69 – فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وعبدالله المشجري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
69 – قال الإمام البزار رحمه الله كما في “كشف الأستار” (ج 1 ص 281): حَدَّثنا يحيى بن مُحَمد بن السكن، ثنا يحيى بن كثير، ثنا شُعبة، عَن عُبَيد الله بن أبي بكر، عَن أَنَس: أَن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «يقطع الصلاة الكلب والحمار والمرأة».
هذا حديث صحيحٌ رجاله رجال الصحيح
————————–
أولاً: دراسة الحديث رواية:
* أخرج البخاري 514 ومسلم 512 من حديث عائشة ذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلاَةَ الكَلْبُ وَالحِمَارُ وَالمَرْأَةُ، فَقَالَتْ: شَبَّهْتُمُونَا بِالحُمُرِ وَالكِلاَبِ، وَاللَّهِ «لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَإِنِّي عَلَى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ مُضْطَجِعَةً، فَتَبْدُو لِي الحَاجَةُ، فَأَكْرَهُ أَنْ أَجْلِسَ، فَأُوذِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْسَلُّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ».
* رواه ابن ماجه 949 من حديث ابن عباس وفيه تقييد المرأة بالحائض، وصححه الشيخ الألباني، ورجح محققو سنن ابن ماجه (2/100): أنه موقوف وقالوا: ” وقرن النسائي بشعبة هشامًا إلا أن هشامًا وقفه. وقال أبو داود: وقفه سعيد وهشام وهمام عن قتادة، عن جابر بن زيد، على ابن عباس. وليس عندهما وصف الكلب بالأسود”.
وكذلك جاء عن أبي هريرة وعبدالله بن مغفل وأبي ذر وفي حديث أبي ذر فيه تقييد الكلب بالأسود قَالَ: قُلْتُ: مَا بَالُ الْأَسْوَدُ مِنَ الْأَحْمَرِ؟ فَقَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَأَلْتَنِي، فَقَالَ: «الْكَلْبُ الْأَسْوَد شَيْطَانٌ»، وكل هذه الأحاديث صححها الشيخ الألباني
* قال الدارقطني في العلل 2510: ” وسئل عن حديث عبد الله بن أبي بكر ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يقطع الصلاة الكلب ، والمرأة ، والحمار.
فقال : يرويه شعبة ، واختلف عنه في رفعه : فرفعه أبو زيد الهروي : سعيد بن الربيع ، عن شعبة.
ووقفه غندر ، وأبو الوليد ، ومحمد بن كثير.
والموقوف أصح”.
* وقال في الدراية 14: وقال المقدسي: تفرد برفعه عن شعبة أبوزيد ووقفه غندر وأبوالوليد ومحمد بن كثير والموقوف أصح.”المختارة” (6/ 250).
وقال ابن رجب: ……. أصح (2/ 705)
والموقوف أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 314) حدثنا أبوداود وغندر عن شعبة عن عبيدالله بن أبي بكر قال سمعت أنسا يقول: يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب.
ثانياً: دراسة الحديث درايةً:
1- تبويبات الأئمة على الحديث:
* بوب البخاري في صحيحه باب مَنْ قَالَ: لاَ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ شَيْءٌ
وأورد تحته:
- حديث عائشة المتقدم.
- عَنْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: «لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ فَيُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ، وَإِنِّي لَمُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ عَلَى فِرَاشِ أَهْلِهِ».
البخاري 383 وفي رواية 384 ( على الفراش الذي ينامان عليه )
2- شرح الحديث:
* قال الشيخ محمد علي آدم الأثيوبي في البحر المحيط الثجاج (11/420): ” في اختلاف أهل العلم في حكم مرور هذه الأشياء بين يدي المصليّ:
ذهب جماعة من الصحابة والتابعين إلى بطلان الصلاة بمرور المرأة، والحمار، والكلب الأسود.
وممن قال بهذا: أبو هريرة، وأنس، وابن عبّاس، في رواية عنه، وحُكي أيضًا عن أبي ذرّ، وابن عمر -رضي اللَّه عنهم-، وجاء عن ابن عمر أنه قال به في الكلب، وقال به الحكم بن عمرو الغفاريّ في الحمار.
