(68) (942) تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ المقام في مسجد / الشيخ طحنون آل نهيان/ ومسجد محمد بن رحمة الشامسي
(بإشراف: سيف بن دورة الكعبي)
هذا الحديث يشرحه مجموعة خالد بايوسف وحسين.
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3،والمدارسة، والاستفادة، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
——————
الصحيح المسند 942 عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إليه رهط فبايع تسعة وأمسك عن واحد، فقالوا: يا رسول الله! بايعت تسعة وأمسكت عن هذا! فقال: {إنَّ عليه تميمة} فأدخل يده فقطعها، فبايعه وقال: {من تعلَّق تميمة فقد أشرك} رواه أحمد والحاكم، ورواته ثقات.
· … ما هي التميمة.
التمائم جمع تميمة، وهو ما يُعلق على المريض أو على الأطفال من الودع والخرز والعظام والطلاسم وغيرها لدفع العين أو الجن.
وسميت تميمة لاعتقادهم أنهم يتم أمرهم ويحفظون بها.
وقال بعض العلماء: التميمة تجمع كل ما يعلّق، أو يتخذ مما يراد منه تتميم أمر الخير للعبد، أو دفع الضرر عنه ويعتقد فيه أنه سبب. ولم يجعل الله – جل وعلا – ذلك الشيء سببا لا شرعا، ولا قدرا.
· … حكم تعليق التمائم:
– إن كان يرى أنها تقيه من دون الله فهذا شرك أكبر.
– وإن كان يعتقد أنها سبب فقط، والواقي هو الله عز وجل فهذا شرك أصغر؛ لأن الله لم يجعل هذه الأشياء سببا.
– وقد يكون كفرا إذا كان فيه الإستغاثة بالجن والشياطين أو كتابة الآيات بالنجاسات وما شابه ذلك.
وهذا قد يخفى على الذي علقها على نفسه لأنه لا يعلم ما في التميمة غالبا.
· … لماذا قلنا تعليق التميمة شرك.
للأدلة الشرعية والعلة في ذلك:
– لأنه اعتقد أن ما ليس بسبب سببا فقد شارك الله تعالى في الحكم لهذا الشيء بأنه سبب، والله تعالى لم يجعله سببا.
– وأيضا لما يقوم بقلب صاحبها من الالتفات إليها، والتعلق بها.
· … الأحاديث الواردة في التميمة.
عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قالت: إن عبد الله رأى في عنقي خيطا، فقال: ما هذا؟ قلت: خيط رُقِيَ لي فيه، قالت: فأخذه ثم قطعه ثم قال: أنتم آل عبد الله لأغنياء عن الشرك؛ سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إنَّ الرُّقى والتمائم والتِّوَلَة شرك} رواه أحمد وأبو داود.
عن أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فأرسل رسولاً: {أن لا يبقينَّ في رقبة بعير قلادة من وتر، أو قلادة إلا قُطِعت} متفق عليه.
عن عِمران بن حُصَين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في يده حلقة من صُفر، [نحاس] فقال: {ما هذه؟} قال: من الواهنة!! قال: {انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا؛ فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً} رواه أحمد.
عن عقبة بن عامر مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم:
{من تعلق تميمة فلا أتمَّ الله له، ومن تعلق وَدْعَة فلا ودَع الله له} رواه أحمد، والحاكم وقال: صحيح الإسناد.
عن عيسى بن حمزة قال: دخلت على عبد الله بن عُكيْم أعوده وبه حُمرة، فقلت: ألا تعلق شيئا! فقال: نعوذ بالله من ذلك وفي رواية: الموت أقرب من ذلك؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم:
{من تعلق شيئاً وُكِلَ إليه} رواه الترمذي.
عن عبد الله بن مسعود أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يكره عشر خصال: الصفرة – يعني: الخلوق – وتغيير الشيب وجر الإزار والتختم بالذهب والضرب بالكعاب والتبرج بالزينة لغير محلها والرقى إلا بالمعوذات وتعليق التمائم وعزل الماء عن محله وإفساد الصبي، غير محرِّمه.
رواه النسائي (50880) وأبو داود (4222)
· … خطورة التمائم
يتبين لنا خطر هذه التمائم في عدة أمور:
1_ أن هذا من الشرك بالله وهو من أعظم الذنوب.
2_ أن التمائم لا تزيد المرأ إلا الضعف والقلل والخوف.
