68 – فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وعبدالله المشجري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
68 – قال أبو داود رحمه الله (ج 2 ص 86): حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي الْمَغْرِبَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَرْمِي فَيَرَى أَحَدُنَا مَوْضِعَ نَبْلِهِ.
قال الشيخ مقبل الوادعي: هذا حديث صحيحٌ رجاله رجال الصحيح، فحماد هو ابن سلمة من رجال مسلم، وداود بن شبيب من رجال البخاري.
[ص: 71] الحديث أخرجه ابن خزيمة (ج 1 ص 174) فقال رحمه الله: ثنا محمد بن عبد الله بن المبارك المُخَرِّمِيُّ، ثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا حماد بن سلمة به.
وأخرجه أبو يعلى (ج 6 ص 62) فقال رحمه الله: حدثنا إبراهيم بن الحجاج، حدثنا حماد بن سلمة به.
وأخرجه الإمام أحمد (ج 3 ص 114) فقال رحمه الله: ثنا يحيى، عن حُمَيْدٍ، عن أنس به.
وقال رحمه الله (ص 189): ثنا محمد بن عبد الله، ثنا حميد، عن أنس به. وقال رحمه الله (ص 205): ثنا ابن أبي عَدِيٍّ، عن حميد به.
————————–
أولاً: دراسة الحديث رواية:
* الحديث في المختارة للمقدسي برقم 1638، وقال: ” وقد رواه حميد عن أنس أخرجه أبو داود عن داود بن شبيب عن حماد بن سلمة بنحوه وقد روي في الصحيح نحو هذا من حديث رافع بن خديج “.
* صححه الشيخ الألباني في سنن أبي داود 416.
* قال محققو سنن أبي داود 416: ” إسناده صحيح: وله شاهد من حديث رافع بن خديج عند البخاري (559)، ومسلم (635) “.
– ولفظه: «كُنَّا نُصَلِّي المَغْرِبَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا وَإِنَّهُ لَيُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ».
* قال الشيخ سيف الكعبي في تخريج سنن أبي داود: ” حديث صحيح إسناده متصل، رجاله ثقات. قال البيهقي غريب بهذا الإسناد. سنن البيهقي الكبرى: (1/ 447) برقم: (2135) وله شاهد من حديث رافع بن خديج عند البخاري (559)، ومسلم (635) “.
ثانياً: دراسة الحديث درايةً:
1 – تبويبات الأئمة على الحديث:
* بوب أبوداود في سننه على هذا الحديث باب في وقت المغرب.
وأورد تحته:
• حديث الباب.
• عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّى الْمَغْرِبَ سَاعَةَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ إِذَا غَابَ حَاجِبُهَا.
- عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو أَيُّوبَ غَازِيًا وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ يَوْمَئِذٍ عَلَى مِصْرَ فَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو أَيُّوبَ فَقَالَ لَهُ مَا هَذِهِ الصَّلاَةُ يَا عُقْبَةُ فَقَالَ شُغِلْنَا. قَالَ أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «لاَ تَزَالُ أُمَّتِى بِخَيْرٍ – أَوْ قَالَ عَلَى الْفِطْرَةِ – مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ إِلَى أَنْ تَشْتَبِكَ النُّجُومُ». [قال الألباني: حسن صحيح]
* ابن الأثير في جامع الأصول وضع هذا الحديث في الفصل الثاني في الصلاة بعنوان: في المواقيت، الفرع الثاني: في تقديم أوقات الصلوات: المغرب، وأورد تحته:
• (خ م ت د) سلمة بن الأكوع – رضي الله عنه – أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتَوَارَتْ بالحجاب». أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.
وفي رواية أبي داود، قال: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي المغربَ ساعةَ تغربُ الشمس، إذا غاب حاجِبُها».
• حديث رافع بن خديج المتقدم الذي في البخاري ومسلم.
• ثم أورد حديث الباب.
