77 جامع الأجوبة الفقهية ص128
بإشراف سعيد الجابري وناصر الريسي وسيف بن دورة الكعبي
———-
♢-حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء .
علقه البخاري بصيغة الجزم ، وأخرجه أحمد 5/460 ، والنسائي في الكبرى 2/197 ، و ابن خزيمة 140.
والحديث عند مالك موقوف .
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
♢-مسألة : (حكم السواك.)
♢-جواب مجموعة ناصر الريسي :
♢- أولاً : تعريف السواك لغة واصطلاحاً:
♢-السواك لغة: السِّواك بِكَسْرِ السِّينِ، يُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ وَعَلَى الْعُودِ الَّذِي يُتَسَوَّكُ بِهِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ أَنَّهُ يُؤَنَّثُ وَيُذَكَّرُ، وَالسِّواك فِعْلُك بِالْمِسْوَاكِ، وَيُقَالُ: (سَاكَ فَمَه يَسُوكُهُ سَوْكًا)، فَإِنْ قُلْت: (اسْتَاكَ أو تسَوَّكَ) لَمْ تَذْكُرْ الْفَمَ، وَجَمْعُ السِّواك سُوُكٌ بِضَمَّتَيْنِ، كَكِتَابٍ وَكُتُبٍ
وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ: أَنَّهُ يَجُوزُ: سُؤُكٌ بِالْهَمْزَةِ.
قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: وَالسِّواك مَأْخُوذٌ مِنْ تَسَاوَكَتِ الْإِبِلُ إذَا اضْطَرَبَتْ أَعْنَاقُهَا مِنْ الْهُزَالِ، ومنه قول عبيد الله بن الحُرّ الجُعْفيُّ: إِلَى اللهِ نَشْكُو مَا نَرَى بِجِيَادِنَا … تَسَاوَكُ هَزْلَى مُخُّهُنَّ قَليلُ
وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: سُكْتُ الشَّيْءَ أَسُوكُهُ سَوْكًا مِنْ بَابِ (قَالَ) إذَا دَلَكْتُهُ وَمِنْهُ اشْتِقَاقُ السِّواك. (القاموس المحيط للفيروز(1219)، و المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده(7/125)، ولسان العرب لابن منظور(10/446)، والصحاح في اللغة للجوهري(1/341)، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس(3/90)، القاموس الفقهي(186)، وشرح مسلم (3/142).
♢- والسواك اِصْطِلَاحاً: عرَّفه الْعُلَمَاءُ بقولهم: هُوَ اِسْتِعْمَالُ عُودٍ أَوْ نَحْوِهِ فِي الفَمِ لِيُذْهِبَ الصُّفْرَةَ أَوْ غَيْرَهَا عَنْهَا .
♢-المرجع :مواهب الجليل والمجموع للنووي، والمبدع ، وكشاف القناع .
♢-ثانيا:
♢-( ما حكم السِّواك )؟
♢-اختلف أهل العلم في حكم السواك على قولين اثنين:
♢-الأول : أنه مستحب وهو قول أكثر أهل العلم بل ادَّعى بعضهم الإجْماعَ على هذا.( انظر : بدائع الصنائع ، وحاشية ابن عابدين ، والإختيار ، والمعونة، والكافي، والفواكه الدواني، والأم ، والحاوي، والمجموع ، والمغني 1/133 ، والإنصاف 1/128 ، والمبدع 1/98) .
♢-القول الثاني : أنه واجب وهذا قول داودَ .
♢-انظر : شرح الزرقاني على الموطأ 1/133 ، والحاوي والمغني 1/133) والشيخ أبو حامد وتبعه الْماوردي عن إسحاقَ بنِ راهويه
(المجموع (1/327)،
والمغني لابن قدامة (1/69)،
♢-وأصحاب هذا القول اختلفوا في كونه واجب هل تبطل صلاة من تركه عامداً أو لا تبطل ؟ فقال داود لا تبطل وقال الأخرون تبطل.
♢-قال النَّووي رحمه الله(: وَقَدْ أَنْكَرَ أَصْحَابنَا الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى الشَّيْخ أَبِي حَامِد وَغَيْرِه نَقْلَ الْوُجُوب عَنْ دَاوُدَ، وَقَالُوا: مَذْهَبُه أَنَّهُ سُنَّةٌ كَالْجَمَاعَةِ، وَلَوْ صَحَّ إِيجَابُه عَنْ دَاوُدَ لَمْ تَضُرّ مُخَالَفَته فِي اِنْعِقَاد الْإِجْمَاع، عَلَى الْمُخْتَار الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ وَالْأَكْثَرُونَ،وَأَمَّا إِسْحَاقُ فَلَمْ يَصِحَّ هَذَا الْمَحْكِيّ عَنْهُ.وَاَللَّه أَعْلَم . (شرح مسلم )
♢-وقال الشوكاني رحمه الله متعقبًا كلام النووي : وعدم الإعتداد بخلاف داود مع علمه وورعه… من التعصبات التي لا مستند لها إلا مجرد الهوى والعصبية، وقد كثر هذا الجنس في أهل المذاهب، وما أدري ما هو البرهان الذي قام لهؤلاء المحققين حتى أخرجوه من دائرة علماء المسلمين؟ (نيل الأوطار (1/134).
