66 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة
—————
مسند أحمد
708 – حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني عبد الله بن أبي سلمة، عن مسعود بن الحكم الأنصاري ثم الزرقي، عن أمه، أنها حدثته قالت: لكأني أنظر إلى علي بن أبي طالب، وهو على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء حين وقف على شعب الأنصار في حجة الوداع وهو يقول: أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” إنها ليست بأيام صيام إنما هي أيام أكل وشرب وذكر ”
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند
ذكر الدارقطني الخلاف كما في العلل 4/ 131وقال ورفعه صحيح وأسانيدها كلها محفوظة.
وراجع لذلك أطراف المسند ومختارة الضياء المقدسي والإصابة واتحاف الخيرة 11/ 709
فهو على الشرط
_-_-_-_
صيام أيام التشريق:
اختلف الفقهاء في صيام أيام التشريق: فمنهم من حرم صومها وهم الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة؛ لحديث نبيشة الهذلي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أّيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ”، وزاد في رواية: “وَذِكْرٍ لله”.
ولما جاء عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أنه قال: “كُلْ فَهَذِهِ الأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ الله – صلى الله عليه وسلم – يَامُرُنَا بإفْطَارِهَا وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا” قَالَ مَالِكٌ: “وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ”.
وأجاز المالكية والحنفية والحنابلة صيامها في الحج عن دم المتعة والقران؛ لقول ابن عمر وعائشة -رضي الله عنهم -: “لَمْ يُرَخَّصْ في أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إِلا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ”. ومنع ذلك الشافعي في الجديد حتى في الحج. منقول من [الفقه الميسر]
و جاء في كتاب [الجامع لأحكام الصيام] من الشاملة
ذهب مالك والأوزاعي، وأحمد وإسحق بن راهُويه في رواية عنهما، إلى تحريم الصوم في أيام التشريق إلا للحاج المتمتِّع الذي لا يجد الهَدْيَ، ورُوي ذلك عن عائشة وابن عمر وعروة بن الزبير وعبيد بن عمير. وذهب أبو حنيفة وأحمد في أصح الروايتين عنه، والشافعي في المشهور عنه، وداود بن علي وابن حزم وابن المنذر والليث بن سعد والحسن البصري وعطاء بن أبي رباح إلى التحريم مطلقاً، ورُوي ذلك عن علي ابن أبي طالب وعبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما. إلا أن أصحاب الشافعي قالوا بجواز الصيام في أيام التشريق إن كان لسببٍ: من نذرٍ أو كفَّارةٍ أو قضاءٍ فقط، أما ما لا سبب له فلا يجوز بلا خلاف. فيما ذهب الزبير بن العوام وأبو طلحة وعبد الله بن عمر والأسود بن يزيد وابن سيرين فيما رُوي عنهم، إلى الجواز مطلقاً. وحتى نقف على الحكم الصائب في هذه المسألة بإذن الله، دعونا نستعرض النصوص التالية:
1 – عن نُبَيْشَةَ الهُذَلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {أيام التشريق أيام أكل وشرب} رواه مسلم (2677) والبيهقي والطحاوي. ورواه أحمد (20997) ولفظه {أيام التشريق أيام أكل وشرب وذِكْرِ الله عزَّ وجلَّ} وأيام التشريق هي الأيام الثلاثة التي تَعْقب يوم الأضحى
2 – عن كعب بن مالك رضي الله عنه {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وأوسَ بنَ الحَدَثان أيام التشريق، فنادى: إنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأيام مِنى أيام أكل وشرب} رواه مسلم (2679) والنَّسائي وابن ماجة وأحمد.
3 – عن أم مسعود بن الحكم رضي الله تعالى عنها قالت {كأني أنظر إلى علي بن أبي طالب على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء يقول: يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أيام التشريق أيام أكل وشرب ليس بأيام صيام} رواه النَّسائي (2901) في السنن الكبرى وأحمد وابن خُزيمة والحاكم وأبو يعلى.
– عن عاصم بن سليمان عن المطلب قال {دعا أعرابياً إلى طعامه، وذلك بعد يوم النحر، فقال الأعرابي: إني صائم، فقال: إني سمعت عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني، ينهى عن صيام هذه الأيام} رواه ابن خُزيمة (2148) والنَّسائي وعبد الرزاق. وللنَّسائي أيضاً (2914) في السنن الكبرى بلفظ {أيام التشريق أيام أكل وشرب وصلاة فلا يصومنَّها أحد}.
