67 الفوائد المنتقاه من شرح صحيح مسلم -رقم 67
المقام في مسجد الشيخة /سلامة في مدينة العين
( ألقاه الأخ : سيف الكعبي)
وممن شارك الأخ أبوصالح وحمد الكعبي وعلي البلوشي صاحب صحار ورامي وأحمد بن علي وغيرهم بفوائد قيمة.
صححه إملائياً الأخ ناصر الكعبي
بالتعاون مع الإخوة في مجموعات السلام والمدارسة والتخريج رقم 1 ، والاستفادة
من عنده تعقيب أو تنبيه فليفدنا
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ملخص صحيح مسلم لعبدالحق الأشبيلي
كِتَاب الرُّؤْيَا
بَاب في كون الرؤيا من الله وأنها جزء من النبوة
4195 – عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا أُعْرَى مِنْهَا غَيْرَ أَنِّي لَا أُزَمَّلُ حَتَّى لَقِيتُ أَبَا قَتَادَةَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الرُّؤْيَا مِنْ اللَّهِ وَالْحُلْمُ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلْمًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ
وفي طريق أخرى: فَلْيَبْصُقْ عَلَى يَسَارِهِ حِينَ يَهُبُّ مِنْ نَوْمِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
وفي أخرى: فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وفي أخرى: وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ
4197 – عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنْ اللَّهِ وَالرُّؤْيَا السَّوْءُ مِنْ الشَّيْطَانِ فَمَنْ رَأَى رُؤْيَا فَكَرِهَ مِنْهَا شَيْئًا فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ لَا تَضُرُّهُ وَلَا يُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا فَإِنْ رَأَى رُؤْيَا حَسَنَةً فَلْيُبْشِرْ وَلَا يُخْبِرْ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ
4198 – عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ إِنْ كُنْتُ لَأَرَى الرُّؤْيَا تُمْرِضُنِي قَالَ فَلَقِيتُ أَبَا قَتَادَةَ فَقَالَ وَأَنَا كُنْتُ لَأَرَى الرُّؤْيَا فَتُمْرِضُنِي حَتَّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنْ اللَّهِ فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلَا يُحَدِّثْ بِهَا إِلَّا مَنْ يُحِبُّ وَإِنْ رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشَرِّهَا وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ
4199 – عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ
4200 – عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ وَالرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنْ اللَّهِ وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنْ الشَّيْطَانِ وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ قَالَ وَأُحِبُّ الْقَيْدَ وَأَكْرَهُ الْغُلَّ وَالْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ فَلَا أَدْرِي هُوَ فِي الْحَدِيثِ أَمْ قَالَهُ ابْنُ سِيرِينَ
وفي طريق آخر: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَيُعْجِبُنِي الْقَيْدُ وَأَكْرَهُ الْغُلَّ وَالْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ ورواه معمر عن أيوب بهذا الإسناد وقد جاء كلام أبي هريرة مندرجا في حديث هشام عن قتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد جاء الحديث أيضا كله موقوفا على أبي هريرة
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
– قال العقيلي : وذكر الحديث في ضعفائه من حديث أنس : وهذا يروى عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد جيدة.
-نقل بعض الباحثين فوائد فى الرؤى المنامية :
- الرؤيا الصادقة وهي من أجزاء النبوة كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة . ( البخاري 6472 ومسلم 4201)
قلت : وسيأتي إن شاءالله في الدرس القادم تفصيل ذلك.
وبعض الباحثين فرق بين الرؤيا الصالحة والصادقة فقال : الرؤيا الصالحة هي المبشرة، وليست هي الرؤيا الصادقة التي تتحقق بخير أو شر، وذلك لعدة أسباب :
أ- وصفها بأنها من المبشرات، وهل المنبئات بالشر تعتبر مبشرات؟
قلت : قد يكون فيها تنبيه وتبشير، فابن عمر رضي الله عنهما( رأى أنه يساق إلى بئر فيها نار، فقيل : إنك لست من أهلها…. قال : النبي صلى الله عليه وسلم :نعم العبد عبدالله لو كان يقوم من الليل فكان عبدالله لا يدع قيام الليل )كذا من حفظي، فحصل له خير من هذه الرؤية.
