76 جامع الأجوبة الفقهية ص126
بإشراف سعيد الجابري وناصر الريسي وسيف بن دورة الكعبي
(باب الوضوء)
مسألة: (التلفظ بالنية)
”””’
مشاركة مجموعة ناصر الريسي:
التعريف بالنية في اللغة: القصد، وشرعا: العزم على فعل العبادة تقربا إلى الله تعالى.
تحرير محل النزاع:
1 اتفق الفقهاء بأن محل النية هو القلب.
2 اتفقوا أنه لو خالف اللسان ما في القلب أن العبرة بما في القلب ولا عبرة بما تلفظ به اللسان فلو نوى حجا وتلفظ بالعمرة أو العكس صح ما نوى لا ما تلفظ به.
واختلفوا بالتلفظ بها هل هي مشروعة أم لا؟
والتلفظ بالنية إما أن يكون جهراً وإما أن يكون سراً
فاختلفوا في الجهر بالنية باللسان على ثلاثة أقوال:
الأول: لا يشرع، وحكي إجماعاً.
قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وقد اتفق الأئمة على أن الجهر بالنية وتكريرها ليس بمشروع، بل من اعتاده فإنه ينبغي له أن يؤدب تأديبا يمنعه عن التعبد بالبدع، وإيذاء الناس برفع صوته، والله أعلم.
وقال ابن تيمية كما في الفروع.
واتفق الأئمة أنه لا يشرع الجهر بها، ولا تكريرها، بل من اعتاده ينبغي تأديبه، وكذا بقية العبادات، وقال: الجاهر بها مستحق للتعزير بعد تعريفه، لا سيما إذا آذى به أو كرره، وقال: الجهر بلفظ النية منهي عنه عند الشافعي وسائر أئمة الإسلام، وفاعله مسيء، وإن اعتقده دينا خرج عن إجماع المسلمين، ويجب نهيه، ويعزل عن الإمامة إن لم ينته. اهـ
قال باحث: ولعل الاتفاق يقصد به اتفاق أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد دون أصحابهم، فإن الخلاف بين أصحاب المذاهب محفوظ في استحباب الجهر بها، ولذلك قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: التلفظ بها هل هو مستحب أم لا؟ هذا فيه قولان معروفان للفقهاء، منهم من استحب التلفظ بها، كما ذكر ذلك من ذكره من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد، وقالوا: التلفظ بها أوكد، واستحبوا التلفظ بها في الصلاة والصيام والحج وغير ذلك، ومنهم من لم يستحب التلفظ بها، كما قال ذلك من قاله من أصحاب مالك وأحمد وغيرهما. اهـ
الثاني: يستحب في الحج والعمرة.
قال صاحب الإقناع: والتلفظ بها وبما نواه هنا وفي سائر العبادات بدعة، إلا في الإحرام، واستحبه سراً مع القلب كثير من المتأخرين، ومنصوص أحمد وجميع المحققين خلاف هذا إلا في الإحرام. اهـ
الثالث: يستحب التلفظ بالنية، وهو قول في مذهب الحنفية ومذهب الشافعية.
قال ابن عابدين في حاشيته: وهل يستحب التلفظ بها يعني: النيةأو يسن أو يكره؟ فيه أقوال، اختار في الهداية الأول.
وقال النووي المجموع: ومحل النية القلب ولا يشترط نطق اللسان بلا خلاف، ولا يكفي عن نية القلب بلا خلاف، ولكن يستحب التلفظ مع القلب كما سبق في الوضوء. اهـ
وقال أيضاً: النية الواجبة في الوضوء هي النية بالقلب، ولا يجب اللفظ باللسان معها، ولا يجزئ وحده، وإن جمعهما فهو آكد وأفضل، هكذا قاله الأصحاب واتفقوا عليه. اهـ
وقال في روضة الطالبين: يستحب أن ينوي بقلبه، ويتلفظ بلسانه.
وذكر في سنن الوضوء أن يجمع في النية بين القلب واللسان. اهـ
مسألة:
هل ما نقل عن الإمام الشافعي من استحبابه للتلفظ بالنية ثابت؟
الجواب:
قال النووي: قال أصحابنا: غلط هذا القائل، وليس مراد الشافعي بالنّطق في الصّلاة هذا، بل مراده التكبير.
