60 – فتح رب البرية بينابيع الحكمة من أقوال الأئمة
جمع أحمد بن خالد وآخرين
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
(1873): نصيحة الى الموظف
قال العلامة ابن باز رحمه الله: فالواجب على الموظف أن يؤدي الأمانة بصدق وإخلاص وعناية وحفظا للوقت حتى تبرأ الذمة ويطيب الكسب ويرضي ربه وينصح لدولته في هذا الأمر أو للشركة التي هو فيها أو لأي جهة يعمل فيها، هذا هو الواجب على الموظف أن يتقي الله وأن يؤدي الأمانة بغاية الإتقان وغاية النصح يرجو ثواب الله ويخشى عقابه ويعمل بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَامُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}.
مجموع فتاوى و مقالات متنوعة (19/ 354).
______________
(1874): قال ابن القيم -رحمه الله-:
{قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس: (58)]، فالفرح بفضله ورحمته تبع للفرح به سبحانه.
فالمؤمن يفرح بربه أعظم من فرح كل أحد بما يفرح به: من حبيب أو حياة، أو مال، أو نعمة، أو ملك. يفرح المؤمن بربه أعظم من هذا كله، ولا ينال القلب حقيقة الحياة حتى يجد طعم هذه الفرحة والبهجة، فيظهر سرورها فى قلبه ومضرتها فى وجهه، فيصير له حال من حال أهل الجنة حيث لقّاهم الله نضرة وسرورًا.
فلمثل هذا فليعمل العاملون، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون، فهذا هو العلم الذى شمر إليه أولو الهمم والعزائم، واستبق إليه أصحاب الخصائص والمكارم.
طريق الهجرتين (1) / (281)
______________
(1875): قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رحمه الله تعالى
«فَالتَّوْحِيدُ يُذْهِبُ أَصْلَ الشِّرْكِ وَالِاسْتِغْفَارُ يَمْحُو فُرُوعَهُ».
الفتاوى ((11) / (697)).
______________
(1876): قال الإمام مالك:
لا يصلُحُ الرجل حتى يتركَ ما لا يعنيه، ويشتغلَ بما يعنيه، فإذا كان كذلك؛ يُوشكُ أن يفتحَ لله قلبَه.
ترتيب المدارك ((209) / (1))
______________
(1877): قال ابن القيم:
“كلما كانت النفوس أكبر والهمة أعلى، كان تعب البدن أوفر وحظه من الراحة أقل”.
مفتاح دار السعادة (1/ 40)
______________
(1878): فائدة في (العلم الذي يُنتفع به)
العلامة ابن عثيمين رحمه الله
فتح ذي الجلال والإكرام (285) / (10) ..
قال رحمه الله:
إذا مات الإنسان وانتفع الناس بعلمه بعد موته فإنه يجري له أجره؛ سواء كان ذلك مما ينتفع به في الدنيا، أو مما ينتفع به في الآخرة؛ لأن الذي ينتفع به في الدنيا فيه أجر، لكن الذي ينتفع به في الآخرة أكثر أجرًا، فإذا خلف الإنسان علوما شرعية، وانتفع الناس بها بعد موته فهذا عمل لا ينقطع، وإذا خلف علومًا دنيوية ينتفع الناس بها؛ كعلم الخياطة مثلا، وعلم البناء وما أشبه ذلك فإنه – أيضًا ـ له أجره؛ كما لو زرع الإنسان زرعا، أو غرس غرسا وانتفع الناس به؛ بأن أكلوا من ثمره فإنه يؤجر عليه، كذلك – أيضًا – إذا انتفعوا بعلمه الدنيوي، الذي ينفع الناس، فإنه يؤجر عليه، لكنه ليس كالأجر على العلم الشرعي الذي ينتفع الناس به في دينهم. أما إذا كان علما آخر يضر الناس فإنه لا أجر له فيه؛ كما لو علَّم الناس علوما من الألعاب المحرمة، أو المعازف المحرمة فإن ذلك يكون وزرا عليه مادام الناس يأخذون به.
______________
(1879): «ضعف العقيدة هو المرض الحقيقي الذي يجب علاجه بمعرفة التوحيد والعقيدة الصحيحة».
