82 فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وعبدالله المشجري وإبراهيم المشجري .
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
82- قال الإمام أبو يعلى رحمه الله (ج 7 ص 180): حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي حدثني عجلان بن عبد الله من بني عدي عن مالك بن دينار عن أنس قال: لما حضرت أبا سلمة الوفاة قالت أم سلمة: إلى من تكلني؟ فقال: اللهم إنك لأم سلمة خير من أبي سلمة. فلما توفي خطبها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالت: إني كبيرة السن. قال: «أنا أكبر منك سنًّا والعيال على الله ورسوله وأما الغيرة فأرجو الله أن يذهبها» فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأرسل إليها برحاءين وجزة للماء.
هذا حديث حسنٌ. وعجلان بن عبد الله ترجمته في “الجرح والتعديل” لابن أبي حاتم، قال أبو زرعة: بصري لا بأس به.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أولاً: دراسة الحديث رواية:*
* قال الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة 293: ” وهذا سند جيد رجاله ثقات معروفون غير عجلان هذا فأورده ابن حبان في الثقات (2 / 234) وقال ابن أبي حاتم (3 / 2 / 19) عن أبي زرعة: ” بصري لا بأس به “. “.
* حسّن إسناده محقق مسند أبي يعلى برقم 4161.
تنبيه : نقله الألباني في الصحيحة من مسند أبي يعلى بلفظ : فذكره فتزوجها رسول الله ﷺ فأرسل إليها
برحايين وجرة للماء (! ) انتهى النقل
وعند ابن حجر في المطالب العالية ونقله من مسند أبي يعلى : فَتَزَوَّجَها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأرْسَلَ إلَيْها برحاءين وجَرَّةِ الماءِ.
ولم ينبه محقق المطالب العالية إلى اختلاف النسخ في لفظ ( جرَّه )
ونبّه إلى تصحيف في لفظ الرحائين فقال : كذا في (مح) و(عم)، ولعل الصواب: «ردائين»، فتصحفت إلى رحائين.
لكن المقدسي في المختارة ذكره من طريق أبي يعلى بلفظ فَأرْسَلَ إلَيْها بِرَحى يَدٍ وجَرَّةٍ لِلْماءِ
ولم أجد لفظ رداءين في أي مصدر
قال محقق المطالب :
٤١١٥ – درجته:
حسن بهذا الإسناد؛ لأن عبد الرحمن بن صالح وعجلان بن عبد الله صدوقان.
وقد ذكره البوصيري في كتاب النكاح وسكت عنه (٢/ ٢٠).
ذكره البخاري في التاريخ الكبير (٧/ ٦٢)، ونسبه لأحمد به، بنحوه لكن قال في آخره فأرسل إليها بردًا وجرة للماء.
ويشهد للحديث ما بعده ويرتقي به إلى درجة الصحيح لغيره. والله أعلم.
يقصد بما عنده :
[٢] وقالَ أبُو يَعْلى (١): حَدَّثَنا هُدْبَةُ بْنُ خالِدٍ، [قالا] (٢): ثنا سُلَيْمانُ بْنُ المُغِيرَةِ، عَنْ ثابِتٍ، أخْبَرَنِي عُمَر بْنُ أبِي سَلَمة قال: جاء أبو سلمة رضي الله عنه … فذكر الحديث في وفاته وأن أبا بكر رضي الله عنه خطبها فردته، ثم عُمَرُ رضي الله عنه فردَّته، ثم أرسل إليها
رَسُولُ اللَّهِ -ﷺ- يَخْطُبُها فقالت : إن فِيَّ خِلالًا ثلاثًا. فسمع عمر ما ردَّت بِهِ عَلى رَسُولِ اللَّهِ -ﷺ- فَغَضِبَ لِرَسُولِ اللَّهِ -ﷺ- أكْثَرَ مِمّا غَضِبَ لِنَفْسِهِ فَأتاها فَقالَ لَها: أنْتِ الَّتِي تَرُدِّين رَسُولَ الله -ﷺ- بم تَرُدِّينه؟
قالَتْ: يا ابْنَ الخَطّابِ إنَّ فِيَّ كَذا وكَذا، وفِي الحَدِيثِ: فَأمّا ما ذكرتِ من الغيرة فإني أدعوا الله تعالى أنْ يُذْهِبها. قالَ: فَكانَتْ فِي النِّساء كأنّها ليست مِنهُن لا تَجِد ما يجدنَ النِّساءُ مِنَ الغَيْرة.
