(7) / (4) / (2019) (23): (08) – سيف بن دورة الكعبي: 1085 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ونوح وعبدالخالق، وموسى الصوماليين.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله. ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا)
——–‘———‘——-
الصحيح المسند (ج2/ رقم 1085):
قال الإمام أبو عبد الله ابن ماجة رحمه الله:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ مَا كَانَ شَيْءٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَقَدْ رَأَيْتُهُ، إِلَّا شَيْءٌ وَاحِدٌ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يُقَلَّسُ لَهُ يَوْمَ الْفِطْرِ».
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ الْقَطَّانُ: حَدَّثَنَا ابْنُ دِيزِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، ح وَحَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ جَابِرٍ، ح وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَامِرٍ نَحْوَهُ.
قال أبو عبدالرحمن: هذا حديث صحيح بالسند الأول، رجاله رجال الصحيح، وفي السند الثاني جابر بن يزيد الجعفي، وهو كذاب، وبالسند الثالث فيه شريك بن عبد الله صدوق ساء حفظه لما ولي القضاء، لكنه يصلح في الشواهد والمتابعات.
ملاحظة: قال الشيخ الوادعي في الحاشية عند وقوله: (يُقَلَّسُ): “في النهاية: المقلسون: هم الذين يلعبون بين يدي الأمير إذا وصل إلى البلد”.
===================
الكلام عليه من وجوه:
الوجه الأول: في السند. (تخريجه، ترجمة الرواي).
أ – التخريج:
أخرج ابن ماجه رحمه الله الحديث في السنن، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها / (163) باب ما جاء في التقليس يوم العيد / حديث رقم 1303
والحديث في: زوائد ابن ماجه على الكتب الخمسة. البوصيري، أبو العباس شهاب الدين.
قلت سيف بن دورة: أعله الألباني في الضعيفة 4285 بأن إسرائيل سمع من جده بعد الاختلاط وهو مدلس وقد رواه إسرائيل عن جابر عن عامر به. وذكر أن أبا حاتم أعله بحديث عياض الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل وليست لعياض صحبة. وكذلك الطحاوي في مشكل الآثار 4/ 13: قال: وكان أولى مما رويناه قبله في هذا الباب لأن مغيرة عن الشعبي أثبت من جابر عن الشعبي. انتهى
ورواه عن مغيرة اثنان؛ شريك وجعله الألباني علة أخرى بالإضافة إلى علة الإرسال. انتهى
لكن تابعه هشيم بن بشير عن مغيرة أخرجها الخطيب 1/ 206
ويشهد لأصل السرور في العيد:
فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: “مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ ” فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ: (دَعْهُمَا) فَلَمَّا غَفَلَ، غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا، وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَإِمَّا قَالَ (تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ) فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ خَدِّي عَلَى خَدِّهِ، وَهُوَ يَقُولُ (دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ) حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ قَالَ: (حَسْبُكِ؟) قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (فَاذْهَبِي) رواه البخاري (907) ومسلم (829).
وقد ترجم البخاري رحمه الله على هذا الحديث في صحيحه بقوله: “باب الحراب والدَّرَق يوم العيد”.
وقال النووي رحمه الله:
فيه جواز اللعب بالسلاح، ونحوه من آلات الحرب، في المسجد، ويلتحق به ما في معناه من الأسباب المعينة على الجهاد.
“شرح مسلم” (6/ 271).
وقال ابن حجر رحمه الله:
واستُدل به على جواز اللعب بالسلاح على طريق التواثب، للتدريب على الحرب، والتنشيط عليه.
“فتح الباري” (2/ 445)
وكذلك يشهد للفرح في العيد حديث الجارية التي نذرت أن تضرب بالدف بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم مع أن الشيخ الألباني اعتبر قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر إن الشيطان يفر منك يا عمر مانعا لاباحته. أما ابن حجر فذكر انه يرتقي لأن يكون قربه ووجَّه كون الشيطان يفر من عمر بأنه لا يلزم أن يكون حاضرا لكن من باب أن الشيء بالشيء يذكر. ففعلها وخوفها من إنكار عمر مع أنها ناذرة ولا يوجد ما ينكر تذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فرار الشيطان مع عمر أو أنها وإن كانت في مباح أو قربة فإنه يخشى أن يقودها لفتنة وبدخول عمر بن الخطاب امتنعت من المشروع فقطع عمر بن الخطاب الفتنة. انتهى بمعناه الفتح كتاب الأيمان والنذور باب النذر فيما لا يملك والنذر في المعصية
وسيأتي تلخيص كلام ابن رجب في المشروع وغير المشروع من الضرب بالدف.
تنبيه: ليس في الأحاديث دليل للرقص الصوفي. وسيأتي النقل عن العلماء في رد استدلالهم بهذه الأحاديث في آخر البحث إن شاء الله.
ب – ترجمة الراوي. (من سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي رحمه الله تعالى)
اسمه ونسبه:
قَيْسُ بنُ سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ بنِ دُلَيْمٍ الأَنْصَارِيُّ،
ابْنِ حَارِثَةَ بنِ أَبِي حَزِيْمَةَ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ طَرِيْفِ بنِ الخَزْرَجِ بنِ سَاعِدَةَ بنِ كَعْبِ بنِ الخَزْرَجِ، الأَمِيْرُ، المُجَاهِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، سَيِّدُ الخَزْرَجِ وَابْنُ سَيِّدِهِم أَبِي ثَابِتٍ، الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، السَّاعِدِيُّ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَابْنُ صَاحِبِهِ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ المَلِكِ.
وقال أَبُو إِسْحَاقَ: عَنْ يَرِيْمَ أَبِي العَلاَءِ: قَالَ قَيْسُ بنُ سَعْدٍ: صَحِبْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَشْرَ سِنِيْنَ. [ابن عساكر 14/ 226 / ب وزاد: ” قال ابن صاعد: وقول قيس هذا غريب “].
علمه رضي الله عنه:
لَهُ: عدَّةُ أَحَادِيْثَ.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ مَالِكٍ الجَيْشَانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو عَمَّارٍ الهَمْدَانِيُّ، وَعُرْوَةُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمَيْمُوْنُ بنُ أَبِي شَبِيْبٍ، وَعَرِيْبُ بنُ حُمَيْدٍ الهَمْدَانِيُّ، وَالوَلِيْدُ بنُ عَبَدَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ حَدَّثَ بِالكُوْفَةِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ.
مكانته رضي الله عنه:
قَالَ أَحْمَدُ بنُ البَرْقِيِّ: كَانَ صَاحِبَ لِوَاءِ النَّبِيِّ فِي بَعْضِ مَغَازِيْهِ، وَكَانَ بِمِصْرَ وَالِياً عَلَيْهَا لِعَلِيٍّ.
