6242 – 6230 التعليق على صحيح مسلم
كتاب فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بَابٌ فِي فَضْلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حديث
مجموعة عبدالله الشكري وطارق أبي تيسير وإبراهيم البلوشي وعبدالحميد البلوشي وفيصل البلوشي وفيصل الشامسي وصالح الصيعري وسامي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———–‘———–‘——–
صحيح مسلم
باب فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
عن عائشة قالت: أرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقال: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة قالت: وسمعنا صوت السلاح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هذا؟ قال: سعد بن أبي وقاص: جئت يا رسول الله أحرسك.
قالت عائشة: فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه.
في رواية (سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة ليلة) … وفيه (خشخشة السلاح) وفيه (وقع في نفسي خوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت احرسه فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم. .. )
وعن علي رضي الله عنه قال: ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه لأحد غير سعد بن مالك فإنه جعل يقول له، يوم أحد: إرم فداك أبي وأمي)
وعن سعد بن أبي وقاص قال: لقد جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه يوم أحد.
وفي رواية عن سعد: أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع له أبويه قال: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إرم، فداك ابي وأمي. قال: فنزعت له بسهم ليس فيه نصل. فاصبت جنبه فسقط، فانكشفت عورته فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نظرت إلى نواجذه.
عن مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ نَزَلَتْ فِيهِ آيَاتٌ مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ: حَلَفَتْ أُمُّ سَعْدٍ أَنْ لَا تُكَلِّمَهُ أَبَدًا حَتَّى يَكْفُرَ بِدِينِهِ، وَلَا تَاكُلَ وَلَا تَشْرَبَ، قَالَتْ: زَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ وَصَّاكَ بِوَالِدَيْكَ، وَأَنَا أُمُّكَ، وَأَنَا آمُرُكَ بِهَذَا. قَالَ: مَكَثَتْ ثَلَاثًا حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهَا مِنَ الْجَهْدِ، فَقَامَ ابْنٌ لَهَا يُقَالُ لَهُ عُمَارَةُ، فَسَقَاهَا، فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى سَعْدٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي} وَفِيهَا {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} قَالَ: وَأَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنِيمَةً عَظِيمَةً، فَإِذَا فِيهَا سَيْفٌ فَأَخَذْتُهُ، فَأَتَيْتُ بِهِ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: نَفِّلْنِي هَذَا السَّيْفَ، فَأَنَا مَنْ قَدْ عَلِمْتَ حَالَهُ، فَقَالَ: رُدُّهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ فَانْطَلَقْتُ، حَتَّى إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أُلْقِيَهُ فِي الْقَبَضِ لَامَتْنِي نَفْسِي، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: أَعْطِنِيهِ، قَالَ فَشَدَّ لِي صَوْتَهُ رُدُّهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} قَالَ: وَمَرِضْتُ فَأَرْسَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَانِي، فَقُلْتُ: دَعْنِي أَقْسِمْ مَالِي حَيْثُ شِئْتُ، قَالَ فَأَبَى، قُلْتُ: فَالنِّصْفَ، قَالَ فَأَبَى، قُلْتُ: فَالثُّلُثَ، قَالَ فَسَكَتَ، فَكَانَ، بَعْدُ الثُّلُثُ جَائِزًا.
قَالَ: وَأَتَيْتُ عَلَى نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرِينَ، فَقَالُوا: تَعَالَ نُطْعِمْكَ وَنَسْقِكَ خَمْرًا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ، قَالَ فَأَتَيْتُهُمْ فِي حَشٍّ – وَالْحَشُّ الْبُسْتَانُ – فَإِذَا رَاسُ جَزُورٍ مَشْوِيٌّ عِنْدَهُمْ، وَزِقٌّ مِنْ خَمْرٍ. قَالَ فَأَكَلْتُ وَشَرِبْتُ مَعَهُمْ، قَالَ فَذَكَرْتُ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرِينَ عِنْدَهُمْ. فَقُلْتُ: الْمُهَاجِرُونَ خَيْرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ. قَالَ فَأَخَذَ رَجُلٌ أَحَدَ لَحْيَيِ الرَّاسِ فَضَرَبَنِي، بِهِ فَجَرَحَ بِأَنْفِي فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيَّ – يَعْنِي نَفْسَهُ – شَانَ الْخَمْرِ: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}
وعنه أَنَّهُ قَالَ: أُنْزِلَتْ فِيَّ أَرْبَعُ آيَاتٍ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ زُهَيْرٍ، عَنْ سِمَاكٍ، وَزَادَ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ: قَالَ فَكَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَنْ يُطْعِمُوهَا شَجَرُوا فَاهَا بِعَصًا، ثُمَّ أَوْجَرُوهَا، وَفِي حَدِيثِهِ أَيْضًا: فَضَرَبَ بِهِ أَنْفَ سَعْدٍ، فَفَزَرَهُ وَكَانَ أَنْفُ سَعْدٍ مَفْزُورًا
عَنْ سَعْدٍ، فِيَّ نَزَلَتْ: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} قَالَ: نَزَلَتْ فِي سِتَّةٍ: أَنَا وَابْنُ مَسْعُودٍ مِنْهُمْ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ قَالُوا لَهُ: تُدْنِي هَؤُلَاءِ
عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ نَفَرٍ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اطْرُدْ هَؤُلَاءِ لَا يَجْتَرِئُونَ عَلَيْنَا. قَالَ وَكُنْتُ أَنَا وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ، وَبِلَالٌ، وَرَجُلَانِ لَسْتُ أُسَمِّيهِمَا، فَوَقَعَ فِي نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقَعَ فَحَدَّثَ نَفْسَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}
عن أبي عثمان قال: لم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض تلك الأيام التي قاتل فيهن رسول الله صلى الله عليه غير طلحة وسعد عن حديثهما.
