80 – فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وعبدالله المشجري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
80 – قال الإمام أحمد رحمه الله (ج 3 ص 183): حدثنا يحيى عن التيمي عن أنس قال: ذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال ولم أسمعه منه «إن فيكم قومًا يعبدون ويدأبون حتى يعجب بهم الناس وتعجبهم أنفسهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية».
هذا حديث صحيحٌ على شرط الشَّيخين. ويحيى هو ابن سعيد القطان، والتيمي هو سليمان بن طَرْخان.
وقال الإمام أحمد رحمه الله (ج 3 ص 189): ثنا إسماعيل، أنا سليمان التيمي، ثنا أنس بن مالك … فذكره.
إسماعيل هو ابن إبراهيم الشهير بابن عُلَيَّةَ.
وأخرجه أبو يعلى (ج 7 ص 116) فقال رحمه الله: حدثنا وهب بن بَقِيَّةَ، أخبرنا خالد، عن سليمان التيمي به.
————————–
تمهيد :
فتنة التكفير والإرهاب :
وكان من أوائل من زاغ عن هديه – صلى الله عليه وسلم – الخوارج، فكانوا أول البدع ظهوراًً في الإسلام , وأظهرها ذماًً في السنة النبوية , فإن ذو الخويصرة قال للنبي – صلى الله عليه وسلم -: اعدل يا محمد! فإنك لم تعدل, فأخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – عن خروجه وخروج أصحابه، وذكر أنهم ((يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)). رواه البخاري 3610، ومسلم 1064
وتحقق قول النبي – صلى الله عليه وسلم – فيه وفي أصحابه من أهل النهروان، وقد “كان دينهم الذي اختصوا به من بين الداخلين في الفتن هو تكفير بعض المسلمين بما حسبوه كفراً، فوردت الأحاديث بمروقهم بذلك وتواترت، وهي في دواوين الإسلام الستة”.
وتصدى سلف الأمة لهذه الفتنة، وكان من أقوم سُبل معالجتها صبر عليٍّ وأناتُه على الخوارج، وإرساله حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما لمحاورتهم ومجادلتهم.
ورجع منهم منzرجع ثم أعمل في بقيتهم السيف. لما رأى أنهم سيطعنون في الأمة من الداخل، حيث أن ديدنهم أنهم يقاتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان.
وقد ظهر لهم في هذه الأيام قرن في بعض البلدان الإسلامية، لكن بشرنا نبينا أنهم لا يخرج لهم قرن إلا قطع حتى يخرج في أعراضهم الدجال.( أخرجه ابن ماجه 1/74، وراجع الصحيحة 2455)
قال الإمام الآجريُّ – رحمه الله تعالى – :
(( قد ذكرتُ من التحذير من مذهب الخوارج ما فيه بلاغٌ لِمَن عصمه الله تعالى عن مذاهب الخوارج، ولَم يَرَ رأيَهم، فصبر على جَوْر الأئمَّة، وحيف الأمراء، ولَم يَخرُج عليهم بسيفه، وسأل الله تعالى كشفَ الظلمِ عنه وعن المسلمين، ودعا للوُلاة بالصَّلاحِ وحجَّ معهم، وجاهد معهم كلَّ عدُوٍّ للمسلمين، وصلَّى خلفَهم الجمعةَ والعَيدين، وإن أمروه بطاعةٍ فأمكنَه أطاعهم، وإن لَم يُمكنه اعتذر إليهم، وإن أمروه بِمعصيةٍ لم يُطعهم، وإذا دارت الفتنُ بينهم لزمَ بيتَه، وكفَّ لسانَه ويدَه، ولَم يَهْوَ ما هم فيه، ولَم يُعِن على فتنة، فمَن كان هذا وصفُه كان على الصراط المستقيم إن شاء الله ))
كتاب الشريعة (١/٣٧١)
أولاً: دراسة الحديث رواية:
هو في الصحيحة 1895
* أورده الهيثمي في غاية المقصد في زوائد المسند (2/14) وقال بعده: ” قلت: وقد رواه أبو داود، عن أنس بغير هذا السياق فى كتاب السيرة.”.
