: (75) (949) تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ المقام في مسجد / الشيخ طحنون آل نهيان/ ومسجد محمد بن رحمة الشامسي
(بإشراف: سيف بن دورة الكعبي)
يشرح هذا الحديث سعيد الجابري وعلي البلوشي وابوالربيع.
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3،والمدارسة، والاستفادة، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
الصحيح المسند 949
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مَالِكٍ مِنْ رَهْطِهِ قَالَ بَعَثَ النَّبِي صلى الله عليه وسلمسَرِيَّةً فَسَلَحْتُ رَجُلاً مِنْهُمْ سَيْفًا فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ لَوْ رَأَيْتَ مَا لاَمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلمقَالَ «أَعَجَزْتُمْ إِذْ بَعَثْتُ رَجُلاً مِنْكُمْ فَلَمْ يَمْضِ لأَمْرِي أَنْ تَجْعَلُوا مَكَانَهُ مَنْ يَمْضِى لأَمْرِي».
مشاركة حسين البلوشي:
إسناده صحيح إن كان بشر بن عاصم الليثي هو الذي وثقه النسائي، فقد قال الحافظ في “التهذيب”: لم ينسبه النسائي إذ وثقه.
وقد أطلق الذهبي في “الميزان” توثيقه عن النسائي، ومشى على توثيقه الحافظ في “التقريب”، فقال: صدوق يخطئ
وإن لم يكن هو، فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في “الثقات” وهو معروف في توثيقه للمجاهيل فيبقى الحديث ضعيفا.
قال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم:
وهو حديث لا يصح؛ فإنه من رواية حميد بن هلال، عن بشر بن عاصم، عن عقبة بن مالك من رهطه، قال: بعث النبي … فذكره. وبشر بن عاصم الليث هذا مجهول الحال، ولا يعرف روى عنه غير حميد ابن هلال. وعقبة بن مالك هذا أيضا، ليثي، وهو بصري، ولم يذكره البخاري، وقال ابن السكن: يقال: له صحبة. وإنما أخذ ذلك من قاله من هذا الحديث. اهـ
قال الشيخ الألباني: حديث حسن. سنن أبي داود.
قال السندي: قوله: “فسلحتُ رجلاً” على صيغة المتكلم، في “المجمع”، أي: جعلته سلاحَه، وهو ما أعددته للحرب من آلة الحديد، والسيف وحده يسمَّى سلاحاً، يقال: سَلَحته إذا أعطيته سلاحاً، وإن شدَّدته فللتكثير. انتهى، والتكثيرُ هاهنا غير مناسب، وينبغي أن يكون بالتخفيف.
“مثل ما لامنا” من اللوم، “قال” بيانٌ للَوْمِه، “إذ بعث رجلاً”، أي: أميراً، وحاصله: أن الأمير إذا خالف ينبغي للناس أن يعزلوه ويقيموا آخر مكانه، قالوا: هذا إذا لم يكن الأمر مُفضياً إلى الفتنة.
قلنا: وهذا الحديثُ يغلب على الظن أنه مع الذي بعده في قصة واحدة، كما ذكر غير واحد فيما أشار إليه الحافظ في “الإصابة”، وتفرد الحافظُ فعدَّه حديثاً آخر لعقبة، مع أن المراد منه لا يستقيم إلا بالذي بعده. قاله محققوا المسند.