وذكر المحقق الاختلاف في أسانيد الحديث ثم صحح كل الأوجه لكنه لم يقف على تعليل الإمام أبي حاتم
فسيأتي أن أبا حاتم علل هذه الرواية .
*ثانياً: دراسة الحديث درايةً:*
* جاء في صحيح مسلم برقم 918: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ” مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللهُ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156]، اللهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَخْلَفَ اللهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا “، قَالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلْتُ: أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا، فَأَخْلَفَ اللهُ لِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي لَهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ لِي بِنْتًا وَأَنَا غَيُورٌ، فَقَالَ: «أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُو اللهَ أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا، وَأَدْعُو اللهَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْغَيْرَةِ».
* هو من أفراد مسلم ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين.
* بوب عليه النووي رحمه الله في مسلم بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ.
* قال ابن الأثير في جامع الأصول (6/430): ” غيور : فعول من الصفات يكون للذكر والأنثى بصورة واحدة ، تقول : رجل غيور ، وامرأة غيور ، والغيرة معروفة”.
* وقال النووي في شرح صحيح مسلم (6/221): ” وقولها وأنا غيور يقال امرأة غيرى وغيور ورجل غيور وغيران قد جاء فعول في صفات المؤنث كثيرا كقولهم امرأة عروس وعروب وضحوك لكثيرة الضحك وعقبة كؤد وأرض صعود وهبوط وحدود وأشباهها قوله صلى الله عليه وسلم وأدعو الله أن يذهب بالغيرة هي بفتح الغين ويقال أذهب الله الشيء وذهب به كقوله تعالى ذهب الله بنورهم “.
* قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار (6/127): ” والمراد بالغيرة التي وصفت بها نفسها أنها تغار إذا تزوج زوجها امرأة أخرى، والنبي – صلى الله عليه وسلم – قد كان له زوجات قبلها قال في القاموس: وأغار أهله تزوج عليها فغارت انتهى، وفيه دليل على أن المرأة البالغة الثيبة تخطب إلى نفسها ”
* جاء في عون المعبود (13/294): ( فلا تكلني ) أي لا تتركني.
* قال الشيخ الألباني في الإرواء (6/219): ” وله طريق أخرى يرويه حماد بن سلمة عن ثابت البناني حدثني ابن عمر ابن أبي سلمة عن أبيه عن أم سلمة: ” لما انقضت عدتها بعث إليها أبو بكر يخطبها عليه , فلم تزوجه , فبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب يخطبها عليه , فقالت: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنى امرأة غيرى , وأنى امرأة مصبية , وليس أحد من أوليائى شاهد , فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فذكر ذلك له , فقال: ارجع إليها , فقل لها: أما قولك: إنى امرأة غيرى , فسأدعو الله لك فيذهب غيرتك , وأما قولك: إنى امرأة مصبية , فستكفين صبيانك , وأما قولك: أن ليس أحد من أوليائى شاهد , فليس أحد من أوليائك شاهدا , ولا غائب يكره ذلك , فقالت لابنها: ياعمر قم فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجه “.
أخرجه النسائى (2/77) والحاكم (3/16 ـ 17) والبيهقى (7/131) وأحمد (6/295 , 313 ـ 314 , 317 ـ 318) وقال الحاكم: ” صحيح الإسناد , فإن ابن عمر بن أبى سلمة الذى لم يسمه حماد بن سلمة سماه غيره سعيد بن عمر بن أبى سلمة “.
كذا قال , ووافقه الذهبى فى ” التلخيص “!
وأما فى الميزان فقال: ” ابن عمر بن أبى سلمة المخزومى عن أبيه , لا يعرف.
وعنه ثابت البنانى “.
وقال الحافظ فى ” اللسان “: ” قيل اسمه محمد بن عمر بن أبى سلمة بن عبد الأسد “.
ونحوه فى ” التهذيب ” ولم يتعرض لا هو ولا غيره لقول الحاكم المذكور أن اسمه سعيد بن عمر بن أبى سلمة , وسواء كان اسمه هذا أو ذاك , فهو مجهول لتفرد ثابت بالرواية عنه , فالإسناد لذلك ضعيف , وفى الذى قبله كفاية.
ثم رأيت الطحاوى قد أخرجه فى ” شرح المعانى ” (2/7) من طريق حماد بن سلمة وسليمان بن المغيرة قالا: حدثنا ثابت عن عمر بن أبى سلمة به مختصرا.
