63 الفوائد المنتقاه من شرح صحيح مسلم -رقم 63
المقام في مسجد الشيخة /سلامة في مدينة العين
(ألقاه الأخ: سيف الكعبي)
وممن شارك الأخ أبوصالح وحمد الكعبي بفوائد قيمة. وراجع إملائيا الأخ عبدالله المشجري
بالتعاون مع الأخوة في مجموعات السلام والمدارسة والتخريج رقم 1، والاستفادة
من عنده تعقيب أو تنبيه فليفدنا
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
بَاب حُكْمِ إِطْلَاقِ لَفْظَةِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَالْمَوْلَى وَالسَّيِّدِ
4177 – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وَأَمَتِي كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ وَكُلُّ نِسَائِكُمْ إِمَاءُ اللَّهِ وَلَكِنْ لِيَقُلْ غُلَامِي وَجَارِيَتِي وَفَتَايَ وَفَتَاتِي
وفي لفظ آخر: لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي فَكُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ وَلَكِنْ لِيَقُلْ فَتَايَ وَلَا يَقُلْ الْعَبْدُ رَبِّي وَلَكِنْ لِيَقُلْ سَيِّدِي
وفي رواية: وَلَا يَقُلْ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ مَوْلَايَ وفي أخرى: فَإِنَّ مَوْلَاكُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
4179 – عن أبي هُرَيْرَةَ قال: َقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ اسْقِ رَبَّكَ أَطْعِمْ رَبَّكَ وَضِّئْ رَبَّكَ وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ رَبِّي وَلْيَقُلْ سَيِّدِي مَوْلَايَ وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ عَبْدِي أَمَتِي وَلْيَقُلْ فَتَايَ فَتَاتِي غُلَامِي
————————
الفوائد:
– فيه تحقيق التوحيد حتى في الألفاظ، والنهي عن هذه الإطلاقات حسماً لمادة الشرك بين الخالق والمخلوق، وهذا من أحسن مقاصد الشريعة؛ لما فيه من تعظيم الرب تعالى وبُعْدِه عن مشابهة المخلوقين.
-الألفاظ المذكورة إطلاقها مكروه، والنهي الوارد على سبيل الكراهة والتنزيه؛ لقول الله عزوجل عن يوسف عليه السلام (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) وقوله (ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ).
وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( … أن تلد الأمة ربها).
وبوب البخاري؛ باب كراهية التطاول على الرقيق وقول عبدي وأمتي.
قال الحافظ: أي وكراهية ذلك من غير تحريم، ولذلك استشهد للجواز بقوله تعالى: (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ) وبغيرها من الآيات والأحاديث الدالة على الجواز ثم أردفها بالحديث الوارد في النهي عن ذلك، واتفق العلماء على أن النهي الوارد في ذلك للتنزيه حتى أهل الظاهر إلا ما سنذكره عن ابن بطال في لفظ الرب. انتهى
قال بعض مشايخنا: هو على سبيل الكراهة أيضا، والكراهة فيه أشد. ولِيُعْلَم أن الحكم قد يصل إلى التحريم إذا صاحََبَه الاحتقار والأذية للمملوك المسلم، أو صاحَبَه الاختيال والتعاظم من السيد.
وحمله بعض أهل العلم على الإكثار من الاستعمال (راجع شرح النووي)
– اعتبر القاضي عياض لفظة (ولا يقل العبد لسيده: مولاي … ) خطأ وأن الأصوب حذفها، نقله عنه النووي مقراً له، وممن حكم بشذوذها وضعفها القرطبي وابن حجر والألباني كما في الصحيحة تحت حديث 803.
وصححها ابن عساكر كما في معجمه، والراجح ضعفها، وإيراد مسلم لها إشارة منه لنكارتها على قول من يقول بأنَّ مسلماً يشير إلى الألفاظ المنكرة، خاصة أنه أورد بعدها رواية تدل على الجواز وهي قوله صلى الله عليه وسلم (وليقل سيدي، مولاي).
قال بعض الأفاضل: كلمة مولى استعملها السلف للتعريف مثل (نافع مولى ابن عمر). انتهى باختصار
قلت: لا بأس بهذا التوجيه على فرض صحتها
– ذكر بعض العلماء أن هذا النهي مختص بالتعبيد والربوبية للمكلفين أما إضافة الربوبية إلى غير المكلفين فلا بأس؛ لأن حقيقة العبودية لا تتصور فيها مثل: رب الدار، ورب المال، بل المقصود إضافة ملك.
قلت: كذلك لا يُتصوَّر فيها الاحتقار.
