594، 595، 596 تحضير سنن الترمذي
جمع أحمد بن علي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد وأسامة الحميري ومحمد فارح
ويوسف بن محمد السوري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بَابُ مَا ذُكِرَ فِي تَطْيِيبِ المَسَاجِدِ
594 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ المُؤَدِّبُ البَغْدَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ صَالِحٍ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبِنَاءِ المَسَاجِدِ فِي الدُّورِ، وَأَنْ تُنَظَّفَ، وَتُطَيَّبَ»،
[حكم الألباني]: صحيح
595 – حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، وَوَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ،: «وَهَذَا أَصَحُّ مِنَ الحَدِيثِ الأَوَّلِ»،
596 – حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وقَالَ سُفْيَانُ: «قَوْلُهُ بِبِنَاءِ المَسَاجِدِ فِي الدُّورِ يَعْنِي القَبَائِلَ»
قال الطحاوي:
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَمْرِهِ بِاتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ
2805 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ الْقُطْرُبُلِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَيَأْمُرُ بِتَنْظِيفِهَا
2806 – حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْفُرَافِصَةِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَاخْتَلَفَ خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، وَيَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ فِي مَنْ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ عُرْوَةَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِيهِ عَنْهُ
2807 – حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَسَاجِدِ أَنْ تُبْنَى فِي الدُّورِ، وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ أَوْ كَمَا قَالَ
وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا بَنَى فِي دَارِهِ مَسْجِدًا وَخَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ حَتَّى صَلُّوا فِيهِ أَنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ كَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ، وَأَنَّهُ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ يُخَالِفُ ذَلِكَ وَيَقُولُ فِيهِ: إِنَّهُ لَا يَكُونُ مَسْجِدًا، وَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ مِنْ مِلْكِهِ إِذْ كَانَ فِي دَارٍ يُغْلِقُ بَابَهَا عَلَيْهِ وَيَحُولُ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ فِي حَالٍ مَا، وَذَلِكَ مِنْ حُقُوقِهِ بِحَقِّ مِلْكِهِ لِبَقِيَّةِ الدَّارِ الَّتِي أَحْدَثَهُ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله وَأَصْحَابُهُ رحمهم الله. فَتَأَمَّلْنَا نَحْنُ هَذَا الْحَدِيثَ هَلْ يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَهُ هَذَا الْمُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا ذَكَرْنَا أَمْ لَا. فَوَجَدْنَا أَمْرَهُ صلى الله عليه وسلم بِاتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ الْمَوَاضِعَ الَّتِي فِيهَا الدُّورُ لَا الدُّورَ الَّتِي تُغْلَقُ عَلَيْهَا الْأَبْوَابُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ الِاتِّخَاذُ لِتِلْكَ الْمَسَاجِدِ فِي خِلَالِ الدُّورِ الَّتِي يُبْنَى فِيهَا وَفِي أَفْنِيَتِهَا لَا دَاخِلَ شَيْءٍ مِنْهَا مِمَّا يُغْلِقُ عَلَيْهِ أَبْوَابَهَا ; لِأَنَّ مَا جَمَعَ الدُّورَ مِنَ الْمَوَاضِعِ يُسَمَّى بِجُمْلَتِهِ دُورًا إِذْ كَانَتِ الدُّورُ لَا تَتَهَيَّأُ سُكْنَاهَا إِلَّا بِهِ كَمَا سَمَّى اللهُ تَعَالَى الْبَلْدَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي كِتَابِهِ أَنَّهَا دَارُ الْفَاسِقِينَ بِدَارِ الْفَاسِقِينَ، فَقَالَ عز وجل: {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} [الأعراف: 145] وَفِيهَا الطُّرُقَاتُ وَمَا سِوَاهَا مِمَّا لَا يَكُونُ الْبُلْدَانُ إِلَّا بِهِ.
وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل فِي الْوَعِيدِ لِقَوْمِ نَبِيِّهِ صَالِحٍ صلى الله عليه وسلم {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ} [هود: 65]، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [الأعراف: 78] وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي ذَكَرَ فِيهِ الصَّيْحَةَ فِيمَنْ ذَكَرَهَا فِيهِ: {وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [هود: 94] فَذَكَرَ عز وجل مَوَاضِعَهُمْ بِالدِّيَارِ وَذَكَرَ أَنَّهَا دَارٌ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْبَلَدَ قَدْ تُسَمَّى دَارًا، وَأَنَّهَا قَدْ تُسَمَّى دُورًا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَعْنَى:
2808 – كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ، وَاللَّيْثُ بْنُ عَبْدَةَ قَالُوا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَا: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ” إِنَّ خَيْرَ دُورِ الْأَنْصَارِ دَارُ بَنِي النَّجَّارِ، ثُمَّ دَارُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، ثُمَّ دَارُ بَلْحَارِثِ، ثُمَّ دَارُ بَنِي سَاعِدَةَ وَفِي كُلِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خَيْرٌ ”
2809 – وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَلَا أُخْبِرُكُمْ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَتْ هَذِهِ الدُّورُ هِيَ الدُّورَ الْجَامِعَةَ لِأَهْلِهَا الْمَذْكُورِينَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ كُلُّ دَارٍ مِنْهَا دَارٌ لِأَهْلِهَا، وَلَهُمُ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِمَّا يُحِيطُ عِلْمًا أَنَّهُ لَا يَسَعُهُمْ دَارٌ وَاحِدَةٌ كَدُورِنَا هَذِهِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْمَحَلَّةُ تَجْمَعُ الدُّورَ الَّتِي يَسْكُنُونَهَا، فَذِكْرُ ذَلِكَ بِالدَّارِ الَّتِي تَجْمَعُ الْأَفْنِيَةَ، وَالطُّرُقَاتِ وَمَا هُوَ مَعْقُولٌ مِمَّا يَكُونُ بَيْنَ الدُّورِ الَّتِي يَنْفَرِدُ كُلُّ رَجُلٍ بِسُكْنَى دَارٍ مِنْهَا وَيُجْمَعُ بِأَنْ يُقَالَ لِجُمْلَتِهَا: دَارٌ أَوْ دُورٌ، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا وَتَكُونَ الْمَسَاجِدُ الَّتِي أَمَرَ بِاتِّخَاذِهَا فِيهَا خِلَالَهَا لَا فِي أَحْوَالِهَا، وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي أَجْوَافِهَا وَتَكُونَ تِلْكَ الْمَسَاجِدُ هِيَ الَّتِي يَتَّخِذُهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِهِمْ لِيُصَلُّوا فِيهَا لَا لِيُدْخِلُوا إِلَيْهَا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ؛ فَأَمْلَاكُهُمْ غَيْرُ مُرْتَفِعَةٍ عَنْهَا عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا يَكُونُ وُقُوعُ اسْمِ الْمَسَاجِدِ عَلَيْهَا مِمَّا يَرْفَعُ أَمْلَاكَهُمْ عَنْهَا وَلَا مِمَّا يُبِيحُ لِغَيْرِهِمُ الدُّخُولَ إِلَيْهَا وَلَا مِمَّا يَمْنَعُ أَنْ تَكُونَ مَوْرُوثَةً
عَنْهُمْ إِذَا تُوُفُّوا. وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِبَعْضِ الْمُخْتَلِفِينَ فِي هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى بَعْضٍ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
[شرح مشكل الآثار 7/ 239]
قال الخطابي:
قلت في هذا حجة لمن رأى أن المكان لا يكون مسجدا حتى يسبّله صاحبه وحتى يصلي الناس فيه جماعة ولو كان الأمر يتم فيه بأن يجعله مسجدا بالتسمية فقط لكان مواضع تلك المساجد في بيوتهم خارجة عن أملاكهم فدل أنه لا يصح أن يكون مسجداً بنفس التسمية.
وفيه وجه آخر وهو أن الدور يراد بها المحال التي فيها الدور.