والحديث الذي أشاروا إليه هو: عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ سَرِيَّةً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَشُوا أَهْلَ مَاءٍ صُبْحًا، فَبَرَزَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ فَقَتَلَهُ، فَلَمَّا قَدِمُوا أَخْبَرُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ” أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ الْمُسْلِمِ يَقْتُلُ الرَّجُلَ وَهُوَ يَقُولُ: إِنِّي مُسْلِمٌ “، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّمَا قَالَهَا مُتَعَوِّذًا، فَصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجْهَهُ، وَمَدَّ يَدَهُ الْيُمْنَى، فَقَالَ: ” أَبَى الله عَلَيَّ مَنْ قَتَلَ مُسْلِمًا ” ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرح سنن أبي داود:
يعني: أن من يحصل منه معصية يستبدل بمن يسمع ويطيع ويمضي لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
وقال صاحب العون: وَالْمَعْنَى أَعْطَيْتُ يُقَالُ سَلَحْتُهُ إِذَا أَعْطَيْتُهُ سِلَاحًا (مِنْهُمْ) أَيْ مِنَ الْغُزَاةِ (سَيْفًا) لِيَقْتُلَ الْمُشْرِكِينَ (فَلَمَّا رَجَعَ) ذَلِكَ الرَّجُلُ بَعْدَ مَا قَتَلَ رَجُلًا الَّذِي أَظْهَرَ إِيمَانَهُ كَمَا سَيَجِيءُ (مَا لَامَنَا) مِنَ اللَّوْمِ (قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذا بيان للومه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَلَمْ يَمْضِ لِأَمْرِي) قَالَ فِي الْمَجْمَعِ فِي مَادَّةِ مَضَى وَفِيهِ إِذَا بَعَثْتُ رَجُلًا فَلَمْ يَمْضِ أَمْرِي أَيْ إِذَا أَمَّرْتُ أَحَدًا بِأَنْ يَذْهَبَ إِلَى أَمْرٍ أَوْ بَعَثْتُهُ لِأَمْرٍ وَلَمْ يَمْضِ عَصَانِي فَاعْزِلُوهُ (أَنْ تَجْعَلُوا) أَيْ أَعَجَزْتُمْ مِنْ أَنْ تَجْعَلُوا
عزل الحاكم بالفسق وكلام الأئمة حول حديث من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتتا جاهلية:
وأما محاولة عزل الحاكم لأجل فسقه فهو محرم وغلط مِن مَن جوزه
1_ قال النووي رحمه الله:
وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق وأما الوجه المذكور في كتب الفقه لبعض أصحابنا أنه ينعزل وحكي عن المعتزلة أيضا فغلط من قائله مخالف للإجماع
قال العلماء: وسبب عدم انعزاله وتحريم الخروج عليه ما يترتب على ذلك من الفتن وإراقة الدماء وفساد ذات البين فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه (شرح النووي على مسلم:12/ 229)
ويؤيد هذا ما أجمع عليه علماء أهل السنة من وجوب السمع والطاعة وإن كان الإمام فاسقا ظالما جائرا
2_ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وفي هذا الحديث وجوب طاعة الامام الذي انعقدت له البيعة والمنع من الخروج عليه ولو جار في حكمه وانه لا ينخلع بالفسق (الفتح:13/ 72)
3_ قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في الكبائر:
والمراد بالميتة الجاهلية: حاله الموت كموت أهل الجاهلية على ضلال، وليس له إمام مطاع، لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك، وليس المراد أنه يموت كافرا بل يموت عاصيا، ويحتمل أن يكون التشبيه على ظاهره، ومعناه أنه يموت مثل موت الجاهلي وإن لم يكن هو جاهليا، أو أن ذلك ورد مورد الزجر والتنفير وظاهره غير مراد. ويؤيد أن المراد بالجاهلية التشبيه قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر «” من فارق الجماعة شبرا فكأنما خلع ربقة الإسلام من عنقه “» أخرجه الترمذي وغيره.
قال النووي: وأجمع أهل السنة أن لا ينعزل السلطان بالفسق. . قال العلماء وسبب عدم انعزاله وتحريم الخروج عليه لما يترتب على ذلك من الفتن وإراقة الدماء وفساد ذات البين فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه اهـ.
4_ يقول العلامة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
فهذه شروط عشرة للإمامة واحد منها شرط للابتداء والاستمرار وهو الإسلام ويلحق به أيضا العقل إذ لابد منه فلو جن يجب عزله وإقامة غيره لكن إذا فسق بعد العدالة أو ضعف لكنه يستطيع تدبير الحكم فإنه لا تزول ولايته.