• (س) رجل من أسلم من أصحاب النبي «أنهم كانوا يصلُّون مع النبي -صلى الله عليه وسلم- المغرب، ثم يرجعون إلى أهليهم إلى أقصى المدينة يرْمُونَ يُبْصِرون موَاقع سِهامهم». أخرجه النسائي.
• حديث أبي أيوب وعقبة بن عامر رضي الله عنهما المتقدم في سنن أبي داود.2 – شرح الحديث:
* ينظر شرح الصحيح المسند 1471 عن أبي بشر قال سمعت حسان بن بلال عن رجل من أسلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يصلون مع نبي الله صلى الله عليه وسلم المغرب ثم يرجعون إلى أهاليهم إلى أقصى المدينة يرمون ويبصرون مواقع سهامهم.
قال الشيخ مقبل: هذا حديث صحيح.* من أحاديث المواقيت من الصحيح المسند برقم 208، 209، 1309.
* قال السبكي في المنهل العذب المورود (3/ 339): ” (قوله فيرى أحدنا موضع نبله) أى يرى الموضع الذى تصل إليه السهام إذا رمى بها. والمراد أنا نبكر بالمغرب أول وقتها عقب غروب الشمس. والنبل بفتح النون وسكون الموحدة السهام العربية لا واحد لها من لفظها. وقيل واحدها نبلة
(والحديث) يدلّ على أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يعجل صلاة المغرب وأنه كان يقرأ فيها بالسور القصار إذ لا يكون كذلك إلا عند التعجيل وقراءة السور القصار ولعل هذا كان في غالب أحيانه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فلا ينافى ما ثبت من أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقرأ فيها بالأعراف أو الصافات أو بالدخان أو بالطور أو المرسلات ومن أنه كان يؤخرّها إلى قرب مغيب الشفق. وهذا الحديث في حكم المرفوع
(فقه الحديث) والحديث يدلّ على مشروعية تعجيل صلاة المغرب وهذا مجمع عليه
– ورد عن عقبة بن عامر أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «لا تزال أمتي بخير أو على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم» رواه أحمد وأبو داود). الحديث أخرجه أيضًا الحاكم في المستدرك، وفي إسناده محمد بن إسحاق، ولكنه صرح بالتحديث
قال النووي في شرح مسلم: إن تعجيل المغرب عقيب غروب الشمس مجمع عليه، قال: وقد حكي عن الشيعة فيه شيء لا التفات إليه ولا أصل له
قال الشوكاني:
وأما الأحاديث الواردة في تأخير المغرب إلى قرب سقوط الشفق فكانت لبيان جواز التأخير، وقد سبق إيضاح ذلك؛ لأنها كانت جوابًا للسائل عن الوقت، وأحاديث التعجيل المذكورة في هذا الباب وغيره إخبار عن عادة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المتكررة التي واظب عليها إلا لعذر فالاعتماد عليها.
والحديث الذي قرأ فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالأعراف ذكره صاحب المنتقى:
443 – (وعن «مروان بن الحكم قال: قال لي زيد بن ثابت: ما لك تقرأ في المغرب بقصار المفصل، وقد سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقرأ فيها بطولى الطولين» رواه البخاري وأحمد والنسائي، وزاد عن عروة بطولى الطولين الأعراف، وللنسائي: «رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقرأ فيها بطولى الطولين المص».
قال الشوكاني:
قوله: (بقصار المفصل) قال في الضياء هو من سورة محمد إلى آخر القرآن وذكر في القاموس أقوالًا عشرةً من الحجرات إلى آخره، قال في الأصح قال: وسمي مفصلًا لكثرة الفصول بين سوره أو لقلة المنسوخ.
قوله: (بطولى الطولين) في الفتح الطولين: قال الحافظ: إنه حصل الاتفاق على تفسير الطولى بالأعراف.