ثُمَامَةُ: عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
كَانَ قَيْسُ بنُ سَعْدٍ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ مِنَ الأَمِيْرِ، فَكَلَّمَ أَبُوْهُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي قَيْسٍ، فَصَرَفَهُ عَنِ المَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَهُ، مَخَافَةَ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى شَيْءٍ، فَصَرَفَهُ. [أخرجه البخاري 13/ 118، 119 في الاحكام: باب الحاكم يحكم بالقتل على من وجه عليه دون الامام الذي فوقه، من طريق محمد بن خالد الذهلي، عن محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أبيه، عن ثمامة، عن أنس، دون قوله: فكلم أبوه … وهو في ” سنن الترمذي ” (3850)، وأخرجه بتمامه الاسماعيلي من طريق الهيثم بن خلف، عن محمد بن المثنى، عن الأنصاري، عن أبيه، عن ثمامة، عن أنس … وهو عند ابن عساكر 14/ 227 / آ. والشرطة: بضم الشين وسكون الراء، والنسبة إليها: شرطي، وقد تفتح الراء فيهما: هم أعوان الأمير]
موقفه مع الصحابة رضي الله عنهم:
لَمْ يَزَلْ مَعَ عَلِيٍّ، فَلَمَّا قُتِلَ عَلِيٌّ، رَجَعَ قَيْسٌ إِلَى وَطَنِهِ.
وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَاحْتَرَمَهُ، وَأَعْطَاهُ مَالاً.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ، وَاخْتَطَّ بِهَا دَاراً، وَوَلِيَهَا لِعَلِيٍّ سَنَةَ سِتٍّ، وَعَزَلَهُ عَنْهَا سَنَةَ سَبْعٍ.
صفاته رضي الله عنه:
وَقَالَ عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ: كَانَ قَيْسُ بنُ سَعْدٍ رَجُلاً ضَخْماً، جَسِيْماً، صَغِيْرَ الرَّاسِ، لَيْسَتْ لَهُ لِحْيَةٌ، إِذَا رَكِبَ حِمَاراً، خَطَّتْ رِجُلاَهُ الأَرْضَ،
وَكَانَ حَازِماً.
* صور من كرمه: ” وَجُوْدُ قَيْسٍ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ، وَكَذَلِكَ دَهَاؤُهُ”.
– أَبُو عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، قَالَ: كَانَ قَيْسٌ يَسْتَدِيْنُ وَيُطْعِمُ.
– قِيْلَ: وَقَفَتْ عَلَى قَيْسٍ عَجُوْزٌ، فَقَالَتْ: أَشْكُو إِلَيْكَ قِلَّةَ الجِرْذَانِ.
فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذِهِ الكِنَايَةَ، امْلَؤُوا بَيْتَهَا خُبْزاً وَلَحْماً وَسَمْناً وَتَمْراً.
– وعن مَالِكٌ: عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ: كَانَ قَيْسُ بنُ سَعْدٍ يُطْعِمُ النَّاسَ فِي أَسْفَارِهِ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَكَانَ إِذَا نَفِدَ مَا مَعَهُ تَدَيَّنَ، وَكَانَ يُنَادِي فِي كُلِّ يَوْمٍ: هَلُمُّوا إِلَى اللَّحْمِ وَالثَّرِيْدِ.
– قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: كَانَ سَعْدٌ يُنَادِي عَلَى أُطُمِهِ: مَنْ أَحَبَّ شَحْماً وَلَحْماً، فَلْيَاتِ، ثُمَّ أَدْرَكْتُ ابْنَهُ مِثْلَ ذَلِكَ.
– وَعَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: بَاعَ قَيْسُ بنُ سَعْدٍ مَالاً مِنْ مُعَاوِيَةَ بِتِسْعِيْنَ أَلْفاً؛ فَأَمَرَ مَنْ نَادَى فِي المَدِيْنَةِ: مَنْ أَرَادَ القَرْضَ، فَلْيَاتِ.
فَأَقْرَضَ أَرْبَعِيْنَ أَلْفاً، وَأَجَازَ بِالبَاقِي، وَكَتَبَ عَلَى مَنْ أَقْرَضَهُ.
فَمَرِضَ مَرَضاً قَلَّ عُوَّادُهُ، فَقَالَ لِزَوْجَتِهِ قُرَيْبَةَ أُخْتِ الصِّدِّيْقِ: لِمَ قَلَّ عُوَّادِي؟!
قَالَتْ: لِلدَّيْنِ، فَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ بِصَكِّهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي مَالاً وَفَعَالاً، فَإِنَّهُ لاَ تَصْلُحُ الفَعَالُ إِلاَّ بِالمَالِ.
– وعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ: عَنْ أَبِي صَالِحٍ: أَنَّ سَعْداً قَسَمَ مَالَهُ بَيْنَ وَلَدِهِ، وَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ، فَمَاتَ، وَوُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدُ؛ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ إِلَى ابْنِهِ قَيْسٍ، فَقَالاَ: نَرَى أَنْ تَرُدَّ عَلَى هَذَا.
فَقَالَ: مَا أَنَا بِمُغَيِّرٍ شَيْئاً صَنَعَهُ سَعْدٌ، وَلَكِنَّ نَصِيْبِي لَهُ.
دهائه رضي الله عنه:
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ: كَانُوا يَعُدُّوْنَ قَيْساً مِنْ دُهَاةِ العَرَبِ، وَكَانَ مِنْ ذَوِي الرَّايِ.
وَقَالُوا: دُهَاةُ العَرَبِ حِيْنَ ثَارَتِ الفِتْنَةُ خَمْسَةٌ: مُعَاوِيَةُ، وَعَمْرٌو، وَقَيْسٌ، وَالمُغِيْرَةُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ بُدَيْلِ بنِ وَرْقَاءَ الخُزَاعِيُّ.
وَكَانَ قَيْسٌ وَابْنُ بُدَيْلٍ مَعَ عَلِيٍّ، وَكَانَ عَمْرُو بنُ العَاصِ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ المُغِيْرَةُ مُعْتَزِلاً بِالطَّائِفِ حَتَّى حَكَمَ الحَكَمَانِ.
رَوَى: الجَرَّاحُ بنُ مَلِيْحٍ البَهْرَانِيُّ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ قَيْسِ بنِ سَعْدٍ، قَالَ:
لَوْلاَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُوْلُ: (المَكْرُ وَالخَدِيْعَةُ فِي النَّارِ). لَكُنْتُ مِنْ أَمْكَرِ هَذِهِ الأُمَّةِ.
[=مجموع الطرق= يدل على أن للمتن أصلا، فهو حسن .. والمكر والخديعة: اسمان لكل فعل يقصد فاعله في باطنه خلاف ما يقتضيه ظاهره، والمذموم من ذلك أن يقصد فاعله إنزال مكروه بالمخدوع، وإياه قصد المصطفى صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث، ومعناه: يوديان بقاصدهما إلى النار. قاله الراغب].
ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي عَمْرٌو، قَالَ:
قَالَ قَيْسٌ: لَوْلاَ الإِسْلاَمُ، لَمَكَرْتُ مَكْراً لاَ تُطِيْقُهُ العَرَبُ.
قلت سيف بن دورة: ذكر الحديث العقيلي في ضعفائه في ترجمة عمر بن صالح الواسطي وقال: وفي هذا رواية من غير هذا الوجه فيها لين أيضا.
بعض ما قام به:
– كَانَ صَاحِبَ لِوَاءِ النَّبِيِّ فِي بَعْضِ مَغَازِيْهِ،
– وَذَكَرَ عَاصِمُ بنُ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – اسْتَعْمَلَ قَيْسَ بنَ سَعْدٍ عَلَى الصَّدَقَةِ.