انظر المجموع، والتعالم (100)).
وقال بن أبي العزّ الحنفي: لم يقل أحد من الأئمة الأربعة، لا الشّافعيّ ولا غيره باشتراط التلفّظ بالنيّة، وإنما النيّة محلّها القلب باتّفاقهم، إلا أن بعض المتأخرين أوجب التلفّظ بها، وخرج وجهاً في مذهب الشافعي! قال النووي رحمه الله: وهو غلط، انتهى. وهو مسبوق بالإجماع قبله. (الاتباع: (ص62).
واختلفوا في النطق بها سراً على قولين:
فقيل: لا يشرع، وهو المنصوص عن أحمد
(الفروع.)
وقيل: يستحب النطق بها سراً، قال به المتأخرون من الحنابلة انظر كشف القناع الفروع والشرح الكبير، الإقناع.
دليل من قال: يشرع التلفظ بها.
الدليل الأول:
أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالتلبية لعمرته وحجه، وقاسوا عليها بقية العبادات.
وأجيب:
بأن التلبية ليست جهراً بالنية،
قال أبو حنيفة: التلبية في الحج كالتكبيرة في الإحرام بالصلاة.
انظر: بداية المجتهد 1/ 412 413.
وقال بن عثيمين في فقه العبادات (11) أما النية: فلا يجوز التلفظ بها، فلا يقول مثلا: اللهم إني أريد العمرة، أو أريد الحج؛ فهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الدليل الثاني:
قالوا أن اجتماع عضوين، وهما: القلب واللسان في العبادة أولى من إعمال عضو واحد.
وأجيب:
بأنه لا مدخل للتلفظ بالنية في حصولها في القلب والتلفظ بها عبث والقصد أمر ضروري لفعل الفاعل:
لقد ظن القائلون بالاستحباب أن للتلفظ مدخلاً في تحصيل النية بأن يؤكد عزيمة القلب وهذا خطأ فإن القائل إذا قال نويت صلاة الظهر أو نويت رفع الحدث إما أن يكون مخبراً أو منشئاً فإن كان مخبراً فإما أن يكون إخباره لنفسه أو لغيره وكل ذلك عبث لا فائدة فيه، لأن الإخبار إنما يفيد إذا تضمن تعريف المخبر ما لم يكن عارفاً وهذا محال في إخباره لنفسه، وإن كان إخباراً لغيره بالنية فهو عبث محض وهو غير مشروع ولا مفيد وهو بمثابة إخباره بسائر أفعاله من صومه وصلاته وحجه وزكاته بل بمنزلة إخباره له عن إيمانه وحبه وبغضه.
وأما إخبار المأمومين أو الإمام بالنية فعبث محض. ولا يصح أن يكون ذلك إنشاءً فإن اللفظ لا ينشئ وجود النية وإنما إنشاؤها إحضار حقيقتها في القلب لا إنشاء اللفظ الدال عليها.
دليل من قال: لا يشرع الجهر بالنية.
الدليل الأول:
أن الله سبحانه وتعالى يعلم السر وأخفى، قال تعالى: {قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السموات وما في الأرض} (الحجرات: 16).
الدليل الثاني:
لا يوجد دليل يدل على مشروعية الجهر بالنية، وعليه يكون الجهر بها بدعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (22/ 231): التلفظ بالنية نقص في العقل والدين، أما في الدين فلأنه بدعة.
وأما في العقل فلأنه بمنزلة من يريد يأكل طعاما فيقول نويت بوضع يدي في هذا الإناء أني أريد آخذ منه لقمة فأضعها في فمي فامضغها ثم أبلعها لأشبع مثل القائل الذي يقول نويت أصلى فريضة هذه الصلاة المفروضة على حاضر الوقت أربع ركعات في جماعة أداء لله تعالى فهذا كله حمق وجهل. وذلك أن النية بلاغ العلم فمتى علم العبد ما يفعله كان قد نواه ضرورة فلا يتصور مع وجود العلم بالعقل أن يفعل بلا نية ولا يمكن مع عدم العلم أن تحصل نية.
