60 التعليق على الصحيح المسند
مشاركة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي و أبي علي راشد الحوسني وأبي سالم محمد الكربي ومحمد الدارودي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
60 – قال أبو داود رحمه الله (ج 11 ص 220): حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ أخبرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَنْ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ سُكَّةٌ (1) يَتَطَيَّبُ مِنْهَا.
هذا حديث صحيحٌ على شرط مسلم.
__________
أولاً: دراسة الحديث رواية:
* صححه الشيخ الألباني في سنن أبي داود 4162 وهو في مختصر الشمائل 185.
* صحح إسناده محققو سنن أبي داود 4162.
ثانياً: دراسة الحديث درايةً:
* بوب أبو داود في سننه باب ما جاء في استحباب الطِّيب.
* قال العظيم آبادي في عون المعبود وحاشية ابن القيم (11/ 147)
“(سكة) بضم السين المهملة وتشديد الكاف نوع من الطيب عزيز وقيل الظاهر أن المراد بها ظرف فيها طيب ويشعر به قوله يتطيب منها لأنه لو أراد بها نفس الطيب لقال يتطيب بها”.
* قال الشيخ عبدالمحسن العباد حفظه الله في شرح سنن أبي داود (23/277): ” أورد أبو داود باب ما جاء في استحباب الطيب، يعني: كون الإنسان يتطيب ويستعمل الطيب، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب الطيب، وكان يتطيب، وكان صلوات الله وسلامه وبركاته عليه دائماً طيب الرائحة. وقد أورد أبو داود حديث أنس بن مالك : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له سكة يتطيب منها) والمراد بالسكة: وعاء طيب يكون فيه طيب يتطيب منه. والمقصود من ذلك أن منهجه صلى الله عليه وسلم كان استعمال الطيب.”
* ينظر شرح صحيح مسلم للشيخ سيف بن دوره الكعبي وأصحابه في بَاب طِيبِ رَائِحَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِينِ مَسِّهِ وَالتَّبَرُّكِ بِمَسْحِهِ وهو منشور في أرشيف مجموعة السلام
4297 – عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْأُولَى ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَهْلِهِ وَخَرَجْتُ مَعَهُ فَاسْتَقْبَلَهُ وِلْدَانٌ فَجَعَلَ يَمْسَحُ خَدَّيْ أَحَدِهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا قَالَ وَأَمَّا أَنَا فَمَسَحَ خَدِّي قَالَ فَوَجَدْتُ لِيَدِهِ بَرْدًا أَوْ رِيحًا كَأَنَّمَا أَخْرَجَهَا مِنْ جُؤْنَةِ عَطَّارٍ
4298 – عن أَنَسٌ قال مَا شَمَمْتُ عَنْبَرًا قَطُّ وَلَا مِسْكًا وَلَا شَيْئًا أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا مَسِسْتُ شَيْئًا قَطُّ دِيبَاجًا وَلَا حَرِيرًا أَلْيَنَ مَسًّا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
4299 – عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ كَأَنَّ عَرَقَهُ اللُّؤْلُؤُ إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ وَلَا مَسِسْتُ دِيبَاجَةً وَلَا حَرِيرَةً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا شَمِمْتُ مِسْكَةً وَلَا عَنْبَرَةً أَطْيَبَ مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَاب طِيبِ عَرَقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّبَرُّكِ بِهِ
4300 – عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عِنْدَنَا فَعَرِقَ وَجَاءَتْ أُمِّي بِقَارُورَةٍ فَجَعَلَتْ تَسْلِتُ الْعَرَقَ فِيهَا فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا هَذَا الَّذِي تَصْنَعِينَ قَالَتْ هَذَا عَرَقُكَ نَجْعَلُهُ فِي طِيبِنَا وَهُوَ مِنْ أَطْيَبِ الطِّيبِ
4301 – عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ بَيْتَ أُمِّ سُلَيْمٍ فَيَنَامُ عَلَى فِرَاشِهَا وَلَيْسَتْ فِيهِ قَالَ فَجَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَنَامَ عَلَى فِرَاشِهَا فَأُتِيَتْ فَقِيلَ لَهَا هَذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَامَ فِي بَيْتِكِ عَلَى فِرَاشِكِ قَالَ فَجَاءَتْ وَقَدْ عَرِقَ وَاسْتَنْقَعَ عَرَقُهُ عَلَى قِطْعَةِ أَدِيمٍ عَلَى الْفِرَاشِ فَفَتَحَتْ عَتِيدَتَهَا فَجَعَلَتْ تُنَشِّفُ ذَلِكَ الْعَرَقَ فَتَعْصِرُهُ فِي قَوَارِيرِهَا فَفَزِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا تَصْنَعِينَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرْجُو بَرَكَتَهُ لِصِبْيَانِنَا قَالَ أَصَبْتِ
4302 – عَنْ أَنَسٍ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَاتِيهَا فَيَقِيلُ عِنْدَهَا فَتَبْسُطُ لَهُ نِطْعًا فَيَقِيلُ عَلَيْهِ وَكَانَ كَثِيرَ الْعَرَقِ فَكَانَتْ تَجْمَعُ عَرَقَهُ فَتَجْعَلُهُ فِي الطِّيبِ وَالْقَوَارِيرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا هَذَا قَالَتْ عَرَقُكَ أَدُوفُ بِهِ طِيبِي.
