603 ‘ 604 – فتح الملك بنفحات المسك شرح صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي وأحمد بن خالد وعمر الشبلي وعدنان البلوشي وأسامة
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة.
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام البخاري في كتاب الأذان من صحيحه:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
كِتَابُ الْأَذَانِ
1- بَابُ بَدْءِ الْأَذَانِ
وَقَوْلِهِ عز وجل: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُؤًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ}. وَقَوْلِهِ: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾.
٦٠٣ – حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «ذَكَرُوا النَّارَ وَالنَّاقُوسَ، فَذَكَرُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، فَأُمِرَ بِلَالٌ: أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ، وَأَنْ يُوتِرَ الْإِقَامَةَ».
٦٠٤ – حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ : أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: «كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَاةَ، لَيْسَ يُنَادَى لَهَا، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى،
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ بُوقًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ، فَقَالَ عُمَرُ: أَوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: يَا بِلَالُ، قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ».
—————————–
من فوائد الباب:
1- قوله: (باب بدء الأذان) “أي ابتدائه وهو لغة الإعلام واصطلاحاً الإعلام بوقت الصلاة بالألفاظ التي عينها الشارع مثناة”. قاله الكرماني في الكواكب الدراري.
2- “والمراد من النداء إلى الصلاة هو الأذان لها: فإن قلت: ما الفرق بين ما في الآيتين من النداء إليها والنداء لها. قلت: صلات الأفعال تختلف بحسب مقاصد الكلام، فقصد في الأول معنى الانتهاء، وفي الثاني معنى الاختصاص”. قاله الكرماني في الكواكب الدراري .
3- ” يشير “الإمام البخاري” إلى أن الأذان مذكور في القرآن في هاتين الآيتين: الأولى منهما: تشتمل النداء إلى جميع الصلوات؛ فإن الأفعال نكرات، والنكرة في سياق الشرط تعم كل صلاة. والثانية منهما. تختص بالنداء إلى صلاة الجمعة”. قاله الحافظ ابن رجب في فتح الباري.
4- الأذان: الإعلام، وفي الشرع: الإعلام بدخول وقت الصلاة المكتوبة، واستفتحه البخاري بقوله تعالى: {وإذا ناديتم إلى الصلاة} الآية [المائدة: 58] وقوله تعالى: {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة} [الجمعة: 9] إما للتبرك أو لذكر الأذان فيهما، أو لأن ذلك كان بدء الأذان، وأن ذلك كان بالمدينة، فإنهما مدنيتان، والحديثان اللذان أوردهما عقب ذلك كانا بالمدينة؛ لقوله: (كان المسلمون حين قدموا المدينة)”. انتهى
قاله ابن الملقن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٦/
وقوله: للتبرك ضعيف.
5- “اختلف العلماء فى وجوب الأذان، فعند مالك ، وأبي حنيفة ، والشافعي: الأذان سنة. وقال عطاء ، ومجاهد: الأذان فرض، وهو قول الأوزاعي، واحتجوا بأن النبي -عليه السلام- أمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة، وأمره على الوجوب”. قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري.
قال علماء اللجنة الدائمة:
الأذان فرض كفاية في البلد وهكذا الإقامة، وإذا دخل في الصلاة بدون أذان ولا إقامة نسياناً أو جهلاً أو لغير ذلك فصلاته صحيحة. فتاوى الجنة الدائمة (6/54).
وقد سئلت اللجنة الدائمة:
هل من الواجب الأذان في جميع المساجد بمكبرات الصوت في حي واحد مع العلم أن المسجد الواحد يسمعه جميع المسلمين؟ وهل يكفي الأذان في مسجد واحد من مساجد الحي؟
الجواب: الأذان فرض كفاية فإذا أذن مؤذن في الحي وأسمع سكانه أجزأهم، ويشرع لأهل كل مسجد أن يؤذنوا لعموم الأدلة.
6- حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-. أخرجه الستة: البخاري، ومسلم ، وأبو داود ،والترمذي ، والنسائي وابن ماجه وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
7- حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-. أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.
8- “ذكر العلماء في حكمة الأذان أربعة أشياء: أحدها: إظهار شعار الإسلام وكلمة التوحيد والإعلام بدخول وقت الصلاة وبمكانها والدعاء إلى الجماعة”. قاله الكرماني في الكواكب الدراري.
9- إن “الحكمة في إفراد الإقامة وتثنية الأذان: أن الأذان لإعلام الغائبين فيكرر ليكون أبلغ في إعلامهم، والإقامة للحاضرين فلا حاجة إلى تكرارها، وإنما كرر لفظ الإقامة لأنها هي المقصود فيها”. قاله الكرماني في الكواكب الدراري .