——-‘——-‘——‘——–
ترجمة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه *:
هو سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر الزهري القرشي ويكنى بأبي إسحاق.
وأمه: هي حمنة بنت سفيان بن أمية.
كان من أوائل السابقين إلى الإسلام أسلم وعمره سبع عشرة سنة وهو أحد الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وأحد العشرة سادات الصحابة وأحد الستة أصحاب الشورى الذين أخبر عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو راض عنهم شهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبلى يوم أحد بلاءا عظيما وهو أول من أراق دما في سبيل الله وأول من رمى بسهم في سبيل الله له رضي الله عنه مناقب وفضائل عديدة سيأتي ذكرها.
اختلف في تاريخ وفاته:
قال المدائني وأبوعبيدة وجماعة: توفي سنة خمس وخمسين.
وروى نوح بن يزيد عن إبراهيم بن سعد أن سعدا مات وهو ابن اثنتين وثمانين سنة في سنة ست وخمسين وقيل سنة سبع وقال أبو نعيم الملائي: سنة ثمان وخمسين وتبعه قعنب بن المحرز قال الذهبي: والأول هو الصحيح.
مروياته رضي الله عنه:
روى له في الحديث مئتان وسبعون حديثا أخرج له منها في الصحيحين ثمانية وثلاثون
له في صحيحي البخاري ومسلم خمسة عشر حديثًا متفق عليهما وانفرد له البخاري بخمسة أحاديث ومسلم بثمانية عشر حديثًاوله في مسند أحمد بن حنبل مائة سبعة وسبعون حديثًا.
استشكل كون سعد بن أبي وقاص كان على حراء مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبوبكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير
أخرجه مسلم في فضائل طلحة والزبير
ولم يستشهد سعد.
فقيل أن المقصود ممن شهد لهم بالجنة
ولعلنا نتوسع في النقولات في مشكل الحديث
شرح المعاني ونثر الفوائد:
(أرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقال: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة) أرق بفتح الهمزة وكسر الراء وفتح القاف أي سهر ولم يأته نوم في الرواية الثانية (سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، مقدمه المدينة ليلة) أي في أوائل إقامته بالمدينة وعند البخاري (كان النبي صلى الله عليه وسلم سهر فلما قدم المدينة وفي ليلة من الليالي بعد أن تزوج عائشة، وكان يخاف غدر اليهود قال: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة ولم يبين زمان السهر، وظاهر أن السهر كان قبل القدوم والقول بعده، وظاهر روايتنا أن السهر والقول معا كانا بعد القدوم وعند النسائي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما قدم المدينة يسهر من الليل وعند أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سهر ذات ليلة وهي إلى جنبه قالت: فقلت: ما شأنك يا رسول الله؟ … الحديث، وعند الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية {{والله يعصمك من الناس}}
ومنه قوله تعالى: (واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا) أي: اصبر على أذاهم ولا تبالهم، فإنك بمرأى منا وتحت كلاءتنا، والله يعصمك من الناس.
/قوله (أرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقال): وفي الرواية الأخرى: سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة ليلة. قال الحافظ ابن حجر: وظاهره أن السهر والقدوم معا كانا قبل القول.
قال الإمام النووي: وقد صرح في الرواية الثانية بأن هذا الحديث الأول كان في أول قدومه المدينة ومعلوم أن الآية (يقصد قوله تعالى: {والله يعصمك من الناس}) نزلت بعد ذلك بأزمان. انتهى
قال ابن حجر: وليس المراد بقدومه المدينة أول قدومه إليها من الهجرة لأن عائشة إذ ذاك لم تكن عنده وقد أخرجه أحمد عن يزيد بن هارون عن يحي بن سعيد بلفظ ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سهر ذات ليلة وهي إلى جنبه قالت فقلت: ما شأنك يا رسول الله” الحديث.
—-
(ليت رجل صالحا من أصحابي يحرسني): فيه مسائل:
الأولى: جواز التمني وقول لو قلت (الشكري) وفي استعمالها يقول ابن عثمين: فيه تفصيل على وجوه:
1/ أن يكون المراد بها مجرد الخبر فهذه لا بأس بها مثل أن يقول لشخص: لو زرتني لاكرمتك.