[معالم السنن 1/ 142]
قال ابن عبدالبر في (3 بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْبُصَاقِ فِي الْقِبْلَةِ)
427 – ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
428 – وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى بُصَاقًا زَادَ فِي حَدِيثِ هِشَامٍ أَوْ مُخَاطًا أَوْ نُخَامَةً فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ فَحَكَّهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَكُّهُ صلى الله عليه وسلم الْبُصَاقَ مِنَ الْقِبْلَةِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَنْزِيهِ المساجد من كل ما يستقذر وَيُسْتَسْمَجُ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا لِأَنَّ الْبُصَاقَ طَاهِرٌ وَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَأَمَرَ بِغَسْلِ أَثَرِهِ
وَيَدُلُّكَ عَلَى طَهَارَتِهِ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ وحديث أبي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ أَنَسٍ وَكُلُّهَا قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي التَّمْهِيدِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَاحَ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَبْصُقَ وَيَتَنَخَّمَ فِي ثَوْبِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ وَلَوْ كَانَ نَجِسًا مَا أَبَاحَ لَهُ حَمْلَهُ فِي ثَوْبِهِ
وَلَا أَعْلَمُ كَلَامًا فِي طِهَارَةِ الْبُصَاقِ إِلَّا شَيْئًا رُوِيَ عَنْ سَلْمَانَ الْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ وَالسُّنَنُ الثَّابِتَةُ وَرَدَتْ بِرَدِّهِ
وَفِي حَكِّ الْبُصَاقِ من المسجد تنزيهه عن أين يُؤْكَلُ فِيهِ مِثْلَ الْبَلُّوطِ لِقِشْرِهِ وَالزَّبِيبِ لِعَجْمِهِ وَكُلُّ مَا لَهُ دَسَمٌ وَوَدَكٌ وَتَلْوِيثٌ وَمَا لَهُ حَبٌّ وَتَبَنٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْنُسُهُ الْمَرْءُ مِنْ بَيْتِهِ
وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَالنَّجَاسَةُ أَحْرَى أَنْ لَا يَقْرَبَ الْمَسْجِدَ شَيْءٌ مِنْهَا
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أمر بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ
وَالْبُصَاقُ مَا خَرَجَ مِنَ الْفَمِ وَفِيهِ لُغَتَانِ بُصَاقٌ وَبُزَاقٌ وَيُكْتَبُ بِالسِّينِ كَمَا يُكْتَبُ بِالصَّادِ وَالزَّايِ
وَالنُّخَامَةُ مَا خَرَجَ مِنَ الْحَلْقِ
وَالْمُخَاطُ مَا خَرَجَ مِنَ الْأَنْفِ
وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ نَجِسٌ وَلَكِنَّ الْمَسَاجِدَ وَاجِبٌ تَنْزِيهُهَا عَنْ كُلِّ مَا تَسْتَقْذِرُهُ النَّفْسُ
[الاستذكار 2/ 448]
قال البغوي:
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَكَانَ لَا يَصِيرُ مَسْجِدًا بِالتَّسْمِيَةِ، حَتَّى يُسَبِّلَهُ صَاحِبُهُ، وَلَوْ صَارَ مَسْجِدًا لَزَالَ عَنْهُ مُلْكُ الْمَالِكِ.
[شرح السنة للبغوي 2/ 400]
قال عبدالحق الإشبيلي:
باب في المساجد
أبو داود، عن بكير بن الأشجّ أنَّه كان بالمدينة تسعة مساجد مع مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع أهلها تأذين بلال على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلون في مساجدهم، أقربها مسجد بني عمرو بن مبذول من بني النجار، ومسجد بني ساعدة، ومسجد بني عبيد، ومسجد بني سلمة، ومسجد بني رابح من بني عبد الأشهل، ومسجد بني زريق، ومسجد غفار، ومسجد أسلم، ومسجد جهينة، ويشك في التاسع (4).
هذا من المرسل.
مسلم، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أحبَّ البلادِ إِلَى اللهِ مساجدُهَا، وأبغضُ البلادِ إِلى اللهِ أَسواقُهَا” (1).
وعن عثمان بن عفان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “مَنْ بنَى مَسجدًا لله، بَنى اللهُ لَهُ بيتًا فِي الجنَّةِ” (2).
أبو داود، عن عروة عن عائشة قالت: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب (3).
زاد من حديث سمرة ونصلح صنعتها (4).
والأول أشهر إسنادًا، وإن كان قد روي مرسلًا عن عروة.
وذكر النسائي عن أنس بن مالك قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة في قبلة المسجد، فغضب حتَّى احمر وجهه، فقامت امرأة من الأنصار فحكتها وجعلت مكانها خلوقًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَا أحسنَ هَذا” (5).