يقصد ما في سنن أبي داود 4765
أخرج أبو داود في سننه 4765 – حدثنا نصر
بن عاصم الأنطاكي، حدثنا الوليد، ومبشر يعني ابن إسماعيل الحلبي، عن أبي عمرو، قال: يعني الوليد حدثنا أبو عمرو، قال: حدثني قتادة، عن أبي سعيد الخدري، وأنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيكون في أمتي اختلاف وفرقة، قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، لا يرجعون حتى يرتد على فوقه، هم شر الخلق والخليقة، طوبى لمن قتلهم وقتلوه، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء، من قاتلهم كان أولى بالله منهم» قالوا: يا رسول الله، ما سيماهم؟ قال: «التحليق»
* قال محققو المسند (20/244): ” إسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى: هو ابن سعيد القطان، والتيمي: هو سليمان بن طرْخان.
وأخرجه أبو يعلى (4066) من طريق خالد بن الحارث، عن سليمان التيمي، بهذا الإسناد.”
* أخرجه ابن أبي عاصم في السنة 945 قال حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ ثنا مُعْتَمِرٌ ثنا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ ذُكِرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “يَخْرُجُ فِيكُمْ أَوْ يَكُونُ فِيكُمْ قَوْمٌ يَتَعَبَّدُونَ وَيَتَدَيَّنُونَ حَتَّى يُعْجِبُوكُمْ وَتُعْجِبُهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ”. قال الشيخ الألباني في ظلال الجنة: “إسناده صحيح على شرط الشيخين. والحديث رواه قتادة أيضا عن أنس نحوه وقد مضى 940″.
ثانياً: دراسة الحديث درايةً:
* قال السندي في حاشية مسند الإمام أحمد (12/209): ” قوله (إِنَّ فِيكُمْ قَوْمًا يَعْبُدُونَ وَيَدْأَبُونَ) من دأب في عمله، كمنع: إذا وجد وتعب. ”
- حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا ” إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا، أَوْ: فِي عَقِبِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ ” ق
- حديث علي بن أبي طالب مرفوعا : «سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، أَحْدَاثُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ، كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ» ق
- عَنْ يُسَيْرِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: سَأَلْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْخَوَارِجَ، فَقَالَ: سَمِعْتُهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ «قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَا يَعْدُو تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ، كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ» م
وفي الصحيح المسند 760 حديث عمرو بن العاص حديث ذي الخويصرة .
وفي 1176 حديث أبي بكرة وفيه الأمر بقتلهم
* جاء في الصحيح المسند برقم 839- قال الإمام الترمذي رحمه الله : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يقولون من قول خير البرية يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية .
وينظر شرحه في مجموعة السلام (2/204) ومما الفوائد الواردة فيه:
* قال الحافظ أحداث بمهملة ثم مثلثة جمع حدث بفتحتين والحدث هـو الصغير السن والأسنان جمع سن والمراد به العمر والمراد أنهم شباب انتهى
* (سفهاء الأحلام)
جمع حلم بكسر أوله والمراد به العقل. والمعنى أن عقولهم رديئة
قال النووي يستفاد منه أن التثبت وقوة البصيرة تكون عند كمال السن وكثرة التجارب وقوة العقل.
* (لا يجاوز تراقيهم)
قال الجزري في النهاية التراقي جمع ترقوة وهـي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق وهـما ترقوتان من الجانبين وزنها فعلوة بالفتح
والمعنى أن قراءتهم لا يرفعها الله ولا يقبلها فكأنها لم تتجاوز حلوقهم وقيل المعنى أنهم لا يعملون بالقرآن ولا يثابون على قراءته فلا يحصل لهم غير القراءة انتهى.
قلت: فهم لا يصل لقلوبهم شئ من القرآن؛ فليس في قلوبهم رحمة ولا تسليم لأوامر الله بل؛ لا يعتقدون إلا ما أشربوا من أهوائهم.
* (يمرقون من الدين) إن كان المراد به الإسلام فهو حجة لمن يكفر الخوارج ويحتمل أن يكون المراد بالدين الطاعة فلا يكون فيه حجة وإليه جنح الخطابي؛ ونقل ابن حجر الخلاف في في كفرهم؛ وقال أن ظاهر النصوص تدل عليه؛ وذكر أدلة القائلين بعدم كفرهم وأن بعض الصحابة لم يكفرهم ثم قال: والسلامة لا يعدلها شئ؛ يعني القول بعدم تكفيرهم هو السلامة.