فأسقط من المسند ابن عمر بن أبى سلمة , فلا أدرى أهكذا وقعت الرواية له , أو السقط من بعض النساخ.
ثم رأيت فى ” العلل ” لابن أبى حاتم , ما يؤخذ منه , أنه قد اختلفت الرواية فيه عن ثابت , فقال (1/405/1211) : ” سألت أبى وأبا زرعة عن حديث رواه جعفر بن ثابت عن عمر بن أبى سلمة عن أم سلمة أن النبى صلى الله عليه وسلم تزوجها.
الحديث؟ فقال أبى وأبو زرعة: رواه حماد بن سلمة عن ثابت عن ابن عمر بن أبى سلمة عن أبيه عن النبى صلى الله عليه وسلم.
وهذا أصح الحديثين: زاد فيه: رجلا , قال أبى: أضبط الناس لحديث ثابت وعلى بن زيد حماد بن سلمة , بين خطأ الناس “.انتهى
فهذه الرواية فيها ابن عمر بن أبى سلمة وهو مجهول. وبينا ذلك في شرحنا لصحيح مسلم
* جاء في البحر المحيط الثجاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (18/146): ” (فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ) تعني زوجها عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عُمَر بن مخزوم المخزوميّ المكيّ، أمه بَرّة بنت عبد المطلب، وكان أخا النبيّ – صلى الله عليه وسلم – من الرضاعة، وهاجر الهجرتين، وشَهِد بدرًا، وتُوُفِّي بالمدينة في حياة النبيّ – صلى الله عليه وسلم – مَرْجِعه من بدر، فتزوج النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – بزوجته أم سلمة، رَوَى عن النبيّ – صلى الله عليه وسلم – في الاسترجاع عند المصيبة، وعنه أم سلمة.
وذكر ابن سعد أنه شهد بدرًا وأُحُدًا، وجرح باحد، ثم بعثه النبيّ – صلى الله عليه وسلم – إلى بني أسد على رأس خمسة وثلاثين شهرًا من الهجرة، ثم قدم المدينة، فانتقض الجرح، فمات لثلاث مَضَين من جمادى الآخرة، وبنحوه ذكره يعقوب بن سفيان، وابن أبي خيثمة، والْبَرْقيّ، وأبو جعفر الطبريّ، والحاكم، وأبو نعيم، وجماعة.
وقال العسكريّ: مات على عهد النبيّ – صلى الله عليه وسلم – في السنة الرابعة، ونقله البغويّ عن أبي بكر بن زنجويه، وهو مقتضى قول ابن سعد، وقال عبد البر: تُوُفّي في جمادى الآخرة سنة ثلاث، وهو يوافق الأول.
أخرج له الترمذيّ، والنسائيّ في “اليوم والليلة”، وابن ماجة، وليس له عند مسلم إلَّا ذكرٌ فقط. ”
فيه مراعاة السن وأن الأفضل أن يكون الرجل أكبر إلا إذا كانت المرأة مشهورة بالصلاح كخديجة وأم سلمة .
وقوله ( والعيال على الله ورسوله ) فيه
جواز التشريك بالواو مع اعتقاد تفرد الله بالرزق وإنما البشر أسباب.
*المسائل الأخرى:*
ترجمة لأم سلمة رضي الله عنه من الإصابة لابن حجر (8/404):
قال رحمه الله: ” 12065- أم سلمة بنت أبي أميّة
بن المغيرة بن عبد اللَّه بن عمرو بن مخزوم القرشيّة المخزوميّة أم المؤمنين ، اسمها هند. وقال أبو عمر: يقال اسمها رملة، وليس بشيء، واسم أبيها حذيفة، وقيل سهيل، ويلقب زاد الراكب، لأنه كان أحد الأجواد، فكان إذا سافر لا يترك أحدا يرافقه ومعه زاد، بل يكفي رفقته من الزّاد، وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن مالك الكنانيّة، من بني فراس، وكانت زوج ابن عمها أبي سلمة بن عبد الأسد بن المغيرة، فمات عنها كما تقدّم في ترجمته، فتزوجها النّبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم في جمادى الآخرة سنة أربع، وقيل سنة ثلاث، وكانت ممن أسلم قديما هي وزوجها وهاجرا إلى الحبشة، فولدت له سلمة، ثم قدما مكّة وهاجرا إلى المدينة، فولدت له عمر، ودرة، وزينب، قاله ابن إسحاق.
