62 التعليق على الصحيح المسند
مشاركة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي و أبي علي راشد الحوسني وأبي سالم محمد الكربي ومحمد الدارودي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
62 – قال أبو داود رحمه الله (ج 11 ص 164): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا أَبُو جُمَيْعٍ سَالِمُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَتَى فَاطِمَةَ بِعَبْدٍ قَدْ وَهَبَهُ لَهَا قَالَ وَعَلَى فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ثَوْبٌ إِذَا قَنَّعَتْ بِهِ رَاسَهَا لَمْ يَبْلُغْ رِجْلَيْهَا وَإِذَا غَطَّتْ بِهِ رِجْلَيْهَا لَمْ يَبْلُغْ رَاسَهَا فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ مَا تَلْقَى قَالَ «إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ بَاسٌ إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ».
قال الشيخ مقبل الوادعي: هذا حديث حسنٌ.
————————–
أولاً: دراسة الحديث رواية:
* قال الأشبيلي في الأحكام الوسطى (3/ 175): “سالم هذا روى عنه عبد الرحمن بن مهدي ومسلم بن إبراهيم وغيرهما من الجلة ووثقه يحيى بن معين، وأبو زرعة يقول فيه: ليّن الحديث”.
* أورده المقدسي في المختارة برقم 1712.
* قال ابن الملقن في البدر المنير (7/ 150): ” هذا الحديث رواه أبو داود عن محمد بن عيسى، ثنا أبو جميع سالم بن دينار، عن ثابت، عن أنس «أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أتى فاطمة رضي الله عنها بعبد … » فذكره به سواء.
وهذا إسناد جيد، وسالم وثقه يحيى بن معين، ولينه أبو زرعة، وقد تابعه سلام بن أبي الصهباء، عن ثابت لا جرم، قال الحافظ ضياء الدين في «(أحكامه»: لا أعلم بإسناده بأسا. وقال ابن القطان في) كتابه «أحكام النظر»: لا يبالى بقول أبي زرعة – يعني: السالف – فإن العدول متفاوتون في الحفظ بعد تحصيل رتبة العدالة، والحديث صحيح. ”
* قال المنذري في تعليقه على سنن أبي داود (3/ 47): ” في إسناده: أبو جُميع سالم بن دينار الهُجَيمي البصري. قال ابن معين: ثقة. وقال أبو زرعة الرازي: مصري لَيّن الحديث، وهو سالم بن أبي راشد”.
* صحح الحديث الشيخ الألباني في سنن أبي داود 4108.
وقال في الإرواء (6/ 206): ” أخرجه أبو داود (4106) وعنه البيهقي (7/ 95) من طريق أبي جميع سالم بن دينار عن ثابت عن أنس به. قلت: وإسناده صحيح رجاله ثقات وأبو جميع وثقه ابن معين وغيره وقال أحمد: أرجو أن لا يكون به بأس فقول الحافظ في ” التقريب “: ” مقبول ” مما لا وجه له عندي بعد توثيق من ذكرنا إياه ورواية جماعة من الثقات عنه. على أنه قد تابعه سلام بن أبي الصهباء عن ثابت كما قال البيهقي. وهو وإن كان قد ضعف فلا يضره ذلك في المتابعات إن شاء الله تعالى”.
والحديث في السلسلة الصحيحة برقم 2868.
* قال محققو سنن أبي داود (6/ 200): ” إسناده حسن من أجل أبي جُميع سالم بن دينار”.
* قال الشيخ سيف الكعبي في تحقيق سنن أبي داود 4108: ” قلت: سالم بن دينار مختلف فيه ولا يتحمل تفرده عن ثابت، وتابعه سلام بن أبي الصهباء؛ وحديثه ذكره ابن عدي في كامله.
وكذلك حديث أم سلمة مرفوعا (إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه) فيه نبهان مولى أم سلمة؛ مجهول
وقال الشافعي: ولم أحفظ عن سفيان أن الزهري سمعه من نبهان، ولم أر من رضيت من أهل العلم يثبت من هذين الحديثين.
