6664 صحيح مسلم، كِتابُ البِرِّ والصّلَةِ والآدابِ، باب (1) بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَأَنَّهُمَا أَحَقُّ بِهِ.
مجموعة: إبراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي وهشام السوري، وعبدالله المشجري، وسامي آل سالمين، وعلي آل رحمه، وكرم.
ومجموعة : طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ونوح وعبدالخالق وموسى الصوماليين، وخميس العميمي.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
كتاب البر والصلة والآداب (46)، باب (1): بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَأَنَّهُمَا أَحَقُّ بِهِ
6664 – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جَمِيلِ بْنِ طَرِيفٍ الثَّقَفِيُّ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالاَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ ” أُمُّكَ ” . قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ” ثُمَّ أُمُّكَ ” . قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ” ثُمَّ أُمُّكَ ” . قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ” ثُمَّ أَبُوكَ ” . وَفِي حَدِيثِ قُتَيْبَةَ: مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي وَلَمْ يَذْكُرِ النَّاسَ .
6665 – حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَارَةَ، بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ قَالَ: رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ قَالَ ” أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أَبُوكَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ ” .
6666 – حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عُمَارَةَ، وَابْنِ، شُبْرُمَةَ عَنْ أَبِي، زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم . فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ جَرِيرٍ وَزَادَ فَقَالَ ” نَعَمْ وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّ ” .
6667 – حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، ح وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ، بْنُ خِرَاشٍ حَدَّثَنَا حَبَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، كِلاَهُمَا عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ فِي حَدِيثِ وُهَيْبٍ مَنْ أَبَرُّ وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ أَىُّ النَّاسِ أَحَقُّ مِنِّي بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ جَرِيرٍ .
6668 – حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالاَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبٍ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، – يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ – عَنْ سُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ قَالاَ حَدَّثَنَا حَبِيبٌ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْجِهَادِ فَقَالَ ” أَحَىٌّ وَالِدَاكَ ” . قَالَ نَعَمْ . قَالَ ” فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ”.
6669 – حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبٍ، سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم . فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ . قَالَ مُسْلِمٌ أَبُو الْعَبَّاسِ اسْمُهُ السَّائِبُ بْنُ فَرُّوخَ الْمَكِّيُّ .
6670 – حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، ح وَحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ، كِلاَهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ، جَمِيعًا عَنْ حَبِيبٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ .
6671 – حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ نَاعِمًا، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ أَقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ أَبْتَغِي الأَجْرَ مِنَ اللَّهِ . قَالَ ” فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَىٌّ ” . قَالَ نَعَمْ بَلْ كِلاَهُمَا . قَالَ ” فَتَبْتَغِي الأَجْرَ مِنَ اللَّهِ ” . قَالَ نَعَمْ . قَالَ ” فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا ” .
==========
تمهيد:
أولاً: توضيح الباب: (كِتابُ البِرِّ والصّلَةِ والآدابِ)
أما «البِرّ» فهو بكسر الباء، وتشديد الراء:
الإحسان، وهو في حقّ الأبوين والأقْرَبِين ضدّ العقوق، وهو الإساءة إليهم، والتضييع لحقوقهم، يقال: بَرَّ يَبَرّ، فهو بارّ، وجَمْعه بَرَرَةٌ، وجمع البَرّ أبرار، قاله الطيبيّ -رحمه الله- [«الكاشف عن حقائق السنن» ١٠/ ٣١٥٤].
وقال الفيّوميّ -رحمه الله-: البرُّ بالكسر: الخير والفضل، وبَرَّ الرجلُ يَبَرُّ بِرًّا، وِزانُ عَلِم يَعْلَم عِلْمًا، فهو بَرٌّ بالفتح، وبارٌّ أيضًا: أي: صادقٌ أو تقيّ، وهو خلاف الفاجر، وجَمْع الأول أبْرار، وجَمْع الثاني بَرَرَةٌ، مثل كافر وكَفَرَةٍ، ومنه قوله للمؤذن: «صَدَقْتَ، وبَرِرْتَ»: أي: صدقت في دعواك إلى الطاعات، وصِرْت بارًّا، دعاءٌ له بذلك، ودعاء له بالقبول، والأصل: بَرَّ عَمَلُك، وبَرِرْتُ والدي أبَرُّهُ بِرًّا، وبُرُورًا: أحسنت الطاعة إليه، ورَفَقت به، وتحرّيت محابّه، وتوقيت مكارهه، وبَرَّ الحجّ، واليمين، والقول بَرًّا أيضًا، فهو بَرٌّ، وبارٌّ أيضًا، ويُستعمل متعديًا أيضًا بنفسه في الحجّ، وبالحرف في اليمين، والقول، فيقال: بَرَّ اللهُ تعالى الحجَّ يَبَرُّه بُرُورًا: أي قَبِله، وبَرِرْتُ في القول واليمين أبَرُّ فيهما بُرُورًا أيضًا: إذا صَدَقت فيهما، فأنا بَرٌّ، وبارٌّ، وفي لغة يتعدى بالهمزة، فيقال: أبرَّ الله تعالى الحبئ، وأبْرَرْتُ القولَ واليمينَ، والمَبَرَّةُ مثل البرّ.
انتهى [«المصباح المنير» ١/ ٤٣].
وجاء في فتح المنعم:
” قال أهل اللغة: بررت والدي، بكسر الراء الأولى، أبره بضمها مع فتح الباء، برا، بكسر الباء، وأنا بر به، بفتح الباء، وجمعه الأبرار، وبار به، بتشديد الراء، وجمعه بررة، والبر بكسر الباء ضد العقوق، وهو التوسع في الإحسان إليهما، ووصلهما، وبر حجه يبر بكسر الباء، برا بكسرها، قَبِل، وبر اليمين، صدقت، وبر في يمينه صدق، وبر بوعده، وفى به، وبرت السلعة راجت، وبر البيع خلا من الشبهة والكذب والخيانة، وبر فلان ربه، توسع في طاعته. “. انتهى.