ورأى النبي صلى الله عليه وسلم بقراً تذبح، وقال :(والله خير ) فإذا البقر ما أصاب المسلمون في غزوة أحد…
ب- ورد( تُرى له ) تدل على أن غير الرائي يستبشر بها أيضا.
ج- صدق الرؤيا يقع للكافر كما يقع للمسلم، ومنه قوله تعالى( وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)) ،وكذلك رؤيا السجينين وبوب عليه البخاري في صحيحه باب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك
د- ورد( لم تكد ) تدل أن بعض الرؤى ليست صادقة والراجح نفي الكذب عنها أصلاً؛ لأن حرف النفي الداخل على( كاد ) ينفي قرب وصوله كقوله تعالى: (إذا أخرج يده لم يكد يراها) ، يعني لم يرها ولا يكاد،نقله ابن حجر عن الطيبي في باب القيد في المنام من شرحه للصحيح، وكذلك القرطبي في تفسير الآية نقله عن الزجاج وأبي عبيدة لكن ورد( وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً ) ينبغي أن يقال الرؤيا التي لا تكذب هي تمييزاً لها عن أضغاث الأحلام وهذا مقيد بأنها تأتي بأمر حسن، وأن ظاهرها ليس فيه ما يكره الرائي أو يقلقه، لأنها لو كانت فيها مثل هذا كانت حلم من الشيطان.
قلت : كذا قيدها، ولا يخفى أن هناك رأى تخوف منها النبي صلى الله عليه وسلم، لكن علم أن عاقبتها إلى خير وسيأتي في باب رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الباحث : وقد يحمل هذا على حقيقتها كما جاءت في المنام وقد تصح بتأويل ودرجة تأويلها تختلف حسب وضوحها فيكون هذا هو المراد بأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً فيكون الصدق هنا عائد على وضوح الرؤيا للتعبير .
قلت : الحديث سبق في أحاديث الباب ( َ إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّة) وحمله بعض العلماء ، أن الله عوض هذه الأمة المتأخرة التي ابتعدت عن بشارات الوحي بهذه الرؤى، وبعضهم قال: هذا في زمن عيسى ابن مريم. كما ذكر ابن حجر والقرطبي.
فائدة : قال بعض الأفاضل :من الرؤى التي رآها الصحابة وتحققت :
عن يحيى بن سعيد أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت رأيت ثﻻثة أقمار سقطن في حجري (أو) حجرتي فقصصت رؤياي على أبي بكر الصديق، قالت فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفن في بيتها، قال لها أبو بكر هذا أحد أقمارك، وهو خيرها. وهذا منقطع قال أبو عمر يوسف ابن عبد البر كما في التمهيد:
هكذا هذا الحديث في الموطأ عند يحيى والقعنبي وابن وهب وأكثر رواته.ورواه قتيبة بن سعيد عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عائشة…
ذكره أبو داود عن قتيبة. انتهى
قلت: تابعه معن، وسويد عن مالك أخرجه ابن المظفر في غرائب مالك.
وتابع مالكا؛ يحيى أي القطان ويزيد بن هارون ،وسفيان بن عيينة ،والليث بن سعد،ويحيى بن أيوب ،وعمرو بن الحارث انتهى
قلت : وكذلك قصة عمر لما رأى أن ديكاً نقره وهو في صحيح مسلم 567، وقصة عبدالله بن سلام لَمَّا رأى العروة الوثقى، وقصة الصحابية التي رأت كأنها دخلت الجنة فرأت أنه جيء بفلان بن فلان.. وفلان بن فلان حتى عدت إثني عشر رجلا وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية قبل ذلك قالت فجيئ بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم…. وهو في الصحيح المسند 53.