2/ أن يقصد بها التمني فهذه على حسب ما تمناه إن خيرا فهو مأجور بنيته وإن كان سوى ذلك فهو بحسبه كما في حديث: (لو أن لي مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمله).
3/ أن يراد به التحسر على ما مضى فهذا منهي عنها لأنها لا تفيد شيئا وإنما تفتح الأحزان والندم. انتهى بتصرف.
الثانية: جواز الاحتراس من العدو والأخذ بالحزم وترك الإهمال في موضع الحاجة إلى الاحتياط قلت (الشكري): وعليه جاز للناس أن يحرسوا سلطانهم خشية القتل.
الثالثة: فيه بيان لفضل الحراسة في سبيل الله بوب له البخاري بذلك في صحيحه فقال (باب الحراسة في الغزو في سبيل الله).
الرابعة: إشكال والجواب عليه:
كيف يتمنى النبي صلى الله عليه وسلم وجود حراسة تحرسه ليلا حتى ينام مطمئنا مع شدة توكله بالله ووعد الله له بالعصمة من الناس قال تعالى: (والله يعصمك من الناس)؟
أقول الجواب عن ذلك من وجوه:
أولا: فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لتستن به أمته ويحسن الاقتداء به لذا ظاهر عليه الصلاة والسلام بين درعين (أي جمع بينهما) ليقتَدِي به أصحابه في لباس الحرب وأخذ الحيطة والحذر من ضربات العدو.
ثانيا: أن الحراسة من تعاطي الأسباب وتعاطي الأسباب لا ينافي التوكل ?ن التوكل عمل القلب والأخذ بالأسباب عمل البدن وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال للرجل الذي سأله عن الناقة اعقلها أم أتوكل؟ ” اعقلها وتوكل”.
ثالثا: ليس في الآية ما يناقض احتراسه ولا ما يمنعه فإعلام الله بنصر دينه وإظهاره لا يمنع الأمر بالقتال وإعداد العدد وعلى هذا فالمراد بالعصمة: العصمة من الفتنة والاضلال أو ازهاق الروح
كما قرره الإمام القرطبي.
الرابعة: قول سعد رضي الله عنه: (وقع في نفسي خوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم)
فيه دلالة على أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه من المحدثين الملهمين وأنه من العباد الصالحين.
وفيه أيضا دليل على حرص الصحابة وسعيهم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى حياته وراحته يفدونه بأرواحهم ومهجهم ويقدمونه على أنفسهم وعلى آبائهم وأبنائهم والناس أجمعين مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين) متفق عليه.
الخامسة: قول عائشة رضي الله عنها: (فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم)
فيه الثناء على من تبرع بالخير ومكافأته بالدعاء له يقول صلى الله عليه وسلم ” من صنع إليكم معروفا فكافئوه , فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه ” رواه أحمد وغيره وصححه الألباني في ارواء الغليل.
فائدة:
قال الحافظ: وتتبع بعضهم أسماء من حرس النبي صلى الله عليه وسلم فجمع منهم: سعد بن معاذ ومحمد بن مسلمة والزبير وأبا أيوب وذكوان بن عبدالقيس والأدرع الأسلمي وابن الأدرع واسمه محجن ويقال سلمة وعباد بن بشر والعباس وأبا ريحانة وليس كل واحد من هؤلاء حرس النبي – صلى الله عليه وسلم – وحده في الوقائع والغزوات، بل ذكر في مطلق الحرس فأمكن أن يكون خاصًا به كأبي أيوب حين بنائه بصفية – رضي الله عنها – بعد الرجوع من خيبر، وأمكن أن يكون حرس أهل تلك الغزوة كأنس بن أبي مرثد.
وفيه إن كراهية الموت أمر فطري في البشر
فالنبي – صلى الله عليه وسلم – هاجر خفية،
واختبأ في الغار، وأعمى أخباره عن الأعداء، واتخذ حرساً يحرسونه حتى نزل قوله تعالى: {والله يعصمك من الناس} (المائدة67)، فصرفهم عن حراسته، وقاتل يوم أحد بين درعين.
وموسى عليه الصلاة والسلام هرب من العصا لما تحولت ثعبان. حتى طمأن ربه
لكن الأنبياء لا يخافون من الموت لأجل الدنيا لكن من أجل أن الله أمرهم باتخاذ الأسباب.
حتى نقل عن معاذ أنه بكى حين مرض فقال: إنما ابكى على ظمأ الهواجر وقيام الليل وحلق العلماء. ذكره ابن رجب في شرح حديث أبي الدرداء في طلب العلم.
قلت سيف: لفظه في تاريخ دمشق 58/ 450: اللهم إني كنت اخافك فأنا اليوم أرجوك إني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لكراء الأنهار. .. ولكن لظمأ الهواجر ولمكابدة الساعات ومزاحمة العلماء ……
لكنه من طريق عمرو بن قيس وهو متأخر … وأخرى فيها من طريق أبي الجناب عون بن ذكوان وهو متروك
وأورد ابن عساكر من طريق موسى بن وردان أن معاذ بن جبل لما حضرته الوفاة بكى فقيل له ما يبكيك قال: ما ابكى جزعا من الموت ولكن ابكي على الجهاد في سبيل الله وعلى فراق الأحبة … وهو منقطع
وروي أنه بكى وقال: لا أدري في أي القبضتين أنا. وفيه البراء بن عبدالله بن يزيد الغنوي ضعيف جدا.
