69 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة –
–‘—‘——‘—–‘
أخرج أحمد 3254 ثنا عبدالرزاق ثتا معمر عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس وقال: لا أعلمه إلا رفع الحديث (من تركهن خشية أو مخافة تأثير فليس منا). قال: وقال ابن عباس: إن الجان مسيخ الجن، كما مسخت القردة من بني إسرائيل
قلت سيف: الشطر الأول على شرط الذيل على الصحيح المسند وفي الآداب الشرعية لابن مفلح وعزاه لأحمد (مخافة ثائر) وكذلك في شرح السنة للبغوي.
-_-_-_-_-
[الوعيد فيمن ترك قتل الحية بسبب الضرر منها]
قال الطيبي في شرح المشكاة: أي من ترك التعرض لها مخافة أن يلحقه منها أو من صاحبها ضرر فليس منا، أي من المقتدين بنا والتابعين لهدينا، فإن من زعمات الجاهلية أن الحية إذا قتلت طلب ثأرها من القاتل فاقتص منه.
قوله: (ومن تركهن خيفة فليس منا). وهذا يدل على أن الإنسان يحرص على قتل الحيات إذا وجدهن، وأنه كان مأذوناً بقتلهن من أول وهلة، وأن لا يتهاون في ذلك؛ لأن في ذلك قضاء على الشر وعملاً على التخلص من الشر، حتى لا تتمكن من إيذاء أحد؛ لأن بقتلها تحصل السلامة منها.
ذكر صاحب العون بأن المراد العداوة التي بينها وبين آدم عليه السلام على ما يقال: إن إبليس قصد دخول الجنة. ولا نعلم ورود شيء من ذلك، وهذه أمور غيبية لا يقال بها إلا إذا ثبتت، ولا نعلم شيئاً يدل على ثبوتها. شرح سنن أبي داود للعباد
قال المناوي في فيض القدير (2/ 58): (فليس منا) أي من جملة ديننا أو العاملين بأمرنا يعني ليس من أهل طريقنا من يهاب الإقدام عليهن ويتوقى قتلهن خوفا من أن يطلب بثأرهن أو يؤذى من قتلهن كما كان أهل الجاهلية يدينون به. ذكره الزمخشري والمراد الخوف المتوهم. أما لو غلب على ظنه حصول ضرر منهن فلا ملام عليه بل يلزمه ترك قتلهن.
[الإباحة للمرء قتل الحيات والعقارب في صلاته]
عن أبي هريرة قال:
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب
[تعليق الشيخ الألباني] صحيح – ((صحيح أبي داود))
[ما حكم قتل الحيات مطلقا؟]
قال النووي على شرح مسلم (14/ 230): في جميع الأرض والبيوت والدور فيندب قتلها من غير إنذار لعموم الأحاديث الصحيحة في الأمر بقتلها ففي هذه الأحاديث اقتلوا الحيات وفي الحديث الآخر خمس يقتلن في الحل والحرم منها الحية ولم يذكر إنذارا وفي حديث الحية الخارجة بمنى أنه صلى الله عليه وسلم أمر بقتلها ولم يذكر أنذروها قالوا: فأخذ بهذه الأحاديث في استحباب قتل الحيات مطلقا وخصت المدينة بالإنذار للحديث الوارد فيها وسببه صرح به في الحديث أنه أسلم طائفة من الجن بها وذهبت طائفة من العلماء إلى عموم النهي في حيات البيوت بكل بلد حتى تنذر وأما ما ليس في البيوت فيقتل من غير إنذار قال مالك: يقتل ما وجد منها في المساجد قال القاضي: وقال بعض العلماء: الأمر بقتل الحيات مطلقا مخصوص بالنهي عن جنان البيوت إلا الأبتر وذا الطفيتين فإنه يقتل على كل حال سواء كانا في البيوت أم غيرها وإلا ما ظهر منها بعد الإنذار قال ويخص من النهي عن قتل جنان البيوت الأبتر وذوالطفيتين والله أعلم.
قال ابن وهب عوامر البيوت تتمثل بمثل حية دقيقة في المدينة بالبيوت وغيرها ففيها جاء النهي عن قتلها حتى تنذر وأما التي في الصحاري فلا تنذر وتقتل على كل حال. الإستذكار (8/ 522).