وممن قال من التابعين بقطع الثلاثة المذكورة: الحسن البصريّ، وأبو الأحوص، صاحب ابن مسعود، ومن الأئمة: أحمد بن حنبل فيما حكاه عنه ابن حزم، وحَكَى الترمذيّ عنه أنه يُخصّص بالكلب الأسود، ويتوقّف في الحمار والمرأة، قال ابن دقيق العيد: وهو أجود مما دلّ عليه كلام الأثرم من جزم القول عن أحمد بأنه لا يقطع المرأة والحمار.
وذهب أهل الظاهر أيضًا إلى قطع الصلاة بالثلاثة المذكورة إذا كان الكلب والحمار بين يديه، سواء كان الكلب والحمار مارًّا، أم غير مارّ، وصغيرًا، أم كبيرًا، حيًّا، أم ميتًا، وكون المرأة بين يدي الرجل مارّةً، أم غير مارّة، صغيرة، أم كبيرة، إلا أن تكون مضطجعةً معترضةً.
وذهب إلى أنه يقطع الصلاة الكلب الأسود، والمرأة الحائض ابنُ عبّاس، وعطاء بن أبي رَبَاح، واستدلّا بحديث أبي داود، وابن ماجه المتقدّم.
وذهب مالك، والشافعيّ، وحكاه النووي عن جمهور العلماء من السلف والخلف إلى أنه لا يبطل الصلاة مرور شيء.
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختَلَف العلماء في هذا، فقال بعضهم: يقطع هؤلاء الصلاة.
وقال أحمد بن حنبل -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يقطعها الكلب الأسود، وفي قلبي من الحمار والمرأة شيء، ووجه قوله أن الكلب لم يجيء في الترخيص فيه شيءٌ، يعارض هذا الحديث، وأما المرأة ففيها حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- المذكور بعد هذا، وفي الحمار حديث ابن عباس السابق.
وقال مالك، وأبو حنيفة، والشافعيّ، وجمهور العلماء، من السلف والخلف: لا تبطل الصلاة بمرور شيء من هؤلاء، ولا من غيرهم.
وتأول هؤلاء هذا الحديث على أن المراد بالقطع نقص الصلاة؛ لشغل القلب بهذه الأشياء، وليس المراد إبطالها، ومنهم مَن يَدَّعِي نسخه بالحديث الآخر: “لا يقطع صلاة المرء شيءٌ، وادرءوا ما استطعتم”، وهذا غير مرضيّ؛ لأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا تعذر الجمع بين الأحاديث وتأويلها، وعَلِمْنا التاريخ، وليس هنا تاريخ، ولا يتعذر الجمع والتأويل، بل يتأول على ما ذكرناه، مع أن حديث: “لا يقطع صلاة المرء شيء”، ضعيف. انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- قال الجامع عفا اللَّه عنه: أرجح المذاهب وأقواها هو مذهب من قال: إنه يقطع الصلاة ويُبطلها مرور الكلب الأسود، والمرأة الحائض، والحمار؛ لظهور حجته، مع ضعف معارضها، وقد استوفيت -بحمد اللَّه تعالى- هذا البحث في “شرح النسائيّ”، فارجع إليه تزدد علمًا جمًا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل. ”
* ذكر بعض الباحثين مسألة قطع الصلاة أحاديثها، وكلام أهل العلم فيها:
” الأحاديث :
1- عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر رضي الله عنه ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: يَقْطَعُ صَلاَةَ الرَّجُلِ؛ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ قِيدُ آخِرَةِ الرَّحْلِ : الحِمَارُ، وَالكَلْبُ الأسْوَدُ، وَالمرْأةُ.
فَقُلْتُ: ماَ بَالُ الأسْوَدِ، مِنَ الأحْمَرِ، مِنَ الأصْفَرِ، مِنَ الأبْيَضِ؟ قَالَ: يَا ابْنَ أخِي! سَألْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا سَألْتَني، فَقَال: الكَلْبُ الأسْوَدُ شَيْطَانٌ. رواه مسلم [4/228].
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: يَقْطَعُ الصَّلاةَ: المرْأةُ (2) ،وَالحِمَارُ والكَلْبُ، وَيَقِي ذلِكَ مِثْلُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ.
