62 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة –
————–
مسند أحمد:
2246 – حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج بن النعمان ثنا هشيم انا حصين عن عكرمة عن بن عباس قال: قد حفظت السنة كلها غير أني لا أدري أكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ في الظهر والعصر أم لا ولا أدري كيف كان يقرأ هذا الحرف {وقد بلغت من الكبر عتيا} أو عسيا.
قلت سيف: هو على شرط الذيل على الصحيح المسند
الحديث في الصحيح المسند 593 لكن هنا زيادة وهي قوله:
ولا أدري كيف كان يقرأ هذا الحرف {وقد بلغت من الكبر عتيا} أو عسيا.
_-_-_-_-_-_-_-
[لا صلاة الا بقراءة]
[الشرح]
(حَفِظْتُ السُّنَّةَ) الظاهر أنه أراد بها ما يتعلق بالدين من الأحكام لا كل ما ورد من النبي – صلى الله عليه وسلم – ومع ذلك قد خفي عليه ناسخ المتعة، وقد ثبت من السنة. والمسح على الخفين بعد المائدة، وقد ثبت. وأنه لا صلاة إلا بقراءة، وقد ثبت وغير ذلك، فمحمل الكلام الغالب أو الكل على زعمه، والله تعالى أعلم.
(عِتِيًا) أو (عُتِيًا) أحدهما بكسرتين والآخر بضم فكسر. [مسند الإمام أحمد بحاشية السندي]
وقال الطبرى، قال الآخرون: فى كل صلاة قراءة، غير أنه يجزئ فيما أمر المصلي أن يخافت فيه بالقراءة قراءته فى ركعتين منها، وله أن يسبح فى باقيها، وروى ذلك عن ابن مسعود، والنخعى، فجعل أهل هذه المقالة سكوت رسول الله على الخصوص، وقالوا: إنما سكت عن القراءة فى الأخريين، وأما الأوليين فإنه كان يقرأ فيهما؛ لأنه لا خلاف بين الجميع أنه كان يقرأ فيما يجهر فيه من الصلوات فى الأوليين قالوا: فحكم ما خافت فيه الإمام بالقراءة حكم ما جهر فيه، فى أن فى الأوليين قراءة وترك القراءة فى الأخريين، هذا قول الكوفيين. وقال آخرون: لم يكن النبى، عليه السلام، ترك القراءة فى شاء من صلاته، ولكنه كان يجهر فى بعض ويخافت فى بعض، هذا قول أهل الحجاز، وأحمد، وإسحاق، وأنكروا قول ابن عباس، وقالوا: قد روي عنه خلاف ذلك بإسناد أصح من إسناد الخبر عنه بإنكار القراءة فى الظهر والعصر. وقال الطبرى: وذلك ما حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هشام، عن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: (قد علمت السنة كلها، غير أنى لا أدري أكان رسول الله يقرأ فى الظهر والعصر أم لا)، ولا يندفع العلم اليقين بغير علم. قال الطحاوى: وقد روى عن ابن عباس من رأيه خلاف ما تقدم عنه، روى إسماعيل ابن أبى خالد، عن العيزار بن حريث، عن ابن عباس قال: (اقرأ خلف الإمام بفاتحة الكتاب فى الظهر والعصر)، فهذا ابن عباس قد قال من رأيه: أن المأموم يقرأ خلف الإمام فى الظهر والعصر، وقد رأينا الإمام يحمل عن المأموم ولم نر المأموم يحمل عن الإمام شيئا، فإذا كان المأموم يقرأ فالإمام أحرى بذلك.
وإذ قد صح عنه أنه قال: لا أدرى أقرأ رسول الله أم لا؟ فقد انتفى ما قال من ذلك؛ لأن غيره قد حقق قراءة رسول الله فيهما، وهو نص حديث أبى قتادة ودليل حديث خباب، وسعد وقد روى عن يحيى فى حديث أبى قتادة: أن النبي صلى الظهر فى الأوليين بأم القرآن وسورتين، وفى الأخريين بأم الكتاب، وهو قاطع للخلاف، ذكره البخارى فى باب يقرأ فى الأخريين بفاتحة الكتاب بعد هذا. وروى سفيان عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبى هريرة قال: (فى كل الصلاة قراءة فما أسمعنا رسول الله أسمعناكم، وما أخفاه عنا أخفيناه عنكم). وروى شعبة، عن سماك، عن جابر بن سمرة قال: (كان رسول الله يقرأ فى الظهر بسبح اسم ربك الأعلى). وحماد بن سلمة، عن سماك، عن جابر بن سمرة: (أن نبى الله كان يقرأ فى الظهر والعصر بالسماء والطارق، والسماء ذات البروج).