5_ ومن المالكية قال أبو البركات الدردير المالكي: لا يعزل السلطان بالظلم والفسق وتعطيل الحقوق بعد انعقاد إمامته وإنما يجب وعظه (الشرح الكبير لأبي البركات:4/ 299) [2]
6_ سئل فضيلة الشيخ ربيع المدخلي: هل يجوز عزل الإمام لمعصيته؟ فأجاب وفقه الله: المنهج عند أهل السنة والجماعة أن الإمام لا يعزل بالمعصية وبالمخالفة، وقد جاءت نصوص من رسول الله عليه الصلاة والسلام” أنهم يهدون بغير هديه ويستنون بغير سنته، ثم لما سئل: ماذا نصنع؟ قال: “اصبروا”، وقال: “أطعهم وأعطوهم حقهم واسألوا الله الذي لكم”، وفي حديث سعد ورد (وعلى ألا ننازع الأمر أهله حتى تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان) الأثرة أي يستأثرون بالأموال فلا يجوز لنا منازعتهم حتى نرى الكفر البواح، حينئذ إذا رأينا الكفر البواح إن كان عندنا قدرة نتخلص منهم بدون سفك دماء ومفاسد كبيرة في المسلمين نفعل. [شريط بعنوان: أسئلة في المنهج] مختصرا
[1]_ راجع: شرح العقيدة السفارينية لان عثيمين رحمه الله: (688)
[2]_ شبهات حول الخروج والثورات: (2/ 18)
فإن قيل كيف يجاوب على الحديث
فلعل مما يجاوب عليه بأن الحاكم هنا ليس هو الولي الامر العام
انما امير من الامراء المقيدين بقيادة سرية
ويمكن ان ينوب عنه غيره أصلح منه اذا وجد منه مخالفة
قلت سيف: وهناك مصلحة عظمى علمها النبي صلى الله عليه وسلم في تنفيذ أمره، وكون هذا الأمير رجع مخالفا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم مما يسبب مفسدة، فعتب عليهم النبي صلى الله عليه وسلم إذ لم يؤمروا أحدهم. وهذا ما صنعه خالد بن الوليد في غزوة مؤته حيث هو أمَّر نفسه.
مشاركة نورس الهاشمي وحسام:
((الجهاد يكون تحت ولي الامر))
أولاً: قوله سبحانه وتعالى: {وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر مِنهم لعلمه الذين يستنبطونه مِنهم ولولا فضلُ الله عليكم ورحمته لاتبعتمُ الشيطانَ إلا قليلاً} [النساء 83] فالمسائل العظيمة التي تحل بالأمة – ومنها الجهاد – يكون القول الفصل فيها لأولي الأمر، ليس لكل أحد أو أي أحد.
ثانياً: قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض} [التوبة 38]، فالإمام هو الذي يأمر بالجهاد و هو الذي ينادي إليه بالنفير و المسلمون هم المُستَنفرون المخاطبون بإذن الإمام و قوله.
ثالثاً: قول النبي صلى الله عليه وسلم {الإمام جُنَّة، يُقاتَل من ورائه} [رواه البخاري] فهذا نص في المسألة، وهو بين ظاهر.
رابعاً: قول النبي صلى الله عليه وسلم {إذا استُنفِرتم فانفروا} [رواه الشيخان] فالقيام بالجهاد يكون بعد الاستنفار وهذا يصدر من ولي الأمر، قال النووي: (معناه: إذا دعاكم السلطان إلى غزوٍ فاذهبوا) [شرح النووي على صحيح مسلم 9/ 128).
خامساً: هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه فلا يعرف أنه جاهد أحد من أصحابه ممن كانوا تحت إمرته بدون إذنه و علمه ولأجل ذلك جاء الخطاب الرباني في التحريض على الجهاد للنبي صلى الله عليه وسلم الذي هو ولي الأمر في ذلك الحين فقال تعالى: {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال} [الأنفال:65]، ومثال ذلك:
قوله تعالى: {عفا الله عنك لِمَ أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين} [التوبة: 43]
و قوله تعالى: {فإن رجعك الله إلى طآئفة منهم فاستئذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبداً ولن تقاتلوا معي عدواً} [التوبة: 83] فأمر الجهاد كان منوطاً بإذن النبي صلى الله عليه وسلم.
و قوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين ءامنوا بالله و رسوله و إذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستئذنوه} [النور: 62] ” و الأمر الجامع هو الذي يجمع له كالجهاد في سبيل الله ”
وهذا هو هدي الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يستأذنون إمامهم – وهو النبي صلى الله عليه وسلم – في الخروج للجهاد، فهذه عائشة تقول استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد، فقال: {جهادكن الحج} [رواه البخاري]، و هذا ابن عمر رضي الله عنه يقول عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن أربع عشر فلم يجزني [رواه البخاري]
سادساً: ومن ناحية النظر فأنه لابد من إذن الإمام و أمره لترتيب أمور الجهاد و تحديد العدو و وقت الجهاد، فلا بد من وجود الإمام لتنظيم أمور الجهاد، فلا يكون فوضوياً لا يثمر و لا يأتي بالمراد، وهذا هو مقتضى العلم و العقل و الحكمة.