3- قالت عائشةُ رضي الله عنه-وذُكِرَ عندها ما يقطع الصلاة-: شبَّهْتُمُونَا بِالحُمُرِ وَالكِلاَبِ؟! وَاللهِ! لَقَدْ رَأيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، وَإِنِّي عَلى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ مُضْطَّجِعَةٌ، فَتَبْدُو لي الحَاجَةُ، فَأكْرَهُ أنْ أجْلِسُ فَأوذِيَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأنْسَلُّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ. رواه البخاري [1/773]، ومسلم [4/229].
4- عن الفضل بن العباس رضي الله عنه، قال: أتَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ في بَادِيةٍ لَنَا، وَمَعَهُ العَبَّاسُ، فَصَلَّى في صَحْرَاءَ ، لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ ، وَحِمَارَةٌ لَنَا وَكَلْبَةٌ تَعْبَثَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَمَا بَالى ذلِكَ. رواه أبو داود [1/191] ، والنسائي [2/65] نحوه.
5- حديث أبي جحيفة: وفيه… ثُمَّ رُكِزَتْ لَهُ صلى الله عليه وسلم عَنَـزَةٌ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الحِمَارُ وَالكَلْبُ لا يَمْنَعُ. رواه مسلم [4/220].
وفي رواية: (يَمُرُّ مِنْ وَرَائِهَا المرْأةُ وَالحِمَارُ) البخاري [1/757 ] ، ومسلم [4/221].
وفي رواية: (النَّاسُ وَالدَّوَابُّ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْ العَنَـزَةِ) البخاري [1/639]، ومسلم [4/220].
6- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: لاَ يَقْطَعُ الصَّلاةَ شَيْءٌ، وَادْرَؤُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ؛ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ. رواه أبو داود [1/191].
7- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، قال: أقْبَلْتُ رَاكِباً عَلى أتَانٍ – وَأنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاحْتِلامَ – فَأرْسَلْتُ الأتَانَ تَرْتَعُ، وَدَخَلْتُ في الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذلِكَ عَلَيَّ أحَدٌ. رواه البخاري [1/751]، ومسلم [4/221].
فوائد الأحاديث:
1- معنى (قطع الصلاة) هو: أنَّها بطلت، وعلى المصلي الإعادة والاستئناف من جديد، لما يلي:
أ- عن أبي ذر رضي الله عنه: عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: تُعادُ الصَّلاَةُ مِنْ مَمَرِّ الحِمَارِ، وَالمرْأةِ، وَالكَلْبِ الأسْوَدِ. رواه ابن خزيمة في صحيحه [2/21].
ب- وأعاد ابن عمر رضي الله عنه ركعة الصلاة مِن جروٍ مرَّ بين يديه في الصلاة. رواه ابن أبي شيبة في مصنفه [1/282]، وصححه ابن حزم في (المحلى [2/323]).
2- تُقطع الصلاةُ مِن مرور هذه الثلاثة بين المصلى وقبلته لا مِن وجودها في قبلته، ولا مِن لمسها لما يلي:
أ- قوله صلى الله عليه وسلم: ” تُعَادُ الصَّلاةُ مِنْ مَمَرِّ ” وقد مرَّ قريباً.
ب- حديث طلحة: ” ثُمَّ لاَ يَضُرُّهُ مَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ “. رواه مسلم [4/217].
جـ- حديث ابن عمر، وفيه: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُوَجِّهٌ إِلى خَيْبَر. رواه مسلم [5/209].
د- صلاة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى عائشة كما في الحديث الثالث.
3- بطلان الصلاة بمرور المرأة البالغة، والحمار، والكلب الأسود، لصراحة الأحاديث بذلك، كما في حديث أبي ذر، وأبي هريرة، وهو قول: أنس، والحسن، وابن عباس، وابن خزيمة، وابن حزم، ورواية عن أحمد اختارها شيخُ الإسلام، وابن القيم، والشوكاني، وعليه مشايخنا في هذا العصر: الألباني، وابن باز، وابن عثيمين رحمهم الله.
وقال بعضُ العلماء: لا يقطع الصلاةَ شيءٌ ، وهو قول علي، وعثمان، وابن عمر، وابن المسيب، ومالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي (4) .
