75 لطائف التفسير والمعاني
قام به عبدالله البلوشي أبو عيسى
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ الدكتور سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله. ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا)
——‘——-‘——-‘
——‘——-‘——-‘
”””””””””'””””””””””””””
——‘——-‘——
*لطيفة: ليس ضيق الرزق هوانا ولا سعة الرزق فضيلة*
*قال الله تعالى في سورة الشورى:*
وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)
*قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (باختصار):*
قال ابن عباس: بغيهم طلبهم منزلة بعد منزلة ودابة بعد دابة ومركبا بعد مركب وملبسا بعد ملبس.
وقيل: أراد لو أعطاهم الكثير لطلبوا ما هو أكثر منه، لقوله: (لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثا) وهذا هو البغي، وهو معنى قول ابن عباس.
وقيل: لو جعلناهم سواء في المال لما انقاد بعضهم لبعض، ولتعطلت الصنائع …..
*فليس ضيق الرزق هوانا ولا سعة الرزق فضيلة*، وقد أعطى أقواما مع علمه أنهم يستعملونه في الفساد، ولو فعل بهم خلاف ما فعل لكانوا أقرب إلى الصلاح.
*وقال الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان:*
قَوْلُهُ تَعَالَى: “كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَأَىهُ اسْتَغْنَى”. ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الِاسْتِغْنَاءَ مُوجِبٌ لِلطُّغْيَانِ عِنْدَ الْإِنْسَانِ،
وَلَفْظُ الْإِنْسَانِ هُنَا عَامٌّ، وَلَكِنْ وَجَدْنَا بَعْضَ الْإِنْسَانِ يَسْتَغْنَى وَلَا يَطْغَى، فَيَكُونُ هَذَا مِنَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ، وَمُخَصِّصُهُ إِمَّا مِنْ نَفْسِ الْآيَةِ أَوْ مِنْ خَارِجٍ عَنْهَا،
فَفِي نَفْسِ الْآيَةِ مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: “أَنْ رَأَىهُ”، أَيْ: إِنْ رَأَى الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ، وَقَدْ يَكُونُ رَايًا وَاهِمًا وَيَكُونُ الْحَقِيقَةُ خِلَافَ ذَلِكَ، وَمَعَ ذَلِكَ يَطْغَى، فَلَا يَكُونُ الِاسْتِغْنَاءُ هُوَ سَبَبُ الطُّغْيَانِ.
وَلِذَا جَاءَ فِي السُّنَّةِ ذَمُّ الْعَائِلِ الْمُتَكَبِّرِ ; لِأَنَّهُ مَعَ فَقْرِهِ يَرَى نَفْسَهُ اسْتَغْنَى، فَهُوَ مَعْنِيٌّ فِي نَفْسِهِ لَا بِسَبَبِ غِنَاهُ.
أَمَّا مِنْ خَارِجِ الْآيَةِ، فَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى: “فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَاوَى “،
فَإِيثَارُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا هُوَ مُوجِبُ الطُّغْيَانِ، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ: “الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ كَلَّا” الْآيَة.
ومفهومه: أن من لم يؤثر الحياة الدنيا، ولم يحسب أن ماله أخلده، فلن يطغيه ماله ولا غناه، كما جاء في قصة النفر الثلاثة الأعمى والأبرص والأقرع من بني إسرائيل.
وقد نص القرآن على أوسع غنًى في الدنيا في نبي الله سليمان، آتاه الله ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده، ومع هذا قال: “إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب ردوها علي الآية”.
وقصة الصحابي الموجودة في الموطأ: لما شغل ببستانه في الصلاة، حين رأى الطائر لا يجد فرجةً من الأغصان، ينفذ منه، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «يا رسول الله، إني فتنت ببستاني في صلاتي، فهو في سبيل الله»
فعرفنا أن الغنى وحده ليس موجبًا للطغيان، ولكن إذا صحبه إيثار الحياة الدنيا على الآخرة، وقد يكون طغيان النفس من لوازمها لو لم يكن غنًى إن النفس لأمارة بالسوء.
وأنه لا يقي منه إلا التهذيب بالدين كما قال تعالى: “ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء” الآية.
وقد ذكر عن فرعون تحقيق ذلك حين قال: “أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون”،
وكذلك قال قارون: “إنما أوتيته على علم عندي”،
وقال ثالث الثلاثة من بني إسرائيل: «إنما ورثته كابرًا عن كابر» بخلاف المسلم، إلى آخره.
فلا يزيده غناه إلا تواضعًا وشكرًا للنعمة، كما قال نبي الله سليمان: قال “هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم”، وقد نص في نفس السورة أنه شكر الله: “فتبسم ضاحكًا من قولها” وقال “رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحًا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين”.
وفي العموم قوله: “حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنةً قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحًا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين”.
وقد كان في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحاب المال الوفير فلم يزدهم إلا قربًا لله، كعثمان بن عفان رضي الله عنه، وعبد الرحمن بن عوف، وأمثالهم ..