– وَكَانَ بِمِصْرَ وَالِياً عَلَيْهَا لِعَلِيٍّ سَنَةَ سِتٍّ، وَعَزَلَهُ عَنْهَا سَنَةَ سَبْعٍ.
وفاته رضي الله عنه:
قَالَ مِسْعَرٌ: عَنْ مَعْبَدِ بنِ خَالِدٍ، قَالَ: كَانَ قَيْسُ بنُ سَعْدٍ لاَ يَزَالُ هَكَذَا رَافِعاً أُصْبُعَهُ المُسَبِّحَةَ -يَعْنِي: يَدْعُو.
قَالَ الوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ قَيْسٌ فِي آخِرِ خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ.
الوجه الثاني: شرح وفقه الحديث.
“بَاب مَا جَاءَ فِي التقليس” التقليس: الضَّرْب بالدف والغناء واستقبال الْوُلَاة عِنْد قدومهم بأصناف اللَّهْو كَذَا فِي الْقَامُوس
قَالَ الْقُرْطُبِيّ: أما الْغناء فَلَا خلاف فِي تَحْرِيمه؛ لِأَنَّهُ من اللَّهْو واللعب المذموم بالِاتِّفَاقِ، فَأَما مَا يسلم من الْمُحرمَات فَيجوز الْقَلِيل مِنْهُ فِي الاعراس والاعياد وشبههما.
وَمذهب أبي حنيفَة تَحْرِيمه وَبِه يَقُول أهل الْعرَاق.
وَمذهب الشَّافِعِي كَرَاهَته وَهُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب مَالك.
وَاسْتدلَّ جمَاعَة من الصُّوفِيَّة بِحَدِيث الْبَاب وَمَا فِي البُخَارِيّ على إِبَاحَة الْغناء وسماعه بآلة وَغير آلة!
وَقَالَ بعض مشائخنا مُجَرّد الْغناء وَالِاسْتِمَاع إليه مَعْصِيّة حَتَّى قَالُوا اسْتِمَاع الْقُرْآن بالألحان مَعْصِيّة التَّالِي وَالسَّامِع آثمان؛ وَاسْتَدَلُّوا بقوله تَعَالَى: {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} جَاءَ فِي التَّفْسِير المُرَاد بِهِ: الْغناء انْتهى.
وَفِي مجمع الْبحار قَالَ الطَّيِّبِيّ: وَأما مَا أحدثه المتصوفة من السماع بالأبا فَلَا خلاف فِي تَحْرِيمه (إنْجَاح)
قَوْله: (تقلسون) قَالَ يُوسُف بن عدي أحد رُوَاة الحَدِيث التقليس ان تقف الْجَوَارِي وَالصبيان على أَفْوَاه الطَّرِيق يَلْعَبُونَ بالطبل وَغير ذَلِك. رَوَاهُ الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر فِي تاريخهما وَفِي مُسْند أَحْمد عَن الشّعبِيّ قَالَ هُوَ اللّعب. وَفِي تَارِيخ بن عَسَاكِر قَالَ زِيَاد بن أَيُّوب سُئِلَ هشيم عَن التقليس الضَّرْب بالدف؟ قَالَ: نعم (زجاجة). [شرح سنن ابن ماجه مجموع من 3 شروح].
قال ابن رجب رحمه الله تعالى كما في (الفتح) وقد لخص مسألة حكم الغناء وما رخص في ذلك، فقال وهو يعلق على حديث عائشة رضي الله عنها الذي جاء في البخاري:
عن عائشة، قالت: دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الانصار، تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث.
قالت: وليستا بمغنيتين.
فقال أبو بكر: مزامر الشيطان في بيت رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((يا أبا بكر، إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا)).
قال الحافظ ابن رجب: في هذا الحديث: الرخصة للجواري في يوم العيد في اللعب والغناء بغناء الأعراب.
وإن سمع ذلك النساء والرجال، وإن كان معه دف مثل دف العرب، وهو يشبه الغربال.
وقد خرجه البخاري في آخر ((كتاب العيدين)) من رواية الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدففان وتضربان، والنبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – متغش بثوبه، فانتهرهما أبو بكر، فكشف النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عن وجهه، فقال: ((دعهما يا أبا بكر؛ فإنها أيام عيد))، وتلك [الأيام] أيام منى.
[عادة العرب في الغناء]
ولا ريب أن العرب كانَ لهم غناء يتغنون به، وكان لهم دفوف يضربون بها، وكان غناؤهم بأشعار أهل الجاهلية من ذكر الحروب وندب من قتل فيها، وكانت دفوفهم مثل الغرابيل، ليس فيها جلاجل، كما في حديث عائشة، عن النَّبيّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((أعلنوا النكاح واضربوا عليهِ بالغربال)). وخرجه الترمذي وابن ماجه، بإسناد فيه ضعفٌ.
فكان النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يرخص لهم في أوقات الأفراح، كالأعياد والنكاح وقدوم الغياب في الضرب للجواري بالدفوف، والتغني مع ذلك بهذه الأشعار، وما كان في معناها.
[عادة بلاد فارس والروم في الغناء]
فلما فتحت بلاد فارس والروم ظهر للصحابة ما كان أهل فارس والروم قد أعتادوه من الغناء الملحن بالإيقاعات الموزونة، على طريقة الموسيقى بالأشعار التي توصف فيها المحرمات من الخمور والصور الجميلة المثيرة للهوى الكامن في النفوس، المجبول محبته فيها، بآلات اللهو المطربة، المخرج سماعها عن الاعتدال، فحينئذ أنكر الصحابة الغناء واستماعه، ونهوا عنه وغلظوا فيه.
حتى قال ابن مسعود: “الغناء ينبت النفاق في القلب، كما ينبت الماء البقل”. وروي عنه – مرفوعا.
وهذا يدل على أنهم فهموا أن الغناء الذي رخص فيه النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لأصحابه لم يكن هذا الغناء، ولا آلاته هي هذه الآلات، وأنه إنما رخص فيما كان في عهده، مما يتعارفه العرب بآلاتهم.
فأما غناء الأعاجم بآلاتهم فلم تتناوله الرخصة، وإن سمي غناءً، وسميت آلاته دفوفا، لكن بينهما من التباين ما لا يخفى على عاقل، فإن غناء الأعاجم بآلاتها يثير الهوى، ويغير الطباع، ويدعو إلى المعاصي، فهو رقية الزنا.
وغناء الأعراب المرخص به، ليس فيه شيء من هذه المفاسد بالكلية البتة، فلا يدخل غناء الأعاجم في الرخصة لفظا ولا معنى، فإنه ليس هنالك نص عن الشارع بإباحة ما يسمى غناء ولا دفا، وإنما هي قضايا أعيان، وقع الإقرار عليها، وليس لها [من] عموم.
وليس الغناء والدف المرخص فيهما في معنى ما في غناء الأعاجم ودفوفها المصلصلة؛ لأن غنائهم ودفوفهم تحرك الطباع وتهيجها إلى المحرمات، بخلاف غناء الأعراب، فمن قاس أحدهما على الآخر فقد أخطأ أقبح الخطأ، وقاس مع ظهور الفرق بين الفرع والأصل، فقياسه من أفسد القياس وأبعده عن الصواب.