وفي رواية يونس بن بكير وغيره عنه: حدّثني أبي، عن سلمة بن عبد اللَّه بن عمر بن أبي سلمة، قال: لما أجمع أبو سلمة الخروج إلى المدينة رحل بعيرا له وحملني وحمل معي ابني سلمة، ثم خرج يقود بعيره، فلما رآه رجال بني المغيرة قاموا إليه فقالوا: هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتنا هذه علام نتركك تسير بها في البلاد؟ ونزعوا خطام البعير من يده، وأخذوني، فغضب عند ذلك بنو عبد الأسد وأهووا إلى سلمة، وقالوا: واللَّه لا نترك ابننا عندها إذا نزعتموها من صاحبنا، فتجاذبوا ابني سلمة حتى خلعوا يده، وانطلق به بنو عبد الأسد ورهط أبي سلمة.
وحبسني بنو المغيرة عندهم، وانطلق زوجي أبو سلمة حتى لحق بالمدينة ففرّق بيني وبين زوجي وابني، فكنت أخرج كلّ غداة وأجلس بالأبطح، فما أزال أبكي حتى أمسى سبعا أو قريبها حتى مرّ بي رجل من بني عمي، فرأى ما في وجهي، فقال لبني المغيرة: ألا تخرجون من هذه المسكينة؟ فرّقتم بينها وبين زوجها وبين ابنها! فقالوا: الحقي بزوجك إن شئت. وردّ عليّ بنو عبد الأسد عند ذلك ابني، فرحلت بعيري ووضعت ابني في حجري، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة، وما معي أحد من خلق اللَّه، فكنت أبلّغ من لقيت، حتى إذا كنت بالتّنعيم لقيت عثمان بن طلحة أخا بني عبد الدّار، فقال: أين يا بنت أبي أميّة؟ قلت:
أريد زوجي بالمدينة. فقال: هل معك أحد؟ فقلت: لا، واللَّه إلا اللَّه وابني هذا. فقال: واللَّه ما لك من مترك! فأخذ بخطام البعير، فانطلق معي يقودني، فو اللَّه ما صحبت رجلا من العرب أراه كان أكرم منه إذا نزل المنزل أناخ بي ثم تنحّى إلى شجرة فاضطجع تحتها، فإذا دنا الرّواح قام إلى بعيري قدّمه ورحله، ثم استأخر عني، وقال: اركبي، فإذ ركبت واستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه فقادني حتى نزلت، فلم يزل يصنع ذلك حتى قدم بي المدينة، فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف بقباء قال: إن زوجك في هذه القرية، وكان أبو سلمة نازلا بها.
وقيل: إنها أوّل امرأة خرجت مهاجرة إلى الحبشة، وأول ظعينة دخلت المدينة.
ويقال: إن ليلى امرأة عامر بن ربيعة شركتها في هذه الأوليّة.
وقصة هجرتها ونزاع قومها وقوم زوجها أوردها ابن كثير قالَ ابْنُ إسْحاقَ: فَحَدَّثَنِي أبِي، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ، قالَتْ: لَمّا أجْمَعَ أبُو سَلَمَةَ الخُرُوجَ إلى المَدِينَةِ
وهي عند ابن إسحاق في «السيرة» ٢/ ٤٤، بسند متصل صرح فيه بالتحديث، قال: حدثني أبي إسحاق ابن يسار، عن سلمة بن عبد الله بن عمر بن أبي سلمة، عن جدته أم سلمة به، وسلمة بن عبد الله قال عنه ابن حجر في «التقريب»: مقبول، ووثقه ابن حبان.
ذكر هذه القصة ابن حجر فى الإصابة (٨/ ٢٤٠)، البخارى فى التاريخ الكبير (٤/ ٨٠).
وأخرج النّسائيّ أيضا بسند صحيح عن أم سلمة، قالت: لما انقضت عدة أم سلمة خطبها أبو بكر فلم تتزوّجه، فبعث النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم يخطبها عليه، فقالت:
أخبر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أني امرأة غيري، وأني امرأة مصبية، وليس أحد من أوليائي شاهدا.
فقال: «قل لها: أما قولك غيري فسأدعو اللَّه فتذهب غيرتك. وأمّا قولك: إنّي امرأة مصبية فستكفين صبيانك. وأمّا قولك: ليس أحد من أوليائي شاهدا- فليس أحد من أوليائك شاهد أو غائب يكره ذلك» .