العلامة صالح الفوزان
[عقيدة التوحيد ص (99)]
______________
(1880): قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله إن قال قائل: كيف يعرف الفرق بين النعم التي يُجازَى بها العبد والنعم التي يُستدرَج بها العبد؟ فالجواب: أن الإنسان إذا كان مستقيمًا على شرع الله فالنعم من باب الجزاء، وإذا كان مقيمًا على معصية الله مع توالي النعم فهي استدراج. (تفسير سورة البقرة / ص59).
______________
(1881): قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
” سُئِل الفضيل بن عياض عن التَّواضُع، فقال:
يخضع للحقِّ، وينقاد له، ويقبله ممَّن قاله “.
[مدارج السَّالكين ((2) / (329))].
______________
(1882): قال الله تعالى: (ولاتهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)
فللعبد من العلو بحسب مامعه من الإيمان.
ابن القيم/إغاثة اللهفان [(912) / (2)]
______________
(1883): قال ابن تيمية رحمه الله:
والنوع الواحد من العمل قد يفعله الإنسان على وجه يكمل فيه إخلاصه وعبوديته لله، فيغفر له به كبائر.
منهاج السنة ((6) / (218))
______________
(1885): الجهل داء وشفاءه سؤال العلماء
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:-
وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الجهل داء، وجعل دواءه سؤال العلماء: فروى أبو داود في سننه من حديث جابر بن عبد الله قال: خرجنا في سفر، فأصاب رجلًا منا حجر، فشجّه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه، فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ قالوا: ما نجد لك رخصة، وأنت تقدر على الماء. فاغتسل، فمات. فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال: “قتلوه، قتلهم الله! ألا سألوا إذ لم يعلموا! فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصِر -أو يعصِب- على جرحه خرقةً، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده”.
فأخبر أنّ الجهل داء، وأنّ شفاءه السؤال.
?? الداء والدواء ص6
______________
(1886): (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)
قال الحافظ ابن الصلاح:
“وذلك سهل على القلب السليم، وانما يعسر على القلب الدغل”.
صيانة صحيح مسلم (1/ 203).
______________
(1887): قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء”.
وفي صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله”.
وفي مسند الإِمام أحمد من حديث أسامة بن شريك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله لم يُنْزِلْ داءً إلا أنزل له شفاءً، علِمَه مَن علِمَه، وجَهِله مَن جَهِله”
وفي لفظ: “إن الله لم يضع داءً إلا وضع له شفاءً أو دواءً إلا داءً واحدًا” قالوا: يا رسول الله ما هو؟ قال: “الهرَم”. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
*وهذا يعمّ أدواءَ القلب والروح والبدن، وأدويتَها.*
?? الداء والدواء ص5
______________
(1888): قال شيخ الإسلام الثاني الإمام #ابن_القيم رحمه الله:
«وقد أمر النبي ? بالتبليغ عنه ولو آية، ودعا لمن بلغ عنه ولو حديثا، وتبليغ سنته إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو، ولأن ذلك التبليغ يفعله كثير من الناس. أما تبليغ السنن فلا تقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم، جعلنا الله تعالى منهم بمنه وكرمه».
#جلاء_الأفهام «ص (249)»
______________
(1889): القرآن كله شفاء
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
وقد أخبر سبحانه عن القرآن أنه شفاء، فقال تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ آعْجَمِيّ? وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [فصلت: (44)].
وقال: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: (82)]، و”من” ها هنا لبيان الجنس لا للتبعيض، فإن القرآن كله شفاء، كما قال في الآية الأخرى.
فهو شفاء للقلوب من داء الجهل والشك والريب، فلم ينزل الله سبحانه من السماء شفاء قط أعم ولا أنفع ولا أعظم ولا أنجع في إزالة الداء من القرآن.
الداء والدواء ص (6)
______________
(1890): حال السلف مع الصدقة
عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ يحدث عن أبي الخير قَالَ: كَانَ أَوَّلُ أَهْلِ مِصْرَ يَرُوحُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَمَا رَأَيْتُهُ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ قَطُّ إِلَّا وَفِي كُمِّهِ صَدَقَةٌ، إِمَّا فُلُوسٌ، وَإِمَّا خُبْزٌ، وَإِمَّا قَمْحٌ حَتَّى رُبَّمَا رَأَيْتُ الْبَصَلَ يَحْمِلُهُ قَالَ: فَأَقُولُ يَا أَبَا الْخَيْرِ إِنَّ هَذَا يُنْتِنُ ثِيَابَكَ قَالَ: فَيَقُولُ: يَا ابْنَ حَبِيبٍ أَمَا إِنِّي لَمْ أَجِدْ فِي الْبَيْتِ شَيْئًا أَتَصَدَّقُ بِهِ غَيْرَهُ، إِنَّهُ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ? أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ? قَالَ: «*ظِلُّ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَدَقَتُهُ*»
[التعليق] (2432) – قال الألباني: إسناده حسن صحيح
صحيح ابن خزيمة (4) / (95)
ذكر الامام الالباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة برقم
(3484)
(إنّ الصّدقة لَتطفئُ عن أهْلِها حرَّ القُبورِ، وإنّما يستظلُ
المؤمنُ يومَ القيامةِ في ظلِّ صَدَقَتِه).
