(64) (938) تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ المقام في مسجد / الشيخ طحنون آل نهيان/ ومسجد محمد بن رحمة الشامسي
(بإشراف: سيف بن دورة الكعبي)
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3،والمدارسة، والاستفادة، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
بمشاركة عبدالحميد كرئيس وشاركه بعض الأخوة
-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_
938 – قال الامام أبوداود رحمه الله: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس الذهـلي، ومحمد بن المثنى، وعمر بن الخطاب، قال محمد: حدثنا أبو ا?صبغ الجزري عبد العزيز بن يحيى، أخبرنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد، عن زيد بن أبي أنيسة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله، عن عقبة بن عامر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: «أترضى أن أزوجك ف?نة؟»، قال: نعم، وقال للمرأة: «أترضين أن أزوجك ف?نا؟»، قالت: نعم، فزوج أحدهـما صاحبه فدخل بها الرجل ولم يفرض لها صداقا، ولم يعطها شيئا وكان ممن شهد الحديبية وكان من شهد الحديبية له سهم بخيبر فلما حضرته الوفاة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجني ف?نة، ولم أفرض لها صداقا، ولم أعطها شيئا، وإني أشهدكم أني أعطيتها من صداقها سهمي بخيبر، فأخذت سهما فباعته بمائة ألف.
هذا حديث حسن وقول أبي داود: يخاف أن يكون هـذا الحديث ملزقا ?ن ا?مر على خلافه فيه نظر، ولا عبرة بمن خالف الحديث الثابت.
—————————-
في بعض النسخ زيادة:
قال أبو داود: وزاد عمر بن الخطاب-يعني أحد شيوخ أبي داود -، وحديثه أتم في أول الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير النكاح أيسره»، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل ثم ساق معناه.
قوله (وكان من شهد الحديبية له سهم بخيبر) لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف من الحديبية نزلت عليه سورة الفتح فيما بين مكة والمدينة فأعطاه الله فيها خيبر بقوله: {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هـذه} يعني: خيبر، فقدم المدينة في ذي الحجة فأقام بها حتى سار إلى خيبر في المحرم.
راجع عون المعبود 2/ 203
وقال صاحب العون:
واعلم أن الحافظ جعل حديث عقبة بن عامر هـذا شاهـد الحديث معقل بن سنان المذكور و? شهادة له على ذلك ?ن هـذا في امرأة دخل بها زوجها نعم فيه شاهـد أنه يصح النكاح بغير تسمية. (عون المعبود)
ويقصد بحديث معقل:
عن عبد الله بن مسعود: في رجل تزوج امرأة فمات عنها، ولم يدخل بها ولم يفرض لها الصداق، فقال: لها الصداق كام?، وعليها العدة، ولها الميراث، فقال معقل بن سنان: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ” قضى به في بروع بنت واشق ” رواه أبو داود
وصححه الألباني.
قوله (قال أبو داود يخاف أن يكون هـذا الحديث ملزقا) أي ملحقا (?ن ا?مر على غير هـذا) ?نه أعطاهـا زائدا على المهر في مرض الموت
وهـذه العبارة إنما توجد في بعض النسخ وأكثرهـا خالية منها.
– الصداق في الأصل اسم مصدر لأصدق ومصدره الاصداق، مأخوذ من الصدق (بكسر الصاد) وسمي بذلك لإشعاره بصدق رغبة باذلة في النكاح الذي هو الأصل في إيجاب الصداق.
وفي الشرع: اسم لمال واجب على الرجل بنكاح أو وطء شبهة.
وللصداق أحد عشر اسماً. وهي: الصداق، المهر، النحلة، الفريضة، الحباء، الأجر، العقر، العلائق، الطول، الخرس، العطية.
@@ مسائل:
1) هل يصح الزواج دون تسمية المهر:
اتفق أهل العلم على صحة الزواج الذي لم يسم به المهر، ويدل لذلك قوله تعالى: (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة) وكذلك حديث معقل بن سنان، والأفضل عند أهل العلم تسمية المهر لقطع النزاع، وأفضل للمرأة لانها أن طلقت قبل الدخول استحقت نصفه واذا لم يسم المهر، فتستحق مهر المثل عند موجب استحقاقه.
