(84) (959) تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ المقام في مسجد / الشيخ طحنون آل نهيان/ ومسجد محمد بن رحمة الشامسي
(بإشراف: سيف بن دورة الكعبي)
مجموعة فيصل الشامسي
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3،والمدارسة، والاستفادة، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
——–
الصحيح المسند 959
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ مَضْجَعِهِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ تَكْشِفُ الْمَغْرَمَ وَالْمَاثَمَ اللَّهُمَّ لَا يُهْزَمُ جُنْدُكَ وَلَا يُخْلَفُ وَعْدُكَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ.
مجموعة فيصل الشامسي
——
صححه ابن حجر في الأذكار
الأحوص بن جواب وعمار بن رزيق لكن
خالفهم إسرائيل بن يونس؛ فرواه عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي ميسرة به مرسلًا.
أخرجه ابن أبي شيبة في “المصنف” (10/ 252 – 253/ 9366): حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل به.
قلت: وهذا أصح من سابقه، فقد أخرج الشيخان في “صحيحهما” من رواية إسرائيل عن أبي إسحاق.
وقد رجح الإمامان الحافظان الناقدان أبو حاتم وأبو زُرعة الرازيان هذه الطريق، فقد نقل ابن أبي حاتم في “العلل” (2055) عنهما قولهما: “رواه بعض الحفاظ عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عن النّبيّ – صلى الله عليه وسلم – مرسلًا وهو الصحيح.
قال أبو حاتم: رواه عمار بن رزيق عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة والحارث عن علي عن النّبيّ – صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: وحديث الأول -يعني: المرسل- أشبه؛ لأن عمار بن رزيق سمع من أبي إسحاق بأخرة” أ. هـ.
أذكار النوم الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1 – ” باسمك رب وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين”. رواه البخاري (5845) عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه ثم يقول: …. وذكره.
2 – ” آية الكرسي: رواه البخاري عن أبي هريرة.
3 – ” ينفث في يديه ثم يقرأ {قل هو الله أحدٌ و قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس} في يديه ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك (ثلاث مراتٍ) رواه البخاري عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلةٍ جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأها فيهما … الحديث”.
4 – ” باسمك اللهم أموت وأحيا. وإذا قام قال: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور”. عن حذيفة بن اليمان (6960) وعن أبي ذر (5837) رواهما البخاري. وعن البراء رواه مسلم (4886) قالوا: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال …. الخ.
5 – ” اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبةً ورهبةً إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قالهن ثم مات من ليلته مات على الفطرة. رواه البخاري (5840) عن البراء بن عازبٍ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه نام على شقه الأيمن ثم قاله …
6 – ” الله أكبر (أربعًا وثلاثين) والحمد لله (ثلاثًا وثلاثين) وسبحان الله (ثلاثًا وثلاثين) فإن ذلك خيرٌ من خادم. رواه البخاري (2881) ومسلم عن علي: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فذكره …
7 – ” اللهم رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذٌ بناصيته اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شاءٌ وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر”.
عن أبي هريرة رواه مسلم (2713).
8 – ” الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي ” رواه مسلم (2715) عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال … الحديث
9 – ” اللهم خلقت نفسي وأنت توفاها لك مماتها ومحياها إن أحييتها فاحفظها وإن أمتها فاغفر لها اللهم إني أسألك العافية” رواه مسلم (4887) عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
10 – “اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك” (ثلاث مرارٍ).
عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده ثم يقول ..
رواه أبو داود (4388) وهو في الصحيح المسند …………………..
لم نجده في الصحيح المسند …. ثم ذكرنا في سنن أبي داود أن الراجح أنه مرة
11 – ” الحمد لله الذي كفاني وآواني وأطعمني وسقاني والذي من علي فأفضل والذي أعطاني فأجزل الحمد لله على كل حالٍ اللهم رب كل شيءٍ ومليكه وإله كل شيءٍ أعوذ بك من النار”. عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند مضجعه … الخ. رواه أبو داود (4399) وهو في الصحيح المسند.
12 – قراءة “الم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك “.
رواه أحمد (23/ 26) 14659 عن جابرٍ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ ألم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك.