(كما يمرق السهم من الرمية) بوزن فعيلة بمعنى مفعولة وهـو الصيد المرمي شبه مروقهم من الدين بالسهم الذي يصيب الصيد فيدخل فيه ويخرج منه ومن شدة سرعة خروجه لقوة الرامي لا يعلق من جسد الصيد شيء
قال الجزري في النهاية أي يجوزونه ويخرقونه ويتعدونه كما يخرق السهم الشيء المرمي به ويخرج منه انتهى.
فيه أن الإنسان يخشى على نفسه من الغيرة الشديدة، التي ربما تجعله ظاهريا، والقلب خاو، كما كان عليه هولاء الخوارج. شرح مسلم ابن عثيمين.
* قال النووي: وهـو إجماع من العلماء قال القاضي عياض أجمع العلماء على أن الخوارج وأشباهـهم من أهـل البدع والبغي متى خرجوا على الإمام, وخالفوا رأي الجماعة, وشقوا العصا وجب قتالهم بعد إنذارهـم والإعذار إليهم قال الله تعالى {فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله} [الحجرات: (9)
(تحفة الأحوذي شرح الترمذي ج6ص354)
– فيه أنه قد يضل أناس وعندهم كتاب الله؛ ومنه حديث (هؤلاء أهل الكتابين ضلوا وعندهم ما عندهم من كتاب الله).
– فيه أن الله عزوجل لا يقبل من الكلام والعمل إلا ما أريد به وجهه؛ ومنه قوله تعالى (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) وحديث (إن الله طيب لا يقبل إلا طيب)، فلما كان هؤلاء ليس عندهم صدق لم ترجع بركة قراءة القرآن عليهم بشئ بل صار حجة عليهم.
– ضرب الأمثلة للفهم.
– جواز قتل صاحب البدعة المغلظة على القول بعدم تكفير الخوارج، وقد نقل النووي والقاضي عياض الإجماع على ذلك كما سيأتي.
– العبرة ليست بكثرة العبادة وإنما بكونها على السنة بعيدة عن البدعة. فالبركة في السنة ولو كانت قليلة.
– فيه علم من أعلام النبوة.
– فيه خطر الخوارج على المجتمعات؛ وأنهم ليس عندهم علم وهداية.
– أهمية العلم؛ قال ابن حجر: وهؤلاء تركوا أهل الذمة؛ وقالوا: نفي لهم بعهدهم، وتركوا المشركين واشتغلوا بقتال المسلمين، وهذا كله من آثار عبادة الجهال الذين لم تنشرح صدورهم بنور العلم، ولم يتمسكوا بحبل وثيق من العلم. – قتال الخوارج أولى من قتال المشركين؛ لأن قتالهم محافظة على رأس المال، وقتال المشركين يقصد به الربح، والمحافظة على رأس المال أولى من الربح.
فيه التحذير من الغلو في الديانة، والتنطع في العبادة.
– لا يكتفي في التعديل؛ العجلة بالنظر لظاهر الحال.
* ثم ذكرت مسألة قتال الخوارج: وذكر فيها الأقوال في ذلك إلى أن قيل: ” والذي يظهر أن الإمام الشرعي له قتال الخوارج عند ظهور أمرهم وانتشار دعوتهم ولو لم يخرجوا عليه ويسفكوا الدماء لعموم الأمر بقتالهم دون تقييده بحصول القتال منهم، ودرءا للفتنة عن المسلمين، واستئصالا لشوكتهم قبل تمكنهم فإنهم لو تركوا ولم يتعرض لهم لإستفحل أمرهم وقويت شوكتهم وعظم فسادهم وشق على أهل السنة القضاء عليهم والتأريخ يشهد بهذا. أما تركهم يدعون غيرهم ويشيعون مذهبهم ويتترسون دون تعرض لهم فهذا قول فيه بعد عن روح الشريعة ويترتب عليه فساد عظيم. وللإمام ترك قتالهم حتى يسفكوا الدماء ينظر الأصلح في ذلك ويراعي الأحوال كأن يخشى مفسدة أعظم أو يكون غير متهيأ لقتالهم كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم قتل ذي الخويصرة تأليفا للناس في الإسلام وخشية تنفيرهم عنه كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر لما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق فقال رسول الله: (معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي إن هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية). والله الموفق.