10- “قال الخطابي: الذي جرى به العمل في الحرمين والحجاز والشام واليمن ومصر والمغرب إلى أقصى بلاد الإسلام؛ أن الإقامة فرادى. ومذهب عامة العلماء أنه يكرر لفظ قد قامت الصلاة إلا مالكاً فإن المشهور عنه أنه لا يكرره”. قاله الكرماني في الكواكب الدراري.
11- قوله في حديث أنس: (ذكروا النار والناقوس) وعند البخاري 606 من طريق عبد الوهاب في أوله: “لما كثر الناس قال: ذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه فذكروا أن يوروا نارا أو يضربوا ناقوسا”. وعند ابن ماجه 729 من طريق المعتمر بن سليمان: ” الْتَمَسُوا شَيْئًا يُؤْذِنُونَ بِهِ علما لِلصَّلَاة”.
12- قوله: (فذكروا اليهود والنصارى) وضحها حديث ابن عمر الآتي بعده.
13- قوله: (فأُمر بلال) وعند النسائي 627 من طريق أيوب: “إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر بلالا”، وقال ابن الملقن في التوضيح: “وهو يرجح أن هذه الصيغة وهي: (أمر) مقتضية للرفع، وهو الأصح. وصححها ابن حبان والحاكم”.
14- قوله في حديث أنس: (وأن يوتر الإقامة) زاد البخاري 605: “إلا الإقامة”.
15- قوله: (يتحينون) أي يقدرون حينها ليأتوا إليها. قاله الكرماني في الكواكب الدراري.
16- فيه منقبة عظيمة لعمر -رضي الله عنه- في إصابته الصواب. قاله الكرماني في الكواكب الدراري.
17- وفيه التشاور في الأمور المهمة. قاله الكرماني في الكواكب الدراري.
18- وأنه ينبغي للمتشاورين أن يقول كل واحد منهم ما عنده ثم صاحب الأمر يفعل ما فيه المصلحة. قاله الكرماني في الكواكب الدراري.
19- شرع الأذان بعد هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، والأحاديث الصحيحة كلها تدل على ذلك. قاله الحافظ ابن رجب في فتح الباري.
20- قوله: (إلا الإقامة) أي إلا لفظ الإقامة وهي قد قامت الصلاة فإنه لا يوترها بل يشفعها. قاله الكرماني في الكواكب الدراري.
21- قال ابن رجب: وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “يا بلال، قم فناد بالصلاة” يدل على ان النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل ما أشار به عمر دون غيره.
وأمره -صلى الله عليه وسلم- بالنداء بالصلاة، يحتمل أنه أمره أن ينادي في الطرقات: “الصلاة، الصلاة” كما تقدم في الحديث الذي خرجه ابن خزيمة، ويكون ذلك قبل أن يشرع الأذان. ويحتمل أنه أمره بالأذان، وهو اظهر.
ويحتمل أن عمر إنما أشار بذلك بعد أن رآه في منامه، ويدل عليه ما روي عن عمر، وعن ابن عمر –أيضا -:
أما المروي عن عمر، فمن طريق سفيان بن وكيع: ابنا عبد الله بن رجاء، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عمر، قال: ائتمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه حين قدموا المدينة: كيف يجعلون الأذان بالصلاة يجتمعون لها؟ فائتمروا بالناقوس. قال عمر: فرايت في المنام: لم تجعلون الناقوس بل أذنوا. فذهب عمر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليخبره بالذي رأى، وقد جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- الوحي بذلك، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “سبقك الوحي بذلك يا عمر”. قال: فذهبت إلى الصلاة، فإذا بلال يهتف بالأذان.
خرجه الإسماعيلي في “مسند عمر”.
وسفيان بن وكيع، فيه ضعف. وهو مرسل.
[فتح الباري لابن رجب 5/ 177].
وقال ابن رجب أيضاً: والحديث صريح في أن أمر بلال بذلك كان في أول أمر الأذان ، حيث كانوا يترددون فيما يحصل به إعلام الناس بوقت الصلاة ، فيحنئذ أمر بلال بأن يشفع الأذان ويوتر الإقامة ، لا يحتمل الكلام غير هذا المعنى. والله أعلم. قاله الحافظ ابن رجب في فتح الباري.
22- فيه باب الأذان مثنى مثنى. قاله البخاري
23- فيه باب الإقامة واحدة إلا قوله قد قامت الصلاة. قاله البخاري
24- قال الترمذي -فيما جاء في إفراد الإقامة- قال: “وهو قول بعض أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، والتابعين. وبه يقول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق”.
25- فيه ما ذكر عن بني إسرائيل. قاله البخاري.
