589 – فتح الملك بنفحات المسك شرح صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد وأسامة الحميري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة.
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
32 – بَابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلَاةَ إِلَّا بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ. رَوَاهُ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو سَعِيدٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ.
589 – حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «أُصَلِّي كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِي يُصَلُّونَ: لَا أَنْهَى أَحَدًا يُصَلِّي بِلَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ مَا شَاءَ، غَيْرَ أَنْ لَا تَحَرَّوْا طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا».
———–‐—————
من فوائد الباب:
1- قد تقدم الكلام في هذا الحديث في الباب الذي قبل هذا والذي قبله أيضا.
2- “غرض البخاري في هذا الباب رد قول من منع الصلاة نصف النهار عند استواء الشمس؛ لأن قوله: (لا أمنع أحدا يصلي بليل أو نهار ما شاء، غير ألا تحروا طلوع الشمس ولا غروبها)، يدل أنه لا بأس بالصلاة عند استواء الشمس”. قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري.
“فمعنى هذا الباب أنه لا تكره الصلاة إلا بعد العصر والفجر، فلا تكره في وقت قيام الشمس في وسط النهار قبل الزوال”. قاله الحافظ ابن رجب في فتح الباري.
3- قوله: (رواه عمر وابن عمر وأبو سعيد وأبو هريرة) “يعني: أنهم رووا النهي عن الصلاة بعد الفجر والعصر ، سوى ابن عمر؛ فإنه لم تصح عنه الرواية إلا في النهي عن الصلاة في وقت الطلوع والغروب خاصة”. قاله الحافظ ابن رجب في فتح الباري.
4- “ومراد البخاري أن أحداً منهم لم يرو النهي عن الصلاة في وقت آخر غير هذه الأوقات”. قاله الحافظ ابن رجب في فتح الباري.
5- “هذا قول مالك، والليث، والأوزاعي. قال مالك: ما أدركت أهل الفضل والعبادة إلا وهم يهجرون، ويصلون نصف النهار. وعن الحسن وطاوس مثله”. قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري.
6- “والذين منعوا الصلاة نصف النهار: عمر بن الخطاب، وابن مسعود، والحكم. وقال الكوفيون: لا يصلى نصف النهار لا فرض ولا نفل”. قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري.
“وهو قول أبي حنيفة، والثوري، والحسن بن حي، وابن المبارك، وأحمد، وابن المنذر” . أي ممن قال هو وقت نهي لا يصلي فيه قاله الحافظ ابن رجب في فتح الباري.
7- وقال أبو يوسف، والشافعي: لا بأس بالتطوع نصف النهار يوم الجمعة خاصة، ورووا في ذلك حديثا: أن جهنم لا تسجر يوم الجمعة. قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري.
8- “كان الصحابة يتنفلون يوم الجمعة في المسجد حتى يخرج عمر بن الخطاب، وكان لا يخرج حتى تزول الشمس بدليل طنفسة عقيل، فكانت صلاتهم قبل خروج عمر فى حين استواء الشمس؛ إذ كان خروجه عند الزوال، ولا يجوز على جماعة الصحابة جهل السنة”.
قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري.
9- “كان مسروق يصلي نصف النهار ، فقيل له: إن الصلاة هذه الساعة تكره. فقال: ولم ؟ قيل له: إن أبواب جهنم تفتح نصف النهار. قال: إن الصلاة أحق ما استعيذ به من جهنم حين تفتح أبوابها”. قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري.
10- قوله: (أصحابي) فإن قلت: ما وجه الدلالة فيه؟ قلت: إما تقرير الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصحابه عليه إن أراد الرؤية فى حياته -صلى الله عليه وسلم-، وإما إجماعهم إن أرادها بعد وفاته إذ الإجماع لا نتصور حجيته إلا بعد وفاته وإلا فقوله وحده حجة قاطعة. قاله الكرماني في الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري.