وقال آخرون: لا يقطع الصلاة إلا الكلب الأسود، وهو قول عائشة، وأحمد- في رواية-، وإسحاق بن راهويه، ومروي عن أنس، وابن عباس، وأبي هريرة، وابن عمر، وهو قول مجاهد، ومكحول، وعكرمة (5) .
وقد استدل القائلون بعدم القطع بأدلةٍ، سأوردها إنْ شاء الله، وأذكر ردَّ العلماء عليها أو على الاستدلال بها. والله الموفق.
أدلة القائلين بعدم قطع الصلاة:
أولاً: الحديث السادس، وهو “لاَ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ شَيْءٌ”.
قلت: وهو مرويٌّ من حديث أبي سعيد، وأنس، وأبي هريرة، وابن عمر، وجابر، لكنَّه ضعيفٌ لا يحتج به، ولا يفرح بكثرةِ طرقه.
وقد ضعفه: ابن حزم (المحلى [2/326])، و ابن الجوزي (التحقيق [1/427])، و النَّووي (شرح مسلم [4/227])، و ابن قدامة (المغني [2/82])، و ابن تيمية (مجموع الفتاوى [21/16])، والحافظ ابن حجر (فتح الباري [1/774])، والشوكاني (نيل الأوطار [3/16])، والألباني (تمام المنَّة [ص307]).
ثانياً: الحديث الرابع، وهو حديث الفضل بن عباس.
والردُّ عليه مِن وجوهٍ:
أ- الحديثُ ضعيفٌ، لانقطاعه بين العباس بن عبيد الله بن عباس وبين الفضل، قاله ابن حزم (المحلى [2/326])، وأقرَّه الحافظ (تهذيب التهذيب [5/123]) وقال ابن قدامة: في إسناده مقال (المغني [2/82]).
ب- والعباس نفسه ضعيفٌ لجهالته، ولا متابع له ، قال ابن القطان: لا يعرف حاله (التهذيب [5/123]).
جـ- لفظة “لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ” لم تأتِ إلاَّ في رواية عن يحيى بن أيوب عن محمد ابن عمر.وباقي الروايات عنه، والروايات عن ابن جريج عن محمد بن عمر بدونها. ويحيى صدوقٌ ربما أخطأ، فتفرده بها لا يُقبل.
د- يحتمل -على فرض صحة الحديث- أنَّ الحمارة والكلبة كانتا تعبثان بعد ثلاثة أذرع من محلِّ قيام النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو المقدار الواجب في السترة ،كما في البخاري [1/762].
أو ممر شاةٍ من موضع السجود، كما في البخاري [1/755] ، و مسلم [4/225].
وعليه: فلا يضرُّ ما مرَّ بعد ذلك.
هـ- لم يذكر الفضل بن العباس أنَّ الكلبة كانت سوداء، إذ القطع ليس إلا منها.
و- لعل هذا المرور – لو سلَّمنا جدلاً بصحة الحديث- كان قبل قوله صلى الله عليه وسلم (يَقْطَعُ الصَّلاَةَ…) إذ الحكم للناقل عن البراءة الأصلية لا للموافق لها (6) .
ثالثاً: الحديث الخامس، وهو حديث أبي جحيفة وفيه(… يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الحِمَارُ وَالكَلْبُ لاَ يَمْنَعُ).
وقد ردَّ على ذلك الإمام النووي فقال: معناه: يمر الحمار والكلب وراء السترة وقُدَّامها إلى القبلة كما قال في الحديث الآخر (وَرَأيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْ العَنَـزَةِ (7) …)، وفي الحديث الآخر: (فَيَمُرُّ مِنْ وَرَائِهَا المرْأةُ وَالحِمَارُ) (8) وفي الحديث السابق (وَلاَ يَضُرُّهُ مَنْ مَرَّ وَرَاءَ ذلِكَ). ا.هـ (شرح مسلم [4/220]).
رابعاً: حديث ابن عباس – وهو الحديث السابع-.