* وينظر أيضا التعليق على صحيح مسلم في أرشيف مجموعة السلام بَاب اسْتِعْمَالِ الْمِسْكِ وَأَنَّهُ أَطْيَبُ الطِّيبِ وَكَرَاهَةِ رَدِّ الرَّيْحَانِ وَالطِّيبِ
4182 – عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَصِيرَةٌ تَمْشِي مَعَ امْرَأَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ فَاتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ وَخَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ مُغْلَقٌ مُطْبَقٌ ثُمَّ حَشَتْهُ مِسْكًا وَهُوَ أَطْيَبُ الطِّيبِ فَمَرَّتْ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ فَلَمْ يَعْرِفُوهَا فَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا وَنَفَضَ شُعْبَةُ يَدَهُ
4183 – عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَشَتْ خَاتَمَهَا مِسْكًا وَالْمِسْكُ أَطْيَبُ الطِّيبِ
4183 – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ رَيْحَانٌ فَلَا يَرُدُّهُ فَإِنَّهُ خَفِيفُ الْمَحْمِلِ طَيِّبُ الرِّيحِ
4184 – عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اسْتَجْمَرَ اسْتَجْمَرَ بِالْأَلُوَّةِ غَيْرَ مُطَرَّاةٍ وَبِكَافُورٍ يَطْرَحُهُ مَعَ الْأَلُوَّةِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا كَانَ يَسْتَجْمِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
* من الفوائد المأخوذة من البحثين السابقين المتعلقة بالطيب وبعض أحكامه:
* قال النووي قوله صلى الله عليه وسلم (والمسك أطيب الطيب) فيه أنه أطيب الطيب وأفضله.
قلت سيف بن دوره : ومما ورد أنه أطيب الطيب كذلك عرق النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث أنس قال: قال: دخل علينا النّبيّ – صلى الله عليه وسلم – فقال عندنا فعرق وجاءت أمّي بقارورة فجعلت تسلت العرق فيها فاستيقظ النّبيّ – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا أمّ سليم «ما هذا الّذي تصنعين» قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطِّيبِ) أخرجه الإمام مسلم (4300).
* قال النووي في المسك: أنه طاهر يجوز استعماله في البدن والثوب، ويجوز بيعه. وهذا كله مجمع عليه. ونقل أصحابنا فيه عن الشيعة مذهباً باطلاً، وهم محجوجون بإجماع المسلمين، والأحاديث الصحيحة في استعمال النبي صلى الله عليه وسلم له، واستعمال أصحابه. قال بعض أصحابنا أنه مستثنى من القاعدة المعروفة. أن ما أبين من حي فهو ميت، أو يقال: أنه في معنى الجنين، والبيض، واللبن. انتهى
* لا يجوز للمرأة أن تخرج متطيبة، وقد جاء الوعيد في ذلك كما في الحديث الذي أخرجه مسلم444 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة)، والحديث الذي أخرجه أبوداود رحمه الله: عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استعطرت المرأة فمرت على القوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا) قال قولا شديدا. وفي رواية لأحمد (فهي زانية) وكلاهما في الصحيح المسند 819.
* ورد كذلك حديث (ثلاث لا ترد الدهن والوسائد واللبن) وقال الترمذي والبغوي غريب، وحسن بعض طرقه الشيخ الألباني. قال البغوي: أراد بالدهن الطيب.
