85 فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
85 – قال الإمام أبو يعلى رحمه الله (ج 6 ص 55): حدثنا عبد الواحد بن غياث أبو بحر حدثنا حماد حدثنا ثابت عن أنس: أن أزواج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كن يدلجن بالقرب يسقين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
هذا حديث حسنٌ.
والظاهر أن هذا بالمدينة، وأنه غير خروج بعض النسوة في الغزو يداوين الجرحى ويسقين المرضى، والله أعلم.
…………………………
قال الهيثمي في المجمع (3/325) : رجاله ثقات .
الدَّلَج : سير الليل .
في مسند عبد بن حميد زيادة ” أن أزواج النبي كن يوم أحد يدلجن بالقرب على ظهورهن بادية خدامهن يسقين ”
( في لسان العرب : والمُخَدَّم والمُخَدَّمة مَوْضِعُ الخِدام مِنَ السَّاقِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَدَمِ نِسائكم شيءٌ
، جَمْعُ خَدَمَةٍ، يَعْنِي الْخَلْخَالَ، وَيُجْمَعُ عَلَى خِدامٍ أَيضاً ).
قال باحث :
الحديث قد رواه عن حمَّاد بن سلمة:
عبد الواحد بن غياث (مصت روايته)
وعلي بن عثمان
ومحمد بن الفضل السدوسي (عارم) وعنه عبد بن حميد،
فأما رواية عارم فقد قال عبد بن حميد
(1327) ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ ” أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ كُنَّ يَوْمَ أُحُدٍ يُدْلِجْنَ بِالْقِرَبِ عَلَى ظُهُورِهِنَّ بَادِيَةً خُدَامُهُنَّ يَسْقِينَ ”
وسماع عبد بن حميد من عارم بالبصرة قبل اختلاط عارم بزمان طويل، فإنه قديم السماع، وهو من شيوخ مسلم، قد أكثر عنه في المسند الصحيح، وقد سمع عبد بن حميد بالبصرة من معاذ بن هشام الدستوائي (ت 200هـ) وصفوان بن عيسى الزهري (ت 200 هـ) ومحمد بن بكر بن عثمان البرساني (ت 203هـ) وأبي داود الطيالسي (ت 204هـ)
وأما ما ذكر من تغير عارم بأخره، فنحو سنة أربع عشرة ومائتين 214هـ، على خلاف في ذلك، ليس هذا موضع بيانه، لكن نذكر باختصار:
قال أبو داود (راجع ترجمتة عارم من تهذيب الكمال للمزي):
بلغنا أن عارما أنكر سنة ثلاث عشرة ومائتين ثم راجعه عقله، واستحكم به الاختلاف سنة ست عشرة، ومات عارم سنة أربع وعشرسن ومائتين
وقال أبو حاتم الرازي (انظر الجرح والتعديل 8/ 267):
اختلط عارم في آخر عمره، وزال عقله، فمن سمع عنه قبل الاختلاط فسماعه صحيح، وكتبت عنه قبل الاختلاط سنة أربع عشرة، ولم أسمع منه بعدما اختلط، فمن كتب عنه قبل سنة عشرين ومائتين فسماعه جيد، وأبو زرعة لقيه سنة اثنتين وعشرين
وكلام أبي حاتم أولى بالصواب من كلام أبي داود، لأنه أدركه قبل الاختلاط وكتب عنه، بينما كلام أبي داود بلاغ، لكنه مع ذلك هو الأحوط، على أن أبا محمد عبد بن حميد سمع من عارم قبل ذلك بزمان طويل
وأما رواية علي بن عثمان فقد قال ابن المنذر في الأوسط (عن جوامع الكلم):
(3207) -[3198] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُنَّ يَوْمَ أُحُدٍ يُدْلِجْنَ بِالْقِرَبِ عَلَى ظُهُورِهِنَّ بَادِيَةً خِدَامُهُنَّ يَسْقِينَ النَّاسَ ”
وعلي بن عثمان بن عبد الحميد الرقاشي، الراوي عن حماد بن سلمة، روى عنه أبو حاتم وأبو زرعة،
قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم (الجرح والتعديل: 6/ 1079): سألت أبي عنه فقال: ثقة
فثبتت بذلك زيادة (يوم أحد) في الحديث، وهي تفيد خلاف ما قال أبو عبد الرحمن الوادعي:
(والظاهر أن هذا بالمدينة، وأنه غير خروج بعض النسوة في الغزو، يداوين الجرحى ويسقين المرضى) انتهى
حكم جهاد المرأة في سبيل الله ؟
قال ابن قدامة رحمه الله : ( ويشترط لوجوب الجهاد سبعة شروط ; الإسلام , والبلوغ , والعقل , والحرية , والذكورية , والسلامة من الضرر , ووجود النفقة . فأما الإسلام والبلوغ والعقل , فهي شروط لوجوب سائر الفروع , ولأن الكافر غير مأمون في الجهاد , والمجنون لا يتأتى منه الجهاد والصبي ضعيف البنية , وقد روى ابن عمر , قال : عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة , فلم يجزني في المقاتلة . متفق عليه . ……وأما الذكورية فتشترط ; لما روت عائشة , قالت : يا رسول الله , هل على النساء جهاد ؟ فقال : جهاد لا قتال فيه ; الحج , والعمرة . ولأنها ليست من أهل القتال ; لضعفها .. ) انتهى من المغني 9/163
وحديث عائشة رضي الله عنها رواه أحمد (25361) وابن ماجه ( 2901) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه.