وأما «الصلة» فهي:
بكسر الصاد المهملة، وتخفيف اللام: مصدر وصَلَه، يقال: وصلت الشيءَ بغيره وصلًا، فاتّصل به، ووصلته وصْلًا، وصِلَةً: ضدّ هَجَرته، قاله الفيّوميّ -رحمه الله- [«المصباح المنير» ٢/ ٦٦٢].
وقال الطيبيّ -رحمه الله-: صلة الرحم كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب، والأصهار، والتعطّف عليهم، والرفق بهم، والرعاية لأحوالهم، وقَطْع الرحم: ضدّ ذلك، يقال: وصل رَحِمَه يَصِلها وصلًا، وصِلَةً، والهاء فيها عِوَضٌ عن الواو المحذوفة، فكأنه بالإحسان إليه قد وصل ما بينه وبينهم من
علاقة القرابة والصهر. انتهى [«الكاشف عن حقائق السنن» ١٠/ ٣١٥٤].
انتهى.
وأما «الآداب»
فهو بالمدّ: جمع أدب بفتحتين، مثلُ سبب وأسباب، قال الفيّوميّ -رحمه الله-: أدَبْتُه أدْبًا، من باب ضَرَب: عَلَّمتُه رياضةَ النفس، ومحاسنَ الأخلاق، قال أبو زيد الأنصاريّ: الأدَبُ يقع على كلِّ رياضة محمودة، يَتَخَرَّجُ بها الإنسان في فضيلة من الفضائل ، وقال الأزهريّ نحوه،
فالأدَبُ: اسم لذلك، والجمع: آدابٌ، مثل: سَبَب وأسباب، وأدَّبْتُه تَأْدِيبًا مبالغةٌ، وتكثيرٌ، ومنه قيل: أدَّبْتُهُ تَأْدِيبًا: إذا عاقبته على إساءته؛ لأنه سببٌ يدعو إلى حقيقة الأدب، وأدَبَ أدْبًا، من باب ضَرَب أيضًا: صنع صنيعًا، ودعا الناس إليه، فهو آدِبٌ، على فاعل، قال الشاعر، وهو طَرَفَةُ:
نَحْنُ فِي المشْتاةِ ندْعُو الجَفَلى … لا ترى الآدِبَ فينا يَنْتَقِرُ
أي: لا ترى الداعي يدعو بعضًا دون بعض، بل يُعَمِّمُ بدعواه في زمان القلّة، وذلك غاية الكرم، واسم الصنيع: المادُبَة، بضمّ الدال، وفتحها. انتهى [«المصباح المنير» ١/ ٩].
وقال في «الفتح»:
الأدب: استعمال ما يُحمد قولًا وفعلًا، وعَبَّر بعضهم عنه بأنه: الأخذ بمكارم الأخلاق، وقيل: الوقوف مع المستحسَنات، وقيل: هو تعظيم مَن فوقك، والرفق بمن دونك، وقيل: إنه مأخوذ من المأدبة، وهي
الدعوة إلى الطعام، سُمِّي بذلك؛ لأنه يُدْعى إليه. انتهى [«الفتح» ١٣/ ٤٩١، كتاب «الأدب» رقم (٥٩٧٠)]. [انظر: البحر الثجاج محمد آدم الأثيوبي].
فائدة: ” عندنا بر وصلة وآداب،
وكثيرًا ما تجمع في كتب السنة هكذا، كتاب البر والصلة والآداب، والبر: للأبوين، والصلة: للأقارب والأرحام، والآداب: مع سائر الناس.
وجاء في بر الوالدين ما جاء في نصوص الكتاب والسنة، واقتران حقهما بحق الله -جل وعلا-، وهنا ما يدل على أيضًا شأن الصلة، صلة الرحم، والرحمة لا تنزل على قومٍ فيهم قاطع رحم، ولا مشاحن”.
(١) – (بابُ بِرِّ الوالِدَيْنِ، وأنَّهُما أحَقُّ النّاسِ بِهِ)
ثانيًا: في التمهيد:
قرن الله تعالى الوالدان بنفسه في وجوب الشكر، حيث يقول: { أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير} [لقمان: 14] وقرنهما بنفسه سبحانه وتعالى حين أمر بطاعته وعبادته، فقال { { واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا } } [النساء: 36] وقال { { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا } } [الإسراء: 23]
وقرن صلى الله عليه وسلم عقوقهما بالإشراك بالله، حين سرد أكبر الكبائر، فقال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس .
وبر الوالدين رمز للوفاء والإعتراف بالحق لصاحب الحق، ورمز للشكر على المنعم بنعمه، والحديث يقول: لم يشكرني من لم يشكر من أجريت النعمة على يديه.