أ- وقد ردَّ على الاستدلال به: الحافظُ أبو زرعة العراقي فقال: حديث ابن عباس ليس صريحاً في مخالفة حديث (أبي ذر) و (أبي هريرة) لأنَّ ابن عباس قال: (فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ) ولا يلزم منه أنَّه مرَّ بين يدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا الأتان التي كان عليها. والإمام سترة للمأمومين وإنْ لم يكن بين يديه سترةٌ على أنَّ البخاري قد بوَّب عليه [باب: سترةُ الإمام سترةُ من خلفه] فيقتضي أنَّه كان بين يديه سترةٌ، ولا يلزم مِن قوله فيه (إِلى غَيْرِ جِدَارٍ) أنْ لا يكونَ ثَمَّ سترةٌ -وإن كان الشافعي قد فَسَّرَ قولَه (إِلى غَيْرِ جِدَارٍ) أنَّ المراد “إلى غير سترة” كما تقدم-. ا.هـ (طرح التثريب [2/391]).
وكذا قال ابن التركماني (الجوهر النقي [2/273]) والشوكاني (نيل الأوطار [3/13]).
ب- أنه قد ثبت أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى (عنـزة) -وهي عصا في رأسها حديدة -يغرزها في الأرض ويصلي إليها في سفره، وهذا مثبتٌ وابن عباس رضي الله عنه نَفى، والمثبَت مقدَّمٌ على النفي خاصـة في مثل هذه الحـال، إذ قد توضع ولا يراها ابن عباس، ثُم هو لم يَنْفِها إنما نفى الجدار.
– عن ابن عمر رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ العِيدِ أمَرَ بِالحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ وَكَانَ يَفْعَلُ ذلِكَ في السَّفَرِ، فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا الأمَرَاءُ. رواه البخاري [1/753].
خامساً: حديث عائشة – وهو الحديث الثالث- وفيه… (وَإِنِّي عَلَى السَّرِيرِ بَيْنَهُ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ القِبْلَةِ).
وقد ردَّ عليه ابن خزيمة فقال: [باب: ذكر الدليل على أنَّ هذا الخبر -أي: حديث أبي ذر- في ذِكرِ المرأة ليس مضاد خبر عائشة، إذ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إنما أراد أنَّ مرور الكلب والمرأة والحمار يقطع صلاة المصلي لا ثوى الكلب ولا ربضه ولا ربض الحمار، ولا اضطجاع المرأة يقطع صلاة المصلي وعائشة إنما أخبرت أنها كانت تضطجع بين يدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو يصلي لا أنها مرَّت بين يديه] ا.هـ (صحيح ابن خزيمة [2/21]).
وقال ابن القيم:
فإنْ لم يكن سترةٌ فإنَّه صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب الأسود، وثبت ذلك عنه مِن رواية أبي ذر وأبي هريرة وابن عباس وعبد الله بن المغفل ومعارض هذه الأحاديث قسمان: صحيحٌ غيرُ صريحٍ، وصريحٌ غيرُ صحيحٍ فلا يترك لمعارضٍ هذا شأنه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّي وعائشةُ رضي الله عنها نائمةٌ في قبلته، وكان ذلك ليس كالمارِّ، فإنَّ الرجلَ محرَّمٌ عليه المرور بين يدي المصلي ولا يكره له أنْ يكون لابثاً بين يديه، وهكذا المرأة يقطع مرورها الصلاة دون لبثها ، والله أعلم. ا.هـ (زاد المعاد [1/306]).
سادساً: النسخ:
قال بعض القائلين بعدم قطع المرأة والحمار والكلب الصلاة بأنَّ حديث (يقطع الصلاة…) منسوخ بحديث (لا يقطع الصلاة شيءٌ) !! .
قال النووي رحمه الله:
وهذا غير مرضيٍّ ؛ لأنَّ النَّسخ لا يصار إليه إلا إذا تعذر الجمع بين الأحاديث وتأويلها، وَعَلِمْنا التاريخ وليس هنا تاريخٌ ولا تعذَّرَ الجمعُ والتأويل. ا.هـ (12) .
سابعاً: الجمع والتأويل:
قال بعضهم: إنَّه يمكن أنْ يُحمل حديثُ القطع المثبَت على نقص الصلاة لشغل القلب بهذه الثلاثة، والقطع المنفيُّ بقوله: (لا يقطع الصلاة…) هو الحقيقي الذي بمعنى الإبطال.!!