تتمات للفوائد :
– قال ابن تيمية :” من ليس بأخ في الدين فهو كافر لأن المؤمنين اخوة مع قيام الكبائر بهم بدليل قوله في آية المقتتلين (( إنما المؤمنون اخوة ))مع أنه قد سمى قتال المؤمن كفرا” ( شرح عمدة الفقه)
– قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله :
* الذي لا يدعو للسلطان فيه بدعة من بدعة قبيحة، وهي: الخوارج -الخروج على الأئمة – ولو كنت ناصحاً لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم لدعوت للسلطان ؛ لأن السلطان إذا صلح صلحت الرعية .
قال البربهاري رحمه الله: (إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم انه صاحب سُنة إن شاء الله). شرح السُنة.
– قال الفضيل بن عياض رحمه الله: (لو كان لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان).شرح السنة
– الحذر من الاستهزاء بولاة الأمر والعلماء.
قال سهلُ بن عبد الله رحمه الله:
لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء، فإذا عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم، وإذا استخفوا بهذين أفسد دنياهم و أخراهم.
تفسير القرطبي(٢٦٠/٥).
– أخطر الخوارج هم القعدية .
يقول ابن حجر: ” القعد؛ الخوارج، كانوا لا يُرون بالحرب، بل ينكرون على أمراء الجور حسب الطاقة، ويدعون إلى رأيهم، ويزينون مع ذلك الخروج ويحسنونه”. التهذيب: ( 8/114).
ويقول” القعدية: الذين يزينون الخروج على الأئمة ولا يباشرون ذلك” هدي الساري: ( 459).
والقعدية الذين يهيجون الناس ويزرعون الأحقاد في قلوبهم على ولاة الأمر ويصدرون الفتاوى باستحلال ما حرم الله باسم تغيير المنكر وهم أخبث فرق الخوارج.
روى أبو داود في مسائل الإمام أحمد- رحمه الله- عن عبدالله بن محمد الضعيف- رحمـه الله- أنه قال: ” قعد الخوارج هم أخبث الخوارج ” ( ص/ 271).
– وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
الخروج على الأئمة يكون بالسيف وهذا أشد الخروج ويكون بالكلام، بسبهم وشتمهم والكلام فيهم في المجالس وعلى المنابر، هذا يهيج الناس ويحثهم على الخروج على ولي الأمر وينقص قدر الولاة عندهم، فالكلام خروج ) .
وقال الشيخ ابنُ عثيمين رحمه الله :«والخروجُ على ولاةِ الأمور ليس هو الخروج بالسلاح فقط؛ بل الخروج بالسلاح، وباللسان».
«التعليق على صحيح مسلم» (ص90- 91) .
– شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم على أنواع منها “أن يشفع في الخلق لإراحتهم من هول الموقف، ويشفع في بعض الكفار بتخفيف العذاب كما صح في حق أبي طالب، ويشفع في بعض المؤمنين بالخروج من النار بعد أن دخلوها – وهذه أنكرها الخوارج والمعتزلة-، وفي بعضهم بعدم دخولها بعد أن استوجبوا دخولها، وفي بعضهم بدخول الجنة بغير حساب، وفي بعضهم برفع الدرجات فيها”. قاله الحافظ ابن حجر.
– الخوارج والصحابة :
فِعْلُ طائفةٍ ضالة أخرى تتبرأ من الصحابة جميعًا كفعل الزنادقة، أو تتبرأ من أكثر الصحابة كفعل الرافضة والخوارج، أو تتبرأ من طائفة من الصحابة كفعل النواصب ومن شابههم.
ومنهم من يعتقد أنّهُ لا حُبَّ ولا ولاء إلا بِبَراءْ.
يعني لا يصلح حب صحابي وولاء صحابي إلا بالتبرؤ ممن ضادَّهْ.
فيجعلون في ذلك أنّ حب علي رضي الله عنه والولاء لعلي والحسن والحسين يقتضي بُغْضَ أبي بكر وبُغْضَ عمر وبُغْضَ عثمان ومن سلب هؤلاء حقهم كفعل الرافضة عليهم من الله ما يستحقون.
