74 جامع الأجوبة الفقهية ص125
بإشراف سعيد الجابري وناصر الريسي وسيف بن دورة الكعبي
♢- مسألة : من وقع على ثوبه ماء لا يدري أنجس أم لا، فهل يسأل عنه؟
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
♢-مشاركة مجموعة ناصر الريسي :
♢- قال الإمام أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله : في الميزاب يقطر على ثياب الرجل.
حدثنا أبو بكر قال: نا حسين بن علي، عن أبي موسى، قال: ” مررت مع ابن سيرين في طريق، فقطر عليه ميزاب، فسأل عنه، فقيل: إنه نظيف، فلم يلتفت إليه، ولم يبال “. اهـ المُصَنَّف 1/177 ( 2043 )
♢-الميزاب : هو منفذ للماء المتجمع على أسطح المنازل .
♢- قال أبو محمد بن قدامة رحمه الله في المغني (1/ 83):
إذا سقط على إنسانٍ ، مِنْ طريقٍ ماءٌ ، لم يلزمه السؤال عنه ؛ لأن الأصل طهارتُهُ .
♢-قال صالحٌ : سألتُ أبي عن الرجل يمر بالموضع ، فيقطر عليه قطرة أو قطرتان ؟
♢- فقال : إنْ كان مخرجاً – يعني خلاءً – فاغسله ، وإنْ لم يكن مخرجا فلا يُسأل عنه ؛ فإنّ عمر رضي الله عنه مَرَّ هو وعمرو بن العاص على حوضٍ ، فقال عَمْرٌو : يا صاحب الحوضِ ، أَتَرِدُ على حوضك السباع ؟ فقال عمر : يا صاحب الحوضِ ، لا تُخْبِرْنَا ، فإنّا نَرِدُ عليها ، وتَرِدُ علينا .
رواه مالكٌ في الموطأ .
♢-فإنْ سأل ، فقال ابن عقيل : لا يلزم المسؤول رد الجواب ؛ لخبر عمر . ويَحْتَمِلُ أنْ يلزمَهُ ؛ لأنه سُئلَ عنْ شرط الصلاة ، فلزمه الجواب إذا عَلِمَ ، كما لو سألهُ عن القِبْلَةِ . وخَبَرُ عُمَرَ رضي الله عنه يَدُلُّ على أنّ سُؤْرَ السِّبَاعِ غَيْرُ نجسٍ . والله أعلم ) اهـ
♢- قال أبو زكريا النووي رحمه الله في المجموع : ومما احتج أصحابُنا به ، ما رواه مالكٌ في الموطأ» : عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطبٍ ، أنّ عُمَرَ بنَ الخطّاب رضي الله عنه خرج في رَكْبٍ فيه عَمْرُو بنُ العاصِ ، حتى وردوا حوضاً ، فقال عمرو بن العاص : … ،
وموضع الدلالة أنّ عمر قال : نَرِدُ على السباع وتَرِدُ علينا : ولم يخالفه عَمرٌو ولا غيره من الصحابة رضي الله عنهم ، وهذا الأثر إسناده صحيح إلى يحيى بن عبد الرحمن لكنه مرسل منقطع ، فإنّ يحيى وإنْ كان ثقه ، فلم يُدرك عُمَرَ ، بل وُلِدَ في خلافة عثمان، هذا هو الصواب ، قال يحيى بنُ معينٍ [ أبو زكريا ] : يحيى بنُ عبد الرحمن بن حاطب ، عن عمر ، باطل ، وكذا قاله غيرُ ابنِ معينٍ ، إلا أنّ هذا المرسل له شواهد تُقويه ، والمرسل عند الشافعي إذا اُعْتُضِدَ اُحْتُجَّ به ، كما سبق بيانُهُ في مقدمة الكتاب ، وهو حُجَّةٌ عند أبي حنيفة مطلقاً ، فيحتج به عليهم ) اهـ
(شرح المهذب )(1 /81)
♢- وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : عمن وقع على ثيابه ماء طاقة ما يدري ما هو: فهل يجب غسله أم لا؟ .