والرد عليه من وجوهٍ:
أ- أنَّه ثبت في المرفوع (تُعَادُ الصَّلاَةُ مِنْ مَمَرِّ…) وهذا لا يمكن تأويله.
ويؤيده أثر ابن عمر انظر “الفائدة الأولى”.
ب- أنَّ كلَّ ما يمر أمام المصلي فهو يشغله في صلاته، فلم خُصت هذه بالذكر؟!
جـ- أنَّ هذا الجمعَ ليس له مستندٌ من أثرٍ ولا نظرٍ، وإذا فرضنا صحةَ الحديث -جدلاً- فإنَّه يقال في الجمع والتأويل ما قاله شيخنا الألباني رحمه الله وهو قوله:
ولو أنَّ تلك الأحاديث صحـت- أي: (لا يقطع الصلاة شيء..)- لأمكن التوفيق بينها وبين هذا الحديث- أي: حديث أبي ذر -الصحيح بصورة لا يبقى معها وجهٌ للتعـارض، أو دعوى النسخ، وذلك بأن يُقَيَّد عموم تلك الأحاديث بمفهوم هذا فنقول لا يقطع الصلاة شي إذا كان بين يديه سترة، وإلا قطعه المذكورات فيه. بل إنَّ هذا الجمع قد جـاء منصوصاً عليه في روايةٍ عن أبي ذر مرفوعاً بلفظ (لاَ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ شَيْءٌ إِذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ كَآخِرَةِ الرَّحْلِ) وقال: (يَقْطَعُ الصَّلاَةَ المرْأةُ…) وأخرجه الطحاوي بسندٍ صحيحٍ وبِهذا اتفقتْ الأحاديثُ ووجبَ القولُ بأنَّ الصلاةَ يقطعها الأشياء المذكورة عند عدم السترة، وهو مذهب إمام السنة أحمد بن حنبل رحمه الله، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. ا.هـ (تمام المنَّة [ص307]).
قال الشوكاني كما في نيل الأوطار :
قوله: (فلم ينكر ذلك علي أحد) قال ابن دقيق العيد: استدل ابن عباس بترك الإنكار على الجواز ولم يستدل بترك إعادتهم الصلاة؛ لأن ترك الإنكار أكثر فائدةً. قال الحافظ: وتوجيهه أن ترك الإعادة يدل على صحتها فقط لا على جواز المرور، وترك الإنكار يدل على جواز المرور وصحة الصلاة معًا
والحديث استدل به على أن مرور الحمار لا يقطع الصلاة وأنه ناسخ لحديث أبي ذر المتقدم ونحوه لكون هذه القصة في حجة الوداع. وقد تعقب بما قدمناه في شرح أحاديث أول الباب.
وحكى الحافظ عن ابن عبد البر أنه قال: حديث ابن عباس هذا يخص حديث أبي سعيد «إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدًا يمر بين يديه» فإن ذلك مخصوص بالإمام والمنفرد فأما المأموم فلا يضره من مر بين يديه لحديث ابن عباس هذا، قال: وهذا كله لا خلاف فيه بين العلماء، وكذا نقل القاضي عياض الاتفاق على أن المأمومين يصلون إلى سترة، لكن اختلفوا هل سترتهم سترة الإمام أو سترتهم الإمام بنفسه انتهى
إذا تقرر الإجماع على أن الإمام أو سترته سترة للمؤتمين وتقرر بالأحاديث المتقدمة أن الحمار ونحوه إنما يقطع مع عدم اتخاذ السترة تبين بذلك عدم صلاحية حديث ابن عباس للاحتجاج به على أن الحمار لا يقطع الصلاة لعدم تناوله لمحل النزاع وهو القطع مع عدم السترة ولو سلم تناوله لكان المتعين الجمع بما تقدم
وأخيراً:
قال ابن خزيمة:
والخبرُ ثابتٌ صحيحٌ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ الكلب الأسود والمرأة الحائض والحمار يقطع الصلاة، وما لم يثبتْ خبرٌ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بضدِّ ذلك لم يَجُز القول والفتيا بخلاف ما ثبت عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.ا.هـ (صحيح ابن خزيمة [2/23]).