يُرِيدُ حَدِيثَ نَبْهانَ وحَدِيثَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أنَّ النَّبِيَّ قالَ:» مَن كاتَبَ عَبْدَهُ عَلى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ فَأدّاها إلّا عَشْرَ أواقٍ فَهُوَ رَقِيقٌ. انتهى من سنن سنن البيهقي 10/ 327 “.
ثانياً: دراسة الحديث درايةً:
1 – تبويبات الأئمة على الحديث:
* بوب أبوداود في سننه على هذا الحديث باب فِى الْعَبْدِ يَنْظُرُ إِلَى شَعْرِ مَوْلاَتِهِ، وأورد تحته:
- حديث أُمّ سَلَمَةَ اسْتَاذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى الْحِجَامَةِ فَأَمَرَ أَبَا طَيْبَةَ أَنْ يَحْجُمَهَا. قَالَ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ كَانَ أَخَاهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ أَوْ غُلاَمًا لَمْ يَحْتَلِمْ.• وحديث أنس بن مالك الذي في الباب.
* بوب البيهقي على هذا الحديث في السنن الكبرى (7/ 154): باب ما جاء في إبدائها زينتها لما ملكت يمينها، وأورد تحته:
* حديث أنس الذي في الباب وقال عقبه: تابعه [- أي: أبو جميع سالم بن دينار-] سلام بن أبي الصهباء، عن ثابت.
* وأورد أثرًا عن سليمان بن يسار، عن عائشة رضي الله عنها, قال: ” استأذنت عليها، فقالت: من هذا؟ فقلت: سليمان قالت: كم بقي عليك من مكاتبتك؟ قال: قلت: عشر أواق قالت: ادخل فإنك عبد ما بقي عليك درهم ” وروينا عن القاسم بن محمد، أنه قال: إن كانت أمهات المؤمنين يكون لبعضهن المكاتب، فتكشف له الحجاب ما بقي عليه درهم، فإذا قضي أرخته دونه وكان الحسن، والشعبي، وطاوس، ومجاهد يكرهون أن ينظر العبد إلى شعر سيدته، وكأنهم عدوا الشعر من الزينة التي لا تبديها لعبدها كما عده ابن عباس رضي الله عنهما، فيما رويناه من الزينة التي لا تبديها لمحارمها، وروينا عن إبراهيم الصائغ قال: قلت لنافع يخرجها عبدها قال: لا لأنهم يرون العبد ضيعة، وظاهر الكتاب أولى بالاتباع مع ما فيه من السنة.
* أورد الحديث ابن الأثير في جامع الأصول 4955 في الفصل السابع عشر من الكتاب السابع في الصحبة بعنوان: في الخلوة بالنساء والنظر إليهن، الفرع الثاني بعنوان: في النظر إليهن، وأورد تحته من الأحاديث:
• (م ت د) جرير بن عبد الله البجلي – رضي الله عنه -: قال: «سألتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- عن نَظْرَةِ الفُجَاءَةِ؟ فقال: اصْرِفْ بَصَرَكَ». أخرجه مسلم، والترمذي، وأبو داود. - (ت د) بريدة – رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لعليِّ يا عليُّ لا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لكَ الأُولَى، وليست لكَ الثانيةُ». أخرجه الترمذي، وأبو داود.
• حديث أنس الذي في الباب.