وقال الحافظ ابن حجر: وإنما عانى صلى الله عليه وسلم ذلك مع قوة توكله للاستنان به في ذلك، وأيضا فالتوكل لا ينافي تعاطي الأسباب لأن التوكل عمل القلب، وتعاطي الأسباب عمل البدن وقد قال إبراهيم عليه السلام {{ولكن ليطمئن قلبي}} وقال عليه الصلاة والسلام اعقلها وتوكل قال ابن بطال: نسخ ذلك، كما دل عليه حديث عائشة، وقال القرطبي: ليس في الآية {{والله يعصمك من الناس}} ما ينافي الحراسة، كما أن إعلان الله نصر دينه وإظهاره لم يمنع الأمر بالقتال وإعداد العدة وعلى هذا فالمراد من العصمة العصمة من الفتنة والإضلال.
– المقصود بقوله تعالى (والله يعصمك من الناس):
المقصود الحفظ من الموت قبل تبليغ الرسالة؛ أما الشتم والسب ومحاولة القتل؛ فلا يدخل في معنى العصمة. وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم مات بأثر السم بعد ثلاث سنين.
تنبيه:
وقع في السلسلة الصحيحة –
رقم الحديث:2489: [كان يحرس حتى نزلت هذه الآية {والله يعصمك من الناس} فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة فقال لهم يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله]. (صحيح).
وله شاهد من حديث أبي هريرة وفيه ( … فقال يا محمد من يمنعك مني الليلة فقال النبي صلى الله عليه وسلم الله. فأنزل الله {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} الآية. وإسناده حسن
وراجع للتوسع باب توكله على الله وعصمة الله تعالى له من الناس من صحيح مسلم كتاب الفضائل.
– (قالت: وسمعنا صوت السلاح) فيه أن هذا بعد الزواج بعائشة
فتحمل رواية أنه أرقه كان أول مقدمه المدينة أن الأرق استمر ويزداد الخوف عليه الصلاة والسلام في بعض الليالي.
– (خشخشة سلاح) أي صوت سلاح، صدم بعضه بعضا.
(قال: وقع في نفسي خوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أحرسه فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم)
فيه فضيلة لسعد وأن رسول الله صلى الله عليه أحب إلي من نفسه.
وفيه الدعاء لمن صنع إليك معروفا. ونال سعد هذا الدعاء
وفي الصحيح المسند رقم 1013
عن عمرو بن العاص قال: كان فزع بالمدينة، فأتيت على سالم مولى أبي حذيفة وهو محتب بحمائل سيفه فأخذت سيفا فاحتبيت بحمائله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس ألا كان مفزعكم إلى الله ورسوله. ثم قال: ألا فعلتم كما فعل هذان الرجلان المؤمنان
وفي حديث أن بعض الصحابة قال للنبي صلى الله عليه وسلم: نحري دون نحرك.
وللصحابة رجالهم ونساؤه مواقف في خوفهم على النبي صلى الله عليه وسلم
– (فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه) الغطيط صوت النائم المرتفع.
ففيه بشرية النبي صلى الله عليه وسلم.
– قول علي بن ابي طالب (ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه لأحد، غير سعد بن مالك، فإنه جعل يقول له يوم أحد: ارم فداك أبي وأمي) المعنى: ما جمع في التفدية بين أبويه، ولكنه كان كثيرا ما يقول: فداك أبي – فقط وفي الرواية الرابعة يقول سعد: لقد جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه يوم أحد وفي نفي جمع أبويه عن غير سعد نظر فقد ثبت – وسيأتي – أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع أبويه للزبير بن العوام يوم الخندق، ويجمع بينهما بأن عليا رضي الله عنه لم يطلع على ذلك أو مراده تقييد ذلك بيوم أحد.
ويؤيد الجمع الأول رواية البخاري عن علي رضي الله عنه قال: ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم جمع أبويه لأحد إلا لسعد بن مالك فإني سمعته يقول يوم أحد: يا سعد ارم فداك أبي وأمي.
مسألة: هل يأخذ من الحديث جواز التفدية بالأبوين أم إن هذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم لسعد؟
تحرير محل النزاع: اتفقوا على جوازها في حق النبي صلى الله عليه وسلم بالإجماع نقل الاجماع ابن الملقن في الإعلام بفوائد عمدة الأحكام واختلفوا في قولها لغير النبي صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أقوال:
القول الأول: نعم بلا كراهة وهو قول جماهير أهل العلم.
الثاني: المنع وأن ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم.
الثالث: يجوز تفدية العلماء الصالحين الأخيار دون غيرهم لأنهم هم الوارث المنتفع بهم بخلاف غيرهم.