[الأدلة على تحريم وذم سماع آلات الملاهي الواردة في آخر الزمان]
وقد صحت الأخبار عن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بذم من يستمع القينات في آخر الزمان، وهو إشارة إلى تحريم سماع آلات الملاهي الماخوذة عن الأعاجم.
وقد خرج البخاري في (الأشربة) حديث عبد الرحمن بن غنم، عن أبي مالك –أو أبي عامر – الأشعري، عن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – في ذلك، كما سياتي في موضعه – إن شاء الله سبحانه وتعالى.
وقد بينت عائشة أن الجاريتين إنما كانا يغنيان بغناء بعاث، ويوم بعاث يوم من أيام حروب الجاهلية مشهور.
وباؤه مثلثة وعينه مهملة، ومنهم من حكى أنها معجمة، قال الخطابي: هو يوم مشهور من أيام العرب، كانت فيه مقتلة عظيمة للأوس على الخزرج، وبقيت الحرب قائمة مائة وعشرين سنة إلى الإسلام، على ما ذكره ابن إسحاق وغيره.
قالَ: وكان الشعر الذي تغنيان به في وصف الشجاعة والحرب، وهو إذا صرف إلى جهاد الكفار كان معونة في أمر الدين، فأما الغناء بذكر الفواحش والابتهار للحرم، فهو المحظور من الغناء، حاشاه أن يجري بحضرته شيء من ذلك فيرضاه، أو يترك النكير لهُ، وكل من جهر بشيء بصوته وصرح به فقد غنى به.
قالَ: وقول عائشة: (ليستا بمغنيتين)، إنما بينت ذلك؛ لأن المغنية التي اتخذت الغناء صناعة وعادة، وذلك لا يليق بحضرته، فأما الترنم بالبيت والتطريب للصوت إذا لم يكن فيهِ فحش، فهوَ غير محظور ولا قادح في الشهادة.
وكان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – لا ينكر من الغناء النصب والحداء ونحوهما، وقد رخص فيه غير واحد من السلف.
قالَ: وقوله: ((هذا عيدنا)) يريد أن إظهار السرور في العيد من شعار الدين، وحكم اليسير من الغناء خلاف الكثير. انتهى.
وفي الحديث ما يدل على تحريمه في غير أيام العيد؛ لأن النَّبيّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – علل بأنها أيام عيد، فدل على أن المقتضي للمنع قائم، لكن عارضه معارض وهو الفرح والسرور العارض بأيام العيد.
وقد أقر أبا بكر على تسمية الدف مزمور الشيطان، وهذا يدل على وجود المقتضي للتحريم لولا وجود المانع.
وقد قال كثير من السلف، منهم: قتادة: الشيطان قرآنه الشعر، ومؤذنه المزمار، ومصايده النساء. وروي ذلك من حديث أبي أمامة – مرفوعا.
[فيما ورد من الرخصة في ذلك للنساء]
وقد وردت الشريعة بالرخصة للنساء لضعف عقولهن بما حرم على الرجال من التحلي والتزين بالحرير والذهب، وإنما أبيح للرجال منهم اليسير دون الكثير، فكذلك الغناء يرخص فيه للنساء في أيام السرور، وإن سمع ذلك الرجال تبعا.
ولهذا كان جمهور العلماء على أن الضرب بالدف للغناء لا يباح فعله للرجال؛ فإنه من التشبه بالنساء، وهو ممنوع منه، هذا قول الأوزاعي وأحمد، وكذا ذكر الحليمي وغيره من الشافعية.
وإنما كان يضرب بالدفوف في عهد النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – النساء، أو من يشبه بهن من المخنثين، وقد أمر النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بنفي المخنثين وإخراجهم من البيوت.
وقد نص على نفيهم أحمد وإسحاق، عملا بهذه السنة الصحيحة.
وسئل أحمد عن مخنث مات ووصى أن يحج عنه، فقال: كسب المخنث خبيث، كسبه بالغناء، نقله عنه المروذي.
وفي تحريم ضرب المخنث بالدف حديث مرفوع، خرجه ابن ماجه بإسناد ضعيف.
فأما الغناء بغير ضرب دف، فإن كان على وجه الحداء والنصب فهو جائز.
وقد رويت الرخصة فيه عن كثير من الصحابة.
والنصب: شبيه الحداء -: قاله الهروي وغيره.
وهذا من باب المباحات التي تفعل أحيانا للراحة.
فأما تغني المؤمن فإنما ينبغي أن يكون بالقرآن، كما قال النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)) والمراد: أنه يجعله عوضا عن الغناء فيطرب به ويلتذ، ويجد فيه راحة قلبه وغذاء روحه، كما يجد غيره ذلك في الغناء بالشعر.
وقد روي هذا المعنى عن ابن مسعود – أيضاً.
وأما الغناء المهيج للطباع، المثير للهوى، فلا يباح لرجل ولا لامرأة فعله ولا استماعه؛ فإنه داع إلى الفسق والفتنة في الدين والفجور فيحرم كما يحرم النظر بشهوة إلى الصور الجميلة [ …. ]؛ فإن الفتنة تحصل بالنظر وبالسماع؛ ولهذا جعل النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – زنا العينين النظر، وزنا الأذن الاستماع.
ولا خلاف بين العلماء المعتبرين في كراهة الغناء وذمه وذم استماعه، ولم يرخص فيه أحد يعتد به.
وقد حكيت الرخصة فيه على بعض المدنيين.
وقد روى الإمام أحمد، عن إسحاق الطباع، أنه سأل مالكا عما يرخص فيه أهل المدينه من الغناء؟ فقالَ: إنما يفعله عندنا الفساق.
وكذا قالَ إبراهيم بن المنذر الحزامي، وهو من علماء أهل المدينة – أيضا.
وقد نص أحمد على مخالفة ما حكي عن المدنيين في ذَلِكَ.
وكذا نص هو وإسحاق على كراهة الشعر الرقيق الذي يشبب به النساء.
وقال أحمد: الغناء الذي وردت فيه الرخصة هو غناء الراكب: أتيناكم أتيناكم.
وأما استماع آلات الملاهي المطربة المتلقاة من وضع الأعاجم، فمحرم مجمع على تحريمه، ولا يعلم عن أحد منه الرخصة في شيء من ذَلِكَ، ومن نقل الرخصة فيه عن إمام يعتد به فقد كذب وافترى.
وأما دف الأعراب الخالي من الجلاجل المصوتة ونحوها، فقد اختلف العلماء فيه على ثلاثة مذاهب: أحدها: أنه يرخص فيه مطلقا للنساء.
وقد روي عن أحمد ما يشهد له، واختاره طائفة من المتأخرين من أصحابنا، كصاحب ((المغني)) وغيره.
والثاني: إنما يرخص فيه في الاعراس ونحوها، وهو مروي عن عمر بن عبد العزيز والأوزاعي، وهو قول كثير من أصحابنا أو أكثرهم.