” فتح العلام ” (4/ 494)
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين
هل يصح تأجيل صداق المرأة؟ وهل تجب الزكاة فيه؟
الجواب: الصداق المؤجل جائز ولا بأس به لقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) والوفاء بالعقد يشمل الوفاء به وبما شرط فيه , لأن المشروط في العقد من أشراط العقد , فإذا اشترط الرجل تأجيل الصداق أو بعضه فلا بأس ولكن يحل إن كان قد عيّن له أجلا معلوما فيحل بهذا الأجل , وإن لم يؤجل فيحل بالفرقة بطلاق أو فسخ أو موت وتجب الزكاة على المرأة في هذا الصداق المؤجل إن كان الزوج مليا وإن كان فقيرا فلا يلزمها زكاة. ولو أخذ الناس بهذه المسألة وهي تأجيل المهر لخفف كثيرا من الناس في الزواج , ويجوز للمرأة أن تتنازل عن مؤخر الصداق إن كان رشيدة أما إن أكرهها أو هددها بالطلاق إن لم تفعل فلا يسقط , لأنه لا يجوز إكراهها على إسقاطه.
2) اذا لم يكن للمرأة ولي فمن وليها:
قال أحد الباحثين:
الحاكم يكون وليا للمرأة بلا خلاف إذا لم يكن لها ولي أصلا؛ لما صح من حديث أبي داود والترمذي وابن ماجه وأحمد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: فالسلطان ولي من لا ولي له ” {صحيح الجامع 2709}.
وثمة ثلاث حالات اختلف أهل العلم فيما إذا كانت الولاية فيها للحاكم أو للولي الأبعد، وهي فقدان الولي وعضله لمن هي في ولايته وغيبته، وذلك على النحو التالي:
جاء في المسوعة الفقهية: تتحول الولاية من الولي الأقرب إلى الولي الأبعد في مواطن منها: إذا فقد الولي الأقرب, وكذلك إذا أسر أو حبس. فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن الولاية تتحول من الولي الأقرب إلى الأبعد. وأما الشافعية فالولاية عندهم تنتقل إلى الحاكم.
ومنها: غيبة الولي، فإذا غاب الولي غيبة منقطعة تنتقل الولاية من الأقرب إلى الأبعد عند الحنفية والحنابلة. وعند المالكية تنتقل إلى الحاكم؛ لأن الحاكم ولي الغائب. وكذلك عند الشافعية؛ إلا إذا حكم القاضي بموت الولي الأقرب وقسم ماله بين ورثته فتنتقل عندهم إلى الأبعد.
ومنها: العضل وهو منع الولي موليته من زواج الكفء. فذهب الحنفية والمالكية والشافعية، وهو رواية عن أحمد إلى أن الولي الأقرب إذا عضلها انتقلت الولاية إلى السلطان، وهو اختيار أبي بكر رضي الله عنه. وذكر ذلك عن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وشريح. وذهب الحنابلة في المنصوص من المذهب إلى أنها تنتقل إلى الأبعد.
ومذهب الظاهرية في هذا لا يختلف مع باقي مذاهب أهل السنة، يقول ابن حزم في المحلى بالآثار: ولا يحل للمرأة نكاح – ثيبا كانت أو بكرا – إلا بإذن وليها الأب, أو الإخوة, أو الجد, أو الأعمام, أو بني الأعمام – وإن بعدوا – والأقرب فالأقرب أولى … فإن أبى أولياؤها من الإذن لها زوجها السلطان. برهان ذلك: قول الله عز جل: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ {النور: 32} وقوله تعالى: وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا، وهذا خطاب للأولياء لا للنساء. وروينا من طريق ابن وهب نا ابن جريج عن سليمان بن موسى عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشةأم المؤمنين رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا تنكح المرأة بغير وليها، فإن نكحت فنكاحها باطل – ثلاث مرات – فإن أصابها فلها مهرها بما أصاب منها, فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له. اهـ
3) قال أحد الباحثين:
الوكالة في الزواج:
الوكالة من العقود الجائزة في الجملة؛ لحاجة الناس إليها في كثير من معاملاتهم.