5 – عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال {أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي أيام مِنى: إنها أيام أكل وشرب فلا صومَ فيها، يعني أيام التشريق} رواه أحمد (1456). وروى البزَّار هذا الحديث (1067) دون قوله (فلا صوم فيها) قال الهيثمي [رجاله رجال الصحيح].
6 – عن أُم عمرو بن سليم الزرقي رضي الله عنها أنها قالت {بينما نحن بمنى إذا علي ابن أبي طالب على جمل، وهو يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن هذه أيامُ طُعْمٍ وشُربٍ فلا يصومنَّ أحدٌ، فاتَّبعَ الناسُ} رواه أحمد (824) والشافعي
7 – عن حبيبة بنت شريق رضي الله عنها {أنها كانت مع ابنتها، ابنةِ العجماء في أيام الحج بمنى، قال: فجاءهم بديل بن ورقاء على راحلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برَحْلِهِ فنادى: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من كان صائماً فليفطر، فإنها أيام أكل وشرب} رواه الحاكم (2/ 250) والطبراني في المعجم الأوسط.
8 – عن أبي مُرَّة مولى أم هانيء {أنه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص، فقرَّب إليهما طعاماً، فقال: كل، فقال: إني صائم، فقال عمرو: كل، فهذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بإفطارها، وينهانا عن صيامها، قال مالك: وهي أيام التشريق} رواه أبو داود (2418) وابن خُزيمة والدارمي وأحمد والحاكم والبيهقي وابن المنذر. وصححه الحاكم وابن خُزيمة.
9 – عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {يومُ عرفةَ ويومُ النحر وأيامُ التشريق عيدُنا أهلَ الإسلام، وهي أيام أكل وشرب} رواه أبو داود (2419) والنَّسائي والترمذي وأحمد والدارمي وابن حِبَّان وابن خُزيمة.
10 – عن أبي الشعثاء قال {أتينا ابن عمر في اليوم الأوسط من أيام التشريق، قال: فأُتي بطعام، فدنا القوم وتنحَّى ابنٌ له، قال: فقال له: ادن فاطْعَمْ، قال: فقال: إني صائم، قال: فقال: أما علمتَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنها أيام طُعْمٍ وذِكْرٍ؟} رواه أحمد (4970). قال الهيثمي [رجاله رجال الصحيح].
باستعراض هذه الأحاديث، نجد أنَّ الأول والثاني والسابع قد ذكرت أن أيام التشريق هي أيام أكل وشرب، وجاء الرابع في رواية النَّسائي بزيادة (الصلاة) وجاء العاشر بزيادة (الذِّكْر) وإذن فإن هذه الأحاديث قد وصفت أيام التشريق بأنها أيام أكلٍ وشربٍ وصلاةٍ وذِكْرٍ.
بقيت مسألة الحاج المتمتع الذي لا يجد الهَدْيَ أي لا يجد شاةً يذبحها، أو يجدها ولكنه لا يملك ثمنها، هل يجوز له أن يصوم الأيام الثلاثة في الحج في أيام التشريق؟ قبل الإجابة على هذا السؤال، لا بد من استعراض النصوص المتعلقة بهذه المسألة:
1 – قال تعالى { … فمن تمتَّعَ بالعُمْرةِ إلى الحجِّ فما اسْتَيْسَرَ من الهَدْي فمنْ لم يجدْ فصيامُ ثلاثةِ أيامٍ في الحجِّ وسَبْعةٍ إذا رَجَعْتُمْ تلك عَشَرَةٌ كاملةٌ … } من الآية 196 من سورة البقرة. والهَدْي هنا: الشاة تُذبَح.
2 – عن عائشة وابن عمر رضي الله تعالى عنهما قالا {لم يُرخَّص في أيام التشريق أن يُصَمْنَ إلا لمن لم يجد الهَدْي} رواه البخاري (1997 – 1998) والدارَقُطني والبيهقي وابن أبي شيبة والطبري.
3 – عن علي رضي الله عنه في قوله {فصيام ثلاثة أيام في الحج، قال: قبل التروية بيوم، ويوم التروية، ويوم عرفة} رواه البيهقي (5/ 25) والطبري وابن أبي شيبة وعبد الرزاق.
4 – عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله {فصيام ثلاثة أيام في الحج، قال: يومٌ قبل التروية، ويومُ التَّرْوِية، ويومُ عرفة، وإذا فاته صامها أيام منى} رواه ابن جرير الطبري (2/ 247) ومحمد بن المنذر والدارَقُطني والبيهقي وابن أبي شيبة.
5 – وعنه رضي الله عنه قال {الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج إلى يوم عرفة، فإن لم يجد هَدْياً ولم يصم، صام أيام منى} رواه البخاري (1999) ومالك والشافعي والبيهقي.
