61 – فتح رب البرية بينابيع الحكمة من أقوال الأئمة
جمع أحمد بن خالد وآخرين
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
(1914): دعاء لا يكاد يرد أبدا
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
فصل
وإذا جمع الدعاءُ حضورَ القلب وجمعيتَه بكلّيته على المطلوب، وصادف وقتًا من أوقات الإجابة الستة وهي: الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإِمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة، وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم؛ وصادف خشوعًا في القلب، وانكسارًا بين يدي الربّ، وذلاًّ له، وتضرّعًا ورِقّةً؛ واستقبل الداعي القبلة، وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله تعالى، وبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم ثنّى بالصلاة على محمَّد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، ثم قدّم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار، ثم دخل على الله، وألحّ عليه في المسألة، وتملّقه، ودعاه رغبة ورهبة، وتوسّل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده، وقدّم بين يدي دعائه صدقة = فإنّ هذا الدعاء لا يكاد يُرَدّ أبدًا، ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها مظنة الإجابة، أو أنها متضمنة للاسم الأعظم.
الداء والدواء ص (17)
______________
(1915): قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
لا يزول فقر العبد وفاقته إلا بالتوحيد، وإذا حصل مع التوحيد الاستغفار؛ حصل للعبد غِناه، وسعادته، وزال عنه ما يعذبه
… الفتاوى: (1) / (56)].
______________
(1916): موضع يغلط فيه كثير من الناس
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
فصل
وكثيرًا ما تجد أدعيةً دعا بها قوم، فأستجيب لهم، ويكون قد اقترن بالدعاء ضرورةُ صاحبه، وإقباله على الله، أو حسنةٌ تقدمت منه جعل الله سبحانه إجابةَ دعوته شكرًا لحسنته، أو صادف وقتَ إجابة ونحو ذلك، فأجيبت دعوته. فيظن الظانّ أن السرّ في لفظ ذلك الدعاء، فيأخذه مجردًا عن تلك الأمور التي قارنَتْه من ذلك الداعي. وهذا كما إذا استعمل رجل دواء نافعًا في الوقت الذي ينبغي على الوجه الذي ينبغي، فانتفع به، فظنّ غيره أن استعمال هذا الدواء بمجرده كافٍ في حصول المطلوب، كان غالطًا. وهذا موضع يغلط فيه كثير من الناس.
ومن هذا أنّه قد يتفق دعاؤه باضطرار عند قبر فيجاب، فيظنّ الجاهل أنّ السرّ للقبر، ولم يعلم أنّ السرّ للاضطرار وصدق اللجأ إلى الله. فإذا حصل ذلك في بيت من بيوت الله كان أفضل وأحبّ إلى الله.
الداء والدواء ص (26)
______________
(1917): دعاء لا يكاد يرد أبدا
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
فصل
وإذا جمع الدعاءُ حضورَ القلب وجمعيتَه بكلّيته على المطلوب، وصادف وقتًا من أوقات الإجابة الستة وهي: الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإِمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة، وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم؛ وصادف خشوعًا في القلب، وانكسارًا بين يدي الربّ، وذلاًّ له، وتضرّعًا ورِقّةً؛ واستقبل الداعي القبلة، وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله تعالى، وبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم ثنّى بالصلاة على محمَّد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، ثم قدّم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار، ثم دخل على الله، وألحّ عليه في المسألة، وتملّقه، ودعاه رغبة ورهبة، وتوسّل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده، وقدّم بين يدي دعائه صدقة = فإنّ هذا الدعاء لا يكاد يُرَدّ أبدًا، ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها مظنة الإجابة، أو أنها متضمنة للاسم الأعظم.
الداء والدواء ص (17)
______________
(1918): قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
لا يزول فقر العبد وفاقته إلا بالتوحيد، وإذا حصل مع التوحيد الاستغفار؛ حصل للعبد غِناه، وسعادته، وزال عنه ما يعذبه
… الفتاوى: (1) / (56)].
