601 – تحضير سنن الترمذي
جمع أحمد بن علي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد وأسامة الحميري ويوسف بن محمد السوري و ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ المَشْيِ وَالعَمَلِ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ
601 – حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، عَنْ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «جِئْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي البَيْتِ، وَالبَابُ عَلَيْهِ مُغْلَقٌ، فَمَشَى حَتَّى فَتَحَ لِي، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ»، وَوَصَفَتِ البَابَ فِي القِبْلَةِ: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ»
[حكم الألباني]: حسن
———
*قال الشيخ مقبل في احاديث معلة ظاهرها الصحة*:
(510) – قال الإمام أبو داود رحمه الله (ج (3) ص (190)): حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد ـ وهذا لفظه ـ قال أخبرنا بشر ـ يعني ابن المفضل ـ حدثنا برد عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة، قالت: ” كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال أحمد ـ يصلي والباب عليه مغلق، فجئت فاستفتحت، قال أحمد: فمشى ففتح لي ثم رجع إلى مصلاه، وذكر أن الباب كان في القبلة”.
وأخرجه الترمذي (ج (3) ص (217)) فقال: حدثنا أبو سلمة يحي بن خلف، اخبرنا بشر بن المفضل به وقال: هذا حديث حسن غريب. وأخرجه النسائي (ج (3) ص (11)). واحمد ((6) ص (31)).
الحديث إذا نظرت إلى سنده وجدتهم رجال الصحيح، إلا برد بن سنان، وقد وثقه ابن معين وغيره كما في”تهذيب التهذيب”.
ولكن ابن أبي حاتم رحمه الله (ج (1) ص (164)) سال أباه عنه: ما حال هذا الحديث؟ فقال: لم يرو هذا الحديث احد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم غير برد، وهو حديث منكر ليس يحتمل الزهري مثل هذا الحديث، وكان برد يرى القدر. انتهى
يقصد أن برد لا يتحمل التفرد عن الزهري بمثل هذا الحديث. فأين أصحاب الزهري المكثرين عنه.
حكم المشي في الصلاة لسد فرجة في الصف
السؤال: هل يجوز لي أثناء الصلاة إن كنت في الصف
الثاني ورأيت فرجة في الصف الأول أن أتقدم وأمشي إليها لأسدها أثناء الصلاة؟
نعم يجوز إذا لم يسدها من كان أمامك أن تسدها
أنت، لكن إذا كان بينك وبينها صف، فلم تستطع ذلك إلا بتخطي الناس فلا، لكن إذا كانت أمامك فتقدم. فتاوى منوعة – الراجحي (9) / (50)
الْمَشْيُ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الْقَلِيلَ مِنْهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ غَيْرُ مُفْسِدٍ لَهَا. أَلَا تَرَى: «أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ مَشَى حَتَّى صَارَ فِي الصَّفِّ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ?: زَادَك اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ»، وَلَمْ يَامُرْهُ بِاسْتِئْنَافِ الصَّلَاةِ.
وَرُوِيَ عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَامَ عَنْ يَسَارِ النَّبِيِّ ? يُصَلِّي فَأَدَارَهُ إلَى يَمِينِهِ»، وَلَمْ يَامُرْهُ بِاسْتِئْنَافِهَا.
وَرُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ ? كَانَ يُصَلِّي فَمَرَّتْ بَهِيمَةٌ فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ ? حَتَّى لَصِقَ بِالْحَائِطِ فَمَرَّتْ الْبَهِيمَةُ خَلْفَهُ»، فَكَانَ الْمَشْيُ الْيَسِيرُ مَعْفُوًّا عَنْهُ.
وَمَعْلُومٌ (مَعَ ذَلِكَ): أَنَّهُ لَوْ مَشَى فِي صَلَاتِهِ مِيلًا أَوْ نَحْوَهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ جَعَلَ كُلَّ خُطْوَةٍ مِنْهَا بِحُكْمِ نَظِيرِهَا مِمَّا تَقَدَّمَهَا، لَوَجَبَ أَنْ لَا تَفْسُدَ صَلَاتُهُ، وَإِنْ مَشَى مِيلًا قِيَاسًا عَلَى الْمَشْيِ الْيَسِيرِ، إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ هُنَا أَصْلٌ آخَرُ قَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَشْيُ الْكَثِيرُ الَّذِي لَيْسَ مِنْ عَمَلِ الصَّلَاةِ، أَنَّهُ يُفْسِدُهَا، جَعَلُوا الْمَشْيَ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَسْتَدْبِرْ الْقِبْلَةَ فِي حُكْمِ الْخُطْوَةِ وَالسَّيْرِ، وَأَفْسَدُوا الصَّلَاةَ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُشْبِهُ سَائِرَ الْأَفْعَالِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ الصَّلَاةِ.
لفصول في الأصول (4) / (238) — أبو بكر الرازي الجصاص
قال عبدالحق الإشبيلي:
باب الإلتفات في الصلاة، وما يفعل المصلي إذا سُلِّم عليه، ومن تفكَّرَ في شيء وهو في الصلاة، ومن صلى وهو حامل شيئًا، وما يجوز من العمل فيها، وما يقتل فيها من الدواب وما جاء في العطاس فيها والتثاؤب، وفي صلاة المريض، وفي الصحيح يصلي قاعدًا في النافلة، وفي الصلاة على الدابة
البخاري، عن عائشة قالت: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإلتفِاتِ في الصلاة فقال: “هو اختلاسٌ يختلِسهُ الشيطانُ من صلاة العبدِ”.
مسلم، عن جابر بن عبد الله، أنه قال: “إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني لحاجة ثم أدركته وهو يصلي” – وفي رواية، “يسيرُ” فسلمتُ عليه فأشار إليّ، فلما فرغَ دعانِى فقال: “إنك سلمتّ عليَّ آنفًا وأنا أُصلى” وهو موجَّهٌ، حينئذٍ قِبَلَ المشرق.
البخاري، عن عُقبةَ بن الحارث قال: “صليتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم العصر، فلما سلَّم قامَ سريعًا دخَلَ على بعضِ نسائهِ، ثم خرج ورأى ما في وُجُوهِ القوم من تعجُّبِهم لسرعته، فقال: “ذكرتُ وأنا في الصلاة تِبْرًا عندنا فكرهت أن يُمِسىَ أو يَبيت عندنا فأمرتُ بقسمتهِ”.