*
2 – شرح الحديث:
* قال الطيبي في شرح المشكاة (7/ 2276): ” قوله: ((ما تلقى)) أي من تغطية الرأس طورا، والرجل أحرى، حياء وتنزها، والضمير في ((إنما هو)) راجع إلي من استحيت وتنزهت منه، يعني لا بأس أن تستحين منه إلا أباك وغلامك، ذكر الأب ليعطف عليه ((غلامك)) إشعارا بأن غلام المرأة بمنزلة أبيها في المحرمية، فلو قال: إنما هو أنا وغلامك لم يقع هذا الموقع. “
* قال علي الملا قاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 2057): ” (وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي فاطمة بعبد) أي مصاحبا به (قد وهبه لها وعلى فاطمة ثوب) أي قصير (إذا قنعت) أي سترت (به رأسها لم يبلغ رجليها وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها فلما رأى) أي أبصر أو علم (رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تلقى) أي ما تلقاه فاطمة من التحير والخجل وتحمل المشقة في التستر من جر الثوب من رجليها إلى رأسها ومن رأسها إلى رجليها حياء أو تنزها (قال إنه) الضمير للشأن (ليس عليك بأس) بأن لا تستري وجهك (إنما هو) أي من استحييت منه (أبوك وغلامك) أي الآتي أحدهما أبوك والآخر غلامك ومملوكك، قيل: هذا صريح في أنه يجوز النظر إلى ما فوق السرة من نساء محارمه وبأن عبد المرأة محرمها وبه قال الشافعي خلافا لأبي حنيفة، قلت: كونه دليلا غير صحيح فضلا عن أنه صريح ولعله يحمل على أن العبد كان غير محتلم أو على إنه لم يكن من مظنة الشهوة وفي فتاوى قاضيخان: والعبد في النظر إلى مولاته الحرة التي لا قرابة بينه وبينها بمنزلة الرجل الأجنبي الحر ينظر إلى وجهها وكفيها ولا ينظر الأجنبي الحر من الأجنبية الحرة سواء كان العبد خصيا أو فحلا إذا بلغ مبلغ الرجال وأما المجبوب الذي جف ماؤه فبعض مشايخنا جوزوا اختلاطه بالنساء والأصح أنه لا يرخص ويمنع وللعبد أن يدخل على مولاته بغير إذنها إجماعا وفي أحد قولي الشافعي: يباح للعبد من سيدته ما يباح للمحرم من ذوات المحارم اه. ولعل مأخذ الشافعي غير هذا الحديث والله تعالى أعلم”.
* قال الصنعاني في سبل السلام (2/ 607) عن حديث أم سلمة «إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدى فلتحتجب منه»: ” وهو دليل على مسألتين (الأولى) أن المكاتب إذا صار معه جميع مال المكاتبة فقد صار له ما للأحرار فتحتجب منه سيدته إذا كان مملوكا لامرأة وإن لم يكن قد سلم ذلك، وهو معارض بحديث عمرو بن شعيب وقد جمع بينهما الشافعي فقال: هذا خاص بأزواج النبي – صلى الله عليه وسلم -، وهو احتجابهن عن المكاتب وإن لم يكن قد سلم مال الكتابة إذا كان واحدا له وإلا منع من ذلك كما منع سودة من نظر ابن زمعة إليها مع أنه قد قال «الولد للفراش» قلت ولك أن تجمع بين الحديثين بأن المراد أنه قن إذا لم يجد ما بقي عليه ولو كان درهما.
وحديث أم سلمة في مكاتب واحد لجميع مال الكتابة ولكنه لم يكن قد سلمه وأما حديث أم سلمة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال لها «إذا كاتبت إحداكن عبدها فليرها ما بقي عليه شيء من كتابته فإذا قضاها فلا تكلمه إلا من وراء حجاب» فإنه ضعيف لا يقاوم حديث الكتاب.
(المسألة الثانية) دل بمفهومه على أنه يجوز لمملوك المرأة النظر إليها ما لم يكاتبها ويجد مال الكتابة، وهو الذي دل له منطوق قوله تعالى: {أو ما ملكت أيمانهن} [النور: 31] في سورة النور وفي سورة الأحزاب ويدل له أيضا «قوله – صلى الله عليه وسلم – لفاطمة لما تقنعت بثوب وكانت إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك» أخرجه أبو داود وابن مردويه والبيهقي من حديث أنس وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد. قال «كان العبيد يدخلون على أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم -» يريد مماليكهن: وفي تيسير البيان للأوزاعي أن رؤية المملوك لمالكته: المنصوص أي للشافعي وذكر الخلاف لبعض الشافعية ورده وهو خلاف ما نقلنا عنه أولا: فيحتمل أن ذلك قول له وإلى هذا ذهب أكثر العلماء من السلف وهو قول الشافعي.”