– و قال ابن تيمية رحمه الله: وإذا تأمل العاقل الذي يرجو لقاء الله هذا المثال وتأمل سائر الطوائف من الخوارج ثم المعتزلة ثم الجهمية والرافضة ومن أقرب منهم إلى السنة من أهل الكلام مثل الكرامية والكلابية والأشعرية وغيرهم وأن كلا منهم له سبيل يخرج به عما عليه الصحابة وأهل الحديث ويدعى أن سبيله هو الصواب. مجموع الفتاوى ( 4/ 57).
– لعن الخوارج :
وثَبَتَ عن السلف أنهم كانوا يلعنون كِبارَ الطوائفِ والفِرَقِ مِنْ أهلِ الضلال والبِدَعِ المُخالِفين للسنَّةِ المُعانِدين لأهلها، كالجهمية والقَدَرية والخوارج وغيرهم: فقَدْ لَعَنَ ابنُ عمر رضي الله عنهما القَدَريةَ وتبرَّأ منهم. [انظر: «شرح أصول اعتقاد أهل السنَّة والجماعة» للَّالَكائي (٢/ ٧٠٦).])، ولَعَنَ عبدُ الله بنُ أبي أوفى رضي الله عنهما الأزارقةَ والخوارجَ كُلَّها. [انظر: المصدر السابق (٤/ ١٢٣٣).]،
كما سبَّ التابعون مَنْ تَكلَّم في القَدَرِ وكذَّب به ولَعَنوهم ونَهَوْا عن مُجالَستهم، وكذلك أئمَّةُ المسلمين على نهجهم سائرون وبمَقالَتهم قائلون، قال ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ: «ولهذا اهتمَّ كثيرٌ مِنَ الملوك والعلماء بأَمْرِ الإسلام وجهادِ أعدائه، حتَّى صاروا يلعنون الرافضةَ والجهميةَ وغيرَهم على المنابر، حتَّى لعنوا كُلَّ طائفةٍ رأَوْا فيها بدعةً». [«مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٤/ ١٥).].
هذا، وحريٌّ بالتنبيه: أنَّ اللعن المطلق لا يستلزم لَعْنَ المعيَّن، أي: أنَّ لَعْنَ جنسِ السارق أو الخمَّار لا يقتضي جوازَ لعنِ خصوص السارق أو الخمَّار أو ما إلى ذلك مِنَ العُصاة؛ لأنَّ المعلوم أنَّ الحكم الذي يترتَّب على العموم مِنْ حيث عمومُه لا يترتَّب على الخاصِّ مِنْ حيث خصوصُه؛ وقد أَفْصَحَ ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ عن هذا المعنى مقرِّرًا له بقوله: «ولكنَّ لَعْنَ المطلقِ لا يستلزم لَعْنَ المعيَّن الذي قام به ما يمنع لحوقَ اللعنةِ له، وكذلك «التكفير المطلق» و«الوعيد المطلق»؛ ولهذا كان الوعيدُ المطلق في الكتاب والسنَّةِ مشروطًا بثبوتِ شروطٍ وانتفاءِ موانعَ؛ فلا يلحق التائبَ مِنَ الذنب باتِّفاق المسلمين، ولا يلحق مَنْ له حسناتٌ تمحو سيِّئاته، ولا يلحق المشفوعَ له والمغفور له؛ فإنَّ الذنوب تزول عقوبتُها التي هي جهنَّمُ بأسباب التوبة والحسناتِ الماحية والمصائبِ المكفِّرة». [«مجموع الفتاوى» لابن تيمية (١٠/ ٣٢٩ ـ ٣٣٠).].