وذكر مسلم عن جابر بن عبد الله في حديث طويل أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل مكان النخامة عبيرًا (6).
وذكر الدارقطني عن ليث بن أبي سليم، عن أيوب السختياني، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ابنُوا المساجدَ جمًّا” (7).
ولم يتابع ليث على هذا وهو ضعيف وغيره يرويه عن أيوب عن عبد الله بن شقيق
قوله: وعن ليث أيضًا عن مجاهد عن ابن عمر قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي في مسجد مشرف (1).
هذا يرويه إسحاق بن منصور وأبو غسان عن هريم عن ليث، ورواه عبد الحميد بن صالح عن هريم عن ليث عن نافع عن ابن عمر.
وذكر أبو داود عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَا أمرتُ بتشييدِ المَساجدِ” قال ابن عباس: لتزخرفُنَّها كما زخرفت اليهود والنصارى (2).
وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لَا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يتباهَى النَّاسُ فِي المساجدِ” (3) ….
[الأحكام الوسطى 1/ 285]
قال ابن رجب:
46 – باب
المساجد في البيوت
وصلى البراء بن عازب في مسجد في داره في جماعة.
مساجد البيوت، هي أماكن الصلاة منها، وقد كان من عادة السلف أن يتخذوا في بيوتهم أماكن معدة للصلاة فيها.
وقد قدمنا في آخر ((كتاب: الحيض)) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مسجد بيت ميمونة، وهي مضطجعة إلى جانبه، وهي حائض.
وروى جعفر بن برقان، عن شداد مولى عياض بن عامر، عن بلال، أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بالصلاة، فوجده يتسحر في مسجد بيته.
خرجه الإمام أحمد.
وروى محمد بن سعد: ابنا قبيصة: ابنا سفيان: عن أبيه، قال: أول من اتخذ مسجدا في بيته يصلي فيه عمار بن ياسر.
وبإسناد: عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، قال: أول من بنى مسجدا يصلي فيه عمار بن ياسر.
وهذه المساجد لا يثبت لها شيء من أحكام المساجد المسبلة، فلا يجب صيانتها عن نجاسة ولا جنابة ولا حيض. هذا مذهب أصحابنا وأكثر الفقهاء.
ومنع إسحاق من جلوس الجنب فيها والحائض -: نقله عنه حرب.
وأجاز الاعتكاف فيها للمرأة خاصة طائفة من فقهاء الكوفيين، منهم: النخعي والثوري وأبو حنيفة.
وعنه وعن الثوري: أن المرأة لا يصح اعتكافها في غير مسجد بيتها.
وقول الأكثرين أصح.
وقد روي عن ابن عباس، أنه سئل عن اعتكاف المرأة في مسجد بيتها؟ فقال: بدعة، وأبغض الأعمال إلى الله البدع، لا اعتكاف إلا في مسجد تقام فيه الصلاة.
خرجه حرب الكرماني.
وروى عمرو بن دينار، عن جابر، أنه سئل عن امرأة جعلت عليها أن تعتكف في مسجد بيتها؟ قَالَ: لا يصلح، لتعتكف فِي مسجد؛ كما قال الله: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [القرة: 187].
خرجه الأثرم.
وجابر هذا يحتمل أنه جابر بن عبد الله الصحابي، ويحتمل أنه جابر بن زيد أبو الشعثاء التابعي.
واعتكف أبو الأحوص صاحب ابن مسعود في مسجد بيته.
ورخص فيه الشعبي.
وهؤلاء جعلوا مساجد البيوت حكمها حكم المساجد في الاعتكاف، ولو كان هذا صحيحا لاعتكف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في مساجد بيوتهن، وإنما كن يعتكفن في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما إقامة الجماعة للصلوات في مساجد البيوت فلا يحصل بها فضيلة الصلاة في المساجد، وإنما حكم ذلك حكم من صلى في بيته جماعة وترك المسجد.
قال حرب: قلت لأحمد: فالقوم نحو العشرة يكونون في الدار، فيجتمعون وعلى باب الدار مسجد؟ قال: يخرجون إلى المسجد، ولا يصلون في الدار، وكأنه قال: إلا أن يكون في الدار مسجد يؤذن فيه ويقام. انتهى.