______________
(1919): موضع يغلط فيه كثير من الناس
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
فصل
وكثيرًا ما تجد أدعيةً دعا بها قوم، فأستجيب لهم، ويكون قد اقترن بالدعاء ضرورةُ صاحبه، وإقباله على الله، أو حسنةٌ تقدمت منه جعل الله سبحانه إجابةَ دعوته شكرًا لحسنته، أو صادف وقتَ إجابة ونحو ذلك، فأجيبت دعوته. فيظن الظانّ أن السرّ في لفظ ذلك الدعاء، فيأخذه مجردًا عن تلك الأمور التي قارنَتْه من ذلك الداعي. وهذا كما إذا استعمل رجل دواء نافعًا في الوقت الذي ينبغي على الوجه الذي ينبغي، فانتفع به، فظنّ غيره أن استعمال هذا الدواء بمجرده كافٍ في حصول المطلوب، كان غالطًا. وهذا موضع يغلط فيه كثير من الناس.
ومن هذا أنّه قد يتفق دعاؤه باضطرار عند قبر فيجاب، فيظنّ الجاهل أنّ السرّ للقبر، ولم يعلم أنّ السرّ للاضطرار وصدق اللجأ إلى الله. فإذا حصل ذلك في بيت من بيوت الله كان أفضل وأحبّ إلى الله.
الداء والدواء ص (26)
______________
(1920): {أَوَلَم يَكُن لَهُم آيَةً أَن يَعلَمَهُ عُلَماءُ بَني إِسرائيلَ} [الشعراء: (197)]
تفسير السعدي:
{أوَلَمْ يكن لهم آيةً}: على صحته وأنَّه من الله {أن يَعْلَمَهُ علماءُ بني إسرائيل}: الذين قد انتهى إليهم العلم، وصاروا أعلم الناس، وهم أهل الصنف؛ فإنَّ كلَّ شيء يحصُلُ به اشتباهٌ يُرْجَعُ فيه إلى أهل الخبرة والدِّراية، فيكون قولهم حجَّةً على غيرهم؛ كما عرف السحرة الذين مَهَروا في علم السحر صدقَ معجزة موسى، وأنَّه ليس بسحرٍ؛ فقول الجاهلين بعد هذا لا يُؤْبَهُ به.
______________
(1921): قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
العاقل إذا قرأ القرآن وتبصر عرف قيمة الدنيا وأنها ليست بشيء وأنها مزرعة للآخرة فانظر ماذا زرعت فيها لآخرتك
إن كنت زرعت خيرا فأبشر بالحصاد الذي يرضيك وإن كان الأمر بالعكس فقد خسرت الدنيا والآخر
شرح رياض الصالحين 3/ 358
______________
(1922): قال الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى:
إياكم والعناد، وربوا أنفسكم على التواضع، وعلى الصدق، و على قبول الحق.
شرح الشريعة للأجري
______________
(1923): الأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
فصل
والأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح، والسلاح بضاربه لا بحدّه فقط، فمتى كان السلاح سلاحًا تامًّا لا آفة به، والساعد ساعد قوي، والمانع مفقود، حصلت به النكاية في العدو. ومتى تخلّف واحد من هذه الثلاثة تخلّف التأثير.
فإذا كان الدعاء في نفسه غير صالح، أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه في الدعاء، أو كان ثَمَّ مانع من الإجابة، لم يحصل الأثر.
الداء والدواء ص (26)
______________
(1924): من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
وقد دل العقل والنقل والفطر وتجارب الأمم -على اختلاف أجناسها ومللها ونحلها- على أنّ التقرب إلى ربّ العالمين وطلب مرضاته، والبرّ والإحسان إلى خلقه، من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير. وأضدادها من أكبر الأسباب الجالبة لكل شرّ. فما استُجلِبتْ نِعمُ الله واستُدفِعتْ نِقَمُه بمثل طاعته والتقرب إليه، والإحسان إلى خلقه.
الداء والدواء ص (31)
______________
(1925): قال ابن الجوزي رحمه الله:
“التفتوا إلى إصلاح النيات، وترك التزين للخلق. ولتكن عمدتكم الاستقامة مع الحق، فبذلك صعد السلف وسعدوا”.
صيد الخاطر | ص: (264).
