61 جامع الأجوبة الفقهية:
مسألة: رطوبة فرج المرأة: ص 114
“””””
جواب صاحبنا: سيف غدير النعيمي:
جاء في الوسوعة الفقهية الكويتية:
(تعريف الرطوبة):
(1) الرطوبة لغة: مصدر رطب , تقول رطب الشيء بالضم إذا ندي , وهو خلاف اليابس الجاف , والرطوبة بمعنى البلل والنداوة.
ولا يخرج معنى الرطوبة في الاصطلاح عن المعنى اللغوي , إلا أن الحنابلة فرقوا في الحكم بين الرطوبة والبلل.
قال في كشاف القناع:. . . لو قطع بالسيف المتنجس ونحوه بعد مسحه قبل غسله فما فيه بلل كبطيخ ونحوه نجسه لملاقاة البلل للنجاسة , فإن كان ما قطعه به رطبا لا بلل فيه كجبن ونحوه فلا بأس به كما لو قطع به يابسا ; لعدم تعدي النجاسة إليه.
قلت: (سيف) وفي تعليق محقِّقي {الشرح الممتع} لابن عثيمين: (هذا ما كان يراه شيخنا رحمه الله سابقًا، ثم إنَّه رجع عن ذلك، وقال: إنَّ المستحاضة ونحوها ممَّن حدَثُه دائم لا يجب عليه الوضوء لكلِّ صلاة، بل يُستحب … وأمَّا رطوبة فرْج المرأة فالقول بوجوب الوضوء منها أضعفُ من القول بوجوبه في الاستحاضة؛ لأنَّ الاستحاضة ورد فيها حديثٌ، بخلاف رُطوبة فرْج المرأة مع كثرة ذلك من النِّساء، والله أعلم). (الشرح الممتع (1/ 503)
“””””
جواب: مجموعة ناصر الريسي:
للعلماء في رطوبة فرج المرأة مذهبان:
الأول: أنه نجس:
وهو مذهب المالكية، وإحدى الروايتين عن أحمد وقول عند الشافعية، أبو يوسف ومحمد من الحنفية
(راجع: حاشية الدسوقي، ومواهب الجليل وكشاف القناع الإنصاف، والمجموع وحاشية ابن عابدين)
الثاني: أنه طاهر:
الشافعية، والصحيح في مذهب الحنابلة، وأبي حنيفة.
(راجع: مغني المحتاج، ونهاية المحتاج، وكشاف القناع ومطالب أولي النهى).
قلت: (سعيد الجابري) وهو الأصح في مذهب الشافعية.
قال ابن الملقن في شرح العمدة: استدل جماعة بهذا الحديث حديث عائشةعلى طهارة رطوبة فرج المرأة، وهو الأصح عندنا الشافعية.
راجع: (توضيح الأحكام للبسام).
أدلة أصحاب القول الأول: في النجاسة
الدليل الأول:
عن أبي بن كعب، أنه قال: يا رسول الله إذا جامع الرجل المرأة فلم ينزل. قال: يغسل ما مس المرأة منه ثم يتوضأ ويصلي. (رواه البخاري ومسلم)
قال الكرماني: فإن قلت: المقصود منه بيان ما أصابه من رطوبة فرج المرأة، فكيف يدل عليه وظاهر، أن ما مس المرأة مطلقا من يد ورجل ونحوه لا يجب غسله؟
قلت: فيه إما إضمار أو كناية، لأن تقديره يغسل عضوا مس فرج المرأة، وهو إطلاق اسم الملزوم، وهو: مس المرأة، وإرادة اللزوم، وهو إصابة رطوبة فرجها.
المرجع: عمدة القارئ شرح صحيح البخاري (3/ 253)
الدليل الثاني:
أن زيد بن خالد سأل عثمان بن عفان رضي الله عنه قلت: أرأيت إذا جامع فلم يمن؟ قال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ويغسل ذكره.
قال عثمان: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألت عن ذلك علياً والزبير وطلحة وأبي بن كعب رضي الله عنهم فأمروه بذلك.
(رواه البخاري ومسلم).
وجه الاستدلال:
قال النووي: هذان الحديثان يعني: حديث أبي بن كعب وعثمان في جواز الصلاة بالوضوء بلا غسل منسوخان كما سبق في باب ما يوجب الغسل.
وأما الأمر بغسل الذكر وما أصابه منها فثابت غير منسوخ، وهو ظاهر في الحكم بنجاسة رطوبة الفرج.