والثالث: أنه لا يرخص فيه بحال. وهو قول النخعي وأبي عبيد.
وجماعة من أصحاب ابن مسعود كانوا يتبعون الدفوف مع الجواري في الأزقة فيحرقونها.
وقال الحسن: ليس الدف من أمر المسلمين في شيء.
ولعله أراد بذلك دفوف الأعاجم المصلصلة المطربة.
وقد سئل أحمد على ذلك فتوقف، وكأنه حصل عنده تردد: هل كانت كراهة من كره الدفوف لدفوف الأعراب أو لدفوف الاعاجم فيه جرس؟ وقد قيل لأحمد: الدف فيهِ جرس؟ قال: لا.
وقد نص على منع الدف المصلصل.
وقال مالك في الدف: هو من اللهو الخفيف، فإذا دعي إلى وليمة، فوجد فيها دفاً فلا أرى أن يرجع.
وقاله القاسم من أصحابه.
وقال أصبغ –منهم -: يرجع لذلك.
[فيما ورد الرخصة فيه في الباب]
1 – وفي الرخصة في الدف في العيد أحاديث أخر: خرج ابن ماجه من رواية الشعبي، قال: شهد عياض الأشعري عيداً بالأنبار، فقال: ما لي لا أراكم تقلسون كما يقلس رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
2 – ومن رواية الشعبي، عن قيس بن سعد، قال: ما كان شيء على عهد رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إلاّ وقد رأيته، إلاّ شيء واحد، فإن رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كان يقلس له يوم الفطر.
قال يزيد بن هارون: (التقليس): ضرب الدف.
وقال يوسف بن عدي: (التقليس): أن يقعد الجواري والصبيان على أفواه الطرق، يلعبون بالطبل وغير ذلك.
وقد بسطنا القول في حكم الغناء وآلات اللهو في كتاب مفرد، سميناه: (نزهة الأسماع في مسألة السماع)، وإنما أشرنا إلى ذلك هاهنا إشارة لطيفة مختصرة.
3 – ومما يدخل في هذا الباب: ما روى حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس، قال: قدم رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ((ما هذان اليومان؟)) قالوا: نلعبهما في الجاهلية.
فقالَ رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما: يوم الفطر، ويوم الأضحى)) خرجه أبو داود والنسائي. [فتح الباري لابن رجب رحمه الله تعالى (8/ 425 – 438) صحيح البخاري، أبواب العيدين، باب سنة العيدين لأهل الإسلام، حديث رقم 923] بتصرف يسير.
[مما ورد في ذلك]
قال الحافظ ابن الجوزي: ولما قدم عمر الشام لقيه المقلسون بالسيوف وهم الذين يلعبون بين يدي الأمير إذا دخل البلد بالسيوف، الواحد مقلس.
وفي الحديث لما رأوه قلسوا له والتقليس التكفير وهو وضع اليدين على الصدر خضوعا. [غريب الحديث لابن الجوزي (2/ 261)].
وَقَال الْبَلاَذِرِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو حَفْصٍ الدِّمَشْقِيُّ قَال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَال: ” بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمَّا جَمَعَ هِرَقْل لِلْمُسْلِمِينَ الْجُمُوعَ، وَبَلَغَ الْمُسْلِمِينَ إِقْبَالُهُمْ إِلَيْهِمْ لِوَقْعَةِ الْيَرْمُوكِ رَدُّوا عَلَى أَهْل حِمْصَ مَا كَانُوا أَخَذُوا مِنْهُمْ مِنَ الْخَرَاجِ. وَقَالُوا: قَدْ شُغِلْنَا عَنْ نُصْرَتِكُمْ وَالدَّفْعِ عَنْكُمْ، فَأَنْتُمْ عَلَى أَمْرِكُمْ، فَقَال أَهْل حِمْصَ: لَوَلاَيَتُكُمْ وَعَدْلُكُمْ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّا كُنَّا فِيهِ مِنَ الظُّلْمِ وَالْغَشْمِ. وَلَنَدْفَعَنَّ جُنْدَ هِرَقْل عَنِ الْمَدِينَةِ مَعَ عَامِلِكُمْ، وَنَهَضَ الْيَهُودُ فَقَالُوا: وَالتَّوْرَاةِ لاَ يَدْخُل عَامِل هِرَقْل مَدِينَةَ حِمْصَ إِلاَّ أَنْ نُغْلَبَ وَنَجْهَدَ فَأَغْلَقُوا الابْوَابَ وَحَرَسُوهَا “. وَكَذَلِكَ فَعَل أَهْل الْمُدُنِ الَّتِي صُولِحَتْ مِنَ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ. وَقَالُوا: إِنْ ظَهَرَ الرُّومُ وَأَتْبَاعُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ صِرْنَا إِلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ، وَإِلاَّ فَإِنَّا عَلَى أَمْرِنَا مَا بَقِيَ لِلْمُسْلِمِينَ عَدَدٌ، فَلَمَّا هَزَمَ اللَّهُ الْكَفَرَةَ وَأَظْهَرَ الْمُسْلِمِينَ فَتَحُوا مُدُنَهُمْ وَأَخْرَجُوا الْمُقَلِّسِينَ، فَلَعِبُوا وَأَدَّوُا الْخَرَاجَ. [فتوح البلدان ص 143].
الوجه الثالث: ما يستفاد من الحديث، فوق ما تقدم:
1 – “أنَّ الطَّبلَ مُحَرَّمٌ في أيِّ حالٍ وعلى كلِّ أحدٍ؛ لأنَّه من المعازِفِ التي لم تُستثنَ مِن الأصلِ.
2 – أنَّ الدُّفَّ من المعازفِ المحَرَّمِ على الرِّجالِ الضَّربُ بها على أيِّ حالٍ وفي أيِّ مُناسبة.
3 – أنه رُخِّصَ فيه للنِّساءِ، وللصَّغيراتِ خاصَّةً، وفي الأعراسِ والأعياد فقط”.
الوجه الرابع: مشكل الحديث:
قال الطحاوي رحمه الله في (شرح مشكل الآثار): “بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّقْلِيسِ فِي الْأَعْيَادِ.
1484 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَارِثِ الْأَزْدِيُّ الْبَاغَنْدِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ , عَنْ جَابِرٍ , عَنْ عَامِرٍ , عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ , قَالَ: ” شَهِدْتُ عِيدًا بِالْأَنْبَارِ فَقُلْتُ لَهُمْ: مَا لِي لَا أَرَاكُمْ تُقَلِّسُونَ كَمَا كَانُوا يُقَلِّسُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ”
1485 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْهَرَوِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إيَاسٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ , وَإِسْرَائِيلُ , عَنْ جَابِرٍ , عَنْ عَامِرٍ , عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ , قَالَ: ” مَا كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ إلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ يُعْمَلُ بَعْدَهُ إلَّا شَيْئًا وَاحِدًا فَإِنَّهُ كَانَ يُقَلَّسُ يَوْمَ الْفِطْرِ يَعْنِي يُلْعَبُ”.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ مَا رَوَيْنَا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ إنَّمَا يَرْجِعُ إلَى جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ مُطْلَقًا لَا يُذْكَرُ سَمَاعٌ لَهُ إيَّاهُ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ وَمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَذْكُورًا فِيهِ سَمَاعُهُ إيَّاهُ مِمَّنْ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْهُ وَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَ مَنْ يَمِيلُ إلَيْهِ فَكَيْفَ عِنْدَ مَنْ يَنْحَرِفُ عَنْهُ، وَذَلِكَ أَنِّي سَمِعْتُ فَهْدَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَقُولُ: قَالَ: سُفْيَانُ كُلُّ مَا قَالَ: لَكَ فِيهِ جَابِرٌ سَمِعْتُ، أَوْ حَدَّثَنِي، أَوْ أَخْبَرَنِي فَاشْدُدْ بِهِ يَدَيْكَ، وَمَا كَانَ سِوَى ذَلِكَ فَفِيهِ مَا فِيهِ.