والحديث يدل على استحباب التطويل في قراءة المغرب وقد اختلفت حالات النبي – صلى الله عليه وسلم – فيها فثبت عند الشيخين من حديث جبير بن مطعم أنه قال: سمعت «رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقرأ في المغرب بالطور وثبت أنه قرأ في المغرب بالصافات. وأنه قرأ فيها بحم الدخان. وأنه قرأ بسبح اسم ربك الأعلى. وأنه قرأ بالتين والزيتون. وأنه قرأ بالمعوذتين. وأنه قرأ بالمرسلات. وأنه قرأ بقصار المفصل» وسيأتي تحقيق ذلك في باب جامع القراءة في الصلاة إن شاء الله تعالى
والمصنف ساق الحديث هنا للاستدلال به على امتداد وقت المغرب، ولهذا قال: وقد سبق بيان امتداد وقتها إلى غروب الشفق في عدة أحاديث انتهى. وكذلك استدل الخطابي وغيره بهذا الحديث على امتداد وقت المغرب إلى غروب الشفق، قال الحافظ: وفيه نظر؛ لأن من قال إن لها وقتًا واحدًا لم يحده بقراءة معينة، بل قالوا: لا يجوز تأخيرها عن أول غروب الشمس، وله أن يمد القراءة فيها. ولو غاب الشفق، ثم قال: ولا يخفى ما فيه؛ لأن تعمد إخراج بعض الصلاة عن الوقت ممنوع، ولو أجزأت، فلا يحمل ما ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – على ذلك.
(من أخرج الحديث أيضا) أخرج البخاري ومسلم وابن ماجة والبيهقي نحوه من حديث رافع بن خديج عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وأخرج النسائي نحوه من رواية رجل من أسلم أصحاب النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. ورواه أحمد من طريق عليّ بن بلال عن ناس من الأنصار بلفظ كنا نصلي مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم المغرب ثم نرجع فنترامى حتى نأتى ديارنا فما يخفى علينا مواقع سهامنا ”
* قال العيني في شرح سنن أبي داود (2/ 282): ” قوله: ” ثم نَرمي ” أي: نَرمي النبل؛ والنبلُ: السهامُ العربية، ولا واحد لها من لفظها، فلا يُقال: نَبلة، وإنما يُقال: سهم ونشابة؛ والمعنى: أنا نبكر بها في أول وقتها بمجرد غروب الشمس حتى ننصرف، ويَرمي أحدُنا النبل عن قوسه ويُبصر موقعه لبقاء الضوء. وفي هذا الحديث والأحاديث التي بَعدها أن المغرب يُعجل عقيب غروب الشمس، وهذا مجمع عليه، وقد حكي عن الشيعة فيه شيء لا التفات إليه ولا أصل له.
فإن قيل: ما تقولُ في الأحاديث التي وردت في تأخير المغرب إلى قريب سقوط الشفق؟ قلت: تلك لبيان جواز التأخير، وهذه لبيان الأوقات التي كان- عليه السلام- يُواظب عليها، لأجل فضيلتها إلا لعُذرٍ، فافهم. وأخرج البخاريّ، ومسلم، وابن ماجه نحوه من حديث /رافع بن خديج، عن رسول الله- عليه السلام- وأخرج النسائي نحوه من رواية رجل من أَسلم من أصحاب النبي- عليه السلام-، عن النبي – عليه السلام-“.
