79 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة
——
مسند أحمد 2746 – حدثنا حدثني أبي ثنا عبد الصمد وعفان قالا ثنا ثابت عن هلال عن عكرمة عن بن عباس قال: قنت رسول الله صلى الله عليه و سلم شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح في دبر كل صلاة إذا قال سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة يدعو عليهم على حي من بني سليم على رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه أرسل إليهم يدعوهم إلى الإسلام فقتلوهم قال عفان في حديثه قال وقال عكرمة هذا كان مفتاح القنوت.
قلت: على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند
هلال بن خباب اثبت اختلاطه يحيى القطان ونفاه يحيى بن معين. والشيخ مقبل يذهب الى ان اختلاطه يسير لا يضر
—————
[قنوت النوازل]
قال الحافظ في الفتح (1/ 176): قوله قنت شهرا أي دعا والقنوت يطلق على الدعاء والقيام والخضوع والسكون والسكوت والطاعة والصلاة والخشوع والعبادة وطول القيام قال بن الأنباري يحمل كل ما يرد منها في الحديث على ما يقتضيه سياقه ومنه وقوموا لله قانتين وقال بن مسعود القانت المطيع.
قوله: [(قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلوات الخمس شهراً متتابعاً)] يعني: ظل شهراً كاملاً يقنت في الصلوات الخمس على قبائل من بني سليم. قوله: [(على رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه)] يعني: أنه يجهر بالدعاء ومن وراءه يؤمن، وهذا فيه الدلالة على الجهر بالقنوت، وأن الذين وراء الإمام يؤمنون على دعائه الذي يدعو به، وفيه دليل على القنوت في جميع الصلوات. وقنوت النوازل ثبت فيه رفع اليدين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما قنوت الوتر فلم يأت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء فيما أعلم، ولكنه جاء عن بعض الصحابة مثل أبي هريرة.
قوله: [في دبر كل صلاة]. يعني: في آخرها، وذلك في الركعة الأخيرة؛ لأن دبر الشيء هو آخره أو ما يلي آخره، وأدبار الصلوات هي أواخرها وما يلي أواخرها، ولهذا يأتي التعبير بالدبر فيما هو داخل الصلاة في آخرها وفيما هو بعدها، مثل ما جاء في الحديث: (تكبرون وتهللون وتسبحون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين) أي بعد الصلاة، فيقال له: دبر، وفي هذا الحديث الذي معنا قال: [دبر كل صلاة] يعني: في آخر ركعة منها بعد الركوع. [شرح سنن أبي داود للعلامة العباد]
قال الشوكاني في النيل (2/ 394): واعلم أنه قد وقع الاتفاق على ترك القنوت في أربع صلوات من غير سبب وهي الظهر والعصر والمغرب والعشاء ولم يبق الخلاف إلا في صلاة الصبح من المكتوبات وفي صلاة الوتر من غيرها. أما القنوت في الوتر فسيأتي الكلام عليه في أبواب الوتر
(وأما القنوت) في صلاة الصبح فاحتج المثبتون له بحجج منها حديث البراء وأنس الآتيان ويجاب بأنه لا نزاع في وقوع القنوت منه صلى الله عليه وآله وسلم إنما النزاع في استمرار مشروعيته فإن قالوا لفظ كان يفعل يدل على استمرار المشروعية قلنا قد قدمنا عن النووي ما حكاه عن جمهور المحققين أنها لا تدل على ذلك سلمنا فغايته مجرد الاستمرار وهو لا ينافي الترك آخرا كما صرحت بذلك الأدلة الآتية على أن هذين الحديثين فيهما أنه كان يفعل ذلك في الفجر والمغرب فما هو جوابكم عن المغرب فهو جوابنا عن الفجر. وأيضا في حديث أبي هريرة المتفق عليه أنه كان يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر والعشاء الآخرة وصلاة الصبح فما هو جوابكم عن مدلول لفظ كان ههنا فهو جوابنا. قالوا أخرج الدارقطني وعبد الرزاق وأبو نعيم وأحمد والبيهقي والحاكم وصححه عن أنس: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قنت شهرا يدعو على قاتلي أصحابه ببئر معونة ثم ترك فأما الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا) وأول الحديث في الصحيحين ولو صح هذا لكان قاطعا للنزاع ولكنه من طريق أبي جعفر الرازي قال فيه عبد الله بن أحمد: ليس بالقوي. وقال علي بن المديني: إنه يخلط. وقال أبو زرعة: يهم كثيرا. وقال عمرو بن علي الفلاس: صدوق سيئ الحفظ. وقال ابن معين: ثقة ولكنه يخطئ وقال الدوري: ثقة ولكنه يغلط وحكى الساجي أنه قال: صدوق ليس بالمتقن وقد وثقه غير واحد. ولحديثه هذا شاهد ولكن في إسناده عمرو بن عبيد وليس بحجة
قال الحافظ: ويعكر على هذا ما رواه الخطيب من طريق قيس بن الربيع عن عاصم بن سليمان قلنا لأنس: (إن قوما يزعمون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يزل يقنت في الفجر فقال: كذبوا إنما قنت شهرا واحدا يدعو على حي من أحياء المشركين) وقيس وإن كان ضعيفا لكنه لم يتهم بكذب. وروى ابن خزيمة في صحيحه من طريق سعيد عن قتادة عن أنس: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم) فاختلفت الأحاديث عن أنس واضطربت فلا يقوم لمثل هذا حجة انتهى
(إذا تقرر لك هذا) علمت أن الحق ما ذهب إليه من قال إن القنوت مختص بالنوازل وأنه ينبغي عند نزول النازلة أن لا تخص به صلاة دون صلاة. وقد ورد ما يدل على هذا الاختصاص من حديث أنس عند ابن خزيمة في صحيحه وقد تقدم.