وقد اتفق الفقهاء على أن كل عقد جاز أن يعقده الإنسان بنفسه، جاز أن يوكل به غيره، كالبيع، والشراء، والإجارة، واقتضاء الحقوق، والخصومة في المطالبة بها، والتزويج، والطلاق، وغير ذلك من العقود التي تقبل النيابة.
وقد كان النبي -صلوات الله وسلامه عليه- يقوم بدور الوكيل في عقد الزواج، بالنسبة لبعض أصحابه؛ روى أبو داود عن عقبة بن عامر: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لرجل: “أترضى أن أزوجك فلانة؟ قال: نعم! وقال للمرأة: أترضين أن أزوجك فلانا؟ قالت: نعم! فزوج أحدهما صاحبه، فدخل بها الرجل، ولم يفرض لها صداقا، ولم يعطها شيئا.
وكان ممن شهد الحديبية وكان من شهد الحديبية له سهم بخيبر، فلما
حضرته الوفاة، قال: إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – زوجني فلانة، ولم أفرض لها صداقا، ولم أعطها شيئا، وإني أشهدكم: أني أعطيتها من صداقها سهمي بخيبر، فأخذت سهما، فباعته بمائة ألف”.
وفي هذا الحديث دليل على أنه يصح أن يكون الرجل وكيلا عن الطرفين.
عن أم حبيبة: “أنها كانت عند ابن جحش، فهلك عنها، وكان فيمن هاجر إلى أرض الحبشة، فزوجها النجاشي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهي عندهم”.
ويصح التوكيل من الرجل العاقل البالغ الحر؛ لأنه كامل الأهلية، وكل من كان كامل الأهلية، فإنه يملك تزويج نفسه بنفسه، وكل من كان كذلك، فإنه يصح أن يوكل عنه غيره.
أما إذا كان الشخص فاقد الأهلية أو ناقصها، فإنه ليس له الحق في توكيل غيره؛ كالمجنون، والصبي، والمعتوه، فإنه ليس لواحد منهم الاستقلال في تزويج نفسه بنفسه.
والتوكيل يجوز مطلقا ومقيدا:
فالمطلق: أن يوكل شخص آخر في تزويجه، دون أن يقيده بامرأة معينة، أو بمهر، أو بمقدار معين من المهر.
والمقيد: أن يوكله في التزويج، ويقيده بامرأة معينة، أو امرأة من أسرة معينة، أو بقدر معين من المهر*.
جاء في “الروضة الندية” ((2) / (32)): “ويجوز لكل واحد من الزوجين أن يوكل لعقد النكاح، ولو واحدا؛ لحديث عقبة بن عامر عند أبي داود أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لرجل: أترضى أن أزوجك فلانة؟ قال: نعم، وقال للمرأة: أترضين أن أزوجك فلانا؟ قالت: نعم. فزوج أحدهما صاحبه … الحديث. وقد ذهب إلى ذلك جماعة من أهل العلم: الأوزاعي، وربيعة، والثوري، ومالك، وأبو حنيفة، وأكثر أصحابه، والليث، وأبو ثور. وحكى في “البحر” عن الشافعي، وزفر: أنه لا يجوز. وقال في “الفتح”: وعن مالك: لو قالت المرأة لوليها: زوجني بمن رأيت، فزوجها من نفسه أو ممن اختار؛ لزمها ذلك؛ ولو لم تعلم عين الزوج … “.