26 – متى كان أول أذان في الإسلام؟
الصحيح: أن الأذان شرع في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- في المدينة النبوية وليس في مكة وليس في الإسراء كما ورد بذلك بعض الأحاديث الضعيفة.
يقول ابن حجر: “ومن أغرب ما وقع في بدء الأذان ما رواه أبو الشيخ بسند فيه مجهول عن عبد الله بن الزبير قال: أخذ الأذان من أذان إبراهيم وأذن في الناس بالحج، [الحج / 26] قال فأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. “الفتح” (2 / 280).
أما أذان آدم فهو أيضا ضعيف قال ابن حجر -رحمه الله-: “وما رواه أبو نعيم في الحلية بسند فيه مجاهيل أن جبريل نادى بالأذان لآدم حين أهبط من الجنة. “الفتح” (2 /280).
وقد دلّت الأدلّة الصحيحة على أنّ ابتداء مشروعية الأذان كان في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة وفي ذلك أدلّة:
عن نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلاةَ لَيْسَ يُنَادَى لَهَا فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ بُوقًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ فَقَالَ عُمَرُ أَوَلا تَبْعَثُونَ رَجُلا يُنَادِي بِالصَّلاةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَا بِلالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلاةِ. رواه البخاري 569.
وعَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنْ الأَنْصَارِ قَالَ اهْتَمَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلصَّلاةِ كَيْفَ يَجْمَعُ النَّاسَ لَهَا. فَقِيلَ لَهُ: انْصِبْ رَايَةً عِنْدَ حُضُورِ الصَّلاةِ فَإِذَا رَأَوْهَا آذَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. فَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ. قَالَ فَذُكِرَ لَهُ الْقُنْعُ يَعْنِي الشَّبُّورَ. وَقَالَ زِيَادٌ: شَبُّورُ الْيَهُودِ فَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ وَقَالَ: هُوَ مِنْ أَمْرِ الْيَهُودِ. قَالَ: فَذُكِرَ لَهُ النَّاقُوسُ فَقَالَ: هُوَ مِنْ أَمْرِ النَّصَارَى. فَانْصَرَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ وَهُوَ مُهْتَمٌّ لِهَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأُرِيَ الأَذَانَ فِي مَنَامِهِ. قَالَ: فَغَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَبَيْنَ نَائِمٍ وَيَقْظَانَ، إِذْ أَتَانِي آتٍ فَأَرَانِي الأَذَانَ. قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَدْ رَآهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَكَتَمَهُ عِشْرِينَ يَوْمًا. قَالَ: ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُخْبِرَنِي؟ فَقَالَ: سَبَقَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ فَاسْتَحْيَيْتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَا بِلالُ قُمْ فَانْظُرْ مَا يَأْمُرُكَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ فَافْعَلْهُ. قَالَ: فَأَذَّنَ بِلالٌ. رواه أبو داود في سننه 420.
وفي رواية عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيُضْرَبَ بِهِ لِلنَّاسِ لِجَمْعِ الصَّلاةِ، طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ. فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؟ قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ فَقُلْتُ: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلاةِ. قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: بَلَى. قَالَ: فَقَالَ تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. قَالَ: ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ. ثُمَّ قَالَ وَتَقُولُ: إِذَا أَقَمْتَ الصَّلاةَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ قَدْ قَامَتْ الصلاةُ قَدْ قَامَتْ الصَّلاةُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ. فَقَالَ: إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقُمْ مَعَ بِلالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ. فَقُمْتُ مَعَ بِلالٍ فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ وَيُؤَذِّنُ بِهِ. قَالَ: فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ؛ وَيَقُولُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ مَا رَأَى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلِلَّهِ الْحَمْدُ. رواه أبو داود 499.
فهذه الأحاديث تدلّ على أن ابتداء مشروعية الأذان كان في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة. وعدَّ هذا واحد من ميزات هذه الأمّة التي فضّلها الله على سائر الأمم.
وراجع للتوسع في بيان علل الأحاديث التي فيها أن الأذان كان معروفا قبل هذه الأمة أو شرع في مكة [فتح الباري لابن رجب 5/ 177].
27 – قوله في حديث ابن عمر: ( فقال عمر – رضي الله عنه -: (أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة؟) “الظاهر أنه إعلام ليس على صفة الأذان الشرعي، بل إخبار بحضور وقتها، جمعا بينه وبين رؤيا عبد الله بن زيد فإنه بدء الأذان، فالواقع أولا الإعلام، ثم لما رآه عبد الله بن زيد شرعه – صلى الله عليه وسلم -: إما بوحي كما ذكره ابن إسحاق في “السيرة” ، ويجوز أن يكون باجتهاد منه لا بمجرد المنام، ويحتمل أن يكون عمر لما رأى الرؤيا وصحتها قال: ألا تنادون بالصلاة؟ فأقره الشارع وأمر به”. قاله بن الملقن في التوضيح.