فقالت لابنها عمر: قم فزوّج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، فزوّجه.
وعنده أيضا بسند صحيح، من طريق أبي بكر بن عبد الرّحمن بن الحارث بن هشام- أنّ أم سلمة أخبرته أنها لما قدمت المدينة- أخبرتهم أنها بنت أبي أميّة بن المغيرة، فقالوا:
ما أكذب الغرائب، حتى أنشأ أناس منهم الحجّ، فقالوا: أتكتبين إلى أهلك؟ فكتبت معهم، فرجعوا يصدقونها، وازدادت عليهم كرامة.
فلما وضعت زينب جاءني رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم فخطبني، فقالت: ما مثلي ينكح. أما أنا فلا يولد لي وأنا غيور ذات عيال، فقال: «أنا أكبر منك، وأمّا الغيرة فيذهبها اللَّه، وأمّا العيال فإلى اللَّه ورسوله» ، فتزوّجها فجعل يأتيها فيقول: «أين زناب» ، حتى جاء عمار بن ياسر فأصلحها، وكانت ترضعها، فقال: هذه تمنع رسول اللَّه حاجته، فجاء النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، فقال: «أين زناب» ، وقالت قريبة بنت أبي أميّة- فوافقتها عندها: أخذها عمار بن ياسر، فقال: إني آتيكم اللّيلة … الحديث.
ويجمع بين الرّوايتين بأنها خاطبت النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم بذلك على لسان عمر. ويقال إنّ الّذي زوّجها من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم ابنها سلمة. ذكره ابن إسحاق.
وقد تقدّم ذكر ذلك في ترجمة سلمة.
وأخرج ابن سعد من طريق عروة عن عائشة بسند فيه الواقديّ، قالت: لما تزوّج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم أم سلمة حزنت حزنا شديدا لما ذكر لنا من جمالها، فتلطفت حتى رأيتها، فرأيت واللَّه أضعاف ما وصفت، فذكرت ذلك لحفصة، فقالت: ما هي كما يقال، فتلطفت لها حفصة حتى رأتها فقالت: قد رأيتها، ولا واللَّه ما هي كما تقولين ولا قريب، وإنها لجميلة قالت: فرأيتها بعد ذلك فكانت كما قالت حفصة، ولكني كنت غيري.
وكانت أم سلمة موصوفة بالجمال البارع، والعقل البالغ، والرأي الصّائب، وإشارتها على النّبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم يوم الحديبيّة تدلّ على وفور عقلها وصواب رأيها.
روت عن النّبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وعن أبي سلمة، وفاطمة الزّهراء.
روى عنها ابناها: عمر، وزينب، وأخوها عامر، وابن أخيها مصعب بن عبد اللَّه، ومكاتبها نبهان، ومواليها: عبد اللَّه بن رافع، ونافع، وسفينة، وابنه، وأبو كثير، وخيرة والدة الحسن. وممن يعد في الصّحابة: صفيّة بنت شيبة، وهند بنت الحارث الفراسية، وقبيصة بنت ذؤيب، وعبد الرّحمن بن الحارث بن هشام. ومن كبار التّابعين: أبو عثمان النّهدي، وأبو وائل، وسعيد بن المسيّب، وأبو سلمة، وحميد: ولدا عبد الرّحمن بن عوف، وعروة، وأبو بكر بن عبد الرّحمن، وسليمان بن يسار، وآخرون.
قال الواقديّ: ماتت في شوال سنة تسع وخمسين، وصلّى عليها أبو هريرة. وقال ابن حبّان: ماتت في آخر سنة إحدى وستين بعد ما جاءها نعي الحسين بن علي. وقال ابن أبي خيثمة: توفيت في خلافة يزيد بن معاوية.
قلت: وكانت خلافته في أواخر سنة ستين. وقال أبو نعيم: ماتت سنة اثنتين وستين، وهي من آخر أمهات المؤمنين موتا.
قلت: بل هي آخرهنّ موتا، فقد ثبت في صحيح مسلم أن الحارث بن عبد اللَّه بن أبي ربيعة وعبد اللَّه بن صفوان دخلا على أم سلمة في خلافة يزيد بن معاوية، فسألا عن الجيش الّذي يخسف به، وكان ذلك حين جهّز يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة بعسكر الشّام إلى المدينة، فكانت وقعة الحرّة سنة ثلاث وستين، وهذا كله يدفع قول الواقديّ.