وقال ابن القيم، في زاد المعاد ولم يكن يقول صلى الله عليه وسلم في أوله: نويت رفع الحدث، ولا إستباحة الصلاة، لا هو ولا أحد من الصحابة البتة، ولم يرو عنه في ذلك حرف واحد لا بإسناد صحيح ولا ضعيف.
وانظر أيضا: الفروع وفيض الباري على صحيح البخاري.
قلت (ناصر الريسي): القول بعدم المشروعية هو الراجح، ولو كان التلفظ بالنية مشروعا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم وأوضحه للأمة بفعله أو قوله فالتلفظ بالنية عبادة، والأصل في العبادات أنها توقيفيه.
وإن القول باستحباب التلفظ بالنية له آثار سيئة فقد أوقع كثيراً من الناس في الوسوسة في الصلاة وغيرها.
قال الشيخ أبو محمد المقدسي: وهذه العبارات التي عند افتتاح الطهارة والصلاة قد جعلها الشيطان معتركًا لأهل الوسواس يحبسهم عندها، ويعذبهم بها ويوقفهم في طلب تصحيحها فترى أحدهم يكررها ويجهد نفسه في التلفظ بها، وليست من الصَّلاة في شيء. انتهى نقله صاحب (التَّنويرُ شَرْحُ الجَامِع الصَّغِيرِ 1/ 180)
وقال ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس: ومن ذلك: تلبيسه عليهم في نية الصّلاة. فمنهم مَنْ يقول: أُصلّي صلاة كذا، ثم يعيد، هذا ظنّاً منه أنه قد نقض النية، والنية لا تنقض، وإن لم يرض اللفظ. ومنهم: مَنْ يكبّر ثم ينقض ثم يكبر ثم ينقض، فإذا ركع الإمام كبر الموسوس وركع معه، فليت شعري! ما الذي أحضر النية حينئذ؟! وما ذاك إلا لأن إبليس أراد أن يفوته الفضيلة. وفي الموسوسين مَنْ يحلف بالله لا كّبرتُ غير هذه المرّة. وفيهم مَنْ يحلف بالله بالخروج من ماله أو بالطلاق، وهذه كلها تلبيسات إبليس. والشريعة سمحة سهلة سليمة من هذه الآفات، وما جرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لأصحابه شيء من هذا.
وهو اختيار ابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى
وتلميذه ابن القيم كما في زاد المعاد (1/ 296)،
ومن المعاصرين اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية وابن باز والألباني والعثيمين والفوزان وغيرهم كما سيأتي في فتاويهم رحم الله الجميع
فتاوى العلماء المعاصرين في هذه المسألة:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: الفتوى رقم (2444)
س2: ما حكم التلفظ بالنية مثل قوله: (نويت أن أصلي لله تعالى ركعتين لوجهه الكريم صلاة الصبح)؟
ج2: الصلاة عبادة، والعبادات توقيفية لا يشرع فيها إلا ما دل عليه القرآن الكريم أو السنة الصحيحة المطهرة، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تلفظ في صلاة فرضا كانت أم نافلة بالنية، ولو وقع ذلك منه لنقله أصحابه رضي الله عنهم وعملوا به، لكن لم يحصل ذلك فكان التلفظ بالنية في الصلاة مطلقا بدعة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (متفق عليه)» وقال: وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.
(رواه أحمد ومسلم)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في كتاب صفة الصلاة عند الكلام عن الاستفتاح:
فيه إشارة إلى أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن يتكلم بشيء قبل التكبير، مثل التلفظ بالنية،
كقولهم: نويت أن أصليَ لله تعالى كذا ركعات مستقبل القبلة … إلى آخر ما هو معروف بين أكثر الناس! وكل ذلك بدعة؛ لا أصل لها في السنة باتفاق العلماء، ولم يُنقل ذلك عن أحد من الصحابة، ولا استحسنه أحد من التابعين، ولا الأئمة الأربعة المجتهدون، وإنما عن بعض أصحاب الشافعي قوله في الحج: ” ولا يلزمه إذا أحرم ونوى بقلبه أن يذكره بلسانه، وليس كالصلاة التي لا تصح إلا بالنطق.
قال الرافعي في شرح الوجيز: قال الجمهور يعني: من الشافعية : لم يُرِد الشافعي رضي الله عنه اعتبار التلفظ بالنية، وإنما المراد التكبير؛ فإن الصلاة به تنعقد، وفي الحج يصير محرماً من غير لفظ. اهـ.