ومتى كان المسجد يؤذن فيه ويقام ويجتمع فيه الناس عموما، فقد صار مسجدا مسبلا، وخرج عن ملك صاحبه بذلك عند الإمام أحمد، وعامة العلماء، ولو لم ينو جعله مسجدا مؤبدا.
ونقل أبو طالب عن أحمد فيمن بنى مسجدا من داره، أذن فيه وصلى مع الناس، ونيته حين بناه وأخرجه أن يصلي فيه، فإذا مات رد إلى الميراث؟ فقال أحمد: إذا أذن فيه ودعا الناس إلى الصلاة فلا يرجع بشيء، ونيته ليس بشيء.
ووجه هذا: أن الإذن للناس في الصلاة إذا ترتب عليه صلاة الناس، فإنه يقوم مقام الوقف بالقول مع حيازة الموقوف عليه، ورفع يد الواقف، فيثبت الوقف بذلك، ونية رجوعه إلى ورثته كنية توقيت الوقف، والوقف لا يتوقت بل يتأبد، وتلغو نيته توقيته.
وقال حرب – أيضا – سمعت إسحاق يقول: الاعتكاف في كل مسجد خارج من البيت جائز، وان كانت الدار عظيمة مما يجتمع أهل المحلة في مسجد تلك الدار، ويدخلها غير أهل الدار لما جعل المسجد لله جاز الاعتكاف فيه – أيضا -، فأما رجل جعل مسجدا لنفسه، ولم يجعله للجماعة ترفقا بنفسه، فإنه لا يكون فيه اعتكاف، ولا فضل الجماعة – أيضا -، إلا أن يكون به عذر، ولا يمكنه أن يستقل إلى المسجد، فحينئذ يكون له فضل الجماعة في ذلك المسجد، فإن اعتكف فيه كان له اجر، ولا يسمى معتكفا؛ لان الاعتكاف إنما يكون في موضع بارز.
وبكل حال؛ فينبغي أن تحترم هذه البقاع المعدة للصلاة من البيوت، وتنظف وتطهر.
قال الثوري في المساجد التي تبنى في البيوت: ترفع ولا تشرف، وتفرغ للصلاة، ولا تجعل فيها شيئا.
وقد روي من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب.
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان فِي
((صحيحهما)).
خرجه الترمذي من وجه آخر مرسلا، من غير ذكر: ((عائشة)).
وقال: هو أصح.
وكذلك أنكر الإمام أحمد وصله.
وقال الدارقطني: الصحيح المرسل.
وخرجه الإمام أحمد – أيضا – من رواية ابن إسحاق: حدثني عمر بن عبد الله بن الزبير، عن عروة بن الزبير، عمن حدثه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نصنع المساجد في دورنا، وان نصلح صنعتها ونطهرها.
وخرجه أبو داود بنحو هذا اللفظ من حديث سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد اختلف في تفسير ((الدور)) في هذه الأحاديث:
فقيل: المراد بها البيوت، وبذلك فسره الخطابي وغيره.
وخرج ابن عدي حديث عائشة، ولفظه: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتنظيف المساجد التي في البيوت.
وقال أكثر المتقدمين: المراد بالدور هنا: القبائل، كقوله صلى الله عليه وسلم: ((خير دور الأنصار دار بني عبد الأشهل، ثم دار بني الحارث بن الخزرج، ثم دار بني ساعده، وفي كل دور الأنصار خير)).
وبهذا فسر الحديث سفيان الثوري ووكيع بن الجراح وغيرهما.
وعلى هذا: فالمساجد المذكورة في الحديث هي المساجد المسبلة في القبائل والقرى؛ دون مساجد الأمصار الجامعة.
[فتح الباري لابن رجب 3/ 169]
قال العباد:
والمقصود بالدُّور الأحياء والمحلات والمناطق من البلد، بمعنى أن كل حي أو كل محلة من البلد يكون فيها مسجد، ولا يلزم أن يكون في البلد الواحد مسجد واحد، ولو كان كبيراً، وإنما يمكن أن تتعدد المساجد، وأن تكون الأحياء والمحلات فيها مساجد، لكن لا تكون متقاربة تقارباً شديداً، وإنما يكون بينها مسافة، وهذا هو المقصود بالدور، وهي جمع دار، و (الدار) كما أنه يطلق على البيت الواحد ويطلق على المحلة وعلى الحي من المكان، فليس مقصوراً على المنازل، وهذا هو المقصود من أمره صلى الله عليه وسلم باتخاذ المساجد في المحلات والأحياء، حتى يتيسر لأهل تلك الأحياء شهود الجماعة وحضورها، بخلاف ما لو كان المسجد بعيداً، فقد يشق على بعض الناس شهود الجماعة لبُعد المسجد.