3_ أنها تعلق القلب بغير الله عز وجل.
4_ أنها من عاداة أهل الجاهلية واعتقاداتهم.
5_ أنها سبب في ترك العلاج الشرعي الصحيح كالدعاء والرقية الشرعية.
6_ دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على من علق ودعة أو تميمة.
7_ من تعلق تميمة أو ما شابهها وكل إليها وهذا سبب للهلاك.
· … حكم تعليق التمائم من القرآن.
ذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك ويروى ذلك عن عائشة رضي الله عنها وأبي جعفر محمد بن علي وغيرهما من السلف
وذهب ابن مسعود وابن عباس، وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم رضي الله عنهم، وبه قال جماعة من التابعين منهم أصحاب ابن مسعود وأحمد في رواية اختارها كثير من أصحابه، وجزم بها المتأخرون. إلى المنع.
وهو الصحيح لعدة أمور:
الأمر الأول: عموم النهي، ولم يَرِد دليل يخصّص ذلك.
الأمر الثاني: سدّ الوسيلة المُفضية إلى الشرك؛ لأننا إذا أجزنا تعليق القرآن انفتح الباب لتعليق غيره.
الأمر الثالث: أن تعليق القرآن يعرِّضه للامتهان؛ لأنه يعلَّق على الصبيان، والصبيان لا يتجنبون النجاسة أو الدخول في مواضع القاذورات، وكذلك الجُهَّال لا يحترمون القرآن كما ينبغي، ولا يتنبَّهون لذلك، وما كان سبباً لتعريض القرآن للامتهان فهو محرم.
الأمر الرابع: مثل هذه الأمور لا يجوز إثباتها إلا بدليل من الكتاب والسنة، وليس في الكتاب والسنة دليل على أن تعليق القرآن يكون نافعاً لصاحبه، وإنما ينفع من يقرأه؛ وقد قال الله: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبَابِ}
الأمر الخامس: أن هذه المسألة استغلها السحرة والكفرة فمن ذلك أنهم يكتبون في التعاويذ آية أو سورة أو بسملة أو نحو ذلك ثم يضعون تحتها من الطلاسم الشيطانية ما لا يعرفه إلا من اطلع على كتبهم.
الأمر السادس: هي وسيلة إلى عدم إمكانية الإنكار على من على تميمة ولو من غير القرآن فيتكاسل الناكر للمنكر ظنا منه أنه علق تميمة من القرآن وقد يستغل هذه النقطة المعلق للتميمة فكلما أنكر عليه أحد قال هي من القرآن وهي في الحقيقة من الخزعبلات.
· … حكم لبس السوار لعلاج الروماتيزم
قال الإمام عبد العزيز بن باز/ مجموع الفتاوى والمقالات/ الجزء الأول:
الذي أرى في هذه المسألة هو ترك الأسورة المذكورة وعدم استعمالها سداً لذريعة الشرك وحسماً لمادة الفتنة بها والميل إليها وتعلق النفوس بها، ورغبةً في توجيه المسلم بقلبه إلى الله سبحانه، ثقةً به واعتماداً عليه واكتفاء بالأسباب المشروعة المعلوم إباحتها بلا شك، وفيما أباح الله ويسر لعباده غنية عما حرم عليهم وعما اشتبه أمره، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:: {من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه}
وقال صلى الله عليه وسلم: {دع ما يريبك إلى ما يريبك} ولا ريب أن تعليق الأسورة المذكورة يشبه ما تفعله الجاهلية في سابق الزمان، فهو إما من الأمور المحرمة الشركية أو من وسائلها، وأقل ما يقال فيه أنه من المشتبهات، فالأولى بالمسلم والأحوط له أن يترفع بنفسه عن ذلك وأن يكتفي بالعلاج الواضح الإباحة البعيد عن الشبهة.
هذا ما ظهر لي ولجماعة من المشايخ والمدرسين.
وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه.
· … بعض صور التمائم لكي يعرفها طالب العلم فينكرها.
الصور كثيرة جدا لا يمكن ذكرها كلها لكن نذكر بعضها:
– … تعليق بعضهم نعل الفرس على باب الدار أو في صدر المكان.
– … وتعليق بعض السائقين نعلا في مقدمة السيارة أو مؤخرتها
– … أو الخرز الأزرق على مرآة السيارة التي تكون أمام السائق من الداخل
– … وبعضهم يعلق على السيارة خرقة لونها أسود.