* المسك طيب معروف، ومن منافعه أنه يذهب الحزن ويفرح القلب ويقويه، ويقوي الدماغ والعين وينشف رطوباتها وينفع الأمراض الباردة السوداوية والبلغمية ويزيد في القوى (قاله صاحب كشف المشكل)، وذكر ابن القيم فوائد المسك والعنبر، وأنواعهما وأجود هذه الأنواع، وذكر تفضيل المسك على العنبر (وراجع الطب النبوي، والآداب الشرعية).
قلت سيف بن دوره : مما يؤيد أفضلية المسك أنه أصبح مثلاً لكل شيءٍ طيب: ورد في الحديث عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة) أخرجه البخاري 2101 … ومسلم 2628، ومنه حديث أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعا وفيه ( … لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي) أخرجه البخاري 1894 ومسلم 1151، وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً (كل كَلْم يُكْلَمُهُ المسلم يكون يوم القيامة كهيئتها إذ طعنت تفجر دما اللون الدم والعرف عرف المسك) أخرجه البخاري 237.
* حديث أبي هريرة الذي أورده مسلم في الباب، ففيه استحباب عدم رد الطيب.
– ورد في بعض الروايات (من عرض عليه الطيب فلا يرده) ورجحها ابن حجر؛ لأن رواتها أكثر، وكلمة (الريحان) كأنها من تصرف الرواة، حيث أراد التعميم ليشمل الطيب الغير مصنوع فعبر بالريحان انتهى بمعناه
والريحان ذكر النووي عن أهل اللغة وغريب الحديث: أنه يشمل كل نبات مشموم طيب الرائحة، ونقل عن القاضي عياض أن المراد به الطيب كله.
وبعض الباحثين لم يوافق ابن حجر على هذا الترجيح.
المهم: ورد في البخاري كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرد الطيب.
ولو عممنا الحكم فلا يرد الطيب سواء مصنوع أو نبات طيب الرائحة لكان أفضل، ثم ليعلم أن أذواق الناس تختلف، فأهل الجزيرة يحبون دهن العود، وربما غيرهم لا يحب رائحته، فمن قدِّم له طيب فليأخذه ولو لم يكن يحبه مراعاة لشعور الآخرين، وليهده لمن يحب رائحته، وإذا أراد أن يطيبك كذلك لا ترده، ولو أن تضع منه قليلاً في أطرافك.
* هذا من محاسن الإسلام، الحث على الطيب، والنظافة.
* كراهية الروائح الكريهة، ومنه حديث (من أكل من هذه البقلة الثوم، وقال مرة: من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم) أخرجه مسلم 564،والنبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة بالاغتسال يوم الجمعة.
* قال ابن القيم: وهذا الريح الطيبة أنفع شيء للروح، والروح مطية القوى وتنفع الدماغ والقلب وسائر الأعضاء الباطنة، وذكر فصلاً في زاد المعاد في هديه صلى الله عليه وسلم في حفظ الصحة بالطيب. نقلت هذه الفقرة منه، وذكر حديث كان النبي صلى الله عليه وسلم له سكة يتطيب منها. قلت: أخرجه أبو داود وهو في الصحيح المسند 60.
ومما ذكره ابن القيم في هذا الباب أن الأرواح الطيبة تحب الرائحة الطيبة، ومنه قوله تعالى (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات) وهذا يتناول الأعمال والأقوال والمطاعم والمشارب والملابس والروائح.
قال أيضاً رحمه الله تعالى في كتابه زاد المعاد:
“فصل: في هديه صلى الله عليه وسلم في حفظ الصحة بالطيب.
لما كانت الرائحة الطيبة غذاء الروح، والروح مطية القوى، والقوى تزداد بالطيب، وهو ينفع الدماغ والقلب، وسائر الأعضاء الباطنية، ويفرح القلب، ويسر النفس ويبسط الروح، وهو أصدق شيء للروح، وأشده ملاءمة لها، وبينه وبين الروح الطيبة نسبة قريبة.
كان أحد المحبوبين من الدنيا إلى أطيب الطيبين صلوات الله عليه وسلامه.
وقال رحمه الله تعالى:
” ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {حبب إلي من دنياكم: النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة}.
وكان صلى الله عليه وسلم يكثر التطيب، وتشتد عليه الرائحة الكريهة وتشق عليه.