أما إذا كان المسجد قريباً، وكانت كل محلة فيها مسجد، فإن الإنسان يذهب إلى المسجد بسهولة ويرجع بسهولة، وذلك أدعى لعدم فوات الصلاة جماعة للرجال الذين يجب عليهم أن يصلوا جماعة في المساجد.
قوله: [(أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور، وأن تُنظَّف وتُطَّيب)] فيه ثلاثة أمور: الأول: اتخاذ المساجد في الدور، وهي المحلات والأحياء من البلد، حتى يسهل للناس حضور صلاة الجماعة، ولئلا يشق عليهم الذهاب إليها في مكان بعيد من البلد.
الثاني: أن تُنظَّف، فيزال عنها الأوساخ والقذر، وتصان وتحفظ، وإذا وقع فيها شيء من الأوساخ فإنه يزال.
الثالث: أن تُطيَّب، أي: يؤتى بالطيب فيها، حتى يشمّ الناس فيها رائحة طيبة.
وقد جاء في التراجم لرجال الحديث اسم: نعيم المجمر، ويسمى المجمر؛ أخذاً من تجمير المسجد، وهو الاتيان بالجمر الذي يوضع عليه العود من الطيب، فتفوح الرائحة الطيبة في المسجد.
[شرح سنن أبي داود للعباد 65/ 3 بترقيم الشاملة آليا]
توضيح الأحكام من بلوغ المرام — عبد الله بن صالح آل بسام (ت (1423))
(197) – عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «أمر رسول الله ? ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب». رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصحح إرساله ((1)).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
* درجة الحديث:
الحديث صحيح.
قال ابن عبد الهادي في «المحرر»: إسناد بعضهم على شرط الصحيحين، وصححه ابن حبان، وقال الساعاتي: سنده صحيح، إلا أن الترمذي رجح إرساله.
* مفردات الحديث:
* – الدور: بضم الدال ثم بعدها واو ثم راء، جمع؛ «دار»، وهي مؤنثة، يحتمل أن المراد بها البيوت، ويحتمل إرادة الأحياء، فيبنى في كل حي مسجد، والمعنى الأخير أجود وأقرب.
– تطيب: يجعل فيها الطيب، وتطييبها يكون بالبخور ونحوه.
* ما يؤخذ من الحديث:
(1) – الدور هنا تحتمل معنيين: إما أن يراد بها أحياء القبائل، فيستحب بناء المساجد في الأحياء المسكونة؛ ليجتمع أهل الحي للصلوات فيها، ولا شك في عظم أجر ذلك؛ لما جاء في البخاري ((450))، ومسلم ((533))، عن عثمان -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله ? يقول: «من بني مسجدا، بني الله له مثله في الجنة».
ويحتمل أن المراد بها: البيوت، فإنه يستحب تعيين مكان للصلوات النوافل، أو الفرائض، ممن لا تجب عليهم في المسجد؛ لما جاء في البخاري ((424))، ومسلم ((263))، وغيرهما عن عتبان بن مالك أنه قال: «يا رسول الله، إن السيول تحول بيني وبين مسجد قومي، فأحب أن تأتيني فتصلي في مكان من بيتي أتخذه مسجدا، فقال: سنفعل، فلما دخل قال: أي مكان تريد؟ فأشرت له إلى ناحية من البيت، فقام رسول الله ?، وصففنا خلفه، فصلى بنا ركعتين».
(3) – استحباب تنظيف المساجد وتطييبها، قال تعالى: {في بيوت أذن الله أن ترفع} [النور (36)]، وقال تعالى: {وطهر بيتي … .} [الحج (26)].
(4) – احترام شعائر الله تعالى ومواطن عبادته، قال تعالى: {ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه} [الحج (30)]، وقال تعالى: {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ((32))} [الحج].
(5) – قال في «شرح الإقناع»: ويسن أن يصان المسجد عن رائحة كريهة، من بصل وثوم وكراث ونحوها، وإن لم يكن فيه أحد؛ لقوله ?: «إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الناس» [رواه ابن ماجه ((3367))].