قلت سيف بن دورة: يعني تذكر في الصلاة فهو من الفكر في الصَّلَاةِ
مسلم، عن أبي قتادة الأنصاري قال: “رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يَؤُمُّ النَّاسَ وأُمَامةُ بنتُ أبي العاص، وهي ابنة زينب بِنْتِ النبي صلى الله عليه وسلم على عاتِقِهِ، فإذا ركعَ وضعَهَا، وإذا رفع من السجودِ أعادَهَا”.
وفي رواية “في المسجد”.
الترمذي، عن عائشة قالت: “جئتُ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى في البيت، والباب عليه مُغلَق، فمشى حتى فتح لي، ثم رجَع إلى مكانه، ووصفَتِ البابَ في القبلة”. قال: هذا حديث حسن غريب.
مسلم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إنَّ عفريتا من الجنِّ جعل يفتك عليَّ البارحَة، ليقطع عليَّ الصلاة، وإن الله أمكنني منهُ فذعتُّهُ، فلقد هممتُ أن أربطَهُ إلى ساريةٍ من سواري المسجد، حتى تصبِحُوا فتنظروا إليه أجمعون (أو كلكم) ثم ذَكرتُ قول
أَخِي سليمانَ: ربِّ اغفر لي وهب لي ملكًا لا ينبغى لأحدٍ من بعدي. فرده الله خاسئًا”.
وعن ابن عمر، عن إحدى نسوة النبي صلى الله عليه وسلم، “أنه كان يأمر بقتل الكلب العقور والفارة والعقرب والحُدَيَّا والغراب والحية” قال وفي الصلاة أيضًا.
النسائي، عن رِفَاعَةَ بن رافع قال: صليتُ خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطستُ فقلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، مباركًا عليه كما يُحبُّ رُّبنا ويرضى. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرفَ فقال: “من المتكلمُ في الصلاة؟ فلم يكلمه أحد، ثم قالها الثانية من المتكلم في الصلاة؟ ” فقال رفاعة: أنا يا رسول الله – قال: “كيف قلتَ”. قال: قلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه مباركًا عليه كما يحب ربنا ويرضى. فقال: “والذى نفسي بيده لقد ابتدرَها بضعةٌ وثلاثون مَلَكًا أيهم يصَعدُ بها”.
الترمذي، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “التثاؤب في الصلاة من الشيطان، فإذا تثاءَبَ أحدُكم فليكظِمْ ما استطاع”.
خرجه مسلم ولم يقل في الصلاة.
البخاري، عن عمران بن حصين قال: كانت بي بواسيُر فسألتُ النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاةِ فقال: “صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا فإن لم تستطع فعلى جنب” ….
مسلم، عن ابن عمر قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسبَّحُ على الراحلةِ قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ توجَّهَ، ويوترُ عليها، غير أنهُ لا يُصلِّي عليها المكتوبة”.
زاد من حديث جابر بن عبد الله: “يومئ برأسه”.
وزاد أبو داود، “والسجود أخفض من الركوع”.
وقال أبو داود أيضًا، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم “كان إذا سافر، فأراد أن يتطوّع استقبل بناقتِه القبلة، فكبر ثم صلَّى حيث وجَّهه رِكابُه”.
مسلم، عن عمرو بن يحيى المازني عن سعيد بن يسار عن ابن عمر قال: “رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار، وهو موجِّه إلى خيبر”.
لم يتابع عمرو بن يحيى على قوله: على حمار، وإنما يقولون: على راحلتِهِ ذكر ذلك النسائي، وغيره.
[الأحكام الصغرى 1/ 259]
قال ابن قدامة:
فصل: ولا بَاسَ بعَدِّ الْآىِ في الصَّلَاةِ. وَتَوَقَفَ أحمدُ عن عَدِّ التَّسْبِيحِ، قال أبو بكرٍ: لا بَاسَ به؛ لأنَّه في مَعْنَى عَدِّ الْآىِ. وهو قولُ ابنِ أبي مُلَيْكَةَ، وطَاوُسٍ، [ويحيى بن وَثَّاب، والحسن، والنَّخَعِىِّ، وسعيد بن جُبَيْرِ،] وابنِ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِىِّ، والمُغِيرَةِ بنِ حَكِيمٍ، وإسْحَاقَ. وكَرِهَه أبو حنِيفةَ، والشَّافِعِىُّ؛ لأنه يَشْغَلُ عن خُشُوعِ الصلاةِ المَامُورِ به.
ولَنا، أنه إجْمَاعُ [التَّابِعين؛ لأنَّه رُوِىَ عن مَن سَمَّيْنا، بغيرِ خلافٍ في عصرِهم، فكان] إجْمَاعًا. وإنَّما كَرِهَ أحمدُ عَدَّ التَّسْبِيحِ [دونَ الْآىِ]؛ لأنَّ المَنْقُولَ عَمَّنْ ذَكَرْنَاهُم عَدُّ الآىِ. [قال أحمدُ: أمَّا عَدُّ الآىِ فقد سَمِعْنَا، وأمّا عَدُّ التَّسْبِيحِ فما سَمِعْنَا. وكان الحَسَنُ لا يَرَى بعَدِّ الآىِ في الصَّلَاةِ بَاسًا]. وكَرِهَ أن يحْسِبَ [في الصَّلَاةِ] شَيْئًا سِوَاهُ. [ولأنَّ التَّسْبِيحَ يتَوَالَى لِقِصَرِهِ فيتوالَى حِسابُه، فيصيرُ فعلًا كثيرًا مُتوالِيًا، بخلافِ عَدِّ الْآىِ].
ولا بأسَ بالإِشارةِ في الصلاةِ باليَدِ والعَيْنِ؛ [لما رَوىَ ابنُ عمرَ وأَنَسٌ]، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كان يُشِيرُ في الصلاةِ. [روَى الدَّارَقُطنِىُّ حديثَ أنَسٍ بإسْنادٍ صحيح. وعن جابِر، قال: إنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم بَعَثَنِى لحاجةٍ، فأدْرَكتُه وهو يُصَلِّى، فسلَّمْتُ عليه، فأشار إلىَّ، فلمَّا فرغ دعاني فقال: “إنَّكَ سَلَّمْتَ عَلَيَّ آنِفًا وأنَا أُصَلِّى”].
ولا بَاسَ بقَتْلِ الحَيَّةِ والعَقْرَبِ [في الصلاةِ]. وبه قال الحسنُ، والشَّافِعِىُّ، وإسْحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وكَرِهَه النَّخَعِىُّ؛ [لأنَّه يشْغَلُ عن الصلاةِ. والأوَّلُ أوْلَى]؛ فإنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أمَر بقَتْلِ الأَسْوَدَيْن في الصلاةِ؛ الحَيَّةِ، والعَقْربِ. روَاه أبو داودَ، والنَّسائِىُّ. ورأَى ابنُ عمرَ، [وهو في الصلاةِ]، رِيشَةً، حَسِبَها عَقْربًا، فضَربَها بنَعْلِه.