ومنه حديث الضالة فورد في الإبل ( … دعها حتى يلقاها ربها) وحديث ( … حتى يُهِمَّ ربَّ المال من يقبل صدقته). – ولا يعارض هذا الحديث، حديث (السيد الله) لأن الوارد هنا (سيدي) بالإضافة والتقييد ومنه (قوموا إلى سيدكم فأنزلوه) ثم النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا قال له بعض الوفود: أنت سيدنا فقال: السيد الله تبارك وتعالى، قلنا: وأفضلنا فضلاً وأعظمنا طولاً فقال: قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان.) أخرجه أبو داود، وهو في الصحيح المسند 585، أراد أن لا يقعوا في المبالغة، وإلا ثبت أنه قال: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر).
وقال بعض الأفاضل: قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى له صورتان:
الصورة ا?ولى: أن يقع بصيغة النداء مثل يا عبدي، يا أمتي، فهذا ? يجوز للنهي عنه في قوله صلى الله عليه وسلم ” يقل أحدكم عبدي وأمتي”
الصورة الثانية: أن يكون بصيغة الخبر وهذا على قسمين:
القسم ا?ول: إن قاله بغيبة العبد، أو ا?مة ف? بأس فيه
القسم الثاني إن قاله في حضرة العبد أو ا?مة، فإن ترتب عليه مفسدة تتعلق بالعبد أو السيد منع وإ? فلا.
وقال ?ن القائل ? يقصد العبودية التي هي الذل … وإلى هذا التفصيل أشار ” صاحب” (تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد) في باب يقول عبدي وأمتي، وذكره صاحب فتح الباري عن مالك. انتهي
-ومرة الشيخ ابن عثيمين ذكر تفصيل بحسب الضمائر: القسم الأول: أن تكون الإضافة إلى ضمير المخاطب، مثل: أطعم ربك، وضيء ربك، فيكره ذلك للنهي عنه، لأن فيه محذورين:
، لأن الرب، يطعم ولا يُطعم، و يشعر العبد أو الأمة بالذل،
القسم الثاني: أن تكون الإضافة إلى ضمير الغائب، لا بأس به، كقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أشراط الساعة: (أن تلد الأمة ربها) والصحيح عدم الفارق بين البهيمة والمكلف، لأن البهيمة تعبد الله عبادة خاصة، …
وذكر قسمين آخرين
مجموع الفتاوى_ ابن عثيمين رحمه الله
– حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فإذا نهى عن شئ فتح لهم ما يباح، وبه يسهل على الناس ترك الممنوع، وبه يعرف أن في الدين الإسلامي سعة.
-بيان أن الأمر يأتي للإباحة (وليقل سيدي).
– يجوز إطلاق الولي والمولى، لكن يجب الحذر مما يقصده بعض فرق الضلال في معنى الولي، وراجع كتاب الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.
– ورد في بعض الأناجيل أن الله عز وجل يقول في حق عيسى (هذا فتاي) فهذا تكذيب للنصارى في اتخاذهم عيسى رباًّ. (منقول)
– عدم استعمال الألفاظ التي هي حمالة وجوه، ومنه قوله تعالى (لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا)، ومنه لا يجوز استخدام المصطلحات التي هي شعارات للكفرة وأهل الضلال؛ كالديموقراطية والقومية والاشتراكية … ، وإن زينوا معانيها فالحذر الحذر.
– الإسلام يحترم الأسرى.
-الإسلام يحث على الأدب في الكلام، وهذا من محاسنه ومنه (والشر ليس إليك).
– استعمال الألفاظ على المعنى الأغلب؛ ف (فتاي وفتاتي) الأصل في معناها الشاب والشابه أو القوي أو القوية، واستعملت في الخدم بناءً على الغالب أو باعتبار ما كان. (عون المعبود) يقصد ولو كان الخادمُ كبيراً في السن؛ يقال له: فتاي.
– جواز إطلاق العبد على مالكه سيدي، والسيادة يرجع معناها إلى الرياسة، وهي من السؤدد الذي هو علو المنزلة. وسياسة من تحت يده الذي هو حسن التدبير، وبوب البخاري في الأدب المفرد؛ باب هل يقول: سيدي، وذكر هذا الحديث، وحديث (السيد الله) وسبق توجيهه.
– مراعاة شعور المملوك، بل سمَّاهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم إخوة فقال: (إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم … ). وقد كرمهم الإسلام، حتى صار بعضهم مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضهم قواداً لجيوش الإسلام.
-فيه معنى قوله تعالى ( …. لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا)
– الحث على التواضع.
– جواز الإعانة في الوضوء، قال بعض الأفاضل: ومنه حديث المغيرة.
– الشريعة جاءت بسد الذرائع مع ذكر البدائل، قال ابن حجر: فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يؤدي المعنى مع السلامة من التعاظم، فإن الفتى والغلام ليس دالاً على محض الملك كدلالة العبد، فقد كثر استعمال الفتى في الحر، وكذلك الغلام والجارية.
==================
بَاب كَرَاهَةِ قَوْلِ الْإِنْسَانِ خَبُثَتْ نَفْسِي
4180 – عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي
4181 – وعن سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِيهِ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله.
