6 – نفح الطيب في شرح أحاديث في الترغيب والترهيب
نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
(6) – ((6)) [صحيح] وعن مُصعَب بن سعد عن أبيه رضي الله عنه:
أنّه ظن أنّ له فضلًا على من دونه من أصحاب رسول الله – -، فقال النبي – -:
» إنما يَنصرُ اللهُ هذه الأمةَ بضعيفِها؛ بدعوتِهم وصلاتِهم وإخلاصِهم «.
رواه النسائي وغيره، وهو في البخاري وغيره دون ذكر الإخلاص
———–
الشرح:
الإخلاص لله من أسباب النصر على الأعداء
قال المناوي: أي طلب ضعفائها من الله تعالى النصر والظفر لهذه العصابة الإسلامية (وصلاتهم وإخلاصهم) أي في جميع أعمالهم.
والنصر الإغاثة والإظهار على العدو ومنه نصر الله الأرض أغاثها. [فيض القدير ((3) / (11))].
و لفظ رواية البخاري هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟
قال المناوي: أي بدعوتهم وإخلاصهم؛ لأن عبادة الضعفاء أشد إخلاصا لخلاء قلوبهم عن التعلق بالدنيا وصفاء ضمائرهم مما يقطعهم عن الله فجعلوا همهم واحدا فزكت أعمالهم وأجيب دعاؤهم وبين بقوله بدعوتهم أنه لا يلزم من الضعف والصعلكة عدم القوة في البدن ولا عدم القوة في القيام بالأوامر الإلهية فلا يعارض الأحاديث التي مدح فيها الأقوياء ولا خبر إن المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف ثم إن المراد أن ذلك من أعظم أسباب الرزق والنصر وقد يكون لذلك أسباب أخر فإن الكفار والفجار يرزقون وقد ينصرون استدراجا وقد يخذل المؤمنون ليتوبوا ويخلصوا فيجمع لهم بين غفر الذنب وتفريج الكرب وليس كل إنعام كرامة ولا كل امتحان عقوبة. [فيض القدير ((6) / (354))].
وقال ابن بطال: وتأويل ذلك أن عبادة الضعفاء ودعاءهم أشد إخلاصًا وأكثر خشوعًا؛ لخلاء قلوبهم من التعلق بزخرف الدنيا وزينتها وصفاء ضمائرهم مما يقطعهم عن الله فجعلوا همهم واحدًا؛ فزكت أعمالهم، وأجيب دعاؤهم قال المهلب: إنما أراد ( ) بهذا القول لسعد الحض على التواضع ونفى الكبر والزهو عن قلوب المؤمنين.
ففيه من الفقه أن مَن زَها على مَن هو دونه، أنه يَنْبغي أنْ يُبَيَّنَ من فضله ما يُحْدِثُ له في نفس المَزْهُوِّ مِقْدارًا وفضلًا حَتّى لا يحتقر أحدًا من المسلمين، ألا ترى أنه – صلى الله عليه وسلم – أبان من حال الضعفاء ما ليس لأهل القوة من الغناء، فأخبر أن بدعائهم وصومهم وصلاتهم ينصرون.
[شرح صحيح البخاري ((5) / (90) – (91))].
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو يذكر أولياء الله عزوجل:
وأيضًا فإنّ الله بعباداتِ عبادِه المؤمنين ودُعائِهم يَجلِبُ للناسِ
المنافعَ ويَدْفَعُ عنهم المضارَّ، كما في السنن
أن النبي – صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ – قال: «وهل تنصَرون وتُرْزقون إلاّ بضُعفائِكم، بدعائهم وصلاتهم وإخلاصهم». وانتفاعُ الخَلْقِ بدعاء المؤمنين وصلاتهم كانتفاع الحيّ والميّتِ بدعاء المؤمنين واستغفارِهم، ونزولِ الغيثِ بدعاءِ المؤمنين واستغفارِهم، والنَّصْر على الأعداءِ بدعاء المؤمنين واستغفارهم، وأمثال ذلك مما اتفق عليه المؤمنون.
[جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد – المجموعة الثانية].
و قال العلامة السعدي رحمه الله:
فهذا الحديث فيه: أنه لا ينبغي للأقوياء القادرين أن يستهينوا بالضعفاء العاجزين، لا في أمور الجهاد والنصرة، ولا في أمور الرزق وعجزهم عن الكسب. بين الرسول أنه قد يحدث النصر على الأعداء وبسط الرزق بأسباب الضعفاء، بتوجههم ودعائهم، واستنصارهم واسترزاقهم. [بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الوزارة (1) / (152)].
و قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
ما يدل على أن الضعفاء سبب للنصر وسبب للرزق، فإذا حنَّ عليهم الإنسان وعطف عليهم وآتاهم مما آتاه الله؛ كان ذلك سبباً للنصر على الأعداء، وكان سبباً للرزق؛ لأن الله تعالى أخبر أنه إذا أنفق الإنسان لربه نفقة فإن الله تعالى يخلفها عليه. قال الله تعالى: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ: 39]، يخلفه: أي يأتي بخلفه وبدله. [شرح رياض الصالحين ((3) / (113))].
[التوسل يكون بدعاء الصالحين و ليس بذواتهم و جاههم]
قال العلامة الألباني رحمه الله بعد أن ذكر كلام المناوي: (وقد جاء هذا التفسير من قوله : «إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم»
فقد بين الحديث أن الاستنصار إنما يكون بدعاء الصالحين لا بذواتهم وجاههم، ومما يؤكد ذلك أن الحديث ورد في رواية قيس بن الربيع بلفظ: (كان يستفتح ويستنصر … .) وبهذا يكون هذا الحديث إن صح دليلا على التوسل المشروع وحجة على التوسل المبتدع) التوسل للألباني ص 114، 115.
المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -تعالى-، وهو استحباب طلب النصر على الأعداء من اللَّه تعالى بدعوة الضعفاء الصالحين.
(ومنها): أن رفعة القدر عند اللَّه تعالى ليست بالمظهر، وإنما هي بالتقوى، والإخلاص، والورع، كما قال اللَّه تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13].
(ومنها): استحباب الغزو مع الضعفاء؛ رجاء النصر بسببهم.
(ومنها): فضيلة الدعاء، والصلاة، والإخلاص للَّه، حيث كانت سببًا لانتصار الجيوش على أعداء الإسلام.
واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل. [شرح المجتبى العلامة الإتيوبي رحمه الله ((26) / (311) – (312)).