[ويجوزُ قتْلُ القَمْلِ؛ لأنَّ عمرَ وأنَسًا والحسنَ البَصْرِىَّ كانوا يفعلون ذلك. وقال القاضي: التَّغافلُ عنه أوْلى، فإن فعله فلا بَاسَ. وقال الأوْزاعِىُّ: تَرْكُه أحَبُّ إلىَّ؛ لأنَّ ذلك يشْغَلُ عن الصلاةِ لأمرٍ غيرِ مُهِمٍّ، ويُمْكِنُ اسْتِدْراكُه بعدَ الصلاةِ. وربَّما كَثُر فأبْطلَ الصلاةَ].
وإذا تثاءَبَ في الصلاة اسْتُحِبَّ أن يَكْظِمَ ما اسْتَطاعَ، فإن لم يقْدِرْ اسْتُحِبَّ له أنْ يضَعَ يَدَهُ على فِيهِ؛ لقَوْلِ رسولِ اللَّه -صلى الله عليه وسلم: “إذَا تَثَاءَبَ أحَدُكُمْ في الصلاة فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ، فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ”. من الصِّحاح. وفي روايةٍ، قال: “إذا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ؛ فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ”. رَوَاهُ سَعِيدٌ، في “سُنَنِه”. قال التِّرْمِذِىُّ: هو حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وإذا بَدَرَهُ البُصَاقُ وهو في المَسْجِدِ بَصَقَ في ثَوْبِهِ، وحَكّ بَعْضَه بِبَعْضٍ، وإن كان في غيرِ المَسْجِدِ [فإن أحَبَّ فعل ذلك، وإن أحَبَّ بَصَق] عن يَسَارِه، أو تَحْتَ قَدَمِه. لما [رُوِىَ] عن أبي هُرَيْرَةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى نُخَامَةً في قِبْلَةِ المَسْجِدِ، فأَقْبَلَ على النّاسِ فقال: “ما بالُ أَحَدكُم يَقومُ مُسْتَقْبِلَ رَبِّه فَيَتَنَخَّعُ أمَامَهُ، أَيُحِبُّ أن يُسْتَقْبَلَ فَيُتَنَخَّعَ في وَجْهِهِ؟ فإذا تَنَخَّعَ أحَدُكُمْ فَلْيَتَنَخَّع عن يَسَارِه أو تَحْتَ قَدَمِه، فَإنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَقُلْ هكَذَا”. وَوَصَفَ القَاسِمُ: فَتَفَلَ في ثَوْبِه، ثم مَسَحَ بَعْضَه على بَعْضٍ. وقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “الْبُزَاقُ في المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وكَفَّارَتُها دَفْنُها”. [رواهُما مُسْلِمٌ]
ولا بَاسَ بالعَمَلِ اليَسِيرِ في الصَّلَاةِ للحَاجَةِ؛ لما رَوَى أبو داودَ، عن عائِشةَ، رَضِىَ اللهُ عنها، قالت: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى والْبَابُ عليه مُغْلَقٌ، فَجِئْتُ فَاسْتَفْتَحْتُ، فَمَشَى، فَفَتَح لِى، ثم رَجَعَ إلى مُصَلَّاه. ورواهُ أحمدُ، في “المُسْنَد”، عن بشْر بن المُفَضَّل، عن بُرْدٍ، عن الزُّهْرىِّ، عن عُرْوَةَ، عن عائشةَ، وفيه: ووَصفَتْ أنَّ البابَ في القِبْلةِ. وعن أبي قَتادةَ، قال: رأيتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَؤُمُّ الناسَ، وأُمامةُ بنتُ زينبَ بنتِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم على عاتقِه، فإذا ركَع وضَعها، وإذا رَفع من السُّجُودِ ردَّها. روَاه مسلمٌ. وصلَّى أبو بَرْزَةَ ولجَامُ دابَّتِه في يَدِه، فجعلتِ الدَّابَّةُ تُنازعُه وجعَل رجلٌ من الخَوارِجِ يقول: اللَّهُمَّ افْعَلْ بهذا الشَّيْخِ. فلما انْصرَف قال [أبو بَرْزَةَ إنِّي سمعتُ] قولَكم، وإنِّى غَزَوْتُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّ غَزَواتٍ أو سَبْعَ غزواتٍ أو ثَمانَ، وشهدتُ مِن تَيْسيرِه أنِّى إن كنتُ أُراجعُ [مع دابَّتِى] أحبُّ إلىَّ من أن تَرْجعَ إلى مَأْلَفِها، فيَشُقُّ علىَّ. أخْرجه البُخارِىُّ. [ومتى كثُر العملُ في شيءٍ من هذا مُتَواليًا، أَبْطَلَ الصلاةَ، إلَّا أنْ يكونَ لضَرُورَةٍ]
[المغني لابن قدامة 2/ 397]
قال ابن رجب:
باب
من رجع القهقرى في الصلاة أو تقدم لأمر ينزل به
رواه سهل بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حديث سهل، قد سبق قريباً، وفيه رجوع أبي بكر القهقرى في صلاته، وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم، فصلى مكانه …
وروى برد بن سنان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: جئت ورسول الله ? يصلي في البيت، والباب عليه مغلق، فمشى حتى فتح لي، ثم رجع إلى مكانه، ووصفت الباب في القبلة.
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي – وهذا لفظه.
وقال: حسن غريب.
واستنكره أبو حاتم الرازي والجوزجاني؛ لتفرد برد به وبرد، شامي قدري، وثقه ابن معين. وقال أحمد: صالح الحديث.
وقال أبو زرعة: لابأس به. وقال أبو حاتم: كان صدوقا.
وقد تقدم في ((باب: الركوع دون الصف)) حديث أبي بكرة، أنه ركع دون الصف، وأنه مشى حتى دخل في الصف.
خرجه أبو داود بهذا اللفظ.
وتقدم فيه عن جماعة بأنهم فعلوا ذلك، منهم: زيد بن ثابت.
وروي عن أبي بكر الصديق، وعن خلق من التابعين، ومن بعدهم.
وعن سعيد بن جبير وعطاء، انهما رخصا في ان يركع قبل ان يصل إلى صفوف النساء، ثم يمشي
وكل هذا يدل على أن المشي اليسير في الصلاة لاتبطل به الصلاة، وإنه قول جمهور السلف.