قال الحافظ ابن حجر: وقد استوعب الأخبار الدالة على الجواز أبو بكر بن أبي عاصم في أول كتابه (آداب الحكماء) وجزم بجواز فقال: للمرء أن يقول ذلك لسلطانه ولكبيره ولذوي العلم ولمن أحب من إخوانه غير محظور عليه ذلك بل يثاب عليه إذا قصد توقيره واستعطافه ولو كان ذلك محظورا لنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قائل ذلك ولأعلمه أن ذلك غير جائز أن يقال لأحد غيره قلت (الشكري): ومن المعلوم أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
قال بعض العلماء: الذي عليه جماعة أهل العلم أن هذا اللفظ (بأبي وأمي) وقولهم جعلني فداك … لا كراهة فيها فتجوز التفدية لمسلم ثم ساق الأدلة على ورود هذه الألفاظ إلى أن قال: قال السفاريني رحمه الله بعد أن ساق الخلاف: والمعتمد لا كراهة إن شاء الله تعالى لصحة الأخبار وكثرتها عن المختار فإنها كادت تجاوز الحصر.
قال أبو جعفر الطبري رحمه الله تعالى في تهذيب الآثار (مسند الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه):
القول في البيان عمّا في هذا الخبر من الفقه (بعد أن ساق الأحاديث في التفدية)
والذي فيه من ذلك: الدلالة على صحة قول القائلين بإجازة تفدية الرجل بأبويه ونفسه وفساد قول منكري ذلك فإن ظنّ ظانّ أن تفدية النبي صلى الله عليه وسلم من فدّاه بأبويه إنما جاز لأن أبويه كانا مشركين فأمّا المسلم فإنه غير جائز أن يفدى مسلماً ولا كافراً بنفسه ولا بأحد سواه من أهل الإسلام اعتلالاً منه بما عن الحسن قال دخل الزبير على النبي صلى الله عليه وسلم وهو شاك فقال كيف تجدك جعلني الله فداك؟ قال: ما تركت أعرابيتك بعد؟ قال الحسن: لا ينبغي أن يفدى أحد أحداً
قال الطبري ” قيل هذه أخبار واهية الأسانيد لا يثبت بمثلها في الدين حجة إلى أن قال فلو كانت هذه الأخبار التي ذكرها عن المنكدر بن محمد عن الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحاحا ً لم يكن فيها لمحتج بها حجة في إبطال ما روينا عن علي والزبير رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخبرين اللذين ذكرناهما عنه أنه فدّى من فدّى بأبويه ولا كان في ذلك دلالة على أن قيل ذلك غير جائز إذ لا بيان فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى الزبير عن قيل ذلك له بل إنما فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له::أما تركت أعرابيتك بعد؟ والمعروف من قيل القائل إذا قال “إن فلاناً لم يترك أعرابيته بعد إنه إنما نسبه إلى الجفاء لا؟ والمعروف من قيل القائل إذا قال “إن فلاناً لم يترك أعرابيته بعد إنه إنما نسبه إلى الجفاء لا إلى فعل ما يجوز فعله فلو صح خبر الحسن الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قيله ما قال للزبير لم يعدُ أن يكون ذلك كان من النبي صلى الله عليه وسلم نسبة لقول الزبير الذي قال له إلى الجفاء وإعلاماً منه له أنّ غيره من القول والتحية ألطف وأرق منه. أهـ
والله أعلم.
قال الشيخ محمد بن آدم الاثيوبي في كتابه مشارق الأنوار الوهّاجة:
جواز التفدية بالأبوين، وقد عقد الإمام البخاري في “كتاب الأدب” من “صحيحه” لذلك بابا، فقال: “باب قول الرجل: جعلني الله فداك، وقال أبو بكر للنبي -صلى الله عليه وسلم-: فديناك بآبائنا وأمهاتنا”، ثم أخرج بسنده قصة، وفيها قول أبي طلحة للنبي -صلى الله عليه وسلم-: “يا نبي الله جعلني الله فداك هل أصابك من شيء؟ … ” الحديث. قال في “الفتح”: *وقد استوعب الأخبار الدالة على جواز التفدية أبو بكر بن أبي عاصم في أول كتابه “آداب الحكماء”، وجزم بجواز ذلك، فقال: للمرء أن يقول ذلك لسلطانه، ولكبيره، ولذوي العلم، ولمن أحب من إخوانه غير محظور عليه ذلك، بل يثاب عليه إذا قصد توقيره واستعطافه، ولو كان ذلك محظورا لنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- قائل ذلك، ولأعلمه أن ذلك غير جائز أن يقال لأحد غيره. انتهى*.