6 – عن ابن عباس رضي الله عنه {قوله (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج) إلى (وسبعةٍ إذا رجعتم) وهذا على المتمتِّع بالعمرة إذا لم يجد هدياً، فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج قبل يوم عرفة، فإن كان يوم عرفة الثالث فقد تم صومه، وسبعة إذا رجع إلى أهله} رواه ابن جرير الطبري (2/ 248) انتهى.
تبين من النقل السابق: بعدم جواز صيام ايام التشريق إلا لمن لم يجد الهدي، فهي أيام أكل وشرب وذكر.
قال الشيخ عطية سالم: وعلى هذا لم يرخص في صوم أيام التشريق إلا لمن لم يجد هدي التمتع، فيصوم الثلاثة الأيام الواجبة عليه في الحج فيها، ويصوم السبعة إذا رجع إلى بلده.
إذاً: الأصل منع الصوم في هذه الأيام ولكن رخص به تخفيفاً على الحاج، وتداركاً لأمره. شرح بلوغ المرام (5/ 155).
قال العلامة العثيمين: وكذلك عن صيام أيام التشريق إلا لمن لم يجد الهدي من قارنٍ ومتمتع، فإنه يصوم أيام التشريق عن الأيام الثلاثة التي في الحج. مجموع الفتاوى (19/ 15).
__
ذكر الشيخ مقبل في
الصحيح المسند برقم 930 من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب) أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي
ونقلنا في شرحه:
قال ابن رجب في فتح الباري:
وقد أشكل وجهه على كثير من العلماء؛ لأنه يدل على أن يوم عرفة يوم عيد لا يصام، كما روي ذلك عن بعض المتقدمين، وحمله بعضهم على أهل الموقف وهو الأصح لأنه اليوم الذي فيه أعظم مجامعهم ومواقفهم بخلاف أهل الأمصار فإن اجتماعهم يوم النحر، وأما أيام التشريق فيشارك أهل الأمصار أهل الموسم فيها؛ لأنها أيام ضحاياهم وأكلهم من نسكهم. هذا قول جمهور العلماء.
وقال عطاء: إنما هي أعياد لأهل الموسم، فلا ينهى أهل الأمصار عن صيامها. وقول الجمهور أصح …..
فأما الأعياد التي يجتمع عليه الناس فلا يتجاوز بها شرعة الله لرسوله وشرعة الرسول لأمته. والأعياد: هي مواسم الفرح والسرور؛ وإنما شرع الله لهذه الأمة الفرح والسرور بتمام نعمته وكمال رحمته، كما قال تعالى (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ([يونس: 58] فشرع لهم عيدين في سنة وعيدا في كل أسبوع، فأما عيدا السنة:
فأحدهما: تمام صيامهم الذي افترضه عليهم كل عام، فإذا أتموا صيامهم أعتقهم من النار، فشرع لهم عيدا بعد إكمال صيامهم وجعله يوم الجوائز يرجعون فيه من خروجهم إلى
صلاتهم وصدقتهم بالمغفرة وتكون صدقة الفطر وصلاة العيد شكرا لذلك.
والعيد الثاني: أكبر العيدين عند تمام حجهم بإدراك حجهم بالوقوف بعرفة وهو يوم العتق من النار، ولا يحصل العتق من النار والمغفرة للذنوب والأوزار في يوم من أيام السنة
أكثر منه، فجعل الله عقب ذلك عيدا؛ بل هو العيد الأكبر، فيكمل أهل الموسم فيه مناسكهم ويقضوا فيه تفثهم ويوفون نذورهم ويطوفون بالبيت العتيق ويشاركهم أهل
الأمصار في هذا العيد؛ فإنهم يشاركونهم في يوم عرفة في العتق والمغفرة وإن لم يشاركوهم في الوقوف بعرفة، لأن الحج فريضة العمر لا فريضة كل عام، بخلاف الصيام ويكون شكر عند أهل الأمصار: الصلاة والنحر، والنحر أفضل من الصدقة التي في يوم الفطر؛ ولهذا أمر الله نبيه (صلى الله عليه وسلم) أن يشكر نعمته عليه بإعطائه
الكوثر بالصلاة له والنحر كما شرع ذلك لإبراهيم خليله عليه السلام عند أمره بذبح ولده وافتدائه بذبح عظيم. اهـ
قال الشوكاني في نيل الأوطار:
فيه دليل على أن يوم عرفة وبقية أيام التشريق التي بعد يوم النحر أيام عيد. اهـ
وتوسعنا أكثر في شرح حديث أبي هريرة 1305 في الصحيح المسند عن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام منى أيام أكل وشرب.
فراجعه