وكذلك أبو برزة مشى في صلاته إلى فرسه لما انفلتت، فأخذها.
وخرج البخاري حديثه فيما بعد.
وقد قال أحمد: إذا فعل كفعل أبي برزة فصلاته جائزة.
وقال حرب: قلت لأحمد: يفتح الباب –يعني: في الصلاة – حيال القبلة؟ قالَ: في التطوع.
ولعله أراد أنه لايكره في التطوع خاصة، ويكره في الفريضة.
وأكثر أصحابنا على أن ذلك يرجع فيه إلى العرف، فما عد في العرف مشياً كثيراً أبطل، وما لم يعد كثيراً لم يبطل، وكذلك سائر الأعمال في الصلاة.
ومنهم من جعل الثلاث في حد الكثرة، فلم يعف إلاّ عن المرة والمرتين.
وللشافعية في الضربتين والخطوتين وجهان.
ومن الحنفية من قدر المشي المبطل بما جاوز محل السجود.
وما دلت السنة عليه، مع اتباع السلف فيه أولى.
قال أصحابنا: وإنما يبطل العمل الكثير إذا توالى، وما شك فيه لم يبطل؛ لأن الأصل دوام الصحة، فلا يزول بالشك في وجود المنافي.
وما تفرق من ذلك، وكان إذا جمع كثيراً لم يبطل؛ لأنه صلى الله عليه وسلم تكرر منه حمل أمامة في صلاته ووضعها، وقد سبق حديث أمامة والكلام عليهِ بما فيهِ كفاية.
ومذهب الشافعية كمذهب أصحابنا في ذلك كله، في الرجوع إلى العرف على الصحيح عندهم، مع قولهم: إن الثلاث في حد الكثرة بغير خلاف، وفي الثنتين
وجهان.
وأصحابنا يخالفونهم في هذا خاصة، ويقولون: ما لم يكن المشي والضرب يسمى كثيراً عرفاً فهو غير مبطل.
وهذا كله في العامد، فأما الناسي والجاهل، فأكثر أصحابنا والشافعية أن عمله الكثير يبطل كعمده.
ومن الشافعية من قال: فيه وجهان، أصحهما: لايبطل، كالكلام.
وكذلك حكى بعض أصحابنا رواية عن أحمد، أنه لايبطل عمل الساهي وإن
كثر.
وقال: هي أصح.
واستدل بما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في خبر ذي اليدين، حين سلم ساهياً، ثم لما ذكر بني على صلاته، وسيأتي الحديث في موضعه من الكتاب – إن شاء الله تعالى.
[فتح الباري لابن رجب 9/ 312]
قال العيني:
قوله: ” وهو حامل ” جملة اسمية وقعت حالا من الضمير الذي في “يُصلي “، ثم تكلم الناسُ في حكم هذا الحديث، فقال الشيخ محيي الدين (1): هذا يدل لمذهب الشافعي ومن وافقه أنه يجوز حمل الصبي والصبيّة وغيرهما من الحيوان في صلاة الفرض وصلاة النفل، ويجوز ذلك للإمام والمأموم والمنفرد.
قلت: أما مذهب أبي حنيفة في هذه المسألة فقد قال صاحب “البدائع” في بيان العمل الكثير الذي يفسد الصلاة والقليل الذي لا يفسد: فالكثير ما يحتاج فيه إلى استعمال اليدين، والقليل ما لا يحتاج فيه إلى ذلك،
حتى قالوا: إذا زَرّر قميصه في الصلاة فسدت صلاته، وإذا حل إزراره لا
تفسد، وقال بعضهم: كلُّ عمل لو نظر إليه الناظرُ من بعيد لا يَشك أنه
في غير الصلاة فهو كثير، وكل عمل لو نظر إليه الناظرُ بما يَشتبه عليه أنه
في الصلاة فهو قليل، وهذا أصح، وعلى هذا الأصل يخرجُ ما إذا قاتل
في صلاته في غير حالة الخوف أنه تفسدُ صلاته؛ لأنه عمل كثير ليس من
أعمال الصلاة، وكذا إذا أخذ قوساً ورمى فسدت صلاته، وكذا لو دَهَن
أو سرح رأسه، أو حملت امرأة صبيها فأرضعته لوجود العمل الكثير على العبارتين، فأما حملُ الصبي بدون الإرضاع فلا يُوجب الفساد؛ لما روي
أن النبي- عليه السلام كان يُصلي في بيْته وقد حمل أمامة بنت
أبي العاص على عاتقه، فكان إذا سجد وضعها، وإذا قام رفعها، ثم
هذا الصنيع لم يكره منه- عليه السلام لأنه كان محتاجا إلى ذلك لعدم
من يحفظها، أو لبيانه الشرع بالفعل، وهذا غيرُ موجب فسادَ الصلاةِ،
ومثل هذا- أيضا- في زماننا لا يكره لواحد منا لوً فعل ذلك عند
الحاجة، أما بدون الحاجة فمكروه. انتهى.
وذكر أشهب عن مالك أن ذلك كان من رسول الله- عليه السلام في
صلاة النافلة، وأن مثل هذا الفعل غير جائز في الفريضة. قال أبو عُمر:
حَسْبك بتفسير مالك، ومن الدليل على صحة ما قاله في ذلك أني لا أعلم
خلافا أن مثل هذا العمل في الصلاة مكروه.
وقال الشيخ محيي الدين (1): هذا التأويل فاسد؛ لأن قوله: “يؤم
الناسَ” صريح أو كالصريح في أنه كان في الفريضة.
قلت: هو ما رواه سفيان بن عيينة يُسنِدهُ إلى أبي قلادة الأنصاري قال:
رأيت النبي- عليه السلام يؤم الناسَ/ وأمامة بنت أبي العاص وهي بنت زينب ابنة رسول الله- عليه السلام على عاتقه؛ ولأن الغالب في إمامة رسول الله- عليه السلام كانت في الفرائض دون النوافل.
وقال الشيخ محيي الدين (1): وادعى بعض المالكية أنه منسوخ.
وقال الشيخ تقي الدين: وهو مروي عن مالك- أيضا.
وقال أبو عمر: ولعل هذا نسخ بتحريم العمل والاشتغال بالصلاة. وقد رد هذا بأن قوله- عليه السلام: ” إن في الصلاة لشغلا” كان قبل بدر عند قدوم عبد الله بن مسعود من الحبشة، وأن قدوم زينب وابنتها إلى المدينة كان بعد ذلك؛ ولو لم يكن الأمر كذلك لكان فيه إثبات النسخ بمجرد الاجتهاد. وروى أشهب، وابن نافع، عن مالك: أن هذا كان للضرورة. وادعى بعض المالكية أنه خاص بالنبي- عليه السلام، ذكره القاضي عياض.