قال ابن القيم : ” الثانى: جوازُ لعنِ أصحابِ الكَبائِر بأنواعهم دونَ أعيانهم، كما لَعَنَ السارِقَ، ولعن آكِل الرّبا وموكلَه، ولعن شاربَ الخمر وعاصِرها، ولعن من عمل عمل قومِ لوط، ونهى عن لعن عبد الله حِمار وقد شرب الخمر، ولا تعارضُ بين الأمرين، فإن الوصف الذى علق اللعن مقتض. وأما المعين، فقد يقوم به ما يمنعُ لحوقَ اللعن به مِن حسنات ماحية، أو توبة، أو مصائب مكفرة، أو عفوٍ من الله عنه، فتُلعن الأنواعُ دون الأعيان.” (زاد المعاد/ج5
– الخوارج يأخذون بالمتشابه في تكفير المسلمين :
قال الفوزان في الفتاوى :قوله صلى الله عليه وسلم : ( مدمنُ الخمرِ كعابدِ وثنٍ ) : هو من أحاديث الوعيد التي تُمَرُّ كما جاءت، ومعناه الزَّجرُ عن شُرب الخمر، والتَّغليظ في شأنه، وليس المراد منه أنَّ المداوم على شُرب الخمر يُخَلَّدُ في النَّار كما يُخلَّدُ المشرك والكافر؛ لأنه مؤمن ناقص الإيمان، وليس كافر كما تقوله الخوارج .
قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } [ النساء : 48 . ] ، وشُرب الخمر داخل فيما دون الشِّرك، فيشمله هذا الوعيد من الله تعالى بالمغفرة .
والحديث فيه تشبيه مدمن الخمر بعابد الوثن، وهو لا يقتضي التشبيه من كلِّ الوجوه؛ إلا إذا استحلَّ الخمر؛ فإنه يكون كافرًا .
– فتنة الخوارج وخطرها :
عن حذيفة، قال: ذكر الدجال عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((لأنا لفتنةِ بعضكم أخوفُ عندي من فتنة الدَّجال، ولن ينجو أحد مما قبلها إلا نجا منها، وما صُنِعت فتنةٌ -منذ كانت الدنيا- صغيرةً ولا كبيرة إلا لفتنة الدَّجال)).فالفتن سلسلة، آخذة كلُّ حلْقةٍ بأختها، حتى تصل إلى الدجال، والذي خشيه عليها نبيُّنا صلى الله عليه وسلم (فتنة بعضنا) من البغي، والظلم، والقتل، وهذا الذي بدأ زمن (الخوارج)،
– الخوارج يطردون عن الحوض :
وقد أورد القرطبي في (التذكرة) بعض الأحاديث التي سقناها ثم قال: قال علماؤنا رحمة الله عليهم أجمعين: فكل من ارتد عن دين الله أو أحدث فيه ما لا يرضاه الله، ولم يأذن به الله فهو من المطرودين عن الحوض، المبعدين عنه، وأشدهم طرداً من خالف جماعة المسلمين وفارق سبيلهم كالخوارج على اختلاف فرقها، والروافض على تباين ضلالها، والمعتزلة على أصناف أهوائها، فهؤلاء كلهم مبدلون. وكذلك الظلمة المسرفون في الجور وتطميس الحق وقتل أهله وإذلالهم والمعلنون بالكبائر المستخفون بالمعاصي وجماعة أهل الزيغ والأهواء والبدع. ثم البعد قد يكون في حال، ويقربون بعد المغفرة إن كان التبديل في الأعمال، ولم يكن في العقائد، وعلى هذا يكون نور الوضوء يعرفون به، ثم يقال لهم: سحقاً، وإن كانوا من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يُظهرون الإيمان ويسرون الكفر فيأخذهم بالظاهر، ثم يكشف لهم الغطاء فيقال لهم: سحقاً سحقاً، ولا يخلد في النار إلا كل جاحد مبطل، ليس في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان.
– أحاديث في الخوارج من الصحيح المسند : 252 – روى الإمام النسائي عن يزيد بن صهيب الفقير، قال: كنا عند جابر فذكر الخوارج، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إن ناسًا من أمتي يعذبون بذنوبهم فيكونون في النار ما شاء الله أن يكونوا، ثم يعيرهم أهل الشرك فيقولون لهم: ما نرى ما كنتم تخالفونا فيه من تصديقكم وإيمانكم نفعكم، لما يريد الله أن يري أهل الشرك من الحسرة، فما يبقى موحد إلا أخرجه الله» ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذه الآية: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} (1).
هذا حديث حسنٌ.