قال ابن عبدالبر في التمهيد (16/ 28): وقد أجمع العلماء على جواز قتل حيات الصحاري صغارا كن أو كبارا أي نوع كان الحيات وأما قتلهن في الحرم فقد مضى فيما سلف من كتابنا هذا وبالله توفيقنا.
سئل الألباني رحمه الله:
السائل: شيخنا ما هو الوارد في قتل الحيات عموما أو عدم قتلها؟
الشيخ: هو فقط التفريق بين حية يحتمل أن تكون من سكان البيوت أي من الجان، ومن أن تكون من المؤذيات، ففي الحال تنذر ثلاث مرات إذا رؤيت في الدار وتذكر بعهد سليمان عليه السلام فإن استمرت على الخروج فهذا الاستمرار دليل أنها ليست من الجان فتقتل وإلا قتلها قبل إنذارها ثلاثا قد يعرض القاتل للموت وهذا ماوقع في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ومن أجل ذلك جاء هذا التشريع الحكيم تقول الرّواية الصحيحة أن شابا من الأنصار تزوج بفتاة ثم خرج من داره لقضاء بعض مصالحه فلما رجع وإذا العروس على باب الدار فأخذته غيرة المؤمن الشاب وسحب السهم يريد أن يطعنها فيه قالت له رويدك انظر ما في الدار فدخل فإذا هناك حية ضخمة مكورة على نفسها فما كان منه إلا أن طعنها فاضطربت و ماتت ومات الشاب معها حتى قالوا لا ندري أيهما كان أسرع موتا من الآخر و هنا قال الرسول عليه السلام (إن بالمدينة قوما من الجن مسلمين فإذا رأيتم شيئا من الجان فأنذروهم ثلاثا) أو كما قال عليه الصلاة والسلام من أجل درأ مثل هذه الفجأة التي فجئ بها ذلك الشاب. سلسلة الهدى و النور
[صيغة التحريج على الحيات]
قال النووي على شرح مسلم (14/ 230):
وأما [صفة الإنذار] فقال القاضي روى بن حبيب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقول أنشدكن بالعهد الذي أخذ عليكم سليمان بن داود أن لاتؤذنا ولاتظهرن لنا وقال مالك يكفى أن يقول أخرج عليك بالله واليوم الآخر أن لاتبدو لنا ولا تؤذينا ولعل مالكا أخذ لفظ التحريج مما وقع فى صحيح مسلم فحرجوا عليها ثلاثا والله أعلم.
سئل العلامة العباد:
السؤال: ذكر عن الإمام مالك أن التحريج يكون بأن يقول: أحرج عليك بالله واليوم الآخر، فهل هذه الصيغة أفضل صيغ التحريج؟ الجواب: لا نستطيع أن نقول بأن هذه هي أفضل صيغة ما دام أنه لم يرد فيها نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يحصل التحريج بأي صيغة يحصل بها المقصود. شرح سنن أبي داود للعلامة العباد
[الجن ثلاثة أصناف]
«الجن ثلاثة أصناف فصنف لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء وصنف حيات وكلاب وصنف يحلون ويظعنون». انظر صحيح الجامع
قال الصنعاني في التنوير (5/ 306): (ثلاثة أصناف) أي أنواع في خلقتهن ليسوا كبني آدم نوع واحد وخلقة واحدة. (فصنف لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء) لم يعين كيفية خلقتهم هل على صفة الطير أو لا. (وصنف حيات وكلاب) قال الحكيم: هذا الصنف هم الذين ورد النهي عن قتلهم في خبر: “نهى عن قتل دواب البيوت” وخبر: “نهى عن قتل الحيات” فإن تلك في صور الحيات وهم من الجن وهم سكان البيوت. وقوله: (وصنف يحلون) أي كما يحل بنوا آدم يسكنون الأراضي ويضربون الأفنية.
(ويظعنون) أي يرحلون من أرض إلى أرض.