صححه الألباني في الصحيحة 585، ومحققو المسند 23/ 26
قلت سيف: لكن رجح الدارقطني في العلل 3219، رواية زهير حيث قال: قلت لابن الزبير: أسمعت جابر؟ قال: ليس جابر حدثني ولكن صفوان أو ابن صفوان عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك رجحه أبوحاتم كما في العلل 1668.
ومحققو المسند والشيخ الألباني ظنوه صفوان عن جابر، وهو خطأ وإنما هو صفوان أو ابن صفوان عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في علل الدارقطني نبه على ذلك صاحب مرويات في الميزان. لكن قال: إن كان صفوان هو التابعي فهو مرسل وقد يكون صحابي فيكون مسندا
بينما رجح المزي انه تابعي. وبعض من ألف في الصحابة ذكروه في كتبهم.
لكني لم أجد ما يدل على صحبته إلا حديث بيعه سروايل للنبي صلى الله صلى الله واسمه مالك بن عمير ويكنى أبا صفوان لكن صوب الأئمة انه معل وان الصواب أن الذي باع البز هو سويد بن قيس.
أما ما نقل في بحر الدم حيث وقع فيه (زهير عن ابن الزبير عن جابر) ففي الغالب انه تصحيف والصواب (أبي الزبير عن جابر)
13 – قراءة ” بني إسرائيل والزمر”.
رواه الترمذي (2920) عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام على فراشه حتى يقرأ بني إسرائيل والزمر.
قال الترمذي حسن غريب، وحسنه ابن حجر في نتائج الأفكار
وصححه العلامة الوادعي رحمه الله في الصحيح المسند. 1613
والالباني في الصحيحة 2/ 240 (641) وقال: أبولبابة وثقه ابن معين. وقال ابن خزيمة: وإن كان أبولبابة هذا يجوز الاحتجاج بخبرة فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح. انتهى
وصححه محققو المسند 41/ 394 دون قوله (كان يقرأ) حسن
وصححه الاثيوبي
وأعله باحث بالتفرد والنكارة حيث مثل هذا الأمر المفروض يشتهر وأصحاب عائشة كثر، ثم أبولبابة خالفه ابوسلمه وروايته عند الشيخين، وعبدالله بن شقيق وروايته عند مسلم فاقتصرا على كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم) فلم يذكروا الزيادة
ثم قال الباحث:
فوائد:
1. جاءت قراءة السورتين من أوجه أخر منكرة.
2. لم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام قراءة سور قبل النوم سوى المعوذات – إذا اشتكى -، على الصحيح، وهناك من قال بأن لابن شهاب فيه إسنادين، وفيه نظر.
- تساؤل: من يصحح قراءة بني إسرائيل والزمر والسجدة وتبارك والكافرون والمعوذات وغيرها من السور كل ليلة، ألا يخطر بباله بُعْدُ جمع تلك السور كل ليلة؟! انتهى من بحث الأحاديث المعلة التي لم ينص الأئمة على إعلالها.
رجح الألباني في كتابه أصل صفة الصلاة أن قراءة بني إسرائيل والزمر في الصلاة فقد أورد حديث عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم؛ حتى نقول: ما يريد أن يفطر. ويفطر؛ حتى نقول: ما يريد أن يصوم ويقرأ …. إلخ
فاقتران ذلك بالصوم، مما يشعر بأنها أرادت الصلاة.
لذا أورده في المجمع في باب صلاة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. ويحتمل كون ذلك خارجها. ويرجح الأول الإقتران الذي ذكرناه. انتهى بتقديم وتأخير.
وكذلك ابن المنذر في الأوسط ذكر الحديث في صلاة الليل أما البيهقي فذكره في الدعوات الكبير في باب الدعاء والذكر عند النوم، وذكر مع أحاديث أذكار قبل النوم.
أما النسائي فجعله في باب ما يقرأ في اليوم والليلة. وهذا تبويب عام. فيحتمل أما المروزي في مختصر قيام الليل فجعله في باب ثواب القراءة بالليل وذكر أحاديث مثل حديث إن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة، وقراءة سورة آية الكرسي.
فائدة:
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” من قعد مقعدًا لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترةٌ ومن اضطجع مضجعًا لا يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترةٌ ” رواه أبو داود (4215) وهو في الصحيح المسند.