♢-فأجاب: لا يجب غسله، بل ولا يستحب على الصحيح وكذلك لا يستحب السؤال عنه على الصحيح فقد مر عمر بن الخطاب مع رفيق له فقطر على رفيقه ماء من ميزاب فقال صاحبه: يا صاحب الميزاب ماؤك طاهر أم نجس؟ فقال عمر: يا صاحب الميزاب لا تخبره فإن هذا ليس عليه والله أعلم.
(مجموع الفتاوى) (21/607)
♢- وقال في موضع أخر من الفتاوى: (21/57): وأما الماء فهو في نفسه طهور ولكن إذا خالطته النجاسة وظهرت فيه صار استعماله استعمالا لذلك الخبيث فإنما نهي عن استعماله لما خالطه من الخبيث لا لأنه في نفسه خبيث فإذا لم يكن هنا أمارة ظاهرة على مخالطة الخبيث له كان هذا التقدير والاحتمال مع طيب الماء وعدم التغيير فيه: من باب الحرج الذي نفاه الله عن شريعتنا ومن باب الآصار والأغلال المرفوعة عنا. وقد ثبت أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – توضأ من جرة نصرانية مع قيام هذا الاحتمال ومر عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وصاحب له بميزاب فقال صاحبه: يا صاحب الميزاب ماؤك طاهر أم نجس؟ فقال عمر: يا صاحب الميزاب لا تخبره. فإن هذا ليس عليه. وقد نص على هذه المسألة الأئمة كأحمد وغيره نصوا على أنه إذا سقط عليه ماء من ميزاب ونحوه ولا أمارة تدل على النجاسة لم يلزم السؤال عنه بل يكره وإن سأل: فهل يلزم رد الجواب على وجهين: وقد استحب بعض الفقهاء من أصحاب أحمد وغيره السؤال وهو ضعيف.
♢- قال ابن القيم رحمه الله تعالى في إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان : (1/154)
أنه لو سقط عليه شىء من ميزاب لا يدري هل هو ماء أو بول لم يجب عليه أن يسأل عنه فلو سأل لم يجب على المسئول أن يجيبه ولم علم أنه نجس ولا يجب عليه غسل ذلك
ومر عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوما فسقط عليه شىء من ميزاب ومعه صاحب له فقال : يا صاحب الميزاب ماؤك طاهر أو نجس فقال عمر رضي الله عنه : يا صاحب الميزاب لا تخبرنا ومضى ذكره أحمد .
قال شيخنا : وكذلك إذا أصاب رجله أو ذيله بالليل شىء رطب ولا يعلم ما هو لم يجب عليه أن يشمه ويتعرف ما هو واحتج بقصة عمر رضي الله عنه في الميزاب وهذا هو الفقه فإن الأحكام إنما تترتب على المكلف بعد علمه بأسبابها وقبل ذلك هي على العفو فما عفا الله عنه فلا ينبغي البحث عنه. انتهى.
♢- قلت (ناصر الريسي) :
هذه المسألة من فروع القاعدة الفقهية ( البناء على الأصل ) وهنا الأصل أن الماء طاهر وبالتالي بقاء الماء على ما كان عليه، فلا ينتقل عنه إلا بدليل يقيني.
—-“—-“—-‘—-‘—-‘—‘
♢- جواب سعيد الجابري :
♢- لو سقط شئ على المرء لا يدري هل هو ماء أو بول لا يجب عليه أن يسأل، فلو سأل لم يجب على المسئول أن يجيبه ولو علم أنه نجس، ولا يجب عليه غسل ذلك.
♢-وإذا أصاب الرجل أو الذيل بالليل شئ رطب. لا يعلم ما هو، لا يجب عليه أن يشمه ويتعرف ما هو، لما روى: أن عمر رضي الله عنه مر يوما، فسقط عليه شئ من ميزاب، ومعه صاحب له فقال: يا صحب الميزاب ماؤك طاهرا أو نجس فقال عمر: يا صاحب الميزاب لا تخبرنا، ومضى.