وقال الطبري بعد أن ساق أحاديث الجواز: في هذه الأحاديث دليل على جواز قول ذلك، وأما ما رواه مبارك بن فضالة، عن الحسن قال: دخل الزبير على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو شاك، فقال: كيف تجدك جعلني الله فداك؟ قال: “ما تركت أعرابيتك بعد؟ “، ثم ساقه من هذا الوجه، ومن وجه آخر، ثم قال: لا حجة في ذلك على المنع؛ لأنه لا يقاوم تلك الأحاديث في الصحة، وعلى تقدير ثبوت ذلك فليس فيه صريح المنع، بل فيه إشارة إلى أنه ترك الأولى في القول للمريض إما بالتأنيس والملاطفة، وإما بالدعاء والتوجع.
فإن قيل: إنما ساغ ذلك لأن الذي دعا بذلك كان أبواه مشركين، فالجواب أن قول أبي طلحة كان بعد أن أسلم، وكذا أبو ذر، وقول أبي بكر كان بعد أن أسلم أبواه. انتهى ملخصا …..
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبين مما سبق أن الحق جواز قول الإنسان: فداك نفسي، أو أبي وأمي؛ لصحة الأحاديث الكثيرة بذلك، وأما حديث الحسن المتقدم فلا يصح؛ لأنه من مرسل الحسن، وفيه فضالة يدلس، ويسوي، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
قال ابن القيم قال بدائع الفوائد – (4/ 308)
“قيل إنما فدا النبي صلى الله عليه وسلم سعدا بأبويه لما ماتا عليه وأما الأبوان المسلمان فلا يجوز أن يفدي بهما ولهذا لا يحتاج إليه فإن التفدية نقلت بالعرف عن وضعها الأول وصارت علامة على الرضى والمحبة وكأنه قال أفعل كذا مغبوطا مرضيا عنك”.
ونقل أيضا عن الإمام أحمد بدائع الفوائد – (5/ 169)
وقال أحمد في رواية ابن منصور: “يكره أن يقول للرجل جعلني الله فداك ولا بأس أن يقول فداك أبي وأمي”.
والمسألة تحتاج إلى مزيد تأمل ونظر في المقصد منها، وماذا يتوهم السامع أو قصد القائل بذلك .. والنقل لا يبقى حجة مع ضعف المعنى .. بل المرجع في الكلام المعاني التي تدل عليها، والله أعلم.
وتوضح الروايات سبب هذه التفدية، ففي البخاري عن سعد رضي الله عنه (نثل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كنانته يوم أحد فقال: ارم فداك أبي وأمي)
، وعند الحاكم عن سعد رضي الله عنه قال: جال الناس يوم أحد تلك الجولة أي انهزموا وفروا فتنحيت، فقلت: أذود عن نفسي، فإما أن أنجو وإما أن أستشهد فإذا رجل محمر الوجه – وقد كاد المشركون أن يركبوه، فملأ يده من الحصى، فرماهم وإذا بيني وبينه المقداد فأردت أن أسأله عن الرجل، فقال لي: يا سعد هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك، فقمت، وكأنه لم يصبني شيء من الأذى وأجلسني أمامه فجعلت أرمي …
قلت سيف: عزاه إليه ابن حجر من طريق يونس بن بكير قال وهو في مغازيه. وبمراجعة مستدرك الحاكم 4373 وجدت
فيه عثمان بن عبدالرحمن الوقاصي كذبه يحيى بن معين
وقد روى مسلم عن ظروف هذه التفدية، عن أنس رضي الله عنه قال أفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش وكأن المراد بالرجلين طلحة وسعد.
(كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين) أي أثخن فيهم، وأكثر وبالغ في جرحهم وقتلهم، وعمل فيهم نحو عمل النار.
(قال: فنزعت له بسهم ليس فيه نصل) أي رميته بسهم ليس فيه زج، أي رماه بعود من الخشب ليس في طرفه الحديدة النفاذة الجارحة.
(فأصبت جنبه) قال النووي: بالجيم والنون، هكذا هو في معظم النسخ، وفي بعضها حبته بحاء مفتوحة وباء مشددة مفتوحة بعدها تاء، أي حبة قلبه.
(فسقط، فانكشفت عورته) أي وقع على جنبه، فرفع الإزار عن عورته.
(فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال بعض الشراح: فرحا بإصابته وسقوطه وليس لانكشاف عورته.
قلت سيف: … ولو قلنا بانكشاف عورته لأنها فضيحة له وهو حربي جاز الضحك لذلك … .
وفيه أنه الضحك لا ينافي قيام الحزن في القلب مما حصل للمسلمين في غزوة أحد من القتل والفرار.
– (حتى نظرت إلى نواجذه) بالذال أي أنيابه أو أضراسه.
– والحديث فيه أن الشدائد تبين معادن الرجال
– فيه معنى لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه. ….
ذكر النووي أن النبي صلى الله عليه وسلم تفدى آخرين غير سعد والزبير
قلت سيف: ولم أجد ذلك.
*ترجم البخاري -رحمه الله- في كتاب الأدب من صحيحه:*
باب قول الرجل: جعلني الله فداك
*قال ابن حجر -رحمه الله- في الفتح:*
وأخرج بن أبي عاصم من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة فداك أبوك
ومن حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه فداكم أبي وأمي ومن حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم قال مثل ذلك للأنصار.