وكذلك ما حكى ابن عبد البرّ أنّ أم سلمة أوصت أن يصلّي عليها سعيد بن زيد، فإن سعيدا مات سنة خمسين أو سنة إحدى أو اثنتين، فيلزم منه أن تكون ماتت قبل ذلك، وليس كذلك اتفاقا، ويمكن تأويله بأنها مرضت فأوصت بذلك، ثم عوفيت، فمات سعيد قبلها.
واللَّه أعلم.
* وقد أورد الإمام مسلم في فضائلها حديث سَلْمَانَ، قَالَ: لَا تَكُونَنَّ إِنِ اسْتَطَعْتَ، أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ وَلَا آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا، فَإِنَّهَا مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ، وَبِهَا يَنْصِبُ رَايَتَهُ. قَالَ: وَأُنْبِئْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَتَى نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ، قَالَ: فَجَعَلَ يَتَحَدَّثُ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ: «مَنْ هَذَا؟» أَوْ كَمَا قَالَ: قَالَتْ: هَذَا دِحْيَةُ، قَالَ: فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: ايْمُ اللهِ مَا حَسِبْتُهُ إِلَّا إِيَّاهُ، حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يُخْبِرُ خَبَرَنَا أَوْ كَمَا قَالَ: قَالَ: فَقُلْتُ لِأَبِي عُثْمَانَ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.
قال النووي: (قوله إن أم سلمة رأت جبريل في صورة دحية: هو – بفتح الدال وكسرها – وفيه منقبة لأم سلمة رضي الله عنها. وفيه جواز رؤية البشر الملائكة ووقوع ذلك ويرونهم على صورة الآدميين لأنهم لا يقدرون على رؤيتهم على صورهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرى جبريل على صورة دحية غالباً، ورآه مرتين على صورته الأصلية).
وقال ابن القيم: (ومن خصائصها أن جبريل دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهي عنده فرأته صورة دحية الكلبي). فرضي الله عنها وأرضاها. “.
وينظر شرح صحيح مسلم في مجموعة السلام في فضائل أم سلمة رضي الله عنها حديث رقم 2451:
ومن الأحاديث الوادرة في فضائلها غير ما أورده مسلم رحمه الله:
* أخرج الترمذي في السنن برقم 3022 عن أم سلمة أنها قالت يغزو الرجال ولا تغزو النساء وإنما لنا نصف الميراث فأنزل الله تبارك وتعالى (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) قال مجاهد وأنزل فيها (إن المسلمين والمسلمات) وكانت أم سلمة أول ظعينة قدمت المدينة مهاجرة قال أبو عيسى هذا حديث مرسل ورواه بعضهم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مرسل أن أم سلمة قالت كذا وكذا.
قلت سيف: أخرج أحمد 26604 في نزول آية الأحزاب 35
وهو على شرط الذيل على الصحيح المسند
* أخرج الترمذي في سننه 2562 عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه و سلم قال لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه و سلم إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا في بيت أم سلمة فدعا فاطمة وحسنا وحسينا فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره فجلله بكساء ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا قالت أم سلمة وأنا معهم يا نبي الله قال أنت على مكانك وأنت على خير.
قال الألباني: صحيح.
قلت سيف: قال الحاكم صحيح الإسناد على شرط الشيخين إن كان مجاهد سمع من أم سلمة، وحديث الكساء من غير قصة أم سلمة سبق الكلام عليه.
* موقف أم سلمة يوم الحديبية: وقولها للنبي صلى الله عليه وسلم: يانبيَّ اللهِ، أَتَحُبُّ ذلك، اخرُجْ لا تُكَلِّمْ أحدًا منهم كلمةً، حتى تَنْحَرَ بُدْنَك، وتَدْعُوَ حالقَك فيَحْلِقَكَ. فخَرَجَ فلم يُكَلِّمْ أحدًا منهم حتى فعَلَ ذلك، نحَرَ بُدْنَه، ودعا حالقَه فحَلَقَه،
فلما رأَوْا ذلك قاموا فنَحَرُوا وجعَلَ بعضُهم يَحْلِقُ بعضًا، حتى كاد بعضُهم يُقْتَلُ غمًّا)) رواه البخاري.
قال ابن حجر: وإشارتها على النبي يوم الحديبية تدلُّ على وفور عقلها وصواب رأيها.
