73 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال البخاري رحمه الله تعالى كما في كتاب العلم من صحيح البخاري:
باب الاغتباط في العلم والحكمة وقال عمر تفقهوا قبل أن تسودوا قال أبو عبد الله: «وبعد أن تسودوا وقد تعلم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في كبر سنهم»
73 – حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثني إسماعيل بن أبي خالد على غير ما حدثناه الزهري قال سمعت قيس بن أبي حازم قال سمعت عبد الله بن مسعود قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها
فوائد الباب:
1 – قوله (باب الاغتباط في العلم والحكمة) وأورد في المتن حديث (لا حسد) ليبين أن معنى الحسد في الحديث إنما هو الغبطة.
2 – قوله (قال عمر تفقهوا قبل أن تُسوّدوا) أخرج وكيع بن الجراح في الزهد 99 ومن طريقه ابن أبي شيبة في المصنف 26640 والبيهقي في المدخل إلى المدخل إلى السنن الكبرى 373 وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 509 والخطيب في الفقيه والمتفقه 767، وأخرجه أبو خيثمة في العلم 9، والدارمي في سننه 256، وأبو بكر المروذي في أخبار الشيوخ وأخلاقهم 283، وابن البختري كما في مجموع مصنفاته 130، والخطابي في العزلة 196، والبيهقي في شعب الإيمان 1549 وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 508 كلهم عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن الأحنف بن قيس، قال: قال عمر بن الخطاب فذكره قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري إسناده صحيح
3 – قوله (قبل أن تسودوا) أي قبل أن تجلسوا للناس فتُسألوا قاله وكيع بن الجراح في كتابه الزهد عقب الأثر.
4 – وقال الشافعي رحمه الله تعالى: “تفقه قبل أن ترأس، فإذا ترأست فلا سبيل إلى التفقه ” أخرجه البيهقي في المدخل 375.
5 – قول عمر رضي الله عنه (تفقهوا قبل أن تسودوا) فإن من سوده الناس يستحيي أن يقعد مقعد المتعلم خوفا على رئاسته عند العامة قاله ابن بطال في شرحه.
6 – وقال الإمام مالك: كان الرجل إذا قام من مجلس ربيعة إلى خطبة أو حكم، لم يرجع إليه بعدها. نقله ابن بطال في شرحه.
7 – وقال يحيى بن معين: من عاجل الرئاسة فاته علم كثير نقله ابن بطال
8 – وقال القاسم بن سلام في غريب الحديث له: قوله: تَفَقَّهوا قبل أن تُسَوَّدوا يقول: تعلّموا العلم ما دمتم صِغاراً قبل أن تصيروا سادَةً رؤساء منظورا إليكم فإن لم تَعَلموا قبل ذلك استحييتم أن تَعَلَّموه بعد الكبر فبقيتم جُهَّالاً تأخذونه من الأصاغر فيزري ذلك بكم، وهذا شبيه بحديث عبد الله: لن يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم فإذا أتاهم من أصاغرهم فقد هلكوا
9 – قلت أثر عبد الله بن مسعود هذا الذي ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام أخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى 275 وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1057 و1058 و1059 و1060 وإسناده صحيح
10 – قال البخاري عقبه (وبعد أن تسودوا) أي لا تمنعكم السيادة عن طلب العلم. واستدل بفعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
11 – وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: «تَعَلَّمُوا فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَتَى يَخْتَلُّ إِلَيْهِ» أخرجه أبو خيثمة في كتاب العلم 8 بإسناد صحيح. وقوله ” متى يختل إليه” أي متى يحتاج إليه قاله الأصمعي
12 – حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في الباب أخرجه البخاري ومسلم وابن ماجه والنسائي في السنن الكبرى. وأشار إليه الترمذي بقوله “وروي عن ابن مسعود”، وفي الباب عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة.
13 – … فيه التحريض والترغيب في تعلم العلم والتصدق بالمال قاله الخطابي في أعلام الحديث.
14 – فيه من الفقه أن الغني إذا قام بشروط المال، وفعل فيه ما يرضي الله، فهو أفضل من الفقير الذي لا يقدر على مثل حاله قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري له.
15 – فيه إنفاق المال في حقه قاله البخاري في صحيحه.
16 – قوله (فسلط على هلكته في الحق) إشارة واضحة إلى كثرة الإنفاق فيما يحبه الله تعالى ويرضاه)
17 – قوله (لا حسد إلا في اثنتين) يؤكد أن معناها الغبطة ما ثبت مرفوعا في صحيح البخاري 5026 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ” فقال رجل ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل”
18 – قال ابن سعدي رحمه الله:
-الحسد نوعان: نوع محرم مذموم على كل حال، وهو أن يتمنى زوال نعمة الله عن العبد -دينية أو دنيوية- وسواء أحب ذلك محبة استقرت في قلبه، ولم يجاهد نفسه عنها، أو سعى مع ذلك في إزالتها وإخفائها: وهذا أقبح؛ فإنه ظلم متكرر.
وهذا النوع هو الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.
والنوع الثاني: أن لا يتمنى زوال نعمة الله عن الغير، ولكن يتمنى حصول مثلها له، أو فوقها أو دونها.
وهذا نوعان: محمود وغير محمود.
فالمحمود من ذلك: أن يرى نعمة الله الدينية على عبده، فيتمنى أن يكون له مثلها. فهذا من باب تمني الخير. فإن قارن ذلك سعى وعمل لتحصيل ذلك، فهو نور على نور.