- والرؤيا مبدأ الوحي ( البخاري 3، ومسلم 231)
- وصدقها بحسب صدق الرائي ، وأصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثا . ( مسلم 4200 )
- وهي عند اقتراب الزمان لا تكاد تخطىء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لبعد العهد بالنبوة وآثارها فيكون للمؤمنين شيء من العوض بالرؤيا التي فيها بشارة لهم أو تصبير وتثبيت على الدّين . (البخاري 6499 وسلم 4200 )
ونظير هذا الكرامات التي ظهرت بعد عصر الصحابة ولم تظهر عليهم لاستغنائهم عنها بقوة إيمانهم واحتياج من بعدهم إليها لضعف إيمانهم .
فائدة :ذكرها لي بعض الأفاضل :
قال شيخ اﻹسﻻم ابن تيمية كما في “الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياءالشيطان”
“ومما ينبغي أن يعرف أن الكرامات قد تكون بحسب حاجة الرجل، فإذا احتاج إليها الضعيف اﻹيمان أو المحتاج أتاه منها ما يقوي إيمانه، ويسد حاجته، ولهذا كانت هذه اﻷمور في التابعين أكثر منها في الصحابة، بخﻻف من يجري على يديه الخوارق لهدي الخلق ولحاجتهم، فهؤﻻء أعظم درجة”
- والأحلام ثلاثة أنواع منها رحماني ومنها نفساني ومنها شيطاني وقال النبي صلى الله عليه وسلم “الرؤيا ثلاثة رؤيا من الله ورؤيا تحزين من الشيطان ورؤيا مما يحدث به الرجل نفسه في اليقظة فيراه في المنام” . ( البخاري 6499 ومسلم 4200 )
- ورؤيا الأنبياء وحي فإنها معصومة من الشيطان وهذا باتفاق الأمة ولهذا أقدم الخليل على تنفيذ أمر الله له في المنام بذبح ابنه إسماعيل عليهما السلام. ورأى النبي صلى الله عليه وسلم عائشة فقال 🙁 أريتك في المنام ثلاث ليال جاءني بك الملك في سرقة من حرير فيقول هذه امرأتك فأكشف عن وجهك فإذا أنت هي فأقول إن يك هذا من ثم الله يمضه ) أخرجه البخاري ، وذكر ابن حجر ثلاث احتمالات للشك الوارد في الحديث… الثالث : وجه التردد هل هي رؤيا وحي على ظاهرها وحقيقتها أو هي رؤيا وحي لها تعبير ورجحه.
وسيأتي بعد ثلاث أبواب إن شاءالله رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم.
- وأما رؤيا غير الأنبياء فتُعرض على الوحي الصريح فإن وافقته وإلا لم يعمل بها . وهذا مسألة خطيرة جدا ضلّ بها كثير من المُبتدعة من الصوفية وغيرهم .
قلت : وضل بها بعض الخوارج فيرى أنه المهدي مثلاً فيخرج على ولي الأمر،كما حصل في فتنة جهيمان في الحرم المكي وذكرنا في سنن أبي داود أن المهدي لا يخرج على حاكم شرعي.
- ومن أراد أن تصدق رؤياه فليتحرّ الصدق وأكل الحلال والمحافظة على الأمر الشرعي واجتناب ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم وينام على طهارة كاملة مستقبل القبلة ويذكر الله حتى تغلبه عيناه فإن رؤياه لا تكاد تكذب البتة .
- وأصدق الرؤى رؤى الأسحار فإنه وقت النزول الإلهي واقتراب الرحمة والمغفرة وسكون الشياطين وعكسه رؤيا العَتَمة عند انتشار الشياطين والأرواح الشيطانية .
انظر لما سبق ” مدارج السالكين ” ( 1 / 50 – 52 )
وقال الحافظ ابن حجر :
- جميع المرائي تنحصر على قسمين :
أ.الصادقة ، وهي رؤيا الأنبياء ومَن تبعهم مِن الصالحين ، وقد تقع لغيرهم بندور ( أي نادرا كالرؤيا الصحيحة التي رآها الملك الكافر وعبّرها له النبي يوسف عليه السلام ) والرؤيا الصّادقة هي التي تقع في اليقظة على وفق ما وقعت في النوم .
