83 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة –
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
—————
مسند أحمد 6708 حدثنا بهز حدثنا همام عن قتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كلوا واشربو وتصدقوا والبسوا في غير مخيلة ولا سرف إن الله يحب أن ترى نعمته على عبده
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند
ورجح هذا الاسناد ابوحاتم كما في العلل 1461 وكذلك الدارقطني في العلل 2495. وذكره البخاري معلقا بصيغة الجزم وراجع تحقيقنا لنضرة النعيم
_-_-_-_-_-_-
أثر نعمة الله على العبد في المال و المأكل و المشرب.
بوب البخاري قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} وَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِى غَيْرِ إِسْرَافٍ، وَلاَ مَخِيلَةٍ». وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ سَرَفٌ، أَوْ مَخِيلَةٌ.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (10/ 253): ومناسبة ذكر هذا الحديث والاثر الذي بعده للآية ظاهرة لأن في التي قبلها (كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) والإسراف مجاوزة الحد في كل فعل أو قول وهو في الإنفاق أشهر وقد قال الله تعالى (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم) وقال تعالى (فلا يسرف في القتل) والمخيلة بوزن عظيمة وهي بمعنى الخيلاء وهو التكبر وقال بن التين: هي بوزن مفعلة من اختال إذا تكبر قال والخيلاء بضم أوله وقد يكسر ممدودا التكبر وقال الراغب: الخيلاء التكبر ينشأ عن فضيلة يتراءاها الإنسان من نفسه والتخيل تصوير خيال الشيء في النفس ووجه الحصر في الإسراف والمخيلة أن الممنوع من تناوله أكلا ولبسا وغيرهما، إما لمعنى فيه وهو مجاوزة الحد وهو الإسراف وإما للتعبد كالحرير إن لم تثبت علة النهي عنه وهو الراجح ومجاوزة الحد تتناول مخالفة ما ورد به الشرع فيدخل الحرام وقد يستلزم الإسراف الكبر وهو المخيلة قال الموفق عبد اللطيف البغدادي: هذا الحديث جامع لفضائل تدبير الإنسان نفسه وفيه تدبير مصالح النفس والجسد في الدنيا والآخرة فإن السرف في كل شيء يضر بالجسد ويضر بالمعيشة فيؤدي إلى الاتلاف ويضر بالنفس إذ كانت تابعة للجسد في أكثر الأحوال والمخيلة تضر بالنفس حيث تكسبها العجب وتضر بالآخرة حيث تكسب الإثم وبالدنيا حيث تكسب المقت من الناس.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (10/ 260): وأما ما أخرجه الطبري من حديث علي (إن الرجل يعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك صاحبه) فيدخل في قوله تعالى ” تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ” الآية فقد جمع الطبري بينه وبين حديث ابن مسعود بأن حديث علي محمول على من أحب ذلك ليتعظم به على صاحبه لا من أحب ذلك ابتهاجا بنعمة الله عليه فقد أخرج الترمذي وحسنه من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه (إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده) وله شاهد عند أبي يعلى من حديث أبي سعيد وأخرج النسائي وأبو داود وصححه ابن حبان والحاكم من حديث أبي الأحوص عوف بن مالك الجشمي عن أبيه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال له: ورآه رث الثياب إذا آتاك الله ما لا فلير أثره عليك أي بأن يلبس ثيابا تليق بحاله من النفاسة والنظافة ليعرفه المحتاجون للطلب منه مع مراعاة القصد وترك الإسراف جمعا بين الأدلة.
قال الطيبي في شرح المشكاة: قوله: ((يحب أن يرى أثر نعمته)): يعني إذا آتى الله عبداً من عباده نعمة من نعم الدنيا، فليظهرها من نفسه، بأن يلبس لباساً يليق بحاله لإظهار نعم الله عليه، وليقصده المحتاجون لطلب الزكاة والصدقات. وكذلك العلماء فليظهروا عملهم ليستفيدوا من علمهم.