يقصد بقوله: (وإلا فقوله وحده حجة قاطعة)؛ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
11- قوله: (غير أن لا تحروا) أي غير هذا النهي، وهذا هو دليل مالك حيث قال: لا بأس بالصلاة عند استواء الشمس. وقال الشافعي: الصلاة عند الاستواء مكروهة إلا يوم الجمعة لما ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة. والله أعلم.
12- “ووجه استدلاله بهذا على مراده: أن ابن عمر أخبر أنه لا ينهى أحداً يصلي في ساعة من ليل أو نهار غير أنه لا يتحرى طلوع الشمس ولا غروبها، وأنه يصلي كما رأى أصحابه يصلون، وهذا يشعر بأنه رأى أصحابه وهم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- يصلون في كل وقت من ليل أو نهار ، سوى وقت الطلوع والغروب.
وهذا عجيب من ابن عمر – رضي الله عنهما -؛ فإنه يعلم أن أباه كان ينهى عن الصلاة بعد العصر ويضرب على ذلك”. قاله الحافظ ابن رجب في فتح الباري.
13- عن عمرو بن عبسة السلمي -رضي الله عنه- قال: قلت: يا نبي الله أخبرني عما علمك الله وأجهله؛ أخبرني عن الصلاة؟ قال: صل صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح ثم أقصر عن الصلاة فإن حينئذ تسجر جهنم فإذا أقبل الفيء فصل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار”. رواه مسلم 832.
14- عن عقبة بن عامر الجهني قال: “ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب”. رواه مسلم 831 والنسائي 564 وترجم عليه فقال: “النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ”.
15-عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: “إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ مِنْ جَهَنَّمَ فَتَطْلُعُ فِي قَرْنِ شَيْطَانٍ، أَوْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، فَمَا تَرْتَفِعُ فِي السَّمَاءِ مِنْ قَصَمَةٍ لَهَا بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ كُلِّهَا، قَالَ: فَكَانَ يُنْهَى عَنِ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ”. أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 2267 من طريق أبي عوانة، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله به تابعه أبو بكر بن عياش قال ثنا عاصم به مختصرا أخرجه ابن المنذر في الأوسط 4/91.
16- عن عبد الله الصنابحي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان، فإذا ارتفعت فارقها، ثم إذا استوت قارنها، فإذا زالت فارقها، فإذا دنت للغروب قارنها، فإذا غربت فارقها. ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة في تلك الساعات». رواه الإمام مالك في الموطأ 44 قال زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله الصنابحي به. قال الحافظ ابن رجب في الفتح: “هذا مع أنه روى في (الموطأ) حديث الصنابحي في النهي عنه، ولكنه تركه لما رآه من عمل أهل المدينة” . انتهى
17- وترجم ابن أبي شيبة في المصنف قائلا: “من رخص في الصلاة نصف النهار يوم الجمعة”. وذكر عدة آثار منها:
18- عن ابن طاوس، عن أبيه، قال: «يوم الجمعة صلاة كله». أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 5475 قال حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن طاووس به.
19- عن شعبة، قال: سألت معاوية بن قرة عن الصلاة قبل أن تزول الشمس يوم الجمعة؟ فلم ير بها بأسا. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 5473.
20- عن الحسن، قال: لا بأس بالصلاة يوم الجمعة نصف النهار. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 5476.
21- وفي الباب حديث مرفوع رواه أبو داود وإسناده ضعيف. أشار أبو داود نفسه لضعفه وضعفه الألباني.
22- قال ابن المنذر كما في الأوسط 4/90: “وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة؛ فقالت طائفه بظاهر هذه الأخبار، إذ غير جائز الخروج عن عمومها إلا بسنة أو إجماع، ولا نعلم من خرج عن عمومها وأباح الصلاة نصف النهار يوم الجمعة حجة من حيث ذكرنا مع أن إباحة من أباح الصلاة نصف النهار يوم الجمعة وخطف ذلك في سائر الأيام كالتحكم من فاعله، وذلك غير جائز، -ثم ذكر أقوالا أخر- ثم قال: وبالقول الاول أقول لنهي النبي عن ذلك نهيا عاما يدخل فيه يوم الجمعه وسائر الايام”. انتهى.