______________
(1926): *ذكر اللسان لا يضيع عند الله*
قال ابن القيم-رحمه الله-:
(الله تعالى لا يُضِيعُ أجر ذكر اللسان المجرد، بل يثيب الذاكر؛ وإن كان قلبه غافلا، ولكن ثواب دون ثواب!).
روضة المحبين: ((309))
______________
(1927): هذه هي أخلاق السلف يا طالب العلم
قال قتادة – رحمه الله -:
من ظلمك فلا تظلمه،
وإن فجر بك فلا تفجر به،
وإن خانك فلا تخنه،
فإنَّ المؤمن هو الموفي المؤدي؛ وإنَّ الفاجر هو الخائن الغادر!
المصدر: شعب الإيمان ((265) / (6))
______________
(1928): المسألة من أشرف المسائل لمن عرف قَدْرها، ورعاها حقّ رعايتها
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
وقد رتّب الله سبحانه حصولَ الخيرات في الدنيا والآخرة وحصولَ الشرور في الدنيا والآخرة في كتابه على الأعمال، ترتيب الجزاء على الشرط، والمعلول على العلة، والمسبّب على السبب.
وهذا في القرآن يزيد على ألف موضع.
فتارةً يرتب الحكم الخبري الكوني والأمري الشرعي على الوصف المناسب له، كقوله تعالى: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ((166))} [الأعراف: (166)]، وقوله: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: (55)]، وقوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: (38)] وقوله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} إلى قوله. {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: (35)] وهذا كثير جدًّا.
وتارةً يرتبه عليه بصيغة الشرط والجزاء، كقوله: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال: (29)]، وقوله: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: (11)] وقوله: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ((16))} [الجن: (16)]، ونظائره.
وتارة يأتي بلام التعليل، كقوله: {لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ((29))} [ص: (29)] وقوله: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: (143)].
وتارة يأتي بأداة (كَي) التي للتعليل، كقوله: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: (7)].
وتارة يأتي بباء السببية كقوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} [آل عمران: (182)، والأنفال: (51)] وقوله: {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: (43)] و {بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: (129)] وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} [الأعراف: (146)].
وتارة يأتي بالمفعول لأجله ظاهرًا أو محذوفًا، كقوله: {فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: (282)]، وقوله: {أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ((172))} [الأعراف: (172)]، وقوله: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: (156)] أي كراهة أن تقولوا.
وتارة يأتي بفاء السببية، كقوله: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا ((14))} [الشمس: (14)] وقوله: {فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً ((10))} [الحاقة: (10)] وقوله: {فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ ((48))} [المؤمنون: (48)]، ونظائره.
وتارة يأتي بأداة (لمّا) الدالة على الجزاء، كقوله: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: (55)]، ونظائره.
وتارة يأتي بإنّ وما عملت فيه، كقوله: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [الأنبياء: (90)]، وقوله في ضد هؤلاء: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ((77))} [الأنبياء: (77)].
وتارة يأتي بأداة (لولا) الدالة على ارتباط ما قبلها بما بعدها، كقوله: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ((143)) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ((144))} [الصافات: (143) – (144)].
وتارة يأتي بـ (لو) الدالة على الشرط، كقوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [النساء:]
وبالجملة، فالقرآن من أوله إلى آخره صريح في ترتُّب الجزاء بالخير والشر والأحكام الكونية والأمرية على الأسباب، بَل ترتُّب أحكام الدنيا والآخرة ومصالحهما ومفاسدهما على الأسباب والأعمالَ.
ومن فقه هذه المسألةَ، وتأملها حقّ التأمل، انتفع بها غاية النفع، ولم يتكل على القدر جهلًا منه وعجزًا وتفريطًا وإضاعةً، فيكون توكلُه عجزًا، وعجزه توكلًا.
بل الفقيهُ كلُّ الفقيه الذي يردّ القدر بالقدر، ويدفع القدر بالقدر، ويعارض القدر بالقدر، بل لا يمكن الإنسانَ يعيشُ إلا بذلك، فإنّ الجوع والعطش والبرد وأنواع المخاوف والمحاذير هي من القدر، والخلقُ كلّهم ساعون في دفع هذا القدر بالقدر.