كما جعل صلى الله عليه وسلم كثرة العقوق علامة من علامات آخر الزمان وظهور الفتن وانقلاب الأحوال، وقد بين الله تعالى كما في القرآن الكريم مظاهر بر الوالدين، بقوله: {إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} [الإسراء: 23، 24]
وهذا البر مهما بلغ لا يكافئ فضل الآباء على الأبناء، فمما ورد ﻋﻦ ﺃﺑﻰ ﺑﺮﺩﺓ؛ ﺃﻧﻪ ﺷﻬﺪ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﻭﺭﺟﻞ ﻳﻤﺎﻧﻲ ﻳﻄﻮﻑ ﺑﺎﻟﺒﻴﺖ – ﺣﻤﻞ ﺃﻣﻪ ﻭﺭاء ﻇﻬﺮﻩ – ﻳﻘﻮﻝ:
ﺇﻧﻲ ﻟﻬﺎ ﺑﻌﻴﺮﻫﺎ اﻟﻤﺬﻟﻞ … … ﺇﻥ ﺃﺫﻋﺮﺕ ﺭﻛﺎﺑﻬﺎ ﻟﻢ ﺃﺫﻋﺮ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: ﻳﺎ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ! ﺃﺗﺮاﻧﻲ ﺟﺰﻳﺘﻬﺎ؟ ﻗﺎﻝ: ﻻ. ﻭﻻ ﺑﺰﻓﺮﺓ ﻭاﺣﺪﺓ ، ﻭاﺣﺪﺓ ﺛﻢ ﻃﺎﻑ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﻓﺄﺗﻰ اﻟﻤﻘﺎﻡ، ﻓﺼﻠﻰ ﺭﻛﻌﺘﻴﻦ. ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: ﻳﺎ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﻮﺳﻰ! ﺇﻥ ﻛﻞ ﺭﻛﻌﺘﻴﻦ ﺗﻜﻔﺮاﻥ ﻣﺎ ﺃﻣﺎﻣﻬﻤﺎ. / الادب المفرد قال الألباني – (ﺻﺤﻴﺢ اﻹﺳﻨﺎﺩ.)
وفي الصحيح ( لن يجزي ولد والده، حتى يجده مملوكا، فيشتريه، فيعتقه).
وبر الوالدين مقدم على الجهاد تطوعا، وعلى التطوع بالصلاة والصوم؛ لأن برهما واجب عيني،
والتطوع بالجهاد أصله واجب كفائي.
وستأتي أحاديث كثيرة في الأبواب الآتية تؤكد حق الوالدين، وفضل رضاهما على الأبناء مما يلزم الأبناء ببرهما، حماية لأنفسهم، ولعقبهم، وابتغاء رضوان الله تعالى وإحسانه”.[فتح المنعم].
أولاً: شرح الحديث، وبيان مفرداته:
( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) يحتمل أنه معاوية بن عبيدة، فعنه في الأدب المفرد قلت: يا رسول الله.
من أبر؟ ولعل السائلين بذلك أكثر من واحد.
( فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟) بفتح الصاد، بمعنى الصحبة، وحسن صحابتي من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي صحبتي الحسنة .
( قال: أمك) خبر لمبتدأ محذوف، أي: أحق الناس بحسن صحابتك أمك.
وكررها ثلاثا
( قال: ثم أبوك) أحق بصحابتك بعد أمك ثلاثا، وفي رواية الأدب المفرد ( ثم أباك بالنصب) ، على إضمار فعل، أي: بر أباك.
( نعم: وأبيك – لتنبأن) بضم التاء، وفتح النون والباء المشددة، ونون التوكيد الثقيلة، أي: لأنبئنك بأحق الناس بصحبتك الحسنة، وقد استشكل قوله ( وأبيك ) مع قوله صلى الله عليه وسلم (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ).
وأجيب باحتمال أن يكون الحلف هنا قبل النهي، وقيل: إن في الكلام مضافا محذوف، والتقدير: ورب أبيك، وقيل: ليس الكلام هنا حلفا، وإنما هي كلمة جرت على ألسنتهم غير مقصود بها الحلف، وهي بمثابة قولهم: تربت يمينك، والنهي فيمن قصد حقيقة الحلف، لما فيه من تعظيم المحلوف به، ومضاهاته به سبحانك وتعالى.
قلت سيف بن دورة : حكم الألباني بنكارة لفظة ( وأبيك ) الضعيفة 4992 ، وكذلك حكم بعض الأئمة والألباني بشذوذ لفظة ( أفلح وأبيه ) في حديث آخر
( ثم أدناك أدناك) المراد بالدنو القرب إلى البار.
وسيأتي إن شاء الله في فقه الحديث تفصيل جهات القرب وترتيبها.
( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يستأذنه في الجهاد) قال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن يكون هو جاهمة بن العباس بن مرداس، فقد روى النسائي وأحمد أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله.
أردت الغزو، وجئت لأستشيرك، فقال هل لك من أم؟ قال: نعم.
قال: الزمها .
قلت سيف بن دورة : رجح الدارقطني رواية ابن جريج وهي مرسلة العلل 7/78 وراجع علل ابن أبي حاتم 963 مع الحاشية . وله شاهد لكنه كن رواية دراج عن أبي السمح
والظاهر أن الاستئذان في الجهاد تكرر ممن له أبوان، وممن له أم.
( فقال: أحي والداك؟) والداك فاعل لاسم الفاعل، والاستفهام حقيقي.
( قال: ففيهما فجاهد) في الجملة قصر، طريقه تقديم ما حقه التأخير، والأصل فجاهد فيهما، وهو قصر قلب، أي جاهد فيهما، لا في ميادين الكفار، والمقصود بالجهاد فيهما، جهاد النفس في رضاهما، قال الحافظ ابن حجر: ويستفاد منه جواز التعبير عن الشيء بضده، إذا فهم المعنى، فالمراد إيصال القدر المشترك من كلفة الجهاد، وهو تعب البدن والمال لهما، ويؤخذ منه أن كل شيء يتعب النفس يسمى جهادا . اهـ.
وفي رواية ( أقبل رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد، أبتغي الأجر من الله، قال: فهل من والديك أحد حي؟ قال: نعم.
بل كلاهما، قال: فتبتغي الأجر من الله؟ قال: نعم.
قال: فارجع إلى والديك، فأحسن صحبتهما) .
ولأبي داود وابن حبان ( ارجع، فأضحكهما، كما أبكيتهما) .
وعند أبي داود (ارجع، فاستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد، وإلا فبرهما) .
وعند ابن حبان ( قال: فإن لي والدين، قال: آمرك بوالديك خيرا، فقال: والذي بعثك بالحق نبيا، لأجاهدن، ولأتركنهما، قال: فأنت أعلم ).