23- وللحديث الذي ذكره أبو داود مع ضعفه ولأحاديث أخر في الباب أسانيدها فيها مقال، وللآثار في استثناء يوم الجمعة يكون للاستثناء وجه قوي. والله أعلم.
قال ابن حجر: وجاء فيه حديث عن أبي قتادة مرفوعا “أنه -صلى الله عليه وسلم- كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة”. في إسناده انقطاع، وقد ذكر له البيهقي شواهد ضعيفة إذا ضمت قوي الخبر. والله أعلم. انتهى من فتح الباري.
والبيهقي بوب: بابُ ذِكرِ البَيانِ أنَّ هذا النَّهي مَخصوصٌ ببَعضِ الأيّامِ دونَ بَعضٍ، فيَجوزُ لِمَن حَضَرَ الجُمُعَةَ أن يَتَنَفَّلَ إلى أن يَخرُجَ الإمامُ.
ومما استدل به:
حديث سَلمانَ، أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: «مَنِ اغتَسَلَ يَومَ الجُمُعَةِ وتَطَهَّرَ ما استَطاعَ مِن طُهرِه، ومَسَّ مِن دُهنِ بَيتِه أو طيبِه، ثم راحَ إلى الجُمُعَةِ فصَلَّى ما بَدا له، فإِذا خَرَجَ الإمامُ استَمَعَ وأنصتَ، غُفِرَ له ما بَينَه وبَينَ الجُمُعَةِ الأُخرَى». رواه البخاريُّ في «الصحيح».
ثم ذكر حديث أبي الخليل عن أبي قتادة؛ قال أبو داودَ: هذا مُرسَلٌ، أبو الخَليلِ لم يَلقَ أبا قَتادَةَ.
ثم قال البيهقي: ولَه شَواهِدُ وإِن كانَت أسانيدُها ضَعيفَةً. ثم قال: والاعتِمادُ على أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- استَحَبَّ التَّبكيرَ إلى الجُمُعَةِ، ثم رَغَّبَ في الصَّلاةِ إلى خُروجِ الإمامِ مِن غَيرِ تَخصيصٍ ولا استِثناءٍ. انتهى كلام البيهقي.
وقد روي أن الصحابة والتابعين كانوا يصلون يوم الجمعة حتى يخرج عمر للخطبة، فقد روى مالك عن ابن شهاب، عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي أنه أخبره: أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب يصلون يوم الجمعة حتى يخرج عمر، فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذنون ـ قال ثعلبة ـ جلسنا نتحدث فإذا سكت المؤذنون وقام عمر يخطب أنصتنا، فلم يتكلم منا أحد. انتهى.
قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-:
” فندبه إلى الصلاة ما كتب له، ولم يمنعه عنها إلا في وقت خروج الإمام، ولهذا قال غير واحد من السلف، منهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وتبعه عليه الإمام أحمد ابن حنبل: خروج الإمام يمنع الصلاة، وخطبته تمنع الكلام، فجعلوا المانع من الصلاة خروج الإمام لا انتصاف النهار.
وأيضا، فإن الناس يكونون في المسجد تحت السقوف، ولا يشعرون بوقت الزوال، والرجل يكون متشاغلا بالصلاة لا يدري بوقت الزوال، ولا يمكنه أن يخرج، ويتخطى رقاب الناس، وينظر إلى الشمس ويرجع، ولا يشرع له ذلك”. انتهى من”زاد المعاد”(1/367).