”””’
جواب سعيد الجابري:
تنازع العلماء هل يستحب اللفظ بالنية؟ على قولين: فقال طائفة من أصحاب أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد: يستحب التلفظ بها لكونه أوكد.
وقالت طائفة من أصحاب مالك، وأحمد، وغيرهما: لا يستحب التلفظ بها؛ لأن ذلك بدعة لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ولا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أحدا من أمته أن يلفظ بالنية ولا علم ذلك أحدا من المسلمين، ولو كان هذا مشروعا لم يهمله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، مع أن الأمة مبتلاة به كل يوم وليلة. وهذا القول أصح،
والله أعلم.
(الفتاوى الكبرى لابن تيمية رحمه الله).
وقال ابن رجب الحنبلي: والنية: هي قصد القلب، ولا يجب التلفظ بما في القلب في شيء من العبادات، وخرج بعض أصحاب الشافعي له قولا باشتراط التلفظ بالنية للصلاة، وغلطه المحققون منهم، واختلف المتأخرون من الفقهاء في التلفظ بالنية في الصلاة وغيرها، فمنهم من استحبه، ومنهم من كرهه. ولا يعلم في هذه المسائل نقل خاص عن السلف، ولا عن الأئمة إلا في الحج وحده، فإن مجاهدا قال: إذا أراد الحج، يسمي ما يهل به، وروي عنه أنه قال: يسميه في التلبية، وهذا ليس مما نحن فيه فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر نسكه في تلبيته، فيقول: لبيك عمرة وحجا»، وإنما كلامنا في أنه يقول عند إرادة عقد الإحرام: اللهم إني أريد الحج أو العمرة، كما استحب ذلك كثير من الفقهاء، وكلام مجاهد ليس صريحا في ذلك. وقال أكثر السلف، منهم عطاء وطاوس والقاسم بن محمد والنخعي: تجزئه النية عند الإهلال، وصح عن ابن عمر أنه سمع رجلا عند إحرامه يقول: اللهم إني أريد الحج أو العمرة، فقال له: أتعلم الناس؟ أو ليس الله يعلم ما في نفسك؟. ونص مالك على مثل هذا، وأنه لا يستحب له أن يسمي ما أحرم به. حكاه صاحب كتاب تهذيب المدونة من أصحابه.
وقال أبو داود: قلت لأحمد: أتقول قبل التكبير يعني في الصلاة شيئا؟ قال: لا. وهذا قد يدخل فيه أنه لا يتلفظ بالنية. والله أعلم.
(جامع العلوم والحكم)
وقال الخطابي: ( … ومن زعم أن النطق بها سنة قفد جازف وتمحل وخرج عن الحقيقة اللغوية والشرعية.
(عمدة الأحكام في الحاشية)
”””’
جواب سيف:
قال ابن القيم في إعلام الموقعين:2/ 372: عدم نقلهم لما لو فعله لتوفرت هممهم ودواعيهم على نقله هو نقل لتركه، فحيث لم ينقله واحد منهم البتة ولا حدث به علم أنه لم يكن) ومثل له ابن القيم بترك التلفظ عند دخوله في الصلاة، وترك قنوت الفجر
2016/ 8/5، 11:48 ص سيف الكعبي: (115) … الفوائد المنتقاه من شرح مختصر صحيح مسلم
المقام في مسجد الشيخة /سلامة في مدينة العين
(ألقاه الأخ: سيف بن دورة الكعبي)
بالتعاون مع الإخوة في مجموعات السلام1،2،3 والمدارسة، والاستفادة.
مشاركة مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي
فوائد مسلم:
حديث لأبي هريرة رضي الله عنه قال: والذي نفس محمد بيده! ليأتين على أحدكم يوم ولا يراني، ثم لأن يراني أحب إليه من أهله وماله معهم.
الفوائد:
1 الحديث متفق عليه في الجملة
2 (فضل النظر إليه صلى الله عليه وسلم وتمنيه) وترجم عليه النووي بذلك.