* قال الشوكاني في نيل الأوطار (6/ 137): ” قوله: (إذا قنعت) بفتح النون المشددة: سترت وغطت قوله: (إنما هو أبوك وغلامك) فيه دليل على أنه يجوز للعبد النظر إلى سيدته وأنه من محارمها يخلو بها ويسافر معها وينظر منها ما ينظر إليه محرمها، وإلى ذلك ذهبت عائشة وسعيد بن المسيب والشافعي في أحد قوليه وأصحابه، وهو قول أكثر السلف وذهب الجمهور إلى أن المملوك كالأجنبي بدليل صحة تزوجها إياه بعد العتق، وحمل الشيخ أبو حامد هذا الحديث على أن العبد كان صغيرا لإطلاق لفظ الغلام ولأنها واقعة حال
واحتج أهل القول الأول أيضا بحديث الاحتجاب من المكاتب الذي أشار إليه المصنف، وبقوله تعالى: {أو ما ملكت أيمانكم} [النساء: 3] وقد تقدم ما أجاب به سعيد بن المسيب من أن الآية خاصة بالإماء كما رواه عنه ابن أبي شيبة”.
* قال الشيخ الألباني في سلسلة الهدى والنور: ” الأحاديث الكثيرة والنصوص الشرعية القرآنية قاطعة الدلالة في جواز دخول الحمو الذي هو أبو الزوج على المرأة حتى ولو كانت غير متحجبة، نحن نعلم مثلاً، أو نذكر مما نذكر، حديث أبي داود رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوماً على ابنته فاطمة ومعه عبدٌ لها، فسارعت السيدة فاطمة لأنها كانت مضطجعة لتتستر فقال لها: (لا بأس عليك، إنما هو أبوكِ وغلامك) الغلام يجوز للمرأة أن يدخل عليها وأن تراه وأن يراها ببدلتها البيتيه في حدود قوله تعالى المنصوص عليه في القرآن الكريم: ((لَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ))، إلى آخر الآية، يعني: لا تظهر المرأة أمام المحرم أكثر من مواطن الزينة، فالأحاديث صريحة في جواز اختلاء المحرم مع من تحرُم عليه، ولذلك تفسير الحمو هنا بأحرم المحارم وهو أبو الزوج لا يصح ولا يستقيم هنا، وإلا لزم من ذلك رد أحاديث كثيرة، وأحكام متفق عليها بين علماء المسلمين.”
* قال الشيخ عبدالمحسن العباد في سنن أبي داود (23/ 152): ” أورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء لفاطمة بعبد، وكان عليها ثوب لا يكفي لجميع بدنها، إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها، أي: إن رفعته إلى رأسها بدت القدمان، وإن أنزلته إلى القدمين لتغطيهما بدا الرأس. فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ما عندها من الحياء في ذلك قال عليه الصلاة والسلام: (ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك) وهذا محل الشاهد، وهو قوله: (وغلامك) يعني: أن الغلام له أن ينظر إلى ما يراه منها محارمها. ”
وقد سئل الشيخ عبد المحسن: السؤال: حديث أنس الذي فيه أبو جميع سالم بن دينار في قصة فاطمة (إنما هو أبوك وغلامك) هل يصح إسناده؟
الجواب: الألباني صححه؛ لكن ما أدري هل له شواهد، لكن معناه جاء في القرآن، أما هذه الحادثة بعينها فلا أعرف حكمها، أما حكم إبداء الزينة لملك اليمين كما تبدى للمحارم فقد جاء في القرآن في موضعين، موضع في سورة الأحزاب وموضع في سورة النور.
3 – المسائل الأخرى:
* حديث ” إذا كان لاحداكن مكاتب وعنده ما يؤدي فلتحتجب منه ” ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في الإرواء برقم 1769.
* سئل الشيخ الألباني رحمه الله في سلسلة الهدى والنور:
” السائل: … يعني زيادة في التوضيح في السؤال الذي سبق هل يجوز للمرأة أن تكون بين نسائها وبين محارمها حاسرة الرأس وبثوب نصف كم وهو طوله إلى نصف الساق مثلا؟؟؟
الشيخ: الجواب هو يعني كما ذكرنا آنفا , وباختصار يجوز , مادام أنها لا تظهر شيئا من غير أماكن الزينة , فالذراعان يجوز إبداءهما ومكان الخلاخيل يجوز كذلك.
