابَعَتُهَا فِي الْمُعَصْفَرِ أَوْلَى بِهِ، وَقَالَ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُعَصْفَرَ بَعْضُ السَّلَفِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَرَخَّصَ فِيهِ جَمَاعَةٌ، وَالسُّنَّةُ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ ا هـ، وَحَكَى
النَّوَوِيُّ كَلَامَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا، وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ إنَّهُ أَتْقَنَ الْمَسْأَلَةَ، وَسَوَّى ابْنُ قُدَامَةَ الْحَنْبَلِيُّ بَيْنَ الْمُزَعْفَرِ، وَالْمُعَصْفَرِ فِي كَرَاهَتِهِمَا لِلرَّجُلِ.