3 حث الصحابة على ملازمة مجلسه الكريم ومشاهدته حضرا وسفرا قاله النووي، وحث أهل العلم على ملازمة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبليغه للناس
4 قال الحافظ العراقي كما في طرح التثريب في شرح تقريب الأسانيد وَقَدْ وَجَدْنَا ذَلِكَ فِي حَقِّ أَنْفُسِنَا وَمُعَلِّمِينَا [فَقَدْ] نَدِمْنَا غَايَةَ النَّدَمِ عَلَى التَّقْصِيرِ فِي مُلَازَمَتِهِمْ إلَى وَفَاتِهِمْ، …. فَكَيْفَ بِسَيِّدِ السَّادَاتِ صلى الله عليه وسلم .
5 جواز الحلف بقوله (والذي نفسي بيده).
6 قوله (أحب إليه من أهله وماله معهم). أي مع أهله، وهو يفيد التأكيد دفعا لما يتوهم من أن تكون الواو بمعنى (أو) قاله ملا علي القاري كما في مرقاة المفاتيح. قلت ويحتمل تقدير كلمة ” مثل” قبل قوله “أهله” ويعود الضمير إلى أهله وماله. قلته تفقها حيث وردت كلمة “مثل” في البخاري.
7 وفي الحديث إيماء إلى معنى ما ورد من الحديث المشهور: («طوبى لمن رآني وآمن بي»). قاله ملا علي القاري
8 أخرجه سعيد بن منصور ولفظه عنده “لأن يراني أحب إليه أن يكون له مثل أهله وماله ثم لا يراني”.
9 قوله (أبو إسحق) أي راوية مسلم وهو إبراهيم بن محمد بن سفيان. أشار إليه القاضي عياض.
10 فيه من علامات النبوة وترجم عليه البخاري في صحيحه بذلك، فإن كل أحد من الصحابة بعد موته صلى الله عليه وسلم كان يود لو كان رآه وفقد مثل أهله وماله قاله الحافظ في الفتح استنباطا وهو استنباط رائع.
11 تمني المسلمين رؤية المصطفى صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان قاله ابن حبان.
12 فيه إثبات صفة اليد لله سبحانه وتعالى من غير تمثيل ولا تكييف، ومن غير تحريف ولا تعطيل.
13 … ” تأولوه على أَنه نعى نَفسه إِلَيْهِم، وعرفهم، بِمَا يحدث لَهُم بعده من تمني لِقَائِه عِنْد فقدهم مَا كَانُوا يشاهدون من بركاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
14 تفاضل المسلمين في حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم وأشدهم حبا له صلى الله عليه وسلم من يود أن لو رآه بأهله وماله، وفيه حديث صريح بذلك رواه مسلم.
قلت سيف هذه تتمات:
15 الحديث ذكره باحث في كتاب (ما أقسم به النبي صلى الله عليه وسلم)
16 فيه علم من أعلام النبوة وهو إخباره بأمور ستحصل بعد موته، ‘إخباره بالفتن بعده وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤيد بالوحي، وقد يخبر صلى الله عليه وسلم بما يطلعه الله.
وسبق ذكر كلام ابن حبان وأن هذا التمني في آخر الزمان.
وذكر الذهبي الحديث في سير أعلام النبلاء في فصل في معجزاته صلى الله عليه وسلم؛ باب من إخباره بالكوائن بعده فوقعت كما أخبر. فذكره مع أحاديث كثيرة.
وبوب البخاري باب علامات النبوة في الإسلام وذكر الحديث مع أحاديث أخرى وسبق أن ذكر ذلك صاحبنا أبوصالح.
وراجع كتب دلائل النبوة ومنها كتاب الشيخ مقبل الصحيح المسند من دلائل النبوة.
17 فضل من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم على من لم يره.
18 حب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من الأهل والمال واجب، قال تعالى {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَاتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24]
19 فقد دينك والفتنة فيه أعظم من فقد أهلك ومالك.
20 تفسير الحديث وإثبات المقدم والمؤخر.
فالنووي ذكر أنهم يقصدون في معنى التقديم والتأخير: (لأن يراني لحظة ثم لا يراني)، خير له من أهله وماله. انتهى بمعناه.
21 فضل علم السلف على الخلف مع قلة كلام السلف.