قال البغوي في شرح السنة (12/ 50): قال الإمام: هذا في تحسين الثياب بالتنظيف، والتجديد عند الإمكان
من غير أن يبالغ في النعامة والدقة، ومظاهرة الملبس على الملبس على ما هو عادة العجم، وقد روي أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان ينهى عن كثير من الإرفاه يدل عليه ما أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي، نا أبومحمد عبد الله بن يوسف بن محمد بن باموية الأصبهاني، أنا أبو بكر أحمد بن سعيد الإخميمي بمكة حرسها الله تعالى، نا عمران بن الخطاب نا عمرو بن أبي سلمة، عن الأوزاعي، حدثني حسان بن عطية، حدثني محمد بن المنكدر حدثني جابر بن عبد الله قال: أتانا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) زائرا، فرأى رجلا شعثا، فقال: ” ما كان يجد هذا ما يسكن به رأسه؟ ” ورأى رجلا عليه ثياب وسخة فقال: ” ما كان يجد هذا ما يغسل به ثوبه؟ “.
قال الصنعاني في سبل السلام (1/ 460): في هذه الأحاديث دلالة أن الله تعالى يحب من العبد إظهار نعمته في مأكله، وملبسه فإنه شكر للنعمة فعلي؛ ولأنه إذا رآه المحتاج في هيئة حسنة قصده؛ ليتصدق عليه وبذاذة الهيئة سؤال، وإظهار للفقر بلسان الحال ولذا قيل ولسان حالي بالشكاية أنطق وقيل وكفاك شاهد منظري عن مخبري.
وقال ابن عابدين: اعلم أن الكسوة فيها فرض: وهو ما يستر العورة ويدفع الحر والبرد، والأولى كونه من القطن، أو الكتان، أو الصوف على وفاق السنة بأن يكون ذيله لنصف ساقه وكمه لرءوس أصابعه، وفمه قدر شبر، كما في ” النتف ” بين النفيس والخسيس إذ خير الأمور أوساطها؛ وللنهي عن الشهرتين وهو ما كان في نهاية النفاسة والخساسة.
ومستحب: وهو الزائد لأخذ الزينة وإظهار نعمة الله تعالى. قال صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده. ومباح: وهو الثوب الجميل للتزين في الأعياد والجمع ومجامع الناس لا في جميع الأوقات لأنه صلف وخيلاء، وربما يغيظ المحتاجين فالتحرز عنه أولى، ومكروه: وهو اللبس للتكبر. ثم قال: وفي الهندية عن السراجية: لبس الثياب الجميلة مباح إذا لم يتكبر، وتفسيره: أن يكون معها كما كان قبلها. حاشية ابن عابدين 6/ 351. [استفدته من الموسوعة الفقهية الكويتية]
قلت سيف: الصلف ذكر تحته معاني منها الزهو والكبر والتيه والتطاول والبذخ والشمخ
حكم شراء الثياب النفيسة
السؤال: إذا كان الرجل ميسور الحال واشترى ثوباً نفيساً ألا يكون هذا من قبيل: (إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده)؟
الجواب: إذا كان ميسور الحال وأراد شراء النفيس؛ فينبغي أن يشتري ما يناسبه ويستفيد من القيمة الزائدة في أموره الأخرى، وأما كونه يشتري شيئاً نفيساً وهو غير ميسور الحال، بأن يستدين أو يسأل أو ما إلى ذلك، فليس له ذلك.
قال العلامة العثيمين: وليس الزهد أنه لا يلبس الثياب الجميلة، ولا يركب السيارات الفخمة، وإنما يتقشف ويأكل الخبز بلا إدام وما أشبه ذلك، ولكن يتمتع بما أنعم الله عليه، لأن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، وإذا تمتع بالملاذ على هذا الوجه صار نافعاً له في الآخرة، ولهذا لا تغتر بتقشف الرجل ولبسه رديء الثياب، فربَّ حية تحت القش، ولكن عليك بعمله وأحواله. شرح الاربعين النووية (322 – 323)