وقال الشيخ محيي الدين (2): وكل هذه الدعاوى باطلة ومردودة؛ فإنه
لا دليل عليها ولا ضرورة إليها؛ بل الحديث صحيح صريح في جواز ذلك وليس فيه ما يخالف قواعد الشرع؛ لأن الآدمي طاهر وما في جوفه من النجاسة معفو عنه لكونه في معدته، وثياب الأطفال وأجسادهم على الطهارة ودلائل الشرع متظاهرة على أن هذه الأفعال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرقت، وفعل النبي- عليه السلام هذا بيانا للجواز وتنبيها به عليه.
قلت: وقد قال بعض أهل العلم: إن فاعلاً لو فعل مثل ذلك لم أر عليه إعادة من أجل هذا الحديث، وإن كنت لا أُحب لأحد فعله. وقد كان أحمد بن حنبل يُجيز هذا. قال الأثرم: سئل أحمدُ: َ أيأخذ الرجلُ ولده وهو يُصلي؟ قال: نعم، واحتج بحديث أبي قتادة.
وقال الخطابي (3): يُشبه أن يكون هذا الصنيع من رسول الله- عليه السلام لا عن قصدِ وتعمد له في الصلاة ولعل الصبية لطول ما ألفته واعتادته من ملابسته في غير الصلاة، كانت تتعلق به، حتى تلابسه وهو في الصلاة فلا يدفعها عن نَفسه ولا يُبْعدها، فإذا أراد أن يَسْجد وهي على عاتقه وضعها بأن يَحُطها أو يُرسلها إلىَ الأرض حتى يَفرغ من سجوده، فإذا أراد القيامَ وقد عادت الصبيةُ إلى مثل الحالة الأولى لم يدافعها ولم يَمْنعها، حتى إذا قام بقيت محمولةً معه. هذا عندي وجه الحديث، ولا يكاد يتوهم عليه- عليه السلام أنه كان يتعمد لحملها عليه ووضعها وإمساكها في الصلاة تارةً بعد أخرى؛ لأن العمل في ذلك قد يكثر فيتكرّر، والمصلي يشتغل بذلك عن صلاته، ثم ليس في شيء كثر من قضائها وطرا من لعبٍ لا طائل له، ولا فائدة فيه، وإذا كان علم الخميصة يُشْغلهُ عن صلاته حتى يستبدل بها الأنبجانية، فكيف لا يشتغل عنها بما هذا صفته من الأمْر؟ وفي ذلك بيان ما تأولناه، والله أعلم.
وقال الشيخ محيي الدين (1): بعد أن نقل ملخّص كلام الخطابي:
هذا الذي ذكرناه وهو باطل ودعوى مجردة، ومما يَرُد قولَه في “صحيح مسلم”: ” فإذا قام حملها”، وقوله: ” فإذا رفع من السجود أعادَها “، وقوله في غير رواية مسلم: ” خرج علينا حاملاً أمامة فصلّى،، وذكر الحديث. وأما قضية الخميصة: فلأنها تشغل القلب بلا فائدة، وحمل أمامة لا نسلم أنه يُشغلُ القلبَ، وإن شغله فيترتبُ عليه فوائد وبيان قواعد مما ذكرناه وغيره، فاحتمل ذلك الشَّغْل لهذه الفوائد بخلاف الخميصة؛ فالصواب الذي لا معدل عنه: أن الحديث كان لبيان الجواز والتنبيه على هذه الفوائد، فهو جائز لنا وشرع مستمر للمسلمين إلى يوم الدين.
قلت: الصواب مع الشيخ محيي الدين؛ لأن الحديث صحيح، والنسخ والخصوصية والتقييدُ بالفعل وغير ذلك لم يثبت، فوجب العمل به، ولا حاجة إلى تكثير الكلام الذي ليْس تحته طائل ولا منفعة.
[شرح سنن أبي داود للعيني 4/ 144]
قال ابن عثيمين:
قوله: «وعَدُّ الآي» أي: وله عَدُّ الآي، أي: المُصلِّي. والآي: جَمْعُ آية، وعَدُّ الآيات قد يكون له حاجة، وقد لا يكون له حاجة، فمن الحاجة لعدِّ الآي إذا كان الإنسان لا يعرف الفاتحة؛ وأراد أن يقرأ بعدد آياتها مِن القرآن، فهو حينئذٍ يحتاج إلى العَدِّ، وإلاَّ فالغالب أنه لا يحتاج إلى عَدِّ الآي، لكن إذا احتاج فله ذلك، ولكن لا يعدُّها باللفظ؛ لأنه لو عَدَّها باللفظ لكان كلاماً، والكلام مبطلٌ للصَّلاة، لكن يعدُّها بأصابعه، أو يعدُّها بقلبه، ولا تبطل الصَّلاةُ بعمل القلب، ولا تبطل بعمل الجوارح؛ إلا إذا كَثُر وتوالى لغير ضرورة.
وله عَدُّ التسبيح، وهذا قد يحتاج إليه الإنسان، خصوصاً الإمام؛ لأن الإمام حَدَّدَ الفقهاء رحمهم الله التسبيحَ له بعشر تسبيحات، قالوا: أكثر التسبيح للإمام عشر، وأدنى الكمال ثلاث.
وله عَدُّ الركعات، وهذه قد تكون أحوج مما سَبَقَ، لأن كثيراً من الناس ينسى ويعدُّها بالأصابع، فهنا مشكل؛ لأنه إذا رَكَعَ لا بُدَّ أن يفرِّجَ أصابعه، وإذا سَجَدَ لا بُدَّ أن تكون أصابعه مبسوطة، وعلى هذا فيعدُّها بأحجار أو نَوى، فيجعل في جيبه أربع نَوى فإذا صَلَّى الرَّكعة الأُولى رَمى بواحدة، وهكذا حتى تنتهي، فهذا لا بأس به؛ لأن في هذا حاجة، وخاصة لكثير النسيان. …..
قوله: «ولبس الثَّوبِ» أي: أن المصلِّي له لُبْسُ الثوب، وكلام المؤلِّف هنا يحتاج إلى تفصيل:
فإن كان يترتَّب على لُبْسِهِ صحَّة الصَّلاة فلُبْسُهُ حينئذٍ واجب، مثل أن يكون عُرياناً ليس معه ثياب؛ لأن العُريان يصلِّي على حسب حاله، وفي أثناء الصلاة جِيء إليه بثوب، فَلُبْسُ الثوب هنا واجب.