قلت سيف: حديث ابن عمر قوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة فداك ابوك هو في الضعيفة 6269
أما حديث ابن مسعود فذكر أن الألباني صححه في التعليقات الحسان 6397 مطول بذكر السبعين الذين يدخلون الجنة بغير حساب وفيه ( …. فداكم أبي وأمي ان استطعتم أن تكونوا من السبعين فكونوا فإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الظراب. … ) أخرجه البزار 3538 كما في كشف الأستار. وقرن مع الحسن العلاء
قلت سيف: في تخريجنا لكشف الأستار قلنا: أخاف أن ذكر العلاء شاذ لأن أغلب الطرق بدونه
———–
أما حديث:
(حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبدا، حتى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب) أي حتى يكفر بالإسلام.
وأمه خمرة بنت سفيان بن أمية بنت عم أبي سفيان بن حرب بن أمية وهذه العلاقة وحدها كافية في تبرير موقفها، أو فهمه، رغم أن السيدة أم حبيبة من السابقات وهي ابنة أبي سفيان.
(مكثت ثلاثا حتى غشي عليها من الجهد) أي ثلاث ليال لا تأكل ولا تشرب حتى غشي عليها من التعب.
(فقام ابن لها يقال له: عمارة، فسقاها) في رواية فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها أي أو يسقوها شجروا فاها بعصا أي فتحوا فاها، ووضعوا فيه عصا لئلا تطبق، ثم صبوا الطعام فيصل جوفها رغم أنفها.
قال النووي: هكذا صوابه شجروا بالشين والجيم والراء، وهكذا هو في جميع النسخ قال القاضي: ويروى شحوا فاها بالحاء وحذف الراء، ومعناه قريب من الأول، أي أوسعوه وفتحوه، والشحو التوسعة، ودابة شحو، واسعة الخطو، ويقال: أوجره ووجره، لغتان، الأولى أفصح وأشهر. اهـ.
وفي كتب اللغة: الوجور، بفتح الواو وضمها الدواء يصب في الحلق، وأوجر الناس العليل، صبوا الوجور في حلقه.
(فجعلت تدعو على سعد، فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية {{ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي}} … وفيها {{وصاحبهما في الدنيا معروفا}})
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه والطبراني وابن عساكر، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: كنت برا بأمي، لما أسلمت قالت: يا سعد، وما هذا الذي أراك قد أحدثت؟ لتدعن دينك هذا، أو لا آكل ولا أشرب، حتى أموت فتعير بي فيقال: يا قاتل أمه.
قلت لا تفعلي يا أمه فإني لا أدع ديني هذا لشيء فمكثت يوما وليلة لا تأكل فأصبحت قد جهدت فمكثت يوما وليلة لا تأكل فأصبحت قد اشتد جهدها فلما رأيت ذلك قلت: يا أمه تعلمين.
والله! لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشيء فإن شئت فكلي وإن شئت لا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت، فنزلت هذه الآية.
قلت سيف: رجاله ثقات لكن في سماع داود بن أبي هند من سعد نظر. راجع كتاب بر الوالدين لصاحبنا اليماني
– (فقلت: نفلني هذا السيف) أي أعطنيه نافلة زائدة على حقي فأنا من قد علمت حاله جهادا وشجاعة وكفاءة
– (حتى إذا أردت أن ألقيه في القبض) بفتح القاف والباء الموضع الذي يجمع الغنائم.
فقال: فشد لي صوته: رده من حيث أخذته قال: فأنزل الله عز وجل {{يسألونك عن الأنفال}} أي الأنفال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يمنحها لمن يشاء، وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول الآية أرسل إلى سعد أن يأخذ السيف فقد أخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في السنن عن سعد رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله قد شفاني الله تعالى اليوم من المشركين، فهب لي هذا السيف.
قال: إن هذا السيف لا لك ولا لي ضعه فوضعته، ثم رجعت فقلت: عسى يعطى هذا السيف اليوم من لا يبلي بلائي، وإذا رجل يدعوني من ورائي، فقلت: قد أنزل في شيء، قال عليه الصلاة والسلام: كنت سألتني هذا السيف، وليس هو لي، وإني قد وهب لي، فهو لك، وأنزل الله هذه الآية {{يسألونك عن الأنفال}}
من طريق عاصم بن أبي النجود عن مصعب بن سعد فزاد على ما في الصحيح هبته لسعد
وسبق الحديث في الجهاد مختصرا.
وفيه من الفوائد:
أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وفيه بر الوالد المشرك وعليه بوب البخاري في الأدب المفرد
وقد شرح صاحبنا سيف بن غدير في سلسلة الوصايا العشر كما جاءت في سورة الانعام الإحسان للوالدين
الاستفهام الذي بدر من سعد على سبيل الاستبعاد والتعجب وليس الإنكار قاله القرطبي في المفهم
و سعدا إنما يريد الآخرة لذا اختار السيف للجهاد وليس طمعا في الدنيا
(ومرضت فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم) كان هذا المرض بمكة في حجة الوداع، وعاش سعد بعدها أزيد من أربعين سنة.