* قال الشيخ عبدالمحسن العباد في شرح سنن أبي داود (3/ 169): ” قوله: [باب: في وقت المغرب]. وقت صلاة المغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشفق حيث يحضر وقت العشاء، و ليس هناك فاصل بين وقت المغرب ووقت العشاء، بل إذا خرج وقت هذه دخل وقت هذه، كما أن العصر وقتها متصل بوقت الظهر، فإذا خرج وقت هذه دخل وقت هذه. وأورد أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نرمي فيرى أحدنا موضع نبله) يعني: بعد فراغهم من الصلاة يكون هناك ضياء النهار، وهذا فيه إشارة إلى أن الأولى والأفضل أنه يبادر بها في أول وقتها، وأما الوقت فإنه ليس وقتاً واحداً، بل هو وقت واسع، ولكنه من غروب الشمس إلى ما قبل مغيب الشفق الأحمر الذي يأتي عند سقوطه ومغيبه وقت صلاة العشاء، وهناك أحاديث دالة على أول الوقت وعلى آخره. ومما يدل على سعة وقت المغرب أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ مرة فيها بالأعراف، والأعراف جزء وربع، وقراءة الرسول صلى الله عليه وسلم مرتلة، ومعنى هذا أن وقتها طويل؛ لأن إيقاعها فيها وهي جزء وربع، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم أداها في يوم من الأيام على هذا النحو يدلنا على أن وقتها واسع، وأنه ليس وقتاً واحداً كما جاء في بعض الروايات في حديث جبريل أنه في اليومين صلاها بعد غروب الشمس، بل قد جاء في الأحاديث بعد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن وقتها إلى مغيب الشفق. ”
قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار:
[باب وقت صلاة المغرب]
وفي الباب عن جابر عند أحمد. وعن زيد بن خالد عند الطبراني. وعن أنس عند أحمد وأبي داود. وعن رافع بن خديج عند البخاري ومسلم. وعن أبي أيوب عند أحمد وأبي داود والحاكم، وعن أم حبيبة أشار إليه الترمذي. وعن العباس بن عبد المطلب عند ابن ماجه، قال الترمذي: وحديث العباس قد روي موقوفًا وهو أصح. وعن أبي بن كعب ذكره ابن أبي حاتم في العلل. وعن السائب بن يزيد عند أحمد. وعن رجل من أسلم من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – عند النسائي والبغوي في معجمه.
قوله: (وتوارت بالحجاب) وقع في صحيح البخاري إذا توارت بالحجاب، ولم يجر للشمس ذكر إحالةً على فهم السامع، وما يعطيه قوة الكلام، وهو تفسير للجملة الأولى أعني قوله: ” إذا غربت الشمس “.
والحديث يدل على أن وقت المغرب يدخل عند غروب الشمس، وهو مجمع عليه، وأن المسارعة بالصلاة في أول وقتها مشروعة.
وقد اختلف السلف فيها هل هي ذات وقت أو وقتين؟ فقال الشافعي: إنه ليس لها إلا وقت واحد، وهو أول الوقت، هذا هو الذي نص عليه في كتبه القديمة والجديدة، ونقل عنه أبو ثور أن لها وقتين، الثاني منهما ينتهي إلى مغيب الشفق، قال الزعفراني: وأنكر هذا القول جمهور الأصحاب، ثم اختلف أصحاب الشافعي في المسألة على طريقين
أحدهما: القطع بأن لها وقتًا فقط. والثاني: على قولين: أحدهما هذا والثاني يمتد إلى مغيب الشفق، وله أن يبدأ بالصلاة في كل وقت من هذا الزمان. قال النووي: وهو الصحيح، وقد نقل أبو عيسى الترمذي عن العلماء كافةً من الصحابة فمن بعدهم كراهة تأخير المغرب، وتمسك القائل بأن لها وقتًا واحدًا بحديث جبريل السابق، وقد ذكرنا كيفية الجمع بينه وبين الأحاديث القاضية بأن للمغرب وقتين في باب أول وقت العصر وقد اختلف العلماء بعد اتفاقهم على أن أول وقت المغرب غروب الشمس في العلامة التي يعرف بها الغروب، فقيل: بسقوط قرص الشمس بكماله، وهذا إنما يتم في الصحراء، وأما في العمران فلا
وقيل: برؤية الكوكب الليلي، وبه قالت القاسمية، واحتجوا بقوله: (حتى يطلع الشاهد) النجم، أخرجه مسلم والنسائي من حديث أبي بصرة. وقيل: بل بالإظلام، وإليه ذهب زيد بن علي وأبو حنيفة والشافعي وأحمد بن عيسى وعبد الله بن موسى والإمام يحيى لحديث: «إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا فقد أفطر الصائم» متفق عليه من حديث ابن عمر وعبد الله بن أبي أوفى. ولما في حديث جبريل من رواية ابن عباس بلفظ: «فصلى بي حين وجبت الشمس وأفطر الصائم» ولحديث الباب وغير ذلك.