28 -قال ابن تيمية: وكان المسلمون على عهد نبيهم، وبعده، لا يعرفون وقت الحرب إلا السكينة وذكر الله سبحانه، قال قيس بن عباد: – وهو من كبار التابعين-: «كانوا يستحبون خفض الصوت: عند الذكر، وعند القتال، وعند الجنائز» .
وكذلك سائر الآثار تقتضي أنهم كانت عليهم السكينة، في هذه المواطن، مع امتلاء القلوب بذكر الله، وإجلاله وإكرامه. كما أن حالهم في الصلاة كذلك.
وكان رفع الصوت في هذه المواطن الثلاثة من عادة أهل الكتاب والأعاجم، ثم قد ابتلى بها كثير من هذه الأمة. وليس هذا موضع استقصاء ذلك.
[اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم ١/٣٥٥].
29 -نقل الترمذي في سننه عن إسحاق بن راهويه أنه قال: التثويب المكروه هو شيء أحدثه الناس بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذا أذن المؤذن فاستبطأ القوم قال بين الأذان والإقامة: قد قامت الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح. انتهى
ثم قال الترمذي عقبه: وهذا الذي قال إسحاق هو التثويب الذي كرهه أهل العلم والذي أحدثوه بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-. انتهى
ولفظ الكراهة عند السلف قد يعني كراهة التحريم. فعلى هذا فإن هذه الأذكار التي تقال قبل الأذان أو بعده فهي أذكار مبتدعة لا يجوز فعلها.
قال ابن الحاج في المدخل: فصل في النهي عما أحدثوه بالليل من غير السنة ويَنْهَى الموذنين عما أحدثوه من التسبيح بالليل، وإن كان ذكر الله تعالى حسنا سراً وعلناً، لكن لا في المواضع التي تركها الشارع صلوات الله عليه وسلامه ولم يعين فيها شيئاً معلوماً. انتهى
صح أن السلف أنكروا من زاد على ألفاظ الأذان المشروعة، فقد صح أن ابن عمر: دخل مسجدا يصلي فيه فسمع رجلا يثوب في أذان الظهر فخرج وقال: أخرجتني البدعة. رواه أبو داود والبيهقي، وقال الألباني: حسن…
30 – السنة أن يؤذن المؤذن قائما، كما كان يفعل مؤذنو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكما سار عليه المسلمون إلى يومنا هذا، وانعقد عليه إجماع الكافة ، فإن أذن قاعدا أو مضجعا لغير عذر، صح أذانه مع الكراهة.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: وينبغي أن يؤذن قائما. قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن السنة أن يؤذن قائما. وفي حديث أبي قتادة الذي رويناه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لبلال: (قم فأذن). وكان مؤذنو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يؤذنون قياما.
وإن كان له عذر فلا بأس أن يؤذن قاعدا. قال الحسن العبدي: رأيت أبا زيد صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكانت رجله أصيبت في سبيل الله، يؤذن قاعدا. رواه الأثرم .
فإن أذن قاعدا لغير عذر: فقد كرهه أهل العلم، ويصح؛ فإنه ليس بآكد من الخطبة، وتصح من القاعد”. انتهى من “المغني” (1/ 253).
وحديث أبي قتادة بهذا اللفظ رواه البخاري (595).
وقال النووي -رحمه الله-: “السنة أن يؤذن قائما مستقبل القبلة .. ، فلو أذن قاعدا أو مضطجعا أو إلى غير القبلة: كُرِه، وصح أذانه؛ لأن المقصود الإعلام، وقد حصل”. انتهى من “المجموع” (3/ 114).
31 – قوله: (حدثنا عبد الوارث) تابعه إسماعيل بن علية كما عند البخاري 607 ومسلم 378 وأبي داود 509 تابعه حماد بن زيد كما عند مسلم 378 تابعه عبد الوهاب الثقفي كما عند البخاري 606 ومسلم 378 والترمذي 193 تابعه وهيب كما عند مسلم 378 تابعه يزيد بن زريع كما عند الترمذي 193 تابعه المعتمر بن سليمان كما عند ابن ماجه 729 تابعه عمر بن علي كما عند ابن ماجه 730.
32- قوله: (حدثنا خالد الحذاء) تابعه أيوب كما عند البخاري 605 ومسلم 378 وأبو داود 508 والنسائي 627.
تنبيه: راجع مسائل أخرى في الأذان في
البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج 9/ 24.