4- أنَّ الحديث عامٌّ في صلاة الفرض والنفل.
قال ابن قدامة:
ولا فرق في بطلان الصلاة بين الفرض والتطوع لعموم الحديث في الصلاة، ولأنَّ مبطلات الصلاة يتساوى فيها الفرض والتطوع في غير هذا فكذلك هذه وقد روي عن أحمد كلامٌ يدل على التسهيل في التطوع فالصحيح التسوية. ا.هـ (المغني [2/83]).
5- أنَّ الحديثَ عامٌّ في جميع النساء -المسلمة والكافرة، الشابة والعجوز- لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (المرأة) ولم يخرج منه إلا الصغيرات دون البلوغ فقط.
6- أنَّ الحديثَ يشمل الكلب الأسود بعمومه: الذكر والأنثى، والجرو الصغير.
3- المسائل الأخرى:
* سئل الشيخ ابن باز رحمه الله في موقعه:
” السؤال: أخونا يسأل سؤال آخر ويقول: سمعت من أحد العلماء أن هناك ثلاثة أشياء تبطل الصلاة، وهي: مرور الكلب الأسود أمام المصلي، ومرور المرأة الحائض وأيضاً الحمار، فهل هذا الكلام صحيح مع الدليل إذا كان صحيحاً؟
الجواب: نعم صحيح، رواه مسلم في صحيحه رحمه الله عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: يجزئ أحدكم في الصلاة أن يكون بين يديه مثل مؤخرة الرحل، فإذا مر بينه وبينها المرأة والحمار والكلب الأسود ….. صلاته، وفي اللفظ الآخر: يقطع صلاة المرء المسلم المرأة والحمار والكلب الأسود، خرجه مسلم في الصحيح، وخرجه أيضاً من حديث أبي ذر ، وليس فيه ذكر الأسود، ولكن قاعدة الشرع: أن الحديث المطلق يقيد بالمقيد، فلهذا قال له أبو ذر يا رسول الله! ما بال الأسود من الأحمر والأصفر؟ قال: الكلب الأسود شيطان، بين ﷺ أنه شيطان جنسه، وأن الأسود هو شيطان هو جنس الكلاب، فيقطع الصلاة دون بقية الكلاب، والحمار كذلك مطلقاً، وأما المرأة فجاء في حديث ابن عباس عند أبي داود والنسائي بإسناد جيد تقييدها بالحائض، فيكون رواية ابن عباس مقيدة لرواية أبي ذر وأبي هريرة ، وأنها المرأة البالغة يعني، التي قد بلغت المحيض، مثل ما في الحديث الآخر، يقول ﷺ: لا يقبل الله صلاة المرأة الحائض إلا بخمار. فقال: فالحائض لها شأن وهي التي قد بلغت الحلم، وصارت المحل الشهوة للرجال، والصغيرة لا تقطع الصلاة، وإنما تقطعها المرأة التامة البالغة التي قد بلغت المحيض، هذه الثلاث تقطع الصلاة، وقد أشكل هذا على عائشة رضي الله عنها وقالت: بئس ما شبهتم بنا بالحمير والكلاب؟ لقد كنت أعترض بين يدي النبي ﷺ على السرير وهو يصلي وهذا الذي قالته رضي الله عنها حسب اجتهادها، مع كونها من أفقه النساء، ولكن يخفى عليها أشياء، وهذا مما خفي عليها، فإن كونها على السرير كونها مضطجعة بين يدي النبي ﷺ ليس بمرور، المرور هو الذي يقطع، أما كونها مضطجعة أمام المصلي، أو جالسة أمام المصلي، هذا ليس بمرور ولا يقطع الصلاة، وإنما الذي يقطعه المرور، فـعائشة رضي الله عنها خفي عليها هذا الأمر، وكلام النبي ﷺ مقدم عليها وعلى غيرها، فهو المشرع والمعلم عليه الصلاة والسلام. فالواجب طاعة أمره واتباع شريعته، وإفهام النساء وغير النساء مراده عليه الصلاة والسلام.