السائل: والرأس.؟
الشيخ: والرأس كذلك بلا شك يجوز.
السائل: نعم.
الشيخ: وليس يعني يجب على المرأة أن تشدد على نفسها , وقد يسر الله لها كما جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوما على فاطمة وهي مضطجعة على فراشها ومعه عليه السلام عبد لها , فسارعت لتتستر فقال النبي: (يا ابنتي لا بأس عليك إنما هو أبوك وغلامك).
فإذن لا يجب على المرأة أن تستر كل بدنها أمام أختها المسلمة , يجوز لها أن تبدى ما أجاز الله لها , ولا يجب بل لا يجوز لها أن تشدد على نفسها لأنه الأمر كما يقولون: ” كثر الشد يرخي ” أي نعم تفضل. ”
* في مجلة البحوث الإسلامية (28/ 266): ” الفصل الخامس: خلوة المرأة بمملوكها والسفر معه
ذهب الحنفية والحنابلة إلى أن المملوك لا يصح أن يكون محرما لها في السفر ولا يعد من المحارم في ذلك (1) سواء كان فحلا أو مجبوبا أو خصيا (2).
وذهب الشافعية إلى أن مملوك المرأة يصح أن يكون محرما لها على الأصح عند الأكثرين (3)، فله الخلوة بها، والمسافر معها (4) إن كان ثقة وممسوحا لم يبق فيه شهوة للنساء (5) والمقصود بذلك الملكية التامة (6).
واستدل الشافعية بما يلى:
1 – قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} (7) ثم قال سبحانه {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} (8) ففي هذه الآية ذكر سبحانه المملوك مع ذوي الأرحام في إباحة النظر مما يدل على أنه يأخذ حكمهم في الخلوة أيضا (9).
وهذه فتوى لبعض لجان الفتوى:
فإن أكثر أهل العلم من الفقهاء والمفسرين يفسرون الآية الكريمة «أو نسائهن» بأن المراد بها نساء المسلمين دون غيرهن من نساء اليهود والنصارى وغيرهم، قال الطبري في تفسيره: قيل: عني بذلك نساء المسلمين. وقال القرطبي: أو نسائهن يعني المسلمات ويدخل في هذا الإماء المؤمنات ويخرج منه نساء المشركين من أهل الذمة وغيرهم. وقال ابن كثير: أو نسائهن يعني تظهر بزينتها أيضا للنساء المسلمات دون نساء أهل الذمة لئلا تصفهن لرجالهن، وذلك وإن كان محذورا في جميع النساء إلا أنه في نساء أهل الذمة أشد فإنهن لا يمنعهن من ذلك مانع، وأما المسلمة فإنها تعلم أن ذلك حرام فتنزجر عنه. وقال بعضهم هن النساء جميعا، قال ابن العربي في أحكام القرآن: أو نسائهن فيه قولان: أحدهما أنه جميع النساء، والثاني: أنه نساء
المؤمنين، ثم قال: والصحيح عندي أن ذلك جائز لجميع النساء، وإنما جاء بالضمير للإتباع فإنها آية الضمائر إذ فيها خمسة وعشرون ضميرا لم يروا في القرآن لها نظيرا، فجاء الضمير فيها للاتباع. وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير: والإضافة في قوله «أو نسائهن» إلى ضمير المؤمنات إن حملت على ظاهر الإضافة كانت دالة على أنهن النساء اللاتي لهن بهن مزيد اختصاص، فقيل المراد نساء أمتهن أي المؤمنات، مثل الإضافة في قوله تعالى: واسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِجالِكُمْ أي من رجال دينكم، ويجوز أن يكون المراد أو النساء وإنما أضافهن إلى ضمير النسوة إتباعا لبقية المعدود، فتكون الإضافة لغير داع معنوي بل لداع لفظي تقتضية الفصاحة مثل الضميرين المضاف إليهما في قوله تعالى: فَألْهَمَها فُجُورَها وتَقْواها، أي
ألهمهما الفجور والتقوى، فإضافتهما إلى الضمير إتباع للضمائر التي من أول سورة (والشمس وضحاها) ثم قال: ومن هذين الاحتمالين اختلف الفقهاء في جواز نظر النساء المشركات والكتابيات إلى ما يجوز للمرأة المسلمة إظهاره للأجنبية من جسدها.