قلت سيف بن دورة : نقل بعض أصاحبنا أنه في الضعيفة 1079؛ 5819
وعند أحمد ( هاجر رجل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل باليمن أبواك؟ قال: نعم.
قال: أذنا لك؟ قال: لا.
قال: فارجع، فاستأذنهما، فإن أذنا لك، وإلا فبرهما) .
ثانيًا: فقه الحديث:
ما بوبه النووي هما بابان عند البخاري، باب من أحق الناس بحسن الصحبة، وباب لا يجاهد إلا بإذن الأبوين، وقد خصص النووي بابا لتقديم الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرهما .
لهذا نتكلم في فقه الحديث عن ثلاث نقاط: الفرق بين الأم والأب في البر، والجهاد بإذن الأب والأم، ثم ما يؤخذ من الأحاديث.
فالرواية الأولى والثانية في الحث على بر الأقارب، وأن الأم أحقهم بذلك، ثم بعدها الأب، ثم الأقرب فالأقرب، قال العلماء: وسبب تقديم الأم كثرة تعبها على الابن، وشفقتها عليه، وخدمتها له، ومعاناة المشاق في حمله، ثم وضعه، ثم إرضاعه، ثم تربيته وخدمته وتمريضه وغير ذلك.
واحتياجها إلى بر الابن أكثر من الأب، لضعفها غالبا.
قال النووي: ونقل الحارث المحاسبي إجماع العلماء على أن الأم تفضل في البر على الأب، وحكى القاضي عياض خلافا في ذلك، فقال: قال الجمهور بتفضيلها، وقال بعضهم: يكون برهما سواء، قال: ونسب بعضهم هذا إلى مالك، والصواب الأول، لصريح هذه الأحاديث في المعنى المذكور. اهـ.
أقول: واقتضت الآيات التي سقناها في المعنى العام الوصية بالوالدين، والأمر بطاعتهما، ولو كانا كافرين، إلا إذا أمرا بالشرك، فتجب معصيتهما في ذلك، عملا بقوله تعالى { { وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا } } [لقمان: 15]
وقد أخرج مسلم في صحيحه عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: حلفت أم سعد، لا تكلمه أبدا، حتى يكفر بدينه، قالت: زعمت أن الله أوصاك بوالديك، فأنا أمك، وأنا آمرك بهذا، فنزلت { { ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما } } [العنكبوت: 8] وفي رواية قالت أمه: يا سعد.
لن آكل، ولن أشرب حتى أموت، فتعير بي بين العرب، فيقال لك: يا قاتل أمه.
فقال سعد: يا أماه.
والله لقد علم العرب أنني أبر الناس بأمي، ولكن.
لو أن لك مائة نفس، فخرجت نفسا نفسا، ما رجعت عن ديني.
وحديثنا صريح في أن للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر، ويقويه ما جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بآبائكم، ثم بالأقرب فالأقرب.
ويؤيد القول بتقديم الأم ما أخرجه الحاكم وأبو داود أن امرأة قالت: يا رسول الله.
إن ابني هذا، كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني، وأراد أن ينزعه مني؟ فقال: أنت أحق به ما لم تنكحي.
فتوصلت لاختصاصها به، باختصاصه بها في الأمور الثلاثة، ويعلل الجمهور ذلك بما تتحمل من مشاق خاصة بها، لا يشاركها فيها الأب، ثم هي تشارك الأب في التربية، وتشير إلى ذلك الآية الكريمة { { ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } } [الأحقاف: 15] فسوى بينهما في الوصاية، وخص الأم بالأمور الثلاثة.
وحجة غير الجمهور – وهم بعض الشافعية – أن الآيات تجمعهما – دون تفرقة – في طلب الإحسان إليهما { { ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا } } { { ووصينا الإنسان بوالديه حسنا } } { { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا } } [الإسراء: 23، 24]
ويقولون: إن ما تعانيه الأم من مشاق تقوم به اندفاعا من طبيعتها وخلقتها، فهو لإرضاء نفسها، وإشباع غريزتها، كمن يتعب في الأكل والشرب، لا يبغي بذلك أجرا، فلا يطلب من الابن مكافأتها على ما تمتعت هي به، تمتعا لا تقبل هي بحال أن تتخلى عنه.
أما الحديث فيكرر البر بها، والإحسان إليها، لأنها لضعفها غالبا تكون أحوج من الأب للعطف، والبر لا جزاء على ما قدمت، وهي وإن كانت مسئولة عن الابن فترة ما من الزمن، فالأب مسئول عنها وعن ابنها، وهو المتحمل شرعا لنفقتها ونفقة ابنها، وجميع التكاليف اليومية، مما يجعله – على الأقل – مساويا لها في حقوقه على أولاده.
وما نسب إلى الإمام مالك من أنه يقول: إنهما في البر سواء، أخذ مما روي أنه سأله رجل، قال: طلبني أبي فمنعتني أمي؟ قال مالك: أطع أباك، ولا تعص أمك.
قال ابن بطال: هذا يدل على أنه يرى أن برهما سواء، إذ قال الليث – حين سئل عن هذه المسألة بعينها – قال: أطع أمك، فإن لها ثلثي البر.
قال الحافظ ابن حجر: والصواب رأي الجمهور.
وأميل إلى التفرقة في البر، بين العطاء، وبين الطاعة، فتعطى الأم من العطف والشفقة والحنان والصلات المادية ثلاثة أمثال ما يعطى الأب، ويطاع الأب في أوامره ونواهيه وتوجيهاته، فهو قائد الأسرة، وله القوامة عليها، وعليها طاعته، فلا معنى لطاعة الابن لها، ما دامت هي مطيعة للأب زوجها، ويبقى الكلام في طاعة الابن لها حيث لا يكون الأب موجودا، وعندي أن ذلك يخضع لظروف وملابسات يختلف معها الحكم، فقد يكون الابن بالغا عاقلا رشيدا حكيما، والأم متخلفة، تحكمها شهوتها وعاطفتها، فتأمره بالزواج بمن لا يهوى مثلا، أو تطليق من يهوى، ومن حاله مستقيمة معها.