الدعاء إذا تقلب ليلا
” لا إله إلا الله الواحد القهار, رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار ”
روى الحاكم في المستدرك على الصحيحين (1980) عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تضور عن الليل قال: لا إله إلا الله الواحد القهار رب السماوات و الأرض و ما بينهما العزيز الغفار. هذا وانظر صحيح الجامع (4/ 213).دعاء الفزع من النوم:
” أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون “. أبو داود (4/ 12) وانظر صحيح الترمذي (3/ 171).
ماذا على من رأى رؤيا تسوءه؟ سبق التعرض لذلك في فوائد مسلم ز وقد نتعرض لها في الصحيح المسند إذا جاءنا حديث يتعلق بالرؤية
في الحديث الاستعاذة بوجه الله، لكن ورد في الحديث الآخر: لا يسأل بوجه الله إلا الجنة: وإليك هذه النقول للإجابه:
جاء في فتاوى الشيخ عبدالله بن عقيل: (قلت: والظاهر أن المراد لا يسأل بوجه اللَّه إلا الجنة، أو ما هو وسيلة إليها، كالاستعاذة بوجه اللَّه من غضبه ومن النار، ونحو ذلك، مما هو وارد في أدعيته صلى الله عليه وسلم، وتعوذاته، ولما نزل قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ} (444) قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أعوذ بوجهك” {أَوْمِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قال: “أعوذ بوجهك”. رواه البخاري (445).
وقال في “فتح المجيد” (446): وهنا سؤال، وهو أنه قد ورد
جاء في فتاوى الشيخ عبدالله بن عقيل: (قلت: والظاهر أن المراد لا يسأل بوجه اللَّه إلا الجنة، أو ما هو وسيلة إليها، كالاستعاذة بوجه اللَّه من غضبه ومن النار، ونحو ذلك، مما هو وارد في أدعيته صلى الله عليه وسلم، وتعوذاته، ولما نزل قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ} (444) قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أعوذ بوجهك” {أَوْمِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قال: “أعوذ بوجهك”. رواه البخاري (445).
وقال في “فتح المجيد” (446): وهنا سؤال، وهو أنه قد ورد في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عند منصرفه من الطائف حين كذبه أهل الطائف، ومن في الطائف من أهل مكة، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء المأثور: “اللَّهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي” وفي آخره: “أعوذ بنور وجهك، الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحل علي غضبك، أو ينزل بي سخطك، لك العُتْبَى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه” (447).رواه ابن إسحاق والطبراني عن عبد اللَّه بن جعفر. والحديث المروي في “الأذكار”: “اللَّهم أنت أحق من ذُكر وأحق من عُبد” وفي آخره: “أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السموات والأرض”. (448) وفي حديث آخر: “أعوذ بوجه اللَّه الكريم، وباسم اللَّه العظيم، وبكلماته التامة من شر السامة واللامة، ومن شر ما خلقت أي رب ومن شر هذا اليوم، ومن شر ما بعده، ومن شر الدنيا والآخرة”. وأمثال ذلك في الأحاديث المرفوعة بالأسانيد الصحيحة، أو الحسان. فالجواب: أن ما ورد من ذلك، فهو في سؤال ما يقرب إلى الجنة، أو ما يمنعه من الأعمال التي تمنعه من الجنة فيكون قد سأل بوجه اللَّه، وبنور وجهه ما يقرب إلى الجنة، كما في الحديث الصحيح: “اللَّهم إني أسألك الجنة، وما يقرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار، وما يقرب إليها من قول وعمل” (449) بخلاف ما يختص بالدنيا، كسؤال المال، والرزق، والسعة في المعيشة؛ رغبة في الدنيا، مع قطع النظر عن كونه أراد بذلك ما يعينه على عمل الآخرة، فلا ريب أن الحديث يدل على المنع من أن يسأل حوائج دنياه بوجه اللَّه. وعلى هذا فلا تعارض بين الأحاديث. كما لا يخفى. واللَّه أعلم.) انتهى