______________
(1891): أشجع_الناس
– قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-:
من أشجع النّاس؟، فقالوا: أنت،
فقال علي – رضي الله عنه -:
أما إنّي ما بارزني أحدٌ إ? أنصفت منه، ولكنه أبو بكر،
– لقد رأيت رسول الله ? أخذته
قريش، فهذا يجؤه، و هـذا يتلقّاه، و يقولون له:
أنت تجعل ا?لهة إلـاهًا واحدًا،
– فو الله ما دنا منّا أحدٌ إلّا أبو بكر يضرب هـذا،
ويدفع هـذا ويقول: {أتقتلون رجلًا أن يقول ربّي الله}
– *ثم بكى علي بن أبي طالب فقال*:
*أنشدكم الله أمؤمن آل فرعون أفضل أم أبو بكر؟
فسكت القوم*.
*فقال علي: والله لساعة من أبي بكر خيرٌ منه، ذاك رجل يكتم إيمانه، وهـذا يعلن بإيمانه* ”
| [فتح_الباري / ?بن حجر ((170) / (7))] |
______________
(1892): قوله تعالى: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ … )
قال ابن عباس رضي الله عنهما:
لا تتكبر فتحقر عباد الله،
وتعرض عنهم بوجهك إذا كلموك.
تفسير ابن كثير آية (18) لقمان
______________
(1893): قَالَ ابْنُ رجب رَحِمَهُ اللَّهُ:
” فالقرآنُ كلُّه شفاءٌ، والفاتحةُ أعظمُ سُورةٍ فيه، فلها من خصوصيَّة الشِّفاءِ ما ليس لغيرِها، ولم يَزْل العارفون يتَداوَون بها من أسقامِهم، ويجدون تأثيرَها في البُرْءِ والشِّفَاءِ عاجلاً ”
تفسير سورة الفاتحة (1) / (45)
______________
(1894): التداوي بالفاتحة
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد قال: انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سَفْرة سافروها حتى نزلوا على حيّ من أحياء العرب، فاستضافوهم، فأبوا أن يُضَيّفوهم. فلُدِغَ سيّدُ ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء، لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهطَ الذين نزلوا، لعلّه أن يكون عند بعضهم شيء. فأتوهم، فقالوا: أيها الرهط إن سيّدنا لُدِغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم، والله إنّي لأرقي، ولكن والله استضفناكم فلم تُضَيّفونا، فما أنا براقٍ حتى تجعلوا لنا جُعْلًا.
فصالحوهم على قطيع من الغنم. فانطلق يتفُل عليه، ويقرأ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ((2))} [الفاتحة: (2)]. فكأنما نُشِطَ من عِقال، فانطلق يمشي، وما به قَلَبة. فأوفَوهم جُعْلَهم الذي صالحوهم عليه. فقال بعضهم: اقتسِموا، فقال الذي رقَى: لا نفعل حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فنذكر له الذي كان، فننظر بما يأمرنا. فقدِموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ذلك، فقال: “وما يدريك أنها رقية؟ ” ثم قال: “قد أصَبتُم، اقتسِمُوا واضرِبوا لي معكم سهمًا”.
فقد أثّر هذا الدواءُ في هذا الداء، وأزاله حتى كأنْ لم يكن. وهو أسهل دواء وأيسره. ولو أحسن العبد التداوي بالفاتحة لرأى لها تأثيرًا عجيبًا في الشفاء.
ومكثتُ بمكة مدّةً تعتريني أدواء، ولا أجد طبيبًا ولا دواء، فكنتُ أعالج نفسي بالفاتحة، فأرى لها تأثيرًا عجيبًا. فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألمًا، وكان كثير منهم يبرأ سريعًا.