وأجاب صاحب البحر عن هذه الأدلة بأنها مطلقة، وحديث ” حتى يطلع الشاهد ” مقيد، ورد بأنه ليس من المطلق والمقيد أن يكون طلوع الشاهد أحد أمارات غروب الشمس، على أنه قد قيل: إن قوله والشاهد النجم مدرج فإن صح ذلك لم يبعد أن يكون المراد بالشاهد ظلمة الليل ويؤيد ذلك حديث السائب بن يزيد عند أحمد والطبراني مرفوعًا بلفظ: «لا تزال أمتي على الفطرة ما صلوا المغرب قبل طلوع النجم» وحديث أبي أيوب مرفوعًا: «بادروا بصلاة المغرب قبل طلوع النجم» وحديث أنس ورافع بن خديج قال: «كنا نصلي مع النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم نرمي فيرى أحدنا موقع نبله» وأما آخر وقت المغرب، فذهب الهادي والقاسم وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو ثور وداود إلى أن آخره ذهاب الشفق الأحمر، لحديث جبريل وحديث ابن عمرو بن العاص، وقد مرا. وقال مالك وأبو حنيفة: إنه ممتد إلى الفجر، وهو أحد قولي الناصر وقد سبق ذكر ما ذهب إليه الشافعي.
_______________
3 – المسائل الأخرى:
* قال الشيخ محمد علي آدم الإتيوبي رحمه الله في ذخيرة العقبى شرح المجتبى (7/ 19): ” في فوائده:
منها: ما كان عليه النبي – صلى الله عليه وسلم – من تعجيل صلاة المغرب عقيب غروب الشمس، بحيث إنه إذا فرغ منها كان الضوء باقيًا.
قال ابن المنذر رحمه الله: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن التعجيل بصلاة الغرب أفضل، وكذلك نقول. اهـ الأوسط جـ 2 ص 369.
وقال النووى في “المجموع “: قد ذكرنا إجماعهم على أن أول وقتها غروب الشمس، وحكى الماوردي، وغيره عن الشيعة أنهم قالوا: لا يدخل وقتها حتى يشتبك النجوم، والشيعة لا يعتد بخلافهم. اهـ جـ 3 ص 34.
وقال في شرح مسلم عند شرح حديث سلمة ورافع رضي الله عنهما السابقين: وفي هذين الحديثين أن المغرب تعجل عقيب غروب الشمس، وهذا مجمع عليه، وأما الأحاديث السابقة في تأخير المغرب إلى قرب سقوط الشفق، فكانت لبيان جواز التأخير، كما سبق إيضاحه، فإنها كانت جواب سائل عن الوقت، وهذان الحديثان إخبار
عن عادة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المتكررة التي واظب عليها، إلا لعذر، فالاعتماد عليها. والله أعلم. اهـ جـ 5 ص 136.
ومنها: شدة حرص الصحابة رضي الله عنهم في الصلاة مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وإن كانت ديارهم بعيدة عن مسجده.
ومنها: إباحة الرمي بالنبل والسهام لتعلم وسائل الحرب، فقد ورد الترغيب في تعلمه، أخرج مسلم وغيره من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، يقول، وهو على المنبر: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60]: ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي”، وأخرج أحمد، وأصحاب السنن من حديثه أيضًا، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “وارموا، واركبوا، وأن ترموا خير من أن تركبوا”. والله تعالى أعلم.