قال ابن رجب -رحمه الله-: “وقد بوب البخاري على “الصلاة بعد الجمعة وقبلها”، كما بوب عليه عبد الرزاق والترمذي في كتابيهما، إلا أنهما ذكرا في الصلاة قبلها آثارا موقوفة غير مرفوعة، ولم يذكر البخاري فيها شيئا، إما لأن المرفوع فيها ليس على شرطه، وفيها أحاديث مرفوعة في أسانيدها نظر، أو لأن الذي فيها كله موقوف، فلم يذكره لذلك. أو لأنه اجتزأ عنه بحديث سلمان الذي خرجه فيما تقدم في موضعين؛ فإن فيه: “وصلى ما كتب له، ثم أنصت إذا تكلم الإمام”؛ فإن هذا يدل على فضل الصلاة قبل الجمعة، لا سيما وفيه – في إحدى الروايتين للبخاري -: “ثم راح”، والرواح حقيقة لا يكون حقيقة إلا بعد الزوال، كما سبق ذكره. فعلى هذا، يكون ترغيبا في الصلاة بعد زوال الشمس يوم الجمعة من غير تقدير للصلاة، فيكون أقل ذلك ركعتين، والزيادة عليهما بحسب التيسير.
وإن قيل: إن الرواح هنا بمعنى الذهاب، فإنه يدل على استحباب الصلاة يوم الجمعة قبل خروج الإمام من غير تفضيل بين ما قبل زوال الشمس وبعده.” انتهى، من “فتح الباري” (8/327-328).
قال الشيخ ابن باز في جواب سؤال: هل من صلى حتى يدخل الخطيب، هل يدخل في وقت النهي؛ فأجاب: ما في وقت نهي يوم الجمعة، الضحى ما فيه وقت نهي، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم حث على الصلاة حتى يدخل الإمام، لو فيها وقت نهي لاستثنى -عليه الصلاة والسلام-.
تنبيه: الأحاديث التي فيها استثناء الجمعة من النهي عن الصلاة راجع لها التبيان في تخريج وتبويب أحاديث بلوغ المرام للشلاحي حيث بين ضعفها ثم ختم كلامه بفائدة؛ وهي:
قال النووي في «الخلاصة» ١/ ٢٧٣: حديث النهي عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة كل طرقه ضعيفة. اهـ.
فيبقى أن الصحابة كانوا يصلون يوم الجمعة إلى ان يرقى الإمام على المنبر فهذا يعتبر استثناء .
24 – تنبيه :
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-:
“وأما سنة الجمعة التي قبلها فلم يثبت فيها شيء” انتهى من “فتح الباري” (2/410).
ولم يكن في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- أذان أول لصلاة الجمعة، بل لم يكن إلا أذان واحد تعقبه مباشرة الخطبة، كما بسط ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-، حيث قال:
” أما النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه لم يكن يصلي قبل الجمعة بعد الأذان شيئا، ولا نقل هذا عنه أحد، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يؤذن على عهده إلا إذا قعد على المنبر ويؤذن بلال، ثم يخطب النبي -صلى الله عليه وسلم- الخطبتين، ثم يقيم بلال فيصلي النبي -صلى الله عليه وسلم- بالناس، فما كان يمكن أن يصلي بعد الأذان لا هو ولا أحد من المسلمين الذين يصلون معه -صلى الله عليه وسلم-، ولا نقل عنه أحد أنه صلى في بيته قبل الخروج يوم الجمعة، ولا وَقَّت بقوله صلاة مقدّرة قبل الجمعة، بل ألفاظه -صلى الله عليه وسلم- فيها الترغيب في الصلاة إذا قدم الرجل المسجد يوم الجمعة من غير توقيت. كقوله: (من بكر وابتكر، ومشى ولم يركب، وصلى ما كتب له).
وهذا هو المأثور عن الصحابة، كانوا إذا أتوا المسجد يوم الجمعة يصلون من حين يدخلون ما تيسر، فمنهم من يصلي عشر ركعات ومنهم من يصلي اثنتي عشرة ركعة ومنهم من يصلي ثمان ركعات ومنهم من يصلي أقل من ذلك.
ولهذا كان جماهير الأئمة متفقين على أنه ليس قبل الجمعة سنة مؤقتة بوقت مقدرة بعدد؛ لأن ذلك إنما يثبت بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- أو فعله، وهو لم يسن في ذلك شيئا لا بقوله ولا فعله، وهذا مذهب مالك ومذهب الشافعي وأكثر أصحابه وهو المشهور في مذهب أحمد….”. انتهى من”مجموع الفتاوى” (24/ 188–189).