جاء في كتاب طرح التثريب للعراقي في شرح حديث جَابِرٍ {لَمَّا نَزَلَتْ {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعُوذُ بِوَجْهِك فَلَمَّا نَزَلَتْ {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعُوذُ بِوَجْهِك فَلَمَّا نَزَلَتْ {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَاسَ بَعْضٍ} قَالَ هَذِهِ أَهْوَنُ وَأَيْسَرُ} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ:
(فِيهِ الِاسْتِعَاذَةُ بِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ فِي أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللَّهِ إلَّا الْجَنَّةُ وَلَعْنَةُ مَنْ فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَعَلَّهُ فِي جَانِبِ طَلَبِ تَحْصِيلِ الشَّيْءِ أَمَّا جَانِبُ دَفْعِ الشَّرِّ وَرَفْعِ الضُّرِّ فَلَعَلَّهُ لَا بَاسَ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ بِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ وَلَعَلَّ ذِكْرَ الْجَنَّةِ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ لِلتَّنْبِيهِ بِهِ عَلَى الْأُمُورِ الْعِظَامِ وَلَمْ يَرِدْ تَخْصِيصُهَا بِذَلِكَ وَإِنَّمَا أُرِيدَ النَّهْيُ عَنْ سُؤَالِ الْمَخْلُوقِينَ بِذَلِكَ وَكَذَا عَنْ سُؤَالِ اللَّهِ تَعَالَى بِوَجْهِهِ فِي الْأُمُورِ الْهَيِّنَةِ أَمَّا طَلَبُ الْأُمُورِ الْعِظَامِ تَحْصِيلًا وَدَفْعًا فَلَمْ يَتَنَاوَلْهُ نَهْيٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ). انتهى
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين: ما المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” لا يسأل بوجه الله إلا الجنة “؟
فأجاب رحمه الله بقوله: (اختلف في المراد به على قولين:
القول الأول: أن المراد لا تسألوا أحداً من المخلوقين بوجه الله فإذا أردت أن تسأل أحداً من المخلوقين لا تسأله بوجه الله، لأنه لا يسأل بوجه الله إلا الجنة، والخلق لا يقدرون على إعطاء الجنة، فإذاً لا يسألون بوجه الله مطلقاً.
القول الثاني: أنك إذا سألت الله فإن كان الجنة وما يستلزم دخولها فاسأل بوجه الله، وإن كان من أمور الدنيا فلا تسأل بوجه الله، فأمور الآخرة تسأل بوجه الله كقولك مثلاً: أسألك بوجهك أن تنجيني من النار.)
قال عبد المحسن العباد في شرح سنن أبي داود: (اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم) وهذا فيه إثبات صفة الوجه لله سبحانه وتعالى. وتأتي صفة الوجه في القرآن والحديث ويراد بها تلك الصفة، لكن لا يقال: إنها دائماً يراد بها نفس الصفة دون الموصوف، فإنه يراد بها الصفة والموصوف؛ ولكنه لا يقال: إن هذا عبارة عن الذات وليس لله صفة وجه، بل لله ذات متصفة بالصفات ومنها صفة الوجه، فإذا ذُكرت الصفة وذكرت الذات فلا بأس بذلك. وأما أن تفسر الصفة بالذات، فهذا نفي للصفة، وهذا غير سائغ؛ لأن الذين يؤولون الصفات، يقولون: إنه يراد بالوجه الذات، ولا يثبتون لله وجهاً، وإنما يقولون: إنما عبر بالوجه عن الذات وإلا فليس لله وجه، لكن نقول: بل النصوص جاءت بذكر الوجه وأنه من صفات الله عز وجل. وقول الله عز وجل: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ [الرحمن:27] يعني: أن البقاء للذات والصفات ومنها الوجه، ولا يقال: إن البقاء للذات وأنه ليس لله صفة وجه، كما يقول بعض المفسرين في قوله تعالى: ((وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ)) أي: ذاته، فهذا يتأول ولا يثبت صفة الوجه، فهذه طريقة أهل التأويل وأهل التعطيل الذين لا يثبتون الصفات بل يتأولونها ويصرفونها عما تدل عليه إلى أمور أخرى