♢-قال الذهبي رحمه الله: في ذِكره لأقوال العلماء بالاعتداد بخلاف داود وأتباعه:
وأرى أن يعتبر قوله إلا فيما خالف فيه القياس الجلي، وما أجمع عليه القياسيون من أنواعه، أو بناه على أصوله التي قام الدليل القاطع على بطلانها، فاتفاق من سواه إجماع منعقد، كقوله في التغوط في الماء الراكد وتلك المسائل الشنيعة، وقوله: لا ربا إلا في الستة المنصوص عليها، فخلافه في هذا أو نحوه غير معتد به؛ لأنه مبني على ما يقطع ببطلانه اهـ (السير (13/ 104 – 108).
♢-أدلة أصحاب القول الأول وهو الإستحباب :
♢-الأول :حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال : لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة .
( صحيح البخاري ).
♢- وجه الدلالة من الحديث من وجهين :
الوجه الأول : ماذكره الإمام الشافعي أنه لو كان واجباً لأمرهم به شق أو لم يشق. (انظر : الأم 1/20) .
♢-الوجه الثاني : أن في قوله ( لأمرتهم ) دليل على أنه لم يأمرهم به.
(انظر : الحاوي 1/84) .
♢- الثاني : حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عشر من الفطرة : قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، واستنشاق الماء ، وقص الأظفار ، وغسل البراجم، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، وانتقاص الماء.
قال زكرياء : قال مصعب : ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة
(صحيح مسلم) (261) .
♢-وجه الدلالة من الحديث :
أن النبي صلى الله عليه وسلم : وصف السواك بأنه من الفطرة ، والفطرة من معانيها السنة فيكون السواك مسنوناً لا واجباً (انظر : المغني 1/134) .
♢-الثالث : لأن السواك من النظافة وهي مندوب إليها(انظر : المعونة 1/118) .
♢-أدلة أصحاب القول الثاني وهو الوجوب :
♢-الأول: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة. ( رواه البخاري )
♢-وجه الدلالة من الحديث : أن الأمر على حقيقته وهو الوجوب.
(انظر : شرح الزرقاني على موطأ مالك 1/133،
وفتح الباري 2/375) .
♢-واجيب عنه:
بما ذكره الحافظ ابن حجر في الحديث دليل على أن الاستدعاء على جهة الندب ليس بأمر حقيقة لأن السواك عند كل صلاة مندوب إليه، وقد أخبر الشارع أنه لم يأمر به.
انظر : (فتح الباري 2/375)
♢-وما سبق من قول الشافعي أن الحديث فيه دليل على أن السواك ليس بواجب لأنه لو كان واجباً لأمرهم به شق عليهم أو لم يشق(انظر : الأم 1/20 .) .
♢-الثاني: حديث أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تسوكوا؛ فإن السواك مطهرة للفم مرضاة للرب… . .)( أخرجه ابن ماجه 1/106 في كتاب الطهارة وسننها ، باب السواك . وضعفه ابن حجر في التلخيص الحبير 1/60 وقال في فتح الباري 2/376 : لا يثبت) .
♢-وجه الدلالة من الحديث :
أن الأمر فيه للوجوب(انظر شرح الزرقاني على مؤطأ مالك.
♢-وأجيب عنه : بأن الحديث ضعيف ضعفه الحافظ ابن حجر .
(انظر : التلخيص الحبير 1/60) .
♢- الثالث: حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : السواك مطهرة للفم مرضاة للرب)(صححه الألباني في صحيح ابن خزيمة وصحيح الترغيب وفي الإرواء (66).
♢- وجه الدلالة من الحديث أن في ترك السواك إغضاباً للرب تبارك وتعالى أخذاً بمفهوم المخالفة ولا يكون ذلك إلا بترك ما أمر به على سبيل القطع والوجوب ، وإلا لما كان غضب الله على ترك تلك السنة .
♢- أجيب عنه :
بأنه استدلال بالمفهوم يعارضه الاستدلال بالمنطوق في قوله صلى الله عليه وسلم : لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم . . .)
ومعلوم عند الأصوليين أن الاستدلال بالمنطوق مقدم على الاستدلال بالمفهوم(انظر : إرشاد الفحول) .
♢- الرابع: حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه كان لا يرقد ليلاً ولا نهاراً فيتيقظ إلا تسوك. ( أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة باب السواك لمن قام من الليل . وضعفه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 1/63) .
♢- وجه الدلالة من الحديث أن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم للسواك وعدم تركه والمبالغة فيه يدل على الوجوب .
♢- أجيب عن الاستدلال به: بأنه حديث ضعيف ضعفه الحافظ ابن حجر(انظر : التلخيص الحبير 1/63) .
♢- قالت (ناصر الريسي):
القول الأول أرجح لقوة أدلته وسلامته من المناقشة.
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
♢-جواب سعيد الجابري :
الجمهور على أن السواك مندوب إليه لحديث: لولا أن أشق أمتي لأمرتهم. .. فإنه لولا المشقة لأوجبه صلى الله عليه وسلم عليهم، فإذا انتفى الوجوب لوجود المشقة بقي الندب، والله تعالى أعلم.
(شرح بلوغ المرام لعطية محمد سالم).
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
جواب سيف بن دورة الكعبي :
تنبيه : حديث عشر من الفطرة الذي أخرجه مسلم، نقل العقيلي في ترجمة مصعب بن شيبة عن بعض الأئمة إنكارهم هذا الحديث وغيره من الأحاديث على مصعب.
وورد كذلك( خمس من الفطرة ) وذكر منها السواك ، وقال الألباني : منكر بذكر السواك فيه ، الضعيفة 6350، والمحفوظ بلفظ ( الختان ) الذي أخرجه البخاري ومسلم.
المهم : تضعيف هذه الأحاديث لا يقدح في استحبابه، كما سبق في الأحاديث.