فكيف نوجب عليه طاعتها؟
وفي ترتيب الأقربين يقول النووي: قال أصحابنا: يستحب أن تقدم في البر الأم، ثم الأب، ثم الأجداد والجدات، ثم الأخوة والأخوات، ثم سائر المحارم من ذوي الأرحام، كالأعمام والعمات، والأخوال والخالات، ويقدم الأقرب فالأقرب، ويقدم من أدلى بأبوين على من أدلى بأحدهما، ثم بذي الرحم غير المحرم، كابن العم وبنته، وأولاد الأخوال والخالات وغيرهم، ثم المصاهر، ثم الجار، ويقدم ذوي القرابة البعيد الدار على الجار غير ذوي قرابة ، وكذا لو كان ذوي القرابة في بلد آخر، قدم على الجار الأجنبي، قال: وألحقوا الزوجة والزوج بالمحارم.اهـ.
وقد أخرج أحمد والنسائي، وصححه الحاكم عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس أعظم حقا على المرأة؟ قال: زوجها، قالت: فعلى الرجل؟ قال: أمه.
ضعيف الترغيب والترهيب 1212
=====
=====
وأما عن النقطة الثانية:
فقال جمهور العلماء: يحرم الجهاد إذا منع الأبوان أو أحدهما، بشرط أن يكونا مسلمين، لأن برهما فرض عين، والجهاد فرض كفاية، فإن تعين الجهاد، فلا يحتاج إلى إذن، وإن كانا مشركين لم يشترط إذنهما، عند الشافعي، ومن وافقه، وشرطه الثوري، هذا كله إذا لم يحضر الصف، ويتعين القتال، وإلا فلا إذن، ولهما أن يرجعا في إذنهما، إذا لم يحضر الصف، وألحق بعضهم الجد والجدة بالأبوين.[انظر: فتح المنعم]
ثالثًا: مسائل تتعلّق بهذا الحديث: حُقوقُ الوالِدَينِ على الأولادِ، وفيه فصلين:
الفَصلُ الأوَّلُ: بِرُّ الوالِدَينِ في حياتِهما:
المَبحَثُ الأوَّلُ: من حُقوق الوالِدَينِ على الأولادِ: بِرُّ الوالِدَينِ:
من حُقوقِ الوالِدَينِ على الأولاد: بِرُّهما.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
1- قال تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ [البقرة: 83].
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قَولِه تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وصِيَّةٌ مِن اللهِ تعالى بالإحسانِ إلى الوالِدَينِ بالقَولِ والفِعلِ، وعدَمِ الإساءةِ إليهما [((تفسير السعدي)) (ص: 57)].
وراجع [النساء: 36].
و [الأنعام: 151].
و [الإسراء: 23، 24].
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ ولم نذكر الأحاديث التي في صحيح مسلم لأنها ستأتي إن شاء الله
1 – عن المِقدامِ بنِ مَعدِيْكَرِبَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللهَ يُوصيكم بأمَّهاتِكم، إنَّ اللهَ يُوصيكم بأمَّهاتِكم، إنَّ اللهَ يُوصيكم بأمَّهاتِكم، إنَّ اللهَ يُوصيكم بآبائِكم، إنَّ اللهَ يُوصيكم بالأقرَبِ فالأقرَبِ))[ أخرجه أحمد (17187)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (60)، وابن ماجه (3661). صحَّح إسناده البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (4/98)، وحسَّن إسناده ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (4/1304)، والشوكاني في ((نيل الأوطار)) (7/136)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح الأدب المفرد)) (44)].
المَبحَثُ الثَّاني: حَقُّ الأمِّ في البِرِّ أكثَرُ مِن حَقِّ الأبِ:
حَقُّ الأمِّ في البِرِّ أكثَرُ مِن حَقِّ الأبِ.
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
عن بَهزِ بنِ حَكيمٍ عن أبيه عن جَدِّه رَضِيَ اللهُ عنهم، قال: ((قلتُ: يا رَسولَ اللهِ، مَن أبَرُّ؟ قال: أمَّك. قُلتُ: ثمَّ مَن؟ قال: أمَّك. قُلتُ: ثمَّ مَن؟ قال: أمَّك. قُلتُ: ثمَّ مَن؟ قال: أباك، ثمَّ الأقرَبَ فالأقرَبَ)) [أخرجه أبو داود (5139)، والترمذي (1897)، والحاكم في ((المستدرك)) (7242). حسَّنه الترمذي، وصحَّحه ابن كثير في ((تفسير القرآن)) (1/171)، وابن الملَقِّن في ((البدر المنير)) (8/313)، والألباني في ((صحيح الأدب المفرد)) (5)].
وهو في كتاب الذيل على الصحيح المسند. وبنحوه حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي في البخاري 5971 و 2548 .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحديثِ دَليلٌ على تقديمِ الأمِّ بالبِرِّ على الوالِدِ[((سبل السلام)) للصنعاني (2/330)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (6/388)].
المَبحَثُ الثَّالِثُ: من حُقوق الوالِدَينِ على الأولادِ: بِرُّ الوالِدَينِ الفاسِقَينِ أو الكافِرَينِ.
من حُقوق الوالِدَينِ على الأولاد: بِرُّهما ولو كانا فاسِقَينِ أو كافِرَينِ، في غيرِ مَعصيةٍ ولا ضَرَرٍ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ، والمالِكيَّةِ، والشَّافِعيَّةِ، والحَنابِلةِ.