وهكذا، من وفّقه الله، وألهمه رُشدَه، يدفع قدَر العقوبة (الأخروية بقدَر التوبة والإيمان والأعمال الصالحة، فهذا وِزان القدر المخوف في الدنيا وما يضادّه سواء. فربُّ الدارين واحد، وحكمته واحدة، لا يناقض بعضها بعضًا، ولا يبطل بعضها بعضًا.
فهذه المسألة من أشرف المسائل لمن عرف قَدْرها، ورعاها حقّ رعايتها، والله المستعان.
الداء والدواء ص35
______________
(1929): أمران تتم بهما سعادة العبد وفلاحه
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
لكن يبقى عليه أمران، بهما تتم سعادته وفلاحه:
أحدهما؛ أن يعرف تفاصيل أسباب الشر والخير، ويكون له بصيرة في ذلك بما يشاهده في العالم، وما جرّبه في نفسه وغيره، وما سمعه من أخبار الأمم قديمًا وحديثًا.
ومن أنفع ما في ذلك تدبُّر القرآن، فإنه كفيل بذلك على أكمل الوجوه، وفيه أسباب الشرّ والخير جميعًا مفصّلةً مبيّنةً. ثم السنّة، فإنها شقيقة القرآن، وهي الوحي الثاني. ومن صرف إليهما عنايته اكتفى بهما عن غيرهما، وهما يُرِيانِك الخير والشرّ وأسبابهما، حتّى كأنّك تعاين ذلك عيانًا.
وبعد ذلك إذا تأملتَ أخبار الأمم وأيام الله في أهل طاعته وأهل معصيته طابق ذلك ما علمتَه من القرآن والسنة، ورأيت تفاصيل ما أخبر الله به ووعد به، وعلمتَ من آياته في الآفاق ما يدلّك على أن القرآن حق، وأن الرسول حق، وأن الله ينجز وعده لا محالة. فالتاريخ تفصيل لجزئيات ما عرّفنا الله ورسوله به من الأسباب الكلية للخير والشر.
فصل
والأمر الثاني: أن يحذر مغالطةَ نفسِه له على هذه الأسباب.
الداء والدواء ص (36)
______________
(1930): قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله زد تعالى
“واعلم أنّ اعتياد العربيّة يُؤثّر في العقل والخُلق والدّين تأثيراً قويّا بيِّناً، ويؤثّر أيضاً في مُشابهة صدر هذه الأمّة من الصّحابة والتّابعين. ومُشابهتُهم تزيد العقل والدّين والخُلق”
اقتضاء الصراط المستقيم (1) / (527))
______________
(1931): قال إِبْرَاهِيم الحربي رحمه الله:
كل شيء أقول لكم هذا قول أصحاب الحديث فهو قول أَحْمَد بن حنبل هو ألقى فِي قلوبنا منذ كنا غلمانا أتباع حديث النَّبِيّ ? وأقاويل الصحابة والاقتداء بالتابعين.
طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (92) / (1) …
______________
(1932): قال ابن القيم – رحمه الله -:
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: *سنة الفجر تجري مجرى بداية العمل، والوتر خاتمته*، ولذلك كان النبي ? يصلي سنة الفجر والوتر بسورتي الإخلاص، وهما الجامعتان لتوحيد العلم والعمل، وتوحيد المعرفة والإرادة، وتوحيد الاعتقاد والقصد. انتهى) [زاد المعاد (1) / (316)].