قوله: [(وكلماتك التامة)] الكلمات يمكن أن تكون كلمات كونية، وأن تكون كلمات شرعية، والكلمات الكونية هي القضاء والقدر، الذي قدر الله عزّ وجل بأن هذه كلمات كونية، والكلمات الشرعية هي القرآن. فكلمات الله تعالى الكونية تامة لا يتخلف شيء منها، وكلماته الشرعية تامة أيضاً، كما قال الله عز وجل: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا [الأنعام:115] أي: صدقاً في الأخبار، وعدلاً في الأوامر والنواهي، فأخبارها صادقة وأحكامها عادلة. وهناك من الكلمات ما تأتي لمعنى كوني ولمعنى شرعي، منها: القضاء، ومنها: الأمر، ومنها: الكتابة، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه (شفاء العليل) فصلاً خاصاً فيها، وذكر جملة منها وأدلة كل واحدة منها، سواء كانت كونية أو شرعية دينية. وقوله عز وجل: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ [هود:119] يعني: الذي هو القضاء والقدر؛ لأن (كلمة) هنا بمعنى القضاء والقدر، فتأتي الكلمة بمعنى كوني، وتأتي بمعنى شرعي ديني. قوله: [(ومن شر ما أنت آخذ بناصيته)]. يعني: كل شيء الله آخذ بناصيته، وكل شيء تحت قبضة الله عز وجل وتصرفه. قوله: [(اللهم أنت تكشف المغرم والمأثم)]. المغرم: هو الغُرم، ومنه الدَيْن؛ وذلك بالتخليص منه والسلامة منه والإغناء حتى يتخلص الإنسان منه. والمأثم هو ما يحصل به الإثم، فهو يدعو الله تعالى أن يكشفه ويزيله، وهو الذي يعفو عن
السيئات، وهو الذي يسلم من أسباب الآثام. قوله: [(اللهم لا يهزم جندك ولا يخلف وعدك)]. يعني: جندك هم الغالبون لا يهزمون، ووعدك نافذ لا يحصل له خلف. قوله: [(ولا ينفع ذا الجد منك الجد)]. يعني: لا ينفع صاحب الحظ حظه عندك وإنما ينفعه عمله الصالح؛ لأن الحظوظ الدنيوية سواء كانت مالاً أو جاهاً أو غير ذلك لا تنفع عند الله عز وجل إلا إذا كان معها إيمان وتقوى واستقامة على طاعة الله عز وجل وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم. والجد هنا في الموضعين معناه الحظ والنصيب، فالجد هو فاعل ينفع، يعني: لا ينفع الجد صاحب الحظ، فهو قدم المفعول فيه على الفاعل، أي ولا ينفع صاحب الحظ حظه عندك. وذُكر أن (من) بمعنى بدل، يعني: ولا ينفع صاحب الحظ حظه بدلاً منك، يعني: بدلاً من طاعتك، بل الطاعة هي التي تنفع و (من) تأتي بمعنى البدل في بعض المواضع كما في قول الله عز وجل: أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ [التوبة:38] يعني: بدل الآخرة. وقوله: قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ [الأنبياء:42] أي: من الذي يكلؤكم غير الرحمن أو بدل الرحمن؟! والجد يأتي بمعنى الجد الذي هو أبُ الأب وأبُ الأم، ويأتي بمعنى الحظ والنصيب، ويأتي بمعنى العظمة، كما قال الله عز وجل: وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا [الجن:3] يعني: تعالت عظمته وجلاله؛ وكذلك في دعاء الاستفتاح: (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك) فهي هنا بمعنى العظمة. وهو من الألفاظ التي تأتي لعدة معان، ويسمونها المشترك اللفظي؛ لأن اللفظ واحد ولكنه يطلق على عدة معان. أما المشترك المعنوي فهو الاتفاق في المعنى مع التفاوت في اللفظ، فالإبصار يتفاوت الناس فيه، وكل من لا يكون أعمى فهو مبصر وإن كان بصره ضعيفاً جداً، يعني: فهم مشتركون في المعنى مع التفاوت فيه. وأما المشترك اللفظي فإنه يطلق على كل واحد على حدة، هذا يطلق عليه جد، وهذا
يطلق عليه جد، وهذا يطلق عليه جد، وقد يكون المشترك اللفظي من الأضداد مثل: عسعس، فإنه يطلق على (أقبل) وعلى (أدبر) وهما ضدان، وكذلك القُرء يطلق على الطهر وعلى الحيض وهما ضدان.
قال بعض الائمة:
قُلْتُ: فَاسْتَعَاذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْخَبَرِ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ كَمَا اسْتَعَاذَ بِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ , فَكَمَا أَنَّ وَجْهَهُ الَّذِي اسْتَعَاذَ بِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ , فَكَذَلِكَ كَلِمَاتُهُ الَّتِي اسْتَعَاذَ بِهَا غَيْرُ مَخْلُوقٍةٍ , وَبَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَنَّهُ كَانَ يَسْتَدِلُّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ
والحديث ذكره النسائي في سرده للصفات وبوب عليه بقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهَ} [القصص: 88]