الداء والدواء ص (8)
______________
(1895): قال شيخ الإسلام بن تيمية – رحمه الله -:
مذهب أهل السنة: أن الشكر يكون بالاعتقاد والقول والعمل.
” مجموع الفتاوى ” (11/ 135).
______________
(1896): قال الله تعالى: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) سبأ/13
قال ابن كثير رحمه الله:
” أي: وقلنا لهم اعملوا شكرًا على ما أنعم به عليكم في الدنيا والدين.
وشكرًا: مصدر من غير الفعل، أو أنه مفعول له؛ وعلى التقديرين: فيه دلالة على أن الشكر يكون بالفعل كما يكون بالقول وبالنية، كما قال:
أفَادَتْكُمُ النّعْمَاء منِّي ثَلاثةً … يدِي، ولَسَاني، وَالضَّمير المُحَجَّبَا
قال أبو عبد الرحمن الحُبلي: الصلاة شكر، والصيام شكر، وكل خير تعمله لله شكر. وأفضل الشكر الحمد. رواه ابن جرير.
وروى هو وابن أبي حاتم، عن محمد بن كعب القُرَظي قال: الشكر تقوى الله والعمل الصالح.” انتهى من “تفسير ابن كثير” (6/ 500).
______________
(1897): قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
المؤمن الفطن هو من يجعل هذه الدار طريقاً له إلى الآخرة؛ فيكثر فيها من الأعمال الصالحة المختلفة التي تكون له زاداً يوم القيامة.
لقاء الباب المفتوح ((1) / (123)).
______________
(1898): أسباب تخلف الشفاء
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
ولكن ها هنا أمر ينبغي التفطّن له، وهو أن الأذكار والآيات والأدعية التي يستشفى بها ويرقى بها، هي في نفسها نافعة شافية، ولكن تستدعي قبول المحلّ، وقوة همة الفاعل وتأثيره. فمتى تخلّف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل، أو لعدم قبول المنفعل، أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجع فيه الدواء، كما يكون ذلك في الأدوية والأدواء الحسية، فإنّ عدم تأثيرها قد يكون لعدم قبول الطبيعة لذلك الدواء، وقد يكون لمانع قوي يمنع من اقتضائه أثره. فإن الطبيعة إذا أخذت الدواء بقبول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلك القبول، وكذلك القلب إذا أخذ الرقى والتعاويذ بقبول تام، وكان للراقي نفس فعالة وهمة مؤثرة، أثّر في إزالة الداء.
الداء والدواء ص9
______________
(1899): قال سلمة بن دينار رحمه الله
أخفِ حسنتك كما تخفي سيّئتك، ولا تكونن مُعجبًا بعملك، فلا تدري أشقي أنت أم سعيد.
شعب الإيمان ((6412))
______________
(1900): {وَاصطَنَعتُكَ لِنَفسِي} [طه: (41)]
تفسير السعدي:
أي: أجريت عليك صنائعي ونعمي وحسن عوائدي وتربيتي؛ لتكون لنفسي حبيبًا مختصًّا، وتبلغ في ذلك مبلغًا لا ينالُه أحدٌ من الخلق إلاَّ النادر منهم.
وإذا كان الحبيب إذا أراد اصطناع حبيبه من المخلوقين، وأراد أن يبلغ من الكمال المطلوب له ما يبلغ؛ يبذُلُ غايةَ جهدِهِ ويسعى نهايةَ ما يمكِنُه في إيصاله لذلك؛ فما ظنُّك بصنائع الربِّ القادر الكريم؟! وما تحسبُه يفعلُ بمن أراده لنفسِهِ، واصطفاه من خلقِهِ.
______________
(1901): قال: المنبجي:
ومن أنفع الأمور للمصاب: أن يطفئ نار مصيبته ببرد التأسي بأهل المصائب، وليعلم أنه في كل قرية ومدينة بل في كل بيت من أصيب، فمنهم من أصيب مرةً، ومنهم من أصيب مراراً، وليس ذلك بمنقطع حتى يأتي على جميع أهل البيت، حتى نفس المصاب، فيصاب، أسوة بأمثاله ممن تقدمه، فإنه إن نظر يمنةً فلا يرى إلا محنةً، وإن نظر يسرةً فلا يرى إلا حسرةً.
تسلية أهل المصائب: (14).
______________
(1902): قال ابن القيم رحمه الله:
من قرت عينه بالله سبحانه قرت به كل عين وأَنس به كل مستوحش وطاب به كل خبيث وفرح به كل حزين وأَمن به كل خائف وشهد به كل غائب.