(فقه السنة )
♢-قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : ومن النظر: أن الأصل بقاء الشيء على ما كان حتى يتبين التغير، وبناء عليه: إذا مر شخص تحت ميزاب وأصابه منه ماء، فقال: لا أدري هل هذا من المراحيض، أم من غسيل الثياب، وهل هو من غسيل ثياب نجسة، أم غسيل ثياب طاهرة؟
فنقول: الأصل الطهارة حتى ولو كان لون الماء متغيرا. قالوا: ولا يجب عليه أن يشمه أو يتفقده، وهذا من سعة رحمة الله.
( الشرح الممتع )
♢- قلت : واثر عمر رواه مالك في الموطأ في كتاب الطهارة: الطهور للوضوء،.
وعبد الرزاق : عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عمر بن الخطاب .. فذكره. ويحيى لم يسمع من عمر كما قال ابن معين. انظر: تهذيب الكمال. (٣١/ ٤٣٧)
فالأثر منقطع.
♢- وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي في منظومة القواعد الفقهية :
والأصل في مياهنا الطهارة
والأرض والثياب والحجارة.
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
جواب سيف بن دورة الكعبي :
قريب من هذه المسألة الصلاة في ثوب صبغ في بول فقد بوب البخاري باب الصلاة في الجبة الشامية : وقال الحسن في الثياب التي ينسجها المجوسي لم ير بها بأسا، وقال معمر : رأيت الزهري يلبس من ثياب اليمن ما صبغ بالبول وصلى علي بن أبي طالب في ثوب غير مقصور. ثم ذكر حديث المغيرة بن شعبة 363 وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان عليه جبة شامية.
وقد نقل ابن رجب في فتح الباري نقولات مطولة وآثار كثيرة تحت هذا الباب، تبين عدم جواز التعمق.
تنبيه : راجع إغاثة اللهفان لابن القيم فقد تعرض لهذه المسألة وغيرها من المسائل التي تنبنى على الأصل وهو مفيد لعلاج الموسوسين.
أما مسألة سؤر السباع فقد سبقت
وذكر صاحب كتاب الجامع لأحكام الصلاة – معاصر – في مسائله:
4- الأصل في الماء الطُّهورية، ولذا فإنَّ المسلم إن شكَّ في نجاسة الماء أيِّ ماء، لم يمنعه الشك من التوضُّؤ به وإزالة النجاسات به، سواء وجده متغيراً أو غير متغير، إلا إذا غَلَب التغيُّرُ عليه وسلبه اسمه، وعلى هذا فإن ماء الميازيب طاهر طَهور ولو كان متغيِّراً، لأن المارَّ في الطريق لا يتيقَّن من نجاسته أو طهارته فيبني على الأصل، ولا يجب على المارِّ أن يسأل صاحب الميزاب عن الماء النازل إن كان طاهراً أو نجساً.
وإذا كان المسلم في مكان وليس عنده سوى إنائي ماء، وأُخبر بأن أحدهما نجس دون تعيين والثاني طاهر وأراد أن يتوضأ، لم يَجُز له التوضؤ من أيِّ من الإناءين، بل يجب عليه إراقتهما وأن يتيمَّم، لأنه ربما توضأ بالنجس فيتنجس ولا يرتفع حدثه، وهذا بخلاف ما إذا لم يكن عند المسلم سوى ثوبين أحدهما نجس والآخر طاهر دون تمييز بينهما وأراد الصلاة، فإنه يلبس أحدهما ويصلي، ثم يخلعه ويلبس الآخر ويصلي، ففي هذه الحالة يكون قد ضمن لنفسه صلاة على الوجه الصحيح.
5- إذا جاء مسلم إلى حوض ماء فأخبره فاسق أو كافر أو صبي أو مجنون أن الماء نجس لم يَقبل قولهم، لأن هؤلاء ليسوا أهلاً للشهادة، أما إن أخبره بنجاسة الماء من هو أهلٌ للشهادة، وهو المشهود له بالعدالة، أو كان غير مجروح العدالة من الرجال أو النساء، وجب عليه قبول خبره إن هو عيَّن سبب النجاسة، أما إن وصف الماء بالنجاسة دون بيِّنة، فإن المسلم لا يجب عليه قبول قوله، لأن هذا المُخبِر ربما جهل أسباب النجاسات، أو لم يكن متيقناً من نجاسة الماء، وحكم على الماء بالنجاسة خطأً. انتهى