سابعاً: وفي القياس فإن كان إذن الوالدين مطلوباً في الجهاد فإن إذن ولي الأمر أولى و أحرى.
ومن كلام العلماء في هذا الأمر:
أولاً: قال الحسن البصري: [أربع من أمر الإسلام إلى السلطان: الحكم و الفيء و الجهاد و الجمعة] (مسائل الإمام أحمد رواية حرب الكرماني 392]
ثانياً: جاء في كتاب [الإنجاد في أبواب الجهاد] لابن المناصف القرطبي [1/ 133]
[الباب الثالث في شرط صحة الجهاد وما يحق فيه من طاعة الإمام ومياسرة الرفقاء و ما جاء في آداب الحرب و الأمر بالدعوة قبل القتال ..
(فعدد الشرط الأول من شروط صحة الجهاد وهو النية ثم قال عن الشرط الثاني من شروط صحته:)
فصل: في طاعة الإمام و الغزو مع كل أمير براً أو فاجراً] ثم ذكر أدلته بنحو ما ذكر أعلاه.
ثالثاً: قال أبو البركات عبد السلام ابن تيمية: [لا يجوز الغزو إلا بإذن الإمام، إلا أن يفاجئهم عدو يخشى علبُه بالإذن فيسقط] (المحرر 2:341]
رابعاً: قال ابن تيمية: [ويرون يعني أهل السنة إقامة الحج و الجهاد و الجمع مع الأمراء أبراراً كانوا أو فجاراً] (مجموع الفتاوى 3/ 158) و حكى مثل قول ابن تيمية الإمام الطحاوي وابن المديني و أبو زرعة وأبو حاتم الرازيين و الإمام أحمد بن حنبل وغيرهم كثير لا يحصون.
وقال أيضاً: [الجهاد لا يقوم به إلا ولاة الأمور] (منهاج السنة 6:118)
خامساً: قال القرطبي: [لا تخرج السرايا إلا بإذن الإمام ليكون متجسساً لهم عضداً من ورائهم وربما احتاجوا إلى درئه] (الجامع لأحكام القرآن 5/ 177)
سادساً: قال ابن قدامة: [أمر الجهاد موكول للإمام واجتهاده ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك] (المغني 16:13)
سابعاً: قال البهوتي: [لا يجوز الغزو إلا بإذن الأمير؛ لأنه أعرف بالحرب و أمره موكول إليه] (كشف القناع 3:72)
ثامناً: قال ابن عثيمين: [لا يجوز غزو الجيش إلا بإذن الإمام مهما كان الأمر، لأن المخاطب بالغزو و الجهاد هم ولاة الأمر وليس أفراد الناس … فالغزو بلا إذنه افتيات وتعد على حدوده، ولأنه لو جاز للناس أن تغزو بدون إذن الإمام لأصبحت المسألة فوضى كل من شاء ركب فرسه وغزا؛ ولأنه لو مكن الناس من ذلك لحصلت مفاسد عظيمة] (الشرح الممتع 8:25)
تاسعاً: قال الفوزان: [الذي يأمر بالقتال وينظم القتال إمام المسلمين، من صلاحيات الإمام إقامة الجهاد و تنظيم الجيوش وتنظيم السرايا يقودها بنفسه أو يؤمر عليها من يقودها فالجهاد من صلاحيات الإمام ولا يجوز للمسلمين أن يقاتلوا بدون إذن الإمام] (الجهاد وضوابطة 32)
وهذا كله في جهاد الطلب؛ أما جهاد الدفع فلا يشترط له هذا الشرط كما لا يخفى.
ومما يجدر ذكره أنه لا يشترط في هذا الإمام أن يكون عدلاً بل لو كان فاسقاً يتحقق به هذا الشرط وعلى هذا أهل السنة وحكايتهم فيه مشهورة معروفة وأدلتهم بحمد الله ظاهرة غير مغمورة.