وجمهورهم على منع إظهار الزينة لغير المسلمة،
وعلى ذلك فالضمير في قوله تعالى: أو نسائهن. عائد على نساء المؤمنين المختصات بصحبتهن ومخالطتهن وخدمتهن،
والآية شاملة للنساء المؤمنات سواء كن حرائر أو إماء.
وأما الإماء المشركات فقد جاء فيهن: أو ما ملكت أيمانهن. ولو كن كوافر، قال القرطبي: لا يحل لامرأة مسلمة أن تكشف شيئا من بدنها بين يدي امرأة مشركة إلا أن تكون أمة لها فذلك قوله تعالى: أو ما ملكت أيمانهن.
وأما العبيد الذكور فهم كالأجانب على ما ذهب إليه أكثر أهل العلم، ورخص بعضهم في نظر الغلام (العبد) الوغد إلى شعر سيدته وكره ذلك بعضهم.
وخلاصة ما ذكرنا من مذهب الجمهور أنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تبدي زينتها لغير المسلمة إلا أن تكون أمة لها، كما لا يجوز لها أن تبدي زينتها لعبدها غير المحرم لها ولو كان مسلما.
كما ننبه أن الآية الكريمة المذكورة من أمهات آيات الأحكام التي تحتوي على أبحاث طويلة وآراء متشعبة لأهل العلم لا يتسع المقام لذكرها، ويمكنك أن تعود إليها في كتب التفسير وخاصة أحكام القرآن لابن العربي، وأحكام القرآن للجصاص، وتفسير القرطبي، وتفسير ابن عاشور.
2 – عن أنس -رضي الله عنه- «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها قال وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها.
فلما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما تلقى قال: إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك (2)» ففي هذا دلالة على إباحة النظر مما يدل على حل الخلوة والمسافرة بها.
ويجاب عن الاستدلالين السابقين بأن إباحة النظر لا تعني حل الخلوة والسفر، لأن النظر أجيز للحاجة كالشاهد والخاطب وكغير أولي الإربة فلهم النظر وليس لهم السفر والمحرمية (3).
3 – إن المملوك يحرم عليه حرمة الزواج من سيدته فكان محرما كالأقارب (4) ويجاب عن ذلك بأن الحرمة المؤقتة هذه لا تقتضي النفرة الطبيعية بدليل السيد مع أمته وبالتالي فلا يؤمن عليها مما يدل على عدم صحة القياس على الأقارب (5).
واستدل الحنفية والحنابلة بما يلي:
1 – بما روي عن ابن عمر -رضي الله عنه- أن النبي صلى اله عليه وسلم قال.
«سفر المرأة مع عبدها ضيعة (7)»
ففي هذا الحديث بيان في أن سفر المرأة مع عبدها ضياع للمرأة وما يؤدي إلى ضياعها لا يجوز. فإخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك دليل على تحريم سفر العبد بسيدته وخلوته بها.
2 – أنه لا يحل له أن يستمتع بها كما يفعل السيد بأمته فزوج الأخت لا يعد لها محرما فكذا العبد مع سيدته.
3 – أنه لا يعد محرما لها فلا تحرم عليه على التأبيد فله أن يتزوج بها إذا عتق.
4 – أنه غير مأمون عليها لعدم وجود نفرة المحرمية كما هو مع المحارم (1).
الترجيح:
مما مضي نرى الشافعية حصروا السفر والخلوة في كون العبد ثقة، بل ممسوح الذكر وليس فيه رغبة للنساء، وهذا فيه تقييد ظاهر لكن تبقى عدم غيرته بالجملة على سيدته، ومنع الغير عنها، فلهذا ولما مضي من أدلة لأصحاب القول الأول، ولعدم قوة استدلال الشافعية فيما ذهبوا إليه، فإنني أميل إلى عدم حل خلوة المملوك بسيدته وعم جواز سفرها معه.