وسبق ذكر بعض الأدلة
ومن الأدلة أيضا – قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء: 23، 24].
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الآيةَ عامَّةٌ، فلم تُفَرِّقْ بين العَدلِ والفاسِقِ.
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قالت: ((قَدِمَت عليَّ أمِّي وهي مُشرِكةٌ في عَهدِ قُرَيشٍ -إذ عاهَدوا رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ومُدَّتِهم، مع أبيها -واسمه الحارث-، فاستفْتَت رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أمي قَدِمَت عليَّ وهي راغِبةٌ، أفأصِلُها؟ قال: نعَمْ، صِلِيها))[ أخرجه البخاري (2620)، ومسلم (1003)].
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحديثِ جَوازُ صِلةِ الأبوَينِ المُشرِكَينِ وبِرِّهما.
المَبحَثُ الرَّابِعُ: من حُقوق الوالِدَينِ على الأولادِ: الإنفاقُ على الوالِدَينِ
من حُقوقِ الوالِدَينِ: النَّفَقةُ عليهما إذا كانا فقيرَينِ.
المَبحَثُ الخامِسُ: من حُقوق الوالِدَينِ على الأولادِ: خِدمةُ الوالِدَينِ
من حُقوقِ الوالِدَينِ: خِدمتُهما.
الأدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن عبدِ الله بنِ عَمرٍو رضي الله عنه قال: ((جاء رجُلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاستأذَنَه في الجِهادِ، فقال: أحَيٌّ والِدَاك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهِدْ))[ أخرجه البخاري (3004)، ومسلم (2549)].
الفَصلُ الثَّاني: بِرُّ الوالِدَينِ بعدَ مَوتِهما
المَبحَثُ الأوَّلُ: بِرُّ الوالِدَينِ بعدَ المَوتِ
مِن بِرِّ الولَدِ بوالِدَيه: بِرُّهما بعدَ مَوتِهما؛ كالدُّعاءِ لهما، والتصَدُّقِ عنهما.
الأدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه، أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا مات الإنسانُ انقطَعَ عنه عَمَلُه إلَّا مِن ثلاثةٍ: إلَّا مِن صَدَقةٍ جاريةٍ، أو عِلمٍ يُنتَفَعُ به، أو ولَدٍ صالحٍ يدعو له))[ أخرجه مسلم (1631)].
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ مِن بِرِّ الوالِدَينِ بعدَ مَوتِهما: الدُّعاءَ لهما[((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (3/219)].
2- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ رَجُلًا قال للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ أمِّي افتُلِتَت نَفسُها، وأظنُّها لو تكَلَّمَت تصَدَّقَت، فهل لها أجرٌ إن تصَدَّقْتُ عنها؟ قال: نعم))[ أخرجه البخاري (1388) واللفظ له، ومسلم (1004)].
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ مِن بِرِّ الوالِدَينِ بعدَ مَوتِهما: التصَدُّقَ عنهما[((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (4/566)].
المَبحَثُ الثَّاني: صِلةُ أقرِباءِ وأصدِقاءِ الوالِدَينِ
مِن بِرِّ الولَدِ بوالِدَيه صِلةُ أقربائِهما وأصدِقائِهما
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
عنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنه قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((إنَّ مِن أبَرِّ البِرِّ صِلةَ الرَّجُلِ أهلَ وُدِّ أبيه بعدَ أن يُوَلِّيَ))[أخرجه مسلم (2552)].
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحديثِ أنَّ مِن جُملةِ البِرِّ للوالِدَينِ أن يَصِلَ قَرابَتَه ويتوَدَّدَ لهم؛ بِرًّا بوالِدَيه؛ فإنَّه مِن تمامِ الإحسانِ إليهما[((إكمال المعلم)) للقاضي عياض (8/16)، ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (7/3084)، ((التنوير شرح الجامع الصغير)) للصنعاني (3/552)].[انظر: الموسوعة الفقهية، شبكة الدرر السنية]
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ – (منها): حرص الصحابة على أمور دينهم، وسؤالهم عما يحتاجون إليه مما يجهلون.
٢ – (ومنها): وسعة صدره صلى الله عليه وسلم، وإجابته عن السؤال، ثم السؤال، ثم السؤال.
3 – (منها): بيان وجوب حقّ الوالدين، والإحسان إليهما.
4 – (ومنها): أن الحديث دليل على عِظَم فضيلة بر الوالدين، وأن حقّهما آكد وأعظم من الجهاد، وفيه بيان كثرة الثواب على برهما.
5 – (ومنها): ما قاله النوويّ -رحمه الله-: فيه الحثّ على برّ الأقارب، وأن
الأم أحقهم بذلك، ثم بعدها الأب، ثم الأقرب، فالأقرب، قال العلماء:
وسبب تقديم الأمّ كثرة تَعَبها عليه، وشفقتها، وخدمتها، ومعاناة المشاقّ في
حَمْله، ثم وضْعه، ثم إرضاعه، ثم تربيته، وخدمته، وتمريضه، وغير ذلك،
ونقل الحارث المحاسبيّ إجماع العلماء على أن الأم تَفضُل في البرّ على
الأب، وحَكى القاضي عياض خلافًا في ذلك، فقال الجمهور بتفضيلها، وقال
بعضهم: يكون برّهما سواء، قال: ونَسَب بعضهم هذا إلى مالك، والصواب
الأول؛ لصريح هذه الأحاديث في المعنى المذكور، والله أعلم، قال القاضي:
وأجمعوا على أن الأم والأب اكد حرمة في البرّ ممن سواهما، قال: وتردد
بعضهم بين الأجداد والأخوة؛ لقوله ﷺ: «ثم أدناك أدناك»، قال أصحابنا:
يستحب أن تُقَدّم في البرّ الأم، ثم الأب، ثم الأولاد، ثم الأجداد والجدات،
ثم الإخوة والأخوات، ثم سائر المحارم، من ذوي الأرحام، كالأعمام
والعمات، والأخوال والخالات، ويُقدَّم الأقرب، فالأقرب، ويقدَّم من أدلى
بأبوين على من أدلى بأحدهما، ثم بذي الرحم غير المحرّم، كابن العمّ وبنته، وأولاد الأخوال والخا لات، وغيرهم، ثم بالمصاهرة، ثم بالمولى مِن أعلى
وأسفل، ثم الجار، ويقدَّم القريب البعيد الدار على الجار، وكذا لو كان
القريب في بلد آخر قُدِّم على الجار الأجنبيّ، وألحقوا الزوج والزوجة
بالمحارم، والله أعلم. انتهى.