– … وضع بعض النساء الخيط على وسطها لدفع العين.
– … هناك بعض التمائم التي تعلق مثل الرصاص والعظم والنحاس
· … أقوال العلماء في التمائم التي بغير القرآن والأذكار والأدعية.
وفي هذه النقطة ينتبه لأمر مهم ألا وهو أن كثير من الفقهاء يطلق التميمة ويريد بها ما كتب فيها القرآن وهذا تجده في الكتب الفقهية فينتبه لهذه النقطة فبعضهم يجيز التمائم لكن عند التأمل يتبين لك أن مقصوده ما كان فيها ذكر الله والأدعية والقرآن.
– … جاء في تبيين الحقائق للزيعلي الحنفي:
بِخِلَافِ التَّمِيمَةِ فإنه عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قال فيها إنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتُّوَلَةَ شِرْكٌ على ما يَجِيءُ بَيَانُهُ , وَتَاوِيلُ الرُّقَى في آخِرِ هذا الْكِتَابِ عِنْدَ ذِكْرِ التَّدَاوِي بِالْحُقْنَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ.
– … قال ابن جزي المالكي في القوانين الفقهية:
وأما الحروز التي تكتب بخواتم وكتابة غير عربية فلا يتجوز لمريض ولا لصحيح لأن ذلك الذي فيها يحتمل أن يكون كفرا أو سحرا اهـ.
– … جاء في البيان والتحصيل للقرطبي المالكي:
وفي جواز تعليق هذه الأحراز والتمائم على أعناق الصبيان والمرضى والحبالى والخيل والبهائم إذا كانت بكتاب الله تعالى وما هو معروف من ذكره وأسمائه للاستشفاء بها من المرض أو في حال الصحة لدفع ما يتوقع من العين والمرض بين أهل العلم اختلاف، فظاهر قول مالك في هذه الرواية إجازة ذلك، وروي عنه أنه قال: لا بأس بذلك للمرضى، وكرهه مخافة العين وما يتقى من المرض للأصحاء.
وأما التمائم بغير ذكر الله تعالى وبالكتاب العبراني وما لا يعرف ما هو فلا يجزه بحال لا لمريض ولا صحيح.
– … قال محمد بن رشد: تعليق الأجراس والقلائد، وهي التمائم بما ليس فيه ذكر الله، في أعناق الإبل مكروه عند عامة العلماء (البيان والتحصيل)
– … قال الإمام ابن عبد البر المالكي رحمه الله:
إذا اعتقد الذي قلدها أنها ترد العين فقد ظن أنها ترد القدر وذلك لا يجوز اعتقاده اهـ (شرح الزرقاني على الموطأ)
– … قال ابن الأثير رحمه الله في النهاية عن التمائم:
هي خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين في زعمهم فأبطلها الإسلام اهـ.
– … قال السندي رحمه الله:
المراد تمائم الجاهلية مثل الخرزات وأظفار السباع وعظامها وأما ما يكون بالقرآن والأسماء الإلهية فهو خارج عن هذا الحكم بل هو جائز اهـ (عون المعبود) فالسندي رحمه الله يرى حرمة التمائم إلا ما كان بالقرآن وأسماء الله وهذا سبق أن بحثناه
– … قال المناوي في الجامع الصغير:
(ان الرقى) أي التي لا يفهم معناها (والتمائم) بمثناة فوقية مفتوحة جمع تميمة وأصلها خرزات تعلقها العرب على رأس الولد لدفع العين ثم توسعوا فيها فسموا بها كل عوذة (والتولة) بكسر المثناة الفوقية وفتح الواو كعنبة ما يحبب المرأة إلى الرجل من السحر (شرك) أي من أنواع الشرك سماها شركاً لأن العرب كانت تعتقد تأثيرها وتقصد بها دفع المقادير أما تميمة فيها ذكر الله معتقداً أنه لا فاعل إلا الله فلا بأس اهـ.
– … وجاء في الكبائر للذهبي رحمه الله:
وعن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً قال: ” الرقي والتمائم والتولة شرك “. التمائم: جمع تميمة وهي خرزات وحروز يعلقها الجهال على أنفسهم وأولادهم ودوابهم يزعمون أنها ترد العين وهذا من فعل الجاهلية ومن اعتقد ذلك فقد أشرك. اهـ.