منقول من شبكة سحاب
قال الشيخ العلامة /
أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله:
قوله: [ويثبتون فرض الجهاد للمشركين منذ بعث الله نبيه إلى آخر عصابةٍ تقاتل الدجال وبعد ذلك]
أقول: الجهاد فرض كفاية لقوله:
{وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة} وقوله: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر}. فالجهاد فرضٌ لهاتين الآيتين لكنه مفروض بشروط:
1 أن يكون تحت لواءٍ إمامٍ يجاهدُ وأتباعه يجاهدون معه.
2 أن يكون القوم المجاهدون لهم قوةٌ يناوئون بها العدو.
فإذا لم يعزم الإمام على الجهاد فإنّ الجهاد لا يجب على الرعية لأنّ الجهاد الشرعي لا يتم الإّ بقيادة والقيادة لا تتم إلاّ بقوةٍ إذ أنّ القوة المبعثرة لاتنفع.
فمن يذهب بنفسه للجهاد أو جماعةً يذهبون بأنفسهم له بزعمهم أنّهم يجاهدون من دون قيادةٍ ولا إمام؛ فهذا لا ينبغي، والواجب على ولاة الأمور أن ينظروا في هذا الأمر.
القول الحثيث على عقيدة أهل الحديث من مقالات الإسلاميين للامام أبي الحسن الأشعري / ص (112).
يتعين الجهاد في حالات
يقول الشيخ ابن عثيمين:
“يجب الجهاد ويكون فرض عين إذا حضر الإنسان القتال وهذا هو المواضع الأول من المواضيع التي يتعين فيها الجهاد؛ لقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير} الأنفال/16، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: أن التولي يوم الزحف من الموبقات حيث قال: ” اجتنبوا السبع الموبقات، وذكر منها التولي يوم الزحف ” متفق عليه إلا أن الله تعالى استثنى حالتين:
الأولى: أن يكون متحَرّفاً لقتال بمعنى أن يذهب لأجل أن يأتي بقوة أكثر.
الثانية: أن يكون منحازاً إلى فئة بحيث يذكر له أن فئة من المسلمين من الجانب الآخر تكاد تنهزم فيذهب من أجل أن يتحيز إليها تقوية لها، وهذه الحالة يشترط فيها: أن لا يخاف على الفئة التي هو فيها، فإن خيف على الفئة التي هو فيها فإنه لا يجوز أن يذهب إلى الفئة الأخرى، فيكون في هذا الحالة فرض عين عليه لا يجوز له الانصراف عنه.
الثاني: إذا حصر بلده العدو فيجب عليه القتال دفاعاً عن البلد، وهذا يشبه من حضر الصف في القتال؛ لأن العدو إذا حصر البلد فلا بد من الدفاع؛ إذ إن العدو سيمنع الخروج من هذا البلد، والدخول إليه، وما يأتي لهم من الأرزاق، وغير ذلك مما هو معروف، ففي هذا الحال يجب أن يقاتل أهل البلد دفاعاً عن بلدهم.
الثالث: إذا قال الإمام انفروا، والإمام هو ولي الأمر الأعلى في الدولة، ولا يشترط أن يكون إماماً للمسلمين؛ لأن الإمامة العامة انقرضت من أزمنة متطاولة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ” اسمعوا وأطيعوا ولو تأمر عليكم عبد حبشي “، فإذا تأمر إنسان على جهة ما صار بمنزلة الإمام العام، وصار قوله نافذاً، وأمره مطاعاً”.انتهى من ” الشرح الممتع ” (8/ 10)
ولعل أبرز ما يستدلون به قصة أبي بصير، أنه كان يقاتل الكفار هو وجماعته لما هربوا من مشركي قريش بعد صلح الحديبية، و الجواب عن استدلالهم كما قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: [أبو بصير رضي الله عنه ليس في قبضة الإمام ولا تحت إمرته، بل هو في قبضة الكفار وفي ولايتهم، فهو يريد أن يتخلص من قبضتهم و ولايتهم، فليس هو تحت ولاية الرسول صلى الله عليه وسلم لأن الرسول سلّمه لهم بموجد العهد و الصلح الذي جرى بينه وبين الكفار، فليس هو في بلاد المسلمين ولا تحت قبضة ولي الأمر] (الجهاد أنواعه و أحكامه 94)