وأولاد الأخوال والخا لات، وغيرهم، ثم بالمصاهرة، ثم بالمولى مِن أعلى
وأسفل، ثم الجار، ويقدَّم القريب البعيد الدار على الجار، وكذا لو كان
القريب في بلد آخر قُدِّم على الجار الأجنبيّ، وألحقوا الزوج والزوجة
بالمحارم، والله أعلم. انتهى[»شرح النوويّ” ١٦/ ١٠٢ – ١٠٣]
6 – (ومنها): ما قاله ابن بطّال -رحمه الله-: مقتضاه أن يكون للأم ثلاثة أمثال
ما للأب من البرّ، قال: وكأن ذلك لصعوبة الحمل، ثم الوضع، ثم الرضاع،
فهذه تنفرد بها الأم، وتشقى بها، ثم تشارك الأب في التربية، وقد وقعت
الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى: ﴿ووَصَّيْنا الإنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وهْنًا عَلى وهْنٍ وفِصالُهُ فِي عامَيْنِ﴾ [لقمان ١٤]، فسوّى بينهما في الوصاية، وخَصّ
الأم بالأمور الثلاثة.
وقال القرطبيّ: المراد أن الأم تستحق على الولد الحظ الأوفر من البرّ،
وتُقَدَّم في ذلك على حقّ الأب عند المزاحمة.
وقال عياض: وذهب الجمهور إلى أن الأم تفضل في البرّ على الأب،
وقيل: يكون برّهما سواء، ونَقَله بعضهم عن مالك، والصواب الأول، قال
الحافظ: وإلى الثاني ذهب بعض الشافعية، لكن نَقَل الحارث المحاسبيّ
الإجماع على تفضيل الأم في البرّ، وفيه نظر، والمنقول عن مالك ليس صريحًا في ذلك، فقد ذكره ابن بطال، قال: سئل مالك: طلبني أبي، فمنعتني أمي، قال: أطع أباك، ولا تعص أمك، قال ابن بطال: هذا يدل على أنه يرى برّهما سواء، كذا قال، وليست الدلالة على ذلك بواضحة، قال: وسئل الليث؛ يعني: عن المسألة بعينها، فقال: أطع أمك، فإن لها ثلثي البرّ، وهذا يشير إلى الطريق التي لم يتكرر ذِكر الأم فيه إلا مرّتين، وقد وقع كذلك في رواية محمد بن فضيل، عن عمارة بن القعقاع عند مسلم في الرواية التالية، ووقع كذلك في حديث المقدام بن معدي كرب، فيما أخرجه البخاريّ في «الأدب المفرد»، وأحمد، وابن ماجه، وصححه الحاكم، ولفظه: «إن الله يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بآبائكم، ثم يوصيكم بالأقرب، فالأقرب ) على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند خالد بن معدان كثير الإرسال لكن روايته عن المقدام في البخاري قاله ابن حجر
وكذا وقع في حديث بهز بن حكيم، وكذا في
آخر رواية محمد بن فضيل المذكورة بلفظ: «ثم أدناك، فأدناك»، وفي حديث
أبي رِمْثة -بكسر الراء، وسكون الميم، بعدها مثلثة-: «انتهيت إلى
رسول الله ﷺ، فسمعته يقول: أمك، وأباك، ثم أختك، وأخاك، ثم أدناك،
أدناك»، أخرجه الحاكم هكذا، وأصله عند أصحاب «السنن» الثلاثة، وأحمد،
وابن حبان. انتهى [»الفتح«١٣/ ٤٩٤ – ٤٩٥، كتاب»الأدب«رقم (٥٩٧١)]، والله تعالى أعلم.
7 – (ومنها): ما قاله النوويّ -رحمه الله-: فيه حجة لِما قاله العلماء: إنه لا يجوز الجهاد إلا بإذن الوالدين إذا كانا مسلمين، أو بإذن المسلم منهما، فلو كانا مشركين لم يُشترط إذنهما عند الشافعيّ ومن وافقه، وشَرَطه الثوريّ، هذا
كله إذا لم يحضر الصفّ، ويتعيَّن القتال، وإلا فحينئذ يجوز بغير إذن، وأجمع
العلماء على الأمر ببرّ الوالدين، وأن عقوقهما حرام من الكبائر، وسبق بيانه
مبسوطًا في «كتاب الإيمان». انتهى [«شرح النوويّ» ١٦/ ١٠٤].
وقال في «الفتح»: قال جمهور العلماء: يَحْرم الجهاد إذا مَنَع الأبوان،
أو أحدهما بشرط أن يكونا مسلمين؛ لأن بزهما فَرْض عَيْن عليه، والجهاد
فرض كفاية، فإذا تعيَّن الجهاد فلا إذن، وهل يُلحق الجدّ والجدّة بالأبوين في ذلك؟ الأصح عند الشافعية
نعم، والأصح أيضًا أن لا يفرّق بين الحُرّ والرقيق في ذلك؛ لشمول طلب
البرّ، فلو كان الولد رقيقًا، فَأذِن له سيده لم يُعْتبَر إذن أبويه، ولهما الرجوع في
الإذن إلا أن حضر الصفّ، وكذا لو شرطا أن لا يقاتِل، فحضر الصفّ فلا أثر
للشرط. انتهى [«الفتح» ٧/ ٢٥٥، كتاب «الجهاد» رقم (٣٠٠٤)].