(6) – استحباب صلوات النوافل في البيوت، حتى ممن تجب عليه الجماعة، جاء في البخاري ((731))، ومسلم ((781))، عن زيد بن ثابت؛ أن النبي ? قال: «أفضل صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة».
————————-
————————
جاء في مجلة البحوث الإسلامية:
تعريف المساجد وبيان بعض أحكامها
فالمسجد لغة: الموضع الذي يسجد فيه، ثم اتسع المعنى إلى البيت المتخذ لاجتماع المسلمين لأداء الصلاة فيه، قال الزركشي رحمه الله: (ولما كان السجود أشرف أفعال الصلاة لقرب العبد من ربه اشتق اسم المكان منه فقيل مسجد، ولم يقولوا مركع، ثم إن العرف خصص المسجد بالمكان المهيأ للصلوات الخمس حتى يخرج المصلى المجتمع فيه للأعياد ونحوها فلا يعطى حكمه (1).
والمسجد في الاصطلاح الشرعي: هو المكان الذي أعد للصلاة فيه على الدوام، وأصل المسجد شرعا: كل موضع من الأرض يسجد لله فيه لحديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( … «وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل (2)».
والمساجد لها مكانتها وفضلها عند الله تعالى، فقد أضافها إلى نفسه إضافة تشريف وتكريم وذكرها عز وجل في كتابه في ثمانية عشر موضعا، ومن أهم أحكام المساجد ما يلي:
1 – أنها أفضل البلاد.
روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها (3)».
وقال الإمام القرطبي رحمه الله: «أحب البلاد إلى الله مساجدها (1)» أي أحب بيوت البلاد أو بقاعها، وإنما كان ذلك لما خصت به من العبادات والأذكار واجتماع المؤمنين وظهور شعائر الدين وحضور الملائكة (2).
2 – المشي إلى المساجد ترفع به الدرجات، وتحط الخطايا، وتكتب الحسنات، لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط بها عنه سيئة (3)».
3 – صيانة المساجد من الروائح الكريهة، لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته (4)».
وفي لفظ لمسلم: «فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس (5)».
وفي لفظ لمسلم: «من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم (6)».
4 – صلاة تحية المسجد لمن دخلها، لحديث أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (1)».
5 – التزين والتجمل عند كل مسجد، لقول الله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (2).
6 – تقديم الرجل اليمنى عند الدخول للمسجد، وتقديم الرجل اليسرى عند الخروج من المسجد بعكس دخوله.
فيقول عند الدخول: «بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، وإذا خرج يقول: اللهم إني أسألك من فضلك (3)».
7 – عدم تشبيك الأصابع في الطريق إلى المسجد، لحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه فإنه في صلاة (4)».
8 – النظر في النعلين قبل دخول المسجد، فإن رأى فيهما أذى مسحه بالتراب، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وفيه: … «إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما (5)».
9 – تنظيف المساجد وتطييبها وصيانتها، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب (1)».
10 – إقامة صلاة الجماعة فيها، فالمساجد يجب أن تقام صلاة الجماعة فيها ولا يجوز للرجال فعلها إلا في المسجد، والأدلة على ذلك هي البراهين الدالة على وجوب صلاة الجماعة، وأنها فرض عين، قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (من تأمل السنة حق التأمل تبين له أن فعلها في المساجد فرض على الأعيان إلا لعارض يجوز معه ترك الجمعة والجماعة، فترك حضور المسجد لغير عذر كترك أصل الجماعة لغير عذر، وبهذا تتفق جميع الأحاديث والآثار … فالذي ندين الله به أنه لا يجوز لأحد التخلف عن الجماعة في المسجد إلا من عذر، والله أعلم بالصواب) (2).
11 – تحريم اتخاذ القبور مساجد، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (3)».
12 – تحريم السؤال عن الضالة في المسجد، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا (1)».
13 – تحريم البيع والشراء في المساجد، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا لا ردها الله عليك (2)».
14 – رفع الأصوات في المساجد ممنوع، لأنه يشوش على المصلين ولو بقراءة القرآن، لحديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: «اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقرآن فكشف الستر وقال: ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة (3)» أو قال: (في الصلاة) (4).