والصحيح المسند
482 – روى الإمام أحمد رحمه الله عن أبي غالب يقول: لما أتي برءوس الأزارقة فنصبت على درج دمشق جاء أبو أمامة فلما رآهم دمعت عيناه فقال: «كلاب النار -ثلاث مرات- هؤلاء شر قتلى قتلوا تحت أديم السماء وخير قتلى قتلوا تحت أديم السماء الذين قتلهم هؤلاء» قال فقلت فما شأنك دمعت عيناك قال رحمة لهم إنهم كانوا من أهل الإسلام قال قلنا أبرأيك قلت هؤلاء كلاب النار أو شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال إني لجريء بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم غير مرة ولا ثنتين ولا ثلاث قال فعد مرارًا.
والصحيح المسند
545 – روى الإمام أحمد رحمه الله عن سعيد بن جمهان، قال: أتيت عبد الله بن أبي أوفى وهو محجوب البصر فسلمت عليه، قال لي: من أنت؟ فقلت: أنا سعيد بن جمهان. قال: فما فعل والدك؟ قال: قلت: قتلته الأزارقة. قال: لعن الله الأزارقة، لعن الله الأزارقة، حدثنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنهم كلاب النار. قال: قلت: الأزارقة وحدهم أم الخوارج كلها؟ قال: بلى، الخوارج كلها. قال: قلت: فإن السلطان يظلم الناس ويفعل بهم. قال: فتناول يدي فغمزها بيده غمزة شديدة، ثم قال: ويحك يا ابن جمهان، عليك بالسواد الأعظم، عليك بالسواد الأعظم، إن كان السلطان يسمع منك فأته في بيته فأخبره بما تعلم، فإن قبل منك وإلا فدعه، فإنك لست بأعلم منه. هذا حديث حسنٌ.
والصحيح المسند
547 – روى الإمام أحمد رحمه الله عن سعيد بن جمهان، قال: كنا نقاتل الخوارج وفينا عبد الله بن أبي أوفى، وقد لحق له غلام بالخوارج، وهم من ذلك الشط ونحن من ذا الشط، فناديناه: أبا فيروز، أبا فيروز، ويحك، هذا مولاك عبد الله بن أبي أوفى. قال: نعم الرجل هو لو هاجر. قال: ما يقول عدو الله؟ قال: قلنا: يقول: نعم الرجل لو هاجر. قال: فقال: أهجرة بعد هجرتي مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ ! ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: «طوبى لمن قتلهم وقتلوه».
هذا حديث حسنٌ.
وفي الصحيح المسند
قصة مناظرة ابن عباس الخوارج:
694 – قال النسائي رحمه الله في “الخصائص” (ص 195): أخبرنا عمرو بن علي قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثنا أبو زميل قال حدثني عبد الله بن عباس قال: لما خرجت الحرورية اعتزلوا في دارهم وكانوا ستة آلاف فقلت لعلي يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة لعلي أكلم هؤلاء القوم ……
وورد عند أحمد ١/ ٣٤٢ (٣١٨٧)، حَدَّثَنا عَبْدُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: لَمّا خَرَجَتِ الحَرُورِيَّةُ اعْتَزَلُوا فَقُلْتُ لَهُمْ أن رسول الله ﷺ يوم الحديبية صالح المشركين، فقال لعلي رضي الله عنه: «اكْتُبْ يا عَلِيُّ هـذا ما صالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» قالُوا لَوْ نَعْلَمُ أنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ما قاتَلْناكَ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«امْحُ يا عَلِيُّ اللَّهُمَّ إنَّكَ تَعْلَمُ أنِّي رَسُولُكَ امْحُ يا عَلِيُّ واكْتُبْ هـذا ما صالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ» واللَّهِ لَرَسُولُ اللَّهِ خَيْرٌ مِن عَلِيٍّ وقَدْ مَحا نفسه ولم يكن محوه ذلك يمحوه مِنَ النُّبُوَّةِ أخَرَجْتُ مِن هـذِهِ؟ قالُوا نَعَمْ
على شرط الذيل على الصحيح المسند (قسم الزيادات على الصحيح المسند)
هو في الصحيح المسند ٦٩٥ وعزاه لأبي داود طريق عمر بن يونس بن القاسم اليمامي أخبرنا عكرمة بن عمار أخبرنا أبو زميل حدثني عبدال له بن عباس وعزاه لأبي داود وإنما ذكر قدوم ابن عباس في حله وقوله (لقد رأيت على رسول الله ﷺ أحسن ما يكون من الحلل) ورواية أحمد تكلمت عن حجة ابن عباس عليهم