ب. والأضغاث وهي لا تنذر بشيء ، وهي أنواع :
الأول : تلاعب الشيطان ليحزن الرائي كأن يرى أنه قطع رأسه وهو يتبعه ، أو رأى أنه واقع في هَوْل ولا يجد من ينجده ، ونحو ذلك .
والثاني : أن يرى أن بعض الملائكة تأمره أن يفعل المحرمات مثلا ، ونحوه من المحال عقلاً.
الثالث : أن يرى ما تتحدث به نفسه في اليقظة أو يتمناه فيراه كما هو في المنام ، وكذا رؤية ما جرت به عادته في اليقظة ، أو ما يغلب على مزاجه ويقع عن المستقبل غالبا وعن الحال كثيراً وعن الماضي قليلاً .
انظر : ” فتح الباري ” ( 12 / 352 – 354 ) .
قلت : وفي معنى ذلك حديث عوف بن مالك مرفوعاً: (إن للرؤيا ثلاث : منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة )صحيح، ابن ماجه
قال ابن حجر : فحاصل ما ذكر من أدب الرؤيا الصالحة ثلاثة أشياء :
أ . أن يحمد الله عليها .
ب . وأن يستبشر بها .
ج. وأن يتحدث بها لكن لمن يحب دون من يكره .
وحاصل ما ذكر من أدب الرؤيا المكروهة أربعة أشياء :
أ . أن يتعوذ بالله من شرها .
ب . ومن شر الشيطان .
ج . وأن يتفل حين يهب من نومه عن يساره ثلاثا .
قلت : ورد البصق والتفل والنفث فلو قلنا نفث مع ريق يسير لكان أقرب للجمع بين الروايات
د . ولا يذكرها لأحد أصلاً .
هـ. ووقع ( في البخاري ) في باب القيد في المنام عن أبي هريرة خامسة وهي الصلاة ولفظه فمن رأى شيئا يكرهه فلا يقصّه على أحد وليقم فليصلّ ووصله الإمام مسلم في صحيحه .
وزاد مسلم سادسة وهي : التحول من جنبه الذي كان عليه …..
وفي الجملة فتكمل الآداب ستة ، الأربعة الماضية ، وصلاة ركعتين مثلا والتحوّل عن جنبه إلى النوم على ظهره مثلا .
انظر : ” فتح الباري ” ( 12 / 370 ) .
- وفي حديث أبي رزين عند الترمذي ولا يقصها إلا على وادّ بتشديد الدال اسم فاعل من الوُدّ أو ذي رأي وفي أخرى ولا يحدِّث بها إلا لبيبا أو حبيبا وفي أخرى ولا يقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح قال القاضي أبو بكر بن العربي أما العالم فإنه يؤولها له على الخير مهما أمكنه وأما الناصح فإنه يرشده إلى ما ينفعه ويعينه عليه وأما اللبيب وهو العارف بتأويلها فإنه يعْلِمه بما يعوّل عليه في ذلك أو يسكت وأما الحبيب فإن عرف خيرا قاله وإن جهل أو شك سكت .
انظر : ” فتح الباري ” ( 12 / 369 ) .
قلت : يمكن أن نضيف فوائد :
12- : يجب أن نفرق بين الحلم والرؤيا فالحلم من الشيطان أي تخويفه وتهويله فيظل الرائي متخوف، وهو لو طبق الآداب ولم يباله دحر الشيطان، كما قال أبوسلمة( إن كنت أرى الرؤيا هي أثقل علي من الجبل فلما سمعت هذا الحديث كنت لا أباليها )، أما الرؤيا فورد حديث( إن الرؤيا تقع على ما تعبر) صححه الشيخ الألباني 120، وكذلك صححها بعض الباحثين، وورد كذلك حديث( لا تقصوا الرؤيا إلا على عالم أو ناصح )صححه الألباني الصحيحة 119
قال النووي :وأما كون لا يخبر بها من لا يحب فربما حمله الحسد والبغض على تفسيرها بمكروه، فقد يقع على تلك الصفة وإلا فيحصل له في الحال حزن ونكد من سوء تفسيرها.