1486 – وَقَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ , عَنْ شَرِيكٍ , عَنْ مُغِيرَةَ , عَنْ عَامِرٍ , عَنْ عِيَاضٍ الْأَشْعَرِيِّ , قَالَ: ” شَهِدْتُ عِيدًا بِالْأَنْبَارِ فَقُلْتُ: ” مَا لِي [ص:129] لَا أَرَاكُمْ تُقَلِّسُونَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ ”
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ رَدُّ الشَّعْبِيِّ إيَّاهُ إلَى عِيَاضٍ الْأَشْعَرِيِّ، وَعِيَاضٌ هَذَا رَجُلٌ مِنَ التَّابِعِينَ فَعَادَ الْحَدِيثُ بِهِ إلَى أَنْ صَارَ مُنْقَطِعًا، وَكَانَ أَوْلَى مِمَّا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّ مُغِيرَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَثْبَتُ مِنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَإِنْ كَانَ الشَّعْبِيُّ قَدْ حَدَّثَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ بِغَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ
1487 – كَمَا حَدَّثَنَا الْبَاغَنْدِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ , قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ , عَنْ حُصَيْنٍ , عَنْ عَامِرٍ , عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ , قَالَ: ” أَتَيْتُ الْحِيرَةَ قَالَ: فَرَأَيْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِمَرْزُبَانٍ لَهُمْ، وَسَقَطَ كَلَامٌ، وَهُوَ فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنِّي أَتَيْتُ الْحِيرَةَ فَرَأَيْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِمَرْزُبَانٍ لَهُمْ فَقُلْتُ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَوْ أَمَرْتُ شَيْئًا أَنْ يَسْجُدَ لِشَيْءٍ لَأَمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ “.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ مُتَأَخِّرُ الْوَفَاةِ لَيْسَ بِمُسْتَنْكَرٍ لُقِيُّ الشَّعْبِيِّ إيَّاهُ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ صَاحِبُ الْوَاقِدِيِّ فِي كِتَابِهِ فِي الطَّبَقَاتِ قَالَ: وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ فِي آخِرِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ.
وَأَمَّا التَّقْلِيسُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، فَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَبَيْنَ مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ يُؤْخَذُ مِثْلُ هَذَا عَنْهُ أَنَّهُ: اللَّعِبُ وَاللهْوُ اللَّذَانِ لَيْسَا بِمَكْرُوهَيْنِ، كَمَثَلِ مَا أُطْلِقَ فِي الْأَعْرَاسِ مِنْهُمَا. وَإِنْ كَانَ مَا يُفْعَلُ فِي الْأَعْيَادِ وَفِي الْأَعْرَاسِ مِنْهُمَا مُخْتَلِفَيْنِ، وَذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ إنَّمَا هُوَ لِيَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ أَنَّ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ سَمَاحَةً.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا وَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُخَالِفُهُ؟ فَذَكَرَ: 1488 – مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ , عَنْ حُمَيْدٍ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ: ” إنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمُ الْفِطْرِ، وَيَوْمُ الْأَضْحَى “.
1489 – وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ , قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ , عَنْ أَنَسٍ , عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ. . .
قِيلَ لَهُ: مَا فِي هَذَا مَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي أَخْبَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ إبْدَالُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إيَّاهُمْ بِالْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانُوا يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ: يَوْمُ الْفِطْرِ وَيَوْمُ النَّحْرِ.
وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يَعْنِي أَرَادَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا فِيهِمَا مِنَ اللَّعِبِ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي ذَيْنِكَ الْيَوْمَيْنِ مِنَ اللَّعِبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ عَلَى اللَّعِبِ الْمُبَاحِ مِثْلُهُ، لَا عَلَى اللَّعِبِ الْمَحْظُورِ مِثْلُهُ كَمَا قَدْ أُبِيحَ لَهُمْ فِي أَعْرَاسِهِمُ اللَّعِبُ الَّذِي أُبِيحَ لَهُمْ فِيهَا
1490 – كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ , وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ , جَمِيعًا قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَابِرٍ , قَالَ: ” كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ قَائِمًا ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ قَائِمًا خُطْبَتَيْنِ، فَكَانَ الْجَوَارِي إذَا نُكِحُوا يَمُرُّونَ بِالْكَبَرِ وَالْمَزَامِيرِ فَيَشْتَدُّ النَّاسُ وَيَدَعُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا فَعَاتَبَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11] ” الْآيَةَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: أَفَلَا تَرَى أَنَّ اللهَ لَمْ يَنْهَهُمْ عَنِ اللهْوِ الَّذِي قَدْ أَبَاحَ مِثْلَهُ فِيمَا كَانَ ذَلِكَ اللهْوُ مِنْهُمْ فِيهِ، وَكَذَلِكَ اللَّعِبُ الَّذِي قَدْ أَبَاحَهُ فِي الْأَعْيَادِ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي مِثْلِهِ مِنَ اللهْوِ الَّذِي قَدْ نَهَاهُمْ عَنْهُ فِي غَيْرِ الْأَعْيَادِ، فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ أَنْ لَا تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ”. [شرح مشكل الآثار (4/ 127 – 132)].
الوجه الخامس: المسائل الملحقة:
1) ما جاء في الرخصة للنساء من الضرب بالدف والتغني
أولاً:
يجوز للمرأة أن تضرب بالدف وأن تغني الغناء المباح في المناسبات المباحة كالأعياد والأفراح وما أشبه ذلك.
قال الشيخ الألباني – رحمه الله تعالى -: ويجوز له – أي للعريس – أن يسمح للنساء بإعلان النكاح بالضرب على الدف فقط، وبالغناء المباح الذي ليس فيه وصف الجمال وذكر الفجور. . . – ثم ذكر الشيخ الأدلة على ذلك -. ” آداب الزفاف ” (ص 93).
والأدلة التي ذكرها الشيخ هي: عن الربيع بنت معوذ، قالت: ” دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم غداة بني علي فجلس على فراشي كمجلسك مني وجويريات يضربن بالدف يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر حتى قالت جارية وفينا نبي يعلم ما في غد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقولي هكذا وقولي ما كنت تقولين “. رواه البخاري (3700).
وعن عائشة: أنها زفت امرأةً إلى رجل من الأنصار فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة ما كان معكم لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو “. رواه البخاري (4765).