______________
(1933): قَالَ شَقِيقٌ: «التَّوَكُّلُ أَرْبَعَةٌ: تَوَكُّلٌ عَلَى الْمَالِ وَتَوَكُّلٌ عَلَى النَّفْسِ وَتَوَكُّلٌ عَلَى النَّاسِ وَتَوَكُّلٌ عَلَى اللهِ. قَالَ: وَتَفْسِيرُ التَّوَكُّلِ عَلَى الْمَالِ، أَنْ تَقُولَ: مَادَامَ هَذَا الْمَالُ فِي يَدِي فَلَا أَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ فَذَلِكَ تَوَكُّلٌ عَلَى النَّاسِ وَمَنْ كَانَ عَلَى هَذَا فَهُوَ جَاهِلٌ كَائِنًا مَنْ كَانَ وَتَفْسِيرُ التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ أَنْ تَعْرِفَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَكَ وَهُوَ الَّذِي ضَمِنَ رِزْقَكَ وَتَكَفَّلَ بِرَزْقِكَ ولَمْ يَحْوَجْكَ إِلَى أَحَدٌ وَأَنْتَ تَقُولُ بِلِسَانِكَ وَالَّذِي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي فَهَذَا التَّوَكُّلُ عَلَى اللهِ وَقَالَ اللهُ تَعَالَى {وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: (23)] {وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: (122)] وَقَالَ ? (62) ?: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوكِّلِينَ} [آل عمران: (159)] وَتَفْسِيرُ مَنْ لَمْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ يَصِيرُ خَارِجًا مِنَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ مُؤْمِنًا فَهُوَ جَاهِلٌ كَائِنًا مَنْ كَانَ»
حلية الأولياء (8) / (61)
______________
(1934): قال عمر: ليعجبني الرجل أن يكون في أهل بيته كالصبي فإذا ابتغى منه وجد رجلا.
شعب الإيمان – ت زغلول (6) / (292) — أبو بكر البيهقي (ت (458))
______________
(1935): {اقتُلوا يوسُفَ أَوِ اطرَحوهُ أَرضًا يَخلُ لَكُم وَجهُ أَبيكُم وَتَكونوا مِن بَعدِهِ قَومًا صالِحينَ} [يوسف: 9]
قال السعدي:
{وتكونوا من بعده}؛ أي: من بعد هذا الصنيع قوماً صالحين؛ أي: تتوبون إلى الله وتستغفرونه من بعد ذنبكم، فقدَّموا العزم على التوبة قبل صدور الذنب منهم؛ تسهيلاً لفعله، وإزالةً لشناعته، وتنشيطاً من بعضهم لبعض.
– تيسير الكريم الرحمن
______________
(1936): قال عَبْدِ الْأَعْلَى التَّيْمِيِّ رَحِمَهُ الله:
«مَنْ أُوتِيَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَا يُبْكِيهِ لَخَلِيقٌ أَلَّا يَكُونَ أُوتِيَ عِلْمًا يَنْفَعُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَعَتَ الْعُلَمَاءَ، فَقَالَ: {إِنَّ الَّذينَ أوتُوا العِلمَ مِن قَبلِهِ إِذا يُتلى عَلَيهِم يَخِرّونَ لِلأَذقانِ سُجَّدًا ? وَيَقولونَ سُبحانَ رَبِّنا إِن كانَ وَعدُ رَبِّنا لَمَفعولًا ? وَيَخِرّونَ لِلأَذقانِ يَبكونَ وَيَزيدُهُم خُشوعًا}.
الزهد والرقائق – ابن المبارك – ت الأعظمي (1) / (41) — ابن المبارك (ت (181))
______________
(1937): قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:-
الضابط في المروءة:
أن لا يفعل ما ينتقده الناسُ فيه،
لا من قول ولا من فعل.
الشرح الممتع ((11) / (108))
______________
(1938): قال ابن القيم رحمه الله
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: آفَةُ الْعَبْدِ رِضَاهُ عَنْ نَفْسِهِ.
وَمَنْ نَظَرَ إِلَى نَفْسِهِ بِاسْتِحْسَانِ شَيْءٍ مِنْهَا فَقَدْ أَهْلَكَهَا. وَمَنْ لَمْ يَتَّهِمْ نَفْسَهُ عَلَى دَوَامِ الْأَوْقَاتِ فَهُوَ مَغْرُورٌ.
مدارج السالكين (2/ 95).
______________
(1939): قال الشيخ ??ابن_عثيمين?? – رحمه الله -:
«طلب المغفرة ليس مُجرَّد أن يقول الإنسان: (اللهم اغفر لي)، بل لا بُدّ من توبة صادقة يتوب بها الإنسان إلى الله عَزَّ وجَلّ».