قال الألباني في الصحيحة تحت حديث 120 : والحديث صريح بأن الرؤيا تقع على مثل ما تعبر ، ولذلك أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن لا نقصها إلا على ناصح أو عالم ، لأن المفروض فيهما
أن يختارا أحسن المعاني في تأويلها فتقع على وفق ذلك ، لكن مما لا ريب فيه أن ذلك مقيد بما إذا كان التعبير مما تحتمله الرؤيا و لو على وجه ، و ليس خطأ محضاً و إلا فلا تأثير له حينئذ و الله أعلم .
و قد أشار إلى هذا المعنى الإمام البخاري في ” كتاب التعبير ” من ” صحيحه “بقوله ( 4 / 362 ) :
” باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب ” .
ثم ساق حديث الرجل الذي رأى في المنام ظلة و عبرها أبو بكر الصديق ثم قال :فأخبرني يا رسول الله – بأبي أنت – أصبت أم أخطأت ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” أصبت بعضا ، و أخطأت بعضا ” .انتهى كلام الألباني ثم ساق حديث تعبير أبي بكر وقول النبي صلى الله عليه وسلم له :أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً في الصحيحة 121 وهو متفق عليه، وسيأتينا إن شاءالله في باب تأويل الرؤيا.
13- دفع أسباب العين والحسد، بعدم إخبار الرؤى الطيبة إلا لمن يحب. ومنه قوله تعالى( وَقَالَ يَابَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (67))
14- التفكير الزائد وعدم اليقين سبب للأمراض النفسية، وهي تجلب الأمراض الجسدية كما حصل لأبي سلمة في قوله( حتى إن كانت لتمرضني )
15- أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يحتلم؛ لأن الاحتلام من الشيطان ، ومنه حديث( كان يصبح جنباً من غير احتلام… ).
قال ابن كثير : إن أريد بالاحتلام فيض البدن فلا مانع، وإن أريد به ما يحصل من تخبط الشيطان فهو معصوم من ذلك.
لذلك لا يجوز عليه الجنون ويجوز الإغماء.
وقال بعض الباحثين : إضافة الحلم إلى الشيطان بمعنى تناسب صفته من الكذب والتهويل، بخلاف الرؤيا الصادقة فأضيفت إلى الله إضافة تشريف، وإن كان الكل بخلق الله.
16- ليست كثرة الرؤى علامة على الأفضلية، فكثير من الصديقين لم ير إلا الرؤية والرؤيتين. وسبق نقل كلام ابن تيمية في الكرامات.
17- الرؤى علم، فلا يجوز التلاعب في تفسيرها، ومنه قوله تعالى( وعلمناه من تأويل الأحاديث )،
18- لا بأس لمن كان عالماً أن يحاول تفسير الرؤى كما حاول أبوبكر الصديق بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم تفسير رؤيا، بعد استئذان النبي صلى الله عليه وسلم فأذن له، فلما فسرها قال : هل أصبت يا رسول الله؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم :أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً….
19 – قال بعض الباحثين :من تقدم لخطبتها رجل فتستشير وتستخير، ولا تبني الرفض على الرؤى؛ لأن التعبير قد يكون مخالفاً للحال، أو مجانباً للحقيقة، فالمعبرون بشر يخطئون ويصيبون. وبعض الرأى تكون فيها وضوح خاصة إذا أتت من شخص لا تمته علاقة بالشخص الذي رؤيت فيه الرؤية.
تنبيه :لعلنا في الأبواب القادمة إن شاءالله نتعرض لشيء من فقه الرؤية.