واعترض على هذا التوجيه بجوابين:
الأول: قالوا: إن غسل الذكر من الجماع مستحب، وليس بواجب.
الثاني: قالوا: إن الوضوء وغسل الذكر عند الإكسال منسوخان بأحاديث إيجاب الغسل، فالحكم الشرعي الأول في أول الإسلام كان في الإيلاج واجبان: الوضوء، وغسل الذكر.
المرجع: (الاعتبار في الناسخ والمنسوخ (ص: 30 36).
الدليل الثالث:
أن هذه الرطوبة في الفرج، ولا يخلق منه الولد فأشبه المذي المرجع: (المغني (1/ 414).
وأجيب:
بأنه ليس كل شيء في الفرج لا يخلق منه الولد فهو يشبه المذي، لأن الفرج يطلق على القبل والدبر كما هو معلوم، ومع ذلك هذه الريح في الفرج، ولا يخلق منها الولد، وهي طاهرة.
الدليل الرابع:
قالوا: إنه عرق متولد من مكان النجاسة.
المرجع: (مغني المحتاج (1/ 81).
الاعتراض عليه:
لا نسلم أن فرجها نجس، لأنه لو كان نجسا لحكمنا بنجاسة منيها لخروجه من الفرج.
أدلة أصحاب القول الثاني: في الطهارة:
الدليل الأول:
عدم الدليل المقتضي للنجاسة، والأصل في الأشياء الطهارة، أن هذه الإفرازات أمر لا يخفى، وهي كثيرة في النساء، ولا شك أنه كان موجودا في النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كنساء زماننا، ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهن بالغسل منه أو الوضوء منه، فلما لم يأت شيء من هذا علم أن الرطوبة طاهرة.
الدليل الثاني:
قال ابن مفلح الصغير: كانت عائشة تفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما كان من جماع؛ لأن الأنبياء لا يحتلمون، وهو يصيب الرطوبة، فلو حكمنا بنجاسته لحكمنا بنجاسة منيها؛ لأنه يلاقي رطوبته بخروجه منه.
المرجع: (المبدع (1/ 451).
وقال ابن قدامة: لو حكمنا بنجاسة فرج المرأة لحكمنا بنجاسة منيها؛ لأنه يخرج من فرجها، فيتنجس برطوبته
المرجع: (المغني (1/ 414).
وتعلق المحتجون بهذا الحديث قالوا: الاحتلام مستحيل في حق النبي صلى الله عليه وسلم لأنه من تلاعب الشيطان بالنائم فلا يكون المني الذي على ثوبه صلى الله عليه وسلم إلا من الجماع ويلزم من ذلك مرور المني على موضع أصاب رطوبة الفرج فلو كانت الرطوبة نجسة لتنجس بها المني ولما تركه في ثوبه ولما اكتفى بالفرك.
المرجع: (شرح النووي على مسلم (3/ 198)
وأجيب بجوابين:
أحدهما جواب بعضهم أنه يمتنع استحالة الاحتلام منه صلى الله عليه وسلم وكونها من تلاعب الشيطان بل الاحتلام منه جائز صلى الله عليه وسلم وليس هو من تلاعب الشيطان بل هو فيض زيادة المني يخرج في وقت.
الثاني:
أنه يجوز أن يكون ذلك المني حصل بمقدمات جماع فسقط منه شئ على الثوب وأما المتلطخ بالرطوبة فلم يكن على الثوب.
الدليل الثالث:
القول بنجاسة رطوبة فرج المرأة فيه حرج شديد، لأن في التحرز منه مشقة كبيرة، أكثر من المشقة في التحرز من ولوغ الهرة ونحوها، فلو كانت الرطوبة نجسة العين لخفف ذلك من أجل المشقة، فكيف والأدلة على نجاستها ليست صريحة في الباب.
المرجع: (موسوعة أحكام الطهارة (13/ 266)
الدليل الرابع:
أن مخرج هذه الإفرازات غير مخرج البول النجس.
المرجع: (صحيح فقه السنة وأدلته (1/ 82)
مسألة: هل رطوبة فرج المرأة تنقض الوضوء؟
اختلف بين أهل العلم في رطوبة فرج المرأة أينقض الوضوء.
1 فذهب ابن حزم في المحلى، (1/ 255): إلى القول بأنها لا تنقض الوضوء؛ لأنها ليست ببول ولا مذي، ومن قال بالنقض فعليه الدليل بل هو كالخارج من بقية البدن من الفضلات الأخرى كالعرق.