ولا نقول: أبطلْ صلاتك، والبسْ الثوبَ؛ لأن ما سَبَقَ من الصَّلاةِ مأذون فيه شرعاً لا يمكن إبطاله، بل يبني عليه، ولهذا لما أخبرَ جبريلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بأن في نعليه قَذَراً خلعهما واستمرَّ، وكذلك هنا نقول: لُبْسُ هذا الثوب واجب؛ لأنه لا يتمُّ الواجب إلاَّ به وهو ستر العورة.
أما إذا كان لا يتوقَّفُ على لُبْسِهِ صحَّة الصلاة، فالمؤلِّف يقول: «له ذلك»، ولكن هل يفعل هذا؟ أو نقول: لا تفعله إلاَّ لحاجة؟
الجواب: نقول: لا تفعله إلاَّ لحاجة، ومِن الحاجة أن يَبْرُدَ الإنسانُ في صلاتِه بعد أن شرع فيها، والثوب حوله؛ فله أن يأخذه ويلبسه؛ لأن هذه حاجة، بل قد يكون مشروعاً له أن يَلْبَسَهُ إذا كان لُبْسُ الثوب يؤدِّي إلى الاطمئنان في صلاته والراحة فيها.
قوله: «ولَفُّ العِمَامة» أي: له لَفُّ العِمَامة لو انحلَّت ولا حَرَجَ عليه، ولكن هل هذا على سبيل الإباحة؟
الجواب: إنْ كان انحلالها يشغله فلفُّها حينئذٍ مشروع، لأن في ذلك إزالة لما يشغله، وإنْ كان لا يشغله فالأمر مباح وليس بمشروع.
ودليل ذلك: حديث وائل بن حُجْر «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فَرَفَعَ يديه عند تكبيرة الإِحرام، ثم التحفَ بثوبه، ثم وَضَعَ يده اليُمنى على اليُسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب، ثم رَفَعَهما، ثم كبَّر فركع» وهذا الحديث في «صحيح مسلم»، وفيه دليل على أنه لا بأس للمصلِّي إذا كان عليه مشلح مثلاً وأراد أن يكفَّ بعضه على بعض، ولا يدخل هذا في قوله: «لا أكفُّ شعراً ولا ثوباً» لأن كلَّ شيء بحسبه، ومن هنا يتبيَّن أن كَفَّ الغُترة في حال الصَّلاةِ إلى الخلف لا بأس به، لأنه من اللبس المعتاد، فما كففتها كفًّا أخرجها عن ما يعتاده الناس فيها، وكذلك لو لفَّها على رقبته فإنه لا بأس به أيضاً؛ ولو كَفّ أحد طرفي غترته حول رقبته، وسدلَ الأخرى، فإنه لا بأس به أيضاً؛ لأن كلَّ هذه من الألبسة المعتادة، فلا تُعَدُّ كفاً خارجاً عن العادة، ولهذا التحفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بردائه كما سبق، والالتحاف كفُّ بعضه على بعض.
قوله: «وقتل حية وعقرب» أي: له قَتْلُ حَيَّة، واللام هنا للإباحة، ولكن الإباحة هنا لبيان رَفْعِ الحرج، فلا ينافي أن يكون ذلك مستحبًّا ومشروعاً، فللمصلِّي أن يقتل الحيَّةَ، بل يُسَنُّ له ذلك؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ به فقال: «اقتلوا الأسْودَين في الصَّلاةِ: الحيَّةَ والعقربَ».
وفي «صحيح مسلم» أن رجلاً سأل ابنَ عمر: ما يقتل الرجُلُ من الدَّوابِّ وهو مُحرم؟ قال: حدثتني إحدى نسوة النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر بقتل الكلبِ العقورِ، والفأرةِ، والعقربِ، والحُديَّا، والغُرابِ، والحيَّةِ، قال: وفي الصلاة أيضاً.
وعلى هذا؛ فيُسنُّ أن يقتل الحيَّةَ، فإن هاجمته وَجَبَ أن يقتلها دفاعاً عن نفسه، وله أيضاً قَتْل العقرب وهي أكثر لسعاً مِن لَدْغِ الحيَّة. فالحيَّة أحياناً لا تلدغ، فأحياناً تمرُّ على قدم الإنسان ولا تلدغه. لكن العقرب إذا أحسَّت بالجلد البشري لسعته.
قوله: «وقمل» أي: وله قتل قَمْلٍ في الصلاة. القملة: حشرة صغيرة تتولَّد داخل الثياب والشعر وتقرص الجلد وتمتصُّ الدَّم، وتشغل الإنسان، فله أن يقتلها، فإن أشغلته كان قتلها مستحبًّا، لكن إذا قتلها وتلوَّثت يدُه بالدَّم فهل يكون نجساً؟
الجواب: ليس بنجس؛ لأنه مما لا نَفْسَ له سائلة، كالدَّم الذي يكون في الذُّباب فلا يضرُّ، ولا ينجس.
مسألة: إذا قال قائل: هل له أن يتحكَّك إذا أصابته حِكَّة؟
الجواب: له ذلك، وإن أمكن الصبر على هذه الحِكَّة فليصبرْ، لكن لو انشغل قلبُه بذلك فليحكَّها، لإزالة ما يمنعه مِن الخشوع ومن المعلوم أن الحكّة إذا حكّها الإنسان بردت وسكنت عليه.
فَإِنْ أَطَالَ الفِعْلَ عُرْفاً مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَلَا تَفْرِيقٍ بَطُلَتْ وَلَوْ سَهْوا ……..
قوله: «فإن أطال الفعل عرفاً» «عُرفاً»: منصوبة بنزع الخافض، أي: إطالة في العرف.
والعرف: بمعنى العادة، وهو ما اعتاده النَّاسُ وألفوه.
قوله: «من غير ضرورة»: أي: من غير أن يكون مضطراً إلى الإطالة، مثل أن يهاجمه سَبُعٌ فإن لم يعالجه ويدافعه أكله، أو حيَّة إن لم يدافعها لدغته، أو عقرب كذلك، فهذا الفعل ضرورة فلا تبطل به الصلاة.
قوله: «ولا تفريق»: يعني: ليس مفرَّقاً؛ بأن يكون متوالياً في ركعة واحدة مثلاً، بخلاف ما لو تحرَّك حركة في الأُولى، وحركة في الثانية، وحركة في الثالثة، وحركة في الرابعة، فمجموعها كثير، وكلُّ واحدة على انفرادها قليل، فهنا لا تبطل الصَّلاة، لكن إذا كان متوالياً وكَثُرَ فإنه يبطل الصلاة.