حكم قنوت النوازل:
قال ابن تيمية كما مجموع الفتاوى (23/ 98 – 99):
أما القنوت في صلاة الصبح. فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقنت في النوازل. قنت مرة شهرا يدعو على قوم من الكفار قتلوا طائفة من أصحابه ثم تركه وقنت مرة أخرى يدعو لأقوام من أصحابه كانوا مأسورين عند أقوام يمنعونهم من الهجرة إليه.
وكذلك خلفاؤه الراشدون بعده كانوا يقنتون نحو هذا القنوت فما كان يداوم عليه وما كان يدعه بالكلية وللعلماء فيه ثلاثة أقوال: قيل: إن المداومة عليه سنة. وقيل: القنوت منسوخ. وأنه كله بدعة. والقول الثالث: وهو الصحيح أنه يسن عند الحاجة إليه كما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون.
[بيان اللجنة الدائمة عن قنوت النوازل]
أولا: القنوت في النوازل العارضة التي تحل بالمسلمين من الأمور المشروعة في الصلاة وهو من السنن الثابتة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم في (الصحيحين) وغيرهما من كتب السنة فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «بعث النبي صلى الله عليه وسلم سبعين رجلا لحاجة، يقال لهم القراء، فعرض لهم حيان من سليم: رعل وذكوان عند بئر يقال لها: بئر معونة، فقال القوم: والله ما إياكم أردنا وإنما نحن مجتازون في حاجة النبي صلى الله عليه وسلم فقتلوهم، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم شهرا في صلاة الغداة». وعن أبي هريرة وأنس رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركعة الأخيرة في صلاة شهرا: اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج عياش ابن أبي ربيعة، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف» إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة المشهورة.
ثانيا: المقصود بالنوازل التي يشرع فيها الدعاء في الصلوات هو ما كان متعلقا بعموم المسلمين، كاعتداء الكفار على المسلمين، والدعاء للأسرى وحال المجاعات، وانتشار الأوبئة وغيرها.
ثالثا: قنوت النوازل يكون بعد الركوع من آخر ركعة في الصلاة وفي جميع الصلوات المفروضات جهرية كانت أو سرية، وآكد ذلك في صلاة الفجر، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح في دبر كل صلاة إذا قال سمع الله لمن حمده من الركعة الآخرة يدعو على أحياء من بني سليم على رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه» خرجه الإمام أحمد وأبو داود.
رابعا: ليس هناك دعاء معين يدعى به في النوازل بل يدعو المسلمون في كل وقت ما يناسب حالهم في النازلة، ومن دعا في النوازل بدعاء قنوت الوتر الوارد (اللهم اهدنا فيمن هديت. . إلخ) فقد خالف السنة ولم يأت بالمقصود؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقنت في النازلة بذلك وإنما كان يعلمه الناس في دعاء الوتر.
خامسا: قنوت النوازل مشروع من حين وقوع النازلة ويستمر إلى حين انكشافها.
سادسا: على أئمة المساجد – وفقهم الله – الاجتهاد في معرفة السنة والحرص على العمل بها في جميع الأمور فالناس بهم يقتدون وعنهم يأخذون فالحذر الحذر من مخالفة السنة غلوا أو تقصيرا، ومن ذلك الدعاء في قنوت الوتر والنوازل: فالمشروع الدعاء بجوامع الكلمات والأدعية الواردة في حال من السكون والخشوع وترك الإطالة والإطناب والمشقة على المأمومين، وعلى الإمام أن لا يقنت إلا في النوازل العامة.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قنوت النوازل للإمام (حاكم الدولة)
أما الفرائض فيجوز إذا نزل بالمسلمين نازلة أن يقنت الإمام الأعظم أي رئيس الدولة ويقنت أيضا من يأمره رئيس الدولة بالقنوت وإذا لم يأمر رئيس الدولة بالقنوت فلا قنوت لأن الأمر في القنوت في النوازل يرجع إلى رئيس الدولة لا إلى أفراد الناس بدليل أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قنت في النوازل ولم نحفظ أنه أمر الناس بذلك أي أمر بقية المساجد فالأمر في قنوت النوازل إلى الإمام يعني رئيس الدولة إن أمر به فسمعا وطاعة وإن لم يأمر به فلا والحمد لله الدعاء ليس خاصا بالقنوت تدعو الله تعالى وإن كنت في السجود وإن كنت بين الأذان والإقامة وليس الدعاء المستجاب محصوراً في دعاء القنوت. فتاوى نور على الدرب لابن عثيمين (20/ 160).
ما هي الأدعية التي تقال في قنوت النوازل؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الأدعية التي تقال في قنوت النوازل بحسب هذه النازلة ولا يمكن أن نقيدها بشيء معين لأن النوازل تختلف فإذا نزل بالمسلين نازلة كقتل العلماء مثلاً فله أن يدعو على من قتلهم اللهم اقتل من قتلهم اللهم أفسد عليه أمره اللهم شتت شمله اللهم فرق جمعه اللهم اهزم جنده وما أشبه ذلك مما يليق بالحال أو يناسب الحال. نفس المصدر السابق
***