4) قدر المهر:
لم تجعل الشريعة حدا لقلته ولا لكثرته، إذ الناس يختلفون في الغنى والفقر، ويتفاوتون في السعة والضيق، ولكل جهة عاداتها وتقاليدها، فتركت التحديد؛ ليعطي كل واحد على قدر طاقته، وحسب حالته … وكل النصوص جاءت تشير إلى أن المهر لا يشترط فيه إلا أن يكون شيئا له قيمة [وثمن]؛ بقطع النظر عن القلة والكثرة؛ فيجوز أن يكون خاتما من حديد [مبالغة في تقليله]، أو قدحا من تمر، أو تعليما لكتاب الله، وما شابه ذلك،
إذا تراضى عليه المتعاقدان.
وقال ابن حزم -رحمه الله- في “المحلى” ((11) / (97)) تحت المسألة ((1851)) فيما يجوز من الصداق.” … ولو أنه حبة بر أو حبة شعير أو غير ذلك، وكذلك كل عمل حلال موصوف؛ كتعليم شيء من القرآن أو من العلم أو البناء أو الخياطة أو غير ذلك إذا تراضيا بذلك. وورد في هذا اختلاف”.
وقوله -تعالى-: { … وآتيتم إحداهن قنطارا} يدل على جواز الكثرة، وعدم تحريم ذلك.
قال العلامة السعدى -رحمه الله-: “مع أن الأفضل واللائق؛ الاقتداء بالنبي – صلى الله عليه وسلم – في تخفيف المهر … لكن قد ينهى عن كثرة الصداق؛ إذا تضمن مفسدة دينية، وعدم مصلحة تقاوم”.
وجاء في “الفتاوى” ((32) / (192)): “السنة تخفيف الصداق وأن لا يزيد على نساء النبي – صلى الله عليه وسلم – وبناته … “.
وجاء في “الروضة الندية” ((2) / (73)): “قال: في “الحجة”: ولم يضبط النبي – صلى الله عليه وسلم – المهر بحد لا يزيد ولا ينقص؛ إذ العادات في إظهار الاهتمام مختلفة، والرغبات لها مراتب شتى، ولهم في المشاحة طبقات؛ فلا يمكن تحديده عليهم؛ كما لا يمكن أن يضبط ثمن الأشياء المرغوبة بحد مخصوص”.
عن سهل بن سعد الساعدي يقول: “إني لفي القوم عند رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؛ إذ قامت امرأة فقالت: يا رسول الله! إنها قد وهبت نفسها لك، فر فيها رأيك، فلم يجبها شيئا، ثم قامت فقالت: يا رسول الله! إتها قد وهبت نفسها لك، فر فيها رأيك، فلم يجبها شيئا، ثم قامت الثالثة فقالت: إنها قد وهبت لك، فر فيها رأيك، فقام رجل فقال: يا رسول الله! أنكحنيها، قال: هل عندك من شيء؟ قال: لا، قال: اذهب فاطلب ولو خاتما من حديد، فذهب وطلب، ثم جاء فقال: ما وجدت شيئا، ولا خاتما في حديد، قال: هل معك من القرآن شيء؟ قال: معي سورة كذا وسورة كذا، قال: اذهب فقد أنكحتكها بما معك من القرآن”.
وعن أنس قال: “خطب أبو طلحة أم سليم، فقالت: والله ما مثلك يا أبا طلحة! يرد، ولكنك رجل كافر، وأنا مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم فذاك مهري، وما أسألك غيره. فأسلم؛ فكان ذلك مهرها”.
وقد يكون المهر على العمل يعمل؛ وجاء في تبويب “سنن أبي داود”: (باب، في التزويج على العمل يعمل).
ثم ذكر حديث سهل بن سعد الساعدي – رضي الله عنه-؛ وفيه: “هل معك من القرآن شيء؟ قال: نعم سورة كذا وسورة كذا -لسور سماها-، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: قد زوجتكها بما معك من القرآن”.
و (العمل يعمل) هنا: إفادة زوجه من سور القرآن التي يحفظها، وذلك أن المهر المادي إنما هو بما يستحله الرجل من فرج المرأة، فينبغي إذا أن نحمل المهر هنا؛ على إفادتها من خلال تعليمه لها ما استطاع من هذه السور، وانتفاعها بعمله بمقتضاها -ما استطاع إلى ذلك سبيلا-. فليس المراد من حفظه القرآن الا ما تستفيد منه هي ليكون مهرها.