وغير ذلك من الأحاديث الواردة في فضائلها يراجع فيها شرح صحيح مسلم في مجموعة السلام.
——
تتمة تتعلق بالغيرة :
وأصل الغيرة الحمية والأنفة والغيرة نوعان غيرة للمحبوب وغيرة عليه فأما الغيرة له فهي الحمية له والغضب له إذا استهين بحقه وانتقصت حرمته وناله مكروه من عدوه فيغضب له المحب ويحمى وتأخذه الغيرة له بالمبادرة إلى التغيير ومحاربة من آذاه فهذه غيرة المحبين حقا وهي من غيرةالرسل وأتباعهم لله ممن أشرك به واستحل محارمه وعصى أمره
وهذه الغيرة هي التي تحمل على بذل نفس المحب وماله وعرضه لمحبوبه حتى يزول ما يكرهه فهو يغار لمحبوبه أن تكون فيه صفة يكرهها محبوبه ويمقته عليها أو يفعل ما يبغضه عليه ثم يغار له بعد ذلك أن يكون في غيره صفة يكرهها ويبغضها والدين كله في هذه الغيرة بل هي الدين وما جاهد مؤمن نفسه وعدوه ولا أمر بمعروف ولا نهى عن منكر إلا بهذه الغيرة ومتى خلت من القلب خلا من الدين فالمؤمن يغار لربه من نفسه ومن غيره إذا لم يكن له كما يحب والغيرة تصفي القلب وتخرج خبثه كما يخرج الكير خبث الحديد.
فصل وأما الغيرة على المحبوب فهي أنفة المحب وحميته أن يشاركه في محبوبه غيره وهذه أيضا نوعان غيرة المحب أن يشاركه غيره في محبوبه وغيرة المحبوب على محبه أن يحب معه غيره.
وقال: فصل وغيرة العبد على محبوبه نوعان غيرة ممدوحة يحبها الله وغيرة مذمومة يكرهها الله فالتي يحبها الله أن يغار عند قيام الريبة والتي يكرهها أن يغار من غير ريبة بل من مجرد سوء الظن وهذه الغيرة تفسد المحبة وتوقع العداوة بين المحب ومحبوبه وفي المسند وغيره عنه قال: “الغيرة غيرتان فغيرة يحبها الله وأخرى يكرهها الله قلنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الغيرة التي يحب الله قال أن تؤتى معاصيه أو تنتهك محارمه قلنا فما الغيرة التي يكره الله قال غيرة أحدكم في غير كنهه” وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم “إن من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يكره الله فالغيرة التي يحبها الله الغيرة في الريبة والغيرة التي يكرهها الله الغيرة في غير ريبة” وفي الصحيح عنه أنه قال: “أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني”
روضة المحبين
وقال: أصل الدين الغيرة، ومن لا غيرة له لا دين له، فالغيرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح، فتدفع السوء والفواحش، وعدم الغيرة تميت القلب، فتموت له الجوارح؛ فلا يبقى عندها دفع البتة.
الجواب الكافي
—
وإليك بعض الأحاديث التي تتعلق بالغيرة :
عن المغيرة قال : قال سعد بن عبادة : لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح . فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : ” أتعجبون من غيرة سعد، لأنا أغير منه، والله أغير مني “.
رواه البخاري ومسلم
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضح وغير فرسه، فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء وأخرز غربه وأعجن، ولم أكن أحسن أخبز، وكان يخبز جارات لي من الأنصار، وكن نسوة صدق، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي، وهي مني على ثلثي فرسخ، فجئت يوما والنوى على رأسي، فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار، فدعاني ثم قال : ” إخ إخ “. ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته، وكان أغير الناس ، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني قد استحييت فمضى، فجئت الزبير فقلت : لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النوى، ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب، فاستحييت منه، وعرفت غيرتك. فقال : والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه. قالت : حتى أرسل إلي أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني.