8 – (ومنها): أنه يستفاد منه جواز التعبير عن الشيء بضدّه إذا فُهِم المعنى؛ لأن صيغة الأمر في قوله: «فجاهد» ظاهرها إيصال الضرر الذي كان يحصل لغيرهما لهما، وليس ذلك مرادًا قطعًا، وإنما المراد: إيصال القدر المشترك من كلفة الجهاد، وهو تعب البدن والمال، قاله في «الفتح» [«الفتح» ٧/ ٢٥٥، كتاب «الجهاد» رقم (٣٠٠٤)].
9 – (ومنها): أنه يؤخذ منه أن كل شيء يُتعِب النفس يسمى جهادًا.
10 – (ومنها): أن المستشار يشير بالنصيحة المحضة، وأن المكلف يستفصل عن الأفضل في أعمال الطاعة؛ ليعمل به؛ لأنه سَمِع فَضْل الجهاد، فبادَرَ إليه، ثم لم يقنع حتى استأذن فيه، فذلّ على ما هو أفضل منه في حقه
ولولا السؤال ما حصل له العلم بذلك، ولمسلم من طريق ناعم مولى أم
سلمة عن عبد الله بن عمرو في نحو هذه القصة: «قال: ارجع إلى والديك،
فأحسن صحبتهما»، ولأبي داود، وابن حبان من وجه آخر، عن عبد الله بن
عمرو: «ارجع، فأضحكهما كما أبكيتهما»، وأصرح من ذلك حديث أبي
سعيد، عند أبي داود، بلفظ: «ارجع، فاستأذنهما، فإن أذِنا لك فجاهِد، وإلا
فبرّهما»، وصححه ابن حبان.
11 – (ومنها): أنه استدِلّ به على تحريم السفر بغير إذن الأبوين؛ لأن
الجهاد إذا مُنع مع فضيلته، فالسفر المباح أولى،
نعم إن كان سفره لتعلّمِ فرض عَيْن، حيث يتعيّن السفر طريقًا إليه، فلا مَنع،
وإن كان فرض كفاية ففيه خلاف [«الفتح» ٧/ ٢٥٥ – ٢٥٦، كتاب «الجهاد» رقم (٣٠٠٤)]، والله تعالى أعلم. استدل بهذا كما في الرواية الثالثة، والرابعة [انظر: البحر الثجاج، وفتح المنعم]
12 – فتوى لابن باز حكم استئذان الوالدين في الجهاد في سبيل الله
الجواب:
جهاده فيها أفضل، إذا كان له والدة تريد بقاءه عندها الجهاد فيها أفضل، النبي ﷺ أمر بعض الناس لما أراد الجهاد أمره أن يلزم أمه، أمره أن يجاهد في برها وصلتها والإحسان إليها، وجاءه آخر يريد الجهاد فقال له: أحي والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد، وفي رواية: ارجع فاستأذنهما؛ فإن أذن لك وإلا فبرهما
، في الحديث الصحيح لما سئل أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة على وقتها قيل: ثم أي؟ قال: بر الوالدين قيل: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله فجعل الجهاد بعد بر الوالدين .
أحاديث أخرى في بر الوالدين وآثار
13 – كان ابوهريرة اذا دخل أرضه صاح : عليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أمتاه . تقول : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته . يقول : رحمك الله ربيتني صغيرا . فتقول : يا بني وأنت فجزاك الله خيرا ورضي عنك كما بررتني كبيرا .
14 – ورجل لم تزل به أمه أن يتزوج فتزوج ثم امرته بفراقها فسأل أبا الدرداء فقال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : الوالد أوسط أبواب الجنة . فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه . وهو على شرط الذيل على الصحيح المسند لكن قوله فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه من قول أبي الدرداء
15 – وعن عبدالله بن عمرو موقوفا : رضى الرب من رضى الوالد وسخط الرب من سخط الوالد . صحح الترمذي وقفه
16 – ودعا جبريل على من أدرك والديه فلم يدخلاه الجنة بأن يبعده الله وقال يا محمد قل آمين فقال آمين وهو في الصحيح المسند 1282 من حديث أبي هريرة وورد من حديث جابر
17 – وورد في حديث البراء الطويل الخالة بمنزلة الأم أخرجه البخاري
18 – وأفتى ابن عباس رجلا قتل امرأة كان خطبها فتزوجت غيره وأراد أن يتوب : بأن يبر أمه قال امي ليست حية قال : تب إلى الله وتقرب إليه ما إستطعت
وقال لا أعلم عملا أقرب إلى الله عزوجل من بر الوالدة أخرجه البخاري في الأدب 4 وصححه الألباني راجع الصحيحة 2799
19 – وقال النبي صلى الله عليه وسلم وسمع قراءة حارثة بن النعمان في الجنة فقال : كذلكم البر . وكان أبر الناس بأمه وهو في الصحيح المسند
20 – مـن فوائـــد (بـر الوالديـــن)
(١) من كمال الإيمان وحسن الإسلام.
(٢) من أفضل العبادات وأجلّ الطّاعات.
(٣) طريق موصّل إلى الجنّة.
(٤) الزّيادة في الأجل والنّماء في المال والنّسل.
(٥) رفع الذّكر في الاخرة وحسن السّيرة في النّاس.
(٦) من برّ آباءه برّه أبناؤه والجزاء من جنس العمل.
(٧) برّ الوالدين يفرّج الكرب.
(٨) من حفظ ودّ أبيه لا يطفأ الله نوره