(فكان بعد الثلث جائزا) أي لم ينزل في هذا قرآن، بل السنة قيدت القرآن، في قوله {{من بعد وصية يوصى بها أو دين}} [النساء: 12] فالوصية في القرآن مطلقة، والسنة قيدتها بالثلث.
والموضوع مبسوط في كتاب الوصية.
—-
(فأتيتهم في حش والحش البستان) بفتح الحاء وتشديد الشين.
(فإذا رأس جذور مشوي عندهم) مشوي بالرفع، صفة لرأس، والجذور ما يصلح لأن يذبح من الإبل، ذكرا أو أنثى، ولفظه أنثى يقال للبعير: هذه جذور سمينة، والجمع جزائر وجزر، والجزر بفتح الجيم وسكون الزاي النحر، يقال: جزر الجزور نحرها فهو جازر وجزار وجزير.
(وزق من خمر) أي عندهم فزق معطوف على رأس أو مبتدأ خبره محذوف والجملة معطوفة على الجملة، والزق بكسر الزاي وعاء من جلد، يجز شعره ولا ينتف، يستخدم إناء للشراب وغيره وجمعه أزقاق، وزقاق.
(فذكرت الأنصار والمهاجرون عندهم) بضم الذال وكسر الكاف وفتح الراء بالبناء للمجهول، وفي بعض النسخ بفتح الذال والكاف وسكون الراء وضمير المتكلم فذكرت الأنصار والمهاجرين عندهم وفي رواية فتفاخرنا فقلت: المهاجرون خير من الأنصار.
(فقلت: المهاجرون خير من الأنصار) في بعض النسخ المهاجرين خير من الأنصار والصحيح الأول.
(فأخذ رجل أحد لحيي الرأس، فضربني به) أي فأخذ رجل من الأنصار – يدافع عن الأنصار – واللحاء بكسر اللام، ويقصر – من كل شيء قشره، ولحاء التمرة ما كسا النواة وليس ما هنا منه، بل تثنية لحي، بفتح اللام وسكون الحاء وتحريك الياء، وهو منبت اللحية من الإنسان وغيره، وهما لحيان، واللحيان بفتح اللام حائطا الفم، وهما العظمان اللذان فيهما الأسنان من داخل الفم، من كل جانب لحي، ويكون للإنسان والدابة وهو المراد هنا.
(فجرح بأنفي) جرح تتعدى بنفسها، فالمفعول محذوف، والباء بمعنى في أي جرحني في أنفي، في الرواية السابعة فضرب به أنف سعد ففزه وكان أنف سعد مفزورا أي فشقه قال الراوي: وكان أنف سعد مفزورا أي بقي أثر الضربة في أنف سعد بقية حياته.
(فأنزل الله تعالى في – يعني نفسه – شأن الخمر) ذكر العلماء هذا سببا لنزول الآية {{إنما الخمر والميسر}} وذكر بعضهم سببا أو أسبابا أخرى، وتعدد الأسباب لنازل واحد كثير.
(في نزلت {{ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي}} [الأنعام: 52] قال: نزلت في ستة أنا وابن مسعود منهم، وكان المشركون قالوا له: تدني هؤلاء)؟
وقد أخرج أحمد والطبراني وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه قال مر الملأ من قريش على النبي صلى الله عليه وسلم، وعنده صهيب وعمار وبلال وخباب ونحوهم من ضعفاء المسلمين فقالوا: يا محمد رضيت بهؤلاء من قومك؟ أهؤلاء من الله عليهم من بيننا؟ أنحن نكون تبعا لهؤلاء؟ اطردهم عنك، فلعلك إن طردتهم أن نتبعك، فأنزل الله تعالى فيهم القرآن.
(فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقع، فحدث نفسه، فأنزل الله عز وجل {{ولا تطرد الذين يدعون ربهم}})
أخرج ابن جرير وأبو الشيخ والبيهقي في الدلائل وغيرهم، عن خباب رضي الله عنه قال جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري، فوجدا النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا مع بلال وصهيب وعمار وخباب في أناس ضعفاء من المؤمنين فلما رأوهم حوله حقروهم فأتوه فخلوا به فقالوا: نحب أن تجعل لنا منك مجلسا تعرف العرب له فضلنا ….
نقل الألباني أن ابن كثير استغربه لأن الآية مكية والاقرع وعيينة إنما أسلما في المدينة
راجع الصحيحة 3297
وأخرج ابن المنذر وغيره عن عكرمة قال: مشى عتبة وشيبة ابنا ربيعة وقرظة ابن عبد عمرو بن نوفل والحارث بن عامر ومطعم بن عدي في أشراف الكفار من عبد مناف، إلى أبي طالب، فقالوا: لو أن ابن أخيك طرد عنا هؤلاء الأعبد والحلفاء كان أعظم له في صدورنا وأطوع له عندنا، وأدنى لاتباعنا إياه وتصديقه ….
وهذا مرسل وفيه حسين بن داود سنيد ضعيف.