[وجود الجن]
قال ابن تيمية في المجموع (19/ 9): وهذا أصل متفق عليه بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين وسائر طوائف المسلمين: أهل السنة والجماعة وغيرهم – رضي الله عنهم أجمعين – لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن ولا في أن الله أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم إليهم وجمهور طوائف الكفار على إثبات الجن أما أهل الكتاب من اليهود والنصارى فهم مقرون بهم كإقرار المسلمين وإن وجد فيهم من ينكر ذلك وكما يوجد في المسلمين من ينكر ذلك كما يوجد في طوائف المسلمين الغالطون والمعتزلة من ينكر ذلك وإن كان جمهور الطائفة وأئمتها مقرين بذلك. وهذا لأن وجود الجن تواترت به أخبار الأنبياء تواترا معلوما بالاضطرار ومعلوم بالاضطرار أنهم أحياء عقلاء فاعلون بالإرادة بل مأمورون منهيون ليسوا صفات وأعراضا قائمة بالإنسان أو غيره كما يزعمه بعض الملاحدة.
[دخول الجني في بدن الانسان ثابت]
قال ابن تيمية في المجموع (24/ 276):
وجود الجن ثابت بكتاب الله وسنة رسوله واتفاق سلف الأمة وأئمتها. وكذلك دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة قال الله تعالى: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم {إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم}. وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل قلت لأبي: إن أقواما يقولون: إن الجني لا يدخل في بدن المصروع فقال: يا بني يكذبون هذا يتكلم على لسانه. وهذا الذي قاله أمر مشهور فإنه يصرع الرجل فيتكلم بلسان لا يعرف معناه ويضرب على بدنه ضربا عظيما لو ضرب به جمل لأثر به أثرا عظيما. والمصروع مع هذا لا يحس بالضرب ولا بالكلام الذي يقوله وقد يجر المصروع وغير المصروع ويجر البساط الذي يجلس عليه ويحول آلات وينقل من مكان إلى مكان ويجري غير ذلك من الأمور من شاهدها أفادته علما ضروريا بأن الناطق على لسان الإنسي والمحرك لهذه الأجسام جنس آخر غير الإنسان. وليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجني في بدن المصروع وغيره ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع يكذب ذلك فقد كذب على الشرع وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك.
[الجن يتمثل بإشكال مختلفة و منه صورة القط الأسود]
{الكلب الأسود شيطان} فعلل بأنه شيطان. وهو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الكلب الأسود شيطان الكلاب والجن تتصور بصورته كثيرا وكذلك صورة القط الأسود؛ لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره وفيه قوة الحرارة.
[مجموع فتاوى ابن تيمية، ج (19) / (52)]
[هل الجن مكلفون]
في تفسير سورة ” الرحمن ” -:
هذه السورة و ” الأحقاف ” و ” قل أوحي ” دليل على أن الجن مخاطَبون مكلَّفون مأمورون منهيون مثابون معاقبون كالإنس سواء، مؤمنهم كمؤمنهم، وكافرهم ككافرهم، لا فرق بيننا وبينهم في شيء من ذلك.
” تفسير القرطبي ” (17/ 169).
قال ابن القيم – رحمه الله -:
وبالجملة: فهذا أمر معلوم باضطرار من دين الإسلام، وهو يستلزم تكليف الجن بشرائع، ووجوب اتباعهم لهم، فأما شريعتنا: فأجمع المسلمون على أن محمَّداً صلى الله عليه وسلم بُعث إلى الجن والإنس، وأنه يجب على الجن طاعته كما يجب على الإنس.
” طريق الهجرتين ” (ص 616، 617).
أجاب العلامة العثيمين رحمه الله:
الشيخ: الجواب على ذلك أن الجن مكلفون بلا شك مكلفون بطاعة الله سبحانه وتعالى وأن منهم المسلم والكافر ومنهم الصالح ومنهم دون ذلك كما ذكر الله تعالى في سورة الجن عنهم حيث قالوا (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً) وقالوا (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) وقد صرف الله نفراً من الجن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستمعوا القرآن وآمنوا به وذهبوا دعاة إلى قومهم كما قال الله تعالى (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ في ضلال مبين) وهذا يدل على أن الجن كانوا يؤمنون بالرسل السابقين وأنهم يعلمون كتبهم لقولهم إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكرم الوفد وفد الجن الذين وفدوا إليه بأن قال لهم لكم كل عظم يذكر اسم الله عليه تجدونه أوفر ما يكون لحماً وكل بعرة فهي علف لدوابكم ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاستجمار بالعظام وعن الاستجمار بالروث وقال إن العظام زاد إخوانكم من الجن. [مجموع الفتاوى، 24/ 21].
قلت سيف: وراجع تعليقنا على صحيح مسلم باب قتل الحيات.