وبذا، فيفيدنا ما جاء من تبويب في “سنن أبي داود” قوله: “التزويج على العمل يعمل” أن يقدم أعمالا أو خدمات معينة للزوجة؛ فقد يعلمها القراءة أو الكتابة، وقد يتعهد بعلاجها إن كان مختصا بذلك … إلخ.
هل وجد في نصوص الشريعة حد للمهور:
لا نعلم دليلا لا من القرآن ولا من السنة يدل على تحديد المهور، فالأدلة التي جاءت في القرآن: منها: ما فيه التنبيه على جواز دفع المهر الكثير، ومنها: ما هو عام يشمل القليل والكثير، والأدلة التي جاءت من السنة دالة على تفسير هذا العموم بجوازه بالقليل والكثير.
ونحن نذكر فيما يلي نقولا عن أهل العلم بعدم التحديد ثم نتبعها بالأدلة من القرآن ثم الأدلة من السنة:
أما النقول عن أهل العلم فمن ذلك:
1 – قال القرطبي: وقد أجمع العلماء على أن لا تحديد في أكثرالصداق.
2 – قال ابن قدامة: وأما أكثر الصداق فلا توقيت فيه بإجماع أهل العلم، قاله ابن عبد البر انتهى.
وأما الدليل من القرآن المنبه على جواز كثرة المهر: فهو قوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَاخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} الآية.
قال القرطبي في تفسير هذه الآية: فهو دليل على جواز المغالاة في المهور؛ لأن الله تعالى لا يمثل إلا بمباح انتهى.
وقال ابن كثير: في الآية دليل على جواز الإصداق بالمال الكثير انتهى.
وأما ما جاء من القرآن عاما يشمل القليل والكثير، فمن ذلك قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}
وقوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ}
فإن لفظ الأموال ولفظ الأجور عام يشمل القليل والكثير.
وأما الأدلة التي جاءت من السنة دالة على وقائع مختلفة حصل فيها تفاوت كبير في المهور، كمهر زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم وبناته رضي الله عنهن، وما عرف من مهور زوجات أصحابه رضي الله عنهم، كالتزويج على ما مع المتزوج من القرآن، والتزويج على النعلين، وعلى وزن نواة من ذهب، وعلى أربع أواق، فقد سبق ذكر ذلك في الأمرين الأول والثاني.
قلت سيف:
مسألة: سنتمم هنا مسألة النكاح مع عدم تسمية المهر:
بوب ابن حبان على الحديث: ذكر الإباحة للإمام أن يزوج المرأة التي لا يكون لها ولي غيره من رضيت من الرجال وإن لم يفرض الصداق في وقت العقد.
وكذلك بوب البيهقي باب النكاح ينعقد بغير مهر، واستدل لهذا الحكم أيضاً بحديث بروع بنت واشق
وللمراة التنازل عن المهر لزوجها من طيب نفس
وورد التحذير من أخذ مهر المرأة (إن أعظم الذنوب عند الله رجل تزوج امرأة؛ فلما قضى حاجته منها طلقها، وذهب بمهرها … )
والمهر تكريم للمرأة ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي حين زوجه فاطمة: أعطها شيئاً، قال: ما عندي شئ، قال: أين درعك الحطمية؟ فأعطاها درعه
وقد ذكر صاحبنا عبدالله الديني أنه: ورد في صحيح الجامع: – «إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها». (حسن).
قال المناوي رحمه الله:
(إن من يمن المرأة) أي بركتها (تيسير خطبتها) بالكسر أي سهولة سؤال الخاطب أولياءهـا نكاحها واجابتهم بسهولة من غير توقف (وتيسير صداقتها) أي عدم التشديد في تكثيره ووجدانه بيد الخاطب من غير كد في تحصيله (وتيسير رحمها) أي للو?دة بأن تكون سريعة الحمل كثيرة النسل قاله عروة قال وأنا أقول إن من أول شؤمها أن يكثر صداقها.