وأعظم من يغبط: من كان عنده مال قد حصل له من حِلَّه، ثم سُلّط ووفق على إنفاقه في الحق، في الحقوق الواجبة والمستحبة؛ فإن هذا من أعظم البرهان على الإيمان، ومن أعظم أنواع الإحسان.
ومن كان عنده علم وحكمة علمه الله إياها، فوفق لبذلها في التعليم والحكم بين الناس. فهذان النوعان من الإحسان لا يعادلهما شيء.
الأول: ينفع الخلق بماله، ويدفع حاجاتهم، وينفق في المشاريع الخيرية، فتقوم ويتسلسل نفعها، ويعظم وقعها.
والثاني: ينفع الناس بعلمه، وينشر بينهم الدين والعلم الذي يهتدي به العباد في جميع أمورهم: من عبادات ومعاملات وغيرها.
ثم بعد هذين الاثنين: تكون الغبطة على الخير، بحسب حاله ودرجاته عند الله.
ولهذا أمر الله تعالى بالفرح والاستبشار بحصول هذا الخير، وإنه لا يوفق لذلك إلا أهل الحظوظ العظيمة العالية. قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس:58]. وقال: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت:34 – 35].
وقد يكون من تمنى شيئاً من هذه الخيرات، له مثل أجر الفاعل إذا صدقت نيته، وصمم عن عزيمته أن لو قدر على ذلك العمل، لَعَمِلَ مثله، كما ثبت بذلك الحديث. وخصوصاً إذا شرع وسعى بعض السعي.
وأما الغبطة التي هي غير محمودة، فهي تمني حصول مطالب الدنيا لأجل اللذات، وتناول الشهوات، كما قال الله تعالى حكاية عن قوم قارون: {يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [القصص:79].
فإن تمني مثل حالة من يعمل السيئات فهو بنيته، ووزرهما سواء.
فهذا التفصيل يتضح الحسد المذموم في كل حال. والحسد الذي هو الغبطة، الذي يحمد في حال، ويذم في حال. والله أعلم.
قاله ابن سعدي رحمه الله في بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
19 – قوله (ورجل آتاه الله الحكمة) هي الوحي كما ورد في حديث ابن عمر مرفوعا في الصحيحين ” رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار” أي يعمل به في نفسه ويعلمه غيره.
20 – بوب النسائي في الكبرى: باب الاغتباط في العلم
بوب الخرائطي في مساوئ الأخلاق: باب ما جاء فيما يرخص من الحسد قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا حسد إلا في اثنتين»
بوب ابن حبان في صحيحه: ذكر إباحة الحسد لمن أوتي الحكمة وعلمها الناس.
بوب البغوي في شرح السنة: ما يجوز من الاغتباط في الخير
بوب عليه النووي: باب فضل من يقوم بالقرآن، ويعلمه، وفضل من تعلم حكمة من فقه، أو غيره فعمل بها وعلمها
21 – قال ابن الملقن في «التوضيح لشرح الجامع الصحيح» ((3) / (358)):
ومعنى الحسد هنا: شدة الحرص والرغبة من غير تمني زوالها عن صاحبها وهو المنافسة، وأطلق الحسد عليه؛ لأنهما سببه، وسماه البخاري اغتباطًا؛ لأن من أوتي مثل هذا ينبغي أن يغبط به وينافس فيه، قَالَ تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: (32)].
وفيه قول ثان: أنه تخصيص لإباحة نوع من الحسد وإخراج له عن جملة ما حظر منه، كما رخص في نوع من الكذب، وإن كانت جملته محظورة فالمعنى لا إباحة لشيء من الحسد إلا فيما كان هذا سبيله، أي: لا حسد محمود إلا هذا، وقيل: إنه استثناء منقطع بمعنى لكن في اثنتين.
أحكامه:
أولها: حرمة الحسد وهو إجماع وهو المذموم، وأما المباح وهو الاغتباط كما سلف فمحمود، فإذا أنعم الله عَلَى أخيك نعمة فكرهتها وأحببت زوالها فحرام. قَالَ بعضهم: إلا نعمة أصابها فاجر أو كافر أو من يستعين بها عَلَى فتنة وإفساد. اهـ
22 – قال النووي في «شرح النووي على مسلم» ((6) / (97)):
قوله صلى الله عليه وسلم لا حسد إلا في اثنتين قال العلماء الحسد قسمان حقيقي ومجازي فالحقيقي تمني زوال النعمة عن صاحبها وهذا حرام بإجماع الأمة مع النصوص الصحيحة وأما المجازي فهو الغبطة وهو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره من غير زوالها عن صاحبها فإن كانت من أمور الدنيا كانت مباحة وإن كانت طاعة فهي مستحبة والمراد بالحديث لا غبطة محبوبة إلا في هاتين الخصلتين.
23 – قوله (حدثنا سفيان) هو ابن عيينة تابعه يحيى القطان كما عند البخاري 1409 تابعه إبراهيم بن حميد كما عند البخاري 7141
تابعه وكيع كما عند مسلم 816 والنسائي في السنن الكبرى 5809 تابعه عبد الله بن نمير كما عند ابن ماجه في سننه 4208 تابعه محمد بن بشر كما عند ابن ماجه 4208 تابعه عبد الله هو ابن المبارك كما عند النسائي في السنن الكبرى 5809 تابعه جرير كما عند النسائي في السنن الكبرى 5809