وقال الطبرى: وليس فى خبر ابن عباس إنكاره القراءة فى الظهر والعصر خلاف فيما ثبته عن النبى، عليه السلام، أنه قرأ فيها؛ لأن ابن عباس لم يذكر أن النبى، عليه السلام، قال له: لا قراءة فى الظهر والعصر، وإنما أخبر أنه سكت فيهما، وغير نكير أن يقول إذا لم يسمعه يقرأ أنه سكت، فيخبر بما كان من حاله عنده، والذى أخبر ابن عباس أن النبى لم يقرأ كان الحق عنده، والذى أخبر أنه قرأ فإنه سمع قراءته. فمن سامع منه الآية ومن سامع منه سورة، ومن سامع منه أمره بالقراءة فى الصلاة، فوجه ذلك إلى أنه أمر بالقراءة فى جميع الصلاة، ووجهه غيره إلى أنه أمر بذلك فى بعض الصلاة، ومن رآه يحرك شفتيه فى الظهر والعصر، فوجهه إلى أنه لم يحركهما إلا بقراءة القرآن، فكل أخبر بما عنده، وكل كان صادقا عند نفسه. والمصيب عين الحق أخبر أنه كان يقرأ فى الظهر والعصر وذلك أن فى خبر أبى قتادة أنه كان يسمعهم الآية أحيانا، فالشاهد إنما يستحق أن يسمى شاهدا فيما أخبر عن سماع أو رؤية. فأما من أخبر أنه لم يسمع ولم ير فغير جائز أن يجعل خبره خلافا لخبر من قال: رأيت أو سمعت؛ لأن من قال: رأيت أو سمعت فهو الشاهد، ومن قال: لم أسمع، فقد أخبر عن نفسه أنه لا شهادة عنده فى ذلك، والنفى لا يكون شهادة فى قول أحد من أهل العلم. شرح ابن بطال للبخاري (2/ 374 – 376).
و قد ثبتت القراءة عن النبي صلى الله عليه و سلم في الظهر و العصر
عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، قال: كان النبي (يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بفاتحة الكتاب وسورتين، يطول في الأولى ويقصر في الثانية، ويسمع الآية أحيانا، وكان يقرأ في العصر بفاتحة الكتاب وسورتين، وكان يطول [في الأولى، وكان يطول] في الركعة الأولى من صلاة الصبح، ويقصر في الثانية.
وخرج مسلم من حديث أبي سعيد الخدري، قال: كنا نحزر قيام رسول الله، في الظهر والعصر، فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر قراءة (ألم
تنزيل (السجدة، وحزرنا قيامه في الأخريين قدر النصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر قدر قيامه من الأخريين في الظهر، وفي الأخريين من العصر على النصف من ذلك.
وفي رواية له أيضا: كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية، وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية – أو قال: نصف ذلك – وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر قراءة خمس عشرة، وفي الأخريين قدر نصف ذلك.
قال النووي على مسلم (4/ 174): قوله وكان يقرأ بفاتحة الكتاب وسورتين فيه دليل لما قاله أصحابنا وغيرهم أن قراءة سورة قصيرة بكمالها أفضل من قراءة قدرها من طويلة لأن المستحب للقارئ أن يبتداء من أول الكلام المرتبط ويقف عند انتهاء المرتبط وقد يخفى الإرتباط على أكثر الناس أو كثير فندب منهم إلى إكمال السورة ليحترز عن الوقوف دون الإرتباط.
قال ابن رجب في الفتح (4/ 414): في هذا الحديث: دليل على استحباب القراءة في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر والعصر بسورة سورة مع الفاتحة، وهذا متفق على استحبابه بين العلماء، وفي وجوبه خلاف سبق ذكره.
وفيه: أن عادة النبي صلى الله عليه وسلم كانت القراءة بسورة تامة، وهذا هو الأفضل بالاتفاق؛ فأن قرأ السورة في ركعتين لم يكره – أيضا – وقد فعله أبو بكر الصديق.
قال: الزهري: أخبرني أنس، أن أبا بكر صلى بهم صلاة الفجر، فافتتح بهم سورة البقرة، فقرأها في ركعتين، فلما سلم قام إليه عمر، فقال: ما كنت تفرغ حتى تطلع الشمس. قال: لو طلعت لألفتنا غير غافلين.
ورخص فيه سعيد بن جبير وقتادة وأحمد، ولا نعلم فيه خلافا إلا رواية عن مالك. انتهى
قال ابن الملقن: الحكمة في قراءة السورة في الأوليين من الظهر والعصر. وفي الصحيح أن الظهر في وقت قائلة، والعصر في وقت شغل الناس بالبيع والشراء وتعب الأعمال، والصبح في وقت غفلة بالنوم آخر الليل فطولتا بالقراءة ليدركها المتأخر؛ لاشتغاله مما ذكرنا وإن كانت قراءتهما في العصر أقصر من الصبح والظهر. التوضيح لشرح الجامع الصغير (7/ 64).
ما يؤخذ من الأحاديث التي أوردناها من الأحكام:
1 – مشروعية القراءة بعد الفاتحة في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر والعصر.
2 – استحباب الإقتصار على الفاتحة في الركعتين الأخريين منهما.
3 – تطويل الركعة الأولى على الثانية، من صلاة الظهر والعصر.
4 – استحباب الإسرار بهاتين الصلاتين.
5 – جواز الجهر ببعض الآيات، وخاصة لقصد التعليم.
6 – استحباب تطويل الركعة الأولى على الثانية، من صلاة الصبح.
7 – قال النووي: الوجه الثاني أنه يستحب تطويل القراءة في الركعة الأولى قصداً. وهذا المختار، و هو الموافق لظاهر السنة.
[وراجع تيسير العلام شرح عمدة الأحكام]