فشروط بُطلان الصلاة بالحركة ثلاثة:
1 ـ أن تكون طويلة عُرفاً.
2 ـ ألا تكون لضرورة.
3 ـ أن تكون متوالية، أي: بغير تفريق.
فإذا اجتمعت هذه الشروط الثلاثة في الفعل صار مبطلاً للصَّلاة، لأنه حركة في غير جِنْسِ الصَّلاة، وهي منافية لها كالكلام، لأن الذي ينافي الصَّلاة يبطلها.
وعُلم من كلام المؤلِّف: أنه لو كانت الحركة قصيرة، فإن الصَّلاةَ لا تبطل، ولكن ما الميزان لقصر الحركة، أو طولها؟
الجواب: أفاد المؤلِّف: أن الميزان العُرف. والحقيقة: أن العُرف فيه شيء من الغموض، ولا يكاد ينضبط؛ لأن الأعراف تختلف باختلاف البُلدان، وباختلاف الأفهام، وقد يرى بعضُ الناس هذا كثيراً، وقد يراه آخرون قليلاً، ولكن أقربُ شيء أن يقال: إننا إذا رأينا هذا الشخص يتحرَّك ويغلب على ظَنِّنا أنه ليس في صلاة لكثرة حركته، فينبغي أن يكون هذا هو الميزان، أن تكون الحركة بحيث مَن رأى فاعلها ظَنَّ أنه ليس في صلاة؛ لأن هذا هو الذي يُنافي الصلاة.
أما الشيء الذي لا ينافيها، وإنما هو حركة يسيرة، فلا تبطل الصلاة به.
وقَدَّرَ بعض العلماء الحركة الكثيرة بثلاث حركات، ولكن هذا التقدير ليس بصحيح؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فَتَحَ البابَ لعائشة، وكان البابُ في القِبْلة، فتقدَّم ورَجَعَ. وفي صلاة الكسوف تقدَّم ورَجَعَ وتأخَّر، وحين صُنع له المِنبرُ؛ صار يصلِّي عليه، فيصعد عند القيام والرُّكوع، وينزل للأرض عند السجود.
وعن أبي قتادة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُصلِّي وهو حامل أُمَامَة بنتَ زينبَ بنتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فإذا قام حملها، وإذا سَجَدَ وضعها.
وكلُّ هذه أفعال أكثر من ثلاث حركات.
وقوله: «من غير ضرورة» عُلم أنه إذا كَثُرت الأفعال للضَّرورة لم تبطل الصلاة، ولا بأس به.
ودليل ذلك: قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ *} {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} [البقرة: 238 ـ 239] رجالاً: أي: راجلين، يعني: صَلُّوا وأنتم تمشون. أو رُكباناً: أي: على الرَّواحل.
ومعلوم أن الماشي يتحرَّك كثيراً، فلو فُرض أنه لما شَرَع في صلاته أحسَّ بأن سَبْعاً وراءه يريده، وليس معه ما يُدافع به فهرب وهو يُصلِّي فصلاتُه صحيحة؛ لأنه في ضرورة، ولا حرج عليه إذا انصرف إلى غير القبلة.
وقوله: «ولا تفريق» أي: أنه يُشترط في الفعل الكثير أن يكون متوالياً عُرفاً، فإن فرَّق لم تبطل الصَّلاة، فلو تحرَّك ثلاث مرَّات في الركعة الأولى، وثلاثاً في الثانية، وثلاثاً في الثالثة، وثلاثاً في الرابعة، لو جمعت لكانت كثيرة، ولما تفرَّقت كانت يسيرة باعتبار كلِّ رَكعة وحدها، فهذا لا يبطل الصلاة أيضاً.
قوله: «ولو سهواً» أي: أن الصلاة تبطل بهذا الفعل، ولو كان الفعل سهواً، فلو فرضنا أن شخصاً نسيَ أنه في صلاة؛ فصار يتحرَّك: يكتب، ويعدُّ الدراهم، ويتسوَّك، ويفعل أفعالاً كثيرة. فإن الصَّلاةَ تبطل؛ لأن هذه الأفعال مغيِّرة لهيئة الصلاة، فاستوى فيها حال الذِّكْر وحال السهو.
و «لو» هنا إشارة خلاف؛ لأن بعضَ أهل العلم يقول: إذا وَقَعَ هذا الفعل مِن الإنسان سهواً فإن صلاته لا تبطل، بناءً على القاعدة العامة المعروفة وهي: «أنَّ فِعْلَ المحظور على وجه السَّهو لا يلحق فيه إثم ولا إفساد»، لكن الذين قالوا: إنه يؤثِّر؛ قالوا: إن هذا يُغيِّر هيئة الصلاة، ويخرجها عن كونها صلاة، وليس مجرد فِعْلٍ لا يؤثِّرُ، وهذا مما أستخيرُ الله فيه؛ أيهما أرجح.
والحركة التي ليست مِن جِنْسِ الصَّلاة تنقسم إلى خمسة أقسام:
1 ـ واجبة.
2 ـ مندوبة.
3 ـ مباحة.
4 ـ مكروهة.
5 ـ محرَّمة.
والذي يبطل الصلاة منها هو المُحرَّم.
فالحركة الواجبة: هي التي يتوقَّف عليها صحَّةُ الصَّلاة، هذا هو الضَّابطُ لها، وصورها كثيرة منها: لو أن رَجُلاً ابتدأ الصَّلاةَ إلى غير القِبْلة بعد أن اجتهد، ثم جاءه شخصٌ وقال له: القِبْلة على يمينك، فهنا الحركة واجبة، فيجب أن يتحرَّك إلى جهة اليمين، ولهذا لمَّا جاء رَجُلٌ إلى أهل قُباء وهم يصلُّون إلى بيت المقدس، وأخبرهم بأن القِبْلة حُوِّلت إلى الكعبة، تَحوَّلوا في نفس الصلاة وبَنَوا على صلاتهم.
ولو ذَكَرَ أن في غُترته نجاسة وهو يُصلِّي وَجَبَ عليه خَلْعُها؛ لإزالة النجاسة، ويمضي في صلاته.
وإنْ كانت في ثوبه، وأمكن نزعه بدون كشف العورة؛ نَزَعَهُ ومضى في صلاته، وإن كان لا يمكنه نَزْعه إلا بكشف العورة؛ قَطَعَ صلاته، وغسل ثوبه، أو أبدله بغيره، ثم استأنف الصلاة.
ولو ذَكَرَ أنَّه على غير وُضوء؛ فالصَّلاة لم تنعقد؛ فيجب أن يذهب ويتوضأ، ويستأنفها مِن جديد.