15 – النهي عن التحلق قبل صلاة الجمعة، جاء فيه حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة وعن الشراء والبيع في المسجد، (5)» ولفظ الترمذي: «نهى عن تناشد الأشعار في المسجد وعن البيع والشراء فيه، وأن يتحلق الناس فيه يوم الجمعة قبل الصلاة (1)».
16 – لا يجلس الجنب والحائض في المسجد، لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} (2).
والمعنى: لا تقربوا المصلى للصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون، ولا تقربوه جنبا إلا عابري سبيل، يعني: إلا مجتازين فيه للخروج منه، فقد أقيمت الصلاة هنا مقام المصلى والمسجد إذ كانت صلاة المسلمين في مساجدهم، ورجح هذا التفسير الإمام ابن جرير رحمه الله (3)، وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: ” ومن هذه الآية احتج كثير من الأئمة على أنه يحرم على الجنب المكث في المسجد ويجوز له المرور، وكذا الحائض والنفساء أيضا في معناه ” (4)، ولكن على الحائض والنفساء أن تتحفظ حتى لا تلوث المسجد، وفي حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «ناوليني الخمرة من المسجد، فقالت إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك (5)».
[مجلة البحوث الإسلامية 79/ 232]
تنبيه:
(0) – حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ زِيَادٍ الْحَضْرَمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ، يَقُولُ: «كُنَّا نَاكُلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ? فِي الْمَسْجِدِ الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ»
[تعليق محمد فؤاد عبد الباقي]
في الزوائد إسناده حسن. رجاله ثقات ويعقوب مختلف فيه.
[حكم الألباني]
صحيح
وقال صاحب ديوان السنة:
إسنادُهُ صحيحٌ، رجاله كلهم ثقات من ابن وهب إلى منتهاه. وقد رواه عن ابنِ وهبٍ جماعةٌ، فيهم الثقة والصدوق.
وصَحَّحَ إسنادَهُ الألبانيُّ في (الصحيحة (5) / (152))، و (التعليقات الحسان (1655)).
وشطره الأول بدون ذكر الوضوء والصلاة أخرجه ابنُ ماجه ((3322))، وغيرُهُ بسندٍ صحيحٍ، جوَّدَهُ ابنُ رجبٍ وابنُ مُفْلحٍ، وحَسَّنه البوصيريُّ. وسيأتي تخريجُه بتوسعٍ في (باب الأكل في المسجد).
قلنا: ولابنِ وهبٍ فيه إسنادٌ آخرُ، انظر الرواية الآتية.
رِوَايَةُ زَادَ: «فِي الصُّفَّةِ»
- وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «كُنَّا يَوْمًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ? فِي الصُّفَّةِ (فِي المَسْجِدِ) فَوُضِعَ لَنَا طَعَامٌ فَأَكَلْنَا، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّيْنَا وَلَمْ نَتَوَضَّأْ».
[الحكم]: صحيحٌ، وصَحَّحَهُ الضياءُ المقدسيُّ، والألباني. …. ثم ذكر روايات أخرى وبين الحكم عليهاوهو في الصحيح المسند:
(566) – قال الإمام أحمد (ج (4) ص (190)): حَدَّثَنَا هَارُونُ -قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَسَمِعْتُ أَنَا مِنْ هَارُونَ-، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُقْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ، قَالَ: كُنَّا يَوْمًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فِي الصُّفَّةِ، فَوُضِعَ لَنَا طَعَامٌ فَأَكَلْنَا، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّيْنَا وَلَمْ نَتَوَضَّأْ».
هذا حديث صحيحٌ.تنبيه: قال ابوداود:
(457) – حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ، عَنْ مَيْمُونَةَ، مَوْلَاةِ النَّبِيِّ ?، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ: «ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ» وَكَانَتِ الْبِلَادُ إِذْ ذَاكَ حَرْبًا، «فَإِنْ لَمْ تَاتُوهُ وَتُصَلُّوا فِيهِ، فَابْعَثُوا بِزَيْتٍ يُسْرَجُ فِي قَنَادِيلِهِ»
[حكم الألباني]: ضعيف
سنن أبي داود – ت محيي الدين عبد الحميد (1) / (125) — أبو داود (ت (275))