طريق الهجرتين (1) / (6)
______________
(1903) {ربِّ اشرحْ لي صدري}؛ أي: وسِّعه وافسحْه لأتحمَّل الأذى القوليَّ والفعليَّ، ولا يتكدَّر قلبي بذلك، ولا يضيق صدري؛ فإنَّ الصدر إذا ضاق؛ لم يصلح صاحبُه لهداية الخلق ودعوتهم؛ قال الله لنبيِّه محمدٍ ?: {فبما رحمةٍ من الله لِنتَ لهم ولو كنتَ فظًّا غليظَ القلب لانفضُّوا من حولِكَ}، وعسى الخلقُ يقبلون الحقَّ مع اللِّين وسَعَة الصدر وانشراحه عليهم.
تفسير السعدي
______________
(1904): أسباب تخلف أثر الدعاء
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
وكذلك الدعاء، فإنه من أقوى الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب، ولكن قد يتخلف عنه أثره، إما لضعفه في نفسه بأن يكون دعاء لا يحبه الله لما فيه من العدوان، وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء، فيكون بمنزلة القوس الرخو جدًّا فإن السهم يخرج منه خروجًا ضعيفًا، وإما لحصول المانع من الإجابة من أكل الحرام، والظلم، ورَين الذنوب على القلوب، واستيلاء الغفلة والسهو واللهو وغلبتها عليها.
كما في صحيح الحاكم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: “ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أنّ الله لا يقبل دعاءً مِن قلبٍ غافلٍ لاه”.
فهذا دواء نافع مزيل للداء، ولكن غفلة القلب عن الله تبطل قوله.
وكذلك أكل الحرام يبطل قوته ويضعفها، كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أيها الناس، إنّ الله طيّب، لا يقبل إلا طيّبًا. وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ((51))} [المؤمنون: (51)]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} البقرة: (172)] “. ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعثَ أغبرَ يمدّ يده إلى السماء: يا ربّ يا ربّ، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِيَ بالحرام، فأنّى يستجاب لذلك!
وذكر عبد الله ابن الإِمام أحمد في كتاب الزهد لأبيه: أصاب بني إسرائيل بلاءً، فخرجوا مخرجًا، فأوحى الله عز وجل إلى نبيّهم أن أخبرهم: تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة، وترفعون إليّ أكُفًّا قد سفكتم بها الدماء وملأتم بها بيوتكم من الحرام، الآن حين اشتد غضبي عليكم، ولن تزدادوا مني إلا بعدًا.
وقال أبو ذر: يكفي من الدعاء مع البِرّ ما يكفي الطعام من الملح.
الداء والدواء ص11
______________
(1905): [أكثر المشتغلين بالعلم يشابهون الجُهال]
قال ابن القيم رحمه الله:
فمن الناس من يكون له القوة العلمية الكاشفة عن الطريق ومنازلها وأعلامها وعوارضها ومعاثرها، وتكون هذه القوة أَغلب القوتين عليه، ويكون ضعيفًا فى القوة العملية يبصر الحقائق ولا يعمل بموجبها، ويرى المتالف والمخاوف والمعاطب ولا يتوقاها، فهو فقيه ما لم يحضر العمل فإذا حضر العمل شارك الجهال فى التخلف وفارقهم فى العلم وهذا هو الغالب على أَكثر النفوس المشتغلة بالعلم، والمعصوم من عصمة الله ولا قوة إلا بالله.
طريق الهجرتين وباب السعادتين – ط الدار السلفية (1) / (184) — ابن القيم (ت (751))
______________
(1906): قَالَ ابْنُ القَيِّمِ – رَحِمَهُ اللّاهُ تَعَالَى -:
” كَمْ تَرَى مِنْ رَجُلٍ مُتَورِّعٍ عَنْ الفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ، وَلِسَانِهِ يَقْطَعُ وَيَذْبَحُ فِيْ أَعْرَاضِ الأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ، وَلَا يُبَالِي بِمَا يَقُولُ “.
[الجَوابُ الكَافِي ((140))]
______________
(1907) قال وهب بن منبه:
*أجمعت الأطباء على أنَّ رأس الطبِّ الحِمْيَة.*
*وأجمعت الحُكَماء على أنَّ رأس الحِكْمَة الصَّمت.*
الصمت لابن أبي الدنيا (ص (278)).