فيض القدير
وذكر صاحبنا محمد بن خادم أن صاحب تحفة الأحوذي رد على بعض الاحناف وبعض أصحاب المذاهب الأخرى الذين جعلوا أن المهر يجب أن لا يقل عن مبلغ معين فبعضهم قال؛ عشرة دراهم، وبعضهم …
وضعف الأحاديث التي استدلوا بها.
وذكر ابن حجر أن قوله تعالى (أو آتيتم إحداهن قنطارا) دليل أنه لا حد لأكثره، واستدل بقصة المرأة التي اعترضت على عمر حين أراد تحديد المهور. لكن قصتها ضعيفه، واستدل أيضاً بحديث الواهبة التي زوجها النبي صلى الله عليه وسلم على ما معه من القرآن وراجع كتاب آداب الزفاف للشيخ الألباني.
وذكر العباد أن المهر لا يحدد، فمطلوب فيه التراضي، ولم يحدده النبي صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء الراشدون.
قلت: هذا إذا لم يقع الإضرار بالبنات، في المغالاة، أما إذا وقع الضرر بكثرة العوانس، فيشرع للإمام أن يتدخل لدفع الضرر.
تنبيه: قال العباد في قول أبي داود: أن الأمر على غير هذا، أي فيما يتعلق بتصرف المريض بأن يخرج من ماله ويخص به بعض الورثة، فالأمر على غير ذلك.
وهذا كما هو معلوم – عمل صحابي ليس مضافاً للنبي صلى الله عليه وسلم
ثم ذكر الشيخ أن الأصح أن المهور لا تحدد، إلا إذا اتفق الناس.
قلت: القول قول أبي داود وهو إمام في علل الحديث وفقهه.
تتمات:
قال باحث: بيان هل يصح النكاح بعاقد واحد:
الأصل في عقد النكاح أن يكون من طرفين أو من متعاقدين، فهل يصح أن يكون العاقد أحد طرفي العقد فقط دون الآخر.
يتصور العاقد الواحد في النكاح في صور خمسة:
الأولى: إذا كان العاقد ولياً من الطرفين، وهذا مثل الجد.
الثانية: إذا كان وكيلاً من الطرفين، فالنكاح يصح فيه الوكالة من الطرفين الرجل والمرأة.
والدليل على ذلك ما جاء عن عقبة بن عامر: فذكر حديث الباب.
الثالثة: أن يكون أصيلاً من جهة وولياً من جهة أخرى، وهذا يتصور في ابن العم إذا زوج بنت عمه من نفسه.
الرابعة: أن يكون أصيلاً من جهة ووكيلاً من جهة أخرى، كما في قصة عبد الرحمن بن عوف أنه قَال لأم حكيم أتجعلين أمرك إلي، قالت نعم، فقال قد تزوجتك.
الخامسة: أن يكون وكيلاً من جهة، وولياً من جهة أخرى إذا وكلت امرأة رجلا ليتزوجها من نفسه.
شروط صيغة عقد النكاح أي الإيجاب والقبول
1 – موافقة القبول للإيجاب في كل من الزوجة والمهر، لو قال الولي: زوجتك ابنتي فاطمة، فقال الزوج: قبلت ابنتك سعاد، فما تم العقد هنا بسبب الاختلاف.
2 – اتحاد مجلس القبول والإيجاب وعدم الفصل بينهما.
3 – سماع كل من الطرفين كلام الآخر، وفهم المراد منه.
4 – عدم رجوع أحدهما عن قوله قبل إتمام الآخر كلامه، أي عدم رجوع الموجب عن إيجابه قبل قبول القابل.
5 – كون الصيغة منجزة، حالة، مباشِرة، غير مضافة إلى زمن مستقبل.
6 – كون الصيغة مؤبدة، غير مؤقتة.