2 ذهب الجمهور إلى القول بأن هذه الرطوبات الخارجة من الفرج تنقض الوضوء، وهذا هو الراجح؛ لأنها خارجة من أحد السبيلين ولا يلزم من القول بطهارتها عدم القول بنقض الوضوء بها، فهذه الريح التي تخرج من الدبر تنقض الوضوء مع كونها طاهرة.
المرجع: المغني (1/ 230)، والمجموع (2/ 6).
قلت (ناصر الريسي): من قال أن الرطوبة طاهرة وتوجب الوضوء قياساً على الريح، فإنه لا يلزم المرأة أن تغسل المحل ومالامسها من الملابس بل تتوضأ فقط حالها حال الريح.
قلت (سعيد الجابري): والقول بنقض الوضوء بها أحوط.
فيقال: إن كانت مستمرة، فحكمها حكم سلس البول، أي: أن المرأة تتطهر للصلاة المفروضة بعد دخول وقتها، وتتحفظ ما استطاعت، وتصلي ولا يضرها ما خرج.
تنبيه:
إن كانت (الرطوبة) تنقطع في وقت معين قبل خروج الصلاة فيجب عليها أن تنتظر حتى يأتي الوقت الذي تنقطع فيه؛ لأن هذا حكم سلس البول. (راجع الشرح الممتع)
“””””
جواب سعيد الجابري:
قال الحافظ بن حجر تحت حديث ميمونة في غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة وفيه وغسل فرجه وما أصابه من الأذى
وقوله وما أصابه من أذى ليس بظاهر في النجاسة وأبعد من استدل به على نجاسة المني أو على نجاسة رطوبة الفرج لأن الغسل ليس مقصورا على إزالة النجاسة
انتهى (الفتح) (عون المعبود)
وقال الإمام الشوكاني: ومن فوائدهما يعني الحديثين كما قال ابن رسلان في شرح السنن: طهارة رطوبة فرج المرأة، لأنه لم يذكر هنا أنه كان يغسل ثوبه من الجماع قبل أن يصلي لو غسله لنقل. ومن المعلوم أن الذكر يخرج وعليه رطوبة من فرج المرأة انتهى. (نيل الأوطار)
يقصد الشوكاني حديث جابر بن سمرة سمعت رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم أصلي في الثوب الذي آتي فيه أهلي، قال: نعم إلا أن ترى فيه شيئاً.
وحديث معاوية: قلت لأم حبيبة: هل كان يصلي النبي صلى الله عليه وسلم في الثوب الذي يجامع فيه قالت: نعم إذا لم يكن فيه أذى
وقال القاضي: ما أصاب منه في حال الجماع فهو نجس؛ لأنه لا يسلم من المذي، وهو نجس. ولا يصح التعليل، فإن الشهوة إذا اشتدت خرج المني دون المذي، كحال الاحتلام.
(المغني لابن قدامة)
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه في الشرح الممتع:
إن الفرج له مجريان:
الأول:
مجرى مسلك الذكر،
وهذا يتصل بالرحم، ولا علاقة له بمجاري البول ولا بالمثانة، ويخرج من أسفل مجرى البول.
الثاني:
مجرى البول،
وهذا يتصل بالمثانة ويخرج من أعلى الفرج.
فإذا كانت هذه الرطوبة ناتجة عن استرخاء المثانة وخرجت من مجرى البول، فهي نجسة، وحكمها حكم سلس البول.
وإذا كانت من مسلك الذكر فهي طاهرة، لأنها ليست من فضلات الطعام والشراب، فليست بولا، والأصل عدم النجاسة حتى يقوم الدليل على ذلك، ولأنه لا يلزمه إذا جامع أهله أن يغسل ذكره ولا ثيابه إذا تلوثت به، ولو كانت نجسة للزم من ذلك أن ينجس المني، لأنه يتلوث بها.
“””””
جواب سيف الكعبي:
القول بطهارة رطوبة فرج المرأة أقوى خاصة أن أقوى دليل استدلوا به هو حديث أبي بن كعب يمكن أن يجاب عنه بالإضافة إلى ما ذكر بأن يكون الغسل لما أصابه من مذي المرأة.
وكذلك القول بعدم نقضه الوضوء أقوى، والوضوء أحوط.
“””””