شرح رياض الصالحين ((20))
______________
(1940): الثبات على السنة …
قال محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة: سمعت شاباص التائب يقول:
لقد ضَربْتُ أحمد بن حنبل ثمانين سوطا، لو ضربتُه فيلاً لَهَدَّتْه! ..
مناقب الإمام أحمد (450) …
______________
(1941): {قالوا إِنّا كُنّا قَبلُ في أَهلِنا مُشفِقينَ} [الطور: (26)]
تفسير السعدي:
{قالوا}: في ذكر بيان الذي أوصَلَهم إلى ما هم فيه من الحبرة والسرور: {إنَّا كنَّا قبلُ}؛ أي: في دار الدُّنيا {في أهلِنا مشفقينَ}؛ أي: خائفين وجِلين، فتركْنَا من خوفه الذُّنوب، وأصلحنا لذلك العيوب.
______________
(1942): قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
فائدة
قول السفاريني في «عقيدته» عند ذكر الاستواء: «قد تعالى أن يحد»
الحد: لفظ مجمل يراد به تارة معنى صحيح، وأخرى معنى باطل.
ومن ثم قال الإمام أحمد: «وهو على العرش بلا حد»، ومرة أخرى قيل له ما يذكر عن ابن المبارك: أنه قيل له: كيف نعرف ربنا ?؟ فقال: بأنه على عرشه بائن من خلقه بحد، قال: قد بلغني ذلك عنه، وأعجبه وقال: هكذا هو عندنا.
وذلك أن الحد تارة يراد به: أن الله محدود يدرك العقل حده، وتحيط به المخلوقات؛ فهذا باطل.
وتارة يراد به: أنه بائن من خلقه غير حال فيهم، فهذا صحيح؛ ولذلك رد الإمام عثمان بن سعيد الدرامي على بشر المريسي في نفيه الحد، وقال: إنه لا معنى لنفيك، إلا أن الله لا شيء، لأنه ما من شيء يقع عليه اسم الشيء إلا وله حد وغاية وصفه، لكن الباري جل وعلا لا يعلم كيفية صفته إلا هو، قال: فنحن نؤمن بالحد، ونكل علمه إلى الله تعالى. اهـ.
وبذلك تعرف أن نفي الحد وإثباته على وجه الإطلاق لا ينبغي؛ على أن السلامة هي أن يقال: إن الحد لا يضاف إلى الله إطلاقًا، لا على سبيل وجه النفي، ولا على سيبل وجه الإثبات، لكن معناه يستفصل فيه، ويثبت الحق منه، ويبطل الباطل، والله أعلم.
المنتقى من فرائد الفوائد (1) / (99)
______________
(1943): عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «وَاللَّهِ مَا أَظُنُّ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ الْيَوْمَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَى الشَّيْطَانِ هَلَاكًا مِنِّي». فَقِيلَ: «وَكَيْفَ؟» فَقَالَ: «وَاللَّهِ إِنَّهُ لَيُحْدِثُ الْبِدْعَةَ فِي مَشْرِقٍ أَوْ مَغْرِبٍ، فَيَحْمِلُهَا الرَّجُلُ إِلَيَّ، فَإِذَا انْتَهَتْ إِلَيَّ قَمَعْتُهَا بِالسُّنَّةِ، فَتُرَدُّ عَلَيْهِ كَمَا أخرَجها»
شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي (1) / (61)
______________
(1944): *لا يَجوزُ مُخالَفَةُ إجماعِ الصَّحابَةِ رَضيَ اللهُ عَنهُم*
*وقول الصحابي حجّةٌ إذا لم يخالفه أحدٌ من الصحابة*
*قالَ الشيخ الألبانيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى*: *قَولُ الإمامِ الشَّافِعيِّ – رَحِمَهُ اللهُ – هو الحَقُّ؛ لأنَّه استَدَلَّ عليه في الآيةِ المَعروفَةِ*: {*وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} النِّساء – 115* *والإجماعُ الذي يُدخِلُ مُخالِفَهُ ومُنكِرَهُ ” العَذابَ ” هو هذا، أَي: إجماعُ الصَّحابَةِ رَضيَ اللهُ عَنهُم*!!