رواه البخاري ومسلم
وَهَلۡ أَتَىٰكَ حَدِیثُ مُوسَىٰۤ * إِذۡ رَءَا نَارࣰا فَقَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوۤا۟ إِنِّیۤ ءَانَسۡتُ نَارࣰا لَّعَلِّیۤ ءَاتِیكُم مِّنۡهَا بِقَبَسٍ أَوۡ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدࣰى﴾
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: هَذَا حِينَ قَضَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ وَهُوَ مُقْبِلٌ مِنْ مَدْيَنَ يُرِيدُ مِصْرَ، وَكَانَ قَدْ أَخْطَأَ الطَّرِيقَ، وَكَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ رَجُلًا غَيُورًا: يَصْحَبُ النَّاسَ بِاللَّيْلِ وَيُفَارِقُهُمْ بِالنَّهَارِ غَيْرَةً مِنْهُ، لِئَلَّا يَرَوْا امْرَأَتَهُ فَأَخْطَأَ الرُّفْقَةَ- لِمَا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى- وكانت ليلة مظلمة.
تفسير القرطبي
عن عائشة : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندي رجل قاعد، فاشتد ذلك عليه، ورأيت الغضب في وجهه، قالت : فقلت : يا رسول الله، إنه أخي من الرضاعة، قالت : فقال : ” انظرن إخوتكن من الرضاعة، فإنما الرضاعة من المجاعة “.
رواه البخاري ومسلم
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ قال : ” بينا أنا نائم رأيتني في الجنة، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت : لمن هذا القصر ؟ فقالوا : لعمر بن الخطاب. فذكرت غيرته فوليت مدبرا “. فبكى عمر وقال : أعليك أغار يا رسول الله ؟
رواه البخاري ومسلم
عن ابن عمر ، قال : كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة في المسجد، فقيل لها : لم تخرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار ؟ قالت : وما يمنعه أن ينهاني ؟ قال : يمنعه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا تمنعوا إماء الله مساجد الله “.
رواه البخاري ومسلم
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثته، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلا، قالت : فغرت عليه، فجاء فرأى ما أصنع، فقال : ” ما لك يا عائشة، أغرت ؟ ” فقلت : وما لي لا يغار مثلي على مثلك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أقد جاءك شيطانك ؟ ” قالت : يا رسول الله، أومعي شيطان ؟ قال : ” نعم “. قلت : ومع كل إنسان ؟ قال : ” نعم “. قلت : ومعك يا رسول الله ؟ قال : ” نعم، ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم “.
رواه البخاري ومسلم
عن عائشة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج أقرع بين نسائه، فطارت القرعة لعائشة وحفصة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث، فقالت حفصة : ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك تنظرين وأنظر ؟ فقالت : بلى. فركبت، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى جمل عائشة وعليه حفصة، فسلم عليها ثم سار حتى نزلوا، وافتقدته عائشة، فلما نزلوا جعلت رجليها بين الإذخر وتقول: يا رب سلط علي عقربا أو حية تلدغني، ولا أستطيع أن أقول له شيئا.
رواه البخاري ومسلم
عن عائشة رضي الله عنها قالت : استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف استئذان خديجة، فارتاع لذلك، فقال : ” اللهم هالة “. قالت : فغرت، فقلت : ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر، قد أبدلك الله خيرا منها.
رواه البخاري ومسلم
عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب العسل والحلواء، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه، فيدنو من إحداهن، فدخل على حفصة بنت عمر، فاحتبس أكثر ما كان يحتبس، فغرت، فسألت عن ذلك، فقيل لي : أهدت لها امرأة من قومها عكة من عسل، فسقت النبي صلى الله عليه وسلم منه شربة. فقلت : أما والله لنحتالن له. فقلت لسودة بنت زمعة : إنه سيدنو منك، فإذا دنا منك فقولي : أكلت مغافير ؟ فإنه سيقول لك : ” لا “. فقولي له : ما هذه الريح التي أجد منك ؟ فإنه سيقول لك : ” سقتني حفصة شربة عسل “. فقولي له : جرست نحله العرفط . وسأقول ذلك، وقولي أنت يا صفية ذاك، قالت : تقول سودة : فوالله ما هو إلا أن قام على الباب، فأردت أن أباديه بما أمرتني به فرقا منك، فلما دنا منها قالت له سودة : يا رسول الله، أكلت مغافير ؟ قال : ” لا “. قالت : فما هذه الريح التي أجد منك ؟ قال : ” سقتني حفصة شربة عسل “. فقالت : جرست نحله العرفط. فلما دار إلي قلت له نحو ذلك، فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك، فلما دار إلى حفصة قالت : يا رسول الله، ألا أسقيك منه ؟ قال : ” لا حاجة لي فيه “. قالت : تقول سودة : والله لقد حرمناه. قلت لها : اسكتي.
رواه البخاري ومسلم