22 ورد رواية تدل أن هذا الحديث سيكون في زمن الفتن ففي رواية (لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر، وليأتين على أحدكم زمان لأن يراني أحب إليه من أن يكون مثل أهله وماله).
قال القرطبي في المفهم: معنى الحديث: إخباره صلى الله عليه وسلم، بأنه إذا فقد تغيرت الحال على أصحابه من عدم مشاهدته، وفقد عظيم فوائدها، ولما طرأ عليهم من الاختلاف والمحن، والفتن، وعلى الجملة: فساعة موته اختلفت الآراء، ونجمت الأهواء، وكاد النظام ينحل لولا أن الله تبارك وتعالى تداركه بثاني اثنين، وأهل الحل والعقد …
23 من روائع بعض المصنفين أنهم يبعثون الشوق إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما في فعل الذهبي في تذكرة الحفاظ، فإنه يذكر سير بعض السلف وأنهم يبكون إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.
24 لفظ البخاري 3589 (وليأتين على أحدكم زمان لأن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله)
وورد في مسلم 2832 عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً في كتاب الجنة وصفة نعيمها بَابُ فِيمَنْ يَوَدُّ رُؤْيَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ (إن من أشد أمتي لي حبا ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله) وأظن هو الذي أشار إليه صاحبنا أبوصالح في الفائدة رقم 14
وذكره أحمد في مسنده عن عبدالرزاق وفيه (والذي نفسي بيده ليأتين على أحدكم يوم، لأن يراني، ثم لأن يراني أحب إليه من أهله وماله معهم) وفي بعض النسخ (ومثلهم معهم)
وقال محققو المسند: كذا وقع (لأن يراني، ثم لأن يراني) على التأكيد، وفي صحيفة همام ومصادر التخريج الأخرى (لا يراني، ثم لأن يراني) ومعناه على ما في المصادر الأخرى: أنه يأتي على أحدكم يوم لا يراني فيه، وذلك بعد وفاتي، ثم لو قدِّر له أن يراني ولو لحظة أحب إليه من أهله وماله جميعاً)
وقالوا وفي الباب عن أبي ذر 5/ 156. أخرجه أحمد.
25 جمع باحث كتاب بعنوان إرشاد المسلم إلى زيادات الجلودي وأبي إسحاق النيسابوري على صحيح مسلم.
ويعني بالزيادات ما زادوه من الأسانيد وأيضاً ذكر التعليقات التي لهم من شرح معنى وما شابه حيث ذكر هذا الحديث وإنما فيه توضيح معنى من أبي إسحاق.
26 طريقة مسلم في ذكر الأحاديث التي في صحيفة همام. وجمعها باحث فبلغت 138
27 لا يعارض هذا الحديث قول الصحابي للتابعي الذي تمنى رؤية النبي صلى الله عليه وسلم فقال الصحابي: ألا يحمد أحدكم ربه أنه ولد لا يعرف إلا الإسلام، والله لقد أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أناس أكبهم الله في النار.
لأن مقصود الحديث الحث على مجالسته والتعلم منه صلى الله عليه وسلم كما قدمنا، والتابعي إنما ظن أنه قادر على نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وأنه لو كان عنده لقاتل عنه ونافح؛ فنهاه الصحابي عن تمني ذلك.
28 ورد في حديث عائشة رضي الله عنها أنه:
جاءَ رجلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليْهِ وعلى آلهِ وسلَّمَ فقال: يا رسولَ اللهِ إنَّكَ لأحبُّ إليَّ من نَفسي وإنَّك لأحبُّ إليَّ من أهلي ومالي وأحبُّ إليَّ من ولدي لأكونُ في البيتِ فأذكرُكَ فما أصبِرُ حتى آتيَكَ فأنظرَ إليكَ وإذا ذكرْتُ مَوتي ومَوتَكَ عرفْتُ أنَّك إذا دخلْتَ الجنةَ رُفعَتْ مع النبيِّينَ وإنِّي إذا دخلْتُ الجنةَ خشيتُ ألا أراكَ فلم يردَّ عليْهِ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليْهِ وعلى آلهِ وسلَّمَ حتى نزلَ جبريلُ عليْهِ السلامُ بهذه الآيةِ: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ الآية.
صحيح أسباب النزول 80 وقال مقبل له شواهد تزيده قوة