______________
(1908): الدعاء من أنفع الأدوية
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
فصل
والدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء، يدافعه ويعالجه، ويمنع نزوله، ويرفعه، أو يخففه إذا نزل.
وهو سلاح المؤمن، كما روى الحاكم في صحيحه من حديث علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السموات والأرض”.
وله مع البلاء ثلاث مقامات:
أحدها: أن يكون أقوى من البلاء، فيدفعه.
الثاني: أن يكون أضعف من البلاء، فيقوى عليه البلاء، فيصاب به العبد. ولكن قد يخففه، وإن كان ضعيفًا.
الثالث: أن يتقاوما، ويمنع كلّ واحد منهما صاحبه.
وقد روى الحاكم في صحيحه من حديث عائشة قالت: قال لي رسول الله- صلى الله عليه وسلم: “لا يغني حَذَر من قَدَر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل. وإن البلاء لينزل، فيلقاه الدعاء، فيعتلجان إلى يوم القيامة”.
وفيه أيضًا من حديث ابن عمر عن النبي- صلى الله عليه وسلم قال: “الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عبادَ الله بالدعاء”. وفيه أيضًا من حديث ثوبان: “لا يردّ القدرَ إلا الدعاءُ، ولا يزيد العمر إلا البِرّ، وانّ الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه”.
الداء والدواء ص13
______________
(1909): من أنفع الأدوية الإلحاح في الدعاء
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
فصل
ومن أنفع الأدوية: الإلحاح في الدعاء
وقد روى ابن ماجه في سننه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من لم يسأل اللهَ يغضَبْ عليه”.
وفي صحيح الحاكم من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تعجزوا في الدعاء، فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد”.
وذكر الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب الملِحّين في الدعاء”.
وفي كتاب الزهد للإمام أحمد عن قتادة قال: قال مُوَرِّق: ما وجدت للمؤمن مثلًا إلا رجلًا في البحر على خشبة، فهو يدعو: يا رب يا رب، لعل الله عز وجل أن ينجيه.
الداء والدواء ص15
______________
(1910) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «أَكْرَمُ النَّاسِ عَلَيَّ جَلِيسِي، إِنَّ الذُّبَابَ لَيَقَعُ عَلَيْهِ؛ فَيُؤْذِينِي»
مكارم الأخلاق للخرائطي (1) / (235)
______________
(1911): قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
(ثم إليه ترجعون) ..
ينبغي للإنسان أن يستعد لهذه الرجعة إلى الله، لينظر ماذا يقابل به ربه، فليحرص على ألا يفقده الله حيث أمره، أو يراه حيث نهاه، لأنه سوف يرجع إلى الله وينبئه بعمله ..
من أحكام القرآن الكريم (1) / (151).
______________
(1912): من الآفات التي تمنع ترتُّبَ أثرِ الدعاء عليه
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
فصل
ومن الآفات التي تمنع ترتُّبَ أثرِ الدعاء عليه: أن يستعجل العبد، ويستبطئ الإجابة، فيستحسرَ، ويدَعَ الدعاء. وهو بمنزلة مَن بذر بَذرًا، أو غرس غِراسًا، فجعل يتعاهده ويسقيه، فلمّا استبطأ كمالَه وإدراكَه، تركه وأهمله!
وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يستجاب لأحدكم ما لم يعجَلْ، يقول: دعوتُ، فلم يُستجَبْ لي”.
وفي صحيح مسلم عنه: “لا يزال يُستجاب للعبد ما لم يَدْعُ بإثم أو قطيعةِ رحيم، ما لم يستعجلْ”. قيل: يا رسولَ الله، وما الاستعجال؟ قال: “يقول: قد دعوتُ وقَد دعوتُ، فلم أرَ يستجيب لي. فيَستحسِرُ عند ذلك ويدَعُ الدعاء”.
وفي مسند أحمد من حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل” قالوا: يا رسول الله، كيف يستعجل؟ قال: “يقول: قد دعوتُ ربّي، فلم يَستجِبْ لي”.
الداء والدواء ص16
______________
(1913): قالَ الشيخُ ابنُ عُثيمين رحمهُ اللهُ:
والقَبْرُ ظُلْمَةٌ لا يَرَى الإنْسانُ شَمْساً ولا قَمَراً، فإذا كانَ الإنْسانُ مِنَ المُصَلِّين كانَ قَبْرُهُ نُوراً …
مجموع الفتاوى ((479) / (12))