المقدم: جزاكم الله خيراً، شيخ عبد العزيز ! لا أدري هل هناك فرق بين المرأة إذا مرت أمام محرمها أو إذا مرت المرأة أمام رجل يصلي وهو من غير محارمها؟
الجواب: لا فرق في ذلك، إذا مرت المرأة بين يدي المصلي، سواء كان المصلي محرماً لها أو أجنبياً أو امرأة أيضاً، حتى ولو كانت امرأة، إذا مر الحمار والكلب والمرأة بين يدي المصلي رجلاً أو امرأة، قريباً أو بعيداً، زوجاً أو غير زوج، كلهم، الحديث عام يعم الجميع.
المقدم: هل بينت الحكمة كما بينت في الكلب شيخ عبد العزيز؟
الجواب: ما أذكر شيء في هذا.
المقدم: لعله يبحث هذا الموضوع سماحة الشيخ ولاسيما أن الكثيرين يثيرون حوله أكثر من سؤال؟
الشيخ: القاعدة التي عليها أهل العلم تلقي ما قاله النبي ﷺ بقلب منشرح وصدر رحب، سواء علمنا الحكمة أو لم نعلم الحكمة، لأننا نقطع ونجزم أن ربنا حكيم عليم، وأنه لا يأمر إلا لحكمة، ولا ينهى إلا عن حكمة، فقد تظهر لمؤمن قد تظهر لطالب العلم وقد تخفى، وقد يخفى بعضها ويظهر بعضها، فمن ظهرت له الحكمة هذا نور على نور فضل من الله، وإن لم تظهر الحكمة فليس له أن يعترض، عليه أن يتبع، وأن يلتزم بأمر الله، ولا يقول في الحكمة، فهذه الصلاة الآن الظهر أربع والعشاء أربع والعصر أربع، والمغرب ثلاث، والفجر ركعتان، فقد يتنازع الناس في الحكمة ما هي الحكمة في هذا؟! وربك هو الحكيم العليم ، وإذا قال أحد: إن الظهر أو العصر أو العشاء وقت مناسب للطول، فقد يقول آخر: الفجر أنشط وأقوى في حق من نام مبكراً فهو أنشط على أن يصلي أربعاً الفجر، وأنشط أن يصلي صاحب المغرب ثلاثاً إذا كان مستريحاً العصر أو مستريحاً الظهر والعصر. فالحاصل: أن هذا لا ينبغي أن يعتبر به، بل علينا التسليم والانقياد، وطاعة الله ورسوله في ذلك. وهكذا في الصيام، قد يقول القائل: ما الحكمة في جعل رمضان ثلاثين، صيام رمضان في الشتاء والصيف، في الشتاء برد وفيه مشقة، في القيام فيه مشقة لو جعل القيام ليلة خمسة عشر وفي الشتاء ثلاثين، كل هذه تخرصات ليس للعبد أن يقولها، بل عليه يرضى ويسلم ويقبل شرع الله، وهكذا في الحج، وقد يقع في وقت الشتاء، وقد يقع في وقت الصيف، وفيه مشاق، ومع هذا الله نظمه في وقت معين سبحانه وتعالى، فعلينا أن نتبع ونسلم لأمر الله، ونخضع لحكمه سبحانه، وإذا بين لنا شيئاً من الحكم فهذا فضل منه، فضل منه سبحانه. نعم.
* سئل الشيخ عبدالمحسن العباد في سنن أبي داود: ” السؤال: أشكل علي حديث وهو في الصحيحين من حديث عائشة (أنها ذكر عندها أنه يقطع الصلاة: الكلب والحمار والمرأة فقالت: لقد شبهتمونا بالحمير، لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وإني لبينه وبين القبلة، وأنا مضطجعة على السرير، فتكون لي الحاجة فأكره أن أستقبله فأنسل انسلالاً)، فهل المرأة البالغة لا تقطع الصلاة؟ الجواب: هذا الحديث اختلف فيه العلماء على قولين: جمهور العلماء على أن قطع الصلاة إنما هو إنقاص لها، وليس قطعاً لها. وبعض أهل العلم يقول: يقطعها بمعنى أنه يستأنف الصلاة من جديد. وقولها: شبهتمونا بالحمير لكون الحديث فيه الجمع بين المرأة والحمر، لكن هذا الكلام الذي قالوه أسندوه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي بينت ما كان يجري منها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يقوم يصلي وهي في قبلته، وأنها كانت تنسل”.