قال ابن بطال : دل حديث عائشة على أن الجهاد غير واجب على النساء ولكن ليس في قوله جهادكن الحج أنه ليس لهن أن يتطوعن بالجهاد وإنما لم يكن عليهن واجبا لما فيه من مغايرة المطلوب منهن من الستر ومجانبة الرجال فلذلك كان الحج أفضل لهن من الجهاد . الفتح (6/76)
قال الحافظ في الفتح (6/80) : وفيه جواز معالجة المرأة الأجنبية الرجل الأجنبي للضرورة قال بن بطال ويختص ذلك بذوات المحارم ثم بالمتجالات منهن لأن موضع الجرح لا يلتذ بلمسه بل يقشعر منه الجلد فإن دعت الضرورة لغير المتجالات فليكن بغير مباشرة ولا مس ويدل على ذلك اتفاقهم على أن المرأة إذا ماتت ولم توجد امرأة تغسلها أن الرجل لا يباشر غسلها بالمس بل يغسلها من وراء حائل في قول بعضهم كالزهري وفي قول الأكثر تيمم وقال الأوزاعي تدفن كما هي قال بن المنير الفرق بين حال المداواة وتغسيل الميت أن الغسل عبادة والمداواة ضرورة والضرورات تبيح المحظورات .
سئل ابن باز رحمه الله :
يرى بعضُ الناس جواز عمل المرأة مع الرجل، كما يحدث في المُستشفيات مثلًا، ويستدلّون على ذلك بأن من الصَّحابيات مَن شارك في تضميد الجرحى في الغزوات، فما رأي الشرع في ذلك؟
الشرع في هذا معلومٌ، وأن الواجب أن يكون عملُ النساء في ميدان النساء، وأن يكون عمل الرجال في ميدان الرجال، وأن يحذر المؤمنون والمؤمنات من الاختلاط الذي يُسبب الفساد، وانتشار الفواحش، وحصول أنواع المنكرات؛ لأنَّ الله جلَّ وعلا أوجب على المؤمن البُعد عن أسباب الشرِّ، وعلى المؤمنة البُعد عن أسباب الشرِّ، ولا ريب أن الاختلاط من أسباب الشرِّ، ولا ريب أن عمل هذا في ميدانه وهذا في ميدانه من أسباب السلامة، ولهذا قال سبحانه: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33]، فنهى عن التَّبرج، وهو إبداء المحاسن؛ لما فيه من الفساد والخطر، وأمر بلزوم البيوت إلا من حاجةٍ؛ لما فيه من أسباب السلامة والبُعد عن الخطر.
وقال جلَّ وعلا: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ [النور:30- 31]، وقال سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، وإذا اجتمع الصِّنفان عَسُر الحجاب، وعَسُر غضّ البصر، وجاء التَّبرج، وزال لزوم البيت، فكلٌّ له ميدان، فالواجب على كل صنفٍ أن يلزم ميدانه، وأن يكون في ميدانه؛ ليتم نفعه، ويتم جهاده.
وأما عمل النِّساء في عهده ﷺ في بعض الغزوات: فهذا لدعاء الحاجة إلى ذلك؛ لقلة المسلمين، وكثرة الحاجة إلى مَن يُساعد على علاج المرضى، وإيصال الحاجات إليهم: من طعامٍ ودواءٍ وغير ذلك، فإذا دعت الحاجةُ إلى ذلك مع التَّحجب ومع العفَّة والبُعد عن أسباب الفتنة جاز ذلك.
فإذا وُجد مرضٌ أو عِلَّةٌ من العلل لم يُوجد لها طبيبٌ، أو تعسر وجود الطبيب؛ لاشتغال الطبيب بأمورٍ أخرى، ودعت الحاجةُ إلى أن تراه الطبيبة، وأن تُعالجه الطبيبة؛ فلا بأس، مع الحشمة التي فعلها المؤمنات، وابتعدوا بها عن أسباب الفتنة.
ولا يجوز أن يُقاس هؤلاء على أولئك، هؤلاء الخطر منهم عظيم؛ لقلة الصيانة، وقلة التحفظ، وقلة الحجاب، وضعف الدين، وأولئك قد توفرت فيهم الأسباب الطيبة، والخصال الحميدة: من الحجاب والدين والأمانة والبُعد عن أسباب الخطر، فلا يستوي هؤلاء وهؤلاء، والضَّرورات لها أحكامها، ونحن في حاجةٍ إلى أطباء للرجال، وإلى طبيبات لنسائنا، فيجب أن يكون هؤلاء لهؤلاء، وهؤلاء لهؤلاء، والضَّرورات التي لا حيلةَ فيها لها أحكامُها.