وعن أبي إسحاق قال: سمعت عامر بن سعد البجلي يقول: ” شهدت ثابت بن وديعة وقرظة بن كعب الأنصاري في عرس وإذا غناء فقلت لهما في ذلك فقالا إنه قد رخص في الغناء في العرس والبكاء على الميت في غير نياحة “. رواه البيهقي (14469).
وعن محمد بن حاطب الجمحي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” فصل ما بين الحرام والحلال الدف والصوت “. رواه الترمذي (1008) والنسائي (3316) وابن ماجه (1886).
والحديث: حسنه الألباني في ” آداب الزفاف ” (ص 96).
هذا ما يباح للنساء فعله في الأعراس من الغناء والمباح لهن من المعازف هو فقط الدف دون غيره، كالطبل، والفرق بينهما: أن الطبل مختوم من الوجهين، بخلاف الدف وهو ما كان مفتوحاً من جهة مختوماً من الأخرى.
قالت اللجنة الدائمة: أما الطبل ونحوه من آلات الطرب: فلا يجوز استعماله مع هذه الأناشيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك. ” فتوى رقم 3259 ” تاريخ 13/ 10 / 1400 هـ
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: أما الطبل فلا يجوز ضربه في العرس بل يكتفى بالدف خاصة.” فتاوى إسلامية ” (3/ 185).
وقال الشيخ ابن عثيمين: المختوم من الوجهين يسمى (الطبل) وهو غير جائز؛ لأنه من آلات العزف، والمعازف كلها حرام إلا ما دلَّ الدليل على حلِّه وهو الدف حال أيام العرس. ” فتاوى إسلامية ” (3/ 186).
ثانياً: وأما الرقص:
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: الرقص مكروه في الأصل، ولكن إذا كان على الطريقة الغربية، أو كان تقليداً للكافرات: صار حراماً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم ” من تشبه بقوم فهو منهم “، مع أنه أحياناً تحصل به الفتنة، قد تكون الراقصة امرأة رشيقة جميلة شابة فتفتن النساء، فحتى إن كان في وسط النساء حصل من النساء أفعال تدل على أنهن افتتنَّ بها، وما كان سبباً للفتنة فإنه يُنهى عنه. ” لقاء الباب المفتوح ” (س 1085).
وقال رحمه الله: وأما الرقص من النساء فهو قبيح لا نفتي بجوازه لما بلغنا من الأحداث التي تقع بين النساء بسببه، وأما إن كان من الرجال فهو أقبح، وهو من تشبه الرجال بالنساء، ولا يخفى ما فيه، وأما إن كان بين الرجال والنساء مختلطين كما يفعله بعض السفهاء: فهو أعظم وأقبح لما فيه من الاختلاط والفتنة العظيمة لا سيما وأن المناسبة مناسبة نكاح ونشوة عرس. ” فتاوى إسلامية ” (3/ 187).
ثالثًا:
وأما الكلمات المباحة في الغناء فهي ما لا يشتمل على وصف محرم، أو تهييج شهوة، أو كلمات نهى عنها الشرع، أو بعض الأذكار البدعية، وما شابه ذلك من المحرمات.
وفي المباح ما يغني كالحث على الأخلاق، أو على طلب العلم، أو ترك المنكرات، وما شابه ذلك.
قالت اللجنة الدائمة: صدقت في حكمك بالتحريم على الأغاني بشكلها الحالي من أجل اشتمالها على كلام بذيء ساقط، واشتمالها على ما لا خير فيه، بل على ما فيه لهو، وإثارة للغريزة الجنسية، وعلى مجون، وتكسُّر يُغري سامعه بالشر وفقنا الله وإياك لما فيه رضاه.
ويجوز لك أن تستعيض عن هذه الأغاني … فيها من الحِكَم، والمواعظ، والعبَر، بما يثير الحماس والغَيرة على الدين، ويهز العواطف الإسلامية وينفِّر من الشرور ودواعيه .. .. ” فتوى رقم 3259 ” تاريخ 13/ 10 / 1400 هـ.
2) ذم آلات الملاهي والتحذير منها
“قد دلت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على ذم آلات الملاهي والتحذير منها، وأرشد القرآن إلى أن استعمالها من أسباب الضلال واتخاذ آيات الله هزوا كما قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} وقد فسر أكثر العلماء لهو الحديث بالأغاني وآلات الطرب وكل صوت يصد عن الحق.
وأخرج الطبري في جامع البيان (15/ 118 – 119) وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (33) وابن الجوزي في تلبيس إبليس (232) عن مجاهد في قوله تعالى: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا الإسراء:63،64 قال: هو الغناء والمزامير، وروى الطبري عن الحسن البصري أنه قال: صوته هو الدفوف.
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/ 252):
وهذه الإضافة إضافة تخصيص كما أن إضافة الخيل والرَّجْل إليه كذلك، فكل متكلم بغير طاعة الله، ومُصوِّت بِيَراع أو مزمار أو دف حرام أو طبل فذلك صوت الشيطان. انتهى
وروى الترمذي في سننه رقم (1005) من حديث ابن أبي ليلى عن عطاء عن جابر رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن عوف إلى النخل فإذا ابنه إبراهيم يجود بنَفَسه، فوضعه في حجره ففاضت عيناه، فقال عبد الرحمن: أتبكي وأنت تنهى عن البكاء؟ قال: إني لم أنه عن البكاء، وإنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان وصوت عند مصيبة: خمش وجوه وشق جيوب ورنَّة .. قال الترمذي: هذا الحديث حسن وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 43) والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 69) والطيالسي في المسند رقم (1683) والطحاوي في شرح المعاني (4/ 29) وحسنه الألباني.
قال النووي: المراد به الغناء والمزامير انظر تحفة الأحوذي (4/ 88).
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” ليكون من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ (وهو الفرج والمقصود يستحلون الزنا) والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم ـ يعني الفقير ـ لحاجة فيقولوا ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة “. رواه البخاري في الصحيح معلقا (10/ 51) ووصله البيهقي في السنن الكبرى (3/ 272) والطبراني في المعجم الكبير (3/ 319) وابن حبان في الصحيح (8/ 265 ـ 266) وصححه ابن الصلاح في علوم الحديث (32) وابن القيم في إغاثة اللهفان (255) وتهذيب السنن (5/ 270 ـ 272) والحافظ في الفتح (10/ 51) والألباني في الصحيحة (1/ 140).
قال الحافظ في الفتح (10/ 55) والمعازف هي آلات الملاهي، ونقل القرطبي عن الجوهري أن المعازف الغناء والذي في صحاحه أنها آلات اللهو، وقيل أصوات الملاهي، وفي حواشي الدمياطي: “المعازف الدفوف وغيرهما مما يضرب به ويطلق على الغناء عزف وعلى كل لعب عزف ” انتهى.
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/ 256):
ووجه الدلالة منه: “أن المعازف هي آلات اللهو كلها، لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك، ولو كانت حلالا لما ذمهم على استحلالها، ولَمَا قرن استحلالها باستحلال الخمر والحِرَ “انتهى.
ويستفاد من الحديث تحريم آلات العزف والطرب، ودلالة الحديث على ذلك من وجوه:
أولا: قوله (يستحلون) فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة فيستحلها أولئك القوم.