*أمَّا الإجماعاتُ الأُخرَى، فهو بِمَعنَى اتَّفَقَ العُلَماءُ على كذا؛ فإذا اتَّفَقوا على شَيءٍ فيَجوزُ لِلمُسلِمِ أَن يُخالِفَ في رَأيٍ له فيه اجتِهادٌ، وهو مِن أَهلِ الاجتِهادِ*!!
*ومُخالَفَتُهُ لَيسَت كمُخالَفَتِه للإجماعِ الأوَّلِ، الإجماعُ الأوَّلُ لَا يَجوزُ مُخالَفَتُهُ مُطلَقاً*
*ومِن هذا نَقولُ: أنَّ كِتابَ ابنِ المُنذِرِ ” الإجماعُ ” – ونَحوَهُ – مَبنيٌّ على الإجماعِ الثَّاني*!!]].
(تَسجيلَاتٌ مُتَفَرِّقَةٌ / 44)
مُختَصراً وبِتَصَرُّفٍ
*مُلاحَظَةٌ هامَّةٌ: ما يَنبَغي لكُلِّ مَن ” هَبَّ ودَبَّ ” أَن يُخالِفَ الإجماعَ الثَّاني، وهو إجماعُ العُلَماءِ، إلَّا أَن يَكونَ مِن أَهلِ الاجتِهادِ – كما قالَ شَيخُنا رَحِمَهُ اللهُ -، فهو يَعلَمُ الأدِلَّةَ، وعِندَهُ حُجَّةٌ وبَيِّنَةٌ، وقَد يَكونُ مُصيباً، أو مُخطِئاً*.
*مُلَاحَظَةٌ أُخرَى: ومِن صُوَرِ إجماعِ الصَّحابَةِ – رَضيَ اللهُ عَنهُم – الذي لا يَجوزُ مُخالَفَتُهُ وهو: قَولُ الصَّحابيِّ الواحِدِ الذي اشتَهَرَ بَينَ الصَّحابَةِ – رَضيَ اللهُ عَنهُم – ولَم يَكُن لَهُ مُخالِفٌ مِنهُم، وسَكَتوا عنه، فهو حُجَّةٌ، كما قَرَّرَهُ كَثيرٌ مِن أَهلِ العِلمِ، وقَد سَمَّاهُ بَعضُهُم: (إِجماعٌ إِقراريٌ)، (إِجماعٌ سُكوتيٌ*)!
*قالَ شَيخُ الإِسلَامِ ابنُ تَيميَّةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى*:
[*وَمَنْ قالَ مِنَ العُلَماءِ: ” إنَّ قَولَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ “، فَإِنَّما قالَهُ إذا لَم يُخَالِفْهُ غَيرُهُ مِنَ الصَّحابَةِ، وَلَا عُرِفَ نَصٌّ يُخَالِفُهُ، ثُمَّ إذا اشتَهَرَ وَلَم يُنْكِرُوهُ كانَ إِقرَاراً عَلَى القَولِ، فَقَد يُقالُ: هذا إجمَاعٌ إِقراريٌ ” إذا عُرِفَ أَنَّهُم أَقَرُّوهُ، وَلَم يُنكِرْهُ أَحَدٌ مِنهُم، وَهُم لَا يُقِرُّونَ عَلَى بَاطِلٍ*
*مَجموعُ الفَتاوَى – 1/ 283*
______________
(1945): قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
وكُلَّما قوِّيَ التَّوْحيدُ في قَلبِ العَبد قَوِّيَ إيمَانُه وطَمأْنِينَته وتوَكُّله ويَقينُه
الفتَاوى ((35) / (28)).
______________
(1946): قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله:
ومن ألطف أنواع المشاورات الخاصة وأنفعها للإنسان الأمور المتعلقة بالعائلة وأمور البيت؛ فينبغي للوالد أن يشاور أولاده في الأمور المتعلقة بهم، ويستخرج آراءهم، ويعودهم على تربية أفكارهم، وتنمية عقولهم، فإن هذا فيه نفع وتعليم، وتوسيع لدائرة معارفهم، وحمل لهم على النصيحة لوالدهم.
[الرياض الناضرة: (64) – (65)]