ولو صَلَّى إلى يسار الإمام ـ وهو واحد ـ فانتقاله إلى اليمين واجب على قول مَن يرى أن الصلاة لا تصحُّ عن يسار الإمام مع خلوِ يمينه، والمسألة خلافية، وستأتي إن شاء الله.
والحركة المندوبة «المستحبَّة»: هي التي يتوقَّف عليها كمال الصلاة. ولها صور عديدة منها:
لو أنه لم يستر أحد عاتقيه؛ فهنا الحركة لستر أحد العاتقين مستحبَّة، لأن الصحيح أنه ليس بواجب.
ولو تبيَّن له أنه متقدم على جيرانه في الصفِّ فتأخُّره سُنَّة.
ولو تقلَّص الصفُّ حتى صار بينه وبين جاره فرجة، فالحركة هنا سُنَّة.
ولو صَفَّ إلى جنبيه رجلان، فتقدُّم الإمام هنا سُنَّة.
والحركة المباحة: هي الحركة اليسيرة للحاجة، أو الكثيرة للضرورة.
مثال الحركة اليسيرة: رَجُلٌ يُصلِّي في الظِّلِّ فأحسَّ ببرودة فتقدَّم، أو تأخَّر، أو تيامن، أو تياسر مِن أجل الشمس، فهذه مباحة، وقد نقول: إنها سُنَّة، فإن قال: إنِّي إذا كنت في الشمس تَمَّ خشوعي، وإذا كنت في الظلال تعبت مِن البرد؛ فهنا الحركة سُنَّة، لكن إذا كان لمجرد الدفء فقط فهي من المباحة.
والحركة المكروهة: هي اليسيرة لغير حاجة، ولا يتوقَّف عليها كمال الصَّلاة، كما يوجد في كثير من الناس الآن؛ كالنظر إلى الساعة، وأخذِ القلم، وزَرِّ الأزرار، ومسحِ المرآة، وغير ذلك.
والحركة المحرَّمة: هي الكثيرة المتوالية لغير ضرورة.
[الشرح الممتع على زاد المستقنع 3/ 255]
فتاوى اللجنة الدائمة – 1 — اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (معاصر)
– الرد على الهاتف أثناء الصلاة
الفتوى رقم ((1870))
س: إنهم كانوا يصلون إحدى الصلوات في البيت وأخذ منبه التليفون يرن وأشغلهم بالرنين مدة طويلة، فهل يجوز في مثل هذه الحالة أن يتقدم المصلي أو يتأخر ويرفع سماعة التليفون ويكبر أو يرفع صوته بالقراءة ليعلم صاحب التليفون أنه يصلي قياسا على فتح الباب للطارق أو رفع الصوت له؟
ج: إذا كان المصلي بالحالة التي ذكرت وأخذ التليفون يرن جاز له أن يرفع السماعة ولو تقدم قليلا أو تأخر كذلك أو أخذ عن يمينه أو شماله بشرط أن يكون مستقبل القبلة وأن يقول (سبحان الله) تنبيها للمتكلم بالتليفون لما ثبت في الصحيحين «أن رسول الله ? كان يصلي وهو حامل أمامة بنت ابنته فإذا ركع وضعها وإذا قام حملها، ((1))» وفي رواية مسلم: وهو يؤم الناس في المسجد ولما روى أحمد وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت «كان رسول الله ? يصلي في البيت والباب عليه مغلق فجئت فمشى حتى فتح لي ثم رجع إلى مقامه ووصفت أن الباب في القبلة ((1))» وما رواه البخاري ومسلم «أن رسول الله ? قال: من نابه شيء في صلاته فليسبح الرجال وليصفق النساء ((2))»
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو … عضو … نائب رئيس اللجنة … الرئيس
عبد الله بن قعود … عبد الله بن غديان … عبد الرزاق عفيفي … عبد العزيز بن عبد الله بن باز
———————–
قال الشوكاني في شرح:
بَابٌ فِي أَنَّ قَتْلَ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْمَشْيَ الْيَسِيرَ لِلْحَاجَةِ لَا يُكْرَهُ
(1111) – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ? أَمَرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ: الْعَقْرَبِ وَالْحَيَّةِ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
(1112) – وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ? يُصَلِّي فِي الْبَيْتِ وَالْبَابُ عَلَيْهِ مُغْلَقٌ فَجِئْت فَمَشَى حَتَّى فَتَحَ لِي ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَقَامِهِ وَوَصَفَتْ أَنَّ الْبَابَ فِي الْقِبْلَةِ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنُ مَاجَهْ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهِيَةٍ وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ. قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: وَفِي مَعْنَى الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ كُلُّ ضِرَارٍ مُبَاحُ الْقَتْلِ كَالزَّنَابِيرِ وَنَحْوِهَا.
قَالَ الشَّارِحُ: وَحَدِيثُ عائشةِ يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ الْمَشْيِ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ لِلْحَاجَةِ.
نيل الأوطار (2) / (397)
——-
شرح الحديث
(عن عائشة رضي الله عنه) أنها (قالت: استفتحت الباب) …..
قال ابن الملك: مشيه ?، وفتحه الباب، ثم رجوعه إلى الصلاة يدلّ على أن الأفعال الكثيرة إذا توالت لا تبطل الصلاة، وإليه ذهب بعضهم. انتهى.
وقال ابن رسلان: هذا المشي محمول على أنه مشي خطوة، أو خطوتين، أو مشي أكثر من ذلك متفرّقًا.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله ابن رسلان تقيد للحديث بالمذهب، ولا يخفى فساده، كما قال الشوكاني، فإن الحديث يدلّ على إباحة المشي في صلاة التطوع للحاجة، إذا كان في جهة القبلة. والله -تَعَالَى- أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (14) / (216) – (217)
تنبيه:
فِرِشْتَا: بكسر الفاء والراء وسكون الشين هو المَلَك، ولذا كان يقال لوالده: ابن المَلَك، قال السخاوي (في ترجمة والده عبد اللطيف): وكذا كان يكتب بخطه المعروف بابن الملك. انظر: «الضوء اللامع» للسخاوي ((4) / (329)).
——-
والحديث يدل على إباحة المشي في صلاة التطوع للحاجة، فله أن يمشي إلى جنبه، وله أن يمشي القهقرى، أي إلى الخلف، لكن لا يستدبر القبلة، لأن استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة. وإنما خص بصلاة التطوع لزيادة ذكرها النسائي -رحمه الله- في سننه وهي: أنه كان يصلي تطوعا. والله أعلم
بعض لجان الفتوى