————————
الفوائد:
– قال أحمد: معنى لقست نفسي يعني: خبثت نفسي، يعني الغثيان (العلل 2/ 25)، قال ابن الأعرابي معناه ضاقت (شرح النووي).
قال الراغب: الخبث يطلق على الباطل في الاعتقاد، والكذب في المقال، والقبيح في الفعال.
– تأديب النبي صلى الله عليه وسلم لأمته حتى في الألفاظ.
– استعمال الألفاظ التي تستلطفها النفوس، ومنه اختيار الأسماء الحسنة، قال ابن القيم: كان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الاعتناء بذلك ثم ذكر هذا الحديث (تحفة الودود)
– لا يجوز تخذيل العبد نفسه؛ بل يحسن الظن بالله، ويقترب من الأشياء التي تنشطه سواء أسماء أو أعمال أو أشخاص.
– ورد في أبي داود (لا يقولنَّ أحدُكم جاشت نفسي ولكن ليقل: لقست نفسي)، قال في القاموس: جاشت النفس غثت، ودارت للغثيان.
– لا ينبغي وصف الأولاد بالأوصاف السيئة كأن تقول له (ما فيك خير، كسلان، أو تشبهه بالحمير أو … )
– فيه سد ذريعة اعتياد اللسان على الكلام الفاحش.
– فيه سد ذريعة اتصاف النفس بمعنى هذا اللفظ، فإن الألفاظ تتقاضى معانيها وتطلبها بالمشاكلة والمناسبة. (أعلام الموقعين).
– راجع زاد المعاد 2/ 468، ففيه جملة من الألفاظ الممنوعة، وألف بعض المعاصرين معجماً في ذلك.
– إياك من إطلاق الألفاظ التي تدل عند الغير على معنى فاسد من غير بيان (مجموع الفتاوى 17/ 347).
– لا ينبغي اختيار الكلمات التي فيها قبح ومنه حديث (ليس المؤمن باللعان ولا الطعان ولا الفاحش البذئ).
– فيه معنى قول الله عز وجل (الخبيثات للخبيثين
وقال بعض الأفاضل: وكذلك قول الله عز وجل (والذي خبث لا يخرج إلا نكدا).
– جواز قيام الغير بالإعانه على الوضوء.
– لا يعارض هذا الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي ينام عن الصلاة: فأصبح خبيث النفس كسلان. قال القاضي وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم مخبر هناك عن صفة غيره، وعن شخص مبهم مذموم الحال. (شرح النووي)، وقال بعض العلماء: لا يجوز في حق النفس ويجوز في حق الغير.
قلت: كذا أطلق، ولعله يقصد: ممن يستحق هذا الذم من التنفير والتحذير، وإطلاق كلمة خبيث عليه، وإلا لا ينبغي وصف المسلمين الخيِّرِين بهذا الوصف من باب حب لأخيك ما تحب لنفسك.
– قال ابن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية:
ومن محاسن الفراسة في الألفاظ:
أن بعض الخلفاء سأل ولده – وفي يده مسواك – ما جمع هذا؟ قال: محاسنك يا أمير المؤمنين. وهذا من الفراسة في تحسين اللفظ.
وهو باب عظيم، اعتنى به الأكابر والعلماء. وله شواهد كثيرة في السنة وهو من خاصية العقل والفطنة.
فقد روينا عن عمر – رضي الله عنه -: أنه خرج يعس المدينة بالليل، فرأى نارا موقدة في خباء، فوقف وقال: ” يا أهل الضوء “. وكره أن يقول: يا أهل النار. وسأل رجلا عن شيء: ” هل كان؟ ” قال: لا. أطال الله بقاءك، فقال: ” قد علمتم فلم تتعلموا، هلا قلت: لا، وأطال الله بقاءك؟ “.
وسئل العباس: أنت أكبر أم رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: هو أكبر مني، وأنا ولدت قبله.
وكان لبعض القضاة جليس أعمى، وكان إذا أراد أن ينهض يقول: يا غلام، اذهب مع أبي محمد، ولا يقول: خذ بيده، قال: والله ما أخل بها مرة.
ومن ألطف ما يحكى في ذلك: أن بعض الخلفاء سأل رجلا عن اسمه؟ فقال: سعد يا أمير المؤمنين فقال: أي السعود أنت؟ قال: سعد السعود لك يا أمير المؤمنين، وسعد الذابح لأعدائك، وسعد بلع على سماطك، وسعد الأخبية لسرك، فأعجبه ذلك.
وأصل هذا الباب: قوله تعالى: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم} [الإسراء: (53)] فالشيطان ينزغ بينهم إذا كلم بعضهم بعضا بغير التي هي أحسن، فرب حرب وقودها جثث وهام، أهاجها القبيح من الكلام … ثم ذكر حديث الباب.