ثانيا: قرن المعازف مع المقطوعة حرمته: الزنا والخمر، انظر حكم المعازف للألباني وكتاب
قال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (3/ 423 – 424):
والمعازف هي الأغاني وآلات الملاهي والحديث يدل على تحريمها وذم من استحلها كما يذم من استحل الخمر والزنا والآيات والأحاديث في التحذير من الأغاني وآلات اللهو كثيرة جداً ومن زعم أن الله أباح الأغاني وآلات الملاهي فقد كذب وأتى منكراً عظيماً نسأل الله العافية من طاعة الهوى والشيطان وأعظم من ذلك وأقبح وأشد جريمة من قال إنها مستحبة ولا شك أن هذا من الجهل بالله والجهل بدينه بل من الجرأة على الله والكذب على شريعته وإنما يستحب ضرب الدف في النكاح للنساء خاصة لإعلانه والتمييز بينه وبين السفاح ولا بأس بأغاني النساء فيما بينهن مع الدف إذا كانت تلك الأغاني ليس فيها تشجيع على منكر ولا تثبيط عن واجب ويشترط أن يكون ذلك فما بينهن من غير مخالطة للرجال ولا إعلان يؤذي الجيران ويشق عليهم وما يفعله بعض الناس من إعلان ذلك بواسطة المكبر فهو منكر لما في ذلك من إيذاء المسلمين من الجيران وغيرهم ولا يجوز للنساء في الأعراس ولا غيرها أن يستعملن غير الدف من آلات الطرب كالعود والكمان والرباب وشبه ذلك بل ذلك منكر وإنما الرخصة لهن في استعمال الدف خاصة.
أما الرجال فلا يجوز لهم استعمال شيء من ذلك لا في الأعراس ولا في غيرها وإنما شرع الله للرجال التدرب على آلات الحرب كالرمي وركوب الخيل والمسابقة بها وغير ذلك من أدوات الحرب كالتدرب على استعمال الرماح والدرق والدبابات والطائرات وغير ذلك كالرمي بالمدافع والرشاش والقنابل وكلما يعين على الجهاد في سبيل الله.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى (11/ 569):
وأعلم أنه لم يكن في عنفوان القرون الثلاثة المفضلة لا بالحجاز ولا بالشام ولا باليمن ولا مصر ولا المغرب ولا العراق ولا خرسان من أهل الدين والصلاح والزهد والعبادة من يجتمع على مثل سماع المكاء والتصدية ولا بدفّ ولا بكفّ ولا بقضيب وإنما أحدث هذا بعد ذلك في أواخر المائة الثانية فلما رآه الأئمة أنكروه. اهـ.
أما هذه الأناشيد التي تسمى إسلامية والتي تصحبها الموسيقى فإطلاق هذه التسمية عليها يعطيها شيئا من المشروعية وهي في الحقيقة غناء وموسيقى وتسميتها بالأناشيد الإسلامية هو زور وبهتان ولا يُمكن أن تكون بديلا عن الغناء فلا يجوز أن نتبدّل الخبيث بالخبيث وإنّما نجعل الطّيب مكان الخبيث وسماعها على أنّه إسلامية والتعبّد بذلك يعدّ ابتداعا لم يأذن به الله. نسأل الله السلامة والعافية.
وللمزيد انظر تلبيس إبليس (237) والمدخل لابن الحاج (3/ 109) والأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع للسيوطي (99 – وما بعدها) وذم الملاهي لابن أبي الدنيا، وتنزيه الشريعة عن الأغاني الخليعة وتحريم آلات الطرب للألباني”.
قلت سيف بن دورة:
تنبيه 1: هذا الرقص الصوفي المصاحب للذِّكر: لا يدل عليه دليل من الكتاب، أو السنَّة، ولا عمل الصحابة، بل هو من البدع المحدثة التي أنكرها العلماء والأئمة، فليس هناك أحد من الأئمة الأربعة رحمهم الله (أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد) يجيز مثل هذا الرقص، ولا يجيز لأحد أن يحضر تلك الحلقات، بل أصله مأخوذ من اليهودية.
فقد سئل الإمام أبو بكر الطرطوشي رحمه الله:
ما يقول سيدنا الفقيه في مذهب الصوفية؟ واعلم – حرس الله مدته – أنه اجتمع جماعة من رجال، فيكثرون من ذِكر الله تعالى، وذِكر محمد صلى الله عليه وسلم، ثم إنهم يوقعون بالقضيب على شيء من الأديم – الجِلد -، ويقوم بعضهم يرقص ويتواجد حتى يقع مغشيّاً عليه، ويحضرون شيئا يأكلونه، هل الحضور معهم جائز أم لا؟ أفتونا مأجورين.
فأجاب:
“يرحمك الله، مذهب الصوفية بطالة، وجهالة، وضلالة، وما الإسلام إلا كتاب الله وسنَّة رسول، وأما الرقص والتواجد: فأول من أحدثه أصحاب ” السامري “، لمَّا اتخذ لهم عجلاً جسداً له خوار، قاموا يرقصون حواليه، ويتواجدون؛ فهو دين الكفار، وعُبَّاد العجل؛ وأما القضيب: فأول من اتخذه الزنادقة؛ ليشغلوا به المسلمين عن كتاب الله تعالى؛ وإنما كان يجلس النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه كأنما على رؤوسهم الطير من الوقار، فينبغي للسلطان، ونوابه: أن يمنعهم عن الحضور في المساجد، وغيرها؛ ولا يحل لأحدٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم، ولا يعينهم على باطلهم؛ هذا مذهب مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وغيرهم من أئمة المسلمين، وبالله التوفيق” انتهى.
نقله عنه الإمام القرطبي في ” تفسيره ” (11/ 237، 238).
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
“لم يُعرف عنه صلى الله عليه وسلم أنه خصص أياماً، وليالي من الأسبوع، يجتمع فيها هو وأصحابه على ذِكر الله تعالى جماعةً باسمٍ مفردٍ من أسمائه الحسنى، قياماً، أو قعوداً، في حلقات، أو صفوفاً، يترنحون فيها ترنح السكارى، ويتمايلون فيها تمايل الراقصين طرباً لتوقيع الأناشيد، ونغمات المغنين، ودفات الطبول، والدفوف، وأصوات المزامير، وبهذا يُعلم أن ما يفعله الصوفية اليوم: بدعة محدثة، وضلالة ممقوتة” انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
” فتاوى اللجنة الدائمة ” (2/ 281)
تنبيه 2: حديث فصل ما بين الحلال والحرام الدف. ذكره ابن عدي في ترجمة يحيى بن أبي سليم أبي بلج الفزازي وقال سمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: يحيى بن أبي سليم ابوبلج الفزاري سمع محمد بن حاطب وعمرو بن ميمون. فيه نظر. انتهى
ونقل الألباني أن أحمد قيل له في الدفوف فرأى أن لا يعرض له فقال: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في العرس. قال الألباني لعله يقصد حديث فصل ما بين الحلال والحرام الدف. انتهى
لكن يحتمل أيضا أنه يقصد غيره. أما بلفظ فصل ما بين الحرام والحلال … فلم يصح.