والطيب غذاء الروح التي هي مطية القوى، تتضاعف وتزيد بالطيب، كما تزيد بالغذاء والشراب والدعة والسرور ومعاشرة الأحبة وحدوث الأمور المحبوبة.
والمقصود أن الطيب كان من أحب الأشياء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وله تأثير في حفظ الصحة ودفع كثير من الآلام وأسبابها بسبب قوة الطبيعة به ” انتهى.
“زاد المعاد” (4/ 308)
* استعمال الطيب لا يعارض الزهد، قالت عائشة رضي الله عنها (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأطيب ما نجد حتى أجد وبيص الطيب في رأسه ولحيته) أخرجه البخاري 6923،ومسلم 1190، وورد بلفظ (وبيص المسك) أخرجه أبو داود 1746،وذكر الدارقطني أن الحسن بن عبدالله تفرد بها عن إبراهيم، لكن ورد عن عائشة أنها قالت: (كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحرم، ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت، بطيب فيه مسك) أخرجه مسلم 1191.
* أفضل الناس طيباً، من تنفعك مجالسته.
*أخرج الأمام في باب الطيب حديث ابن عمر ، ويدل على استحباب التبخر بالألوة؛ وهي العود يتبخر به، وذكر ابن القيم أنواع ومنه القسط الهندي لكنه للعلاج، وذكر نوعاً آخراً هو الذي يتطيب به وذكر أنواعه وأفضله.
ويتبخر به غير مخلوط، وهذا معنى غير مطَّراةٍ، ومرة مخلوط بكافور، وقال ابن القيم: في خلط الكافور به معنى طبي، وهو إصلاح كل منهما بالآخر.
قال ابن القيم: في التجمير مراعاة جوهر الهواء وإصلاحه وهو أحد الأشياء الستة الضرورية التي في إصلاحها إصلاح البدن.
قلت سيف: ولا يكثر منه؛ لأن له مضار على الرئة.
ورد في وصف أهل الجنة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً (أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر … ) الحديث إلى أن قال: (ولا يمتخطون ولا يبصقون آنيتهم الذهب والفضة وأمشاطهم الذهب ووقود مجامرهم الأَلُوَّةُ قال أبو اليمان: يعني العود، ورشحهم المسك … ) أخرجه البخاري 3246
* قال ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين:” جونة عطار الجونة وعاء يجعل فيه الطيب وغيره وجمعها جون وهذا الحديث يتضمن كثرة استعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم للطيب.
* قال النووي: ” وَيَتَأَكَّد اِسْتِحْبَابه لِلرِّجَالِ يَوْم الْجُمُعَة وَالْعِيد، عِنْد حُضُور مَجَامِع الْمُسْلِمِينَ، وَمَجَالِس الذِّكْر وَالْعِلْم، وَعِنْد إِرَادَته مُعَاشَرَة زَوْجَته وَنَحْو ذَلِكَ ” انتهى.
* رد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)) رواه البخاري (5583) ومسلم (1151)
قال الحافظ ابن القيم في ((الوابل الصيب)) (1/ 52): من المعلوم أنَّ أطيب ما عند الناس من الرائحة رائحة المسك فمثَّل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الخلوف عند الله تعالى بطيب رائحة المسك عندنا وأعظم، ونسبة استطابة ذلك إليه سبحانه وتعالى كنسبة سائر صفاته وأفعاله إليه فإنها استطابة لا تماثل استطابة المخلوقين كما أنَّ رضاه وغضبه وفرحه وكراهيته وحبه وبغضه لا تماثل ما للمخلوق من ذلك كما أنَّ ذاته سبحانه وتعالى لا تشبه ذوات خلقه، وصفاته لا تشبه صفاتهم وأفعالهم، وهو سبحانه وتعالى يستطيب الكلم الطيب فيصعد إليه والعمل الصالح فيرفعه وليست هذه الاستطابة كاستطابتنا، ثم إنَّ تأويله لا يرفع الإشكال إذ ما استشكله هؤلاء من الاستطابة يلزم مثله في الرضا فإن قال: رضا ليس كرضا المخلوقين فقولوا: استطابه ليست كاستطابة المخلوقين وعلى هذا جميع ما يجيء من هذا الباب .
وقال صاحب كتاب ((التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري)) (ص36): ((والاستطابة لرائحة خلوف فم الصائم من جنس الصفات العُلى، يجب الإيمان بها مع عدم مماثلة صفات المخلوقين))